علم الفلك عند قدماء المسلمين: في العلاقة بين الاهتمامين العملي والنظري
ʿlm al-lfalk ʿind qudmāʾ al-muslimīn
fī al-ʿalāqat bayn al-ihtmāmayn al-ʿimlī wa al-naẓarī
Astronomy between Practical and Theoretical
Interests in Muslim Contexts
علم الفلك عند قدماء المسلمين
في العلاقة بين الاهتمامين العملي والنظري
محمد أبركان
جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس
ملخص
يمكن لأي دارس لتاريخ الفلك عند العرب والمسلمين أن ينتبه إلى أن تعاطي العلماء لهذا العلم كان يتوزعه اهتمامان: اهتمام عملي وآخر نظري. أما بالنسبة للاهتمام الأول، فقد كان يهم تنظيم حياة المسلمين في أمور الدين خاصة وأمور الحياة عامة؛ ففي أمور الدين مثلا، يمكن أن نذكر الحاجة إلى تحديد سمت القبلة أو اتجاهها بدقة، والحاجة إلى تنظيم أوقات الصلاة ورؤية الأهلة؛ وبالنسبة لتنظيم أمور الحياة عامة، يمكن أن نذكر ما يتعلق بالاهتمام بأمور الفلاحة والسفر وما إلى ذلك. أما بالنسبة للاهتمام النظري، فتظهره إسهامات الكثير من العلماء المسلمين في مجال الفلك من خلال ما تركه هؤلاء من نصوص ومقالات تهتم بوصف ظواهر الكون أو بتفسيرها؛ وهي إسهامات ثُمنت في الكثير من الدراسات والأبحاث التي اهتمت ولا تزال بتاريخ هذا العلم، بحيث غدا من الصعب الآن الحديث في هذا الأمر دون التوقف عند الإسهام العربي والإسلامي.
إن هذا الجمع بين الاهتمامين، النظري والعملي قد يكون مفهوما في السياق الإسلامي، كما قد يكون مفهوما في أي سياق حضاري آخر؛ لكن رغم هذا، فهذا الجمع يمكن أن يطرح عدة أسئلة على الباحثين في تاريخ هذا العلم. فمثلا إذا كان من الواضح أن الأمور العملية المرتبطة بتنظيم حياة المسلمين لا يمكن ربطها بنشأة علم الفلك كبحث نظري، وذلك لأن الحاجة إلى هذه الأمور العملية وجدت مع ظهور الإسلام، وقد تكون هذه الحاجة موجودة حتى قبل ظهور هذه ديانة. وإذا كان الأمر هكذا، فهل نشأة علم الفلك كبحث نظري كانت مفصولة عن تلك الاهتمامات العملية؟ وقد يُطرح سؤال آخر مفاده، إذا كنا نعلم أن الاهتمام النظري بعلم الفلك ارتبط أساسا بترجمة كتب الأوائل، ففي أي إطار يمكن أن يندرج الاهتمام العملي، هل فقط في إطار تقليد محلي لا يرقى إلى مستوى العلم كما كتب فيه العلماء منذ اليونان إلى يومنا هذا؟ وهل يمكن أن يكون قد حصل تفاعل بين الاهتمامين العملي والنظري، وما أثر هذا التفاعل، إن كان قد تم، على تطوير الممارسة الفلكية في البيئة العربية والإسلامية؟ ثم هل شكل الاهتمام العملي بأمور الفلك عند العلماء الذين كتبوا في الفلك الرياضي والكسمولوجيا هما رئيسا، أم أن هذا الاهتمام كانت تمليه فقط الرغبة في الاهتمام بأمور أخرى تهم مشاكل نظرية في الكسمولوجيا والفلك، من قبيل التساؤل حول بنية الكون ومكوناته، وهل هو من صنع صانع، وكيف صنعه، أم هو قديم؟ وهل ما يبديه لنا الرصد يعكس حقيقة ما يحدث في الكون، أم يجب التركيز على التأمل والتوسل بالتفسير والبحث عن الأسباب؟ إلى غير ذلك من الأسئلة التي يطرحها الاهتمام الكسمولوجي والفلكي بعيدا عن الانشغالات العملية.
هذه الأسئلة، هي التي ستوجه اهتمامنا في هذه الدراسة، بحيث سنحاول الوقوف عند نموذجين، شغلهما الاهتمامان معا، النظري والعملي، وسيكون هذا الوقوف مناسبة لإبراز التفاعل بين الاهتمامين في هذا التطور؛ كما نريد لهذه الدراسة أن تكون مناسبة للوقوف على وضعية هذا العلم في البيئة الثقافية العربية الإسلامية؛ ومناسبة، أيضا، لمساءلة بعض الأحكام التي صدرت من طرف دارسين لتاريخ علم الفلك العربي والإسلامي.
كلمات مفاتيح: الاهتمام العملي والعلمي بالفلك، الهيئة، ابن الهيثم، ابن الشاطر.
Abstract
Anyone who wants to study the history of astronomy among the Arab and the Muslim tradition can easily pay attention to the fact that the scientist work of the scientists was divided into two kinds of interests: A practical interest and a theoretical interest. Hence, about the practical interest, one can say that the Muslims, in their daily religious life, need to know how to regulate some religious issues, such as the need to determine the orientation direction of the Qiblah, and to regulate the times of prayer, and observation of the crescent…In addition to this, it seems that the ancient Muslims needed this kind of Knowledge in their agriculture and travel. So, it seems that ancient Muslims were in need of this kind of knowledge. So, did this need prompted them to develop research in astronomy, or was the advancement of research in this science exclusively related to the translation of the scientific works of Greek astronomers among others? Did the practical interest play a role in the emergence and evolution of astronomical activities among Muslims?
this paper aims to chow how the interaction between the practical and theoretical interest led to the evolution of this science. I will focus on what two scientists accomplished, namely Ibn Al-Haytham (d. 1041) and Ibn al-Shāṭir (d. 1375). This article will also be an opportunity to review some of the claims made by some scholars on the subject.
Keywords: Astronomy, al-hayʾa, Ibn al-Haytham, Ibn al- Shāṭir, theoretical and practical interests in astronomy.
مقدمة
يصعب تحديد بداية زمنية لبعض العلوم، كأن نقول إن علما ما بدأ في فترة زمنية محددة ومع عالِم ينتسب إلى حضارة ما؛ ونفترض أن هذه الصعوبة قد تعترض من يبحث في علم الفلك وفي علوم أخرى ذات صلة بهذا العلم، كالرياضيات والكسمولوجيا؛[1] فإذا أخذنا، مثلا، القضايا المطروحة في الكسمولوجيا لعلمنا بصعوبة معرفة متى بدأ الإنسان يطرح أسئلة حول بعض الظواهر التي تبدو له كلما فتح عينيه، كشروق الشمس وغروبها وزرقة السماء نهارا ولمعانها ليلا… إلى غير ذلك من الظواهر. وإذا ما صح هذا الافتراض، فإنه من الطبيعي أن تثير نشأة علم الفلك في الحضارة العربية الإسلامية أسئلة عدة، وذلك بالنظر، دائما، إلى الصعوبة المفترضة؛ وهي أسئلة سبق أن اعترضت سبيل الباحثين في هذا المجال[2]. ولقد اعتدنا أن نقرأ كون نشأة العلوم في الحضارة العربية الإسلامية مرتبطة بسياقات معينة تتعدد حسب خلفيات كل دارس أو باحث؛ لكن يلزم الانتباه إلى أن من يتحدث عن نشأة هذا العلم في البيئة العربية الإسلامية يفعل ذلك منطلقا، في الغالب، من فهم معين لعلم الفلك، وهو الفهم الذي يقتصر على الاهتمام النظري، أو الاهتمام بهذا العلم كعلم قائم على موضوع يدرسه وعلى منهج يعتمده وعلى مفاهيم تُنحت في سياق بنائه.
لنسلم مثلا أن علم الفلك بهذا المعنى، لم ينشأ عند المسلمين إلا مع بداية احتكاكهم بالعلوم التي وردت على بيئتهم ضمن سياقات معينة، سوف نعود للحديث عنها لاحقا؛ لكن وضع هذه المسلمة لا يعفينا من وضع أسئلة، من قبيل: ماذا يمكن أن نسمي تدبير أمور مرتبطة بتنظيم الحياة عند هؤلاء القوم قبل هذا الاحتكاك؟ كيف كانوا يدبرون أوقات آداء واجباتهم الدينية وكذا الأوقات المناسبة للسفر وللأنشطة المرتبطة بالفلاحة؟ ثم كيف أصبح هذا التدبير بعد هذا الاحتكاك بعلم الفلك الوارد عليهم من أمم أخرى؟ هل عرف تحسنا وتطورا؟ كيف يمكن فهم هذا التطور وهذا التحسن إن كانا قد حصلا فعلا؟ وهل علم الفلك كعلم يتناول مشاكل نظرية فرض نفسه في البيئة الإسلامية بناء على الحاجة إلى الأمور التدبيرية المتحدث عنها قبل قليل؟ كيف أصبح يُنظر إلى هذا العلم بعد أن أخذ هذا الوضع في البيئة الإسلامية؟ وإلى أي حد يمكن اعتباره من علوم الأوائل التي قيل فيها الكثير واتّخذتْ بشأنها مواقف شتى كما تحيطنا بذلك علما بعض الدراسات؟
يبدو أننا أمام أسئلة كثيرة، مما يعني أنه قد لا تكون هذه الدراسة مقاما مناسبا لتفصيل القول فيها؛ ومع ذلك، فنحن مدعوون للاهتمام بها بشكل عام. ولأجل هذا، سنسلك هذا المسلك: في البداية نريد أن نقف عند مشكل نشأة هذا العلم بين الاهتمامين العملي والنظري؛ وفي هذا السياق، سنبدي بعض الملاحظات بصدد بعض الدعاوى. ثم بعد هذا سنمر إلى الحديث عن نموذجين من علماء الفلك المسلمين مع ضرورة تسويغ اختيار هذين النموذجين؛ ثم سننتهي بإثارة وضعية هذا العلم في البيئة العربية الإسلامية بعد أن أصبح علما اكتسب شرعيته العلمية في هذه البيئة، أي ما هي المواقف التي اتخذت بشأنه كعلم، أو قل، هل تم رفضه في البيئة الإسلامية أم تم الاكتفاء بالتحفظ منه، أم تم قبوله والترحيب به بين العلوم الأخرى؟
- نشأة علم الفلك عند قدماء المسلمين بين الاهتمامين العملي والنظري
كل مهتم بتاريخ علم الفلك عند النظار المسلمين ليس يمكن أن يُخفى عنه أمرٌ، مفاده أن الاهتمام النظري نال النصيب الأكبر من العناية من قبل الدارسين والباحثين؛ وبالمثل، لن يُخفى عنه أن الاهتمام العملي، الذي كان له حضور في خضم نشأة هذا العلم، لم ينل العناية نفسها التي كانت للجانب النظري. والحال أن بعض الدراسات في الابستملوجيا المعاصرة انتبهت إلى أن كل علم لا ينشأ إلا انطلاقا من وجود مشكلة، وأن هذه الأخيرة قد تكون عملية وقد تكون نظرية[3]. وعندما نتصفح بعض الدراسات التي أتيحت لنا فرصة الاطلاع عليها، نجد أنها لا تهمل الحديث— أثناء التأريخ لعلم الفلك عند المسلمين— عن الاهتمام العملي؛ إنما يبدو أنها تكتفي بالتذكير بما كان يجري قبل أن ينشأ هذا العلم نشأته العلمية، أو قبل أن يبلغ مستوى من النضج العلمي.
