Loading

تقليد عثمانيّ في شرح كتاب الغزالي ’تهافت الفلاسفة‘: ملاحظات أوليّة

تقليد عثمانيّ في شرح كتاب الغزالي تهافت الفلاسفة
ملاحظات أوليّة[1]

تأليف: ل. فان ليت
جامعة يال-نيو هيفن

ترجمة وتقديم: سعيد البوسكلاوي
جامعة محمّد الأوّل-وجدة/جامعة زايد-أبو ظبي

 

 

تقديم المترجم

ننقل إلى القارئ العربيّ دراسة قيّمة ترصد تقليدا فكريّا كاملا في شرح كتاب تهافت الفلاسفة لأبي حامد الغزالي (ت. 555هـ/1111م) ومناقشته في المرحلة العثمانيّة من التاريخ الإسلاميّ بعنوان ˮتقليد عثمانيّ في شرح كتاب الغزالي ’تهافت الفلاسفة‘، ملاحظات أوليّة“ للدارس لامبرتوس فان ليت L.W.C. van Lit. ولا يخفى أنّ كتاب تهافت الفلاسفة يعدّ من أبرز الكتابات الفلسفيّة-الكلاميّة في تاريخ الفلسفة الإلهيّة، على الأقلّ ممّا حُفظ لنا من الردود على الفلاسفة، بعد كتابي يحيى النحوي (ت. ح. 570م) في الردّ على برقلس في قدم العالم والردّ على أرسطوطاليس في قدم العالم. ومن المعروف أنّ كتابات يحيى النحوي أثارت نقاشا مثمرا وردودا متباينة، واستثمرت على نحو واسع في العصر اليونانيّ المتأخّر والعصرين الإسلاميّ واللاتينيّ. وعلى النحو نفسه تقريبا، أثار كتاب الغزالي، في السياق الإسلاميّ، شروحات كثيرة واعتراضات مفيدة، بالإضافة إلى كونه قد استُثمر بشكل قويّ في نصوص المتكلّمين والفلاسفة المسلمين المتأخّرين. ولذلك، يمكن القول إنّ كتاب تهافت الفلاسفة استمرار لتقليد سابق ولحظة متميّزة في تقليد لاحق؛ فكما أثار التقليد السابق ردودا، أثار كتاب الغزالي تأثيرا قويّا وردودا متباينة تراوحت بين الأخذ والردّ، لكنّها تنطلق جميعها من نصّ التهافت شرحا وتعليقا ونقدا.

يدعونا فان ليت، في هذه الدراسة، إلى تتبّع أبرز صور هذا التقليد الفلسفيّ العثمانيّ في شرح التهافت؛ ويقف بالخصوص عند شرحين عثمانيّين كان لهما أثر كبير في التقليد اللاحق، وهما شرح خوجه زاده (ت.893هـ/1488م) وعلاء الدين الطوسي (ت.887هـ/1482م)؛ إلى جانب استحضار تاريخ كامل من هذا التقليد وحيثياته. فهو يتتبّع تقليد شرح الكتاب في التقليد العثمانيّ؛ ويرصد شروحات كثيرة ويتوقّف عند اثنين منها، بل أوّلها: شرحا خوجة زادة وعلاء الدين الطوسي؛ ويبيّن أنّها ليست شروحات عادية، بقدر ما تتجاوز الشرح إلى الردّ والمناقشة والإفادة من غير الغزالي أحيانا. رصد فان ليت حوالي عشرة شروح على تهافت الغزالي، جلّها حواش على شرح خوجة زاده على تهافت الفلاسفة. وعلى عكس ما هو شائع، عند البعض، لا يبدو أنّه كان لابن رشد (ت. 595هـ/1198م) حضور يذكر في هذه الشروح. وقد ركّز المؤلّف على خوجة زاده وعلاء الدين الطوسي لكونهما أوّل من ألّف في الموضوع في التقليد الفكريّ العثمانيّ ولمكان تأثيرهما اللاحق، وخاصّة شرح خوجة زاده الذي كتبت حوله حواش كثيرة. وقد عمد فان ليت إلى مقارنة نصّيهما بنصّ الغزالي؛ حيث بدأ بمقارنة المقدّمات، وانتهى إلى رصد اختلافات مهمّة بين النصوص الثلاثة: فعلاء الدين الطوسي رغم كونه يتبع خطى الغزالي في مقدّمته، إلا أنّه حاول تغيير الجزء الأهمّ فيها، أي الموضوعات التي من خلالها كفّر الغزالي الفلاسفة، وخاصّة مسألة الصفات الإلهيّة التي رأى أنّ بعض علماء الدين يتّفقون مع الفلاسفة فيها. وأيضا، فقد ركّز فان ليت على مقارنة فصول العلم الإلهيّ في النصوص الثلاثة مقارنة دقيقة. ولاحظ أوّلا نقد خوجه زاده الشديد للغزالي، مفسّرا ذلك بأنّه دليل على تطوّر الخطاب الإسلاميّ بين القرنين الحادي عشر والخامس عشر الميلاديّين. وإذا كان علاء الدين الطوسي يبدي تقديرا أكبر للفلسفة، فإنّ خوجة زاده يميل أكثر إلى موقف الغزالي في رفضه الشديد استعمال الفلسفة في مسائل العقيدة. وفي المقابل يفسّر انتقادات خوجة زاده للغزالي بكونها ليست انتصارا للفلاسفة بقدر ما هي ارتقاء بالمناقشة إلى مستوى عصره المختلف عن عصر الغزالي.

إنّ فكرة الدراسة جيّدة ونتائجها مفيدة جدّا في تغيير النظر إلى تاريخ الفلسفة الإسلاميّة، إلى درجة يمكن معها عدّ هذه الدراسة دعوة مفتوحة إلى شقّ سبل جديدة وارتياد آفاق غير مطروقة في تاريخ الفلسفة الإسلاميّة، وخاصّة ما يتعلّق باستمرار التقليد الفلسفيّ والكلاميّ بعد لحظتي الغزالي وابن رشد في فضاءات شاسعة من العالم الإسلاميّ شرقا وغربا، وفي التقليد العثمانيّ بشكل خاصّ. وهو موضوع يبتعد كثيرا عن مزاعم ˮالضربة القاضية“ أو غير ذلك من التفسيرات الخارجة عن منطق التاريخ، وعن تاريخ الفلسفة تحديدا. ففي الفلسفة، كما لا يخفى، متّسع للجميع شريطة أن يكون المنخرطون فيها يستعملون أدوات الفلسفة والمنطق منهجا، وكذا الموادّ المعرفيّة التي يتيحها تطوّر العلم في عصر معيّن، بغضّ النظر تماما عن منطلقاتهم العقديّة أو الفلسفيّة ولا عن أغراضهم ومراميهم النظريّة أو العمليّة؛ أمّا ما دون ذلك فيبقى قولا خارج إطار المعرفة العلميّة بعموم القول.

ومن المؤكّد أنّ القارئ العربيّ غير المتخصّص لا يعرف الشيء الكثير عن التقاليد العلميّة العثمانيّة عموما؛ وهذا العمل يقدّم صورة جيّدة عن غنى هذا التقليد في الماضي، لكنّه أيضا يلمّح إلى أنّه لا ينبغي إهمال ما يكتب اليوم في اللغة التركيّة استمرارا لتلك التقاليد نفسها وغيرها. وهل نحتاج إلى التأكيد على أنّ حركيّة النشاط العلميّ المعاصر في تركيا وتفاعله مع التقاليد الأخرى شرقا وغربا ليست وليدة اليوم؟ وهل نحتاج، كذلك، إلى التأكيد على أنّ الفلسفة الإسلاميّة غنيّة بتقاليدها المتنوّعة ولغاتها المتعدّدة، ولكنّها لم تحظ بما يكفي من الدرس، بل إنّ حجما هائلا من نصوصها ينتظر أن تمتدّ إليها أيادي الباحثين والمؤسّسات صيانة وتحقيقا ونشرا؟ وفي الجملة، إنّ العمل الذي بين أيدينا يساهم في التعريف بجانب من التقليد الفلسفيّ والكلاميّ في الإسلام من جهة، ويكشف عن سعته وتنوعّه واستمراره، بعيدا عن الأحكام الجزافيّة التي يطلقها البعض انطلاقا من معطيات جزئيّة ومحدودة جدّا على مستويات كثيرة من جهة ثانية.

وفي الأخير، أشير إلى أنّني التزمت النقل الأمين لمعاني هذه الدراسة، ولم أتصرّف في مضمونها قطّ. وقد اجتهدت في تقريب الفكرة إلى العبارة العربيّة قدر الإمكان، وضبط بعض الأسماء في بعض الحالات. وفي كلّ ذلك كنت حريصا على إيراد النصوص العربيّة الأصليّة، باستثناء بعض الحالات التي تعذّر عليّ فيها الوقوف على النصّ الأصليّ. والله المستعان. 

النصّ[2]

ملخّص: أثار كتاب تهافت الفلاسفة للغزالي تعقيبا ألّفه ابن رشد، كما هو معروف. وألفّ دارسون عثمانيّون عشرة نصوص، على الأقلّ، تزعم أنّها شروح على التهافت، مشكّلة تقليدا في الشرح أهمله الدارسون. والشارحان الأولان، خوجه زاده (ت. 893هـ/1488م) وعلاء الدين الطوسي (ت. 887هـ/1482م)، لا يشرحان كتاب الغزالي حرفيّا، بل يحيّنان النقاش الذي دشّنه الغزالي وفق المعرفة المتاحة في عصرهما. كان خوجه زاده مفضّلا عند العثمانيّين، غير أنّ أفكار علاء الدين ومنهجيته وأسلوبه في التدليل تثير اهتمامنا أكثر.

الكلمات الأساسيّة: الفلسفة الإسلاميّة ما بعد العصر الكلاسيكي- شروح/حواشي- العلم الإلهيّ بالجزئيّات- خوجه زاده- ابن كمال باشا.

 

تقديم

من المعروف أنّ كتاب تهافت الفلاسفة للغزالي حظي بتعقيب بقلم ابن رشد سمّي بحقّ تهافت التهافت. وقد حظي هذا النصّ، بدوره، بشرح إضافيّ من قبل أغوسطينو نيفو Agostino Nifo (ت. 1545م). يمكننا أن نتحدّث، والحال هذه، عن شبه تقليد شارح يربط بغداد بالأندلس وإيطاليا. وما بقي معروفا، بشكل أقلّ، هو أنّه في الفترة نفسها التي كتب فيها نيفو شرحه، ألهم كتاب التهافت للغزالي تقليدا صغيرا في حدود عشرة نصوص، لا علاقة لها بكتاب ابن رشد، امتدّت من القرن الخامس عشر إلى القرن الثامن عشر في الدولة العثمانيّة. وفي هذا المقال، أرسم ملامح هذا التقليد الشارح وأقدّم تقييما عامّا لشرحين دشّنا هذا التقليد الشارح، وهما شرح علاء الدين الطوسي (ت. 887هـ/1482م) وشرح خوجه زاده (ت. 893هـ/1488م).

ألّف علاء الدين الطوسي وخوجه زاده كتابيهما في زمن واحد لغرض تنافسيّ، إذ طلب السلطان محمد الثاني منهما معا تأليف مثل هذه الدراسة. وفي عصرهما، عدّ كتاب خوجه زاده أفضل الكتابين ومارس تأثيره في القرون اللاحقة؛ إذ كتب بعض الدارسين حواش على نصّ خوجه زاده. أمّا بالنسبة إلينا، فالنصّان معا يملكان سمات مفيدة من الجدير دراستها. وأهمّ من ذلك، فهما شاهدان على مرحلة مهمّة من الدراسات العثمانيّة، أعني مرحلة محمد الثاني وغزوه القسطنطينيّة. لقد ضمنت رعاية السلطان نشوء فضاء فكريّ عثمانيّ وتوطّده بشكل نهائيّ. هذه النصوص هي ˮشروح“ على نحو غير مألوف؛ لا تشرح نصّ الغزالي جملة جملة، كما سيتمّ توضيحه وتحليله لاحقا. ولم تحظ هذه النصوص إلى حدود اليوم سوى باهتمام ضئيل، ونتيجة لذلك فإنّ نصّ علاء الدين الطوسي وحده محقّق ومتاح.[3] أمّا نصّ خوجه زاده فوضعيّته أكثر تعقيدا ويظلّ تحقيقه تحقيقا علميّا في حكم التمنّي.[4]

دراسة كتب التهافت

لم يمرّ كتابا علاء الدين الطوسي وخوجه زاده دون أن يلتفت إليهما أحد في الدراسات الحديثة. من المفيد، بدءا، أن أؤلّف بين الدراسات السابقة التي كانا موضوعا لها، من أجل إظهار كيف تمكّن تفسير خاطئ من الاستمرار إلى يومنا هذا، مفاده أنّ خوجه زاده كان الشارح العثمانيّ الوحيد لكتاب التهافت وأنّه لم يشرح نصّ الغزالي، وإنّما شرح تعليق ابن رشد عليه.

يبدأ الاهتمام الحديث بكتاب التهافت وشروحه مع استكشاف عدد من الدارسين في القرن التاسع عشر لكتاب التهافت للغزالي مثل شمولدرز Shmölders، وغوشي Gosche، ومونك Munk.[5] وقد كانوا على علم به من خلال تعليق ابن رشد، الذي استعمله رينان مرارا لإعادة بناء النظام الفكريّ لدى ابن رشد.[6] وبعد هذه المقدّمة، يعدّ عام 1302هـ/1884م لحظة البداية الحقيقيّة للاهتمام الحديث بكتاب التهافت وشروحاته، ومنها تلقّيه عند العثمانيّين. في ذلك العام، طبع في القاهرة كتاب تهافت الفلاسفة للغزالي جنبا إلى جنب مع تهافت التهافت لابن رشد وتهافت الفلاسفة لخوجه زاده.[7] وسرعان ما تبعته طبعتان لاحقتان (للنشرات نفسها) عامي 1319هـ/1901م و1321هـ/1903م.[8] لقد لاحظ د. ب. ماكدونالد D.B. Macdonald (عام 1899م) أنّ النشرة وضعت ˮعلى ما يبدو اعتمادا على نشرة قسطنطينيّة سابقة،“[9] ورغم أنّ بويج Bouygesذكر أنّ ˮعددا من شيوخ القسطنطينيّة“ أكّدوا له هذا الأمر،[10] فالظاهر أن لا أحد استطاع أن يقدّم دليلا على ذلك. يصعب التقليل من شأن تأثير طبعة القاهرة على الدرس الأكاديميّ. ولعلّ أوّل من استعملها كان تسيتسي دي بور Tjitze de Boer، الذي لخّص كتاب التهافت وفسّره كاملا في أطروحته لنيل شهادة الدكتوراه عام 1894م.[11] وبعد سنوات قليلة، في عام 1913م، ظهر تلخيص ألمانيّ أنجزه ماكس هورتن Max Horten.[12] ومنذئذ، بدأت في الظهور أعمال أكاديميّة بشكل متزايد، ومن أبرزها ترجمة فان دين برغ Van den Bergh الإنجليزيّة لكتاب تهافت التهافت لابن رشد.[13] ومنذ ذلك الحين، تكرّست الألفة بكتاب الغزالي، وبردّ ابن رشد عليه، بين دارسي الفلسفة الإسلاميّة على نحو وثيق، إلى درجة أنّها حظيت بعناية سخيّة في الكتب التمهيديّة عن تاريخ الفلسفة الإسلاميّة.[14]

ومع ذلك لا نجد في خضم كلّ ذلك، إلا إشارات عابرة إلى كتاب خوجه زاده (ناهيك عن كتاب علاء الدين). وفي هذه الحالات التي حظيا فيها بنوع من الاهتمام، جاءت الإشارات غامضة جدّا فلم تصل إلى جمهور واسع. نجد إحدى أقدم هذه الإشارات إلى كتاب خوجه زاده (وكتاب علاء الدين) عند فلوجل Flügel، في فهرسته لمخطوطات خزانة قصر فيينّا(Hofbibliothek) . فقد أورد مخطوطا من تأليف خوجه زاده بعنوان ˮالتهافت لخوجه زاده“.[15] ونقلا عن حاجي خليفة في كشف الظنون، قدّم وصفا دقيقا (ولو بشكل مختصر) للنقاش الذي دار بين خوجه زاده وعلاء الدين، كما علّق، أيضا، على أنّ غرض خوجه زاده كان هو استعادة نقد الغزالي للفلاسفة وتوسيعه. وأحال، أيضا، على شرح ابن كمال باشا، المتضمّن في مخطوط في فيينا يشمل أعمالا عدّة لابن كمال باشا. وقد أورد هذا الشرح تحت عنوان دالّ ˮرسالة في الجواب عمّا كتبه خوجه زاده في تهافت الحكماء.[16] وبعد بضعة أعوام أحال شتانشنايدر Steinschneider عليه في مدخل في قاموس عن كتاب التهافت للغزالي.[17] وبروكلمان، في تاريخ الأدب العربي (GAL)، يسمّي كتاب خوجه زاده ˮنقدا للغزالي والفلاسفة بالأساس.“[18] ومن المؤسف أنّه أورد كتاب علاء الدين على أنّه ˮكتاب الذخيرة (ذخر) في محاكمة بين الغزالي وابن رشد (تهافت على التهافت)“. وهذا تكرّر بعد بضع سنوات في كتاب اللكنوي الموسوم بالفوائد البهيّة؛ وبعد أعوام تكرّر عند خير الدين الزركلي في كتاب الأعلام وعند كحّالة في معجم المؤلّفين.[19] أضف إلى ذلك ما قاله هورتن Horten في مقدّمة كتابه الآراء الأساسيّة [لابن رشد]ٍ Hauptlehren بأنّه طُلب من خوجه زاده وعلاء الدين الطوسي أن يكتبا دراسة في المحاكمة بين الغزالي وابن رشد،[20] ونرى أنّه في غضون خمسين عاما من فلوجل وهورتن، حرّفت الرواية تحريفا شديدا. وعند هذه النقطة، تمّ تجاهل الشروح التي كتبت بعد خوجه زاده وقيل إنّ الشارحين العثمانيّين الأوليّين قد شرحا الغزالي وابن رشد معا، لا الغزالي فقط.

وبعد ذلك ببضعة أعوام، وقف بويج Bouyges حقّا على قصّة العالِمين العثمانيّين. في مقدّمة تحقيقه كتاب تهافت التهافت لابن رشد، ناقش إمكانية عدّ نصّي خوجه زاده وعلاء الدين مصدرين في إخراج نسخة سليمة من نصّ ابن رشد. ولكنّه لاحظ عدم إمكان ذلك، مادام أنّ النصّين لهما صلة بنصّ الغزالي فقط، لا بنصّ ابن رشد. وˮهذا الرأي، الذي يضفي مسحة دراميّة على التاريخ، غير مؤسّس بما يكفي فيما يخصّ ابن رشد،“[21] كما لاحظ بويج. وقد لاحظ أيضا وجود حواش على عمل خوجه زاده لا ترد فيها أيّ إشارة إلى ابن رشد أيضا. ومع ذلك، فإنّ من لجأ إلى الرواية السابقة (الخاطئة) هو لوي غارديه Louis Gardet. لقد أورد في مادّة ˮعلم الكلام“ في موسوعة الإسلام: طبعة جديدة، أنّ ˮعمل التركي خوجه زاده (القرن 9هـ/15م) […] سعى إلى الردّ على تهافت التهافت لابن رشد.“[22] وأكثر من ذلك، لا نجد في موسوعة الإسلام أيّ إشارة إلى الشروحات العثمانيّة الأخرى على تهافت الغزالي.

