Loading

العلم العربي والثقافة الإسيدورية (92-206هـ/711-821م)

العلم العربي والثقافة الإسيدورية

(92-206هـ/711-821م)

خوليو سامسو

نقله من الإسبانية إلى العربية مصطفى بنسباع
جامعة عبد المالك السعدي-تطوان

تقديم

رغم أن كتاب علوم الأوائل في الأندلسLas ciencias de los antiguos en al-Andalus للأستاذ خوليو سامسو Julio Samsó قد صدر سنة 1992، وبالتالي يعتبر قديما نسبيا، إلا أنه ما زال يحتفظ بغير قليل من راهنيته، كما أنه لم يترجم بعد إلى اللغة العربية. لذلك نقدم لقراء هذه اللغة عموما، والباحثين في تاريخ وحضارة الأندلس، ترجمة الفصل الأول من هذا الكتاب القيم، رغبة منا في تحفيز الباحثين الشبان لنقل هذا العلق النفيس إلى لغة الضاد.

نص الترجمة

  1. 1 نظرة عامة

لم يكن الفاتحون المسلمون لشبه الجزيرة الإيبيرية رجال علم ولا أناسا مثقفين. فمن جهة، كانت موجات الفتح الأولى تتكون، في المقام الأول، من أمازيغ حديثي العهد جدا بالتعرب.[1] ويصور لنا المؤرخون الأندلسيون (ابن القوطية بصفة مخصوصة)، من جهة أخرى، شخصيات متميزة من العرب الذين دخلوا شبه الجزيرة في القرن الثامن، على أنهم أفراد ذوي مستوى ثقافي ضعيف جدا. ويؤكد القاضي صاعد الطليطلي (ت. 462هـ/1070م) —مؤلف كتاب طبقات الأمم—وهو تاريخ للعلم عالمي حقيقة، سنسترشد به كثيرا في هذه الصفحات—هذه الفرضية تماما. ويؤكد في نفس الوقت أن الأندلس لم يظهر بها علم إلا عند الفتح الإسلامي لها في 92هـ/711م، ويضيف أنه حتى بعد هذا التاريخ لم يكن يتدارس بها سوى الفقه الإسلامي واللغة العربية إلى أن أصبحت تحت سلطة الأمويين مع عبد الرحمن الأول (ت.172هـ/788م) في 138هـ/756م.[2] ولعل هذا يعني أن الأندلسيين، مع بداية العصر الأموي، بدأوا بالاهتمام بـ ”علوم الأوائل“ المورثة عن التراث الكلاسيكي، الهندي والفارسي، وغير المرتكزة على الثقافة المحلية فقط. وبغض النظر عن ما قد يمكن استنتاجه من نص صاعد، فالحقيقة أن هذا المؤلف قد بدأ يؤرخ للعلم بشكل جدي في الأندلس انطلاقا من إمارة محمد (238-273هـ/852-886م) ابن عبد الرحمن الثاني (206-238هـ/821-852م)، الذي غيرت سياسته الثقافية وضعية البلاد، كما سنرى.

نعتزم التعمق هنا في دراسة الفترة الأكثر غموضا من تاريخ العلم في الأندلس، لا سيما الممتدة بين 92هـ/711م و 206هـ/821م، والتي تعود مؤرخو ”الثقافة“ الأندلسية على إهمالها، رغم أن وضعية فقر المعطيات عنها على وشك أن تتغير، بفضل الدراسات الجارية حاليا اعتمادا على كتب التراجم الأندلسية، التي يمكن أن تسلط الضوء بشكل كامل على الحياة الفكرية لهذه المدة.[3]

  1. 2 أول حديقة مغروسات في الأندلس

لا يعني هذا التوصيف عدم وجود استثناءات، ويتعلق أبرزها بشخص عبد الرحمن الأول، أول أمير أموي بالأندلس، فقد غلب عليه الحنين إلى الشام، وطنه الأصلي، فبنى إلى الشمال الغربي من قرطبة قصرا أحاطه بحدائق غناء، وسماه ”الرصافة“، تخليدا لذكرى قصر رصافة الشام الذي بناه جده هشام، وحاول أقلمة مغروسات مشرقية مع مناخ الأندلس في حديقته، كما ذكر ذلك ابن سعيد المغربي (ت.685هـ/1286م) الذي يقول:

”فاتخذ بها قصرا حسنا، ودحا جنانا واسعة، ونقل إليها غرائب الغروس وأكارم الشجر من كل ناحية، وأودعها ما كان استجلبه يزيد وسفر، رسولاه إلى الشام، من النوى المختار والحبوب الغريبة، حتى نمت بيمن الجد وحسن التربية في المدة القريبة أشجارا معتمة، أثمرت بغرائب من الفواكه انتشرت عما قليل بأرض الأندلس.“

ويورد لنا ابن سعيد نفسه، فيما يلي، تفاصيل إحدى تجارب الأقلمة هذه، حيث يشير إلى نوع من الرمان يسمى السفري قائلا:

”والرمان السفري الذي فاض على أرجاء الأندلس وصاروا لا يفضلون عليه سواه، أصله من هذه الرصافة. وقد ذكر ابن حيان شأنه وأفرد له فصلا فقال: إنه الموصوف بالفضيلة، المقدم على أجناس الرمان بعذوبة الطعم ورقة العظم وغزارة الماء وحسن الصورة. وكان رسوله (= عبد الرحمان الأول) إلى الشام، في توصيل أخيته منها إلى الأندلس، قد جلب طرائف منها من رمان الرصافة المنسوبة إلى هشام. قال فعرضه عبد الرحمن على خواص رجاله مباهيا به، وكان فيمن حضره منهم سفر بن عبيد الكلاعي من جند الأردن … فأعطاه من ذلك الرمان جزءا، فراقه حسنه وخبره، فسار به إلى قرطبة بكورة رية، فعالج عجمه، واحتال لغرسه وغذائه وتنقيله، حتى طلع شجرا أثمر وأينع، فنزع إلى عرقه وأغرب في حسنه. فجاء به عما قليل إلى عبد الرحمن، فإذا هو أشبه شيء بذلك الرصافي (الشامي)، فسأله الأمير عنه، فعرفه وجه حيلته، فاستبرع استنباطه واستنبل همته، وشكر صنعه وأجزل صلته، واغترس منه بمنية الرصافة وبغيرها من جناته، فانتشر نوعه، واستوسع الناس في غراسه، ولزمه النسب إليه، فصار يعرف إلى الآن بالرمان السفري.“[4]

هذا النص الذي اقتبسناه بالكامل، أعلاه، له أهمية واضحة، لأنه أقدم إشارة معروفة لنا عن وجود حدائق مغروسات في الأندلس أجريت فيها تجارب أقلمة نباتات دخيلة، فهي مؤسسات وجودها موثق جيدًا، كما سنرى، في القرن الثاني الهجري/الحادي عشر الميلادي، ويشكل النص، من ناحية أخرى، ما يمكن تسميته شهادة ميلاد الهندسة الزراعية الأندلسية.[5]

  1. 3 التنجيم والأساطير حول فتح الأندلس

للحدث الذي ذكرناه أعلاه طبيعة استثنائية، ويمكننا أن نؤكد هذه الفكرة إذا ما أخذنا بعين الاعتبار وضعية علم التنجيم. فقد أدت المراجعة الممنهجة للمصادر التاريخية المعروفة حول الأشخاص الذين اشتهروا بأنهم عرافون، بغض النظر عن أسلوب العرافة (سواء التنجيم أو غيره) الذي اتبعوه،[6] فأدى ذلك إلى نتيجة تؤكد أن أول منجم تم توثيق وجوده في الأندلس هو عبد الواحد بن إسحاق الضبي (ت. حوالي 184هـ/800م)، والذي ستكون لنا فرصة لنهتم به بتفصيل. ومع ذلك، فإن مؤرخي عصري الولاة والإمارة يكثرون من إيراد الإشارات إلى تكهنات وتنبؤات منسوبة، في بعض الحالات، إلى أشخاص مسيحيين، وفي حالات أخرى إلى مسلمين:[7] فقد توقع شيخ مسيحي لطارق بن زياد بأن يفتح العرب والأمازيغ المسلمون الأندلس؛ وأكدت مسنة، مسيحية أيضا، أن فاتح الأندلس ستكون له—كما طارق—شامة على كتفه الأيسر؛ وبعد أن تفحص أسير مسيحي، أحشاء طائر ميت، أخبر موسى بن نصير بأنه لن يموت في الأندلس، وإنما في شبه الجزيرة العربية.