نعم، صحيح أن الانشغال النظري بالوقائع يصعب أن يوضع، ابستملوجيا، في نفس المرتبة مع الانشغالُ بتدبير أمور الحياة العملية؛ وهذا أمر يتبين عند كل تناول ابستملوجي لقضايا العلم بشكل عام. إنه أمر بين بذاته نظرا لما يُبذل، أثناء الاهتمام النظري من جهد في نحت مفاهيم وإخضاع التعاطي للعلم لاعتبارات منهجية؛ ثم إن العلم ”نظر عقلي أكثر مما هو إجراء عملي.“[4] لكن بالرغم من هذا، فإن اهتمامنا بنشأة علم الفلك عند المسلمين، القصد منه التنبيه على أن التركيز على الاهتمام النظري، أثناء تناول مشكلة هذه النشأة، لا يفي بالغرض على النحو المطلوب في فهم أمر هذه النشأة فهما يقربنا من حقيقتها التاريخية. وعليه، فليس بالأمر الغريب أن نجد نشأة علم الفلك في البيئة العربية والإسلامية أثارت عدة أسئلة. وبعض الدعاوى التي تم تبنيها من طرف من حاول الوقوف عند هذه الأسئلة تحتاج إلى ضرورة إبداء بعض الملاحظات بشأنها، وهذا ما سنقوم به في حينه.
نعم، لا مناص من الإقرار بصعوبة تناول نشأة علم الفلك عند المسلمين، ووجه من أوجه هذه الصعوبة متأت مما وقفنا عنده فيما مر بنا من القول، نقصد ما قلناه بخصوص صعوبة تعيين بداية زمنية لهذا العلم. فالعرب، حتى قبل انخراطهم في الدعوة الإسلامية، وهي الدعوة التي غيرت نمط حياتهم، يصعب القول إنه لم تشغلهم هموم ما يحدث في الكون؛ كما يصعب القول إن هذا الأمر كان مرتبطا عندهم بتدبير أمور حياتهم اليومية من تحديد الاتجاهات ومعرفة الأيام والشهور والمواسم المرتبطة بالزراعة والفلاحة، بل محتمل جدا أنه قد شغلتهم أسئلة تهم حقائق ما يحدث من ظواهر كونية. وقبل تنزيل هذه الأمور في سياق حديثنا هذا، نرى أنه لا بد من إيراد توضيح يتعلق بأننا نتناول في هذه الدراسة علم الفلك أو ما اصطلح عليه أيضا عند العرب بعلم النجوم، ولا نتناول علم أحكام النجوم، أو ما يسمى بعلم التنجيم؛[5] إننا نهتم هنا بالعلم الذي يبحث في الأجسام السماوية، من حيث أشكالها ومقادير أجرامها ونسب بعضها إلى بعض، ومن حيث حركات هذه الأجسام.[6]
يعلمنا درس تاريخ العلوم أن كل علم لا يكتمل أو قل، لا ينضج دفعة واحدة، بل يبدأ كمحاولات بسيطة في تفسير وفهم الظواهر أو الوقائع. ينطبق هذا الأمر كثيرا على علم الفلك عند قدماء العرب والمسلمين؛ فهو لم يبلغ مرحلة النضج إلا في القرون التي تلت ظهور الدعوة الإسلامية مع ما صاحب هذا الظهور من نشأة ما يُطلق عليه بالحضارة الإسلامية. والبعد العملي لهذا العلم لا مناص من استحضاره هنا لفهم كيف نشأ هذا العلم في هذه الحضارة وكيف تطور؛ بيد أن هذا لا يعني أنه البعد الوحيد الذي ميز علم الفلك عند العرب والمسلمين في سياق بناء حضارتهم؛ فكما سبقت الإشارة، يصعب الجزم بأن الاهتمام بتدبير الحياة اليومية للناس يخلو بشكل كلي من هموم ذات طابع نظري، ولو في المستوى البسيط لهذا الطابع. وفي هذا السياق، نجد من يتحدث عن معارف فلكية نشأت في العصر الجاهلي وأوائل العصر الإسلامي. يقول أحد هؤلاء، وذلك نقلا عن أحد المصادر: ”يبدو أن العرب كانت تُلم في جاهليتها بالمبادئ الأولية لعلم الفلك، خصوصا تلك التي تتعلق بحياتهم اليومية من ترقب الأمطار، والسعي وراء الماء والكلأ، والاهتداء في الصحاري أثناء تنقلاتهم.“[7]
إن هذه الهموم العملية، لا شك أنها تزداد عند الإنسان كلما انخرط في سياقات أخرى في حياته أو كلما تشعبت به سبل هذه الأخيرة؛ وهكذا فعندما ظهر الإسلام، ازدادت حدة هذه الهموم؛ ولا شك أن الحاجة ازدادت أكثر إلى تطوير هذه المعارف. وعليه، فمن السهل أن نفهم كيف أصبح الإنسان المسلم في حاجة إلى تنظيم وضبط حياته الدينية، من حيث أنه مطالب بآداء الشعائر كما يجب. ولهذا كانت الحاجة ماسة إلى علم يساعده على تنظيم أوقات الصلاة وتحديد اتجاه القبلة ورؤية الأهلة.
ويتحدث الدارسون لتاريخ هذا العلم عن أن هذه الهموم والانشغال بها، نظرا لارتباطها بالجانب الروحي، فرضت تطوير تلك المعارف الفلكية التي تعاطى لها العرب في جاهليتهم.[8] وفي ظل هذا المناخ نشأت معارف دقيقة مرتبطة بتطور النظر الفلكي كعلم الميقات الذي عرف تطورا في القرون اللاحقة كما سنرى. كما برز الاهتمام، أيضا، بوضع الأزياج أو الجداول الفلكية التي كانت تسهل التنبؤ بحركة الكواكب، وخصوصا بالشمس والقمر؛ ولا يمكن تفسير هذا الاهتمام إلا بمسألة ارتباط الكواكب بالشرع، كما عبر عن ذلك ابن يونس بداية القرن الحادي عشر للميلاد في كتابه الزيج الحاكمي قائلا: ”ولما كان للكواكب ارتباط بالشرع في معرفة أوقات الصلوات وطلوع الفجر الذي يحرم به على الصائم الطعام والشراب، وهو آخر أوقات الفجر، وكذلك مغيب الشفق، الذي هو أول أوقات العشاء الآخرة، وانقضاء الإيمان والنذور والمعرفة بأوقات الكسوف للتأهب لصلاته والتوجه إلى الكعبة لكل مصل، وأوائل الشهور معرفة بعض الأيام إذا وقع فيه شك، وأوان الزرع ولقاح الشجر وجني الثمار ومعرفة سمت مكان من مكان والاهتداء عن الضلال.“[9]
يلخص هذا النص جملة الانشغالات التي كانت تحكم الاهتمام بعلم الفلك وبتطوير البحث فيه؛ فظاهرة الاهتمام بالأزياج، مثلا، بدأت قبل القرن الحادي عشر، أي القرن الذي ينتمي إليه ابن يونس الذي اقتبسنا قوله، وكل ما كان يحكم هذا الاهتمام هو تلك الانشغالات التي ذكرها ابن يونس.[10] وطبعا، فهذه الاهتمامات، إن كانت قد تداخلت مع الاهتمام النظري الهام الذي عرف تطورا في القرن التاسع للميلاد، فإنه لا يمكن لنا أن نتصور سوى أنها برزت مباشرة بعد مجيء الدين الإسلامي، وأصبح هذا الاهتمام جزءا من الحياة الروحية والثقافية للإنسان المسلم.
والجدير بالذكر أن ما نتحدث عنه هنا هو ما استند إليه أحد الدارسين لتاريخ العلوم العربية، وهو جورج صليبا، لإعادة النظر في منهجية كانت تُتبع في التأريخ لنشأة العلوم العربية عامة ونشأة علم الفلك خاصة؛ ففي الكتاب الذي نحيل عليه كثيرا في هذا البحث، والذي اهتم فيه بإثارة مشكلة نشأة الفكر العلمي العربي وتطوره، انتقد ربط هذه النشأة بسياقات كترجمة كتب الأوائل زمن المأمون وباحتكاك المسلمين بالجيوب الحضارية بعد الفتوحات، وهي جيوب كانت قد ازدهرت فيها العلوم قبل ظهور الإسلام ونشأة حضارة المسلمين. في هذا السياق أورد قائلا: ”كما نعرف أيضا أن العلوم مهما ترجمت ومهما حاول الناقلون نقلها من حضارة إلى أخرى، فهي لا تثمر علما إلا إذا ترافقت مع ثقافة علمية تحمل لواءها، ومع دعم مادي يستمر في تنشيطها وحضنها. فلا الاحتكاك بالحضارات القديمة ولا الجيوب الحضارية التي لم تكن موجودة أصلا كان يمكن أن يفسر العملية الفريدة التي حدثت في أوائل العصر العباسي.“[11] وعليه اقترح جورج صليبا منهجية أخرى، يراها أنجع في فهم أمر نشأة العلم العربي عامة وعلم الفلك خاصة، وهي منهجية تقوم على الأخذ بعين الاعتبار الأمر التاريخي والاجتماعي المتمثل في تعريب الديوان إبان الخلافة الأموية.[12]
طبعا، لا يسعنا إلا أن نقول إن المنهجية التي اقترحها صليبا تتمتع بقدر كبير من الأهمية، وهي المنهجية التي ترتكز على الأمر التاريخي والاجتماعي؛ وهي نفسها تقريبا التي تبناها دارس آخر لتاريخ العلوم العربية؛[13] إنها تتمتع بهذا القدر من الأهمية، لأنه استنادا إليها يمكن أن تتوضح لنا الكثير من المشاكل التي تثيرها مسألة النشأة والتطور هذه؛ فصعوبة القول إن علما ما بدأ في فترة زمنية محددة أشرنا إليها سابقا؛ إلا أن القول بأنه لم يكن للجيوب الحضارية أي دور في هذه النشأة، وأن هذه الجيوب لم تكن موجودة أصلا، فهو حكم يبعد صاحب هذا المقترح المنهجي من الأمر التاريخي؛ وهذا الحكم لم يمر دون أن يثير نقاشا، الشيء الذي فعله أحد الدارسين[14]. أما من جهتنا فنقول، إن مسألة التلاقح والاستمداد وتنقل الأفكار العلمية لمن الأمور التي أصبحت واضحة عند المهتمين الآن بتاريخ الأفكار العلمية. نعم، يمكن التوقف بالدراسة والتحليل عند درجة الاستمداد وكيفيته وكيفية حصول التلاقح وتنقل الأفكار، أما القول بعدم حصول هذا الأمر فهو حكم فيه شيء من المبالغة.
من الصعب ضبط عملية التلاقح بين الثقافات وكذلك العملية التي أسهمت في هذا التلاقح، أي تنقل الأفكار العلمية، ومكمن الصعوبة هنا يتجلى في أن هذا الضبط المطلوب يحتاج إلى دراسات تتداخل فيها عدة معارف من تاريخ وأنتروبولوجيا وسسيولوجيا العلم وأركيولوجيا وتاريخ العلم بشكل عام؛ ونقصد بالضبط هنا تحديد الفترات الزمنية التي يُفترض أن حصل فيها هذا التلاقح وهذا التنقل، وكذلك تحديد من أثّرَ في مَنْ ومَنْ تأثر بمَنْ، أو من أمد من ومن استمد مِن مَن؟ وعليه فالقول الأقرب، ربما، إلى الصواب هو الإقرار بأن العرب كانوا حتى قبل ظهور الإسلام في اتصال مع ثقافات أخرى، والتأثير والتأثر الثقافيان كانا قائمين. يقول أحد الدارسين: ”عند ظهور الإسلام كان العرب أقل تطورا من الجيران: الفرس والسريان والأقباط والبيزنطيين؛ وكانوا يشاركونهم بعض المعارف العامة، مثل الأنواء والفراسة والطب التقليدي ونظام البروج.“[15] وعليه فمسألة نشأة علم الفلك وتطوره في البيئة العربية والإسلامية من الأمور التي تحتاج إلى تضافر الجهود بين تخصصات عدة، ذكرنا بعضها قبل قليل.
