”ما هي الأعمال الفلسفية اليونانية القديمة […] التي ندين للعرب في أول معرفتنا بها؟“: عودة إلى نقاش ”قديم“
“Which of the works of the ancient Greek philosophers […] do we owe the first knowledge to the Arabs?”
Revisiting an “old” Dispute
“Mā hiya al-Aʿmāl al-Falsafīyah al-Yūnānīyah al-Qadīmah [… ] allatī Nadīn lil-ʿArab fī Awwal Maʿrifitinā bihā? ”
ʿAwdah ilá Niqqāsh “qadīm”
”ما هي الأعمال الفلسفية اليونانية القديمة […] التي ندين للعرب في أول معرفتنا بها؟“
عودة إلى نقاش ”قديم“✯
Fouad Ben Ahmed
Quarawiyyin University-Rabat
فؤاد بن أحمد
جامعة القرويين-الرباط
Abstract: The end of the 18th century and the beginning of the 19th century witnessed the affirmation of a common European intellectual identity that surpassed “national” differences. Historians identified it at the time in a heterogeneous compound: “European reason is Greek in the realm of philosophy and Christian in the realm of religion.” The fact is that these two components belong together to the past. Thus, the “rooting” of modern European reason in the Christian Middle Ages required adding a philosophical dimension to medieval culture, after the Renaissance and the Enlightenment had rejected it. And there was no other way to do it than the “Hellenization” of this culture. This process, however, was not without obstacles and difficulties. The first and most serious difficulty is that the medieval philosophical body was, as a whole, a mixture of Greek and Arabic philosophies. Thus the large number of commentaries that Arabs and Muslims wrote on the texts of Greek philosophy at a time when these texts rarely circulated in the Latin West, and the philosophical developments of Muslim philosophers such as Ibn Sina (Avicenna, d. 428/ 1037) Ibn Rushd (Averroes, d. 595/ 1198), Ibn Baja (Avempace, d. 523/1138) and Ibn Tufayl (d. 585/1185), and then the process of Arab-Latin translations in the twelfth and thirteenth centuries, became obstacles threatening the project of “re-establishing” an “intact” common European identity.
Within this context, precisely, the role played by Arab-Islamic philosophy in the West has been the subject of intense debate since the end of the eighteenth century and the beginning of the nineteenth. Given the ambiguity of the subject and the divergent opinions on it, the Académie des Inscriptions et des Belles-Lettres solicited, in 1817, the views “The learned Europe” on the following questions: “What are the philosophical works of ancient Greece, in particular the works of Aristotle, that we owe to the Arabs from the time of our first encounter with them? When did this contact first occur, and how did it occur? What transformation did this contact bring about in scholastic philosophy?
Despite the importance and reliability of the answers proposed by Amable Jordan in his pioneering book, Recherches critiques sur l’âge et l’origine des traductions latines d’Aristote, et sur des commentaires grecs ou arabes employés par les docteurs scholastiques (1819), in which he emphasized the importance of Arabic mediation in the European knowledge of Greek and Aristotelian philosophy in particular… The question remains unresolved and the debate about it continues to intensify between orientalists, historians of philosophy and specialists in Latin and Greek studies. Indeed, the publication of the book Aristote au mont Saint-Michel: Les racines grecques de l’Europe chrétienne by the historian Sylvain Guggenheim (2008), which minimized this mediation, and the nature of the reactions it provoked, showed that the question of the rootedness of European reason (and with it the question of the supposed influence of Arab-Islamic philosophy on medieval Europe) is not a mere academic debate in which specialists argue, and we appeal to the authority of documents and compare texts and historical evidence, but rather it is an important issue that affects the identity and destiny of a nation.
This paper attempts to reopen this thorny issue, and to shed light on its components, in which the historical merges with the ideological and the scientific with the political. This is done by referring to the history and circumstances of this question as it unfolded at the end of the 18th century and the beginning of the 19th century, and by tracing the ramifications and developments that it has taken in the 20th and 21st centuries.
Key-words: European intellectual identity, Les racines grecques, the Latin translations of Aristotle de l’Europe chrétienne, the influence of Arab-Islamic philosophy on medieval Europe.
ملخّص: شهدت نهاية القرن الثامن عشر ومطلع التاسع عشر تأكيدا لهوية فكرية أوروبية مشتركة تتعالى عن الاختلافات القومية. وقد حددها المؤرخون وقتئذ في مُرَكّب غير متجانس: ”العقل الأوروبي يوناني على مستوى الفلسفة ومسيحي على مستوى الدين؛“ والحالُ أن هذين المكونين ينتميان معا إلى الماضي. وهكذا، فقد تطلب ”تأصيل“ العقل الأوروبي الحديث في العصر الوسيط المسيحي إضفاء البعد الفلسفي على الثقافة الوسطوية، بعد أن كانت النهضة والأنوار قد أنكراه عليها؛ وما كان من وسيلة إلى ذلك سوى ”هَلْنَسَة“ هذه الثقافة. لكن هذه العملية ما كانت لتحصل دون عوائق وصعوبات. وأولى الصعوبات وأخطرها هي أن المتن الفلسفي الوسطوي كان، في جملته، مزيجا من الفلسفتين اليونانية والعربية. ومن ثم، صار العدد الكبير الذي ألفه العرب والمسلمون من الشروح والتعليقات على نصوص الفلسفة اليونانية في الوقت الذي كانت فيه هذه النصوص نادرة التداول في الغرب اللاتيني من جهة، وكذا التطورات الفلسفية التي ذهب في اتجاهها فلاسفة مسلمون كابن سينا (ت. 428هـ/1037م) وابن رشد (ت. 595هـ/1198م) وابن باجة (ت. 523هـ/1138) وابن طفيل (ت. 585هـ/1185م) من جهة ثانية، ثم عملية الترجمة العربية-اللاتينية في القرنين الثاني عشر والثالث عشر من جهة ثالثة، عوائقَ تهدد مشروع ”إعادةَ تأسيس“ هوية أوروبية مشتركة ”غير مشوبة“.
وفي هذا السياق، تحديدا، أصبح الدور الذي لعبته الفلسفة العربية-الإسلامية بالنسبة للغرب موضوع نقاش حاد منذ نهاية القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر. وأمام غموض الموضوع وتضارب الآراء فيه اقترحت أكاديمية النقوش والآداب الجميلة، عام 1817، على ”أوروبا العالمة“ حل المسائل الآتية: ”ما هي الأعمال الفلسفية اليونانية القديمة، وبخاصة أعمال أرسطو، التي ندين للعرب في أول معرفتنا بها؟ وفي أي عصر حدث هذا الاتصال لأول مرة وبأي طريق حصل؟ وما التحول الذي أحدثه هذا الاتصال في الفلسفة السكولائية؟“
وعلى الرغم من أهمية ووثاقة الأجوبة التي اقترحها أمابل جوردان في كتابه الرائد، أبحاث نقدية حول عصر وأصل الترجمات اللاتينية لأرسطو وحول الشروح اليونانية أو العربية المستعملة من قبل الدكاترة السكولائيين (1819م)، والذي أكد فيه على أهمية الوساطة العربية في معرفة أوروبا بالفلسفة اليونانية والأرسطية تحديدا، فإن القضية لم تحسم، وظل النقاش حولها يزداد حدة بين المستشرقين ومؤرخي الفلسفة والمتخصصين في الدراسات اللاتينية واليونانية؛ بل إن صدور كتاب أرسطو في جبل سان-ميشال: الأصول اليونانية لأوروبا المسيحية للمؤرخ سيلڤان گوگنهايم (2008م)، الذي قلل من شأن تلك الوساطة، والسيلَ الكبير من ردود الفعل التي أثارها، قد أظهر أن مسألة تأصيل العقل الأوروبي (ومعها مسألة التأثير المفترض للفلسفة العربية-الإسلامية) ليست محض نقاش أكاديمي يتباحث فيه المتخصصون، ويُحتكم فيه للوثائق ويُقارن فيه بين النصوص، بل هو أمر جلَلٌ يمس هوية أمة ومصيرها.
تحاول هذه المقالة أن تفتح هذا الملف الشائك من جديد، وتسلط بعض الأضواء على مكوناته التي يتداخل فيها التاريخي بالأيديولوجي والعلمي بالسياسي؛ وذلك عن طريق الرجوع إلى تاريخ هذه المسألة وملابساتها كما انعقدت في نهاية القرن الثامن عشر وبداية القرن التاسع عشر، وتتبع التشعبات والتطورات التي اتخذتها خلال القرنين العشرين والواحد والعشرين.