يبدو أنّه بسبب تعليق خاطئ في موسوعة بحجم موسوعة الإسلام، أهملت القصّة الكاملة عن الجدل بين علاء الدين الطوسي وخوجه زاده، كما أهمل تقليد الشروح اللاحقة في الدراسات الحديثة كثيرا أو قليلا، وعرف عمل خوجه زاده بوصفه محاولة في الردّ على ابن رشد فحسب. فعلى سبيل المثال، كتب إنالجيك Inalcik على نحو غامض أنّ السلطان ˮدعا المتكلّمَين الكبيرَين في ذلك العصر […] إلى كتابة رسالة في الموضوع.“[23] وعلى الرغم من أنّنا قد نقدّر ذكره ˮمتكلّمَين كبيرَين“ بحيث لم يغفل علاء الدين الطوسي، فإنّه من غير الواضح ما إذا كان ˮالموضوع“ يشير إلى ما قاله إنالجيك سابقا عن ˮالسجال الشهير بين الغزالي وابن رشد“ أو إلى ˮالعلاقة بين الدين والفلسفة“. وقد أنجزت أطروحة دكتوراه في جامعة السوربون عام 1972، وكان غرضها الأساس تحقيق نصّ خوجه زاده وتحليله.[24] وكانت هذه فرصة لوضع الأمور في نصابها لكنّها ضاعت مع الأسف، وظلّ إنجاز تحقيق نقديّ لنصّ خوجه زاده في باب التمنّي إلى حدّ الآن.[25] وفي الوقت نفسه، لم يذكر قمير على الإطلاق التقليد العثمانيّ في كتابه التمهيديّ لتهافتي الغزالي وابن رشد.[26] وأسوأ من ذلك زعم قريب الله أنّ خوجه زاده كتب شرحا على ابن رشد وليس ثمّة شروح أخرى بعد ابن رشد وخوجه زاده.[27] وعلى النحو نفسه اكتفى غوتاس Gutas بذكر خوجه زاده على أنّه شارح عثمانيّ، وزعم أنّه شرح ابن رشد.[28]

وأثناء كلّ ذلك، كان نصّ علاء الدين الطوسي متاحا في طبعة 1899م بحيدر آباد.[29] والأغرب من ذلك، لم يعمل شيء في شأنها، وتحقيق رضا سعادة نفسه لعام 1981م لم يساعد على إعادة النصّ إلى دائرة الضوء.[30] وحده سعادة قام بتحليل مقارن.[31] فهو يتناول بالأساس نتائج (لا أدلّة) المسائل التي نوقشت في التهافت، وناقش الغزالي وعلاء الدين في المقام الأوّل. وقد تطرّق سعادة لآراء ابن رشد أيضا، وبدا أنّه ينتصر لها.

شهد متن الدراسات حول التاريخ الفكريّ العثمانيّ نموا كبيرا في اللغة التركيّة، وعلى النحو نفسه أنجزت أعمال كثيرة عن خوجه زاده وتقليد الشروح العثمانيّة على كتاب التهافت. تبدو أطروحة توركر Türker علامة فارقة في توجيه الأنظار إلى هذه الشروح، على الرغم من افتراضها الخاطئ أنّ خوجه زاده كتب في الردّ على ابن رشد.[32] وتتّسم دراسة أرسلان Arslan عن حاشية ابن كمال باشا (المعروف أيضا بكمال باشا زاده) على الشرح بأهمّية خاصّة، كما تعدّ دراسة غوزيل Güzel على حاشية قاراباغي، وكذا دراسة غوكداغ Gökdağ على حاشية الأسكداري، شواهد على الوعي الحاصل في أوساط الدارسين الأتراك بهذا التقليد الشارح الواسع.[33] ومن بين دراسات أخرى، يمكن عدّ أعمال ندوة حول خوجه زاده لحظة جديدة في انطلاق جيل لاحق من الدارسين اهتمّوا بخوجه زاده وبأولى الشرحين العثمانيّين على كتاب التهافت.[34] تشمل أعمال الندوة عددا من الدراسات حول فصول محدّدة من كتاب خوجه زاده، بعضها قصير إلى حدّ ما ويفترض خطأ أنّ خوجه زاده يرّد على ابن رشد،[35] وأخرى تعتمد على فصول مختلفة في موضوع معيّن،[36] وغيرها تركّز على فصل محدّد.[37] ونشر في الوقت نفسه كتاب صغير يشكّل نقطة انطلاق مفيدة في دراسة حياة خوجه زاده وأعماله.[38] ويبدو أنّ هذه التطوّرات في تركيا شكّلت حافزا على تصاعد الدراسات باللغة الانجليزيّة؛ وقد نشر أوزروارلي Özervarlı مؤخّرا عملا عن شروح التهافت ولم يكن قد وصل إلى المكتبة بعد عندما أنهيت هذا المقال؛ وأيضا فقد اقترح مرشّحان للدكتوراه كتابة أطروحتيهما في موضوع الشروح العثمانيّة.[39]

السياق التاريخي للشروح على ʼالتهافتʻ

اعتمادا على هذا الوعي الجديد بتقليد الشروح العثمانيّة الشاسع على كتاب التهافت، سنرسم الخطوط العامّة لهذه النصوص، مع العودة بشكل خاصّ إلى الشرحين الأوّلين اللذين أنجزهما علاء الدين الطوسي وخوجه زاده. يفترض هذا المسح أنّ قراءات تبدو بريئة أو ملاحظات غامضة يمكن أن تؤدّي إلى أقوال عامّة وتجاهل تامّ لنصوص معيّنة إذا اعتمدنا على الدراسات الثانوية دون نقد. فدعونا الآن نحاول إعادة الأمور إلى نصابها فيما يخصّ هذه الشروح.

لقد كتب علاء الدين وخوجه زاده شرحيهما استجابة للطلب نفسه الذي تقدمّ به السلطان محمد الثاني. يلخصّ حاجي خليفة (ت. 1068هـ/1657م) تقرير طاش كبري زاده (ت. 968هـ/1561م) كما يلي:

أمر السلطان محمد الثاني […] كلا من خوجه زاده […] وعلاء الدين الطوسي […] أن يصنّفا كتاباً، للمحاكمة بين تهافت الإمام (الغزالي) وتهافت الحكماء. فكتب خوجه زاده كتابا في أربعة أشهر. وكتب الطوسي كتابا في ستة أشهر. ففضّلوا كتاب خوجه زاده على كتاب الطوسي. وأعطى السلطان لكلّ منهما عشرة آلاف درهم. وزاد لخوجه زاده بذلة نفيسة. وكان ذلك هو السبب في ذهاب الطوسي إلى بلاد العجم.[40]

لا يحتاج السرد العامّ في هذا التقرير إلى توضيح. ويبدو أنّ كلّ الشروح اللاحقة كانت، على ما يبدو، ردودا على خوجه زاده من حيث الشكل على الأقلّ، وفي هذه القصّة تمّ تفضيل كتابه على كتاب علاء الدين الطوسي.

أودّ أن أشير إلى أمرين يمكن استخلاصهما من هذا المقطع. والأهمّ من ذلك ربّما، يمكننا أن نلاحظ أنّ هذه القصّة تفترض أنّ الفلسفة، أو الفكر بشكل عامّ، لم ينظر إليها على أنّها تلقّت ضربة قاضية على يد الغزالي كما ذهب إلى ذلك الدارسون المحدثون أحيانا. وكون المناقشة بين الغزالي وˮالفلاسفة“ احتاجت إلى أن تفحص، وأنّ هذا الفحص كُلّف به مفكّرين اثنين لا واحدا، يدلّ على أنّ المناقشة كانت أبعد عن الحسم، وأنّ الجانبين معا كانا يحظيان بالمصداقيّة.[41]

وعلاوة على ذلك، وفي أفق أنثروبولوجيا التاريخ الفكريّ الإسلاميّ، قد نلاحظ أنّ هذا المقطع يعطينا نظرة عن إنتاج الكتاب. أنجز هذان الكتابان بتكليف في مدّة تقارب نصف العام. وهذا قد يفاجئنا بالنظر إلى المدّة القصيرة جدّا من الزمن، خاصّة وأنّ حجمهما كبير معا، لكن هذا مفهوم إذا أخذنا بعين الاعتبار أسلوبهما في صياغة الأدلّة، التي تعتمد على نقل نصوص سابقة إلى حدّ كبير.[42]

والملاحظة الثانية ذات طابع أنثروبولوجيّ هي أنّ كلا الطرفين تلقّى التعويض الماليّ نفسه والمظهر الوحيد الذي أخذ فيه الفائز تعويضا أكبر من الآخر هو التشريف بإهداء البذلة.

وأيضا، فقد عدّ هذا التشريف من الأهمّية بمكان بحيث أنّه قد يكون لعب دورا في خروج علاء الدين الطوسي غير المشرَّف من المشهد الفكريّ العثمانيّ.

هذا المظهر من الرعاية ينقلنا إلى السياق التاريخيّ الذي دار فيه هذا النقاش. يورد طاش كبري زاده أنّ خوجه زاده ألّف هذا الكتاب في مدرسة في مدينة القسطنطينيّة؛[43] وبالنظر إلى تقريره الكامل عن خوجه زاده، فإنّ هذا قد يكون حدث حوالي عام 865هـ/1460م، بعد عدّة سنوات من فتح القسطنطينيّة عام 857هـ/1453م. وبعد الفتح، قيل للجنود إنّه بإمكانهم نهب المدينة على مدى ثلاثة أيام، باستثناء المباني نفسها التي ستعود إلى السلطان.[44] ونتيجة لذلك، فإنّ العديد من المباني أعيد توظيفها لأغراض أخرى على الفور، الأمر الذي كان مناسبا لقوّة التوسّع التي سرعان ما تحوّلت إلى دولة كاملة المعالم.[45] إنّ رعاية محمد الثاني للفنون والعلوم، وهي السمة المميّزة لحياته،[46] ارتفع إلى مستوى جديد بعد الفتح. فقد تمّ تحويل ما مجموعه ثمان كنائس إلى مساجد/ مجمّع مدارس، وعيّن علاء الدين الطوسي وخوجه زاده معا أستاذين فيها. ومن بين الكنائس كنيسة آيا صوفيا، وكنيسة بانتوكراتورPantoctrator، وكنيسة المسيح أكاتاليبتوس Acataliptos، وكنيسة المخلص المقدّس Savior St. في تشورا، وكنيسة دير Pantepopte.[47] وعندما استقرّت الأمور، أمر محمد الثاني ببناء مسجد جديد كبير يحمل اسمه، في مكان كنيسة الرسل المقدّسة (أو ما تبقّى منها بعد أن نهبت من قبل الصليبيّين عام 1204م). وفي المجمّع الجديد من مسجد الفاتح، شيّدت ثمان مدارس جديدة، لكي تحلّ ربّما محلّ الكنائس التي أعيد توظيفها.[48] وقد عرفت منذئذ بالمدارس الثمان، أو صحن الثمان.

إنّ الإنشاء غير المتوقّع لمدارس أخرى كثيرة سار جنبا إلى جنب مع ارتفاع غير متوقّع في عدد من المفكّرين. لقد جمع طاش كبري زاده في كتابه الشقائق النعمانيّة معلومات عن سير ومؤلّفات علماء وأطبّاء ومتصوّفة، وصنّفها في أبواب تبعا لعصر السلطان الذي عاشوا فيه وكتبوا فيه على وجه التقريب. وإذا نظرنا إلى بعض المعلومات الأساسيّة في هذا الكتاب، يمكننا أن نرى بوضوح كيف حلّق النشاط الفكريّ عاليا في القرن الخامس عشر الميلادي في عهد محمد الثاني. وفيما يلي رسم بيانيّ يبيّن عدد الأسماء في عهد كلّ سلطان (تاريخ الحكم بين قوسين) إلى عهد محمد الثاني:[49]

إلى جانب 89 شخصا المذكورين، يعلو عهد محمد الثاني على العصور السابقة. إذا قارنا عدد العلماء فقط، سنجد أنّ مجموعهم في كلّ العصور قبل محمد الثاني هو 69 عالما، مقابل 62 في عصر محمد الثاني. وينبغي أن نضع في اعتبارنا أيضا أنّ أكثر أهل العلم من عصر مراد الثاني كانوا لا يزالوا نشيطين في عهد محمد الثاني. ومن أجل تحفيز النشاط العلميّ أكثر، أمر محمد الثاني بما يلي: أوّلا، نسخ أشهر النصوص الفلسفيّة والعلميّة؛[50] وثانيا، تأليف نصوص جديدة؛ وثالثا، عقد مناظرات.[51]

أوردت هنا، في آن واحد، الجوانب المختلفة التي تبرز رعاية محمد الثاني النشاط الفكريّ، بما يعنيه ذلك من أنّها تشكّل عناصر مشروع رئيس منظّم صادر عن محمد الثاني (ومحيطه القريب)، من أجل ضمان طفرة في الأنشطة العلميّة، وإطلاق تقليد فكريّ عثمانيّ بالفعل. لقد قمت بذلك على نحو بسيط نسبيّا، وأمّا إلى أيّ مدى تعدّ هذه الأطروحة صحيحة أو أنّها تحتاج إلى تعديل فعليّ، فهو أمر رهين بمزيد من البحث.

غير أنّه في ضوء هذه الخلفيّة، أي جهود محمد الثاني في خلق تقليد علميّ جديد، أودّ أن أقدّم علاء الدين الطوسي وخوجه زاده. كلاهما عيّنه محمد الثاني في وظائف مختلفة، وكانا مشرفا على مدرسة ويحصل على راتب. إذا حكمنا من خلال منصبيهما، فإنّهما كانا في الواقع من بين كبار العلماء الذين كانوا تحت تصرّف محمد الثاني. ويمكن القول، إنّ مخطط محمد الثاني أن يكتب علاء الدين الطوسي وخوجه زاده معا شرحا على نصّ فلسفيّ مشهور، مثل تهافت الغزالي، جمع كلّ العناصر الثلاثة لرعايته، التي أشرنا إليها توّا، في عنصر واحد.

إرث الشروحات الأولى

إنّ استمرار الاهتمام بالشرحين معا يتّضح لا فقط من خلال نسخ المخطوطات الكثيرة الموجودة،[52] وعلامات الاستعمال عليها،[53] وإنّما أيضا من خلال إنتاج عدد من الشروح عليها كانت متداولة على نحو مستقلّ بعضها عن بعض. لقد عثرت على إحالات على ثمانية مؤلّفين مختلفين، لكنّني لم أتمكّن من إثبات وجود أكثر من نصوص ثلاثة منهم فقط إلى حدّ الآن. ومن خلال الإحالات والنصوص الثلاثة المحتفظ بها، يبدو أنّ جميعهم نسجوا على منوال شرح خوجه زاده.

الأوّل، حاشية على التهافت، من تأليف ابن كمال باشا (ت. 940هـ/1534م)، وهو واحد من أشهر المفكّرين في التاريخ العثمانيّ. وكون هذا المفكرّ المهمّ شغل نفسه بشروح التهافت هو في حدّ ذاته دليل على أهمّيتها. والنصّ الذي قدّمه هو عبارة عن مجموعة من الحواشي، يورد فيه بعض المفردات من نصّ خوجه زاده وبعد ذلك يقدّم تعليقه الشخصيّ في شأن هذا الموضوع المطروح في نصّ خوجه زاده. وهذه الحواشي تبدأ ببساطة عند نقطة معيّنة من مقدّمة خوجه زاده، وتنتهي في آخر الفصل الخامس عشر،[54] رغم أنّها في بعض المخطوطات تنتهي فعلا في الفصل الثاني.[55] ويبدو أنّ تحقيقا له قد أنجز، لكنّه لم ينشر أبدا.[56] تتبع الحواشي نصّ خوجه زاده على نحو وثيق جدّا. وتتبع الحواشي بعضها البعض جملة جملة أحيانا، وفي أحيان أخرى نجد فارقا مهمّا بينهما. وبما أنّه يستشهد بالكلمات الأولى القليلة من نصّ خوجه زاده، فإنّ نصّ ابن كمال باشا لا يصلح للاستعمال دون نسخة من نصّ خوجه زاده. وتجدر الإشارة إلى ملاحظة مهمّة، وهي أنّه يحيل على شرح علاء الدين الطوسي ويذكره بـالذخر.[57] ولا يفعل ذلك إلا نادرا، غير أنّ هذه الحالات القليلة كافية في إظهار أنّ ابن كمال باشا كان على علم بالنصّين معا ورأى أنّه من المفيد الجمع بينهما في بعض الحالات. إنّه يكشف بوضوح عدم وجود أيّ علم بشرح ابن رشد.

لقد كتب قاراباغى (ت. 942هـ/1535م) بدوره، وبشكل متزامن مع ابن كمال باشا، حاشية على نصّ خوجه زاده. ويبدو أنّ النصّ لا يحمل عنوانا في الأصل؛ إذ نقرأ في صفحة العنوان من المخطوط تهافت الحكماء، في حين استخدم هذا العنوان في المقدّمة في الإحالة على نصّ خوجه زاده. وهو عمل صغير نسبيّا، يتكوّن من 18 ورقة في شكل المخطوط، 96 صفحة في الترجمة التركيّة.[58] وعلى غرار نصّ ابن كمال باشا، فإنّه يورد كلمات قليلة فقط من نصّ خوجه زاده في كلّ مرّة، ولأنّ حجم العمل صغير جدّا فإنّ الفجوات بينها كبيرة جدّا. يحتاج المرء إلى نسخة من نصّ خوجه زاده وبعض الألفة معه من أجل الاستفادة من نصّ قاراباغى. وهو يغطّي الفصول الإثنى عشر الأولى من نصّ خوجه زاده ولا يبدو أنّه يحيل على علاء الدين الطوسي، ولا على ابن رشد. يتوفّر نصّ قاراباغى على مقدّمة صغيرة لا يبدو أنّه يقول فيها أكثر من أنّ هذه الحواشي هي بعض الأفكار التي تكوّنت لديه أثناء قراءته نصّ خوجه زاده.

وبترتيب مختلف تماما نجد نصّ الأسكداري (ت. 1149هـ/1736م)، وهو ليس مجموعة من الحواشي، ولكنّه عبارة عن تلخيص نصّ خوجه زاده، بعنوان تلخيص تهافت الحكماء في ردّ مذاهب أهل الأهواء. وقد كتب في مقدّمته:

أردت أن ألخّصه فأذكر بدقّة أكثر [الأسئلة والأجوبة] فحسب؛ فأترك بعض التفاصيل، التي ليست بدون فائدة ولكنّها زائدة إلى حدّ ما. [وقد رمت هذا] عندما رأيت المعاصرين يميلون إلى الاختصار ويتجنّبون الإسهاب والزيادة. فاخترت تفسيرات كافية ومناقشات واضحة وكاملة، ووضعت ما سوى ذلك في الهامش.[59]

وعندما ننظر في المقدّمة والفصول الثلاثة عن العلم الإلهيّ─ التي سأستخدمها في الجزء الأخير من هذه الدراسة─ فإنّ هذا يثبت أنّ ذلك صحيح. وبقيّة مقدّمة نصّ الأسكداري هي تلخيص مقدّمة خوجه زاده لا أقلّ ولا أكثر، والفصول الثلاثة عن العلم الإلهيّ صيغت عن طريق نسخ أجزاء من نصّ خوجه زاده، بتحرير خفيف جدّا من أجل لصق الأجزاء معا. وبينما تتكوّن الفصول الثلاثة في كتاب خوجه زاده من حوالي 6.400 كلمة، اختزلها الأسكداري في 2.700 كلمة فقط. وفي حدود علمي، ليس ثمّة إشارة إلى عمل علاء الدين الطوسي.

 وهكذا، نرى أنّ نصّ خوجه زاده حظي بعناية خاصّة من قبل الدارسين العثمانيّين. ويشهد على الاهتمام بشروح التهافت خارج الأناضول أنّ نصّ خوجه زاده طبع للمرّة الأولى عام 1884م في القاهرة، ونصّ علاء الدين الطوسي طبع لأوّل مرّة عام 1899م في حيدر آباد.

تحليل أوّلي لكتب التهافت

أسمّي هذه النصوص شروحا، ولكنّها لا تأخذ شكل شروح حَرفيّة. وعلى العكس من ذلك، يتضمّن شرح ابن رشد على التهافت تتبّع النصّ كلّه بالشرح والردّ عليه جملة جملة. ولعلّ هذا ما قد نتوقّعه عندما نفكّر في الشرح، غير أنّني أعتقد أنّه من المفيد أن نساعد أنفسنا بتقديم تعريف أوسع لـˮالشرح“، بمعنى النصّ الذي يعتمد في بنيته على نصّ آخر بشكل أوضح، ويظهر تقابلات نصّية مقصودة في تلك المواضع التي تحدّد بنية النصّين معا وتأليفهما. وعلى هذا النحو، يمكننا أن نتكلّم عن ˮتقليد شارح“ يتكوّن من جميع النصوص التي تبيّن هذا التقابل النصّيّ البنيويّ. وسأوضّح أنّ هذا التعريف ينطبق على الخطاب الفكريّ الإسلاميّ ما بعد السينويّ على نحو جيّد، كما على العديد من النصوص المتأخّرة التي تعتمد بنيويّا على نصّ أقدم، دون أن يعني ذلك أنّ هذه النصوص المتأخّرة هي خاضعة للنصّ الأوّل.[60] وهذا هو الحال بالنسبة إلى نصوص العثمانيّين. وكما سنرى، فإنّ مقدّماتهم تربط صراحة كتبهم بكتاب الغزالي، وعناوين الفصول تثبت بدون شكّ أنّ العلماء العثمانيّين كانوا يستندون في كتبهم على كتاب الغزالي. وإلى حدّ ما، يتكرّر هذا أيضا على أصغر مستوى من البنية الداخليّة الأولى للفصول، كما سنرى. وعندما نجعل الصورة أكبر على مستوى الفقرات والجمل، لا نجد شيئا يذكر من التقابلات النصّية بين أيّ من النصّين العثمانيّين وتهافت الغزالي.