والحاصل، وانطلاقا مما توفره لنا الآن دراسات في تاريخ العلوم العربية، هو أن علم الفلك شهد تطورا ملحوظا، بلغ فيه مرحلة النضج، وذلك بعد القرن التاسع الميلادي، أي بعد ترجمة كتب وصلت الحضارة الإسلامية من حضارات أخرى، كتب تهتم بالأزياج وكتب تهتم بعلم الفلك النظري؛ إلا أن أهم كتب اشتبك معها العلماء العرب والمسلمون في سياق بناء حضارتهم هي كتب بطلميوس (ت. حوالي 170م) أشهر فلكيي اليونان، وخصوصا كتاب المجسطي وكتاب الإقتصاص. فالكتاب الأول، مثلا، ترجم عدة مرات كما تذكر دراسات عدة استنادا إلى ما أوردته كتب التراجم وعلى رأسها الفهرست لابن النديم.[16] ويمكن القول، إن من ثمار هذه الترجمة ازدهار البحث الفلكي وتجديد الاهتمام بالرصد وذلك بتجويده بعد أن توفرت إمكانيات لذلك؛[17] إذ هناك علماء خصصوا في ما كتبوه مقالات في الرصد،[18] وذلك لغرض اقتراح منهجيات وكيفيات أخرى للرصد لتصحيح المعطيات أو الوقوف على الأغلاط التي وقع فيها بطلميوس بناء على الأرصاد التي اعتمد عليها في زمنه. بيد أن هذا لا يمكن أن يؤدي بنا إلى الادعاء بأن نتيجة كل هذه العوامل كانت هي ميلاد علم جديد هو علم الهيئة، كما ذهب إلى هذا جورج صليبا، وذلك لأن كل العلماء الذي كتبوا في علم الفلك بعد القرن التاسع للميلاد تكلموا في علم الهيئة باعتباره العلم الذي كتب فيه بطلميوس.[19]
نعم قد تكون التسمية، أي علم الهيئة، من إبداع العلماء العرب والمسلمين، وذلك كما تمت تسمية الرياضيات بالتعاليم وكما تمت تسمية الميكانيكا بعلم الحيل؛ أما مضمون علم الهيئة، فهو نفسه علم الفلك الذي كتب فيه بطلميوس وبحث فيه قبله علماء آخرون في اليونان وفي حضارات أخرى قديمة كالحضارة البابلية.
- ابن الهيثم وابن الشاطر بين الاهتمامين العملي والنظري
المناخ الذي تهيأ بعد القرن التاسع الميلادي هو مناخ تميز بالخصوبة في البحث العلمي عامة وفي البحث الفلكي خاصة؛ فقد وجد العلماء بين أيديهم نصوصا فلكية هامة باللغة العربية، أي مترجمة؛ كما أتيحت أمامهم إمكانيات لتطوير البحث وتجويده، وذلك بفضل تطور الإمكانيات الرصدية. في ظل هذا المناخ سيبرز ابن الهيثم (ت. حوالي 432هـ/1041م) وبعده ستبرز أسماء أخرى لعلماء آخرين عاشوا في القرون اللاحقة، وذلك حتى القرن الرابع عشر للميلاد، ومن بين هؤلاء، نجد العالِم ابن الشاطر (ت. حوالي777هـ/1375م). وفي الحقيقة، فقبل الحديث عن الاهتمام الفلكي لدى كل من ابن الهيثم وابن الشاطر، لا بد من تقديم تسويغ لهذا الاختيار؛ إذ كما قلنا، هناك أسماء لعلماء كثر، من الصعب أن يستوعبهم الحديث ضمن هذه الدراسة، لكن مع ذلك، لا بد أن نذكر السبب الذي جعل اختيارنا يقع على هذين العالمين دون سواهما.
فأما بالنسبة لابن الهيثم، فلن نتردد في القول إن لحظته شكلت لحظة مفصلية هامة في تاريخ الفلك العربي، حيث يمكن الادعاء بأن أمر التأريخ لهذا الفلك يصعب أن يستقيم دون إدراك هذه الحقيقة، وهي أنه مع ابن الهيثم وُضِع البحث في علم الفلك على سكة جديدة. كان هذا بفضل الشكوك التي أثارها هذا الرجل على المنظومة الفلكية البطلمية، وفتح بفضل هذه الشكوك، كما سنرى، بابا جديدا أمام علم الفلك عند العرب والمسلمين؛ وهو الباب الذي ولج منه علماء الفلك الذين جاؤوا بعده لإصلاح الكثير من الأمور في هيئة بطلميوس؛ ومن هؤلاء الذين تولوا مهمة هذا الإصلاح، نجد ابن الشاطر في القرن الرابع عشر للميلاد، حيث تتحدث بعض الدراسات الفلكية المعاصرة عن إنجاز هام قام به هذا العالم في مجال إصلاح الهيئة البطلمية.[20]
إذن هذا هو مسوغ اختيارنا لهذين العالِمَين؛ فأحدهما، وهو ابن الهيثم، بدأ في إثارة الشكوك على الهيئة البطلمية؛ والآخر، وهو ابن الشاطر، استأنف المسار الإصلاحي لعلم الهيئة، والذي بدأه علماء آخرون قبله. لكن هناك سببا آخر لا يقل أهمية في تسويغ هذا الاختيار، ويتعلق بكون ابن الهيثم وابن الشاطر شغلهما معا، الاهتمامان العملي والنظري؛ ولئن كان الأول، أي ابن الهيثم، قد اقتصر اهتمامه العملي على مستوى التأليف، أي أنه كتب مقالات في الفلك اعتنى فيها بأمور تقنية تنفع في تدبير الحياة العملية، فإن ابن الشاطر قد مارس هذه الأمور التقنية، فقد اشتغل مُوَقّتا في الجامع الأموي بدمشق.
وبالنسبة لابن الهيثم، فحن نعترف بصعوبة الإقرار بأشياء تهم الجمع عنده بين الاهتمامين النظري والعملي؛ فالدارسون الذين اعتنوا بتصنيف كتاباته الفلكية، والذين فعلوا ذلك بناء على تقسيم هذه الكتب حسب ما شغل الرجل في كل كتاب، يذكرون كتابي خطوط الساعات وتحديد سمت القبلة بالحساب؛[21] وهما بالمناسبة كتابان أو مقالتان لم تحظيا بعد بالاهتمام، نظرا لأنهما مقالتان لم تحققا بعد. وعليه فمن الصعب مناقشة أمر التداخل بين الاهتمامين النظري والعملي لدى هذا الرجل ما لم تتم دراسة هاتين المقالتين؛ لكن هناك بعض الإشارات وردت في العناوين الأصلية لهاتين المقالتين ولمقالات أخرى، قد تساعدنا على وضع بعض الفرضيات. فالملاحظ حسب عنوان المقالتين أن الأمر يتعلق بالخوض في أمور تحتاج إلى تكوين رياضي؛ وهناك مقالة أخرى لصاحبنا اهتم فيها بتحديد اتجاه القبلة أيضا، وهي مقالة في استخراج سمت القبلة في جميع المسكونة، بجداول وضعتها ولم أورد البرهان على ذلك؛[22] فهنا يصرح ابن الهيثم أنه لم يبرهن على ما أورده في هذه المقالة، لكن عندما نعود إلى السياق الذي تحدث فيه عن تأليف هذه المقالة، نجده يقول، حسب ما أورده ابن أبي أصيبعة: ”فما صنعته في العلوم الرياضية خمسة وعشرون كتابا،“[23] أي أن المقالة تندرج ضمن العلوم الرياضية. وهذا يعني أن تحديد اتجاه القبلة كان يُحتاج فيه إلى وضع حسابات دقيقة والإلمام بالهندسة.[24]
ليس يصعب على دارس علم هذا الرجل أن ينتبه إلى أن اسهامه كان، أساسا، في الفلك والبصريات، كما ليس يصعب عليه، أيضا، الانتباه إلى استثماره للرياضيات وفلسفة الطبيعة في تعاطيه لهذا العلم.[25] ولهذا، فالتكوين الرياضي والفيزيائي، إضافة إلى الاستيعاب الجيد لمسائل الفلك كما تبين المقالات العدة التي كتبها، سواء في الفلك النظري أو في أمور لها علاقة بالرصد ورؤية الكواكب،[26] هو ما جعله ينتبه إلى العيوب التي تضمنتها المنظومة الفلكية البطلمية. إن مقالته الشهيرة الشكوك على بطلميوس تمثل لحظة تحول هامة شهدها البحث الفلكي عند قدماء المسلمين؛ وفي هذه المقالة، كشف ابن الهيثم عن أغلاط كثيرة وقع فيها صاحب المجسطي؛ هذا، رغم أنه لم يقدم بديلا عن الهيئة التي انتقدها، ولكنه وضع الهيئة البطلمية أمام امتحان عسير، الأمر الذي سهل المهمة، مهمة إصلاح الهيئة البطلمية، على العلماء الذين جاؤوا بعده . يقول ابن الهيثم: ”ولسنا نذكر في هذه المقالة [الشكوك على بطلميوس] جميع الشكوك التي في كتبه، وإنما نذكر المواضع المتناقضة، والأغلاط التي لا تأول فيها فقط، التي متى لم يُخَرج لها وجوه صحيحة، وهيئات مطردة، انتقضت المعاني التي قررها، وحركات الكواكب التي حصلها.“[27] هكذا، رأى ابن الهيثم أن بطلميوس ناقض نفسه، عندما قرر أصولا لهيئة حركات الكواكب وجاء بغير ما يتوافق مع هذه الأصول، وذلك سواء في كتابه العمدة المجسطي أو في كتابه الاقتصاص.[28] ويلح صاحبنا على أنه كان على بطلميوس أن لا يقرر شيئا يتناقض فيه مع مبدأ استواء الحركات، أي كان عليه أن لا يتخيل أمورا لا تتوافق مع ما هو مفترض أن يكون موجودا في الطبيعة. في هذا الإطار يكشف ابن الهيثم عن عجز بطلميوس عن الإتيان بهيئات صحيحة تتوافق وما يقدمه الرصد. يقول: ”وقد بقي أن نبين الطريقة التي ارتكبها بطلميوس في الهيئات التي قررها للكواكب، وهي أنه جمع كل ما صح للمتقدمين وله من حركات كل واحد من الكواكب، ثم تطلب هيئة تصح أن توجد في أجسام موجودة تتحرك تلك الحركات، فلم يقدر على ذلك، ففرض هيئة متخيلة في دوائر وخطوط متخيلة تتحرك تلك الحركات، ويمكن في بعض تلك الحركات أن توجد في أجسام تتحرك تلك الحركات. فارتكب هذه الطريقة اضطرارا، لأنه لم يقدر على غيرها. وليس إذا فرض الإنسان خطا في تخيله وحركه في تخيله تحرك في السماء خط نظير لذلك الخط مثل تلك الحركة؛ ولا إذا تخيل الإنسان دائرة في السماء وتخيل الكوكب متحركا على تلك الدائرة تحرك الكوكب على تلك الدائرة المتخيلة. وإذا كان ذلك كذلك، فالهيئات التي فرضها بطلميوس للكواكب الخمسة هي هيئة باطلة، وقررها على علم منه بأنها باطلة لأنه لم يقدر على غيرها.“[29]
واضح من كلام ابن الهيثم أن البحث في علم الفلك بعده لن يستمر في نفس الاتجاه الذي كان يسير فيه قبل هذه الشكوك التي أثارها الرجل؛ وهذا ما عبرنا عنه عندما قلنا إن لحظة ابن الهيثم هي لحظة مفصلية في تاريخ الفلك بشكل عام، أي أنه لن ننتظر أن يأتي رجل بعد ابن الهيثم ولن يأخذ ما قاله ابن الهيثم بعين الاعتبار ويعمل على تطوير أبحاثه وتجويدها.