كلمات مفاتيح: هوية فكرية أوروبية، الترجمات اللاتينية لأرسطو، الأصول اليونانية، أهمية الوساطة العربية في معرفة أوروبا بالفلسفة اليونانية.
في سنة 2008، مَنحت أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية بفرنسا جائزة مؤرخ الفلسفة فيكتور كوزانVictor Cousin لعمل المؤرخ سيلڤان گوگنهايم، أرسطو في جبل سان-ميشال: الجذور اليونانية لأوروبا المسيحية، الصادر في العام نفسه عن دار النشر سوي بپاريس.[1] وجدير بالذكر أن أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية (ASMP) هي واحدة من خمس أكاديميات يتألف منها معهد فرنساL’Institut de France ،[2] بالإضافة إلى الأكاديمية الفرنسية، وهي أقدمها؛ وأكاديمية النقوش والفنون الجميلة، وقد تأسست عام 1663 على يد جان باتيست كولبير Jean Baptiste-Colbert وزير لويس الرابع عشر؛ وأكاديمية العلوم؛ وأكاديمية الفنون الجميلة.
وقد اعتبر عدد من المختصين والمهتمين تتويج كتاب گوگنهايم بالجائزة المذكورة بمثابة ”فضيحة.“ فقد مُنحت الجائزة من قبل لجنة لم يكن بها أي متخصص في تاريخ العصور الوسطى وفلسفتها. وإذا كانت الأكاديمية تقول إنها ”تولي لنشاطها في جزئه المتعلق بالجوائز أهميةً خاصةً؛“ ومن ثم فهي ”تفي بإحدى المهام التي أوكلت إليها من قبل الأمة عام 1795،“ وهي متابعة ”العمل العلمي والأدبي الذي يكون هدفه المنفعة العامة ومجد الجمهورية،“ فإن المعترضين يقولون: ”من الصعب أن نرى كيف يمكن للجمهورية أن تزدهر بتتويج ما ليس في النهاية سوى تزوير تاريخي مكتوب للترويج لأيديولوجية مشبوهة؛“ ويضيفون: ”إن الأكاديميين الذين كانوا الأصلَ في هذا القرار الشاذ قد خاطروا بإهانة مؤسستهم.“[3]
لم يكن هذا الاستنكار سوى واحد من مئات ردود الفعل التي سجلت ضد هذا العمل.[4] فما الذي قد يجعل عملاً أكاديميا متورطًا في تزوير التاريخ وفي الدعاية للإسلاموفوبيا؟
ينقسم كتاب گوگنهايم إلى خمسة فصول مع مقدمة وتقديم وخاتمة وثلاثة ملاحق. ينصب الفصل الأول من الكتاب على تقديم اليونان وثقافتها بوصفهما الأفق الفكري لأوروبا اللاتينية؛ وكيف أن هذا الإرث قد قاوم الاندثار في أوروبا، ”على الرغم من معارضة بعض رجال الدين،“ وذلك لأن ”المسيحية ليست في ذاتها دينا معاديا للعقل.“[5] ويتناول الفصل الثاني دور المسيحيين السريان في العالم العربي الإسلامي، إذ كانوا وسيلة العرب والمسلمين في تعرفهم إلى فكر اليونان. فهؤلاء المسيحيون المعربون بحكم الضرورة السياسية والإدارية هم الذين ابتكروا المعجم العلمي للغة العربية. و”الخلاصة واضحة: الشرق الإسلامي مدين بكل شيء تقريبا للشرق المسيحي. وهذا الدَّين هو ما نسكت عنه عادة في أيامنا هذه، سواء في العالم المسلم أو العالم الغربي.“[6] ويعود سيلفان گوگنهايم في الفصل الثالث إلى عمق أوروبا، للوقوف على عمل ”الرهبان الرواد بجبل سان-ميشال: وعلى عمل يعقوب البندقي تحديدا“ بوصفه أول مترجم لأرسطو (ت. 322 ق.م) في القرن الثاني عشر، وبوصفه الحلقة المفقودة في تاريخ انتقال الفلسفة الأرسطية من العالم اليوناني إلى العالم اللاتيني. ويمكن القول: إن هذا الفصل هو الذي يحتوي على حجر الزاوية في استدلال گوگنهايم؛ حيث يؤكد أن ترجمات يعقوب البندقي بدير سان-ميشال، ومترجمين مجهولين لميتافيزيقا أرسطو من اليونانية إلى اللاتينية، قد تقدمت الترجمات اللاتينية-العربية القادمة من إسبانيا. أما الفصل الرابع من الكتاب، فيعرض موقف الإسلام من علوم اليونان ومعارفهم بين التلقي والتجاهل والرفض. وفي تقديره، لم يتمكن العالم الإسلامي إلا من تملك علمي انتقائي امتد من الأمويين إلى العباسيين. ولم يكن لبيت الحكمة سوى تأثير ضعيف،[7] لأن الحواجز اللغوية عند العرب والمسلمين كانت كبيرة؛ بل أكثر من ذلك إن الدين أو بالأحرى، ما أسماه، ”الغربال المسلم“ Le crible musulman قد كان حاجزا حقيقيا، حيث إنه كان يُخضع المعرفة اليونانية لمعاييره وانتقائيته.[8] وأخيراً، يصف گوگنهايم الفلسفة بأنها ”مشبوهةٌ“ في نظر الإسلام.[9] بل إن أمثلة المعتزلة[10] وابن رشد،[11] والمفكرين الأحرار[12] تظهرُ كيف أن ”هيلينية الإسلام“[13]كانت محاولة فاشلة أو محدودة. وأما الفصل الخامس من الكتاب، فقد أفرده گوگنهايم لإحصاء الفوارق الجوهرية بين العالمين اللاتيني والعربي الإسلامي، التي تجعل ”التبادل بينهما محدودا،“[14] و”الحوار مستحيلا،“[15] و”العداء بنيويا“ مستحكما.[16]
ويظهر أن رهان العمل، كما أعلن عنه گوگنهايم في المقدمة، هو مناهضة ما أسماه بـالرأي العام الذي يفيد أن لأوروبا، من ناحية، دَينًا تجاه العالم العربي الإسلامي في العصر العباسي، الذي كان قد استوعب جوهر المعرفة اليونانية، ونقلها إلى الأوروبيين؛ ومن ثم، فإن هذا العالم هو أصل اليقظة الثقافية والعلمية في العصور الوسطى، وبعدها في عصر النهضة؛ وأن المرء، من ناحية أخرى، يجب أن يتحدث عن الجذور الإسلامية للثقافة الأوروبية.[17] ويمكننا أن نضيف أن الأعمال الأساسية التي أسهمت في تشكيل ذلك الرأي العام تتمثل في كتابات آلان دوليبرا[18] Alain de Libera، وماريا روزا مينوكال[19] María Rosa Menocal، وقبلهما العمل ”الشعبي“ لزيگريد هونكه Sigrid Hunke، شمس الله تشع على أوروبا.[20]
ضد هذه الدعوى المزدوجة، يؤكد گوگنهايم أن معظم النقل الذي حصل للتراث الفكري اليوناني إلى العصور الوسطى اللاتينية قد حصل مباشرة، ودون وساطة العالم العربي؛ من هنا تركيز الكتاب على الدور المفترض ليعقوب البندقي Jacques de Venise،[21] وعلى جبل سان-ميشيل في مشروع ترجمة النصوص اليونانية إلى اللاتينية. ويذهب گوگنهايم إلى أن الهلنسة في العالم الإسلامي كانت جد سطحية (وما حصل فيها من هلنسة إنما تم بفضل المسيحيين العرب)، بينما كانت أعمق بكثير في العالم الأوروبي. لهذا يخلص إلى أن جذور العالم الأوروبي يونانية، بينما جذور العالم الإسلامي لم تكن كذلك. ومن هنا التأكيد على أن الشمس التي شعت على الغرب ليست ”شمس الله“ ولا ”شمس العرب“ وإنما ”شمس أپولو.“[22]
شخصيا، ومن الناحية المنهجية، وبغض النظر عن كل ما أثير من اعتراضات علمية وثيقة على ما حمله هذا الكتاب من انتقائية مقصودة على مستوى الإطار الزمني المدروس،[23] وأخطاء تاريخية كثيرة، ودعاوى غير مسنودة،[24] فإنني أرى فيه استعادة لأغلب الأحكام التي كان قد انتهى إليها مستشرقو ومؤرخو الفلسفة قبل القرن العشرين، كما سنرى، بخصوص الإسلام والعرب؛ بل أكثر من ذلك، أرى فيه تجاهلا غير مبرر للتراكم العلمي الحاصل في هذه الفترة بخصوص طبيعة الوساطة العربية في نقل المعارف الفلسفية إلى أوروبا، وفي انتشارها.