وأمّا من حيث مضمونها، لا تقدّم هذه الشروح ملاحظات تفسيريّة على نصّ الغزالي، بل تخضع مناقشة الموضوعات التي ذكرها الغزالي للمعايير الخاصّة بعصر أصحابها، كما سنرى لاحقا. لقد لاحظ أسد أحمد أنّ الشرّاح عادة ما التقطوا واختاروا الأجزاء التي شرحوها من النصّ الأصليّ، والأجزاء التي لم يشرحوها، وأنّ هذه الخيارات لم تكن تمليها حاجات النصّ الأصليّ، بقدر ما كان يمليها الخطاب الذي كان معاصرا للشارح.[61] وعلى هذا النحو تماما كان ينظر إلى الشروح العثمانيّة على التهافت على نحو مفيد عادة.

مقارنة بنية كتب ˮالتهافت“

إنّ مقارنة عناوين الفصول بين الأصل عند الغزالي والشرحين العثمانيّين تبيّن كيف أنّ خوجه زاده أسقط فصلا وأضاف ثلاثة فصول، وكيف أنّ علاء الدين الطوسي غيّر لغة عناوين الفصول بشكل واضح. وتشير الأرقام على الجانب الأيمن إلى رقم فصل خوجه زاده، ويشير الجانب الأيسر إلى رقم فصل الغزالي وعلاء الدين الطوسي.

خوجه زاده

الغزالي علاء الدين الطوسي

1 في إبطال قولھم المبدأ الأوّل موجب بالذات لا فاعل بالاختیار

2 في إبطال قولهم بقدم العالم

في إبطال قولهم بقدم العالم في حدوث العالم وقدمه     1

3 في إبطال قولهم في أبدية العالم

في إبطال قولهم في أبدية العالم والزمان والحركة في أبدية العالم                2

4 في إبطال قولهم الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد

في بيان تلبيسهم بقولهم إنّ الله فاعل العالم وصانعه وإنّ العالم صنعه وفعله وبيان أنّ ذلك مجاز عندهم وليس بحقيقة في بيان أنّ قولنا الله تعالى فاعل وصانعه هل هو بطريق الحقيقة أم لا                                3

5 في إبطال قولهم في كيفية صدور العالم المركب من المختلفات عن المبدأ الواحد

6 في تعجيزهم عن الاستدلال على وجود الصانع للعالم

في بيان عجزهم عن الاستدلال على وجود الصانع للعالم إثبات الصانع للعالم             4

7 في بيان تعجيزهم عن إقامة الدليل على وحدانية الواجب

في بيان عجزهم عن إقامة الدليل على أنّ الله واحد وأنّه لا يجوز فرض إثنين واجبي الوجود كلّ واحد منهما لا علة توحيد الله جلّ وعلا، أي نفي الكثرة عنه                      5

8 في إبطال قولهم إنّ الواحد لا يكون قابلا وفاعلا بشي واحد

9 في إبطال قولهم في نفي الصفات

في إبطال مذهبهم في نفي الصفات اتّصاف الله تعالى بالصفات      6

10 في تعجيزهم عن إثبات قولهم إنّ ذات الأوّل لا ينقسم بالجنس والفصل

في إبطال قولهم إنّ الأول لا يجوز أن يشارك غيره في جنس ويفارقه بفصل وإنّه لا يتطرّق إليه انقسام في حقّ العقل أنّه تعالى هل يجوز أن يكون له تركب من أجزاء عقلية أو لا    7
11 في تعجيزهم عن إثبات قولهم إنّ وجود الأوّل عين ماهيته في إبطال قولهم إنّ وجود الأوّل بسيط أي هو وجود محض ولا ماهية ولا حقيقة يضاف الوجود إليها بل الوجود الواجب له كالماهية لغيره أنّه تعالى هل له ماهية الوجود أم لا                                8
12 في تعجيزهم عن إثبات أنّ الأوّل ليس بجسم في تعجيزهم عن إقامة الدليل على أنّ الأوّل ليس بجسم أنّ الله تعالى ليس بجسم         9
10 الكلام في حقيقة العلم في تعجيزهم عن إقامة الدليل على أنّ للعالم صانعا وعلة
13 في تعجيزهم عن القول بأنّ الأوّل يعلم غيره في تعجيز من يرى منهم أنّ الأوّل يعلم غيره ويعلم الأنواع والأجناس بنوع كل أنّه تعالى عالم بغيره من الأشياء      11
14 في تعجيزهم عن القول بأنّ الأوّل يعلم ذاته في تعجيزهم عن إقامة الدليل على أنّه يعرف ذاته أيضا أنّه تعالى يعلم ذاته             12
15 في إبطال قولهم إنّ الأوّل لا يعلم الجزئيّات في إبطال قولهم إنّ الله تعالى عن قولهم لا يعلم الجزئيّات المنقسمة بانقسام الزمان إلى الكائن وما كان وما يكون أنّه تعالى ليس عالما بالجزئيّات المتغيّرة                         13
16 في إبطال قولهم السماء متحرّكة بالإرادة في تعجيزهم عن إقامة الدليل على أنّ السماء حيوان مطيع الله تعالى بحركته الدورية أنه هل للفلك نفس ناطقة محرّكة له بالإرادة أم لا                14
17 في إبطال ما ذكروه من الغرض المحرّك للسماء في إبطال ما ذكروه من الغرض المحرّك للسماء بيان الغرض الأصلي من حركة الفلك                            15
18 في إبطال قولهم إنّ نفوس السموات مطلقة على جميع السموات الحادثة في هذا العالم في إبطال قولهم إنّ نفوس السموات تعلم جميع الجزئيات بيان علم نفوس السموات بأحوال الكائنات                        16
19  في إبطال قولهم بوجوب الاقتران وامتناع الانفكاك بين الأسباب العادية والمسببات في إبطال قولهم باستحالة خرق العادات بيان أنّ ترتب الموجودات بعضها على بعض هل هو لعلاقة عقليّة وعلّية حقيقيّة بينها أم لا       17
20 في تعجيزهم عن إثبات أنّ نفس الإنسان جوهر مجرد قائم بذاته في إبطال قولهم إنّ نفس الإنسان جوهر قائم بنفسه ليس بجسم ولا عرض بيان أنّ النفس الإنسانيّة هل هي مجرّدة أم لا                    18
21 في إبطال قولهم باستحالة الفناء على النفوس البشرية في قولهم باستحالة الفناء على النفوس البشرية بيان أنّ النفس الإنسانيّة قديمة أو حادثة وأنّها هل هي باقية بعد موت البدن وخرابه أم لا             19
22 في إبطال قولهم بنفي البعث وحشر الأجسام في إبطال إنكارهم لبعث الأجساد مع التلذذ والتألم في الجنّة والنار باللذات بيان أنّ حشر الأجساد ورد الأرواح إلى الأبدان هل هو ممكن وواقع أم لا                     20

من الملاحظ أنّ فصلي الغزالي السادس والسابع عشر ليس لهما عناوين داخل النصّ، ولكن هذا ما يرد في مقدّمة الغزالي. والعنوان في نصّ الغزالي طويل جدّا بالنسبة إلى الفصل السادس عشر والثامن عشر والتاسع عشر والعشرين؛ وما قدّمت هنا هو ما ورد في مقدّمة الغزالي.

عندما نقارن بين عناوين فصول علاء الدين وعناوين فصول الغزالي، نلاحظ أنّ علاء الدين يظلّ قريبا من الموضوعات التي يختارها الغزالي. ومع ذلك، سمح لنفسه بإعادة صياغتها بطريقة أكثر إيجابيّة. على سبيل المثال، بينما كان الغزالي يستخدم على نحو متكرّر كلمات من قبيل ˮإبطال“ وˮتعجيز“، لم يتبعه علاء الدين في ذلك. فإمّا أنّه يستخدم ˮإثبات“ بدلا منها أو أنّه يستخدم، في الأغلب، عبارات من قبيل ˮفي بيان أنّ…أم لا“. وأحيانا تكون عبارته أكثر دقّة، كما هو الحال في الفصل السابع، حيث يثير الغزالي مسألة ما إذا كان يمكن تقسيم الله إلى جنس وفصل. وهنا علاء الدين يناقش ما إذا كان يمكن أن يكون الله مركّبا من ˮأجزاء عقليّة“. ونجد أهمّ اختلاف في الفصل العاشر؛ وهو في نصّ الغزالي فصل قصير جدّا. وقد اغتنم علاء الدين هذه الفرصة لكي يبتعد عن موضوع الغزالي ويناقش حقيقة العلم، تمهيدا للفصول الثلاثة الموالية عن العلم الإلهيّ.

وعندما نقارن بين عناوين فصول خوجه زاده وعناوين الغزالي، نلاحظ تشابها أكبر من التشابه الذي نجده بين علاء الدين والغزالي. والعبارة، بما فيها استخدام كلمة إبطال وتعجيز، تظلّ أقرب إلى نصّ الغزالي الأصليّ. ويكمن الاختلاف الحقيقيّ الوحيد بينهما في إعادة ترتيب بعض الفصول وإضافة أخرى. وهذا كان ظاهرا في الفصل الأوّل الذي ليس موثّقا كما في كتاب الغزالي رغم أنّه يتناول مشكلة لها علاقة بالفصول الموالية. وأكثر من ذلك، أضاف خوجه زاده إلى الفصلين الثالث والخامس من نصّ الغزالي (وهي تقابل الفصلين الرابع والسابع عند خوجه زاده) فصلا إضافيّا من أجل توضيح القضايا المطروحة أكثر. ولا يبدو، من ثمّ، أنّ إضافاته تحتوي على معلومات جديدة، غير أنّها تقدّم ترتيبا مختلفا. وأخيرا، فكما ابتعد علاء الدين عن الغزالي في الفصل العاشر، ابتعد خوجه زاده بدوره عنه، ولكن على نحو أكثر جذريّة. إنّه ببساطة ألغى الفصل تماما وشرع مباشرة في الفصل الحادي عشر (الفصل الثالث عشر في ترتيب كتابه). وعليه، فقد أضاف خوجه زاده ثلاثة فصول وأهمل واحدا، فافترق عنه بفصلين إضافيّين في المجموع. ومن ثمّ، فإنّ التأكيد في كشف الظنون على أنّ دراسة خوجه زاده تتضمّن فصلين إضافيّين، مقارنة بنصّ الغزالي الأصليّ، لا يقدّم كلّ القصّة.[62]

 

مقارنة المقدّمات

تقدّم لنا مقدّمات شروح المفكّرين العثمانيّين مزيدا من الأدلّة على اختلاف موقفيهما. يهمّنا أكثر من بين الاثنين علاء الدين الطوسي. وقد حاول خوجه زاده أن يكتب مقدّمة موجزة، قدّم فقط فكرة عن كيف ألّف الكتاب ولماذا، وما موضوعه. فعل علاء الدين الشيء نفسه أيضا، ولكنّه ذهب إلى أبعد من ذلك من خلال تقديم فكرة أدقّ عن كيف يرى أنّ العقل والوحي يكمّل أحدهما الآخر. بمعنى أنّه يعرض في مقدّمته فلسفة للدين. وفي الواقع، لقد ابتعد عن الغزالي على نحو جذريّ، مؤكّدا أنّ الخلاف حول مسألة علم الله بالجزئيّات ليس كفرا.[63]

يبتعد خوجه زاده أيضا عن موقف الغزالي، ولكنّه تراجع إلى موقف محافظ أكثر. ويذكر أنّ في نيّته أوّلا أن يكشف رأي الفلاسفة وردّ الغزالي عليهم، وبعد ذلك يفنّدهما معا. يفتتح خوجه زاده كتابه بالقول إنّ العقل والنقل متطابقان، وأنّ طلب العلم مندوب.

ويمضي خوجه زاده في شرح كيفيّة تصنيف العلوم. وقد تبع في ذلك طريقة معياريّة إلى حدّ ما، التي هي قريبة من تصنيف ابن سينا؛[64] فالعلم منه عمليّ ونظريّ، والنظريّ ينقسم إلى فروع ثلاثة. العلم الأعلى هو علم الإلهيّات، والأوسط علم الرياضيّات، والأدنى علم الطبيعيّات. يقول:

وليس يتعلّق غرضنا بالإبطال في هذه الرسالة إلا بالقسمين منها أعني الطبيعيّ والإلهيّ، لأنّ المخالفة لما ثبت من القواعد الشرعيّة والعقائد الدينيّة مقصورة عليهما؛ وأمّا الحكمة الوسطى فالهندسيات والحسابيات منها لا تعلّق لها بالشرع أصلا.[65]

وهذا يعبّر عن موقف أكثر محافظة من موقف الغزالي، الذي كتب في مدخل كتابه أنّه يريد أن يبيّن ˮتناقض أقوالهم في المسائل الإلهيّة،“[66] لا الإلهيّات والطبيعيّات. صحيح أنّ كتاب التهافت يحتوي على فصلين تمّ تجميعها تحت عنوان ˮالطبيعيّات“، لكنّ الغزالي أوضح في مقدّمة هذين الفصلين أنّ ˮالشرع ليس يقتضي المنازعة فيها ولا إنكارها إلا في مواضع ذكرناها.“[67] وعلاوة على ذلك، عندما ننظر في المسائل التي اختار الغزالي مناقشتها تحت هذا العنوان (السببيّة وروحانية النفس)، نرى أنّها في جوهرها مسائل ميتافيزيقيّة. ومن ثمّ، فإنّ إدانة خوجه زاده الشاملة للطبيعيّات في مقدّمته تتجاوز مرامي الغزالي الأصليّة (كما ورد في مقدّمة كتاب التهافت على الأقلّ).

وعلاء الدين، من جهة أخرى، لم يكن يريد حصر نفسه في إثبات أخطاء الفلاسفة فحسب. ˮبل“، يضيف قائلا: ˮنورد بعضا ممّا أخطأوا في الدلائل، وإن كانت الدعوى حقّة، ليتبيّن لهؤلاء من عدّة وجوه.“[68] وهذا لأنّ بعض دعاوى الفلاسفة صحيحة في نظره، رغم أنّهم لم يستدلّوا عليها بشكل صحيح. ويختم بالقول إنّ ˮهذا الإفراط في الاعتقاد بهم، عن مجرّد تقليد لا عن تحقيق وتسديد.“[69] وباختصار، جعل مهمّته تمييز الرأي عن الحقّ، مبيّنا أنّه كلّما بدا أنّ العقل والوحي متعارضان، فإنّ أحدهما على الأقلّ هو مجرّد رأي في حقيقته. وانطلاقا من إيراد أمثلة لم يعمل فيها الفلاسفة سوى أن تابعوا فلاسفة سابقين ولم يقدّموا دليلا صحيحا على فكرة صحيحة في ذاتها، سيعمل على توضيح الدليل الصحيح. وهذه الفكرة موجودة في مقدّمة الغزالي أيضا،[70] غير أنّها كانت أقلّ بروزا.

تتكوّن مقدّمة علاء الدين من جزئين: تمهيد ومقدّمة. يناقش سعادة العلم البشريّ بالله وكمالاته، وكيف يمكن تحقيق ذلك من خلال التفكّر في مصنوعاته. وبعد ذلك، يناقش دور الفلاسفة في ذلك، وكيف أنّ بعض ما يفعلونه يمكن أن يكون جيّدا، في حين يتّسم بعضه الآخر بالقصور. ثمّ يفسّر سبب تأليفه هذه الرسالة كما يلي: تلقّى أمرا من السلطان بدراسة تهافت الفلاسفة، وكتابة رأيه في الطريقتين، طريقة الغزالي في مقابل طريقة الفلاسفة، ˮمن جهة التضعيف والترجيح، والاعتراض والتصحيح.“[71] يوضّح علاء الدين أنّ ذلك لن يكون بطريق تقليد الغزالي، رغم أنّه سيتبنّى خطّة الغزالي ومنهجه. ويختم التمهيد بأنّه لن يقدّم إلا ما يحسبه صحيحا ومفهوما، وتبع ذلك بدعاء الله تعالى من أجل مساعدته على هذا الأمر. وكلماته الأخيرة في التمهيد تهمّ الكتاب في كلّيته. فهو يؤكّد أنّه مكتوب في عشرين فصل على غرار النصّ الأصليّ. وهذا صحيح من حيث عدد الفصول، كما يمكن أن يتّضح من فهرس المحتويات، لكنّه قد يكون مضلّلا في حالة الفصل العاشر.

يوضّح علاء الدين الغرض من تأليف كتابه بتقديم تمهيد حول التعارض بين العقل والوحي. ينظر إلى تنوّع قوانا الإدراكيّة بوصفها شيئا ينبغي علينا أن نحمد الله عليها، ولكن ينبغي علينا أن نظلّ واعين بمحدوديّتها في الآن نفسه. وفي عبارة علاء الدين: ˮبل يقصر عن نهايتها، فلا قوّته البصريّة تفي بإبصار كلّ ما يمكن أن يبصر ولا قوّته السمعيّة بسماع كل ما يمكن أن يسمع[إلخ.].“[72] وهذا ينطبق على جميع ملكاتنا الأخرى، بما في ذلك العقل؛ فبعض الشكّ يبقى دائما، مهما أمعنّا التفكير في مسألة ما. والدين موجود لكي يساعدنا في حالات الشكّ. وفي نظره، الاختلاف بين الفلسفة والدين ذو أجزاء ثلاثة. وهذا التقسيم الثلاثيّ مأخوذ مباشرة من مقدّمة الغزالي الثانية لكتاب التهافت.

يتعلّق الجزء الأوّل بتطبيق مفاهيم معيّنة على الله عز وجلّ، مثل ˮجوهر“، عندما يؤخذ بمعنى ˮقائم بنفسه“، لأنّ هذا المفهوم لا ينطبق على نحو صحيح إلا على الموجودات الممكنة.[73] وفي نظر علاء الدين، الذي اقتبس مباشرة من كتاب الغزالي، فإنّ هذا الاختلاف هو اختلاف في المصطلح فحسب، ولا يشكّل اختلافا حقيقيّا في المعنى. ولذلك فإنّه لم يناقشه.

والثاني، ثمّة تلك الأحكام الفلسفيّة التي بنيت على أدلّة قاطعة تعارض ظواهر الشرع الدينيّ. وقد قدّم علاء الدين علم الفلك مثالا على ذلك، تماما كما فعل الغزالي.[74] إنّ المفاهيم الدينيّة حول كرويّة الأجرام السماويّة والأرض، ومكوّنات الأجرام السماويّة، وحركاتها وغير ذلك، تعارض الأحكام العلميّة. فإذا كان من الواضح أنّ هذه الأحكام العلميّة تستند على الرياضيات والملاحظة، فإنّه سيكون من السخف أن نفترض بأنّ حكمين متعارضين تسندهما معا أدلّة قطعيّة. والحلّ الذي اقترحه علاء الدين هو أنّ ˮباب تأويل الظواهر عند الحاجة مفتوح.“[75] وعلى هذا النحو، لا ينشأ تناقض حقيقيّ، ومن ثمّ لا يكون موضوع مناقشة. وعلاء الدين في عبارته كان أكثر حزما ومباشرة من الغزالي في موضوع أسبقيّة العقل على ظاهر الوحي. فعلى سبيل المثال، لا يقول الغزالي صراحة إنّ هذه الفئة تخصّ الأحكام العقليّة التي تتعارض مع ظاهر الوحي، ولكنّه تحدّث ببساطة عن الأحكام العقليّة. كما أنّه لم يقل إنّ باب التأويل مفتوح.

وأخيرا، ثمّة أحكام فلسفيّة لا تسندها أدلّة قاطعة؛ يقول الغزالي:

القسم الثالث ما يتعلّق النزاع فيه بأصل من أصول الدين، كالقول في حدث العالم وصفات الصانع وبيان حشر الأجساد والأبدان وقد أنكروا جميع ذلك. فهذا الفنّ ونظائره هو الذي ينبغي أن يظهر فساد مذهبهم فيه دون ما عداه.[76]

ورغم أنّ علاء الدين يتّفق على أنّ هذا الموضوع هو الذي ينبغي أن يناقش، فإنّه يميّز بين قسمين فرعيّين:

الأوّل، أن يؤدّي حكمهم إلى كفرهم لمصادمته ما ثبت بالقطع من الشارع كالحكم بقدم العالم ونفي المعاد الجسمانيّ؛ فإنّ أدلّتهم على هذين المطلوبين وأمثالها كما ستقف عليه ضعيفة وحجج الشرع فيها قطعيّة.