هذا النوع من الإشارات، التي لا يتم عادة تحديد التقنيات التكهنية التي تستخدم فيه، يختلط مع أخرى تقتضي الاعتقاد حسب المؤرخين العرب، في الممارسات السحرية الطلسمية التي كانت تمارس في الأندلس قبل دخول الإسلام إليها: فـ”صنم قادش“ الشهير (أعمدة هرقل) هو طلسم أقيم في ظل ظروف فلكية مواتية، من أجل حماية شبه الجزيرة من غزو قد يأتي من شمال أفريقيا؛ ولابد أن تكون لـ ”الصور“ الشهيرة للفاتحين التي وجدها لذريق في ”البيت المغلق في طليطلة“ نفس الوظيفة.

كل ما سبق يدعو إلى الظن بأنه، عندما فتح المسلمون إسبانيا، وجدوها بلدا فيه تراث سحري—تنجيمي من أصل كلاسيكي، ربما استوعبوه وأضافوا إليه بصمتهم الخاصة.

والواقع، أن المصادر التي نسبت ممارسات تكهنية إلى مسيحيين، تربط هذا النوع نفسه من الممارسات بشخصين لهما أهمية مخصوصة. يتعلق الأمر برجلين من جيل التابعين. الأول هو حنش الصنعاني، الذي يبدو أنه اشتهر في المصادر اللاحقة باعتباره منجما، فقد توقع وصول الخليفة عبد الملك بن مروان إلى السلطة في المشرق، وتعتبر مصادر معينة أن دفنه في سرقسطة هو سبب كون هذه المدينة كانت دائما في مأمن من الأفاعي التي لا يمكن أن تدخلها دون أن تموت على الفور.[8]

ولكن الذي يثير الاهتمام أكثر هو أن ينسب إلى حنش فعل تحديد سمت القبلة للمسجدين الجامعين في كل من قرطبة وسرقسطة، كما ينسب إليه بناء محرابيهما، علما بأن تحديد اتجاه القبلة لمكان معين يعتبر مشكلة معقدة من الناحية التقنية في ذلك الوقت، وبطبيعة الحال، فهو عمل لم يكن في مقدور حنش أو أي شخص آخر من أبناء جيله القيام به، ولكن لدينا هنا إحدى الإشارات الأولى المعروفة في الأندلس إلى واحدة من المشاكل الأساسية التي يعالجها الميقات، وهو تخصص فلكي طورته الحضارة الإسلامية لأنه يتناول الموضوعات الفلكية التي لها علاقة مباشرة بالعبادة (تحديد اتجاه القبلة، معرفة أوقات الصلاة، مراقبة الهلال الذي يحدد بداية الشهر القمري إلخ). وسواء صح خبر تحديد حنش لاتجاه محراب مسجد قرطبة أم لا، فإن من فعل ذلك قد ارتكب خطأ كبيرا (راجع القسم 2.4.1) وقد تم التعرف على الخطإ بدقة في القرن العاشر، ربما باستخدام الممارسات العرفية التي كانت تطبق في المدينة المنورة لكنها أدت إلى انزياح كبير في الأندلس.[9]

ثاني التابعين الذي سنذكره معروف بشكل أفضل بكثير من السابق: يتعلق الأمر بموسى بن نصير، المسئول الأول، إلى جانب مولاه طارق بن زياد، عن فتح الأندلس. يصفه المؤرخ الأندلسي ابن حبيب بأنه منجم وفلكي، ويصور لنا موسى وهو يصارع الأصنام والجن في شبه الجزيرة، خالقا بذلك أسطورة من شأنها أن تصبح في نهاية المطاف جزءا من ”ألف ليلة وليلة.“ ومع ذلك، فلفقرةٍ من تاريخ ابن حبيب—تتعلق بالاستعدادات للفتح—أهمية مخصوصة لذلك تستحق الاقتباس:

”وكتب موسى إلى طارق، وكان من أعلم الناس بعلم النجوم: إنك ستنتهي إلى صخرة على شاطئ البحر، فاشحن سفنك عندها، واطلب فيمن عندك رجلا يعرف أسماء الشهور بالسريانية، فإذا كان يوم أحد وعشرين من أيار، وهو بالحساب الأعجمي مايه، فاجسر على بركة الله وعونه، وامض على تأييده ونصره، حتى يستقبلك جبيل أحمر في أسفله عين شرقية، إلى جانبها تمثال صنم على صورة ثور، فاكسر ذلك التمثال، واعمد إلى رجل طويل فاعقد له على مقدمتك.

فلما انتهى الكتاب إلى طارق، كتب إلى موسى بن نصير: إني سأنتهي إلى ما أمرتني به، وأما صفة الرجل الذي أمرتني به فلم أجد صفته إلا في نفسي.“[10]

نجد نفس القصة في مصدر آخر، هو كتاب الإمامة والسياسة، المنسوب لابن قتيبة،[11] وقد كتب بالتأكيد من قبل أحد مؤيدي موسى، ولكن تختلف رواية هذه النسخة الجديدة عن السابقة في أمرين هامين: أولا، لا تتحدث عن معارف موسى الفلكية، ثانيا، يتم البحث عن الرجل الذي يعرف أسماء الشهور السريانية قبل شروع طارق وقواته في ركوب سفنهم. كما أن التاريخ قد تغير أيضا فلم يعد 21 أيار (ماي) بل أصبح 21 آذار (مارس).

ويبدو واضحا أن ابن حبيب يؤكد على الأثر الفلكي للقصة: فقد أقام موسى الطالع بهدف اختيار الوقت المناسب ليبدأ طارق حملته، فثبت أن هذا الوقت يوافق 21 مايو. تعني الإشارة إلى الشهور السريانية بوضوح، حسب ابن حبيب، بأن موسى استخدم جداول فلكية تبدو فيها متوسطات حركات ​​الكواكب مجدولة بالتوافق مع التقويم السرياني. لا يبدو لنا واضحا، علاوة على ذلك، أن الإشارة إلى الثور يجب تحليلها في هذا السياق الفلكي: ففي 21 مايو تكون الشمس قد عبرت برج الثور بأكمله وتكون في بداية برج الجوزاء، ولكن يمكن أيضا أن يتعلق الأمر بصدى للتماثيل الإيبيرية التي لها علاقة بعبادة الحيوان، التي وجدها المسلمون عند وصولهم إلى شبه الجزيرة، وربما اعتبروها أصنام ديانة وثنية.

تدعي رواية ابن قتيبة المنحولة، بدلا من ذلك، الدفاع عن صورة وعقيدة موسى السنية، بما أنه كان ينظر دائما إلى التنجيم، كما هو معروف منذ ذلك الحين، نظرة سيئة من قبل المسلمين ذوي الظن الحسن. هذا هو سبب الاختلافين الذين رأيناهما في النسخة الثانية وهما يسمحان لنا باستشفاف الأساس التاريخي للقصة: يتوافق الـ 21 من مارس تقريبا مع الاعتدال الربيعي، فهو تاريخ له دلالة بالنسبة للملاحة، لأنه، منذ العصور القديمة كان ينصح بعدم الإبحار في البحر المتوسط خلال فصل الشتاء.[12] وما فعله موسى هنا ببساطة هو منع طارق من عبور المضيق خلال وقت من السنة دلت التجربة المتوارثة على اعتباره خطرا.

ليست هذه القصة هي الوحيدة التي تقدم لنا موسى باعتباره يمتلك هذا النوع من المعرفة العلمية أو فوق العلمية: هناك أخرى أوردها ابن قتيبة المنحول،[13] يبدو أنها تنسب إلى موسى القدرة على حل واحدة من أكثر المشاكل عسرا في الميقات: وهي التنبؤ بما إذا كان القمر سيكون مرئيا أو غير مرئي في مكان وتاريخ معينين. لا تشكل نسبة هذه المعرفة إلى موسى قدحا في عقيدته السنية، ولا يدخل ابن قتيبة المنحول تغييرات كبيرة على القصة، التي تؤكد على ما أشير إليه سابقا عند الحديث عن حنش وتحديده اتجاه محرابي جامعي قرطبة وسرقسطة: يجب أن يكون الفاتحون المسلمون ذوي الثقافة العربية قد جلبوا معهم بالتأكيد بعض المعارف البدائية جدا عن الميقات. فضلا عن أفكار حول حركات الشمس والقمر بما أنها تشكل أساس التقويم القمري الإسلامي.[14] يجب أن نضيف إلى ما سبق مفاهيم عن حالة الطقس الفلكية المتوافقة مع نظام الأنواء القديم—توافق مطالع ومغارب الشمس مع أزواج نجوم، التي تعرفها السنة الشمسية، تطابق مع ظواهر جوية دورية سمحت للعرب القدماء بالقيام بتوقعات عن حالة الطقس—الذي سيعطي أكله في الأندلس انطلاقا من القرن العاشر مع تقويم قرطبة (القسم 3.4.2) وغيره من الأعمال ذات الصلة. يمكن أن يعتبر هذا هو الإسهام العربي في هذه الأوقات الأولى وبالطبع لا يمكن أن نصدق بأنهم أدخلوا الأندلس علم تنجيم متطور لأنه لم يكن مدونا في التراث الثقافي العربي السابق على الإسلام.