شخصيا، أيضا، ولكن من الناحية التاريخية، يعيدنا الكتاب، بمقاربته ”الماهوية،“[25] إلى أجواء نهاية القرن الثامن عشر ومطلع القرن التاسع عشر، عندما كانت أوروبا تقلب ملفات ماضيها بحثا عن عناصر تؤسس بها هويتها، حيث اصطدم المؤرخون والفلاسفة والمفكرون بالعرب والمسلمين وهم يحاولون إعادة بناء ماضيهم الفكري. وعلى الرغم من عنوان الكتاب الذي يبدو تاريخيا ومن صميم عمل المختصين في العصور الوسطى والقديمة، فإن الكتاب في الواقع جزء من النقاش السياسي والإيديولويجي—و”الهستيري“ في بعض الأحيان— الذي عرفته وما تزال تعرفه أوروبا، وفرنسا تحديدا، بخصوص هويتها. إن كتاب گوگنهايم لا يخرج، في تقديري، عن فلك كتب يعتبر أحذقها: أوروبا طريق الرومان لريمي براگ؛[26] وأكثرها مباشرة: فرنسا في خطر من الإسلام: بين الجهاد والاسترداد لروني مرشون.[27] لكل هذا، أتصور أن التاريخ في كتاب أرسطو في جبل سان ميشال لا يعدو أن يكون أداة في حَمَأَة السجال السياسي والأخلاقي؛ ومن هذه الجهة، لا يغدو مستغربا أن يتوج من قبل أكاديمية العلوم الأخلاقية والسياسية، وبراگ نفسه واحد من أهلها المؤثرين.[28]
غير أنه يجب أن نعترف، أيضا، أن كتاب گوگنهايم وكل النقاش والسجال الذي أثاره هو ما دفعنا إلى تقليب هذا الملف من جديد؛ والذي لا شيء فيه يدل على أنه سيحسم طالما أن الأمر لا يتعلق بقوة الحجج التاريخية ووثاقتها، وإنما بحساسية الهوية وأوهامها.
ولكي نعرف كيف انعقدت المسألة لا بد من العودة إلى نهاية القرن الثامن عشر وبداية التاسع عشر.
بمجرد أن شرع النظار الأوروبيون في قراءة ماضيهم لاحظوا انتشار ترجمات كتابات أرسطو، إما من اليونانية أو من الترجمات العربية، بسرعة مثيرة للانتباه في جميع مدارس أوروبا، حيث كانت تقرأ وتشرح علنًا. والواقع ”أن هذا الحظ السريع لأعمال أرسطو قد جذب انتباه الدارسين وشغل بالهم لفترة طويلة. وقد بحث هؤلاء عدة مرات عن أصل هذا الانتشار، وأرادوا أن يعرفوا مسارات تطوره، وأن يحددوا في أي حقبة، وبأي طريق، دخلت كتابات هذا الفيلسوف إلى الغرب.“[29]
ولا بد، أيضا، من الإشارة إلى بعض الوقائع التي تشكل جزءًا من الخلفية العامة للتحليلات والآراء بخصوص هذه المسألة:
1. جزر اليونان، كما هو معلوم، جزء من أوروبا المسيحية. وتشير الدراسات التاريخية إلى أن اللغة اليونانية لم يتوقف استعمالها في العصور الوسطى، على الأقل من قبل بعض العلماء ورجال الدين؛
2. ولكن إسبانيا، أيضا، جزء من أوروبا؛ ومعلوم أن العلوم قد تألقت فيها تألقا كبيرا؛ وقد كانت العربية هي لغة العلوم حينئذ؛
3. جمعت أوروبا بمصر وسوريا علاقات كبيرة ومتشعبة خلال الحروب الصليبية؛
4. لم يخل العدد الكبير من الأديرة في أوروبا من أنشطة علمية؛
5. غزو القسطنطينية من قبل اللاتين عام 1204؛
6. ترجمات وشروح كل من شيشرون (ت. 43ق.م)،[30] والقديس ماريوس فيكتورينوس (ت. 303م)،[31] القديس أوغسطين (ت. 430م)،[32] وبويثيوس (ت. 524م)[33] على أرسطو.
بغض النظر عن الصورة التي نملكها اليوم عن أصالة الترجمات والأعمال المنسوبة إلى الأعلام المذكورين في النقطة السادسة، وهي صورة تختلف، بكل تأكيد، عن تلك التي كانت سائدة من قبل، فإن هذه الصورة السائدة مع العناصر الخمسة التي قبلها هي التي تفاعلت لتؤثث الخلفية التاريخية والجغرافية الواسعة لتنوع الآراء وتضاربها.
ويشير المؤرخون إلى أن الرأي الذي كان سائدا، في القرون الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر، هو أن عرب إسبانيا، الذين كانوا ينشرون العلوم والفكر (بينما كانت أوروبا غارقة في الجهل)، قد نقلوا الذوق والآثار العلمية والفلسفية إلى الغرب، فكانوا السبب في خلاصه من ”ظلام البربرية.“ غير أنه لم يتم تحديد ما إذا كان هذا الاتصال بين العرب-الإسبان والغرب ينطبق على مجموع الإنتاج الفلسفي اليوناني أم على أعمال بعينها؛ ولم يكن المؤرخون قد انخرطوا بعدُ في تحديد القنوات التي حصل بواسطتها الاتصال بالغرب؛ كما لم يسعوا إلى معرفة أي الأعمال الأرسطية قد انتقل إلى مدارس أوروبا عن طريق الحروب الصليبية؛ وأيها انتقل عن طريق العرب-الإسبان. وبالجملة، فقد ظل كلام أصحاب هذا الرأي غامضا جدا، ولا يظهر منه سوى إشادتهم بهؤلاء العرب-الإسبان الذين كانوا وراء نهضة عصر التنوير.[34]
غير أنه خلال القرن الثامن عشر، ظهرت آراء جديدة: فقد اعتقد بعض النقاد والفيلولوجيين أن كتابات أرسطو قد عرفت عن طريق نسخ مستمدة مباشرة من النصوص اليونانية. وزعم آخرون أن الأوروبيين مدينون بالمعرفة الأولى بهذه النصوص إلى العرب؛ وفي هذا الافتراض الأخير، ينسب هؤلاء هذه الهدية إلى مغاربة إسبانيا، ويردها آخرون إلى الحروب الصليبية. ويمكن أن نذكر في هذا الباب عالمين، يتمسكان برأيين متناقضين تمامًا: فبعد أن نقل المؤرخ الإيطالي لودوڤيكو موراتوري Ludovico Antonio Muratori, 1672-1750، نص مؤرخ من القرن الثالث عشر، وهو ريجور Rigore؛ ويتعلق النص بحظر بعض كتب أرسطو، التي كانت قد جلبت حديثًا من القسطنطينية، وترجمت من اليونانية إلى اللاتينية، انتهى إلى الاستنتاج التالي: ”لم يتم تقديم أرسطو لأول مرة إلى مدارس المسيحيين الغربيين من قبل العرب وإنما من قبل اليونان.“[35] أما في المقابل، فقد وقف المفهرس والمستعرب الماروني الإسباني ميخائيل الجزيري Miguel Casiri, 1710-1791 في خزانة الإسكوريال، ضاحية مدريد، على شروح على أرسطو لابن رشد (ت. 595هـ/1198م)؛ حيث يقول عن هذا الفيلسوف الشهير: ”إنه قد قام بنقل أعمال أرسطو إلى العربية، وقام بتوضيحها بشروح مكتوبة، لدرجة أن هذه النسخ العربية قد ترجمت إلى اللاتينية، قبل العثور عليها باليونانية، وقبل أن يستعملها الأكويني والسكولائيون الآخرون.“[36]
وبالإضافة إلى ترجمات الأعمال المنطقية التي تعود إلى بويثيوس، وقد ذكرناها أعلاه، استطاع يوهان كرسيتيان فابريسيوس Johan Christian Fabricius, d. 1808 أن يحدد هوية نوعين آخرين من الترجمات اللاتينية: الأول، وقد أنجز حوالي عام 1220، بعضها من اليونانية، وبعضها الآخر من العربية، بأوامر من فريدريك الثاني بصقلية. أما النوع الآخر، الذي قدمه فابريسيوس على أنه عمل لتوماس دو كانتيپريThomas de Cantimpré, d. 1272، فقد أنجز عام 1271، بطلب من القديس توما الأكويني Thomas Aquinas, d. 1274.[37]
غير أنه حوالي عام 1800، وفي جامعة گوتنگن بألمانيا، بدأ النقاش حول موضوع دور الوساطة الذي لعبه العرب في تاريخ الفلسفة. وامتد هذا النقاش وانتشر في أوروبا، ولا سيما في فرنسا، خلال العقود التالية.