والثاني، أن لا يؤدّي حكمهم إلى كفرهم لعدم قطعيّة أدلّة الشرع على خلافه كنفيهم الصفات الحقيقيّة عن الله تعالى زاعمين أن ثبوتها ينافي التوحيد. فإنّ نصوص الشرع دالّة دلالة ظاهرة على ثبوتها، لكنّها محتملة للتأويل كما تأوّل النصوص الدالة على ثبوت الوجه واليد وغيرهما له تعالى. ولهذا وافقهم بعض الملّيين على هذه [أي الصفات الإلهيّة].[77]

ومن أجل إظهار إلى أيّ حدّ كانت تقسيمات علاء الدين الفرعيّة مختلفة، فإنّه يجدر بنا أن نكرّر هنا أنّ الغزالي لم يخجل من دفع فكرته إلى نتيجتها المنطقيّة، قائلا في آخر كتاب التهافت:

قلنا تكفيرهم لابدّ منه في ثلاث مسائل[…] والثانية قولهم إنّ الله لا يحيط علما بالجزئيّات الحادثة من الأشخاص[الموجودة].[78]

وبعبارة أخرى، إنّ السجال حول ما يوافق الدين وما لا يوافق ليس جدالا فكريّا فحسب، بل قد تكون له تشعّبات فقهيّة. وفي نظر الغزالي، إنّ تكفيرهم واجب في المسائل الثلاث جميعها─إنكار خلق العالم، وإنكار بعث الأجساد، وإنكار علم الله بالجزئيّات. وعلاء الدين يخالف الغزالي بشكل واضح في هذا الأمر. وكان هذا واضحا بما فيه الكفاية بالنسبة إلى ابن كمال باشا، الذي يشير إلى ذلك بالقول إنّ ˮصاحب الذخر، لم يقل إنّ الفلاسفة ينفون الصفات الإلهيّة.“[79] وبافتراض أنّ ˮالعلم الإلهيّ“ يندرج تحت مظلّة ˮالصفات الإلهيّة،“[80] جعلها علاء الدين قسما فرعيّا مختلفا عن السجال حول قدم العالم أو حدوثه وعن السجال حول بعث الأجساد. وأكثر من ذلك يضيف أنّ بعض علماء الدين يتّفقون مع الفلاسفة في الصفات الإلهيّة. ومن ثمّ، فإنّ السجال حول الصفات الإلهيّة لا ينبغي أن يسكته حكم الشرع في الكفر في نظر علاء الدين.

ومن أجل فهم صحيح، مع ذلك، أودّ أن أشير إلى خاتمَتيْ كتابَيْ الغزالي وعلاء الدين على حدّ سواء؛ حيث كفّر علاء الدين الفلاسفة بشكل صريح، لا بسبب إنكارهم حدوث العالم وبعث الأجساد فحسب، بل بسبب إنكارهم علم الله بالجزئيّات أيضا.[81] وفي المقابل، أكّد الغزالي في خاتمته أنّ الصفات الإلهيّة هي بالفعل موضوع لا ينبغي تكفير الفلاسفة فيه: ˮفأمّا ما عدا هذه المسائل الثلاث من تصرّفهم في الصفات الإلهيّة واعتقاد التوحيد فيها، فمذهبهم قريب من مذاهب المعتزلة.“[82]

ومع ذلك، فإنّ علاء الدين كان يتبع مقدّمة الغزالي على نحو وثيق جدّا، وجهوده لتغيير الجزء الأكثر أهمّية فيها، أي توضيح الموضوعات التي تؤدّي بالفلاسفة إلى الكفر، يبقى دالاّ.

 

مقارنة فصل عن العلم الإلهيّ

في ضوء هذه التعليقات على المقدّمتين، فإنّ دراسة مقارنة لفصل عن العلم الإلهيّ ستقدّم فهما أفضل للكتب الثلاثة جميعها. وهذا يساعدنا في الآن نفسه على فهم منهجية كتابتها. وأداتنا الأساسيّة في فهم هذه الفصول ستكون هي وضع ملخّصات منظّمة، التي لا تعطي فقط عرضا موجزا للتدليل، ولكنّها تكشف أيضا عن طبيعة هذه الكتابات ذات البناء الفائق.

ومن خلال إلقاء نظرة سريعة على هذه الملخّصات، نلاحظ أنّ نصوص العثمانيّين أكثر تطوّرا وتفصيلا من نصّ الغزالي. أودّ أن أقترح أنّه على الرغم من أنّ نصّ الغزالي كان يوجّه بنية نصوصهم، فإنّهم قد رأوا أنّه من البساطة جدّا متابعته حرفيّا. والخطاب ككلّ ابتعد كثيرا عمّا كان عليه في القرن الحادي عشر الميلادي، الذي عاش فيه الغزالي، ويبدو أنّ كلّا من خوجه زاده وعلاء الدين الطوسي كانا عازمين على عدم إرجاع الساعة إلى هذه المناقشات، بل أخضعوا مناقشة المسائل التي ضمّنها الغزالي كتابه التهافت لمعايير القرن الخامس عشر الميلادي.

 إنّ الاستثناء الذي يلفت النظر أكثر هو إدراج خوجه زاده بعض مقاطع من نصّ الغزالي في آخر الفصل. يورد خوجه زاده، بشكل مجمل، سطرا أو سطرين من نصّ الغزالي ثمّ يشرع في انتقاده بأسلوب لا يهادن. وانتقادات خوجه زاده الشديدة للغزالي هو دليل آخر على تطوّر الخطاب الإسلاميّ بين القرنين الحادي عشر والخامس عشر. وانطلاقا من المقدّمات، بدا علاء الدين أكثر تقديرا للفلسفة في حين أظهر خوجه زاده حزما أكبر في الردّ على استخدام الفلسفة في مسائل مرتبطة بالعقيدة. لقد كان غرض الغزالي في كتاب التهافت هو إظهار ضعف الفلسفة عندما تتدخّل في المسائل الدينيّة تحديدا. ولذلك نودّ أن نفترض أنّ خوجه زاده كان أكثر ودّا إزاء موقف الغزالي من علاء الدين الطوسي. أعتقد أنّ جلد خوجه زاده الغزالي يظهر أنّ خوجه زاده لا يقف إلى جانب الفلاسفة في الواقع، وإنّما يريد فقط إقناع قرّائه بأنّه لا ينبغي الرجوع إلى مستوى المناقشة التي كانت في عصر الغزالي، بل يجب الارتفاع إلى مستوى المناقشة السائدة في عصره (عصر خوجه زاده).

يتّضح من بنية الملخّص أنّ كلّا من خوجه زاده وعلاء الدين الطوسي كتب دراسات مفصّلة للغاية تشمل طبقات من الاعتراضات والردود. وفي هذه المتاهة من الجدل، تصبح النصوص أقلّ فأقلّ تدليلا مباشرا لهذا الموقف أو ذاك، وأكثر فأكثر استكشافا لجميع المواقف، وموازنة لمواطن قوّتها وضعفها. ونتيجة لذلك، فإنّ كلا الفصلين للدارسَين العثمانيَّين يُقرآن أكثر لا بوصفهما نقاشا كلاميّا حول العلم الإلهيّ، وإنّما بوصفهما نقاشا فلسفيّا حول حقيقة العلم، والعلم الإلهيّ بوصفه دراسة حالة فحسب. بعبارة أخرى، إنّ إحدى أهمّ نقاط قوّة النصّين العثمانيّين هي أنّ مؤلّفيهما أضفيا راهنيّة على النقاش الذي وجداه في تهافت الغزالي في ضوء المعرفة المتاحة في عصرهما.[83] وفي موضع آخر، بذلت مجهودا مهمّا في فهم بناء النصّين العثمانيّين على مستوى الفقرة والجملة،[84] وما وقفت عليه هو أنّ مساحات شاسعة من نصّيهما هي تملك لنصوص كتبها دارسون في القرن السابق عليهم. ومن هؤلاء الدارسين الذين اعتمدا عليهم أكثر، نذكر الأصفهاني (ت. 749هــ/1348م)، والإيجي (ت. 756هـ/1355م)، وقطب الدين الرازي (ت.766هـ/1364م)، والجرجاني (ت. 816هـ/1413م). والأبرز من غير هؤلاء فخر الدين الرازي (ت. 606هـ/1209م)، الذي استعملت كتابات كثيرة له من قبل الدارسين العثمانيّين والذي عاش ثلاثة قرون قبلهما لا قرنا واحدا. هكذا، وعلاوة على أسلافهم المباشرين، وجدوا في فخر الدين الرازي (لا الغزالي) المفكّر صاحب كتابات كلاسيكيّة، جديرة بإدراجها في نصوصهم الخاصّة. ومعاصروهم الذين كتبوا أعمالا مهمّة قبلهم، مثل المولى فناري (ت. 834هـ/1430م) وعلي قوشجي (ت. 879هـ/1474م)، يبدو أنّهما لم يعتمدا بشكل مباشر بوصفهما مصدرا، في حدود ما استطعت إثباته عن الفصول التي أفردت للعلم الإلهيّ.

وفيما يلي ملخّص منظّم للفصل الذي خصّصه الغزالي للعلم الإلهيّ (أوّل الفصول الثلاثة).

بنية الفصل الحادي عشر عند الغزالي[85]

– يقول المسلمون: المراد بالضرورة لابدّ وأن يكون معلوما للمريد. الكلّ معلوم له لأنّ الكلّ [كلّ الأشياء] مراد له. غير أنّ الفلاسفة لا يتّفقون حول الإرادة، ومن ثمّ لا يتّفقون حول العلم أيضا.

  1. دليل: الأوّل موجود لا في مادّة؛ أي أنّه عقل محض، فهو يعلم جميع المعقولات.

أ. اعتراض: ماذا يعني العقل؟ لا يمكن أن يعني ˮما يعقل سائر الأشياء“ لأنّ هذا نتيجة ولا يمكن أن يقبل مقدّمة. وإن كان يعني ˮأنّه يعقل نفسه“ فلماذا نستنتج من ذلك أنّه يعقل غيره؟

أ1. جواب: المانع من درك الأشياء هو المادّة، ولا مادّة في المعقولات.

                  (1) اعتراض: ربّما ليست هي المانع الوحيد.

                  (2) أمثلة:

  1. دليل: إنّ العالم فعل من أفعال الله، ولذلك فهو عالم به.

أ. اعتراض: الفعل نوعان: إراديّ وطبيعيّ. يكون العلم ضروريّا في الأفعال الطبيعيّة فقط. وبما أنّ الفلاسفة يقولون إنّ العالم يلزم عن ذاته بالطبع والاضطرار لا بطريق الإرادة والاختيار، فإنه لا يمكن لهم أن يدّعوا إنّه عالم.

أ1. جواب: لقد صدر الكلّ عن ذاته بسبب علمه بالكلّ.

                     (1)  اعتراض: ليس هذا ما يقوله الفلاسفة.

ب. اعتراض: شيء واحد فقط يصدر من الله، فإذن هو يعلم شيئا واحدا فقط.

ج. اعتراض: في الواقع، لو كان لا يعرف إلا نفسه، فإنّ غيره سيكون أشرف منه مادام يعرف نفسه ويعرف غيره.

                     (1) إضافة: الحلّ الوحيد هو القول بخلق العالم في الزمان.

ج1. جواب: العلم يفيد التكميل، والله مستغن عن التكميل، فهو لا يحتاج إلى العلم.

          (1) اعتراض: هذا يجعل من العلم نقصان.

فصل الغزالي سهل بما فيه الكفاية لتلخيصه. فهو يقدّم أوّلا عبارة مقتضبة عمّا يشكّل، في رأيه، رأي معظم العلماء المسلمين في مسألة العلم الإلهيّ. والعنصر الأهمّ هنا هو الإرادة الإلهيّة، التي تربط هذه المسألة بالمسألة التي حضيت بالاهتمام الأكبر في كتاب التهافت، وهي مسألة حدوث العالم أو قدمه. وفي نظر الغزالي، تقتضي العقيدة الإسلاميّة التسليم بأنّ العالم قد خلق في وقت ما عن إرادة الله. ويستدلّ الغزالي هنا بأنّه مادام كل فعل إراديّ يقتضي العلم بالأثر، فإنّ الله يعلم العالم وكلّ شيء فيه.

ومن دراسته للكتابات الفلسفيّة، يستنتج أنّ الفلاسفة يقترحون طريقتين في الاستدلال على أنّ الله عالم. ويستدلّ، أوّلا، ضدّ الطريقة الأولى بالقول إنّها ليست حجّة صلبة ومن ثمّ لا توصل إلى المطلوب ضرورة، ويستدلّ ضدّ الثانية بالتنبيه على أنّها لا علاقة لها بسؤال هل الله مريد أو غير مريد. وتجدر الملاحظة أنّه عندما يقترب الدليلان معا من النهاية، فإنّ بنية أسلوبهما في الكتابة تتراجع إلى حدّ ما.

وينبغي أيضا أن نلاحظ أنّ بعض الاعتراضات على الدليل الثاني تبدو أيضا اعتراضات على الرأي الغالب المذكور في بداية الفصل. بالفعل، عندما ننظر في الفصلين الآخرين عن العلم الإلهيّ أيضا، يتّضح لنا أنّ الغزالي لا يقبل هذا الرأي بشكل صريح؛ بل حاول تعريف مفهوم العلم كيفما اتّفق. فحصر طبيعة العلم المتغيّرة في الجانب العلائقي للعلم. ويستدلّ على أنّ نتائج غير مرغوب فيها (وهي أن يكون الله قابلا للتغيّر) تحصل فقط عندما نعتقد أنّ ˮالإضافة في العلم هي حقيقة العلم ذاته.“[86] فالإضافة المتغيّرة، في تلك الحالة، ˮتقتضي تغيّرا في حقيقة العلم.“[87] بل، إنّ الغزالي رمى بدور الإضافة في العلم خارج حقيقة العلم إلى ما يسمّيه ˮإضافة محضة.“[88] في مثل هذه الحالة، فإنّ التغيّر يحدث في الإضافة فقط، لا في الموضوع. يستدلّ الغزالي بالقول ˮإنّه يعلم الأشياء بعلم واحد فيما لم يزل في الماضي والآتي، وحاله لا تتغيّر أبدا.“[89] وعلى الرغم من أنّه لا يقول ذلك بنفسه، فإنّه يبدو لي أنّ هذا يفهم من اعتبار أنّ الله يوجد خارج الزمان، ومن ثمّ له إضافة متساوية بالنسبة إلى كلّ نقطة من نقاط الزمان.[90] وهكذا، فإنّ الألفاظ التي تفيد الإضافة مثل ʼسوفʻ، ʼهوʻ، و ʼلهʻ هي مستخرجة من حقيقة العلم. على سبيل المثال، فلأنّ لله إضافة متساوية إلى كلّ آن من آنات الزمان، فستكون القضايا الثلاث الآتية ˮسيصل زيد غدا،“ ˮيصل زيد الآن،“ وˮوصل زيد البارحة“ جزءا من العلم الواحد عينه بوصول زيد في وقت محدّد. وبوضعها بشكل مختلف، يكون لإحالات الإضافة (هنا/هناك، أمس/غدا، يمين/ يسار، إلخ.) معنى بالنسبة إلينا فقط، نحن المحصورون داخل الكون المكانيّ والزمانيّ؛ أمّا بالنسبة إلى الإله، فهي ببساطة لا تنطبق عليه.

وإذا انتقلنا إلى فصل خوجه زاده، فإنّه يمكن وضع الملخّص المنظّم التالي:

بنية الفصل الثالث عشر عند خوجه زاده[91]

1. دليل: الله بريء من المادّة ولواحقها. ومن ثمّ يمكنه أن يعقل ذاته. وكلّ ما يعقل ذاته يمكنه أن يعقل كونه عاقلا، إذا كان قائما بذاته.

2. لماذا: التعقّل هو فعل تجريد الشيء من كلّ لواحقه الماديّة. ولو كان الشيء مجرّدا قبل ذلك، فإنّه سيكون معقولا قبل ذلك.

3. لماذا: إذا كان معقولا، فإنّه يمكن عقله مع معقول آخر. وإذا كان قائما بذاته، يمكنه أن يعقل ذلك المعقول الآخر نفسه.

(1) صغرى: لأنّه إذا كان معقولا، يمكن الحكم عليه مع معقول آخر (في عقل).

(أ) مثال: كما في الوجود، أو الوحدة، وغير ذلك.

(2) كبرى: يشكّل هذا الحكم عليهما معا مقارنة بين الإثنين، أي مقارنة بين حالين في محلّ.

(3) إذا كان أحد الشيئين قائما بنفسه، فإنّ المقارنة يمكن أن تحدث على نحو مستقلّ (من عقل). لأن المقارنة مطلقا هي أعمّ من مقارنة تحدث في عقل.

(4) هذا الحدث هو، إذاّ، حدوث حال في محلّ، لأنّ الشيء القائم بذاته سيكون هو المحلّ.

(5) فالشيء القائم في نفسه سيعقل الآخر، لأنّ هذا هو تعريف التعقّل.

(6) هذا ضروريّ، وإلا كان حدوث، والحدوث يقتضي المادّة (غير أنّ الشيء المجرّد غير مرتبط بالمادّة)

أ. اعتراض على الصغرى: القول بأنّ المادّة هي المانع الوحيد يحتاج إلى دليل.

ب. اعتراض على الكبرى: لا يستتبع أنّ المقارنة تحتاج إلى أن تحدث إذا كان أحدهما له وجود خارجيّ. إنّ وجودها العقليّ شرط في صحّة المقارنة، والوجود الخارجيّ يختلف عن الوجود العقليّ. والدليل على أحدهما لا يقوم دليلا على الآخر.

ج. اعتراض: إذ كان الوجود العقليّ شرطا في المقارنة بإطلاق، فسيكون ذلك تحصيل حاصل.

ج1. جواب: الوجود العقليّ بوصفه شرطا يعني أنّ مقارنة معقولين مطلقا في عقل هو مشروط بالوجود العقليّ لكليهما في العقل. وهذا لا يتضمّن مقارنة المجرّد وما يعقله.

(1) اعتراض: غير أنّ الجوهر سيصير والحال هذه عرضا.

ج2. جواب: ثمّة وجود خارجيّ ووجود عقليّ. المقارنة الخاصّة في العاقل يمكن أن تقوم على وجود عقليّ دون أن يلزم عنه الدور.

  • اعتراض: قد لا تقوم عليها، ومع ذلك قد يظلّ صحيحا أنّهما يظهران معا.

ج3. قد تكون المقارنة ببساطة ملازمة لذات المجرّد. وإلا فإنّ إمكان المقارنة إمّا أن تحدث، أوّلا، مع المقارنة العقليّة؛ أو ثانيا، بعدها؛ أو ثالثا، قبلها. الصنفان الأوّلان كاذبان، لأنّ الإمكان ينبغي أن يكون قبل الحدوث الفعليّ. ويبقى الثالث، الذي يعني بالضرورة أنّه ملازم للذات.

(1) اعتراض: ولكن من الصعب أن نتصوّر الذات عينها، كما نتصوّرها من حيث وجودها العقليّ، ومن ثمّ فإنّ المقارنة في العقل لا يمكن استبعادها.

د. اعتراض: عملية المعرفة المستخدمة هنا هي حدوث صورة، غير أنّ الفلاسفة ينكرون أن يكون العلم الإلهيّ على هذا النحو، ولذلك فإنّه لا يمكن تطبيق هذا النوع من الدليل على الإله.

د1. جواب: لكن ابن سينا يستخدمه في الإشارات.

ه. اعتراض: هناك اعتراضات أخرى أيضا، وهي كثيرة جدّا لا يمكن ذكرها جميعا.

1. دليل: الله مجرّد، وقائم بذاته. ومن ثمّ فهو حاضر عند ذاته دون غموض. ومن ثمّ فهو عالم بذاته، ما دام هذا هو تعريف التعقّل. ذاته علّة كلّ شيء. وعلم العلّة يستلزم علم المعلول. ومن ثمّ، فهو عالم بكلّ ما سواه.

2. دليل آخر: إنّه عالم بذاته، وذاته مبدأ ما سواه. ولأنّه عالم بأنّه مبدأ، يجب أن يكون عالما بكلّ ما هو مبدأ له أيضا. والنتيجة، إنّه يعلم أيضا معلولات هذا المعلول، ومن ثمّ، فإنّه يعلم جميع الأشياء.

أ. اعتراض: أن تكون حاضرا لدى شيء ما يعني أن توجد في حال مقارنة، وهذا قد يحدث فقط عندما يكون الأمران مختلفين اختلافا واضحا.

أ1. جواب: الفرق في المفهوم، وهو أمر غير كاف.

(1) اعتراض: ولكن هذا يكفي من حيث المفهوم فقط، لا من حيث الأشياء نفسها. وقد كنّا نناقش الشيء نفسه.

ب. اعتراض: مفهوم التعقّل خاطئ. ويمكن أن تكون في حال مقارنة أيضا.

ج. اعتراض: علم العلّة لا يستلزم علم المعلول.

(1) إن أرادوا: علم العلّة مادامت ذاتها تستلزم العلم بالمعلول ─كما هو الحال في العرض الأوّل─ فهذا يحتاج إلى دليل.