صحيح أننا لن نوفي لابن الهيثم حقه في إطار هذه الدراسة، وذلك لأن هذه الأخيرة لا تسمح بأكثر من هذا. لقد كنا أردنا أن نقف على العلاقة بين الاهتمامين النظري والعملي عند الرجل؛ وبالفعل، فهذه العلاقة تبدو على مستوى التأليف واضحة، فقد زاوج بين الأمور التي لها علاقة بتدبير الحياة العملية وبين الأمور النظرية، وقد برع في هذه الأخيرة أكثر، وهذا شيء مفهوم، لأن البحث في الأمور النظرية المجردة يشحذ الذهن ويساعده على النمو بشكل أكثر مما تفعل العلوم ذات الطابع العملي.
أما بالنسبة لابن الشاطر، فعندما نقول إنه اشتغل مُوَقّتا في أكبر مسجد بدمشق، وهو معلمة دينية بناها الأمويون، فهذا يعني أن هذا العالم قد اشتغل بضبط أوقات آداء الشعائر الدينية، وخصوصا الصلاة التي هي فريضة تؤدى خمس مرات في اليوم، الشيء الذي كان يتطلب أن يكون هذا الرجل على دراية بأمور هذا الضبط، أي أنه لم يتم اختياره للقيام بهذه المهمة إلا بناء على الكفاءة التي كان يتميز بها؛ لكن ربما مرد هذه الكفاءة إلى التكوين النظري الذي كان للرجل. كتب أحد الباحثين قائلا: ”ووضع ابن الشاطر جداول لمواقيت الصلاة في مكان غير محدد عند خط عرض 34°، على الرغم من أن أهم إنجازاته كانت في مجال علم الفلك النظري،“[30] لكن يجب أن يُنتبه هنا إلى أهمية التكوين النظري في وضع هذه الجداول، فتحديد درجة خط العرض، يتطلب تكوينا في التعاليم، في الحساب والهندسة معا. إننا نفترض في العمل الذي كان يقوم به ابن الشاطر تداخل الاهتمامين النظري والعملي. نعم، صحيح أنه غالبا ما يتم استدعاء اسم ابن الشاطر في التأريخ لهذا العلم، وذلك بالتركيز على إسهامه النظري، وذلك لما يتم افتراضه من أثر على التطور الذي أحدثه في مجال البحث الفلكي حتى عصر التحول الأكبر، أي الثورة الكوبرنيكية، إنما لا يجب في اعتقادنا التغاضي عن الهَم العملي الذي كان يواجهه الرجل.
إن في اكتشاف إسهام هذا الرجل في علم الفلك النظري قصة مثيرة. ففي النصف الثاني من القرن العشرين عرف البحث في تاريخ الفلك عند العرب والمسلمين تطورا ملحوظا، بحيث تم اكتشاف العديد من المخطوطات، وكان قد ابْتُدِئ في تحقيق ونشر بعضها. وفي هذا السياق، يُحكى أن باحثا اسمه إدوارد ستيوارت كينيدي (1912-2009Edward Stewart Kennedy, ) الذي اشتغل في التدريس في الجامعة الأمريكية ببيروت أواسط الأربعينيات من القرن المنصرم، كان يبحث عن مخطوط لكتاب الزيج الجديد لابن الشاطر، ولما علم أن نسخة من هذا المخطوط توجد في أكسفورد، توجه إلى هناك لإلقاء نظرة على المخطوط. ”وتتابع الأسطورة [القصة] فتقول إن كينيدي الذي كان ينتظر كتاب الزيج الجديد في قاعة المكتبة البودلية، إذا بعامل المكتبة يعطيه كتابا آخر لابن الشاطر لا علاقة له بالزيج الذي كان ينتظره. وهذا الكتاب الجديد الذي لم يكن كينيدي يعرفه من قبل، ولم يكن يبحث عنه بالدرجة الأولى، كان كتاب نهاية السول لتصحيح الأصول […] وبانتظار الكتاب الذي كان كينيدي قد طلبه من عامل المكتبة، بدأ كينيدي بتصفح كتاب نهاية السول. وتوا تبين له أنه أمام عمل لم يعرف عنه شيء حتى تلك اللحظة، وأن محتويات ذلك الكتاب لا تشبه محتويات الكتب الفلكية السابقة، لا اليونانية منها ولا الهندية، عندها قرر أن يأخذ معه إلى جامعة براون نسخة ميكروفيلم من ذلك الكتاب لتتسنى له دراسته عن كثب.“[31] والقصة لم تنته هنا؛ فبعد أن جاء بالنسخة من نهاية السول في تصحيح الأصول إلى جامعة براون، كان هناك أستاذه أوتو إدوارد نويغبور (1899-1990Otto Eduard, Neugebauer)، أحد الدارسين لتاريخ علم الفلك، وكان هذا الأخير بصدد الإعداد لكتاب حول تاريخ العلوم الدقيقة القديمة، وعندما وضع كينيدي النسخة التي حصل عليها بين يدي أستاذه نويغبور، نظر فيها هذا الأخير، وتبين له أنه أمام عمل يصف هيئة الأفلاك وحركات القمر والشمس بطريقة مختلفة تماما عن تلك التي كان بطلميوس يعتمدها، بل إن الهيئة التي وضعها ابن الشاطر للقمر هي قريبة من الهيئة التي نجدها عند نيقولا كوبرنيك (Nicolas Copernic, d. 1543).[32]
ما يمكن أن تعلمنا إياه هذه القصة هي جملة أمور، منها أن البحث في تاريخ علم الفلك العربي يكشف لنا أن درس تاريخ العلم بصفة عامة هو درس في غاية الأهمية؛ فمنذ أن اكْتُشِف مخطوط نهاية السول في تصحيح الأصول تم إعادة النظر في بعض التصورات التي كانت سائدة في دراسة تاريخ العلم وحتى في فهم الثورة العلمية، وهذا ما حاول جورج صليبا في المقال الذي أخذنا منه ملخص هذه القصة، أن يبينه، وهذا ما حاول أيضا أن يقف عليه باحثون آخرون من خلال تبيانهم أن عمل ابن الشاطر شكل منعطفا كبيرا في تاريخ علم الفلك؛ فهو حتى وإن كان اشتغل في ظل النظام الذي يقول بمركزية الشمس، إلا أن ما قدمه هذا الرجل ربما ساهم بالتعجيل في استبدال هذا النظام؛ وعليه، يمكن الحديث عن جذور للثورة الكوبرنيكية، وجذر من هذه الجذور يوجد في تربة علم الفلك العربي والإسلامي.[33] كما أن هذه القصة، تبين لنا أيضا أوجه التعالق بين الاهتمامين النظري والعملي، فالبحث عن كتاب الزيج الجديد لابن الشاطر، نظرا لأهميته، كان طريقا نحو اكتشاف نهاية السول في تصحيح الأصول؛ ثم إن ابن الشاطر نفسه يشير في كتابه الزيج إلى كتابه الهام في الفلك النظري، أي نهاية السول. يقول: ”وجدت أفاضل المتقدمين مثل المجريطي والوليد والمغربي وغيرهم، وقد أوردوا على هيئة الأفلاك للكواكب المشهورة وهو مذهب بطلميوس فيها شكوك يقينية مخالفة لما تقرر من الأصول الهندسية والطبيعية ثم اجتهدوا في وضع أصول تفي بالحركة الطولية والعرضية […] وسألت الله العظيم أن يلهمني ابتكار أصول تفي بالمقصود فوفق الله تعالى لوضع جامعة للحركات الطولية والعرضية ولسائر ما أدركته بالرصد وقد أوردتها والبرهان عليها في كتابي الذي سميته تعليق الأرصاد وجردت الأصول ولخصتها في كتابي المسمى بنهاية السول في تصحيح الأصول.“[34] ويبدو أن التكوين النظري لابن الشاطر هو الذي كان يوجهه في اشتغاله العملي، خصوصا في وضع الأزياج. أيضا، تعلمنا هذه القصة أن البحث يمكن في بعض الأحيان أن يخضع للصدف الجميلة؛ فقد رأينا في هذه القصة، كيف أن إدوارد كنيدي كان يبحث عن مخطوط الزيج، فإذا به يجد بين يديه مخطوط نهاية السول.
- وضعية علم الفلك في البيئة العربية الإسلامية القديمة
هناك مسألة أساس ستشغلنا في هذا الجزء من هذه الدراسة، وهي الوضعية التي عاشها علم الفلك في البيئة العربية الإسلامية في القرون الوسطى. نعني بالوضعية هنا، أساسا، النظرة التي كان يُنظر بها إلى هذا العلم، وذلك من طرف أهل هذه البيئة الثقافية، ونقصد من كانت لهم سلطة أو حظوة رمزية في هذه البيئة. ونرجح أنه كانت هناك فئة تتمتع بهذه الحظوة أكثر من الفئات الأخرى؛ ويتعلق الأمر بفئة الفقهاء، وذلك لما لهم من تأثير على العامة.
طبعا، لقد تم تناول هذه المسألة من طرف دارسين آخرين، وذلك في إطار نظرهم في الموقف الذي تبناه عامة أهل هذه الثقافة من علوم الأوائل عامة، وليس فقط من علم الفلك. وقد سبق أن بينا أنه من الصعب نسبة هذا العلم إلى أمة دون أخرى، لأننا نفترض أن كل الأمم انشغلت بأمور السماء، أو بما يحدث فيها؛ وعليه، فمن الصعب أيضا الإقرار بأن علم الفلك من علوم الأوائل، أي اليونان؛ وحتى مصادر علم الفلك العربي والإسلامي كانت متعددة.[35] من هنا فإننا سنرى أن موقف بعض الفقهاء من علم الفلك اتسم، أحيانا، بالرفض أو بعدم الوضوح. هذا، إن كان هذا العلم أثبت من الناحية العلمية شرعيته، ومن الناحية العملية أثبت أنه علم قدم خدمات جليلة للمسلمين في تعاطيهم للعبادات وفي تدبير أمور أخرى في حياتهم العملية، أو قل إنه كان علما نافعا من هذه الناحية العملية. لكن هل كانت هذه المنفعة سندا لاتخاذ موقف معقول منه من طرف بعض الفقهاء؟ طبعا، من الناحية المنهجية، يستحسن عدم قول أي شيء بصدد ما صدر عن هؤلاء في حق هذا العلم، وذلك حتى نقف على بعض المواقف الفقهية بخصوصه وعلى الحجج التي استند إليها أصحاب تلك المواقف.