  1. 4 El Libro de las Cruzes أقدم نص تنجيمي أندلسي معروف

لقد رأينا بالفعل أن الأساطير حول الفتح قد نسبت إلى مسيحيين أندلسيين مهارات معينة ذات طبيعة باطنية سمحت لهم بالتنبؤ بالمستقبل. وعلاوة على ذلك، فيبدو أن المؤرخين العرب كانوا على بينة من وجود ثقافة قبل إسلامية في شبه الجزيرة كان لها دورها في المعرفة العلمية: ذلك هو حال مؤلف مغربي مجهول من النصف الثاني من القرن الرابع عشر أو بداية الخامس عشر، الذي ينسب إلى الملك سيسيبوتو (Sisebuto) (10-1 ق. هـ/612-621م) بعض الأبيات المنظومة لها علاقة بعلم الفلك والتنجيم والطب: لا نعرف شيئا عن كتابات سيسيبوتو في الطب ورغم ذلك فلا شك في أن هذا الملك هو مؤلف رسالة Epistula metrica ad Isidorum de libro rotarum حيث ينظم فيها تفسيرا شعريا عقلانيا وصائبا لكسوف كل من الشمس والقمر. وعلاوة على ذلك، يتحدث الرازي المؤرخ الأندلسي المعروف عن شهرة إسيدور الإشبيلي باعتباره عالم فلك، وهو—نظرا لعدم وضوح الحدود بين علم الفلك والتنجيم في العصور الوسطى، بل وحتى وقت لاحق على ذلك بكثير—ما يمكن تفسيره بواسطة القسم الفلكي وبمؤلفه Etimologías وكتابه De natura rerum.[15] ونتوفر الآن، لحسن الحظ، على مصدر أساسي يسمح لنا بالخوض في دراسة بقايا تراث فلكي—تنجيمي لاتيني—قوطي غربي في أندلس القرن الثامن: هو el Libro de las Cruzes alfonsí[16] والذي اكتشف وفقا لمقدمته من قبل ألفونسو العاشر الذي أوعز إلى يهودا بن موشي Yehudá ben Mošé (621-674هـ/1225-1276م) بترجمته من العربية إلى القشتالية بالتعاون مع يوهان داسبا Yohan Daspa. ويضيف هذا النص الآن مزيدا من المعلومات فهو يخبرنا بأن ”الحكماء القدامى وضعوه“ وأن ”الحكيم عبيد الله شرحه“: فالنص العربي الأصلي، بالتالي، هو عبارة عن إعادة صياغة للنص ”القديم“، قام بها شخص يدعى عبيد الله، حدد ميلاس[17] هويته تخمينا على أنه أبو مروان عبيد الله بن خلف الإستجي منجم من القرن الحادي عشر. يخبرنا التمهيد الثاني للكتاب، المنسوب هذه المرة إلى عبيد الله، بأن ”طريقة أحكام الصلوب“ كانت تستخدم في العصور القديمة من قبل سكان ”أفريقيا“ (ربما إفريقية = تونس) وبلاد الأمازيغ، ومن جهة أخرى من قبل رومان أسبانيا، والتي استغنت عن ”الأسرار“ الخاصة بكتب التنجيم المؤلفة من قبل العلماء الشرقيين من بابل ومصر وبلاد فارس واليونان. وقد تم تأكيد هذه المعلومة الواردة في نسخة ألفونسو بالكامل، في السنوات الأخيرة، وذلك بفضل اكتشاف مخطوطتين عربيتين تحتويان على نصوص لها علاقة بأحكام الصلوب،[18] حيث يظهر في إحداهما أقدم نص فلكي أندلسي معروف لنا: يتعلق الأمر بقطعة مكونة من 39 بيتا من قصيدة شعرية تعليمية كتبت من قبل المنجم، المذكور أعلاه، عبد الواحد بن إسحاق الضبي (ت حوالي 800هـ) وهي توازي الفصل 57 من رسالة ألفونسو.[19] والضبي شخصية معروفة، فقد ”كان في علم النجوم والمعرفة بالحركات العلوية بطليموس زمانه حذقا وإصابة“ كما يؤكد المقري: هو معاصر لأمير قرطبة هشام الأول(172-180هـ/788-796م) استدعي من قبله إلى قرطبة حين توليه العرش، فقد أشخص المنجم من الجزيرة الخضراء. والغريب أن اللقاء بين الشخصين، كما يرويه كل من ابن القوطية والمقري،[20] يبين لنا جهود الأمير الأموي من أجل إشباع فضوله لمعرفة ما يدل عليه نظر الضبي في النجوم عن مستقبل حكمه، دون أن يؤثر ذلك في سلامة عقيدته الدينية، فقد قال له: ”إن الذي سألتك عنه جدّ منّي، مع أنّي والله ما أثق بحقيقته، إذ كان من غيب الله الذي استأثر به.“ ومع ذلك فحين أخبر الضبي الأمير بأنّ ملكه سوف يستقر، إلا أن مدّته ستكون ثمانية أعوام فقط (سبعة حسب ابن القوطية)—وهو توقع ثبت صوابه—تقبل هشام توقعه وزهد في الدنيا، والتزم أفعال البرّ، لأنه اعتقد أنه أنصت، من خلال كلام الضبي، إلى تحذير إلهي.

إن للتوصل إلى توثيق نسخة من كتاب las Cruses في أواخر القرن الثامن أو أوائل التاسع نتيجة واضحة، تدل على أنه لم يكن وجود لنصوص تنجيمية (أو فلكية) مشرقية، في الأندلس ذات مصدر هندي أو فارسي أو يوناني. وينبغي أن يضاف إلى هذا أن النسخة القشتالية، كما رأينا، والقطع العربية التي وصلتنا تؤكد على أن ””طريقة أحكام الصلوب“ كانت هي نظام التنبؤ الفلكي القديم الذي استخدم من قبل روم (رومان؟ مسيحيي؟) الأندلس وإفريقية والمغرب، قبل أن تدخلها الأنظمة الأكثر تطورا بفضل المنجمين المشارقة. ويمكن الاستنتاج من كل هذا، كما فعل ڤيرنت Vernet، أنel Libro de las Cruzes  يمثل آخر مرحلة في تطور كتاب مختصر في علم التنجيم تعود أصوله إلى العصر اللاتيني الأدنى كان يستعمل في أسبانيا وشمال أفريقيا قبل الفتح الإسلامي. واستمر هذا النوع من التقنية التنجيمية موجودا، من ناحية أخرى، حتى مرحلة تحول الأندلس إلى الاستمداد من المشرق، فلدينا ما يجعلنا نظن بأنه استخدم من قبل منجمي بلاط المنصور (370-392هـ/981-1002م)،[21] ونعرف أنه أعيدت صياغته من قبل عبيد الله في القرن الحادي عشر، واكتسب حياة جديدة في القرن الثالث عشر من خلال عمل مترجمي بلاط ألفونسو، بعد فترة وجيزة من ظهور محاولة مماثلة، في مملكة أراغون، لإنشاء علم تنجيم مبسط، يكون في متناول الطبقات الأقل ثراء: أعني علم الفلك الجديد لرامون لول Llul Ramón. [22]

والآن، ما هي التقنيات التي استخدمت في ”طريقة أحكام الصلوب“ وإلى أي مدى هي أقل ”دقة“ من علم التنجيم ”المشرقي“؟ لدينا، في المقام الأول، مظهر مختلف، خريطة بروج Horóscopo لها هيئة دائرة بثلاثة أقطار تشكل ثلاثة صلبان فيما بينها: تلتقي المنازل الفلكية الفردية في أطراف الأقطار بينما تلتقي المنازل الزوجية في الزوايا الموجودة بين قطرين. وقد أخبرنا أستاذنا خوان بيرنيت بأن خريطة البروج التي من هذا النوع يمكن أن تكون لها علاقة مع هيئة بعض خرائط البروج الديموطيقية التي درسها كل من نوكباو Neugebauer وڤان هوسن Van Hoesen.[23] ويمكن التأكد بسهولة من هذه الفرضية في الشكل الأول حيث يمكن أن نرى تطورا من: (أ) خريطة بروج الصلوب التي وصلتنا إلى (ب) خريطة البروج الديموطيقية وإلى (ج) خريطة بروج مربعة بالشكل المعتاد.