(2) وإن أرادوا: ˮعلم العلّة مادامت مبدأ وعلّة المعلول“ هو ضرورة بالنسبة إلى العلم بالمعلول، فهذا خطأ. لأنّ هذا يتطلّب علم المعلول، وإذن لا يمكن أن يكون ضرورة بالنسبة إليه.

(3) إن أرادوا: ˮالعلم بالعلّة مادامت علّة المعلول“ هو شرط العلم بالمعلول (لا ضرورة)─ كما هو مستخدم في العرض الثاني─؛ كون الشيء مبدأ يمتنع أن يعلم نفسه. كونه مبدأ هو مقارنة، مختلف عن الذات الخاصّة. ولكن لا يقولون إنه بتعقّل تلك المقارنة يتمّ تعقّل المعلول.

ج1. جواب: تماما كما أنّ العلّة الكاملة لذات خاصّة تقتضي معلولا خاصّا، فإنّ العلم بحقيقتها كذلك يستلزم العلم بالمعلول. مع افتراض أنّ التعقّل يكون على هذا النحو، ˮكونه مبدأ“ يحضر عند الله نفسه، ومن ثمّ يملك العلم بكل ما سواه.

(1) اعتراض: نعلم أنّ العلّة الخارجيّة ذاتها تقتضي العلّة الخارجيّة ذاتها، لكنّنا لا نعرف أنّ صورها لها مقارنة مماثلة.

ه. اعتراض: لا نقبل أنّ ʼكونه مبدأʻ هو حاضر لديه.

ه1. لأنّ ʼكونه مبدأʻ لا يكون له وجود مثل الصفات الواقعيّة أو الأشياء الخارجيّة.

ه2. لا يكون له وجود عقليّ أيضا. وإلا لكانت جميع الصفات المفهوميّة والسلبيّة التي لدينا معلومة لنا. وهذا ليس صحيحا.

3. دليل: يرى بعض العلماء المعاصرين أنّ العلم هو كمال مطلق. وكلّ الكمالات المطلقة ينبغي أن يختصّ بها الله.

3. 1. صغرى: إنّ الكمال المطلق هو كامل من جميع الأنحاء؛ وهذا ينطبق على العلم.

3. 2. كبرى: الكمال المطلق بالنسبة إلى الأشياء الموجودة يعني، من خلال تطبيقه، أنّ الشيء غير ناقص في هذا الصدد. فمن الواجب تطبيق مثل هذه الأشياء على الله.

(1) السبب: كلّ الأشياء غير الممتنعة هي واجبة بالنسبة إليه، لأنّ الإمكان يجعله أقلّ من الواجب، والله واجب الوجود.

أ. اعتراض: إن حدّ الكمال المطلق خاطئ. ينبغي أن يكون الوجود الكامل غير مقيّد بأيّ معنى أو نحو من الأنحاء.

ب. اعتراض: قولهم ˮالطابع العرضيّ“ فيه التباس.

ب1. إن أرادوا: الطابع العرضيّ من جهة وجوده ذاته، فهو محال.

ب2. إن أرادوا: الطابع العرضيّ من جهة أعراضه، فهو ممكن.

ج. اعتراض: قولهم عن ˮالتعدّد قد يحدث“ فيه التباس.

ج1. إن أرادوا: من جهة ذاته، فهو محال.

ج2. إن أرادوا: من جهة المفاهيم والجوانب، فهو ممكن.

–  ملاحظة: يتضمّن الدليلان الأخيران علما بجميع الأشياء، أمّا الدليل الأوّل فيتضمّن العلم ببعضها فقط.

–  استشهادات وتلخيص تهافت الغزالي. يعترض خوجه زاده بما يلي:

– اعتراض: إنّ الطريقة التي يقدّم بها الغزالي الدليل لا تعكس طريقة تفكير الفلاسفة في هذا الموضوع.

اعتراض: يترك الغزالي مجالا للدليل الثاني، عن طريق إهمال بعض المقدّمات (التي اعترض عليها خوجه زاده).

اعتراض: لا يعتقد الفلاسفة أنّ فعل الله قسريّ. بل إنّهم يقولون كلّ ما يريده يكون، وكلّ ما لا يريده لا يكون. والمشكل هو أنّ هذه الإرادة هي جزء من ذاته بالضرورة، وليست إضافة زائدة على علمه.

اعتراض: قول الغزالي ˮلا نسلّم بعلم معلولات المعلولات“ هو صحيح بالنسبة إلى الفلاسفة. غير أنّهم لم يدافعوا عن علمه بعلّته، بل عن العلم بالعلّة الكاملة. (ومن ثمّة فإنّ أدلّة الغزالي المضادّة غير مجدية).

– اعتراض: مثال الغزالي من الحجر لا يثبت شيئا، لأنّ العلّة الكاملة غير معلومة عند المحرّك وكذلك حركة الحجر الكاملة لن تكون معلومة لدى المحرّك. على سبيل المثال، ثمّة مساهم آخر في حركة الحجر هو طبيعة الحجر. وإذا أراد أحد أن يجعل استثناء في دليله، ينبغي أن يكون في مقدّمته أنّ ˮالعلم بالعلّة يستلزم العلم بالمعلول.“

لم يتابع نصّ خوجه زاده ترتيب الغزالي سوى على نحو عامّ. فقد اختار أن لا يبدأ بوجهة النظر الإسلاميّة، لكنّه قدّم بوضوح مناقشة أكثر عمقا للدليلين. ويضيف دليلا آخر، وهو دليل الشرف. لم يصمت الغزالي عنه وإنّما تكلّم عنه في آخر هذا الفصل، رغم أنّه أورده في سياق كلامه بشكل مختلف وفي صورة أقلّ تبلورا. وقد أنهى خوجه زاده فصله بمناقشة نصّ الغزالي.

وكما سبقت الإشارة، قدّم خوجه زاده وعلاء الدين الطوسي دراسة مكثّفة وموجّهة لهذه المناقشة حول كيف يكون الإله قادرا أن يعلم (الأجزاء العرضيّة بشكل خاصّ). ولذلك، فإنّ وجهة نظرهما لم تكن واضحة منذ البداية. بالنسبة إلى خوجه زاده، وقفت على عبارتين واضحتين. الأولى في آخر الفصل الرابع عشر (عن العلم الإلهيّ بذاته)، حيث يقول:

والحاصل أنّهم تارة يثبتون، أوّلا، أنّه تعالى يجب أن يكون عالما بغيره، ثمّ يثبتون أنّه يلزم من كونه عالما بغيره كونه عالما بذاته، كما في الطريق الأوّل. وتارة يقلبون الأمر فيثبتون، أوّلا، أنّه يجب أن يكون عالما بذاته ثمّ يثبتون أنّه يلزم من كونه عالما بذاته كونه عالما بغيره، كما في الطريق الثاني.[92]

هذا المقطع الذي يرد في آخر الفصل والذي يقدّم بـ ˮوالحاصل أنّهم،“ المقصود منه بوضوح أن يكون تلخيصا لدليله السابق. ويمكن للمرء أن يقول إنّ هذا يبيّن أنّ هدفه الرئيس هو إظهار تهافت تدليل الفلاسفة. ويمكن النظر إلى هذا من زاوية أخرى يتبيّن منها أنّه يتمنّى إظهار الكمّ الواسع من الأبحاث المعرفيّة المتنافية.

وما يعتقد خوجه زاده أنّه الموقف الصحيح في هذه المسألة ليس واضحا بالنسبة إليّ. ففي غياب قول واضح وغير ملتبس، نحتاج إلى اللجوء إلى أدلّة ظرفيّة. ولذلك، أودّ أن أقترح أنّ خوجه زاده يفضّل مفهوم العلم بوصفه مجموعة من الكلّيات، كما استدلّ على ذلك قبله قطب الدين الرازي.[93] ثمّة سببان يشيران إلى أنّ هذا قد يكون رأي خوجه زاده المفضّل. أوّلهما أنّه يصف مفهومه للعلم في مطلع الفصل الأخير من بين الفصول الثلاثة، على نحو غير منفصل إلى حدّ ما عن بقية الفصل. وثانيهما أنّه لا يقترح أيّ اعتراض مباشر على هذا الرأي. يصف هذا النوع من العلم كما يلي:

لا على معنى أنّه لا يعلم إلا ماهيتها الكلّية فقط، بل على معنى أنّه يعلم الماهية الكلّية موصوفة بصفات كلّية أيضا لا تجتمع في الخارج إلا في شخص واحد؛ فيحصل علم كلّيّ مطابق لشخص جزئيّ بحسب الخارج.[94]

وبعد أن قدّم هذا المفهوم للعلم، فإنّه لا يحيل عليه لاحقا؛ وهذا أمر لا يخلو من دلالة. كما لو أنّه كان يرغب في إعطاء تقرير محايد عن حالة الصناعة في نظرية العلم، دون الانتصار لهذا الحلّ أو ذاك. وباعتبار لهجته غير الحازمة، ناهيك أن تكون قاطعة، في هذه الفصول عن العلم الإلهيّ، فإنّ اللهجة القويّة في مقدّمته، التي تشي بأنّه سيبّين بطلان أدلّة الفلاسفة، تحتاج إلى أن تؤخذ بحذر. وأجد ما يدعّم وصف خوجه زاده بالباحث المحايد، الذي يبرز إيجابيّات مواقف متعدّدة وسلبيّاتها، في كونه لا يختم كتابه بحكم نهائيّ. وهو أمر قام به الغزالي وعلاء الدين الطوسي، ومن ثمّ جعلا كتابيهما متوافقين مع دوافعهما القصوى على نحو كامل، غير أنّ خوجه زاده انتقل فجأة وببساطة من مناقشة مفصّلة في مسائل متعلّقة ببعث الأجساد إلى دعاء عامّ ختم به الكتاب.

وإذا انتقلنا إلى فصل علاء الدين الطوسي، يمكننا وضع الملخّص التالي:

بنية الفصل الحادي عشر عند علاء الدين الطوسي[95]

عند الملّيين: ˮلأنّه فاعل لجميع ما عداه بالاختيار، والفاعل بالاختيار لابدّ أن يكون عالما لمفعوله لأنّه يفعله بإرادته.“

مقدّمة: يتبنّى الفلاسفة أربعة مواقف: 1) لا يعلم الله ذاته ولا غيره، 2) لا يعلم الله ذاته، ولكنّه يعلم غيره، 3) يعلم الله ذاته، لا غيره، 4) يعلم الله ذاته وجميع الأشياء الأخرى إلا الجزئيّات المتغيّرة.

1. دليل: الله مجرّد، أي غير متعلّق بمادّة، وكلّ مجرّد يعلم كلّ مجرّد.

2. السبب: لقد تمّ بيان في فصل سابق أنّ ˮالله مجرّد.“

2. السبب: أنّ ˮكلّ مجرّد يمكن أن يُعقل“ هو بسبب:

(1)  كلّ ما يخلو من اللواحق المادّية، يمكن تعقّله.

(2)  كلّ معقول يمكن تعقّله مع غيره.

(أ) مثال: على سبيل المثال ˮأنّ كلّ ما نعقله أمكن لنا الحكم بشيء ما عليه ولو بكونه ممكنا أو موجودا أو ما يشبهه.“

(3) ˮتعقّلهما معا“ يعني أنّ المعقولين مقترنان في العقل.

(4) وهكذا ˮإذا أمكن مقارنتهما في العقل أمكن مقارنتهما مطلقا.“

(أ) السبب: أنّه لا يخلو إمّا أن يكون مقارنا بمعنى مطلق، أو مقارنا في العقل.

(أ)1. عن المقارنة في العقل يلزم الدور.

(أ)2. المقارنة بمعنى مطلق ممكنة.

(5) إذا كان لأحدهما وجود خارجيّ، وهو فيه قائم بنفسه، ثبت إمكان تعقّله لها لأنّ هذا هو معنى التعقّل بالضبط.

(أ) لماذا: يمكن للمقارنة أن تكون مستقلّة عن العقل في حالة الأشياء القائمة بذواتها فقط.

(6)  ثبت أنّ التعقّل ˮحاصل لها بالفعل دائما، وإلا جاز وجوب شيء لها، لكنّه لم يجز لأنّ الحدوث مشروط بالمادّة.“

أ. اعتراض: المجرّد بريء من المادّة كما سلف.

 ب. اعتراض: أنّ ˮالعاقل للجميع هو المجرّد“ غير صحيح.

ب1. لماذا: ليس واضحا بذاته أنّ المادّة هي العائق الوحيد.

  • مثال: ˮلا يمكن للبشر معرفة حقيقة البارئ تعالى عزّ شأنه مع أنّها مجرّدة.“

ب2. لماذا: ˮلا نسلّم أنّ كلّ ما يمكن تعقّله في حدّ ذاته يمكن تعقّله مع غيره.“

(1)  ˮإن أرادوا بالغير جميع ما عداها […] لا دليل لهم على عدم تنافي التعقّلات إلا استقراء ناقص لأنّه لا يمكن لهم تعقّل جميع الأشياء حتّى يظهر لهم هل بين تعقّلاتها تناف أو لا.“

(2)  ˮإن أرادوا به الغير في الجملة فهو مسلم.“ لكنّهم لا يقولون هذا، مادام ليس هو المطلوب.

ب3. لماذا: ˮولو سلّم فلا نسلّم أنّه يلزم منه إمكان مقارنة ماهية ذلك الغير له في العقل وما ذكروا من أنّ معنى تعقّل الشيء حصول ماهيته في العقل ممنوع وما يبطله قد مرّ.“

ب4. لماذا: لا نسلم أنّه يلزم منه إمكان مقارنتهما مطلقا […] إذ إمكان الشيء لا يكون أبدا مشروطا بشيء حتّى يكون الشيء بالنظر إلى ذاته واجبا أو ممتنعا ويصير بالنظر إلى ذلك الشرط ممكنا فيصير بواسطة شيء واجبا أو ممتنعا. وحال جميع الممكنات هذا.

(1)  الامكانات: 1) مقارنة حالين في محلّ. 2) مقارنة حال للمحلّ. 3) مقارنة المحلّ للحال.

(أ) مثال: 2) عرض. 3) أنواع الجواهر.

(2)  كلّ الإمكانات الثلاثة مختلفة، ويمكن لأحدها أن يفعل وكأنّه شرط الآخر.

ب5. لماذا: لا نسلّم إمكان مقارنتها في الخارج بحصولها في العالم العقليّ.

ب6. والعكس بالعكس، لا نسلّم مقارنتها في العقل فقط بحصوها في العالم الخارجيّ.

ب7. لماذا: ˮإنّ الصورة العقليّة متساوية في عدم قيامها بنفسها، فيلزم أن تكون متساوية في ارتسام بعضها في بعض وفي عدمه. والأوّل محال والثاني هو المطلوب.“

(1) جواب: تتساوى بنحو ما، لكن لا في جميع الأحكام. ولذلك ربّما أمكن ارتسام بعضها في بعض بأنحاء أخرى.

(أ) مثال: في السرعة والحركة.

ب8.ˮألا ترى أنّ المجرّدين يعقل كلّ منهما الآخر.“

ج. ملاحظة أخيرة: ˮوقد ذكر لدفع بعض هذه الاعتراضات وجوه متعسّفة لو اشتغلنا بنقلها وبيان ما فيها من التعسّف لأدّى إلى التطويل.“

2. دليل: ˮلو كان عالما بذاته، كان عالما بما سواه مما ذكرنا. لكنّه عالم بذاته، فيكون عالما بما ذكر.“

2. 1. لماذا: ˮعالم بذاته“ بدليل سنوضّحه في الفصل الموالي.

2. 2. لماذا: ˮعالم بما سواه“ لأنّه ˮعلّة ما سواه من الموجودات كلّيّها وجزئيّها. والعلم بالعلّة يستلزم العلم بالمعلول.“

أ. اعتراض: يقولون بأنّ علمه يجري على الكلّيات فقط، والحال أنّه جار في الجزئيّات المتغيّرة؛ ˮبل ظهور جريانها فيها فقط، والكلّيات من حيث هي كلّيات ليست موجودة خارجيّة حتّى تكون معلولة، بل وجودها وجود جزئيّاتها.“

ب. اعتراض: ˮقولكم العلم بالعلّة يستلزم العلم بالمعلول ممنوع؛ إذ يلزم منه أنّ من علم شيئا علم جميع معلولاته ومعلولات معلولاته ولو كانت غير محصورة. ومعلوم أنّه ليس كذلك.“

ب1. جواب: ˮالمراد أنّ العلم التامّ بالعلّة يوجب العلم بالمعلول.“ الله عالم بـذاته على نحو تامّ، فهو عالم بمعلولاته.

(1) اعتراض: ليس هناك دليل مناسب على علم الله التامّ بذاته.

ج. اعتراض: الدليل على أنّ الله عالم بذاته ليس صحيحا، كما سنوضّح في الفصل الموالي.

في هذا الفصل عن العلم الإلهيّ، يتبع علاء الدين الطوسي بنية كتاب الغزالي على نحو وثيق جدّا، حيث يورد أوّلا وجهة النظر الإسلاميّة، وبعدئذ يناقش الدليل من الوجود الإلهيّ بوصفه كائنا مجرّدا، ثمّ يناقش الدليل من الوجود الإلهيّ بوصفه علّة. وإلى ذلك، لا يضيف علاء الدين سوى مقدّمة. ولم يغفل علاء الدين الدليل من الشرف الذي يناقشه خوجه زاده، وإنّما أخّره إلى الفصل الموالي.

يقدّم علاء الدين، على غرار خوجه زاده، مناقشة متعمّقة لمجموعة متنوّعة من المواقف. ففي فصول العلم الإلهيّ لا يستبعد سوى خيار واحد على نحو منهجيّ. وموقفه الخاصّ يصير واضحا منذ بداية الفصل الأخير من الفصول الثلاثة عن العلم الإلهيّ:

العلم عندنا نفس الإضافة بين العالم والمعلوم، أو صفة ذات إضافة […] ولا يتغيّر في مثل ما ذكر إلا نفس تلك النسبة المضافة.[96]

بالفعل، ولكي لا يترك أيّ شكّ في هذا الصدد، نجده يؤكّد ملخّصا كلّ المناقشة عن العلم الإلهيّ في آخر الفصل الثالث بقوله:

العلم عندنا مجرّد إضافة أو صفة ذات إضافة. لكن التبعيّة التي ذكروها في الإضافة فقط.[97]

ومن الواضح، إذاً، أنّ علاء الدين الطوسي أكثر إفصاحا عن رأيه الخاصّ من خوجه زاده. يرى علاء الدين أنّ العلم إضافة، وهو موقف يمكن إرجاعه إلى فخر الدين الرازي.[98] وكلّ التغيّرات التي تحدث في موضوع العلم يكون لها أثر داخل تلك الإضافة فحسب، ولا تبلغ الذات العالمة.

خاتمة

لم يكن ابن رشد وأغوستينو نيفو  Agostino Nifo وحدهما من استلهم تهافت الفلاسفة للغزالي في بناء أعمالهما، بل كان في الدولة العثمانيّة عدد من المفكّرين الذين كتبوا شروحا على كتاب الغزالي أيضا. والإحالات القليلة على شرح خوجه زاده في دراسات سابقة، تدفعنا إلى الاعتقاد بأنّ خوجه زاده وحده من صنّف شرحا. والواقع أنّه يمكن أن نجد إحالات على ما يصل إلى عشرة مؤلّفين. والشرحان اللذان كانا منطلق هذه العمليّة هما شرحا خوجه زاده وعلاء الدين الطوسي. لقد ألّفا كتابيهما استجابة لطلب السلطان، الذي كان يحاول تأسيس خطاب فكريّ عثمانيّ جديد على ما يبدو. وقد عدّ كتاب خوجه زاده أفضل الكتابين، وهذا يفسّر لماذا ركّز معظم المفكّرين اللاحقين نظرهم على هذا العمل.

إنّ إلقاء نظرة مركّزة على الشرحين العثمانيّين المبكّرين، فإنّنا نلاحظ أنّهما تبعا كتاب الغزالي في هيكل فصولهما عن قرب. وقد أضاف خوجه زاده ثلاثة فصول وأهمل واحدا. وعلاء الدين الطوسي غيّر من نبرة عناوين الفصول إلى أخرى أكثر إيجابيّة وتفاؤلا. فبدل استخدام كلمات من قبيل ˮإبطال“، فضّل كلمات مثل ˮبيان“. وهذا انعكس في مقدّماتهما أيضا؛ فكلا المؤلّفين لم يبتعد عن غرض مقدّمة الغزالي. وفي جانب مهمّ أيضا، كيّف علاء الدين الطوسي موقف الغزالي، وسمح بمزيد من المرونة عندما يتعلّق الأمر بالصفات الإلهيّة (بما في ذلك العلم الإلهيّ).