ويمكن أن نقول إن أعلامًا كثر قد أسهموا في بلورة معالم هذا النقاش وتشعبه؛ ويجدر بنا أن نذكر منهم الفيلسوف ومؤرخ الفلسفة الألماني ديتريش تيدمان Dietrich Tiedemann, 1748-1803[38] والدارس والفيلسوف يوهان گوتليب باهلJohann Gottlieb Buhle, 1763-1821[39]، ومؤرخ الفلسفة الألماني ويلهلم گوتليب تينمان Wilhelm Gottlieb Tennemann, 1761-1819[40] والمستشرق الألماني أوگيست شمولدرزAuguste Schmölders, 1809-1880[41] . وطبعا يمكن العودة بأصول النقاش إلى مؤرخ الفلسفة الألماني جاكوب براكرJacob Brucker, 1696-1770[42] ؛ والفيلسوف واللاهوتي الألماني يوهان گوتفريد هردرJohann Gottfried Herder, 1744-1803[43] … وقد حاول المستشرق الفرنسي أمابل جوردان Amable Jourdain, 1788-1818[44] حسمَ جزء من هذا النقاش على الأقل؛ لكن المؤرخ والفيلولوجي الفرنسي إرنست رينان Ernest Renan, 1823-1892[45] أبى إلا أن يعيد إحياءه في منتصف القرن التاسع عشر، كما عمل الكاهن وأستاذ العربية البلجيكي جاك فورجيه Jacques Forget, 1852-1933[46] في نهاية القرن نفسه على استدامته.
غير أن الذي جعل من مسألة الوساطة العربية موضوعا للفحص التاريخي هو المؤرخ الألماني أرنولد لودويگ هيرين [47]1760-1842Arnold Hermann Ludwig Heeren, . ففي حاشية طويلة وردت في الجزء الأول من كتابه تاريخ دراسة الأدب الكلاسيكي منذ نهضة العلوم، وقد صدر عام 1797.[48] ويعبر هيرين في هذه الحاشية عن رغبته في مخالفة الرأي العام السائد الذي ينسب إلى العرب ميزة نقل أعمال أرسطو إلى الغرب اللاتيني. وفعلا، يبدو أن هيرين بهذا التشكيك، ”يعارض الغالبية العظمى من المجتمع العلمي الأوروبي—من جاكوب براكر إلى ديتريش تيدمان—بخصوص الوساطة العربية. كما أنه يختلف مع يوهان هيردر، الذي جعل العرب مُعلمي السكولائية.“[49]
يتساءل هيرين قائلا: ”ما هي الأسباب التي جددت المعرفة بأعمال أرسطو في أوروبا؟ ما هو أصل الفلسفة السكولائية؟ إن هذا السؤال لم يوضح بما يكفي.“[50] ويضيف هيرين قائلا: ”ينسب الرأي العادي هذه المعرفة إلى العرب، الذين، كما نعلم، ترجموا أعمال أرسطو؛ لكن دعونا نرى كيف وفي أي فترة تم توصيلها من قبل العرب إلى الغربيين.“[51]
ففي تقدير هيرين، قُرأ أرسطو وشُرح في الغرب وقتا طويلا قبل الحقبة التي نشرت فيها الترجمات الأولى من العربية، وبالتالي قبل الحروب الصليبية. فقد قرأ لانفرانك الپاڤي Lanfranc of Pavia, d. 1089 والقديس أنسيلم Anselm of Bec, d. 1109 بلا شك أرسطو. وطبعا، لا ينكر هيرين التأثير الكبير الذي كان للفلسفة الأرسطية العربية على الغرب ابتداءً من الحروب الصليبية، أي أواخر القرن الحادي عشر للميلاد، لكنه يشكك في ما تردد عن هذا التأثير قبل بداية هذه الحروب.[52]
ويقدم هيرين ثلاث ملاحظات أساسية تفضي، في نظره، إلى مخالفة الرأي العادي[53] الذي ينسب إلى العرب الفضل في معرفة أوروبا بفلسفة أرسطو:
الملاحظة الأولى: ليس صحيحا القولُ إن أعمال أرسطو لم تعرف في الغرب إلا في القرن الحادي عشر أو في القرن الثاني عشر. فقد وجدت خلال العصور الوسطى كلها في أروقة منعزلة. ولم يكن هيرمانوس كونتراكتوس Hermannus Contractus, d. 1054 ، أول شارح أو مترجم لأرسطو في الغرب، كما يدعي يوهان براكر. وبالفعل، فقبله بمئة عام، حوالي 935م، ألف السكولائي رينهارد Reinhard، من دير سانت بورشارد، في وارسبورغWurtzbourg ، شرحا على أربعة فصول من المقولات لأرسطو. ونحن وإن لم نكن نتوفر على النسخ الأصلية، فإننا على الأقل نتوفر على ترجمات وشروح بويثيوس (ت. 524م)، وهو مؤلف ظل يحظى باهتمام كبير في العصور الوسطى. لذلك لم تكن هناك من حاجة إلى الترجمات العربية لمعرفة المزيد عن أرسطو. [54]
الملاحظة الثانية: يجب أن لا يغيب عن بالنا أنه في الوقت الذي بدأت فيه السكولائية تنتشر في الغرب، وقبله مباشرة، كانت فلسفة أرسطو وجدله هما الدراسة السائدة في القسطنطينية، ومعلوم احتلال اللاتين لهذه الأخيرة عام 1204.[55]
الملاحظة الثالثة: بالإضافة إلى ما سبق، أصبحت علاقات أوروبا بشرقها أكثر تواترًا خلال القرن الحادي عشر. ويرجع ذلك جزئيًا إلى الروابط المستجدة بين العائلات اليونانية والعائلات الرومانية الحاكمة (زواج الأميرة البيزنطية المقدونية ثيوفانيا (ت. 991م) من الإمبراطور الروماني المقدس أوتو الثاني (973-983م)؛ كما يرجع توتر تلك العلاقات أساسا إلى الخلافات الدينية مع الكنيسة اليونانية التي غذت المناظرات بين الأطراف. وهكذا فقد أصبحت معرفة الجدل اليوناني مطلبًا لا غنى عنه في المناظرات الدينية، مثل تلك التي قدمها بورگونديوس من پيزا Burgundius، مبعوث البابا، في القسطنطينية.[56]
وبالجملة، يربط هيرين بين حجتين أساسيتين: من ناحية، ظلت الثقافة اليونانية حية في بعض الأديرة في أوروبا الغربية طوال العصور الوسطى، وذلك بفضل بويثيوس خاصة؛ ومن ناحية أخرى، كان التبادل مع بيزنطة أكثر حسماً إلى حد كبير من مساهمات الثقافة العربية.[57] لذلك لم يكن العرب، في تقدير هيرين، ناقلين للمعرفة الفلسفية والعلمية، وإنما هم مجموعة بشرية لا قيمة لها في تاريخ الثقافة.[58]
ولتحقيق أهدافه، يتبنى هيرين إطارًا زمنيًا يسمح له بتجنب القرن الثالث عشر. فهو يركز على الفترة التي سبقت الترجمات العربية-اللاتينية. وهو يعتمد على فترات انتقائية، فضلا عن كونه يتجاهل أيضًا الاختلافات في المتن الأرسطي. فهو إذ يتحدث عن عمل أرسطو، لا يقيم تمييزا في المجموعات النصية المنقولة (المنطقية، الفيزيائية، الأخلاقية، الميتافيزيقية، السياسية).
ومن خلال تأكيده على دور بيزنطة في ترسيخ أوروبية التراث الفلسفي اليوناني من جهة، وعلى دور الحروب الصليبية في التلاقح الثقافي اليوناني-البيزنطي واللاتيني من جهة ثانية، يرفض هيرين سيناريو هيردر الذي أكد على دور العرب وجعل من اليونان البيزنطيين جهلة متوحشين، عن طريق استبعاد العرب تماما من هذا السيناريو،[59] وتنصيب البيزنطيين أوصياء الفلسفة الأوروبية خلال العصور الوسطى.