أ) خريطة بروج الصلوب؛ ب) خريطة بروج إغريقية ديموطيقية من أواخر القرن 5 م؛ ج) خريطة بروج مربعة بالشكل المعتاد واردة في مصادر بيزنطية وإسلامية ولاتينية.

وتجدر الإشارة ، ثانيا، إلى أن مبدأ البروج الإثني عشر التي تنقسم إليها أي خريطة بروج هو تقليد كلاسيكي ليس من الضروري أن يتزامن مع بداية أحد البروج، الأمر الذي يخلق مشكلة—تكون أحيانا صعبة—لتقسيم المنازل من قبل أحد الأنظمة المعمول بها.[24] يتم، في كثير من الأحيان، تجنب هذه المشكلة في أحكام الصلوب، وتحدد المنازل بالبروج الفلكية (وهي طريقة لم تكن مجهولة للمنجمين العرب الآخرين) ويتم، في كثير من الأحيان، حذف أي إشارة إلى المنازل ويتم التنبؤ اعتمادا على وجود الكواكب في المنازل الثلاثية للنار (برج الحمل. برج الأسد. برج القوس) والمنازل الثلاثية للتراب (برج الثور. برج العذراء. برج الجدي) والمنازل الثلاثية للهواء (برج الجوزاء. برج الميزان. برج الدلو) والمنازل الثلاثية للماء (برج السرطان. برج العقرب و برج الحوت). وتؤخذ بعين الاعتبار، عادة، مواقع زحل والمشتري والمريخ والشمس التي تسمى بالكواكب العلوية أو الدراري الثقال، رغم أنه يؤخذ في الحسبان أحيانا أيضا موقع القمر ونقطة تقاطعه الصاعدة والنازلة، وعطارد وأخيرا المنزلة الثلاثية التي يحدث فيها كسوف الشمس أو القمر. وتأخذ أحكام الصلوب بعين الاعتبار الجوانب المعتادة من علم التنجيم الهلنستي (الاقتران، التربيع، والتثليث)—التي كانت معروفة جيدا في التراث الإسيدوري—كما يتم عرضها في تذييل على ”علم التنجيم الهندسي“ في المخطوطات الأصلية التي تنتمي إلى ”العائلة ذات الأصل الإسباني“[25]—ولكن تضيف جانبا خامسا، هو (الاحتراق)، والذي لا علاقة له البتة باحتراق علم التنجيم الكلاسيكي. والواقع، أن أحد علماء التنجيم والفلك المشارقة المشهورين مثل البيروني (362-440هـ/973-1048م) يعتبر أن كوكبا ما في حالة احتراق، عندما يكون في منتصف عودته القهقرى، على مسافة تفصله عن الشمس بما قدره ما بين 16′ و 6°[26]. ويحدث الاحتراق في المقابل في el Libro de las Cruzes عندما تكون كل الكواكب العلوية مجتمعة معا في نفس البرج أو متفرقة في نفس المنزلة الثلاثية.[27]

ويمكننا أن نضيف، من جانب آخر، أن أطوال الكواكب، في خرائط أحكام الصلوب، محسوبة بالمتوسط وليست حقيقية، أي دون الأخذ بعين الاعتبار دقة الاعتدالين. ويساعدنا هذا على حل مشكلة واضحة هي: إذا كان إدخال الأزياج الفلكية الأولى إلى الأندلس، كما سنرى، قد حدث في إمارة عبد الرحمان الثاني، فكيف أمكن لمنجمي سنة 183هـ/800م حساب أطوال الكواكب التي كانت ضرورية لإعداد خريطة بروج ما؟ إذا انطلقنا من فرضية أن منجمي الصلوب كانوا يحسبون متوسط مواقع الكواكب لا مواقعها الحقيقية، فمن الممكن أنهم كانوا يستخدمون قواعد تقريبية—مماثلة لتلك التي عرضها ڤيتيوس ڤالنس[28] Vettius Valens في العصر الكلاسيكي—أو أزياج—كالتي تظهر في النصوص الإغريقية والديموطيقية العائدة إلى العصر المتأخر للإمبراطورية الرومانية—والتي تسمح، لأول نظرة، بإنشاء البرج الذي يوجد فيه كوكب ما في تاريخ معين. ومع ذلك، فلكي تصبح مثل هذه القواعد أو الأزياج في متناول جيل الضبِّي من المنجمين أو السابقين عليه، فيجب أن نتحقق—متابعين لنظرية الأساس اللاتيني/القوطي الغربي لكل هذه الثقافة الفلكية/ التنجيمية—من ما هي القواعد والمبيانات التي توجد موثقة في رسائل التقويم الكنسي والتي تمثل، على الأرجح، أفضل مصدر نتوفر عليه لدراسة المعارف الفلكية لذلك العصر. لقد تمكنا من أن نثبت، في أعمال سابقة،[29] أن هذه القواعد والمبيانات تظهر في كثير من الأحيان فيما يتعلق بالشمس والقمر، وهما الكوكبان اللذان استأثرا، بدون شك، باهتمام فلكيي الحساب المعنيين في المقام الأول بالتقويم. وهكذا، فقد تم توثيق جداول وعجلات التقويم التي تعطينا موقع الشمس في كل شهر من السنة في التراث الأندلسي منذ القرن التاسع، ويمكن أن يكون قد انحدر منها المبيان المميز الذي يظهر على ظهر الأسطرلابات ”الإسبانية— الموريسكية“ (الشكل 2): [30]

شكل 2

تقويم خريطة بروج على ظهر الأسطرلاب الذي كان مملوكًا لـ M. Destombes موجود في معهد العالم العربي (باريس). من المحتمل أن يكون أقدم أسطرلاب لاتيني معروف ويبدو أنه من التراث الأندلسي

وهو المدعو تقويم دائرة البروج والذي يمثل توافقا بين تاريخ ما من السنة اليوليوسية وخط طول الشمس. وفيما يتعلق بالقمر، توجد الكثير من القواعد الموثقة في المصادر المتأخرة سواء اللاتينية والعربية، مثل تلك التي ظهرت في منتصف القرن العاشر، في كتاب الهيئة لقاسم بن مطرف القطان (راجع القسم 2.4.2 والقسم 1.5.2) والذي يسمح بتوثيق موقع القمر ودرجته باستخدام التقويم الشمسي أو القمري[31] ولكنه ذو أهمية أكبر بكثير في لفت الانتباه إلى الجدول التربيعي لصور دائرة البروج (الشكل 3) الذي يعود على الأقل إلى القرن الثامن (على الرغم من أن المخطوطات اللاتينية القديمة التي ورد فيها تعود إلى القرن التاسع) والذي يوجد أيضا في المصادر العربية.[32] بهذا الجدول يمكن تحديد درجات بروج القمر بمعرفة عدد الأيام التي مرت منذ بداية الشهر القمري والموقع التقريبي للشمس في وقت الاقتران. وأخيرا، وفيما يتعلق بالكواكب، فإن الأدلة محدودة جدا ولكن لدينا بعض النصوص، الأكثر اكتمالا، منها De pianet arum el signorum ratione المنحول لـ بيدا Beda والذي ترد فيه، انطلاقا من المواقع المزعومة للكواكب زمن الخلق (3761 قبل الميلاد)، مجموعة مزدوجة من القواعد لأجل حساب متوسط ​​مواقع زحل والمشتري والمريخ والزهرة، بغض النظر عن عطارد لأن هذا الكوكب، يقول النص، يكون دائما في فلك الشمس، وهي تسبقه أو تليه.

ونلاحظ، أخيرا، أن أهمية el Libro de las Cruzes تأتي من كونه يركز على قضايا علم التنجيم المتعلقة بالطقس، بالقيام بتنبؤات حول مواسم الأمطار والجفاف وتزامن قلتها وزيادتها مع انخفاض وارتفاع أسعار المواد الغذائية. لذلك فالنصان العربيان الذين يحتويان على نقول من هذا الكتاب يحملان عنوانين هما على التوالي: كتاب الأمطار والأسعار وباب الأسعار والأمطار على رأي أهل الصلوب. وكل هذا لا يمكن أن يفاجئنا في شبه الجزيرة الإيبيرية حيث تميزت القرون الثامن والتاسع والعاشر بفترات طويلة من الجفاف.

جدول تربيعي لصور البروج كما تظهر في المخطوطة 106 من Albadia de Ripoll يعود إلى القرن 10م، محفوظ في أرشيف تاج أراغون. بواسطته كان بالإمكان تحديد أي من صور فلك البرج يكون متعامدا مع القمر.