لكن، عندما ننظر إلى المحتوى الفعليّ للفصول، فإنّنا نلاحظ أنّها ليست شروحا بالمعنى العاديّ للكلمة. فهي لا تورد نصّ الغزالي كاملا، وإنّما تتبع بشكل عامّ ترتيب موضوعاته فحسب. وببساطة، لم تكن معنيّة كثيرا بنصّ الغزالي الفعليّ. وفي الواقع، كلّما استشهد خوجه زاده بالغزالي، فمن أجل غرض وحيد هو الردّ عليه. لقد افترض دارسون أنّ خوجه زاده أورد شرح ابن رشد على التهافت في مناقشاته، غير أنّ الأمر لا يبدو كذلك. بالفعل، لا نجد أثرا لشرح ابن رشد في أيّ واحد من الشروح العثمانيّة. وانطلاقا من كون خوجه زاده وعلاء الدين الطوسي يعتمدان في الغالب على مصادر قرأوها على الأرجح عندما كانوا طلّابا (من قبيل نصوص الجرجاني والتفتازاني وأمثالهما)، فقد فسّرت طريقتهما بأنّها محاولة لتحيين المناقشات التي أثارها الغزالي في ضوء مستوى المعرفة المتاحة في عصرهما.. لقد ذهب خطاب القرن الخامس عشر الميلادي أبعد من ناحية العمق والتفصيل عمّا كان عليه زمن الغزالي؛ ونصوص خوجه زاده وعلاء الدين الطوسي شهادة واضحة على ذلك.

وعلى النحو نفسه، فإنّ المناقشات التي أثارها خوجه زاده وعلاء الدين الطوسي ربّما لا تدور كثيرا حول العلم الإلهيّ بوصفه سؤالا كلاميّا، ولكن حول ماهية العلم بوصفه سؤالا فلسفيّا. يبدو أنّ خوجه زاده لا يريد إعطاء جواب نهائيّ عن هذا السؤال، حيث يدرس إيجابيّات وسلبيّات مواقف مختلفة دون أن يبدي رأيه الشخصيّ في أيّ منها. قد يكون رجّح مفهوم العلم بوصفه مجموعة من الكلّيات التي، كلّما كانت مجموعتها أكبر، لم ينطبق سوى على شيء جزئيّ واحد. وعلاء الدين الطوسي أوضح في وجهة نظره: يرى أنّ العلم محض إضافة بين العالم والمعلوم. ومع ذلك، وكما استنتجت في موضع آخر،[99] فإنّ خوجه زاده يورد معطيات أخرى ويعطي انطباعا فلسفيّا قويّا في فصوله، وقد نجد في هذا الجانب سبب تفضيل العثمانيّين نصّه عن نصّ علاء الدين.

لقد اعتمدت، في تحليلي طريقتهما ومقصدهما، على الفصول المخصّصة للعلم الإلهيّ فحسب، ومن ثمّ فهو تحليل أوّلي في أحسن الأحوال. ويتعيّن القيام بعمل أكثر؛ فنصّ خوجه زاده لم يحقّق بعد؛ وقراءة الأجزاء الأخرى من كتابيهما قراءة فاحصة هي أمنيّة واضحة إضافية. ومن ثمّ، أيضا، فقد استكشفنا النصّين الأوّلين من ظاهرة أكبر. أرجو أن أكون قد قدّمت على الأقلّ بعض المساعدة لأولئك الذين يملكون الشجاعة الكافية من أجل مواجهة هذه التحدّيات.

 

ملحق: لائحة الشروح على ʼتهافت الفلاسفةʻ

أقدّم هنا لائحة أوليّة تشمل كلّ الشروح التي وقفت عليها. وفي الهوامش سأبيّن كيف أنّ وجودها مؤكّد. وفي بعض الحالات، ميّزتها بعلامة استفهام، لم أستطع أن أعثر على المخطوط الشاهد، لكنّني وجدت إحالات على مثل هذا النصّ في الفهارس. يظلّ وجود هذه النصوص موضع شكّ إلى أن يتمكّن مخطوط شاهد لهذه النصوص من الجواب بالإيجاب عن هذا السؤال بشكل مقنع. لقد أهملت عنوانين لأنّه كان لدي مبرر للاعتقاد بغياب أيّ صلة مباشرة لهما بتهافت الغزالي أو أنّهما لم يوجدا أصلا. وهذا هو حال كتاب بعنوان تهافت الفلاسفة للراوندي (ت. 573هـ/1177م). ذكره إسماعيل باشا في كتابه هديّة العارفين كما آغا بزرك الذي يحيل على خزانة ضريح الإمام رضا في مدينة مشهد.[100] غير أنّ آغا بزرك يورده في مادّة مستقلّة، وبما أنّه لا يرد له ذكر في المادّة الرئيسة عن تهافت الغزالي في كشف الظنون لحاجي خليفة، فيبدو أنّه محض تشابه في الأسماء وأنّه ليس شرحا. ثمّة كتاب آخر غير وارد في هذه القائمة هو تهافت الفلاسفة لنصير الدين الطوسي. يذكره آغا بزرك، محيلا على خزانات عديدة.[101] وذُكر أيضا في كتاب اكتفاء القنوع لـ فان دايك Van Dijck، حيث نقرأ (في مادّة ˮنصير الدين الطوسي“): ˮوله أيضا كتاب تهافت الفلاسفة (غير مطبوع)، وهو الكتاب الرابع الذي يحمل العنوان نفسه.“ ومن ثمّ يربطه فان دايك بكتاب الغزالي.[102] وبالنظر إلى احتمال أن يكون الكتاب منحولا باعتبار التقارب الكبير بين اسمي نصير الدين الطوسي وعلاء الدين الطوسي، علاوة على أنّ مثل هذا الكتاب لا يرد في فهارس أخرى، فيبدو أنّ ثمّة ما يبرّر ترك هذا العنوان جانبا إلى أن يسلّط فحص المخطوطات مزيدا من الضوء على هذه المسألة.

وتجدر الإشارة إلى أنّني أوردت كتابَي الإيجي ومؤيّد زاده بوصفهما حواشي على كتاب خوجه زاده، على الرغم من أنّ هذا الأمر غير واضح في تقليد الفهارس. إنّ إيجاد المخطوط الشاهد وفحصه سيسمح لنا بالوصول إلى جواب نهائيّ في شأن وضعيّتها.

وانطلاقا من هذه اللائحة، ينبغي أن يكون واضحا أنّ ثمّة بالفعل، إلى جانب ابن رشد وأوغوستينو فينو، طابور عثمانيّ من الشروح على تهافت الفلاسفة للغزالي.

الغزالي (ت. 505ه/1111م)، تهافت الفلاسفة[103]

ابن رشد (ت. 595ه/1198م)، تهافت التهافت[104]

Agostino Nifo (d. 1545), Destructiones destructionum Averroys cum Augustini Niphi de Suessa expositione[105]

   علاء الدين الطوسي (ت. 887ه/1482م)، الذخيرة/تهافت الفلاسفة[106]

   خوجه زاده (ت. 893ه/1488م)، تهافت الحكماء/تهافت الفلاسفة[107]

   ؟معين الدين الإيجي (ت. 906ه/1501م)، تهافت الفلاسفة[108]

   ؟حكيم شاه القزويني (ت. 928ه/1521م)، حاشية على التهافت[109]

   ابن كمال باشا (ت. 940ه/1534م)، حاشية على التهافت[110]

   قراباغي (ت. 942ه/1535م)، تهافت الحكماء[111]

   ؟مؤيّد زاده (ت. 970ه/1562م)، شرح تهافت الفلاسفة[112]

   ؟نوعي الرومي (ت. 1007ه/1598م)، حاشية على التهافت[113]

   ؟كوراني (ت. 1078ه/1667م)، حاشية على التهافت[114]

   أسكداري (ت. 1149ه/1736م)، تلخيص التهافت[115]

Bibliography

Adamson, P. “On Knowledge of Particulars.” Proceedings of the Aristotelian Society 105, no. 1 (2005): 257–78.

Āghā Buzurg. al-Dharīʿa ilā taṣānīf al-Shīʿa. Beirut: Dār al-aḍwāʾ, 1983.

Ahmed, A.Q. “Post-Classical Philosophical Commentaries/Glosses: Innovation in the Margins.” Oriens 41 (2013): 317–348.

ʿAlāʾ al-Dīn Ṭūsī. Kitāb al-dhakhīra. Hyderabad: Maṭbaʿat dāʾirat al-maʿārif, 1899.

ʿAlāʾ al-Dīn Ṭūsī. Tahāfut al-falāsifa. Edited by R. Saʿāda. Beirut: al-Dār al-ʿālamiyya, 1981.

Ali, M. “Muslim Opposition to Logic and Theology in the Light of the Works of Jalāl al-Dīn al-Suyūṭī (d. 911/1505).” Unpublished PhD dissertation. Leiden: University of Leiden, 2008.

Anawati, G.C. “Les Divisions des Sciences Intellectuelles d’Avicenne.” mideo 13 (1977):323–35.

Ansari, H. “Raddiyya-i Quṭb Rāwandī bar falāsifa.” Barrasī-hā-ye tarīkhī (blog), January 20, 2014, http://ansari.kateban.com/entry2040.html.

Arslan, A. “Kemal Paşa-Zade’nin ‘Haşiya ‘ala Tahafut al-falasifa’si’.” Araştırma Ankara Üniversitesi Dil ve Tarih-Coğrafya Fakültesi Felsefe Bölümü Dergisi 10 (1972): 19–45.

Association française des Arabisants. Dix ans de recherche universitaire française sur le monde arabe et islamique de 1968–69 à 1979. Paris: Editions Recherche sur les civilisations, 1982.

Asutay-Effenberger, N., and U. Rehm, eds. Sultan Mehmet ii. Eroberer Konstantinopels—Patron der Künste. Köln: Böhlau Verlag, 2009.

Ayverdi, E.K. Osmanlı Mi‘Mârîsinde: Fâtih Devri 855–886 (1451–1481). Istanbul: Baha matbaası, 1973.

Babinger, F. Mehmed der Eroberer und seine Zeit: Weltenstürmer einer Zeitenwende. Munich: F. Bruckmann, 1953.

Boer, Tj. de. Die Widersprüche der Philosophie nach al-Ġazzālī und ihr Ausgleich durch Ibn Rošd. Strassburg: Verlag von Karl J. Trübner, 1894.

Bouyges, M. “Notes sur les philosophes arabes connus des Latins au Moyen Age. v.Inventaire des texts arabes d’Averroès.” Mélanges de l’Université St.-Joseph 8 (1922): 1–54.

Bouyges, M. “Inventaire des Textes Arabes d’Averroès (suite) Additions et Corrections a la Note v.” Mélanges de l’Université St.-Joseph 9 (1923): 43–94.

Brockelmann, C. Geschichte der arabischen Litteratur. 5 vols. 2nd ed. Leiden: Brill, 1937.

Cihan, A.K. “Fatih Dönemi Ilim Hayatı ve Hocazâde” In International Symposium on Khojazada. Edited by T. Yücedoğru et al., 59–86.

Craig, W.L. The Problem of Divine Foreknowledge and Future Contingents from Aristotle to Suarez. Leiden: Brill, 1988.

Daiber, H. Bibliography of Islamic Philosophy. 2 vols. Leiden: Brill, 1999.

Dijck, E.C. van, and M.A. Biblāwī. Iktifāʾ al-qunūʿ. Cairo: Maṭbaʿat al-hilāl, 1897.

Ess, J. van. Die Erkenntnislehre des ʿAḍudaddīn al-Īcī: Übersetzung und Kommentar des Ersten Buches seiner Mawāqif. Wiesbaden: Franz Steiner Verlag, 1966.

Fakhr al-Dīn Rāzī. al-Maṭālib al-ʿāliya min al-ʿilm al-ilāhī. Edited by A.M. al-Saqā. 9 vols. Beirut: Dār al-kitāb al-ʿarabī, 1987.

Fâni, E.S. “Hakîm Şah el-Kazvînî.” in Türkiye Diyanet Vakfı Islâm Ansiklopedisi (Istanbul: Türk Diyanet Vakfı, 1983–2013) vol. 15 of 44, 194–5. See also http://www.islamansiklopedisi.info/.

Flügel, G. Die arabischen, persischen, türkischen Handschriften der k.u.k. Hofbibliothek zu Wien. 3 vols. Hildesheim: Olms, 1867.

Gardet, L. “ʿIlm al-Kalām.” Encyclopædia of Islam. 2nd ed. Edited by P.J. Bearman et al. 12 vols. Leiden: Brill, 1960–2005: vol. 3, p. 1141b–50b.

Ghazālī. The Incoherence of the Philosophers [= Tahāfut al-falāsifa]. Edited and translated by M.E. Marmura. Provo: Brigham Young University Press, 2000.

Ghazālī. The Incoherence of the Philosophers [= Tahāfut al-falāsifa]. Edited and translated by M.E. Marmura. Provo: Brigham Young University Press, 2000.

Gökdağ, K. “Mehmed Emin el-Üsküdârî ve Telhîsu Tehâfüti’l-Hukemâ Adlı Eseri” [=Talkhīṣ al-Tahāfut]. Unpublished PhD dissertation. Istanbul: Marmara University, 2008.

Gosche, R. “Über Ghazzâlîs Leben und Werke.” Abhandlungen der philos.-histor. Klasse der Königl. Akademie der Wissenschaften. Berlin, 1858.

Gutas, D. “The Heritage of Avicenna: The Golden Age of Arabic Philosophy, 1000–ca. 1350.” In Avicenna and His Heritage. A Golden Age of Science and Philosophy. Edited by J. Janssens and D. De Smet. Leuven: Leuven University Press, 2002, 81–97.

Gutas, D. Greek Thought, Arabic Culture. London: Routledge, 1998.

Hadi Zade. 2 vols. Tehran: Mīrāth-i maktūb, 2002.

Hajjī Khalīfah. Kashf al-ẓunūn. 2 vols. Istanbul: Wakālat al-maʿārif, 1943. Horten, M. Die hauptlehren des Averroes: nach seiner schrift: Die Widerlegung des Gazali. Bonn: A. Marcus und E. Webers Verlag, 1913.

Horten, M. Die hauptlehren des Averroes: nach seiner schrift: Die Widerlegung des Gazali. Bonn: A. Marcus und E. Webers Verlag, 1913.

Ibn Kamāl Pāshā. Ḥāshiya ʿalá al-Tahāfut. Istanbul: ms Yazma Bağıgişlar 5587, 954 h.

Ibn Kamāl Pāshā. Tehâfüt hâşiya [= Ḥāshiya ʿalá Tahāfut al-falāsifa]. Translated by A. Arslan. Ankara: Kültür ve Turizm Bakanlığı, 1987.

Ibn Rushd. Averroes’ Tahafut al-Tahafut (The Incoherence of the Incoherence) [= Tahāfut al-Tahāfut]. Translated by S. van den Bergh. 2 vols. London: Luzac & Co., 1954.

Ibn Rushd. Tahafot at-Tahafot [= Tahāfut al-Tahāfut]. Edited by M. Bouyges. Beirut: Impri- merie Catholique, 1930.

Ibn Sīnā. “Risāla fī aqsām al-ʿulūm al-ʿaqlīya.” In Tisʿ rasāʾil fī al-ḥikma wa-al-ṭabīʿīyāt. Edited by H. Asi. Beirut: Dār qābis, 1986, 83–94.

Ibn Sīnā. İlâhiyât-ı Ṣifâ. Facsimile. Ankara: Vakiflar Genel Müdürlüġū Yayinları, 2005.

Ihsanoglu, E. “Ottoman science in the classical period and early contacts with European science and technology.” In Transfer of Modern Science & Technology to the Muslim World. Edited by E. Ihsanoglu. Istanbul: ircica, 1992, 1–48.

Inalcik, H. The Ottoman Empire. Translated by N. Itzkowitz and C. Imber. London: Weidenfeld and Nicolson, 1973.

Ismāʿīl Pāshā. Hadīyat al-ʿārifīn. 2 vols. Istanbul: Wakālat al-maʿārif, 1951.

Jarraï, H. “Tahâfût [sic] al-falâsifa par Khwâdja Zâde.” Unpublished PhD thesis. Paris, Sorbonne, 1972.

Kaḥḥāla, ʿU.R. Muʿjam al-muʾallifīn. 15 vols. Damascus: al-Maktaba al-ʿArabīya, 1957.

Karadaş, C. “Hocazâde’nin Tehâfüt’ünde Sebeplilik Meselesi.” In International Symposium on Khojazada. Edited by T. Yücedoğru et al., 163–72.

Kaya, V. “Âlemin Ezelîliği Tartışmalarında Hocazâde’nin Yeri.” In International Symposiu on Khojazada. Edited by T. Yücedoğru et al., 253–67.

Khojazāda. Tahāfut al-falāsifa. Cairo: al-Maṭbaʿa al-iʿlāmīya, 1303/1884–5.

Khojazāda. Tahāfut al-falāsifa. Istanbul: ms Beyazid Veliyyüddin 1990, 919 h., Thalātha fuṣūl min kitāb Tahāfut al-falāsifa li-Khojazāda. In: Lit, L.W.C. van,“Two Ottoman Intellectuals …”, 1–26.

Laknawī, M. al-Fawāʾid al-bahīya fī tarājim al-Ḥanafīya. Cairo: Maṭbaʿat al-saʿāda, 1906.

Leaman, O. An Introduction to Classical Islamic Philosophy. 2nd ed. Cambridge: Cambridge University Press, 2002.

Lit, L.W.C. van. “Eschatology and the World of Image in Suhrawardī and His Commentators.”Unpublished PhD dissertation. Utrecht: Utrecht University, 2014.

Lit, L.W.C. van. “The Chapters on God’s Knowledge in Khojazāda’s and ʿAlāʾ al-Dīn’s Studies on al-Ghazālī’s Tahāfut al-Falāsifa.” In International Symposium on Khojazada. Edited by T. Yücedoğru et al., 175–99.

Lit, L.W.C. van. “Two Ottoman Intellectuals on the Issue of God’s Knowledge: Khojazāda and ʿAlāʾ Al-Dīn Al-Ṭūsī.” Unpublished ma thesis, McGill University, 2011. Available at http://digitool.Library.McGill.CA:80/R/-?func=dbin-jump-full&object_id=104850 &silo_library=GEN01

MacDonald, D.B. “The life of al-Ghazzālī with especial reference to his religious experiences and opinions.” Journal of the American Oriental Society 20 (1899): 71–132.

Mahoney, E. “Nifo, Agostino (c. 1470–1538).” In Routledge Encyclopedia of Philosophy. Edited by E. Craig. London: Routledge, 1998.

Muḥibbī, M. Khulāṣat al-athar. 4 vols. Beirut: Maktabat khayyāṭ, 1966.

Munk, S. Mélanges de philosophie juive et arabe. Paris: A. Franck, 1859.

Naṣīr al-Dīn Ṭūsī. Tahrîru usûli’l-hendese ve’l-hisâb. Facsimile. Edited I. Fazlıoǧlu. Istanbul: Türkiye Yazma Eserler Kurumu Başkanlıǧı, 2012.

Nifo, A. Destructiones destructionum Averroys cum Augustini Niphi de Suessa expositione. Venice: Octavianus Scotus, 1497.

Özervarlı, M.S. “Arbitrating between al-Ghazālī and the Philosophers: The Tahāfut Commentaries in the Ottoman Intellectual Context.” In Islam and Rationality: The Impact of al-Ghazālī. Papers Collected on His 900th Anniversary. Vol. i. Edited by G. Tamer. Leiden: Brill, 2015.

Pourjavady, R., and S. Schmidtke. A Jewish philosopher of Baghdad. Leiden: Brill, 2006.

Qarābāghī. Ḥāshiya ʿalá Tahāfut al-falāsifa. ms Hüseyin Hüsnü Paşa 787. Istanbul, 959 h. foll. 1b–18a.

Qarābāghī. Karabâğî ve Tehâfüt’ü [= Ḥāshiya ʿalá Tahāfut al-falāsifa]. Translated by A. Güzel. Ankara: Kültür Bakanlığı Yayınları, 1991.

Qarībullāh, H.M. The influence of al-Ghāzalī [sic] upon Islamic jurisprudence and phi- losophy. Beirut: Dār al-jīl, 1993.

Qumayr, Y. Ibn Rushd wa-l-Ghazālī: al-Tahāfutāni. Beirut: Dār al-mashriq, 1986.

Quṭb al-Dīn Rāzī. al-Ilāhīyāt min al-Muḥākamāt bayna sharḥay al-Ishārāt. Edited by M.

Renan, E. Averroès et l’averroïsme. 4th ed. Paris: Calmann-Lévy, 1852.