ولم تكن دعوى هيرين لتمر دون أن تثير انتقادات. ففي عام 1800، سعى أستاذ الفلسفة في گوتگجن يوهان جوتليب بال Johann Gottlieb Buhle, 1763-1821 إلى نقض دعوى هيرين، حيث قدم في كتابه المدرسي عن تاريخ الفلسفة فرضية هيرين على أنها أمر جديد يتناقض مع جميع الأبحاث السابقة. وينتقدها من خلال تصحيح الإطار الزمني الذي تبناه هيرين، وعن طريق رسم تخطيطي لتاريخ النصوص الأرسطية في أوروبا. وهكذا، فقبل القرن الثاني عشر، لم يكن الغرب يعرف سوى العمل المنطقي لأرسطو؛ أما أعماله في الفيزياء والميتافيزيقا والأخلاق والسياسة، فقد نقلها العرب منذ نهاية القرن الثاني عشر.[60]
وبقرب نهاية القرن الثاني عشر وبداية القرن الثالث عشر، بدأت أعمال أرسطو في الفيزياء والميتافيزيقا والأخلاق تشيع أكثر فأكثر في أوروبا الغربية، وتدرس وتشرح في الجامعات مثل جامعة باريس؛ وقد أدى هذا إلى اتساع دائرة الاهتمام بالفلسفة الأرسطية لتتعدى حدود المتن المنطقي. يقول بال في كتابه تاريخ الفلسفة الحديثة: ”أردنا حتى الآن أن ننسب إلى العرب كل الفضل في نشر المعرفة بفلسفة أرسطو لأول مرة في الغرب، وسعينا إلى تفسير الطابع الخاص الذي اتخذته السكولائية وفقًا للترجمات العربية لأعمال أرسطو، والتي لابد أن تكون الترجمات اللاتينية المستعملة من قبل السكولائيين القدماء قد تمت منها. وعلى العكس من ذلك، أظهر هيرين، المؤرخ البارز والمثقف من گوتنگن، الرأي الجديد القائل بأن العرب لم يكن لهم أي دور في الانتشار الأصلي لأعمال أرسطو في الغرب، وأن تأثير الفلسفة العربية الأرسطية لم يشعر به للمرة الأولى إلا بعد زمن الحروب الصليبية، أي بعد القرن الثاني عشر.“[61]
لمناقشة هذا الرأي التاريخي، ينبغي النظر بعناية في الحيثيات التالية:
1. السؤال المطروح على هذا النحو، أي: هل العرب هم من أدخلوا في الأصل أعمال أرسطو إلى أوروبا الغربية المسيحية أم لا؟ لا ينبغي أن يُفهم منه أورغانون أرسطو، وشروح أوغسطين، وبويثيوس، ومدخل فورفوريوس إلى المقولات، وإنما مجموع أعمال أرسطو، ولا سيما تلك المتعلقة بالفيزياء والميتافيزيقا والتاريخ الطبيعي. والحال، أننا لا نجد أي أثر تاريخي يدل على أن هذه الأعمال الأخيرة كانت معروفة في الغرب قبل القرن الثاني عشر. لقد كان أورغانون أرسطو، وخاصة كتابه المقولات، معروفا لدى الفلاسفة السابقين؛ لكن لم يكن لدى أي من هؤلاء، ولا حتى القديس أنسيلم من كانتربري Anselme de Cantirbéry وبطرس أبيلارد وجان دي ساريسبيريJean de Sarrisberry ، معرفة بالفيزياء والميتافيزيقا والأخلاق لأرسطو، ولم يكن لديهم أي فرصة للاستفادة منها. إن شروح أوغسطينوس وبويثيوس لا تتعلق سوى بأورگانون أرسطو، وليس بالفيزياء والميتافيزيقا. لم يعر هيرين هذا الحيثية أي اهتمام في تقدير بال. أما أورگانون أرسطو فقد كان متوفرا بالفعل في الغرب حتى قبل التاريخ الذي يؤكده هيرين نفسه. فقد تلقى شارلمان (748-814) من القسطنطينية نسخة من الأورگانون هديةً. وكان بيد المبجّل (672-735Bede, ) وتلميذه ألكوين (796-804Alcuin, ) على معرفة بهذا العمل. ثم إن امتلاك الأوروبيين، في العصور الوسطى، الأورگانون في ترجماته اللاتينية-اليونانية وفي شروح بوثيوس، لا يلزم عنه أنهم لم يحصلوا على أعمال أرسطو، بما في ذلك تلك التي تتعلق بالفيزياء والميتافيزيقا والأخلاق، من خلال اتصالاتهم بالعرب.[62]
2. إذا كان للفلسفة العربية الأرسطية من تأثير حاسم على السكولائية، فإن هذا التأثير لم يكن ممكنا أن يحدث إلا في نهاية القرن الثاني عشر.[63] وهذا الأثر للعرب على السكولائية كان ذا دور كبير في تعميم ترجمات لاتينية في الغرب المسيحي لفيزياء وميتافيزيقا أرسطو، وشراحه العرب، إما مباشرة من العربية، أو من ترجمة عبرية من العربية.[64]
ومن الواضح أن أقدم الترجمات اللاتينية التي نعرفها، والتي اتخذها السكولائيون أساسًا لشروحهم الخاصة، كانت من اللغة العربية. ولم يعرف ألبرت الكبير (Albertus Magnus, 1280) وتوما الأكويني غيرها؛ وإلا فإنه لو كانت الترجمات من اليونانية متوفرة، أو كان لدى الناس فرصة قراءة كتب أرسطو بلغتها الأصلية، لكانوا فضلوها على غيرها من الترجمات اللاتينية-العربية، خاصة بعد أن صارت مزاياها معروفة.[65]
وإلى ذلك، لم يعرف السكولائيون في القرنين الثاني عشر والثالث عشر أعمال الشراح اليونانيين القدماء على أرسطو، وما يعرفونه عنها منقول من الشراح العرب. وإذا سلمنا بأن أوروبا الغربية قد تلقت، من حيث المبدأ، من القسطنطينية، المجموعة الكاملة لأعمال أرسطو، وأن العلاقات الأدبية للبيزنطيين مع الغرب كانت أكبر مما يُعتقد عمومًا، حينئذ سيغدو أمرا غير مفهوم كيف أن أعمال الشراح اليونانيين القدامى على أرسطو لم تنقل إلى الغرب في الوقت نفسه.[66]
لذلك، لم يكن النص اليوناني لأعمال أرسطو وشراحه معروفًا في الغرب، ولم تحصل الترجمات اللاتينية لهذا النص مباشرة قبل القرن الرابع عشر على أقرب تقدير، باستثناء بعض الكتابات المنفصلة لأرسطو، والتي ربما كانت في السابق تقرأ باليونانية، أو تمت ترجمتها بالفعل من هذه اللغة.[67]
ولكن ما إن قُرأ أرسطو وشراحه الأوائل باللغة اليونانية، أو في ترجمات لاتينية أكثر دقة من الأصل، حتى أهملت النشرات اللاتينية القديمة المعمولة من اللغة العربية ورفضت لانعدام فائدتها، هي والشراح العرب.[68]
والمحصلة، حسب بال، إن أوروبا الغربية مدينة للعرب، وليس للبيزنطيين، بالمعرفة الأولى للأعمال الكاملة لأرسطو، وإلى هذه المعرفة المستمدة منهم، تحديدا، يجب أن ننسب ذلك الطابع الخاص الذي اتخذته الفلسفة السكولائية في نهاية القرن الثاني عشر. [69] ولا ينبغي أن يُنسب انتشار الفلسفة المشائية إلى الحروب الصليبية، بل إلى علاقات المسيحيين مع عرب إسبانيا أو صقلية.[70]
على الرغم من أهمية التوضيحات التي قدمها يوهان بال في اعتراضاته على هيرين، فإن دعاواه لم تخل من أخطاء. فهو يؤكد، على سبيل المثال، أن توما الأكويني لم يكن في متناوله سوى ترجمات عربية لاتينية لأرسطو، وهذا أمر غير صحيح. ويَعتبر أن أول ترجمات يونانية لاتينية للمتن الفيزيائي والميتافيزيقي قد تم في القرن الرابع عشر، وهذا أمر غير صحيح أيضا.[71] لكن المناقشة التي عقدها بال لفرضية هيرين، كانت السبب في إدخال هذه الفرضية إلى مجال تاريخ الفلسفة، حتى إنها صارت مشكلة قائمة بذاتها.