لنترك جانبا موقف الغزالي (ت.505 هـ/1111م) من الكسمولوجيا كما عبر عنه في كتابه تهافت الفلاسفة، وذلك لأن الكسمولوجيا الأرسطية قالت بقدم العالم.[36] نعم، سنتغاضى عن هذا الأمر، وذلك لأنه سيجرنا، فيما يخص موقف الغزالي، إلى الخوض في الفروق بين الكسمولوجيا والفلك، وأيهما يضم الآخر، وهو ما لا يسمح به هذا المقام. لكن، بالنسبة لموقف الفلاسفة وبعض المتكلمين وبعض الفقهاء أيضا، فقد كان موقفا عاديا من هذا العلم، بل أكثر من ذلك، نجد أنه اعتبر من قبل بعض الفلاسفة والمتكلمين علما شريفا. فهذا الفارابي (ت.339هـ/950م) أثنى على هذه الصناعة لشرف موضوعها قائلا: ”فضيلة العلوم والصناعات إنما تكون بإحدى ثلاث: إما بشرف الموضوع، وإما باستقصاء البراهين، وإما بعظم الجدوى الذي فيه […] أما ما يفضل على غيره لعظم الجدوى الذي فيه فكالعلوم الشرعية والصنائع المحتاج إليها في زمان زمان وعند قوم قوم؛ وأما ما يفضل على غيره لاستقصاء البراهين فيه كالهندسة؛ وأما ما يفضل على غيره لشرف موضوعه فكعلم النجوم.“[37] وقبل الفارابي، كان الكندي (ت. حوالي 252هـ/866م) قد سمى كتابه في الفلك بالصناعة العظمى، واعتبرها أيضا صناعة شريفة لشرف موضوعها؛ كما أن ابن خلدون (ت. 808 هـ/1401م) قال فيما يشبه التأسف أن هذا العلم لم يُعتن به بما يكفي من عناية، هذا رغم أن علم الهيئة علم شريف.[38]
لكن الشيء المثير للانتباه هو موقف بعض الفقهاء من أهل السنة من هذه الصناعة، إذ لم يرضوا عنها لأسباب ربما تعود إلى موقفهم من علوم الأوائل عامة. فما دام تأثير بطلميوس والفلك اليوناني كان بينا على تطور علم الفلك العربي والإسلامي، رغم وجود منابع أخرى أخذ منها المسلمون واقتبسوا منها أفكارا فلكية وطوروها كما سبقت الإشارة إلى هذا، فإن الكثير من أهل السنة قد أبدى تحفظه من هذا العلم . فالغزالي مثلا، يبقى موقفه من علم الفلك في حاجة إلى تقويم، أي أن ما قاله حول هذا العلم لم يكن بالوضوح الذي نجده عند الفارابي كفيلسوف وعند ابن خلدون كأشعري. وعدم الوضوح هذا قد يُعزى إلى عدة أمور، منها الوشائج القوية الكامنة بين الفلك والكسمولوجيا، ومنها موقف أبي حامد من العلم عامة، فالعلم الحق عنده هو العلم الذي يفوز به صاحبه بالآخرة؛[39] ومنها أن الرجل كان يلح على عنصر المنفعة في العلم. يقول الغزالي في باب بيان الوجه الذي قد يكون به بعض العلوم مذموما: ”أن يكون مضرا بصاحبه في غالب الأمر، كعلم النجوم، فإنه في نفسه غير مذموم لذاته، إذ هو قسمان: قسم حسابي […] والثاني الأحكام، وحاصله يرجع إلى الاستدلال على الحوادث بالأسباب […] وهو معرفة لمجاري سنة الله تعالى وعادته في خلقه ولكن قد ذمه الشرع.“[40]
نعم، قد يقول قائل، إن موقف الغزالي عبر عنه بصراحة: ”فإنه في نفسه غير مذموم لذاته“ أي أن التعاطي لعلم الفلك في حد ذاته غير مذموم شرعا، لكن إذا استثمره الشخص لمعرفة آثار حركات الكواكب على حياة الناس، فإنه يصبح هنا مذموما شرعا؛ لكن في نفس السياق نجد أبا حامد يقول، وذلك في سياق بيان القدر المحمود من العلوم المحمودة: ”فالقسم المذموم منه قليله وكثيره هو ما لا فائدة فيه في دين ولا دنيا، إذ فيه ضرر يغلب نفعه كعلم السحر والطلسمات والنجوم، فبعضه لا فائدة فيه أصلا.“[41] والملاحظ أن الغزالي، في إحياء علوم الدين، ينظر دائما إلى العلم من زاويتي المنفعة والضرر أو الآفات؛ وفي هذا الإطار، نجد المستشرق جولدتسيهر (1850-1921Ignaz Goldziher,) ينقل عنه قوله: ”فإن الشيء إذا كانت له منفعة واحدة وآفات كثيرة فلا يجوز التعرض لآفاته، لتلك المنفعة الواحدة، فالخمر مثلا لا شك في ما لها من نفع في تعديل المزاج وتقوية الطبع وتقوية الدماغ، والميسر في تشحيذ الخواطر، ومع ذلك فهما محرمان […] بل الرياضة باللعب بالشطرنج، يشحذ الخاطر، فلا يجوز الاشتغال به والتعرض لآفاته، وكذلك النظر في علم أوقليدس والمجسطي ودقائق الحساب والهندسة والرياضة بها يشحذ الخاطر وتقوى النفس.“[42]
هذا، وقد اعتنى هذا المستشرق بالبحث في موقف أهل السنة من علوم الأوائل، حيث أورد كثيرا من النصوص لفقهاء حنابلة، نصوص تعكس عدم رضا هؤلاء على علم الهيئة، وفي هذا السياق نجده يستخلص قائلا: ”إن المؤمنين من أهل السنة لم يكونوا راضين كل الرضا عن الفلك العلمي أيضا. فعلى الرغم مما لمعرفته من فائدة في إقامة بعض الشعائر الدينية (كتحديد مواعيد الصلاة بالدقة، علم الميقات، وتحديد القبلة سمت القبلة) ومن استعماله بهذا المعنى في كتبهم، إلا أنه من علوم الأوائل، أي من العلوم التي لم تنبت في التربة التي تنبت فيها العلوم الشرعية، وكفى هذا لكي يكون علما متهما.“[43] وابن الشاطر، الذي تحدثنا عنه سابقا، كان يجتهد في سبيل توفير نماذج أفضل للتنبؤ بمواقع الكواكب والنجوم، وهذا لم يكن ليتأتى إلا بالقيام بأرصاد دقيقة وبحسابات أدق؛ وكل هذا كان من أجل تسهيل الحياة الروحية للمسلمين، بينما بالمقابل، كان معاصره ابن القيم الجوزية (ت. 751هـ/1349م) يدعو إلى عدم الاهتمام بالعلوم إلا ما كان منها نافعا.[44]
إن الأفكار الفلكية والكسمولوجية عانت كثيرا، وذلك في أكثر من سياق ثقافي وحضاري، أي أن موقف بعض الفقهاء في الإسلام من هذه الأفكار لا يمكن عده استثناء، فتاريخ الأفكار العلمية يكشف لنا عن مواقف رفضت بعض الأفكار الفلكية؛ فمثلا في العصر اليوناني القديم نجد من دعا إلى محاكمة بعض العلماء لأنهم عبروا عن أفكار اعتبروها مسيئة للشعور السليم، وهذا ما حدث لأرسطرخس (حوالي. 310- 230 ق م)، حيث دعا الفيلسوف الرواقي كليانتيس (حوالي. 331-232 ق مCleanthes, ) إلى محاكمته، لأنه قال بدوران الأرض حول الشمس.[45] ثم في العصر الحديث، نجد أن بعض العلماء تمت محاكمتهم لأنهم عبروا عن أفكار تهم حقيقة الكون أو العالم اعْتبرتْ مخالفة لما جاء في الكتب السماوية، وهذا ما حدث مثلا لجيوردانو برونو (1548- 1600Giordano Bruno,) وما حدث كذلك لجاليلي (1564- 1642Galilée,).
خاتمة
كان غرضنا في هذا البحث هو الإقرار بصعوبة الحسم في أمر نشأة علم الفلك في السياق الحضاري العربي والإسلامي. وهكذا، فكل ما قيل عن تعريب الديوان في العهد الأموي، وما قيل عن عدم إسهام الجيوب الحضارية التي احتك بها العرب والمسلمون قبل نشوء مراكز العلم في بغداد ومدن إسلامية أخرى، وما قيل عن ترجمة كتب الأوائل، خصوصا كتب بطلميوس، كل هذا لا يضعنا أمام لوحة واضحة نقرأ فيها أمر هذه النشأة. وربما لا مناص من استحضار الاهتمام العملي في علم الفلك أثناء تناول مشكلة هذه النشأة، بما يعني عدم التعامل معه كما لو أنه يقع على هامش الممارسة الحقيقية لعلم الفلك؛ وإلا فكيف نفسر اهتمام عالمين، وهما ابن الهيثم وابن الشاطر، إن تأليفا بالنسبة إليهما معا وإن تأليفا وممارسة بالنسبة إلى ابن الشاطر، كيف نفسر اهتمامهما بالجانبين معا، العملي والنظري؟ وإذا كان ابن الشاطر قد حفزته المنفعة أو كلُف بمهمة استدعت منه تطوير الاهتمام العملي، فلماذا ألف فيه؟ ولماذا ألف فيه ابن الهيثم، رغم أنه لا دراسة لحد الآن تحيطنا علما أنه كان ينتفع بهذا الاهتمام العملي؟ هذا، وإذ أن بعض الدراسات الابستملوجية المعاصرة انتبهت إلى أن أي علم إلا وينشأ انطلاقا من مشكلة، قد تكون عملية كما قد تكون نظرية، فإنه لا مناص من إيلاء الاهتمام لهذا الجانب العملي أثناء التأريخ لعلم الفلك العربي والإسلامي.
وأمر آخر، كان لا بد لنا من الوقوف عنده، وهو أن أي إقرار بازدهار العلوم في سياق الحضارة العربية والإسلامية، خصوصا خلال بعض الفترات الوسيطية، لا يجب أن يطمئننا ونكف، من ثم، عن البحث والتقصي بشأن بعض المواقف التي كانت معادية للتعاطي لبعض العلوم، ومنها علم الفلك والكسمولوجيا.
************************************
بيبليوگرافيا
* بالعربية
أبركان، محمد. ”المقالة في هيئة العالم للحسن بن الهيثم: دراسة وتحقيق.“ أطروحة دكتوراه نوقشت بجامعة محمد الخامس، 2011.
ابن الهيثم، الحسن. الشكوك على بطلميوس. تحقيق عبد الحميد صبره ونبيل الشهابي، القاهرة: دار الكتب المصرية، 1996.
ابن خلدون، عبد الرحمن. المقدمة. تحقيق عبد السلام الشدادي، الجزء الأول، الدار البيضاء: بيت الفنون والعلوم والآداب، 2005.
ابن أبي أصيبعة. عيون الأنباء في طبقات الأطباء. بيروت: دار الكتب العلمية، 1998.
بدوي، عبد الرحمن. التراث اليوناني في الحضارة العربية الإسلامية، دراسات لكبار المستشرقين، مصر: مكتبة النهضة المصرية، 1940.
بوبر، كارل. أسطورة الإطار، في دفاع عن العلم والعقلانية. تحرير مارك أ. نوترنو، ترجمة يمنى طريف الخولي، الكويت: منشورات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب-سلسلة عالم المعرفة، 2003.
البعزاتي، بناصر. الفكر العلمي والثقافة الإسلامية. الرباط: دار الأمان، 2015.
ـــــــــــــــ.خصوبة المفاهيم في بناء المعرفة، دراسات ابستمولجية. الرباط: دار الأمان، 2007.
ـــــــــــــــ. ”جذور التجديد الفلكي الكوبرنيكي.“ ضمن التجديد والتقليد في العلم. تنسيق بناصر البعزاتي، 103–138. الرباط: منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، 2003.
الفارابي، أبو نصر. إحصاء العلوم. صححه ووقف على طبعه وعلق عليه عثمان محمد أمين، مصر: مطبعة السعادة.
ـــــــــــــــ.. رسالتان فلسفيتان. تحقيق وتقديم وتعليق جعفر آل ياسين، بيروت: دار المناهل، 1987.
مورلون، ريجيس. “علم الفلك العربي المشرقي بين القرنين الثامن والحادي عشر.” ضمن موسوعة تاريخ العلوم العربية. سلسلة تاريخ العلوم العربية، إشراف رشدي راشد، الجزء الأول، 47–94. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1997.