5.1 استطراد حول الثقافة والطب والزراعة اللاتينية في الأندلس من القرن التاسع إلى الحادي عشر

إن el Libro de las Cruzes هو عنصر أساسي لتأييد نظرية استمرار وجود علم لاتيني قوطي غربي على قيد الحياة، مدافع عنه، ربما، من قبل المستعربين في الأندلس خلال القرن الأول من عصر الإمارة. وهو مع ذلك، لا يمثل حالة معزولة بل يؤكد ما نعرفه بالفعل عن نوع معين من ثقافة ذلك العصر. وهكذا، على سبيل المثال، فقد كانت لدى أولوغيو القرطبي Eulogio de Córdoba الشهير—المحرض على حركة الشهداء المتطوعين المسيحيين التي بدأت في 235هـ/850م— مكتبة ممتازة من الكتب اللاتينية ضمت المخطوطة (R.II 18 (Ovetense المحفوظة في مكتبة دير الإسكوريال والتي تحتوي على قطعة من De natura rerum لإسيدور الإشبيلي، ونصوص جغرافية (منحدرة من las Etimologías وغيره من المصادر) وعلى معطيات عن كسوف 161هـ/778م و 162هـ/779م، فهرس مكتبة كنيسة قرطبة، وقد أرفقت بها جميعها ملاحظات في الهوامش باللغة العربية، ترد مثلها أيضا في مخطوطات لاتينية أخرى تضم las Etimologías.[33] ترد هذه التعاليق مثلها مثل التي في مخطوطات scriptorium de Ripoll[34] لا داعي لنجعلها جزءا من دليلنا على ما نقول لأنها يمكن أن تعتبر ببساطة من عمل المعاهدين المستعربين. ومع ذلك، فمن الواضح أن عناصر ثقافية معينة من التراث الإسيدوري قد أدخلت إلى عالم المسلمين الأندلسيين، كما هو الحال، على سبيل المثال، مع الأوصاف الجغرافية لشبه الجزيرة الإيبيرية، المتصفة بالعمومية، التي ترد عند معظم الجغرافيين والمؤرخين الأندلسيين: هذه الأوصاف عادة ما تقتبس من المقدمة الجغرافية لكتاب الرازي (ت. حوالي 344هـ/955م) الذي، يقتبس، بدوره من مصادر لاتينية كما يعترف بذلك صراحة بإيراد عبارات (”كما يحكي علماء الأندلس المسيحيين،“ ”كما وجدت مكتوبة في كتب النصارى“) وقد تم التعرف على مصادر من بين أخرى منها ما يرجع إلى أوروسيوس وإسيدور.[35] إن ما ينتج الآن عن اللجوء إلى المصادر اللاتينية لكتابة وصف جغرافي عام لشبه جزيرة إيبيريا أو استعمالها أيضا للتأريخ للماضي ما قبل الإسلامي للأندلس،[36] هو أقل أهمية من مقدمة— تتكرر كثيرا في النصوص ذات الطابع الفلكي—العصر الإسباني (تاريخ الصفر)، فاتح يناير من سنة 38 قبل الميلاد، والذي يعتبر كتاب la Historia Gothorum لإسيدور الإشبيلي[37] أول مصادره والذي يعكس التصور المسكوني الذي يظهر في الخريطة الإسيدورية الشهيرة على شكل حرف T اللاتيني، مصحوبا بأساطير عربية في المقام الأول ولاتينية بشكل ثانوي، ضمن مخطوطة من المكتبة الوطنية في مدريد (الشكل 4). وقد رسمت هذه الخريطة إما من قبل مسلم له معرفة جيدة بالتراث الإسيدوري أو من قبل مسيحي مستعرب تعريبا عميقا.[38]

شكل 4

خريطة على صورة حرف T، من التراث الإسيدوري العربي اللاتيني موجودة في مخطوط Vitr. 14- 3 المكتبة الوطنية بمدريد.

لنعد الآن إلى حقول أكثر قربا إلى التاريخ الفعلي للعلم. سنتحدث في وقت لاحق عن عناصر ثقافية من تراث المستعربين التي ترد في تقويم قرطبة (راجع القسم 2.4.3). هناك مصدر آخر عظيم الفائدة هو كتاب طبقات الأطباء والحكماء[39] لابن جلجل الأندلسي(ولد 332هـ/943م)، وهو مؤلف يعترف باستعماله لمصادر لاتينية منها ما هو لإسيدور والنسخة اللاتينية لـ la Crónica de Eusebio de Cesarea المصنفة من قبل سان جيروم S. Jerónimo ، والتي ترجمت في قرطبة في عهد الحكم الثاني (350-366هـ/961-976م). والآن فإن أهمية ابن جلجل الحقيقة في هذا السياق هي أنه يسجل بوضوح الحدود الزمنية للتأثير اللاتيني على طب الأندلس:[40] والواقع، أن هذا المؤلف يشير إلى أن الطب الأندلسي كان محتكرا من قبل النصارى حتى عهد عبد الرحمن الثالث (316-350هـ/912-961م) و”كان يعول في الطب بالأندلس على كتاب مترجم من كتب النصارى، يقال له الأبرشيم، ومعناه المجموع أو الجامع.*“ وقد أول حوراني هذا المقطع معتبرا أن الأبرشيم يعني استمرار قواعد أبقراط[41] ولكن إذا أخذنا بتعريف إيسيدور (للكلمة، 10.4: «Aforismus est sermo brevis, integrum sensum propositae rei scríbens») فيجب أن نعتبر أنها تعني جنسا أدبيا من الأدب الطبي لذلك العصر. ومع ذلك، وبالتوازي مع صاعد الطليطلي يبدأ ابن جلجل بذكر الأطباء الأندلسيين ابتداء من إمارة محمد (238-273هـ/852-886م) وخلالها، وكذلك في عهدي خليفتيه المنذر (273-275هـ/286-288م) وعبد الله (275-300هـ/888-912م)، أي في النصف الثاني من القرن التاسع وبداية العاشر، وقد كان خمسة أطباء من بين الستة الذين ذكرهم مسيحيين وقد حمل اثنان منهم اسمين ذوي معنيين لهما دلالة، مثل حمدين بن أبا (= Oppas) وخالد بن يزيد بن رومان (Rumán)، وعلاوة على ذلك، فقد قال لنا عن أحد هؤلاء الأطباء الخمسة اسمه جواد، بأنه صاحب دواء الراهب. وقد تغير هذا الوضع منذ عهد عبد الرحمن الثالث رغم أن التراث الطبي اللاتيني يبدو أنه استمر موجودا، متمثلا في يحيى بن إسحاق، ابن طبيب مسيحي ومؤلف خمسة كتب من المجاميع، والذي نراه يتشاور مع راهب دير بشأن علاج لمرض الخليفة، الذي كان يشكو من التهاب الأذن.[42] يتأكد وجود هذا التراث من خلال الآثار المترتبة على كلام الطبيب سعيد بن عبد ربه (ت. حوالي 342-356هـ/953-977م) الذي يقول، في أرجوزته التعليمية عن الطب بأن ”المراتب العليا من الصناعة الطبية لا يصلها إلا أولئك الذين يعرفون نصوص الأوائل المعربة.“[43]

وأخيرا، نلاحظ أنه بالإضافة إلى التنجيم والطب والجغرافيا والتاريخ، هناك مجال آخر يبدو أنه استمر وجود تراث لاتيني فيه، إنه الهندسة الزراعية. فحتى وقت قريب، وبشكل عام جدا، كانت فكرة وجود تراث مباشر لكولوميلا Columela بين المهندسين الزراعيين الأندلسيين مقبولة وصلت إلى حد التسليم بوجود ترجمة عربية لــ De rerustica أنجزت في الأندلس. وقد استندت هذه الفكرة على اقتباسات المهندس الزراعي ابن حجاج (المزداد 465هـ/1073م) من مؤلف اسمه يونيوس Yūnyūs الذي تم التعرف على هويته على أنه إيونيوس موديراتوس كولوميلا[44] Iunius Modera­tus Columela، وقد دحض رودجرز Rodgers هذه الفكرة[45] في عام 1978، بإظهار أن أوجه التشابه بين اقتباسات يونيوس ومقاطع معينة من De rerustica ترجع أساسا إلى طبيعة الموضوع المعالج، كما أنه توجد أيضا تناقضات بينهما، وأن أوجه الشبه هي أكبر إذا ما قورنت اقتباسات يونيوس بالكتاب الفلاحي لڤيندانيو أناطوليو دي بيريتو Vindanio Anatolio de Berito، الذي وصلنا في ترجمة عربية انحدرت بدورها من نسخة سريانية مختصرة.