وما إن تُرجم تاريخ الفلسفة ليوهان بال إلى الفرنسية عام 1816، حتى بادرت أكاديمية النقوش والآداب الجميلة، التي أذهلها هذا التعارض في الآراء بخصوص الدور الذي كان للعرب في معرفة أوروبا بالفلسفة الأرسطية، إلى الإعلان، عام 1817، عن مسابقة نصت على مسألة هيرين وبال. ورغبة منها في معرفة ما تحتويه هذه الآراء من خطأ وصواب، وتسليط ضوء الحقيقة على هذه المسألة الغامضة، اقترحت الأكاديمية على ”أوروبا العالمة“ حل الأسئلة التالية:
”ما هي أعمالُ الفلاسفة اليونانيين القدماء، وخاصة أعمالُ أرسطو، التي ندين بمعرفتنا بها للعرب؟ وفي أي عصر وبأي وسيلة حدث هذا الاتصال لأول مرة؟ وما التحول الذي أحدثه هذا الاتصال في الفلسفة السكولائية؟“[72]
فاز المستشرق أمابل جوردان، عن عمر لا يتجاوز 29 عاما، بالجائزة الأولى عن عمله: أبحاث نقدية عن عصر وأصل الترجمات اللاتينية لأرسطو، وعن الشروح اليونانية أو العربية التي استعملها الدكاترة السكولائيون. وقد نشر عمله عام 1819 بعد وفاته المفاجئة عام 1818.
والجدير بالإشارة أن جوردان قد أخضع الأسئلة السابقة إلى تعديلات جوهرية في صيغتها. يقول في هذا: ”إن الصيغة التي طرحت بها الأكاديمية أسئلتها تفترض الإقرار المسبق بحقيقتين: الأولى هي أن المعرفة ببعض الأعمال اليونانية ترجع إلى العرب؛ والثانية هي أن هذه الأعمال كان لها تأثير ما على الفلسفة.“[73]
لذلك ارتأى جوردان أن يدخل بعض التعديلات على هذه الأسئلة ويصوغها كما يلي:
”هل نحن مدينون للعرب في المعرفة الأولى ببعض أعمال الفلاسفة اليونانيين القدماء، وأرسطو على وجه الخصوص؟ ما هي هذه الأعمال؟ في أي وقت وبأي وسيلة تم هذا الاتصال لأول مرة؟ وهل أحدث هذا الاتصال أي تحول في الفلسفة السكولائية؟“[74]
انطلاقا من معاينته أسباب الخلاف القائم بين الدارسين بخصوص هذا الموضوع، بادر جوردان إلى التمييز منهجيا بين مقاربتين: فإما أن ندرس بعمق تاريخ فلسفة العصور الوسطى؛ ونقوم بتحليل أنساقها؛ ونرسم السلسلة الكرونولوجية للابتكارات التي تقدمها؛ ثم نقارن هذه الأنساق، وهذه التحولات مع فلسفة أرسطو ونحدد العلاقات التي تربطها بها؛ ونحدد، بمساعدة هذا الفحص، التاريخ الذي بدأت فيه أعمال الفيلسوف اليوناني تُعرف.
وإما أن نقرأ أعمال الدكاترة السكولائيين، ونستخرج منها الاقتباسات الأرسطية التي يستعملونها، ونقابلها بالنسخ اللاتينية القديمة التي نمتلكها. من هنا، سنعرف على وجه اليقين أنواع الأعمال والنسخ التي استعملها مختلف المؤلفين السكولائيون.
وبالنسبة لجوردان، إن الطريق الأول، وهو طريق مؤرخي المذاهب الفلسفية، لن يفضي بنا إلا إلى التخمين الذي عادة ما يأخذنا بعيدًا عن الحقيقة؛ وهو ما صادفناه في المساهمات السابقة. لذلك، نراه ينتصر للطريق الثاني، وهو المنهج التاريخي الفيلولوجي، الذي يقوم على دراسة الأدلة المادية، أي دراسة الاقتباسات، مما يجعل من الممكن تحديد هوية المصادر المستعملة من قبل مؤلفي العصور الوسطى.[75]
وعلاوة على هذا، يبلور جوردان ملاحظة منهجية أخرى، نجد صيغتها الأولى عند يوهان بال. قبل التعامل مع تاريخ أعمال أرسطو في العصور الوسطى، لا بد من التمييز في كتاباته من جهة موضوعها: أقصد أنه عندما نتحدث عن أعمال أرسطو في أوروبا خلال العصور الوسطى يجب أن نحدد طبيعة هذه الأعمال، هل هي في المنطق، أم في الفيزياء، أم في التاريخ الطبيعي، أم في الميتافيزيقا، أم في الأخلاق، والسياسة، والخطابة، والشعر؟ هذا الإجراء المنهجي ضروري، لأن أعمال أرسطو، على اختلاف موضوعاتها، لم يكن لها مصير واحد. ولهذا، ”فإن الادعاء بأن كتابات هذا الفيلسوف كانت معروفة قبل القرن الثاني عشر ادعاء صحيح من ناحية وخاطئ من ناحية أخرى.“[76] فقد استعملت الأعمال المتعلقة بصناعة المنطق قبل القرن الثاني عشر، بفضل ترجمات بويثيوس الشهيرة، بينما تم تجاهل الأخرى.
وبعد استدلال مطول،[77] يخلص جوردان إلى أنه يمكن تحديد عام 1220 أو 1225 تاريخًا لبداية استعمال فلسفة المشائين في مدارس أوروبا، سواء جاءت من العرب، أو كانت نتيجة علاقات مباشرة بين القسطنطينية والغرب.
ولقد دخل أرسطو بالفعل من خلال هذين الطريقين.
وهذه قائمة مختصرة بأعمال أرسطو وبطريق دخولها إلى أوروبا كما عرضها جوردان في خاتمة بحثه:
فقد عُرفت المقالات الثمانية من كتاب السماع الطبيعي لأول مرة من نسخة عربية-لاتينية.
ولم تقرأ المقالات التسعة عشر من كتاب الحيوان؛ وكتب السماء والعالم، والنبات، والآثار العلوية، لعدة سنوات إلا في النسخ العربية-اللاتينية.
وتمت ترجمة كتاب النفس لأول مرة انطلاقا من النص اليوناني؛ وبعد هذه النسخة جاءت نسخة دان سكوت Duns Scutus, 1308 التي تمت من العربية. وفي الواقع، فقد استعمل گيوم دوفيني Guillaume d’Auvergne, d. 1249 النسخة اليونانية-اللاتينية دون ذكر النسخة العربية-اللاتينية؛ ولو كانت هذه متوفرة، لكانت استعملت بالنظر إلى أهميتها في شرح المذاهب الأرسطية.
ولا يمكن تحديد ما إذا كانت مقالات الكون والفساد قد عُرفت لأول مرة في النسخة العربية اللاتينية، أو في النسخة اليونانية اللاتينية.
ولم تحصل ترجمة المقالات في الطبيعيات الصغرى إلا من اليونانية؛ والشيء نفسه بالنسبة للمقالات في الألوان والخطوط غير المنفصلة وللمسائل في الميكانيكا المنحولين على أرسطو.
ويفترض أن الميتافيزيقا قد كان معروفا في الأصل، إن لم يكن في مجمله، فعلى الأقل في جزء منه، من ترجمة يونانية لاتينية Translatio vetus، مادام النوع الثاني من الترجمة قد ورد ذكره في العديد من المخطوطات، ومن قبل المؤلفين القدامى الذين اقتبسوا منه، باسم الترجمة الجديدة Translatio novaالتي تمت من العربية.
أما بالنسبة للفلسفة الأخلاقية والسياسة، فقد جاءت المقالات الأربعة الأولى من الأخلاق من نصوص يونانية، لكن النسخة الكاملة الأولى من العمل تمت من اللغة العربية؛ وتُرجمت الأخلاق الكبرى والسياسة من اليونانية.
كانت المقالات الثلاثة من كتاب الخطابة، المترجمة بالكامل من النص اليوناني وحده، معروفة من قبل بفضل مختصر الفارابي؛ ويمكن قول الشيء نفسه عن كتاب الشعر.