ـــــــــــــــ.. “مقدمة في علم الفلك.” ضمن موسوعة تاريخ العلوم العربية. سلسلة تاريخ العلوم العربية، إشراف رشدي راشد، الجزء الأول، 25–46. بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1997.
راشد، رشدي. دراسات في تاريخ العلوم العربية وفلسفتها. ط. 1، بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2014.
هيل، ر، دونالد. العلوم والهندسة في الحضارة الإسلامية، لبنات أساسية في صرح الحضارة الإسلامية. ترجمة أحمد فؤاد باشا، الكويت: منشورات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب-سلسلة عالم المعرفة، 2004.
صليبا، جورج. الفكر العلمي العربي: نشأته وتطوره، طرابلس: منشورات جامعة البلمند، 1998.
ـــــــــــــــ. “الاتجاهات الحديثة في دراسة تاريخ علم الفلك العربي.” ضمن دراسات عربية إسلامية، 105–124. بيروت: منشورات الجامعة الأمريكية، 1997.
الغزالي، أبو حامد. إحياء علوم الدين. الجزء الأول، بيروت: دار الكتب العلمية، 1986.
* بالفرنسية
Rashed, Roshdi. Les mathématiques infinitésimales du IX au XI siècle. Volume 5. London : Al- Furqan Islamic Heritage Foundation: 2006.
Morelon, Régis. “Une proposition de lecture de l’histoire de L’astronomie Arabe.” in De Zénon d’Elée à Poincaré, Recueil d’études en hommage à Roshdi Rashed. Edité par Régis Morelon et Ahmed Hasnawi, 237–249. Paris: Louvain, 2004.
للتوثيق
أبركان، محمد. ”علم الفلك عند قدماء المسلمين: في العلاقة بين الاهتمامين العملي والنظري.“ ضمن موقع الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية، الرابط <https://philosmus.org/archives/2510>
محمد أبركان
[1] قد يقال إن هذا الأمر يمكن أن ينسحب على كل العلوم. نعم، إنه أمر قد يصح، إلا أن اهتمامنا هنا ينصب أساسا حول علم الفلك. وعليه فقد آثرنا أن يشمل حديثنا فيما يهم مسألة البداية هذه نطاق هذا العلم فقط؛ ثم إننا لا نتناول في هذه الدراسة مشكلة بداية علم الفلك بشكل عام، بل نتناول مشكلة نشأة علم الفلك في البيئة الحضارية العربية والإسلامية، كما نتناول أمورا أخرى مرتبطة بهذه النشأة. أما من يريد، من القراء، أن يطلع على مسألة بداية العلم كما نوقشت ابستملوجيا، يمكن له العودة، مثلا، إلى بناصر البعزاتي، خصوبة المفاهيم في بناء المعرفة، دراسات ابستمولجية (الرباط: دار الأمان، 2007)، 23‒42.
[2] هناك دراسات تناولت هذا المشكل، أي مشكل نشأة علم الفلك العربي الإسلامي؛ وسوف نذكر بعضا منها لاحقا، لأن هناك مناسبات في هذا البحث ستفرض الوقوف عندها.
[3] كارل بوبر، أسطورة الإطار، في دفاع عن العلم والعقلانية، تحرير مارك أ. نوترنو، ترجمة يمنى طريف الخولي (الكويت: منشورات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب-سلسلة عالم المعرفة 292، 2003)، 123.
[4] بناصر البعزاتي، الفكر العلمي والثقافة الإسلامية (الرباط: دار الأمان، 2015)، 123.
[5] على سبيل إقامة التمييز بين هذين المستويين يمكن العودة إلى ما أورده الفارابي في إحصاء العلوم، حيث وقف عند هذا التمييز قائلا: ”وأما علم النجوم، فإن الذي يعرف بهذا الاسم علمان: أحدهما علم أحكام النجوم، وهو علم دلالات الكواكب على ما سيحدث في المستقبل، وعلى كثير مما هو الآن موجود، وعلى كثير مما تقدم. والثاني علم النجوم التعليمي، وهو الذي يعد في العلوم وفي التعاليم.“ والملاحظ أن الفارابي كان واعيا بهذا التمييز من خلال تشديده على القول إن علم النجوم التعليمي هو الذي يعد في العلوم وفي التعاليم، أي أنه يتحفظ من اعتبار علم أحكام النجوم علما بالمعنى الذي كانت تُتداول به كلمة علم. انظر: أبو نصر، الفارابي، إحصاء العلوم، صححه ووقف على طبعه وصدره بمقدمة مع التعليق عليه، عثمان محمد أمين (مصر: مطبعة السعادة، د.ت.)، 43–44.
[6] بصدد ما يفحص عنه هذا العلم، يمكن العودة إلى الكتب التي اهتمت بإحصاء العلوم عند قدماء المسلمين، ومنها كتاب الفارابي المحال عليه سابقا، وكذلك يمكن العودة إلى ما أورده ابن خلدون في المقدمة بخصوص تعريف علم الفلك أو علم الهيئة. انظر: ابن خلدون، المقدمة، تحقيق عبد السلام الشدادي (الدار البيضاء: بيت الفنون والعلوم والآداب، 2005)، ج. 3، 88.
[7] جورج، صليبا، الفكر العلمي العربي: نشأته وتطوره (طرابلس: منشورات جامعة البلمند، 1998)، 74–75. ويبدو أن جورج صليبا قد اقتبس هذا القول من مصدر كتاب الأنواء لابن قتيبة الدينوري (ت. 276هـ/889م) ويستمر جورج صليبا في القول: ”فقد عرفوا أسماء النجوم الكبرى كمثل سهيل والشعريين […] الرامح والأعزل؛ وغيرها، وأفردوا لها القصص والأخبار.“
[8] للاطلاع على مسألة انشغال المسلمين بهذه الأمور المتعلقة بتنظيم وضبط الحياة الدينية من حيث تحديد أوقات ممارسة الشعائر من صلاة وحج وصوم رمضان، يمكن العودة على سبيل المثال إلى صليبا، الفكر العلمي العربي 76–77. وكذلك العودة إلى الفصل الأول من هذا المرجع. كما يمكن العودة إلى دونالد ر. هيل، العلوم والهندسة في الحضارة الإسلامية، لبنات أساسية في صرح الحضارة الإسلامية، ترجمة أحمد فؤاد باشا (الكويت: منشورات المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب-سلسلة عالم المعرفة، 305، يوليوز، 2004)، 62–67. ويتحدث هذا الدارس عن الكيفية التي كان المسلمون يحددون بها سواء أوقات الصلاة أو الحج أو رؤية الأهلة، وقد وقف على أمور هامة تهم الدقة التي كان يتم التعامل بها مع هذه الأمور، بحيث استخدمت تقنيات رياضية بارعة لتحديد اتجاه القبلة مثلا ووضع المواقيت.
[9] ابن يونس، الزيج الحاكمي، نقلا عن ريجيس مورلون، ”مقدمة في علم الفلك،“ ضمن موسوعة العلوم العربية، سلسلة تاريخ العلوم العربية، إشراف رشدي راشد (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربيةّ، 1997)، ج. 1، 44.
[10] تتحدث الدراسات في تاريخ الفلك العربي والإسلامي عن كون أول كتاب في علم الفلك العربي نقل إلينا بكامله هو زيج السندهند لمحمد بن موسى الخوارزمي (ت. حوالي 232هـ/847م)، وهو كتاب مفقود في نسخته العربية، وتوجد ترجمة لاتينية للكتاب أنجزها في القرن الثاني عشر للميلاد أدلار دو باث (1080-1152 Adlar de Bath,) وذلك استنادا إلى مراجعة للكتاب قام بها المجريطي (ت. 398 هـ/1007م). انظر: مورلون، ”علم الفلك العربي الشرقي بين القرنيين الثامن والحادي عشر،“ ضمن موسوعة تاريخ العلوم العربية، ج. 1، 48.
[11] صليبا، الفكر العلمي العربي، 36.
[12] للاطلاع على تفاصيل هذه المنهجية التي يقترحا صليبا لفهم نشأة العلوم عند العرب، يمكن العودة إلى نفس المرجع، 36-72.
[13] بصدد تعريب الدواوين زمن الخلافة الأموية، يقول رشدي راشد: ”أما عن البعد الاجتماعي لظاهرة نقل الأصول اليونانية إلى العربية، فلم يدرس بعد. ولكن يمكن لفت النظر إلى أمرين هامين، أولهما هو نقل دواوين الدولة البيزنطية وترجمتها إلى العربية قبل نقل النصوص العلمية والفلسفية. وخلال نقل الدواوين وترجمتها، نقل معها كثير من المعارف المرتبطة بالدواوين، أعني من حساب وهندسة أولية وتقنيات متعددة.“ انظر: رشدي راشد، دراسات في تاريخ العلوم العربية وفلسفتها (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2011)، 68–69.
[14] للدارس بناصر البعزاتي ملاحظة نقدية بخصوص ربط نشأة العلم وتطوره بتعريب الديوان كما ذهب إلى هذا جورج صليبا في التأسيس لمنهجيته المقترحه؛ ملاحظة عبر عنها الدارس قائلا: ”لم يساهم تعريب الدواوين ودواليب الحكم في تطور الفكر العلمي في شيء. إذ كان الفكر العلمي نشيطا وبلغات عديدة: فقبل البصرة وبغداد، كان العلم والفلسفة والطب في جنديسابور بالفارسية — الفهلوية، وفي خوارزم بالفارسية — الخوارزمية.“ البعزاتي، الفكر العلمي والثقافة الإسلامية، 335.
[15] البعزاتي، الفكر العلمي والثقافة الإسلامية، 334.
[16] بخصوص ترجمة المجسطي لبطلميوس، يمكن العودة إلى ما أورده مورلون نقلا عن ابن الصلاح الذي عاش في القرن الثاني عشر للميلاد، وذلك في ”علم الفلك العربي المشرقي بين القرنين الثامن والحادي عشر،“ ضمن موسوعة تاريخ العلوم العربية، ج. 1، 50–51. وكذلك، يمكن العودة إلى ما أورده رشدي راشد في دراسات في تاريخ العلوم العربية وفلسفتها، 80–80.
[17] نقصد هنا إنشاء مراصد وصناعة آلات للرصد. انظر على سبيل المثال: ريجيس مورلون، ”مقدمة في علم الفلك،“ ضمن موسوعة تاريخ العلوم العربية، ج. 1، 34–43.
[18] لابن الهيثم مثلا ”مقالة في كيفية الأرصاد“. وقد سبق أن حقق هذه المقالة، عبد الحميد صبره، مجلة تاريخ العلوم العربية، المجلد الثاني، 1978.
[19] لن نسترسل في الرد على هذه الدعوى التي أوردها صليبا في كتابه المحال إليه سابقا، وكذلك أوردها في مقال له بعنوان ”الاتجاهات الحديثة في دراسة تاريخ علم الفلك العربي،“ ضمن دراسات عربية وإسلامية (بيروت: منشورات الجامعة الأمريكية، 1997). انظر بالضبط خلاصة مقاله، 120. وقد ناقشنا هذه الدعوى في أطروحتنا لنيل شهادة الدكتوراه، والتي كانت حول دراسة وتحقيق المقالة في هيئة العالم لابن الهيثم. انظر: محمد أبركان، ”المقالة في هيئة العالم للحسن بن الهيثم: دراسة وتحقيق“ (أطروحة دكتوراه، نوقشت بجامعة محمد الخامس، 2011)، 54–60.
[20] سوف نذكر أصحاب هذه الدراسات عندما سنتحدث عن منجز هذا الرجل.
[21] صحيح أن أمر الاطلاع على مؤلفات ابن الهيثم توفره الآن كتب الطبقات، خصوصا عيون الأنباء في طبقات الأطباء لابن أبي أصيبعة، لكن رشدي راشد اعتنى بأمر هذا التنصيف أو تقسيم كتب ابن الهيثم إلى أقسام، وذلك في كتابه Mathématiques infinitésimales du IX au XI, volume 5 (London : Al-Furqan Islamic Heritage Foundation, 2006),1–2.