ومع ذلك، وعلى الرغم من أنه يبدو أن علينا أن نتخلى عن فكرة وجود تراث لكولوميلا في الأندلس—فهي فكرة تشكل بالنسبة لبعض العلماء أساس الاختلاف بين الهندسة الزراعية الأندلسية والشرقية—حتى أن المؤلفين الأكثر ممارسة للنقد أنفسهم، قد تخلوا عن فكرة استمرار وجود هندسة زراعية لاتينية في الأندلس، علما بأن ابن حجاج يصرح بأنها تستند على تراث الروم (المستعربين) في الأندلس، وأن ابن العوام (الثلث الأخير من القرن الثاني عشر) يؤكد بأنه قد اقتبس آراء مؤلفين غير مسلمين لا يذكر أسماءهم ولكنه يحيل عليهم بعبارات مثل ”هناك مهندسون زراعيون يقولون…“ و”يقول آخرون…“ وقد تعرف أتيي Attié على أحد هذه المصادر المجهولة في مخطوطة عربية في المكتبة الوطنية بباريس. ويفترض أن يكون مؤلفها مسيحي، لأنه يتبنى عملية التلقيح الإنجيلية لشجرة عقيمة بتهديدها بفأس. يتعلق الأمر برسالة قصيرة من أواخر القرن العاشر، مؤلفها—حسب أتيي—هو مستعرب ذو ثقافة عربية جيدة، يحيل على مؤلفين كلاسيكيين من خلال نسخ عربية مشرقية.[46] وعلاوة على ذلك فإن أتيي نفسه يؤمن بوجود ترجمة أندلسية عربية لكتاب مارسيال Marcial في الفلاحة.[47]

استنتاج

ذكر ميغيل آسين پلاصيوس (عام 1914)، في دراسته عن ابن مسرة، والتي لا تزال تمثل نظرة عامة مقبولة للتاريخ الفكري المبكر للأندلس، ما يلي: ”في الوقت الذي نميل فيه إلى الاعتقاد باستمرار حضور ونقل العلم القوطي إلى الإسلام الأندلسي، ما زلنا نفتقر إلى دليل وثائقي.“[48]

أعتقد أن تلك النظرة العامة شبه العلمية قد تغيرت، وذلك، أساسا، بفضل اكتشافات ڤيرنيت Vernet ومونيوس Muñoz لنصوص عربية ذات صلة بتراث ”أحكام الصلوب“ والتي سمح لنا تحليلها بتكوين فكرة دقيقة إلى حد ما عن مصادر التنبؤات الفلكية التي استخدمت من قبل المنجمين الأندلسيين في القرن الثامن، وكذا بحدس—وهنا نلج حقلا فلكيا بالمعنى الحقيقي—الإجراءات التي استخدمت لحساب مواقع الكواكب. ولربط صلة بين تراث فلكي/ تنجيمي لاتيني—قوطي لا بد من التمكن من ربط أحكام الصلوب باسم الضبي أول منجم أندلسي معروف، والذي لا ينبغي بأي حال من الأحوال أن يكون الأول ولا الوحيد.

للتوثيق

سامسو، خوليو. ”العلم العربي والثقافة الإيسيدورية (92-206هـ/711-821م)،“ نقله من الإسبانية إلى العربية مصطفى بنسباع. ضمن موقع الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية، الرابط <https://philosmus.org/archives/3473>

مصطفى بنسباع

مصطفى بنسباع، أستاذ تاريخ الغرب الإسلامي الوسيط بجامعة عبد المالك السعدي بتطوان. متخصص في التصوف الأندلسي في العصر المرابطي، ومهتم بتوظيف المعلوميات في التدريس والبحث. عضو مؤسسات وهيئات بحثية وطنية ودولية. له منشورات عديدة تتوزع بين تأليف وتأليف جماعي وترجمة وتنسيق. هذا إضافة إلى دراسات ومقالات في مجلات ودوريات. من مقالاته: ”العلم والعلماء بالأندلس من خلال طبقات الأمم لصاعد الأندلسي“ (2014)؛ و”إحراق كتاب الإحياء للغزالي وعلاقته بالصراع بين المرابطين والمتصوفة“ (1995)؛ ومن ترجماته: التصوف والباطنية في الأندلس لماربيل فييرو (2016).

[1] تعير أعمال بيير كيشار Pierre Guichard (راجع أساسا كتابه Al-Andalus Estruc­tura antropológica de una sociedad islámica en Occidente, Barcelon) أهمية عددية للعنصر العربي، الذي دخل شبه جزيرة إيبيرية مع الفاتحين الأوائل، أكبر من تلك التي نجدها عادة في المصادر التقليدية الأندلسية، ولكن هذا لا يحدث تغييرا جوهريا في معطيات المشكلة.

[2] صاعد الأندلسي، طبقات الأمم، تحقيق حياة بوعلوان (بيروت: دار الطليعة للطباعة والنشر، 1985)، 155–158. ذكر ابن طملوس (ت.620هـ/1223م) الشيء نفسه، فقد نص على أن المسلمين الذين سكنوا الأندلس في الأيام الأولى لفتحها كانوا قليلي المعرفة، ولم يكن لهم اطلاع إلا على العلم الضروري لحل المشاكل الفقهية، والذي نقله إليهم شيوخ من الجيل الثاني والثالث.

Miguel Asín Palacios, “La logique d’Ibn Turnlūs d’Alcira,” in Id., Obras Escogidas II–III (Madrid : Maestre, 1948), 157–158.

[3] نشرت حتى الآن أربعة مجلدات من سلسلة Estudios onomástico-biográficos de al-Andalus، أولها من قبل منويلة مرين Manuela Marín بمدريد سنة 1988، والثاني والثالث من قبل مرية لويسة أبيلا María Luisa Avila بغرناطة سنتي 1989 و1990، والرابع من قبل لويس مولينا Luis Molina [صدر منها 18 مجلدا إلى حدود سنة 2012 (المترجم)]. انظر أيضا العديد من المقالات التي صدرت في مجلة القنطرة Al-Qanṭara.

[4] شهاب الدين المقري، نفح الطيب من غصن الأندلس الرطيب، تحقيق إحسان عباس (بيروت: دار صادر، 1968م)، ج1، 466–468.

[5] J. Samsó, “ Ibn Hišām al-Lajmi y el primer jardín botánico en al-Andalus,” Revista del Instituto Egipcio de Estudios Islámicos 21 (1981-1982) : 135–141.

[6] M. Marín, “ʿIlm nuğŭm wa ilm alḫidṯãn,” in Actas del XII Congreso de la U.E.A.I. (Madrid: Union européene d’arabisants et d’islamisants, 1986), 509–535.

والتي تشير في (ص 514) إلى أن النبوءات والتكهنات المتعلقة بالفتح وبالوجود الإسلامي المبكر في الأندلس لها، في بعض الأحيان، علاقة بممارسات فلكية، ولكنها تنتمي، في الغالب، إلى جنس يصعب تعريفه، والذي تسميه المصادر العربية علم الحدثان (علم معرفة المستقبل). حول هذه القضايا راجع أيضا:

  1. Samsó, “Astrology, Pre-Islamic Spain and the con­quest of al-Andalus,” Revista del lnstituto Egipcio de Estudios Islámicos 23 (1985-1986), 79–94.

[7] راجع عن أساليب التنبؤ في التراث العربي:

 Toufic Fahd, La divina­tion arabe, (Leiden: Brill, 1966).

[8] تمارس هذه الحماية من خلال نوع من الطلاسم. وحنش، اسم طوطم وثني، يعني على الأرجح ”ثعبان“. راجع:

Dolors Bramón y Juan Antonio Souto, “Las maravillas de Zaragoza,” Aragón en la Edad Media 7 (1987), 7–26.

[9] راجع عن تحديد القبلة في الأندلس:

David A. King “Three Sundials from Islamic Andalusia,” Journal for the History of Arabic Science 2 (1978).358–392

راجع أيضا القسم 2. 4. 1.

[10] نشر النص العربي من قبل:

Maḥmūd Alī Makkī, “Egipto y los origenes de la historiografia arábigo-española. Contribución al estudio de las primeras fuen­tes de la historia hispano-musulmana,” Revista del lnstituto Egipcio de Estudios Islámicos 5 (1957), 221.

ظهرت طبعة كاملة في الآونة الأخيرة لكتاب التاريخ لعبد الملك بن حبيب، أعدها Jorge Aguadé (مدريد 1991) انظر ص 137. (أعدنا النص إلى أصله العربي اعتمادا على نشرة عبد الغني مستو، الطبعة الأولى، صيدا بيروت 2008، ص 143. (المترجم))

[11] Julián Ribera, Historia de la conquista de España de Abenalcotia el Cordo­bés, seguida de fragmentos históricos de Abencotia, etc., Traducción de Don Julián Ribera (Madrid: Real Academia de la Historia, 1926),

الصفحات 120­–121 من النص العربي، و 105–106 من الترجمة القشتالية.