وهكذا، فقد توفرت أوروبا على نسخ يونانية لاتينية لكل كتاب، بل كانت هناك أيضًا العديد من الترجمات للكتاب نفسه. كما ترجمت بعض الشروح. وبمجرد الحصول على النسخ اليونانية اللاتينية، تم التخلي عن استعمال النسخ العربية اللاتينية. وإلى ذلك، فقد أسهم توما الأكويني، برعاية من البابا أوربان الرابع Urbain IV، بقوة في إغناء الغرب بترجمات من اليونانية مباشرة.[78]
ويستبعد جوردان عند البحث عن ”عصر النسخ العربية-اللاتينية واليونانية-اللاتينية، وعن مؤلفيها وعن المسار الذي اتبعته في دخولها إلى أوروبا، طريق الحروب الصليبية؛ لأن كل النسخ المستمدة من نص عربي، نحن مدينون بها إلى إسبانيا.“[79]
من خلال المقارنة بين العصور التي نُشر فيها كلا نوعي الترجمة، القديمة والجديدة، وعن أصل العديد منها، يمكن للمرء أن يتصور ”أن مسألة التأثير تُنحى جانبًا بشكل تلقائي. فما لا يمكن أن ننكره للعرب هو تأثير نموذجهم في التعامل مع أعمال أرسطو: لقد فتحوا الطريق، وذكّروا الغرب بوجود كتابات حفظت ذكراها وبعض مبادئها عند آباء الكنيسة.“[80] فقد لفت العرب انتباه المسيحيين إلى فلسفة أرسطو بالحماسة التي صقلوها بها، ومن دون هذا ما كان لأحد ربما أن يفكر في البحث عن نصوصها الأصلية.[81]
خلاصة القول: إنه بدراسة طرق نقل أعمال أرسطو على أساس كل حالة على حدة، يكشف جوردان عن أهمية الوساطة العربية وعن قيمتها وحدودها. ويبدو أن ثلاثة أمور صارت في حكم المعلوم بفضل هذا العمل، كما يقول شارل جوردان:
أ. الأعمال الأرسطية التي كانت معروفة في الغرب إلى حدود القرن الثاني عشر هي المؤلفات المنطقية التي تشكل الأرگانون.
ب. إن الأجزاء الأخرى من الفلسفة ترجمت إلى اللاتينية ابتداءً من القرن الموالي.
ج. بعض من هذه الترجمات كان من أصل يوناني، والبعض الآخر من أصل عربي.[82]
ويضيف شارل جوردان بأن ما وجد في خزانة سان-ميشال من نصوص فلسفية يعود إلى القرن الثالث عشر. وأنه لا يوجد أثر لاستعمال التحليلات والمواضع الجدلية والتبكيتات السوفسطائية من قبل دكاترة العصر السكولائي الأول، أي قبل نهاية القرن الثاني عشر.[83]
وقد كتب شارل جوردان ابن أمابل الذي قام بمراجعة عمل والده وتحيينه: ”إن المسألة التي عولجت في الكتاب كانت منذ فترة طويلة موضوع جدل حاد؛ أما اليوم، فيمكننا أن نقول إنه قد تم الحسم فيها بطريقة نهائية.“[84] غير أن الواقع أعقد من أن تحسمه الوثائق.
فعلى الرغم من أن النقاش الذي بدأه أرنولد هيرين في نهاية القرن التاسع عشر حول موضوع النقل الفلسفي العربي-اللاتيني يبدو محسومًا بفضل تحقيقات أمابل جوردان التي جاءت، في عمومها، لصالح أطروحة المنتصرين لوساطة العرب، فإن مسألة الدور الذي لعبته الفلسفة العربية في معرفة أوروبا بالفلسفة اليونانية والأرسطية تحديدا لم تفقد بريقها. والواقع أن أطروحة أرنولد هيرين لعام 1797، كما تقول كاثرين كونيگ-پرالونگ Catherine König-Pralong: ”قد عادت إلى الظهور بشكل متقطع في التأريخ الفلسفي بين منتصف القرن التاسع عشر ونهايته.“[85] ومن الأسماء التي أعطت دفعة جديدة للنقاش حول الوساطة العربية ابتداءً من أربعينيات القرن التاسع عشر حتى نهايته أوغست شمولدرز وإرنست رينان وجاك فورجيه.
الدليل الأول الذي يظهر أن الجدل حول الدور الذي لعبه العرب في نقل الفلسفة اليونانية لم يستنفد تمامًا هو عمل المستشرق الألماني أوغست شمولدرز.
تخرج أوغست شمولدرز في الدراسات الشرقية في جامعة بون، حيث تخصص في اللغة العربية. وقد جعله موضوعُ الدكتوراه الذي نشر فيه نصوصا للفارابي وابن سينا يُعرف بأنه متخصص في الفلسفة العربية. وقد كان بطبيعة الحال على علم بالنقاش بخصوص مسألة الوساطة العربية؛ فقد ذكر في مقدمة أطروحته للدكتوراه،Documenta Philosophiae arabum ، قضية هيرين وأشاد بعمل جوردان، دون أن يتخذ موقفا في ذلك النقاش. بين عامي 1839 و1842، أقام في باريس، حيث التحق بمدرسة سيلفستر دي ساسي؛ وقد كانت المدرسة الرائدة في مجال الدراسات الشرقية.[86] وبناءً على طلب فيكتور كوزان، ألف شمولدرز عام 1842 كتيبًا للفلسفة العربية بالفرنسية، مقالة في المدارس الفلسفية عند العرب، حيث نشر كتاب المنقذ من الضلال لأبي حامد الغزالي وترجمه.[87] وقد وصف العرب في هذا الكتاب بـ”الأمة التي مهدت الغرب إلى دراسة الفلسفة،“[88] وأدخلته ”الحداثة وأعطت هوية للفكر السكولائي.“[89]
غير أن المثير للانتباه حقا في عمل شمولدرز هو أنه على الرغم من تبنيه آراء ڤيكتور كوزان، الذي اعتبر العصور الوسطى بداية الحداثة؛ واعترافه بصحة أطروحة بال وأمابل جوردان حول أهمية النقل الفلسفي العربي-اللاتيني،[90] فإنه يلح على ترك ملف الوساطة العربية مفتوحا رغم كل الجهود التي بذلت من قبل. يقول: ”يعلم الجميع أنه تم إجراء بحث طويل ومؤلِم في أوروبا لمعرفة الدور الذي لعبه العرب في إدخال كتب أرسطو إلى مدارس العصور الوسطى. ومهما يكن حل هذا السؤال الذي لا يزال معلقا حتى اليوم، فقد ثبت مع ذلك أن الأفكار العربية كانت منتشرة بشكل كبير بين الغربيين. إن إنكار هذه الحقيقة يعني رفض كل الأدلة، وأنا مقتنع، من جانبي، أنه كلما أصبح المرء أكثر دراية بالمؤلفين المسلمين، كلما اقتنع بالتأثير الهائل الذي أحدثوه على السكولائية.“[91]
ويعتبر شمولدرز الفلسفة العربية بمثابة حلقة الوصل بين الفلسفة اليونانية والفلسفة السكولائية، وأن قيمتها لا تقوم في غير هذه الوساطة، حيث يقول: ”إن الأعمال الفلسفية للعرب تشكل، إذا جاز التعبير، السلسلة التي تربط الفلسفة القديمة بالفلسفة السكولائية، ولهذا تستحق أعمال العرب مكانة في التاريخ العام للفلسفة.“[92]
غير أن شمولدرز بعد أن وافق على أطروحتي كوزان وجوردان، نجده يغير مستوى خطابه ليتبنى منظورا عرقيا صريحا، عندما يقول: ”لا يبدو أن العرق السامي بشكل عام قادر […] الارتقاء إلى مستوى العبقرية الخصبة والمبتكرة والتنظيمية لليونانيين والهنود ومعظم الأمم المنحدرة من نفس الجذع. […] يبدو أن العناية الإلهية منحت العرب المهمة الوحيدة المتمثلة في أن يكونوا حراس مستودع العلوم في الوقت الذي غطى فيه الظلام الكثيف أرض أوروبا.“[93] هكذا، يظهر الفلاسفة العرب في عمل شمولدرز مجرد أوعية أو أوصياء على الفلسفة اليونانية خلال العصور الوسطى.[94]
الدليل الثاني الذي يظهر أن الدوائر العلمية الأوربية كانت أبعد ما تكون عن أن تحسم النقاش بخصوص الوساطة العربية، هو باكورة أعمال إرنست رينان، تاريخ دراسة اليونانية في الغرب من نهاية القرن الخامس إلى القرن الرابع عشر للميلاد، الذي ألف عام 1848، ولم تنشر المخطوطة إلا عام 2009.[95]
يعترف رينان، على غرار شمولدرز، بصعوبة ملف الوساطة العربية وحساسيته، حيث يقول: ”إن البيانات الدقيقة الخاصة بما استعاره العصر الوسيط من العرب يشكل إحدى أكثر الأسئلة صعوبة في التاريخ الأدبي للعصر الوسيط؛“[96] وذلك بسبب من تداخل التأثيرات بين الأطراف.