[22] ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، ط. 1 (بيروت: دار الكتب العلمية، 1998)، 509. والملاحظ أن رشدي راشد يتحاشى الحديث عن هذه المقالة كونها مقالة تندرج ضمن أعمال ابن الهيثم الفلكية، لأنه يعتبر أن هناك أعمالا تنسب خطءا إلى ابن الهيثم العالم الرياضي، في حين أنها لشخص آخر فيلسوف، اسمه محمد بن الحسن بن الهيثم. وربما سنعود إلى إثارة هذه المشكلة.
[23] أصيبعة، عيون الأنباء، 508.
[24] تحت عنوان، تحديد اتجاه القبلة، خصص دونالد ر. هيل حيزا من كتابه المذكور سابقا، للحديث عن الطرق التي كانت تتبع لهذا التحديد. وكما يتضح من خلال ما أورده، فالأمر كانت يتطلب تكوينا رياضيا لضبط هذا التحديد، أي تحديد اتجاه القبلة. انظر: العلوم والهندسة في الحضارة الإسلامية، ترجمة أحمد فؤاد باشا، 64–67.
[25] هناك دارسون اعتبروا أن إسهام ابن الهيثم في الفلك هو إسهام لعالم رياضي، وهذا ما ذهب إليه رشدي راشد في الكتاب المحال عليه في الهامش السابق وكذا في الهامش رقم 17؛ وبناء على هذا يرفض هذا الدارس نسبة بعض المقالات لابن الهيثم، وهي المقالات التي تخلو من النقد ومن استثمار المعارف الرياضية، كالمقالة في هيئة العالم مثلا؛ لكننا قد سبق لنا أن أدلينا بدلونا بخصوص هذا في أطروحتنا لنيل الدكتوراه (انظر: الهامش رقم 14) بحيث بينا أن حجج رشدي راشد حول دعواه التي يذهب فيها إلى أن هذه المقالة هي ليست للعالم الرياضي ابن الهيثم، تظل حججا غير كافية. محمد أبركان، ”المقالة في هئية العالم: دراسة وتحقيق،“ 138–145. هذا،كما ذهب بناصر البعزاتي إلى أن تكوين ابن الهيثم في أبحاث الضوء والبصريات كان له الأثر الأهم في إسهامه الفلكي. انظر: البعزاتي، الفكر العلمي والثقافة الإسلامية، 287–308.
[26] لابن الهيثم مقالات في الرصد وفي رؤية الكواكب، نذكر منها مقالة في كيفية الأرصاد، سبق أن ذكرناها؛ ومقالة في التنبيه على مواضع الغلط في كيفية الرصد، مقالة في رؤية الكواكب، مقالة فيما يعرض من الاختلاف في ارتفاعات الكواكب، مقالة مستقصاة في الأشكال الهلالية…انظر : ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء، 514.
[27] ابن الهيثم، الشكوك على بطلميوس، تحقيق عبد الحميد صبرة ونبيل الشهابي (القاهرة: مطبعة دار الكتب المصرية، 1996)، 5.
[28] الملاحظات التي أوردها ابن الهيثم حول الهيئة البطلمية همت الكتابين معا، هذا إضافة إلى ملاحظات أوردها في نفس المقالة همت كتاب المناظر لبطلميوس أيضا.
[29] ابن الهيثم، الشكوك، 26.
[30] دونالد ر. هيل، العلوم والهندسة في الحضارة الإسلامية، 64.
[31] جورج صليبا، ”الاتجاهات الحديثة في دراسة تاريخ علم الفلك العربي،“ 112.
[32] أخذنا ملخص هذه القصة المثيرة كله من صليبا، ”الاتجاهات الحديثة في دراسة تاريخ علم الفلك العربي،“ 113–114.
[33] يمكن العودة هنا إلى دراسة Régis Morelon, “Une proposition de lecture de l’histoire de L’astronomie Arabe, in De Zénon d’Elée à Poincaré, Recueil d’études en hommage à Roshdi Rashed, édité par Régis Morelon et Ahmed Hasnawi (Paris : Louvain, 2004), 248.، كما يمكن العودة أيضا إلى ما ذهب إليه بناصر البعزاتي في مقاله ”جذور الثورة الكوبرنيكية،“ ضمن التقليد والتجديد في الفكر العلمي، تنسيق بناصر البعزاتي (الرباط: منشورات كلية الآداب والعلوم الإنسانية بالرباط، سلسلة ندوات ومناظرات رقم 106، 2003)، 103–138.
[34] ابن الشاطر، زيج ابن الشاطر، (لا زال مخطوطا)، إعداد أ. س. كنيدي وعماد غانم ، ابن الشاطر: فلكي عربي من القرن الثامن الهجري- الرابع عشر الميلادي، أورده بناصر البعزاتي في ”جذور الثورة الكوبرنيكية،“ 111.
[35] صليبا، الفكر العلمي العربي، 77–89. وانظر كذلك، البعزاتي، الفكر العلمي والثقافة الإسلامية، 287. كذلك، مورلون، ”مقدمة في علم الفلك،“ ضمن موسوعة تاريخ العلوم العربية، ج. 1، 28–34.
[36] كان موقف الغزالي واضحا بخصوص الكسمولوجيا الأرسطية كما اطلع عليها في كتب ابن سينا (ت.427ھ/1037م)، لكن موقفه من العلوم الأخرى، خصصوا منها علوم الطبيعة يبقى غير واضح، إذ اعتبر أن بعضها مخالف للشرع والدين. يقول في إحياء علوم الدين : ”الطبيعيات، وبعضها مخالف للشرع والدين والحق، فهو جهل وليس بعلم حتى نورده في أقسام العلوم، وبعضها بحث عن صفات الأجسام وخواصها وكيفية إستحالتها وتغيرها، وهو شبيه بنظر الأطباء؛ إلا أن الطبيب ينظر في بدن الإنسان […] وهم ينظرون في جميع الأجسام من حيث تتغير وتتحرك […] وأما علومهم في الطبيعيات فلا حاجة إليها.“ انظر: إحياء علوم الدين، (في خمسة أجزاء)، ط. 1(بيروت: دار الكتب العلمية، 1986)، ج. 1، 34.
[37] الفارابي، رسالتان فلسفيتان، حققه وقدم له وعلق عليه، جعفر آل ياسين، ط. 1(بيروت: دار المناهل، 1987)، 48.
[38] نقرأ في المقدمة: ”وأما في الإسلام ، فلم تقع به عناية إلا في القليل. وكان في أيام المأمون شيء منه […] وهذه الهيئة صناعة شريفة“. المقدمة، تحقيق عبد السلام الشدادي، 89.
[39] الغزالي، إحياء علوم الدين، ج. 1، 74.
[40] الغزالي، إحياء علوم الدين، 41.
[41] الغزالي، إحياء علوم الدين، 51.
[42] أورده إجنتس جولدتسيهر في ”موقف أهل السنة القدماء بإزاء علوم الأوائل،“ ضمن عبد الرحمن بدوي، التراث اليوناني في الحضارة الإسلامية: دراسات لكبار المستشرقين (مصر: مكتبة النهضة المصرية، 1940)، 142.
[43] جولدتسيهر، ”موقف أهل السنة،“ 145. وللاطلاع على نصوص الفقهاء الذين ذكرهم هذا المستشرق، والتي يستفاد منها عدم رضاهم عن علم الهيئة أو الفلك، يمكن العودة إلى هذه الدراسة المحال عليها أعلاه، 123–172.
[44] البعزاتي، الفكر العلمي والثقافة الإسلامية، 345–346. ويقول نفس الدارس: ”لقد قدم النظر العلمي خدمات للثقافات الإسلامية، وحتى في باب العبادات والمعاملات وحساب المواريث، مثل معرفة اتجاه القبلة وتحديد أوقات الصلاة ومراقبة الهلال. حيث توصل حبش الحاسب والنيريزي والخازن وابن الهيثم وابن عراق والبيروني وآخرون إلى تقديرات دقيقة تفيد في ضبط الأزمة والأمكنة والاتجاهات؛ لكن الفقهاء كانوا متشبثين بحرفية النصوص الدينية، متذرعين مثلا بالحديث النبوي القائل: “صوموا لرؤيته، وافطروا لرؤيته، فإن غم عليكم فاقدروا ثلاثين.“ 340–341.
[45] بناصر البعزاتي، خصوبة المفاهيم في بناء المعرفة: دراسات ابستمولجية (الرباط: دار الآمان، 2007)، 161.
مقالات ذات صلة
في مشروعية الكلام السني ضدا على إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي (ت.505هـ/1111م): قطعة من موسوعة الأسرار والعبر لأبي بكر الطرطوشي (ت.520هـ/1126م)، تعريفٌ وتوصيف
On the Legitimacy of Sunni Theology against Abū Ḥāmid al-Ghazālī’s Iḥyāʾ ʿUlūm al-Dīn (d. 505/1111): A Section from Abū Bakr al-Ṭurṭūshī’s al-Asrār wa-l-ʿIbar (d. 520/1126) - Introduction and Description Fī Mashrūʿiyyat al-Kalām al-Sunnī Ḍiddan ʿalā Iḥyāʾ ʿUlūm al-Dīn...
منهج الغزالي في التأليف في علم المنطق
Al-Ghazālī’s Methodology in His Writings on Logic Manhaj al-Ghazālī fī al-Taʾlīf fī ʿIlm al-Manṭiq منهج الغزالي في التأليف في علم المنطق محمد رويMohamed Roui جامعة عبد الملك السعديUniversité Abdelmalek Essaadi ملخص: تتناول هذه الدراسة معالم منهج أبي حامد الغزالي...
المنطق في الحضارة الإسلاميّة
المنطق في الحضارة الإسلاميّة خالد الرويهبKhaled El-Rouayheb جامعة هارفارد-كمبريدجHarvard University-Cambridge ملخص: ”المنطق في الحضارة الإسلامية“ لخالد الرويهب (جامعة هارفارد بكمبريدج) هي في الأصل محاضرة بالعربية ألقيت في مؤسسة البحث في الفلسفة العلوم في...
مكانة ”الالتباس“ في الثقافة العربية الإسلامية في عصرها الكلاسيكي: بواكير منظور جديد
Navigating Ambiguity: Exploring the Role of Uncertainty in the Classical Arab-Islamic Culture Makānat Al-Iltibās fī al-Thaqāfah al- ʿArabiyya al-Islāmiya Fī ʿAṣrihā al-Klāsīkī:Bawākīr Manẓūr Jadīd مكانة ”الالتباس“ في الثقافة العربية الإسلامية في عصرها الكلاسيكي بواكير...
أثر فلسفة ابن رشد في الكلام الأشعري المغربي: دراسة في المنجز حول فكر أبي الحجاج يوسف المكلاتي (ت.626هـ/1229م)
The Impact of Ibn Rushd's (Averroes’) Philosophy on Maghribi Ashʿarī KalāmCurrent State of Studies on al-Miklātī (d.626/1229) Athar Falsafat Ibn Rushd fī al-Kalām al-Ashʿarī al-Maghribī: Dirāsa fī al-Munajaz ḥawl Fikr Abī al-Hajjāj Yusuf al-Miklatī (626/1229) Majda...
في مقاربة فلسفة الفعل عند الفخر الرازي: مراجعة نقدية لمقالة ”فلسفة الفعل ونظرية العادة التاريخية عند المتكلمين“
On the Approach to the Philosophy of Action in Fakhr al-Dīn al-Rāzī:A Critical Review of “Falsafat al-fiʿl wa-naẓarīyyat al-ʿādah al-tārīkhīyyah ʿinda al-mutakallimīn” Fī muqārabah Falsafat al-fiʿl ʿinda Fakhr al-Dīn al-Rāzī:Murājaʿat naqdīyyah li-maqālat “Falsafat...