[12] J. Samsó, “La tradición clásica en los calendarios agricolas hispanoárabes y norteafricanos,” in Segundo Congreso lnternacional de Estudios sobre las Culturas del Mediterrañeo Occidental (Barcelona: n.d., 1978), 182–183.

[13] انظر:

Ibn Qutayba apud Ribera, Abenalcotía,

الصفحات 184–183 من النص العربي، و 159–158 من الترجمة القشتالية.

[14] Ibn Qutayba apud Ribera, Abenalcotía,

الصفحات186–185 من النص العربي، و 161–160 من الترجمة القشتالية. ينص صراحة على أن أحد المسلمين الذين كانوا في الأندلس مع موسى كان يهتم بدراسة حركات الشمس والقمر.

[15] J. Samsó, “Nota sobre la biografia de Sisebuto en un texto ārabe anóni­mo,” Serta Gratulatoría in honorem Juan Régulo.(San Cristóbal: Universidad de la Laguna, 1985), v. i, 639–642.

[16] Alfonso El Sabio, Libro de las Cruzes, ed. L. A. Kasten y L. B. Kiddle (Madrid-Madison: CSIC, 1961).

[17] J. M. Millás Vallicrosa, “Sobre el autor del “Libro de las Cruces,” Al-Andalus 5 (940), 230–234.

راجع أيضا:

Isis 19 (1933), 530.

وعمل لم ينشر بعد هو:

Castells, Un nuevo dato sobre el Libro de las Cruces en al-Zīŷ al- Muṣṭalaḥ (obra astronomica egipcia del siglo 13).

قيد النشر في al-Qantara، يقدم معلومات جديدة: يسمى مؤلف هذا العرض عبد الله بن أحمد الطليطلي، وهو شخص لم يمكن التعرف عليه ولكن يبدو أنه يجب توطينه في طليطلة في النصف الثاني من القرن 11.

[18] Juan Vernet, “Tradición e innovación en la ciencia medieval,” in Estudios sobre Historia de la Ciencia Medieval (Barcelona: Universidad de Barcelona y Universidad Autónoma de Barcelona-Bellaterra,1979), 173­–189; Rafael. Muñoz, “Textos árabes del “Libro de las Cruces” de Alfonso X,” in Textos y Estudios sobre Astronomía Española en el Siglo XIII (Barcelona: Institución Milá y Fontanals, 1981), 175–204.

[19] راجع طبعته وترجمته في:

  1. Samsó, “La primitiva versión ārabe del Libro de las Cruces,” in Nuevos Estudios sobre Astronomía Española en el siglo de Alfonso X, ed. Juan Vernet (Barcelona: Institución Milá y Fontanals, 1983), 149–161.

راجع عن هذه القضية كلها أيضا:

  1. Samsó, “The Early Developrnent of Astrology in el-Andalus,” Journal for the History of Arabic Science 3 (1979), 228–243; id, “Alfonso X y los orígenes de la astrologla hispánica,” in Estudios sobre la Historia de la Ciencia Árabe, ed. Juan Vernet (Barcelona: Institución Milá y Fontanals, 1980), 81–114.

[20] Ribera, Abenalcotia,

الصفحات 41–42 من النص العربي، و 32–33 من الترجمة القشتالية. المقري، نفح الطيب، تحقيق إحسان عباس، ج1، 334–335.

[21] Vernet, “Astrologia y política en la Córdoba del siglo X,” Revista del Instituto de Estudios Islámicos 15 (1970), 91–100.

[22] Samsó, “Notas sobre la astronomia y la astrologia de Llull,” Estudios Lulianos 25 (1980-83), 199–220.

[23] O. Neugebauer y H.B. Van Hoesen, Greek Horoscopes (Philadelphia: American Philosophical Society, 1959).

[24] راجع عن هذه المشكلة:

 John North, Horoscopes and History (London: The Warburg Institute, 1986).

[25] J. Fontaine, Isidore de Séville et la culture classique dans l’Espagne (Paris: Wisi­gothique, 1959), v. i, 393–407.

[26] Al-Bīrūnī, The Book of Instruction in Elements of the art of Astrology, translated by R. Ramsay Wright (Londres : Luzak & Co., 1934), 296.

[27]M.D. Poch, “EI concepto de quemazón en el Libro de las Cruces,” Awrāq 3 (1980), 68–74.

[28] Otto Neugebauer, A History of Ancient Mathematical Astronomy, (Berlin : Springer Berlin Heidelberg, 1975), 793–801, 823–826.

[29] J. Samsó, “En torno a los métodos de cálculo utilizados por los astrólogos andalusies a fines del s. VIII y principios del IX: algunas hipótesis de trabajo,” in Actas de las II Jornadas de Cultura Arabe e Islámica (Madrid : Instituto Hispano-Árabe de cultura, 1980), 509–522; Id., “Dos reglas para determinar, por aproximación, la longitud de la luna,” in Nuevos estudios sobre astronomía española en el siglo de Alfonso X, ed. Juan Vernet Ginés (Barcelona : CSIC, 1983), 143–148; Id. y Marlinez Gāzquez, “Astronomía en un tratado de cómputo del siglo XIII,” Foventia 4 (1982), 45–65.

[30] لم يظهر هذا الرسم التخطيطي في الأسطرلابات الشرقية إلى فترة متأخرة نسبيا (راجع القسم 5.2.1). من الصعب الاستدلال على أنه كان معروفا للبيروني اعتمادا على كتابه عن الظلال (راجع:

Al-Bīrūnī, The Ex­haustive Treatise on Shadows, Translated by E. S. Kennedy (Aleppo: Institute for the history of Arabic science, 1976), v. i, 76, v. ii, 28–29.)

النص غامض جدا وهو يناقش مشكلة إقامة مخطط ما لتحديد أوقات الصلاة على مدار العام—باستخدام واضح لتقويم شمسي—بواسطة ”أداة“ دون مزيد من التدقيق.

[31] قاسم بن محمد القطان، كتاب الهيئة، مخطوط (إسطنبول: مكتبة جار الله أفندي، 1279)، ورقة 318و. ندين بتمكيننا من الاطلاع على ميكروفيلم لهذه المخطوطة إلى كرم البروفيسور فؤاد سزكين.

[32]Francesc Castelló, “Una tabla cuadrática de los signos zodiacales en un tratado de astronomía árabe,” Nuevos estudios sobre astronomía española en el siglo de Alfonso X, ed. Juan Vernet Ginés (Barcelona : CSIC, 1983), 139–141.

[33] G. Levi della Vida, “l mozarabi tra Occidente e Islam,” in L’Occidente e l’lslam nell’ Alto medioevo (Spoleto: Presso la sede del Centro, 1965), v. ii, 667–695.

[34] J. Millás Vallicrosa, Assaig d’història de les idees fisiques i matemátiques a la Catalunya Medieval (Barcelona: Institut Patxot, 1931), 91–92.

[35] J. Vallvé Bermejo, “Fuentes latinas de los geógrafos árabes,” Al-Andalus 32 (967), 241-260.

[36] المصادر كثيرة جدا ويوجد جزء كبير منها في:

Samsó, “Alfonso X y los origenes de la astrologia hispánica,” 111–112 (nota 101).

ومن بين المستجدات أحيل على:

أوروسيوس، تاريخ العالم الترجمة العربية القديمة، حققها وقدمها عبد الرحمن بدوي (بيروت: المؤسسة العربية للدراسات والنشر، 1982م)؛

  1. Molina, Una descripción anónima de al-Andalus (Madrid: CSIC, 1983); L. Molina, “Sobre la procedencia de la historia preislámica inserta en la Crónica del moro Rasis,” Awraq 5-6 (1982-83), 133–139; Id., “Orosio y los geógrafos hispanomusulrnanes,” Al-Qantara 5 (1984), 63–92.

[37] راجع:

  1. Levi della Vida, “The “Bronze Era” in Moslem Spain,” Journal of the American Oriental Society 63 (1943), 183–190; reimprinted in Id., Note di Storía Lette­raria Arabo-Ispanica (Rome : Ipocan, 1971), 109–122; O. Neugebauer, “On the ‘Spanish Era’,” Chiron II (1981), 371–380.

[38] G. Menéndez Pidal, “Mozárabes y asturianos en la cultura de la Alta Edad Media en relación especial con la historia de los conocimientos geogràficos,” Bole­tin de la Real Academia de la Historia 134 (1954), 137-291.

[39] ابن جلجل، طبقات الأطباء والحكماء، تحقيق فؤاد السيد (القاهرة: المعهد العلمي الفرنسي للآثار الشرقية، 1955).