Saʿāda, R. Mushkilat al-ṣirāʿ bayn al-falsafa wa-l-dīn. Beirut: al-Dār al-ʿālamīya, 1981.

Sabra, A.I. “The Appropriation and Subsequent Naturalization of Greek Science in Medieval Islam.” History of Science 25 (1987): 223–43.

Schmölders, A. Essai sur les écoles philosophiques chez les Arabes, et notamment sur la doctrine d’Algazzali. Paris: Firmin Didot Frères, 1842.

Shihadeh, A. “Khojazāda on al-Ghazālī’s Criticism of the Philosophers’ Proof of the Existence of God.” In International Symposium on Khojazada. Edited by T. Yücedoğru et al., 141–60.

Steinschneider, M. Die hebraeischen Uebersetzungen des Mittelalters und die Juden als Dolmetscher. Berlin: Kommissionsverlag des Bibliographischen Bureaus, 1893.

Ṭāsh Kubrī Zāda. al-Shaqāʾiq al-nuʿmānīya fī ʿulamāʾ al-dawla al-ʿuthmānīya. Edited byS.M.T. Behbahani. Tehran: Majles-e šorā-ye eslāmi, 2010.

Türker, M. Üç Tehâfüt Bakımından Felsefe ve Din Münasebeti. Ankara: Türk Tarih kurumu Basımevi, 1956.

Uskudārī. “Talkhīṣ al-Tahāfut.” in Mehmed Emin El-Üsküdârî ve Telhîsu Tehâfüti’l-hukemâ Adlı Eseri. K. Gökdağ. Unpublished PhD dissertation. Istanbul: Marmara University, 2008, 126–208.

Uskudārī. Talkhīṣ al-Tahāfut. ms Kemankes 266. Istanbul, 1138 h.

Von Hammer, J. Geschichte des Osmanischen Reiches. 10 vols. Pest: Hartleben’s Verlag,1827–35.

Yücedoğru, T. Arap, Acem ve Rum Diyarında Emsalsiz Biri Hocazâde Muslihuddîn Mustafa. Bursa: Bursa Büyükșehir Belediyesi, 2010.

Yücedoğru, T., O. Koloğlu, M. Kılavuz, and K. Gömbeyaz, eds. International Symposium on Khojazada (22–24 October 2010 Bursa): Proceedings. Bursa: Bursa Büyükșehir Belediyesi, 2011.

Ziriklī, Kh. al-Aʿlām. 8 vols. Beirut: Dār al-ʿilm al-malāyīn, 1980.

 

للتوثيق

فان ليت، لامبرتوس. ”تقليد عثمانيّ في شرح كتاب الغزالي ’تهافت الفلاسفة‘: ملاحظات أوليّة.“ ترجمة وتقديم سعيد البوسكلاوي. ضمن موقع الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية، الرابط <https://philosmus.org/archives/3032>

سعيد البوسكلاوي

سعيد البوسكلاوي أستاذ الفلسفة بجامعة محمّد الأوّل، وجدة، وملحق حاليا بجامعة زايد، أبو ظبي. وهو مؤسّس فريق البحث في الفلسفة الإسلاميّة في جامعة محمّد الأوّل، نظّم العديد من الندوات الدوليّة والوطنيّة في جامعتى محمّد الأوّل وزايد كما أشرف على العديد من الرسائل الجامعيّة. وهو أيضا عضو في عدّة جمعيات وطنيّة ودوليّة في مجال تخصّصه، منها الجمعيّة الدوليّة لدراسة الفلسفة في العصر الوسيط، والجمعيّة الدوليّة لتاريخ العلوم والفلسفة العربيّة والإسلاميّة. سعيد البوسكلاوي هو مؤلّف كتاب مفهوم الإرادة في الفلسفة الإسلاميّة المشّائيّة، بيروت: دار المشرق، 2010. كما ألّف ونسّق وترجم أعمالا أخرى كثيرة (كتبا، وفصولا من كتب، ومقالات في مجلّات محكّمة، وأوراق ندوات) بالعربيّة والإنجليزيّة. ويشتغل حاليا حول مشروع بحث حول تلقّي يحيى النحوي في التراث الإسلامي، دراسة وتحقيقا وترجمة. وقد نشر بعض أجزائه، منها: كتاب دراسات عن يحيى النحوي في التراث الإسلاميّ (جمع وتقديم وترجمة)، بيروت-الجزائر-الرباط: منشورات ضفاف-الاختلاف-دار الأمان، 2020، بالإضافة إلى مجموعة من الفصول والمقالات، بعضه متاح على صفحته على موقع أكاديميا: https://ump-ma.academia.edu/SaidElBousklaoui

[1] المقالة الأصليّة:

L.W.C. van Lit,An Ottoman Commentary Tradition on Ghazālī’s Tahāfut al-falāsifa. Preliminary Observations,” Oriens 43 (2015): 368–413.

أودّ أن أشكر لـفان ليت، مؤلّف المقالة، وفؤاد بن أحمد تفضّلهما بمراجعة هذه الترجمة وملاحظاتهما واقتراحاتهما المفيدة التي أغنت العمل، ولا أحمّلهما مسؤولية ما قد يبقى من نواقص في النصّ المترجم [المترجم].

[2] أودّ أن أشكر مركز ماك ميلان في جامعة يائل والمعهد الهولنديّ في تركيا اللذين جعلا هذه الدراسة ممكنة بفضل دعمهم [المؤلّف].

[3] علاء الدين الطوسي، كتاب الذخيرة (حيدر آباد: مطبعة دارة المعارف، 1899م). ثمّة طبعة ثانية صدرت عن دار الفكر اللبنانيّ، عام 1990م، بترقيم مختلف للصفحات. سأحيل على طبعة الدار العالميّة.

[4] سأحيل على مصادر متعدّدة، من ضمنها مخطوط، مادامت النسخة المطبوعة ليست نشرة نقديّة ويصعب قراءتها. وقد اخترت المخطوط لأسباب ثلاثة: 1) قد يكون قديما إذا صدّقنا تاريخه، 2) مرتّب، 3) وجدته مكتوبا بخطّ جميل.

[5] A. Schmölders, Essai sur les écoles philosophiques chez les Arabes, et notamment sur la doctrine d’Algazzali (Paris: Firmin Didot Frères, 1842), 213ff.; R. Gosche, “Über Ghazzâlîs Leben und Werke,” Abhandlungen der philos.-histor. Klasse der Königlich Akademie der Wissenschaften, Berlin (1858): 239–311; S. Munk, Mélanges de philosophie juive et arabe (Paris: A. Franck, 1859), 369.

[6] E. Renan, Averroès et l’averroïsme, 4th ed. (Paris: Calmann-Lévy, 1852).

[7] مع أنّنا نجد عام 1303ه بوصفه تاريخ النشر، في مثال واحد، في آخر الكتاب.

[8] تتضمّن طبعة 1321ه نصّ خوجه زاده في الهوامش، لا نصّا قائما بذاته. ونقرأ لاحقا أنّه ˮطبع على حساب مصطفى البادي الحلبي وإخوانه في مصر.“ وقد ذكر بويج الثلاثة جميعهم ضمن؛

  1. Bouyges, “Notes sur les philosophes arabes connus des Latins au Moyen Age. v. Inventaire des texts arabes d’Averroès,”Mélanges de l’Université St.-Joseph 8 (1922): 25.

أورد بويج معلومات إضافيّة في: ابن رشد، تهافت التهافت، تح. م. بويج (بيروت: المطبعة الكاثوليكيّة، 1930م)، xix.

[9] D.B. MacDonald, “The life of al-Ghazzālī with especial reference to his religious experiences and opinions,” Journal of the American Oriental Society 20 (1899): 124, fn. 1.

[10] M. Bouyges, “Inventaire des Textes Arabes d’Averroès (suite) Additions et Corrections a la Note v,” Mélanges de l’Université St.-Joseph 9 (1923): 45.

[11] Tj. de Boer, Die Widersprüche der Philosophie nach al-Ġazzālī und ihr Ausgleich durch Ibn Rošd (Strassburg: Verlag von Karl J. Trübner, 1894), 62–63.

في الواقع، افتتح كتابه معترفا بهذا (ˮفي عام 1302هـ أي (1884/5م) نشر في القاهرة الكتابان في مطبوع واحد…“)، واختتم كتابه باقتراح أكثر من 60 تصحيحا لتلك النشرة.

[12] M. Horten, Die hauptlehren des Averroes: nach seiner schrift: Die Widerlegung des Gazali (Bonn: A. Marcus und E. Webers Verlag, 1913).

[13] Ibn Rushd, Averroes’ Tahafut al-Tahafut (The Incoherence of the Incoherence), transl. by S. van den Bergh, 2 vols. (London: Luzac & Co., 1954).

 [14] على سبيل المثال، يوظف كتاب ليمان  Leamanواسع الانتشار، نصوص الغزالي وابن رشد كثيرا؛

  1. Leaman, An Introduction to Classical Islamic Philosophy, 2nd ed.(Cambridge: Cambridge University Press, 2002).

[15] G. Flügel, Die arabischen, persischen, türkischen Handschriften der k.u.k. Hofbibliothek zu Wien, (Hildesheim: Olms, 1867), #1520 = vol. ii, 597.

[16] Flügel, Die arabischen, persischen, türkischen Handschriften, vol.iii, 218.

[17] M. Steinschneider, Die hebraeischen Uebersetzungen des Mittelalters und die Juden als Dolmetscher (Berlin: Kommissionsverlag des Bibliographischen Bureaus, 1893), 326–27.

[18] Brockelmann, Geschichte der arabischen Litteratur, 2nd ed. (Leiden: Brill, 1937), gii, 298.

[19] Brockelmann, gal, sii, 279;

م. اللكنوي، الفوائد البهيّة في تراجم الحنفيّة (القاهرة: مطبعة السعادة، 9061م)، 145، 1؛ خ. الزركلي، الأعلام (بيروت: دار العلم للملايين، 1980م)، ج. 5، 9؛ ع. ر. كحّالة، معجم المؤلّفين (دمشق: المكتبة العربية، 1957م)، ج. 7، 185.

[20] Horten, Die hauptlehren des Averroes, iii.

[21] ابن رشد، تهافت التهافت، xix.

[22] Louis Gardet, “ʿIlm al-Kalām,”EI2, vol. 3, 1141b–1150b.

لابدّ أنّ غارديه كتب المقال بين عامي 1967م (وهو تاريخ أحدث منشور يحيل عليه في المقال) و1971م (تاريخ نشر المجلد الثالث من موسوعة الإسلام 2).

[23] H. Inalcik, The Ottoman Empire, transl. by N. Itzkowitz and C. Imber (London: Weidenfeld and Nicolson, 1973), 177. Almost echoed in E. Ihsanoglu, “Ottoman science in the classical period and early contacts with European science and technology,” in Transfer of Modern Science & Technology to the Muslim World, ed. by E. Ihsanoglu (Istanbul: ircica, 1992), 18.

[24] H. Jarraï, “Tahâfût [sic] al-falâsifa par Khwâdja Zâde,” Unpublished PhD thesis (Paris, Sorbonne, 1972). Cf. H. Daiber, Bibliography of Islamic Philosophy (Leiden: Brill, 1999), #4855 = vol. 1, 508; Association française des Arabisants, Dix ans de recherche universitaire française sur le monde arabe et islamique de 1968–69 à 1979 (Paris: Editions Recherche sur les civilisations, 1982), #589 = 47.

[25] أودّ أن أسجّل أربعة جوانب سلبيّة في عمل جرّاعي. أوّلا، يقول خطأ إنّ محمد الثاني طلب من علاء الدين الطوسي وخوجه زاده الحكم بين الغزالي وابن رشد. ثانيا، لم يتمكّن المؤلّف من الحصول على النسخة المطبوعة عام 1884م واعتمد في نشرته فقط على خزانة فرنسا الوطنيّة، مخطوط عربيّ 2398 (نقل 928/1521 من نسخة المؤلّف) وخزانة القاهرة 4197، نقل 977/1569، ومن ثمّ أغفل ببساطة عددا كبيرا من المخطوطات الموجودة في إستانبول. ثالثا، لا يعدو تحليله أن يكون سوى تلخيص موجز جدّا لكلّ فصل. وأخيرا، فقد استعملت في طباعته الفعليّة آلة كتابة بحبر باهت على ورق رقيق بالكادّ يكون العمل مقروءا. 

[26] ي. قمير، ابن رشد والغزالي: التهافتان (بيروت: دار المشرق، 1986م).

[27] ح. قريب الله، تأثير الغزالي في أصول الفقه والفلسفة الإسلاميّة (بيروت: دار الجيل، 1993م)، 36.

[28] D. Gutas, Greek Thought, Arabic Culture (London: Routledge, 1998), 174; D. Gutas, “The Heritage of Avicenna: The Golden Age of Arabic Philosophy, 1000–ca. 1350,” in Avicenna and His Heritage. A Golden Age of Science and Philosophy, ed. by J. Janssens and D. De Smet (Leuven: Leuven University Press, 2002), 88.

[29] علاء الدين الطوسي، كتاب الذخيرة (حيدر آباد: مطبعة دائرة المعارف، 1899م).

[30] علاء الدين الطوسي، تهافت الفلاسفة، تح. ر. سعادة (بيروت: الدار العالميّة، 1981م).

[31] رضا سعادة، مشكلة الصراع بين الفلسفة والدين (بيروت: الدار العالميّة، 1981م).

[32] M. Türker, Üç Tehâfüt Bakımından Felsefe ve Din Münasebeti (Ankara: Türk Tarih kurumu Basımevi, 1956).

[33] Ibn Kamāl Pāshā, Tehâfüt hâşiya [= Ḥāshiya ʿalá Tahāfut al-falāsifa], transl. by A. Arslan (Ankara: Kültür ve Turizm Bakanlığı, 1987); Qarābāghī, Karabâğî ve Tehâfüt’ü [= Ḥāshiya ʿalá Tahāfut al-falāsifa], transl. by A. Güzel (Ankara: Kültür Bakanlığı Yayınları, 1991); K. Gökdağ, Mehmed Emin el-Üsküdârî ve Telhîsu Tehâfüti’l-Hukemâ Adli Eseri, Unpublished PhD dissertation (Istanbul: Marmara University, 2008).

[34] T. Yücedoğru et al., International Symposium on Khojazada (22–24 October 2010 Bursa): Proceedings (Bursa: Bursa Büyükșehir Belediyesi, 2011).

[35] C. Karadaş, “Hocazâde’nin Tehâfüt’ünde Sebeplilik Meselesi,” in International Symposium on Khojazada, ed. by Yücedoğru et al., 163–72.

[36] V. Kaya, “Âlemin Ezelîliği Tartışmalarında Hocazâde’nin Yeri,” in International Symposium on Khojazada, ed. by Yücedoğru et al., 253–67.

[37] A. Shihadeh, “Khojazāda on al-Ghazālī’s Criticism of the Philosophers’ Proof of the Existence of God,” in International Symposium on Khojazada, ed. by Yücedoğru et al., 141–60.

[38] T. Yücedoğru, Arap, Acem ve Rum Diyarında Emsalsiz Biri Hocazâde Muslihuddîn Mustafa (Bursa: Bursa Büyükșehir Belediyesi, 2010).

[39] M.S. Özervarlı, “Arbitrating between al-Ghazālī and the Philosophers: The Tahāfut Commentaries in the Ottoman Intellectual Context,” in Islam and Rationality: The Impact of al- Ghazālī. Papers Collected on His 900th Anniversary. Vol. i, ed. G. Tamer (Leiden: Brill, 2015). The two PhD candidates are Efe Murat Balıkçıoğlu of Harvard University and Josephine Gehlhar of Freie Universität Berlin.

 [40] حاجي خليفة، كشف الظنون (إستانبول: وكالة المعارف، 1943م)، ج. 1، 513. انظر طاش كبري زاده، الشقائق النعمانيّة في علماء الدولة العثمانيّة، تح. س. م. ت. بهبهاني (تهران: مجلس الشورى الإسلاميّ، 2010م)، 91.

[41] يبدو أنّ موقف الغزالي من الفلسفة لم يكن واضحا أيضا. على سبيل المثال، العلّامة السيوطي، وهو مصري معاصر خوجه زاده وعلاء الدين الطوسي، غيّر رأيه من رأي الغزالي في المنطق مرّتين؛ إذ أكّد أوّلا أنّ الغزالي يدافع عن المنطق، وبعد ذلك افترض أنّ الغزالي يرى أنّ فائدة المنطق تكمن في الاستعمال العمليّ، وأخيرا استنتج أنّ الغزالي كان في الواقع يعارض المنطق. انظر

  1. Ali, “Muslim Opposition to Logic and Theology in the Light of the Works of Jalāl al-Dīn al-Suyūṭī (d. 911/1505),” Unpublished PhD dissertation (Leiden: University of Leiden, 2008), 167.

[42] عن تحليل لهذه المصادر، انظر:

L.W.C. van Lit, “The Chapters on God’s Knowledge in Khojazāda’s and ʿAlāʾ al-Dīn’s Studies on al-Ghazālī’s Tahāfut al-Falāsifa,” in International Symposium on Khojazada, ed. by Yücedoğru et al., 175–99.

المقصود بالتملّك Appropriation عملية النسخ واللصق من مصدر سابق، مع إدخال تغييرات مستمرّة صغيرة (وكبيرة أحيانا) في النصّ الأصليّ لا تمسّ المعنى بالضرورة، ولكنّها تغيّر في الصياغة. ومن ثمّ، فالتملّك يكشف عن ممارسة في الدراسة والتفكير في النصّ الأصليّ. مادام أنّ الشخص الذي يفهم الفكرة وحده قد يغيّر النصّ دون أن يغيّر المعنى خطأ. للمزيد من المعلومات، انظر:

L.W.C. van Lit, “Eschatology and the World of Image in Suhrawardī and His Commentators,” Unpublished PhD dissertation (Utrecht: Utrecht University, 2014), 355–356, cf. A.I. Sabra, “The Appropriation and Subsequent Naturalization of Greek Science in Medieval Islam,” History of Science 25 (1987): 223–43.

[43] طاش كبري زاده، الشقائق: 122. وتجدر الملاحظة أنّ اسم المدينة ظلّ لزمن طويل هو القسطنطينيّة. انظر استخدام ماكدونالد وبويج لها أعلاه.

[44] J. Von Hammer, Geschichte des osmanischen Reiches (Pest: Hartleben’s Verlag, 1827–1835), vol. 1, 554.

[45] لم يكن هذا بغرض تطوير الدولة فحسب، بل من أجل بناء وترسيخ هوية سلطة الحاكم أيضا؛ انظر

Von Hammer, Geschichte, vol. 2, 212: “Gebäude überleben nach der natürlichen Folge der Dinge ihre Erbauer; darum haben von jeher Menschen ihren Nahmen durch Bauten zu verewigen, sich durch Tempel und Kirchen in den Himmel hinauf und hinein zu bauen, und selbst urch Gräber ihr Daseyn über das Grab zu verlängern getrachtet.”

[46] Cf. N. Asutay-Effenberger and U. Rehm, eds., Sultan Mehmet ii. Eroberer Konstantinopels—Patron der Künste (Köln: Böhlau Verlag, 2009); F. Babinger, Mehmed der Eroberer und seine Zeit: Weltenstürmer einer Zeitenwende (Munich: F. Bruckmann, 1953), 552–557; A.K. Cihan, “Fatih Dönemi Ilim Hayatı ve Hocazâde,” International Symposium on Khojazada, ed. By Yücedoğru et al., 59–86.

[47] E.K. Ayverdi, Osmanlı Mi‘Mârîsinde: Fâtih Devri 855–886 (1451–1481) (Istanbul: Baha matbaası, 1973), 347; 428; and 537.

صارت البانتوكراتور تحمل اسم جامع زيرك. وقد أطلق عليه هذا الاسم بعد المولى زيرك الذي كان أوّل من عمل مدرّسا فيه. والمسجد ما يزال قائما وما زال يعرف باسم زيرك. والبانتيبوبت صارت جامع عمارة إسكي Eski Imaret. وصار دير المخلص المقدّس مسجد كاري (وهو متحف حاليا)، والمسيح أكاليبتوس صار جامع قلندرخانه.

[48] وهذا نجده في طاش كبري زاده، الشقائق، 90 (لما بنى المدارس الثمان هناك نقل التدريس منها إليها).