أبو البركات البغدادي ومشكل الزمان
Abū al-Barakāt al-Baghdādī on The Problem of Time Abū al-Barakāt al-Baghdādī wa Mushkil al-Zamān Jalel DridiUniversity of Tunis, Tunis أبو البركات البغدادي ومشكل الزمان جلال الدريديجامعة تونس، تونس Abstract׃ The approach adopted by Abū al-Barakāt al-Baghdādī...
صورة العقل عند الشكّاك بين القديم والوسيط
Ṣūrat al-ʿaql ʿinda al-shukkāk bayna al-qadīm wa-al-wasīṭ Reason in the Ancient Skeptics and its Impacts during the Medieval Era صورة العقل عند الشكّاك بين القديم والوسيط سعاد جوينيجامعة تونس، تونس Souad JouiniUniversité de Tunis, Tunis Abstract: The creativity...
مشروعية النظر العقلي في تقرير العقائد عند المتكلمين: فخر الدين الرازي نموذجًا
Machrūʿiyat al-naẓar al-ʿaqlī fī taqrīri al-ʿaqāʾid ʿinda al-mūtakalimīn:fakhr al-Dīne al-Rāzī namūdhajan The legitimacy of Speculated Reasoning from the Perspective of Fakhr al-Dīne al-Rāzī مشروعية النظر العقلي في تقرير العقائد عند المتكلّمين: فخر الدين الرازي...
”ما هي الأعمال الفلسفية اليونانية القديمة […] التي ندين للعرب في أول معرفتنا بها؟“: عودة إلى نقاش ”قديم“
“Which of the works of the ancient Greek philosophers [...] do we owe the first knowledge to the Arabs?” Revisiting an “old” Dispute “Mā hiya al-Aʿmāl al-Falsafīyah al-Yūnānīyah al-Qadīmah [... ] allatī Nadīn lil-ʿArab fī Awwal Maʿrifitinā bihā? ” ʿAwdah ilá Niqqāsh...
أيها الأستاذ الكريم
بعدما قرأت باهتمام كبير مقالكم هذا أود تقديم بعض الملاحظات التي أتمنى أن تتقدم بنا إلى فهم أفضل لما يشوب فكرنا من طيات رسخها التاريخ العربي (الإسلامي-اليهودي-المسيحي واللاديني) بأذهاننا إلى حد أنه غالبا ما يصعب تسريحها بمكواة للقماش.
فأنتم تتساءلون في شأن المسلمين قبل احتكاكهم بعلوم الجيران : ”كيف كانوا يدبرون أوقات آداء واجباتهم الدينية وكذا الأوقات المناسبة للسفر وللأنشطة المرتبطة بالفلاحة؟ ثم كيف أصبح هذا التدبير بعد هذا الاحتكاك بعلم الفلك الوارد عليهم من أمم أخرى؟ هل عرف تحسنا وتطورا ؟“
أعتقد أن طرح السؤال بهذا الشكل المحدود يدلنا على أننا نقلص من مجال الممكنات قبل الجواب عليها في إطار نضيق على أنفسنا فيه بينما نحن أحرار في اختيارنا للسؤال. فلماذا لا نسأل مثلا : ” في أي مجالات عرف تحسنا وتطورا وفي أي المجالات عرف تحجرا أو تدهورا؟ “
ولماذا لا نبدأ بدراسة الحفريات الثمينة التي احتفظت بها اللغة العربية والمصحف، لنفهم ونشرح معنى “جمادى الأولى” و “جمادى الثانية” ولماذا ومتى حذفت الأشهر النسيئة ولماذا لم يعد رمضان يعني شهر الرمضاء ولماذا، ولحد الآن، لا تحدد ثقافتنا مسبقا اليوم الذي سينتهي فيه رمضان سنة 2035 بعد الهـجرة ؟ أليس هذا تقهقرا بالنسبة لمعارف جيراننا البابليين والإغريق وبالنسبة لما قام به الرومان قبل الإسلام من إصلاح للتقويم؟ أليس هذا تأخرا عن الركب بالنسبة لتخمينات البيروني الذي طور نظريات رائعة في رؤية الأهلة وبالنسبة لما قامت به الكنيسة من تصحيح للتقويم كي يوافق الفصول ومسيرة الشمس كما كانت الأرصاد المستجدة قد دلتها على ذلك؟ فلماذا أصبح هذا التقويم الكنيسي عالميا بينما نراقب الأهلة وكأننا لم نرث لا حسابات البابليين ولا معارف البيروني الهندسية؟ لنفتح إذن آفاق تساؤلاتنا لتتوسع أذهاننا وتتعمق أبحاثنا.
وتكتبون كذلك ما يلي : ”هكذا، رأى ابن الهيثم أن بطلميوس ناقض نفسه، عندما قرر أصولا لهيئة حركات الكواكب وجاء بغير ما يتوافق مع هذه الأصول، وذلك سواء في كتابه العمدة المجسطي أو في كتابه الاقتصاص.“
أعتقد أن القضية هي أن بطلميوس لم يكن متفقا مع مبادئ أرسطو (مركز واحد لكل الأفلاك) لا في كتاب الإقتصاص ولا في كتاب المجسطي. لكم أود قراءة ما جاء بالضبط بأطروحتكم. قبل ذلك أدلي بفهمي حاليا لمنطلقات إبن الهيثم ولشكوكه. فلما تكتبون ”ليس يصعب على دارس علم هذا الرجل أن ينتبه إلى أن اسهامه كان، أساسا، في الفلك والبصريات، كما ليس يصعب عليه، أيضا، الانتباه إلى استثماره للرياضيات وفلسفة الطبيعة في تعاطيه لهذا العلم. “، أعتقد أن “فلسفة الطبيعة” عنده كانت هي طبيعة السماوات كما وصفتها فيزياء أرسطو. وبالتالي يجب أن نروم الدقة في هذا الموضوع لنقول أنه خلافا لما كتبه إبن الهيثم، فإن بطلميوس بقي وفيا لمبادئ أفلاطون إذ لم يستعمل سوى دوائر وحركات لا تتغير سرعتها ولكنه لم يتقيد بفيزياء أرسطو الذي لم يكن يقر سوى بمركز واحد لدوران كل الأفلاك، ذلك المبدأ الذي كان سببا في إفلاس نماذج أودوكس،كاليب وأرسطو ثم في إخفاق نماذج البطروجي التي قمت شخصيا بدراستها وبحساب نتائجها بواسطة برامج للكمبيوتر.
فالهيئة، أي النموذج الهندسي الذي هو حقا من إبداع بطلميوس هو ما يسمى ”معدل المسير“ : وهي عبارة عن مسارات دائرية للكواكب حول نقط هندسية فارغة من أي مركز للثقل. وترسم هاته النقط دوائر. ومراكز كل هاته الدوائر خارج عن مركز الأرض باستثناء دائرة النجوم الثابتة. وهاته الهيئة ليس من المستحيل تصورها لو لم نتقيد، مثل إبن الهيثم، بتصورات أرسطو للسماوات على شكل قشرات بصلة والتي لا يمكن اختراقها دون شقها وإتلافها. أعتقد أن إبن الشاطر لم يأبه لانتقادات إبن الهيثم حيث لا يتقيد بمركز وحيد لكل الأفلاك الهندسية بل يضيف دوائره الخارجة عن مركز الأرض إلى دوائر سابقيه.
فلا علاقة لابن الشاطر بابن الهيثم سوى الإنتباه إلى أنه بالإمكان إصلاح أو تحسين نماذج بطليموس، الشيء الذي قام به عمليا إبن الشاطر، الفلكي الذي لم يَعُد إلى نماذج أرسطو ولم يتقيد بمنطلقاتها. ولنقم الآن بتجربة نصحنا بها أينشتاين، تجربة ذهنية في متناول الجميع. لنفرض أن كبرنيك صرح باستخدام هيئات إبن الشاطر في متن الورقة العاشرة من مخطوطته الثورية. فهل ربح أي شيء من تلك الهيئات القائمة على فرضية الدوائر وعلى الدوران الذي لا تتغير سرعته؟ فرضية لم يتخلص منها لا إبن الشاطر ولا كبرنيك.
فالأمانة العلمية تتطلب الدقة في وصف الأمور والتعمق في كل ما نكتبه. خلافا لما يوهمنا به جورج صليبا فإن أصل الثورة الكبرنيكية إغريقي، شاء ذلك صاحبنا أم أباه. ففي مخطوطته يذكر كبرنيك سابقيه الفيثاغوريين القائلين بدوران الأرض ويسميهم بالإسم : إكفنتس، إيكيتاس وإبرخس. وما لا يُفصِح به جورج صليبا هو أن الهيئات، وبالتالي الحسابات الهندسية، التي قام بها كبرنيك خاطئة.
وأخيرا أعتقد أن تحديد درجة خط العرض، لم يكن يتطلب تكوينا في التعاليم، وفي الحساب والهندسة معا. كان هذا من المعارف العملية البسيطة كل البساطة، إذ يكفي أن نأخذ الربع من دائرة خشبية ونرسم عليها الدرجات ونثبت خيطا بثقبة وسط الدائرة الذي هو رأس الزاوية القائمة ثم نثقل الخيط بأي مادة شئنا لنحصل على خيط البناء الذي به يحدد الإتجاه العمودي نحو الأرض ثم نصوب أحد الجوانب المستقيمة لربعيتنا نحو النجمة القطبية لتكون على خط مستقيم من بصرنا فنقرأ بالضبط عرض المكان الذي نحن فيه. فالربعية آلة بسيطة لتحديد العرض وهي في متناول الجميع. وعلى كل حال كان الأسطرلاب الكروي وكذلك المسطح معروفا وموصوفا منذ عهد بطليموس على أقل تقدير وبالتالي معروفا عند الذين كانوا يهتمون بدراسة علم الفلك. أما هاته الدراسة فكانت فعلا تتطلب تكوينا في التعاليم (الرياضيات) والهندسة والحساب.
أتمنى بهذا أن أكون قد شاركت في فتح فكرنا على ما من شأنه أن يفسح لنا آفاقا أوسع.
وإليكم مني أطيب التحيات
نموذج للتفاعل النقدي
هكذا آثرت أن أعنون شكري لما تفضلت بتقديمه من ملاحظات حول مقالي “علم الفلك عند قدماء المسلمين، في العلاقة بين الاهتمامين العملي والنظري”
أولا، أشكرك لأنك قرأت المقال، وثانيا أشكرك لأنك أبديت ملاحظات هامة حول بعض الأمور التي وردت فيه، وكانت تحتاج إلى دقة وتعمق في البحث. أشكرك، لأننا بهذا فقط، يمكن أن
نجود أعمالنا ونرتقي بها إلى المستوى المتتوخى. بعد قراءتي لملاحظاتك تبين لي فعلا، أنه كان في حاجة إلى ملاحظاتك وفي حاجة إلى ملاحظات باحثين آخرين.
مقالي فيه عيوب، بل قل نقص هم أساسا ما هو معرفي، وهذا راجع إلى أسباب، منها ما هو ذاتي (ضعف التكوين على مستوى تاريخ الحساب والهندسة، ولهذا ترى أني ركزت على
أمور ذات صلة بتاريخ الأفكار وبسوسيولوجيا العلم) ومنها ما هو موضوعي (عدم اتساع المقام لأثارة أمور أخرى، على أهميتها).
أشكرك مرة أخرى، وأؤكد أنه إذا ما أتيحت لي فرصة إعادة كتابة مقالي هذا، فسوف آخذ ملاحظاتك بعين الاعتبار.