* أرجعنا هذا النص إلى أصله العربي عوض إعادة ترجمته اعتمادا على نشرة فؤاد سيد. نفسه، 92. (المترجم)

[40] J. Vernet, “Los médicos andaluces en el Libro de las generaciones de los médicos de lbn Yulyul,” in Estudios sobre la historia de la ciencia medieval, ed. Juan Vernet (Barcelona: Universidad autónoma, 1979), 469–486.

[41] G. F. Hourani, “The early growth of the secular sciences in Andalusia,” Studia Istamica 32 (1970), 147.

[42] Vernet, “Los médicos andaluces,” 457.

لم يكن العلاج الذي وصفه الراهب (تقطير دم ساخن لحمامة حديثة الذبح في الأذن) يدل على مستوى علمي عالي في الطب في ذلك الوقت ولكن المؤكد هو أنه أعطى نتيجة جيدة، بعد أن فشلت محاولات أطباء بلاط الخلافة.

[43] R. Kühne, “La uryūza fī-ṭ-ṭibb de Saʿīd Ibn ʿAbd Rabbihi,” Al-Qantara 1 (1980), 279–338.

[44] انظر: ابن حجاج، المقنع في الفلاحة، تحقيق صلاح جرار وجاسر أبو صفية (عمان: مجمع اللغة العربية الأردني، 1982م).

[45] R. H. Rodgers, “¿ Yūniyūs o Columela en la España Medieval?,” AI-Andalus 43 (1978), 163–172.

[46] حقق هذا النص حديثا بعنوان (كتاب في ترتيب أوقات الغراسة والمغروسات Un tratado agrícola andalusi anónimo, Granada, 1990.) وترجم من قبل A. C. López الذي يبدو أنه غير مقتنع بفرضية أتيي ويرجح أن يكون مؤلفه هو ابن أبي الجواد الذي يذكره ابن العوام (راجع 5.5.4).

[47] B. Attié, “Ibn Ḥağğāğ était-il pollyglotte?” Al-Qantara 1 (980), 243–261; Id., “L’ordre chronologique probable des sources directes d’Ibn al-ʿAwwām,” Al-Qan­tara 3 (1982), 299–332; Id., “La bibliographie de al-Muqniʿ de Ibn Ḥağğāğ,” Hespéris­-Tamuda 19 (1980-81), 47–74.

[48] M. Asīn Palacios, “Ibn Masarra y su escuela, Orígenes de la filosofia hispanomusulmana,” in Obras Escogidas I (Madrid: 1946), 21.

مقالات ذات صلة

في الأصول الشرقية للفيزياء الحديثة

في الأصول الشرقية للفيزياء الحديثة

في الأصول الشرقية للفيزياء الحديثة[1] وليام رو-بيرا William Rowe-Pirra ترجمة وتقديم محمد أبركان*جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس تقديم المترجم صاحب المقال الذي نترجمه هنا هو وليام رو-بيرا William Rowe-Pirra، الكاتب الفرنسي المتخصص في الصحافة العلمية. وعلى الرغم من أن...

اعتبارات الماهية: الإبداع السينوي، وابتكار المدرّس الزنوزي

اعتبارات الماهية: الإبداع السينوي، وابتكار المدرّس الزنوزي

Iʿtibārāt al-Māhiyah:al-Ibdāʿ al-Sīnawī, wa Ibtikār al-Mudarris al-Zanūzī اعتبارات الماهيّة: الإبداع السينوي، وابتكار المدرّس الزنوزي   رامين عزيزي وجهنكير مسعودي جامعة فردوسي، مشهد  ترجمها عن الفارسية الهواري بن بوزيان جامعة المصطفى العالمية، قم...

القياس الشعري والتخييل عند الفارابي

القياس الشعري والتخييل عند الفارابي

القياس الشعري والتخييل عند الفارابي لويسْ خَابْيِيرْلُوبيثْ فارْخَاتْجامعة بَانْأمريكَانَا-مكسيكو سيتي ترجمة محمد الولي[1]جامعة سيدي محمد بن عبد الله-فاس كثيرة هي الدراسات التي أنجزت في العالم العربي حول دمج كتابي الخطابة والشعر لأرسطو ضمن الأورغانون. وإذا تم الاتفاق...

بأي معنى ولأي غرض ندرس تاريخ الفلسفة الإسلامية؟ تاريخ تقليد مهمل

بأي معنى ولأي غرض ندرس تاريخ الفلسفة الإسلامية؟ تاريخ تقليد مهمل

بأي معنى ولأي غرض ندرس تاريخ الفلسفة الإسلامية؟ تاريخ تقليد مهمل* هانس ديبرترجمة وتقديم فؤاد بن أحمد تقديم الترجمة هانز دايبر مستشرق ألماني من مواليد عام 1942. حصل على الدكتوراه عام 1968. واشتغل أستاذًا للغة العربية والإسلام في الجامعة الحرة بأمستردام من عام 1977 إلى...

تقليد عثمانيّ في شرح كتاب الغزالي ’تهافت الفلاسفة‘: ملاحظات أوليّة

تقليد عثمانيّ في شرح كتاب الغزالي ’تهافت الفلاسفة‘: ملاحظات أوليّة

تقليد عثمانيّ في شرح كتاب الغزالي ’تهافت الفلاسفة‘ملاحظات أوليّة[1] تأليف: ل. فان ليتجامعة يال-نيو هيفن ترجمة وتقديم: سعيد البوسكلاويجامعة محمّد الأوّل-وجدة/جامعة زايد-أبو ظبي     تقديم المترجم ننقل إلى القارئ العربيّ دراسة قيّمة ترصد تقليدا فكريّا كاملا في شرح كتاب...

قصة عمر الأرض

قصة عمر الأرض

  قصة عمر الأرض ترجمة وتقديم محمد أبركان جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس    تقديم المترجم  المقال الذي نترجمه هنا هو للفيزيائي هوبير كريبين Hubert Krivine؛ وقد سبق لهذا العالِم أن اشتغل باحثا ضمن بنية البحث بمختبر الفيزياء النظرية والنماذج الإحصائية بجامعة...

بيبليوگرافيا وصفية للفلسفة الإشراقية

بيبليوگرافيا وصفية للفلسفة الإشراقية

   بيبليوگرافيا وصفية للفلسفة الإشراقية[1]    تأليف: محسن كَدِيوَر[2]    ترجمها عن الفارسية يونس أجعون[3]جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس (1)المقدمة 1. مكانة الفلسفة الإشراقية ضمن الفلسفة الإسلامية تُعدُّ الفلسفةُ الإشراقية أحدَ مدارس الفلسفة الإسلامية الثلاث، وقد...

جانبٌ من المنعطف السِّينوي في علم الكلام السُّنِّي

جانبٌ من المنعطف السِّينوي في علم الكلام السُّنِّي

جانبٌ من الـمُنعطف السّينويّ في علم الكلام السُّنّي[1] روبرت ويسنوڤسكي[2]جامعة ماكگيل، مونتريال ترجمة هشام بوهدي[3]جامعة القرويين، الرباط   تقديم الترجمة ما أنوي كتابته في هذه الفقرة المختصرة ليس تقديماً لمضمون المقالة ولا لصاحبها؛ لأنّ المقالة قد أصبحت من كلاسيكيّات...

القياس الشعري حسب كتاب الشعر لابن طُملوس

القياس الشعري حسب كتاب الشعر لابن طُملوس

القياس الشعري حسب كتاب الشعر لابن طُملوس مارون عواد المركز الوطني للبحث العلمي، باريس ترجمة وتقديم فؤاد بن أحمد جامعة القرويين، الرباط   تقديم حظيت نظرية الشعر المنطقية باهتمام كبير من قبل الدارسين والمهتمين بالتآليف المنطقية للفلاسفة في السياقات الإسلامية؛ ويحتل...

شذرات عربية مجهولة من كتابَي ’العناصر اللاهوتية‘ و’العناصر الطبيعية‘ لبرقلس

شذرات عربية مجهولة من كتابَي ’العناصر اللاهوتية‘ و’العناصر الطبيعية‘ لبرقلس

شذراتٌ عربيّةٌ مجهولةٌ مِنْ كِتَابَي ’العناصر اللاهوتيّة‘ و’العناصر الطبيعيّة‘ لبرقلس تأليف: شلومو بينس[1] ترجمها عن الإنجليزية: يونس أجعون[2] في مُجلَّدٍ مُعنوَنٍ بـ Proclus Arabus, Zwanzig Abschnitte aus der Institutio theologica in arabischer Übersetzung، ومنشورٍ...

مشاركة / Share
error: Content is protected !!