[49] إنّ التمييز بين المولى والشيوخ هو تمييز رفيع وما قدّم هنا هو من أجل إعطاء انطباع عامّ لا غير. على سبيل المثال، يرد في الشقائق لطاش كبري زاده ˮالشيخ رمضان“ (ص 47)، ونحن أوردناه هنا بوصفه مولى بما أنّنا قرأنا أنّه أصبح قاضي بالعسكر ونقرأ في الدعاء روّح الله روحه بدل قدّس الله سرّه، وقد اعتاد طاش كبري زاده إطلاق الأخير على شيوخ الصوفيّة. مثال آخر هو ˮالسيد علاء الدين علي السمرقندي“ (صص. 77–8). ولا يبدو أنّ طاش كبري زاده بدوره يعرف ما هو فاعل به، مفتتحا المادّة بقولهˮʼالعارف بالله المولى العالم“؛ ينطبق المصطلح الأوّل على شيوخ الصوفيّة دائما، والثاني على المولى دائما. لقد أدرجته ضمن المولى فقط لأنّه يظهر في وسط لائحة تضمّ أسماء الموالي.

[50] على سبيل المثال، أمر بوضع نسخة من كتاب الشفاء لابن سينا وتمّ الانتهاء بها عام 871هـ/1466-7م (أعيد نشرها ضمن ابن سينا، إلهيّات الشفاء (أنقرة: Vakıflar Genel Müdürlüġü Yayınları، 2005)؛ وأمر بنسخ كتاب السهروردي، حكمة الإشراق وتمّ الفراغ منها عام 882هـ/1477-8م (مخطوط توبكابي أ3267)؛ وكذلك تمّ نسخ كتاب نصير الدين الطوسي تحرير الأقليديس عام 869هـ/1464م (مخطوط فيض الله 1459، نسخت بعنوان تحرير أصول الهندسة والحساب، تح. فضل أوغلو Fazlıoġlu (إسطنبول: Türkiye Yazma Eserler Kurumu Başkanlıǧı , 2012))؛ وأيضا تمّ نسخ كتاب ابن كمونة شرح التلويحات ربّما عام 864هـ/1459م (مخطوط ياني جامي Yeni Câmi 765، انظر

  1. Pourjavady, and S. Schmidtke, A Jewish philosopher of Baghdad (Leiden: Brill, 2006), 76).

[51] على سبيل المثال، لقد انخرط خوجه زاده أيضا في مناظرات قصيرة مع أفضل زاده، والمولى زيرك وعلي القوشجي. انظر طاش كبري زاده، الشقائق، 118–29. قد تكون موجودة بوصفها رسائل، انظر: حاجي خليفة، كشف الظنون، ج. 1، 221–3.

[52] Cf. Yücedoğru, Arap, Acem ve Rum Diyarında Emsalsiz Biri Hocazâde Muslihuddîn Mustafa.

[53] على سبيل المثال، مخطوطا أياصوفيا 2204 وكارولا 1276 (بتاريخ 976هـ) يحتويان على حواش كثيرة في هامشهما.

[54] Ibn Kamāl Pāshā, Tehâfüt hâşiya [= Ḥāshiya ʿalá tahāfut al-falāsifa], transl. by A. Arslan (Ankara: Kültür ve Turizm Bakanlığı, 1987); A. Arslan, “Kemal Paşa-Zade’nin ‘Haşiya ‘ala Tahafut al-falasifa’si’,” Araştırma Ankara Üniversitesi Dil ve Tarih-Coğrafya Fakültesi Felsefe Bölümü Dergisi 10 (1972): 19–45.

[55] انظر، على سبيل المثال، مخطوط

 ms Yazma Bagislar 5587 (Istanbul: 954 h.).

[56]Arslan, “Kemal Paşa-Zade’nin ‘Haşiya ‘ala Tahafut al-falasifa’si’,” 19, fn. 1.

[57] E.g. Ibn Kamāl Pāshā, Tehâfüt hâşiya, 24; 26; 49; 52; 127; 254; 260; 415; 303; 296; 299; 345; 358; 410; 422; 444; 453; 502; and 528.

[58] Qarābāghī, Karabâğî ve Tehâfüt’ü [Ḥāshiya ʿalá Tahāfut al-falāsifa], transl. by A. Güzel (Ankara: Kültür Bakanlığı Yayınları, 1991), 58–126; ms Hüseyin Hüsnü Paşa 787 (Istanbul: 959 h.), foll. 1b–18a.

[59] Uskudārī, Talkhīṣ al-Tahāfut, in Mehmed Emin El-Üsküdârî ve Telhîsu Tehâfüti’l-hukemâ Adli Eseri, K. Gökdağ, Unpublished PhD dissertation (Istanbul: Marmara University, 2008), 126; ms Kemankes 266 (Istanbul: 1138 h.), fol. 1b.

[60] ونذكر القارئ، بخصوص الجزء الأكبر من القرن الماضي، بأنّ الدارسين قد أجمعوا فيه على رفض الخطاب الفكريّ الإسلاميّ في العصور الوسطى المتأخّرة باعتباره غير ذي قيمة وغير أصيل. ونقدّم مثالين بارزين على ذلك، فقد كتب بروكلمان Brockelmann أنّ: ˮهذه القرون تبقى شاهدة على تسويد أوراق كثيرة بالحبر في مصر وسوريا، ولو أنّ المكتوب منها قليل.“ Gal, vol. 2, 7–8, . وكتب فان إس Van Ess عن نشاط القرن الرابع عشر أنّه: ˮعلى هذا النحو، يتمّ شحن نفس المادّة وإفراغها من جديد في تناوب عقيم، دونما تجديد في الأصول.“ ج. فان إيس، نظرية المعرفة عند عضد الدين الإيجي: الكتاب الأوّل من ʼالمواقفʻ، ترجمة وتعليق، ضمن

  1. van Ess, Die Erkenntnislehre des ʿAḍudaddīn al-Īcī: Übersetzung und Kommentar des Ersten Buches seiner Mawāqif (Wiesbaden: Franz Steiner Verlag, 1966), 33.

أشكر يوسف أشلحي، من جامعة محمّد الأوّل بوجدة، الذي ساعدني في نقل هاتين العبارتين من الألمانيّة إلى العربيّة.

[61] A.Q. Ahmed, “Post-Classical Philosophical Commentaries/Glosses: Innovation in the Margins,” Oriens 41 (2013): 317–48, esp. 320 and 345.

[62] حاجي خليفة، كشف الظنون، ج. 1، 513. وهو ما تبنّاه سعادة، مشكلة الصراع، 20.

[63] يجدر التذكير بأنّ الغزالي يشير، كما هو مشهور، إلى أنّ إنكار الفلاسفة لأفكار ثلاث—حدوث العالم، وعلم الله بالجزئيّات، وبعث الأجساد—كفر. الغزالي، تهافت الفلاسفة،

Ghazālī, The Incoherence of the Philosophers [=Tahāfut alfalāsifa], ed. and transl. by M.E. Marmura (Provo: Brigham Young University Press, 2000), 226.

[64] ابن سينا، ˮرسالة في أقسام العلوم العقليّة،“ تسع رسائل في الحكمة والطبيعيات (بيروت: دار القابس، 1986م)، 83-94؛ انظر ج. قنواتي، ˮأقسام العلوم العقليّة عند ابن سينا،“

G.C. Anawati, “Les Divisions des Sciences Intellectuelles d’Avicenne,” mideo 13 (1977): 323–35.

[65] خوجه زاده، التهافت (القاهرة: المطبعة الإعلاميّة)، 4؛ خوجه زاده، التهافت (مخطوط بيزيد ولي الدين 1990، ورقة 4ب).

[66] الغزالي، التهافت، 3.

[67] الغزالي، التهافت، 161.

[68] علاء الدين الطوسي، التهافت، 71.

[69] علاء الدين الطوسي، التهافت، 71.

[70] الغزالي، التهافت، 2.

[71] علاء الدين الطوسي، التهافت، 61.

[72] علاء الدين الطوسي، التهافت، 65.

[73] بوصفها ما يقابل الله الذي هو واجب الوجود.

[74] الغزالي، التهافت، 7.

[75] علاء الدين الطوسي، التهافت، 70.

[76] الغزالي، التهافت، 7.

[77] علاء الدين الطوسي، التهافت، 70–1.

[78] الغزالي، التهافت، 226.

[79] ابن كمال باشا، حاشية على التهافت

Ibn Kamāl Pāshā, Tehâfüt hâşiya, 26; ms Yazma Bağışlar 5587, fol. 3a.

[80] وهو ما قام به بوضوح في: علاء الدين الطوسي، التهافت، 266.

[81] علاء الدين الطوسي، التهافت، 387.

[82] الغزالي، التهافت، 226.

[83] سجلّ أيمن شحاده الملاحظة نفسها في تحليله الفصل السادس في خوجه زاده بقوله: ˮيبدو أنّها استعادة حديثة للمناقشة التي تقابلها في كتاب الغزالي.“ انظر: شحاده، “نقد خوجه زاده الغزالي…،“ 146.

Shihadeh, “Khojazāda on al-Ghazālī’s Criticism …,” 146.                                                                                                                   

[84] Van Lit, “The Chapters on God’s Knowledge …”; Van Lit, “Two Ottoman Intellectuals …”.

[85] الغزالي، التهافت، 125–30.

[86] الغزالي، التهافت، 138.

[87] الغزالي، التهافت، 138.

[88] الغزالي، التهافت، 137.

[89] الغزالي، التهافت، 87.

[90] يمكن أن نجد مثل هذا الرأي عند طوماس الأكويني، الذي يفسّره اعتمادا على مثال مركز الدائرة الذي تتساوى المسافة التي تفصله عن جميع نقاط محيطه. انظر

W.L. Craig, The Problem of Divine Foreknowledge and Future Contingents from Aristotle to Suarez (Leiden: Brill, 1988), 116.

[91] خوجه زاده، التهافت (القاهرة: المطبعة الإعلاميّة)، 74-80؛ خوجه زاده، التهافت (مخطوط بايزيد وليّ الدين، 1990)، ورقات 79ب-86أ؛ خوجه زاده، ثلاثة فصول، 1-14.

[92] خوجه زاده، التهافت (القاهرة: المطبعة الإعلاميّة)، 74-80؛ خوجه زاده، تهافت (مخطوط بايزيد وليّ الدين، 1990)، ورقة 86ب؛ خوجه زاده، ثلاثة فصول، 15.

[93] قطب الدين الرازي، إلهيات من المحاكمات بين شرحي الإشارات، تح. م. هادي زاده (تهران: ميراث المكتوب، 2002)، ج. 2، 399-400. على هذا النحو يفضل أدمسن Adamson أيضا قراءة ابن سينا؛ انظر: ب. أدمسن، ˮفي علم الجزئيات،“

  1. Adamson, “On Knowledge of Particulars,” Proceedings of the Aristotelian Society 105, no. 1 (2005): 257–78.

[94] خوجه زاده، التهافت (القاهرة: المطبعة الإعلاميّة)، 81؛ خوجه زاده، التهافت (مخطوط بايزيد وليّ الدين، 1990)، ورقة 87أ؛ خوجه زاده، ثلاثة فصول، 16. قارن قطب الدين الرزاي، الإلهيات من المحاكمات، ج. 2، 399–400.

[95] علاء الدين الطوسي، التهافت، 255–62.

[96] علاء الدين الطوسي، التهافت، 268.

[97] علاء الدين الطوسي، التهافت، 274.

[98] فخر الدين الرازي، المطالب العالية من العلم الإلهي، تح. أ. م. السقا (بيروت: دار الكتاب العربيّ، 1987م)، مجلّد، 3، 234.

[99] Van Lit, “The Chapters on God’s Knowledge,” 197.

[100] إسماعيل باشا، هدية العارفين (إستانبول: وكالة المعارف، 1951م)، مجلد، 1، 392؛ آغا بزرك، الذريعة إلى تصانيف الشيعة (بيروت: دار الأضواء، 1983م)، #2254=مجلد 4، 502. انظر ح. الأنصاري،

  1. Ansari, “Raddiyyah-i Quṭb Rāwandī bar falāsifa,” Barrasī-hā-ye tarīkhī (blog), January 20, 2014, http://ansari.kateban.com/entry2040.html,

يزعم أنّه لم نقف على أيّ مخطوط لهذا العمل إلى حدود اليوم، ويلاحظ لاحقا أنّه لم يكن قادرا على إثبات أيّ تأثير لـتهافت الغزالي في أعمال محتفظ بها للراوندي، ولكنّه يظلّ متفائلا بوجود علاقة وثيقة بما أنّ الراوندي يخوض في دراسات نقديّة للمذاهب الفلسفيّة أيضا.

[101] آغا بزرك، الذريعة، #2255=مجلد 4، 502.

[102] إ. فان دايك وم. ع. الببلاوي، اكتفاء القنوع (القاهرة: مطبعة الهلال، 1897م)، 197.

[103] على سبيل المثال الغزالي، التهافت.

[104] على سبيل المثال ابن رشد، تهافت التهافت.

[105] A. Nifo, Destructiones destructionum Averroys cum Augustini Niphi de Suessa expositione (Venice: Octavianus Scotus, 1497); cf. E. Mahoney, “Nifo, Agostino (c. 1470–1538),” in Routledge Encyclopedia of Philosophy, ed. by E. Craig (London: Routledge, 1998).

[106] على سبيل المثال، علاء الدين الطوسي، التهافت.

[107] على سبيل المثال، خوجه زاده، تهافت الفلاسفة (القاهرة: المطبعة الإعلاميّة، 1303هـ/1884-5م)

[108] ذكر حاجي خليفة عنوان الكتاب ˮتهافت معين الدين“ (كشف الظنون، مجلّد، 1، 513)، وإسماعيل باشا أورد ˮتهافت الفلاسفة“ تحت اسم الإيجي (هدية العارفين، ج. 2، 223).

[109] لم يذكر حاجي خليفة هذه الحاشية بهذا الاسم. وذكر في المقابل ˮتهافت حكيم شاه“ (كشف الظنون، مجلّد 1، 513). ورد بوصفه حاشية ضمن:

E.S. Fâni, “Hakîm Şah el-Kazvînî,” in Türkiye Diyanet Vakfı Islâm Ansiklopedisi, vol. 15, 194–5.

[110] E.g. ms Yazma Bağgışlar 5587 (Istanbul: 954 h.), Translation: Ibn Kamāl Pāshā, Tehâfüt hâşiya.

[111] لم يذكر في طاش كبري زاده، الشقائق، 395؛ لكن انظر على سبيل المثال مخطوط حسن باشا

ms Hasan Hüsnü Paşa 787(Istanbul: 959 h.), Translation: Güzel, Karabâğî ve Tehâfüt’ü

[112] إسماعيل باشا، هديّة العارفين، مجلّد، 1، 642؛ م. محبّي، خلاصة الأثر (بيروت: مكتبة خياط، 1966م)، مجلّد، 6، 223.

[113] إسماعيل باشا، هديّة العارفين، مجلّد، 1، 642؛ م. محبّي، خلاصة الأثر (بيروت: مكتبة خياط، 1966م)، مجلّد، 4، 475.

[114] إسماعيل باشا، هديّة العارفين، مجلّد، 2، 291.

[115] إسماعيل باشا، هديّة العارفين، مجلّد، 2، 223. ذكره بويج (باسم محمد أمين) انظر ابن رشد، تهافت التهافت، XX. انظر

Gökdağ, “Mehmed Emin el-Üsküdârî ve Telhîsu Tehâfüti’l-Hukemâ Adlı Eseri.”

مقالات ذات صلة

في الأصول الشرقية للفيزياء الحديثة

في الأصول الشرقية للفيزياء الحديثة

في الأصول الشرقية للفيزياء الحديثة[1] وليام رو-بيرا William Rowe-Pirra ترجمة وتقديم محمد أبركان*جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس تقديم المترجم صاحب المقال الذي نترجمه هنا هو وليام رو-بيرا William Rowe-Pirra، الكاتب الفرنسي المتخصص في الصحافة العلمية. وعلى الرغم من أن...

اعتبارات الماهية: الإبداع السينوي، وابتكار المدرّس الزنوزي

اعتبارات الماهية: الإبداع السينوي، وابتكار المدرّس الزنوزي

Iʿtibārāt al-Māhiyah:al-Ibdāʿ al-Sīnawī, wa Ibtikār al-Mudarris al-Zanūzī اعتبارات الماهيّة: الإبداع السينوي، وابتكار المدرّس الزنوزي   رامين عزيزي وجهنكير مسعودي جامعة فردوسي، مشهد  ترجمها عن الفارسية الهواري بن بوزيان جامعة المصطفى العالمية، قم...

القياس الشعري والتخييل عند الفارابي

القياس الشعري والتخييل عند الفارابي

القياس الشعري والتخييل عند الفارابي لويسْ خَابْيِيرْلُوبيثْ فارْخَاتْجامعة بَانْأمريكَانَا-مكسيكو سيتي ترجمة محمد الولي[1]جامعة سيدي محمد بن عبد الله-فاس كثيرة هي الدراسات التي أنجزت في العالم العربي حول دمج كتابي الخطابة والشعر لأرسطو ضمن الأورغانون. وإذا تم الاتفاق...

العلم العربي والثقافة الإسيدورية (92-206هـ/711-821م)

العلم العربي والثقافة الإسيدورية (92-206هـ/711-821م)

العلم العربي والثقافة الإسيدورية (92-206هـ/711-821م) خوليو سامسو نقله من الإسبانية إلى العربية مصطفى بنسباعجامعة عبد المالك السعدي-تطوان تقديم رغم أن كتاب علوم الأوائل في الأندلسLas ciencias de los antiguos en al-Andalus للأستاذ خوليو سامسو Julio Samsó قد صدر سنة...

بأي معنى ولأي غرض ندرس تاريخ الفلسفة الإسلامية؟ تاريخ تقليد مهمل

بأي معنى ولأي غرض ندرس تاريخ الفلسفة الإسلامية؟ تاريخ تقليد مهمل

بأي معنى ولأي غرض ندرس تاريخ الفلسفة الإسلامية؟ تاريخ تقليد مهمل* هانس ديبرترجمة وتقديم فؤاد بن أحمد تقديم الترجمة هانز دايبر مستشرق ألماني من مواليد عام 1942. حصل على الدكتوراه عام 1968. واشتغل أستاذًا للغة العربية والإسلام في الجامعة الحرة بأمستردام من عام 1977 إلى...

قصة عمر الأرض

قصة عمر الأرض

  قصة عمر الأرض ترجمة وتقديم محمد أبركان جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس    تقديم المترجم  المقال الذي نترجمه هنا هو للفيزيائي هوبير كريبين Hubert Krivine؛ وقد سبق لهذا العالِم أن اشتغل باحثا ضمن بنية البحث بمختبر الفيزياء النظرية والنماذج الإحصائية بجامعة...

بيبليوگرافيا وصفية للفلسفة الإشراقية

بيبليوگرافيا وصفية للفلسفة الإشراقية

   بيبليوگرافيا وصفية للفلسفة الإشراقية[1]    تأليف: محسن كَدِيوَر[2]    ترجمها عن الفارسية يونس أجعون[3]جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس (1)المقدمة 1. مكانة الفلسفة الإشراقية ضمن الفلسفة الإسلامية تُعدُّ الفلسفةُ الإشراقية أحدَ مدارس الفلسفة الإسلامية الثلاث، وقد...

جانبٌ من المنعطف السِّينوي في علم الكلام السُّنِّي

جانبٌ من المنعطف السِّينوي في علم الكلام السُّنِّي

جانبٌ من الـمُنعطف السّينويّ في علم الكلام السُّنّي[1] روبرت ويسنوڤسكي[2]جامعة ماكگيل، مونتريال ترجمة هشام بوهدي[3]جامعة القرويين، الرباط   تقديم الترجمة ما أنوي كتابته في هذه الفقرة المختصرة ليس تقديماً لمضمون المقالة ولا لصاحبها؛ لأنّ المقالة قد أصبحت من كلاسيكيّات...

القياس الشعري حسب كتاب الشعر لابن طُملوس

القياس الشعري حسب كتاب الشعر لابن طُملوس

القياس الشعري حسب كتاب الشعر لابن طُملوس مارون عواد المركز الوطني للبحث العلمي، باريس ترجمة وتقديم فؤاد بن أحمد جامعة القرويين، الرباط   تقديم حظيت نظرية الشعر المنطقية باهتمام كبير من قبل الدارسين والمهتمين بالتآليف المنطقية للفلاسفة في السياقات الإسلامية؛ ويحتل...

شذرات عربية مجهولة من كتابَي ’العناصر اللاهوتية‘ و’العناصر الطبيعية‘ لبرقلس

شذرات عربية مجهولة من كتابَي ’العناصر اللاهوتية‘ و’العناصر الطبيعية‘ لبرقلس

شذراتٌ عربيّةٌ مجهولةٌ مِنْ كِتَابَي ’العناصر اللاهوتيّة‘ و’العناصر الطبيعيّة‘ لبرقلس تأليف: شلومو بينس[1] ترجمها عن الإنجليزية: يونس أجعون[2] في مُجلَّدٍ مُعنوَنٍ بـ Proclus Arabus, Zwanzig Abschnitte aus der Institutio theologica in arabischer Übersetzung، ومنشورٍ...

مشاركة / Share
error: Content is protected !!