وعلى الرغم من تأكيد رينان في هذا الكتاب على أهمية العمل الذي أنجزه أمابل جوردان بخصوص ترجمات أرسطو في العصر الوسيط، بحيث لم يترك متسعا لإضافة أمور جديدة كثيرة، فإنه يؤكد عدم انشغاله بالأسئلة التي شغلت أكاديمية النقوش والآداب الجميلة وأجاب عنها جوردان.[97]
ويميز رينان بين عصرين من عصور التأثير العربي في العصر الوسيط: أما العصر الأول، فيمتد إلى حدود نهاية القرن الحادي عشر. وفي هذا العصر، لم تخرج العربية من إسبانيا؛ حيث كان بوسع علماء أوروبا المسيحيين معاينتها. وقد كانت التعاليم والهيئة مادة الترجمات الأولى في القرن الحادي عشر والثاني عشر، وهنا نكون قد دخلنا العصر الثاني. أما في الأعوام الأولى للقرن الثالث عشر، فقد دخل الفلاسفة، ومنذ ذلك الحين صار اكتساح العربية لا حدود له.[98]
نحن لا نجد ذكرا لأي مؤلف عربي عند الفلاسفة السكولائيين قبل السنوات الأولى من القرن الثالث عشر.[99] فسيمون دو تورناي Simon de Tournai, d. 1201 الفيلسوف والأستاذ بجامعة باريس، الذي يذكر أفلاطون وأرسطو لا يذكر أي عربي؛ بينما نجد أعلام الفلاسفة العرب مذكورين في كل صفحة من صفحات أعمال گيوم الباريسي (1202Guillaume de Paris, d. ) والسكولائيين اللاحقين.
ويضيف رينان، اعتمادا على ملاحظة أمابل جوردان، أن النسخ المترجمة من العربية سيئة جدا في مجملها، وغير مفهومة في الغالب. لذلك، حصل التخلي عنها بمجرد الحصول على نسخ مترجمة من اليونان، كما نرى مع القديس توما الأكويني.[100]
غير أن رينان، في المقابل، يستعيد في عمله هذا أفكار أرنولد هيرين بخصوص الأسئلة ذاتها التي شغلت جوردان أو جزء منها على الأقل، ويتبنى فرضية هيرين المتعلقة بعدم أهمية النقل العربي-اللاتيني للفلسفة اليونانية في العصور الوسطى.[101] وعلى الرغم من الدور الكبير الذي لعبه ابن رشد وتأثيره في العصر الوسيط وعصر النهضة، فإنه وَفْقَ رينان ”لا يمكن أن نقول إن السكولائية ذات أصل عربي حصري،“[102] على ما يدعيه بعض النظار.
وبالجملة، فإن رينان يدين في الحبكة العامة لسرديته في هذا الكتاب بالشيء الكثير لتاريخ الأدب اليوناني لهيرين. لذلك، نجده يتبنى وجهة نظر هيرين ضد خصومه الذين انتقدهم هيرين بخصوص الوساطة العربية؛ إذينتقد، على سبيل المثال، العالم الإسباني البلنسي خوان أندريسJuan Andrés, d. 1817[103]، الذي كان مؤيدًا كبيرا لإسهام العرب الإيبيريين في نهضة الثقافة والحضارة الغربيين.[104] يقول مثلا: ”إن الأدب الحديث يعترف بالثقافة العربية كأم له، ليس فقط في العلوم وإنما أيضًا في الأدب.“[105] وفي تقديره، يمكن إرجاع جذور الحضارة الأوروبية الحديثة إلى الثقافة العربية وإلى إسبانيا (وبعبارة أخرى إلى الأندلس). ولا ينكر أندريس أن وصول العلماء البيزنطيين إلى إيطاليا بعد الغزو التركي للقسطنطينية قد لعب دورًا إيجابيًا، لكنه يدلل على أن شروط قبول إرث العصر الكلاسيكي في شبه الجزيرة قد حددها العرب.[106] وفي نظره، ”فقد لعبت شبه الجزيرة الأيبيرية دورًا مركزيًا في عملية نقل الثقافة العربية إلى أوروبا الغربية.“[107] ما كان رينان ليقبل بهذا، لذلك نجده يرد قائلا: ”بعض مؤرخي الآداب، وخاصة الأب أندريس، الذين أجروا بحثًا خاصًا حول هذه النقطة، قد بالغوا إلى حد كبير في الدور الذي كان للعرب في التطور الكامل للعصور الوسطى واعتبرهم منشئي الحضارة الحديثة.“[108]
الدليل الثالث الذي نود أن نذكره، والذي يظهر من خلاله نوعٌ من الاستدامة لمسألة الوساطة العربية ولأطروحة هيرين تحديدا هو المستشرق البلجيكي جاك فورجيه. فقد أضفى فورجيه ضراوة جديدة على المسألة، بدراسته الشهيرة عن ”تأثير الفلسفة العربية على الفلسفة السكولائية“ الصادرة عام 1894.[109] يقوم فورجيه في هذه الدراسة بتحديث أطروحة هيرين؛ ولكنه يفعل ذلك من خلفية الدفاع عن ما يعتبره سكولائية حقيقية ضد خصوم المسيحية.[110] وعلى عكس سلفيه المستشرقين جوردان وشمولدرز، نفى فورجيه أن يكون العرب ”ممهدين للسكولائية.“ يقول في هذا: ”في أصلها وفي تطورها العضوي الأول، كانت الفلسفة السكولائية مستقلة عن الفلسفة العربية، التي كان أثرها إلى حدود القرن الثالث عشر شبه منعدم.“[111]
الملاحظ في دراسة فورجيه أنه يضعنا أمام وضعية البحث في المسألة إلى حدود زمنه. وهو المنهج الذي كان جوردان قد نهجه في كتابه المذكور أعلاه، لكن فورجيه يقوم بذلك معتمدا إلى حد كبير على عمل جوردان، ومُختصرًا له.[112] وعلى الرغم من مرور عشرات العقود على عمل جوردان، فإن فورجيه يعتبر أن الاختلافات بين النظار بخصوص دور العرب في معرفة الغرب بالعلوم والفلسفة اليونانيين، لم تكن لتحسم. إذ على الرغم من استناد هذه الاستنتاجات المختلفة إلى أدلة قوية، فإنها ”لم تفز بكل الأصوات.“[113]
غير أن الجديد في مقالة فورجيه، فضلا عن تعرضه لمساهمة رينان في النقاش، هو وقوفه على الصيغة الكاثوليكية لهذا الأخير عن طريق رصد الاختلافات بين النظار المسيحيين في الموضوع؛ إذ يقول: ”إن الخلاف بين الفلاسفة والمؤرخين الكاثوليك في عصرنا جدير بالملاحظة. يؤمن السيد ستوك ’بالتأثير الكبير للفلسفة العربية على تطور المدرسة السكولائية المسيحية‘. […] وكتب م. ڤاليه: إن الفلسفة العربية ’تحتل مكانة كبيرة جدًا في كتابات الدكاترة السكولائيين في القرن الثالث عشر، وكلهم منشغلون بنقضها‘. أما الكاردينال گونزاليس، فيحافظ على موقف عدم الثقة تجاه العرب: فهو يشتكي من أن منجزهم قد تم تضخيمه إلى حد كبير، من خلال اتباع هذا التحيز العقلاني لا شعوريًا بالتقليل من كل ما هو للمسيحية. ووفقا له، فإن ’الفلسفة السكولائية مستقلة عن فلسفة العرب في عناصرها الداخلية الصحيحة والأساسية. كانت الفلسفة السكولائية ستوجد بكيفية كاملة، حتى لو كانت جهلت الفلسفة العربية، التي مارست تأثيرًا غير مباشر عليها.‘“[114] ويبدو أن هذه الأحكام المتنوعة قد وجد فيها فورجيه ما يبرر العودة إلى المسألة؛ ذلك أن ”تنوعها يظهر أن هناك سببًا لمحاولة فحص جديد للمسألة.“[115] هذا مع أن تقديرنا هو أن موقف فورجيه النهائي لا يعدو أن يكون استعادة لموقف الكردينال گونزاليس، خاصة عندما يؤكد على أن استقلال الفلسفة السكولائية عن الفلسفة العربية ”في أصلها وفي تطورها العضوي الأول.“ غير أن هذا لا يعني أن الفلسفة العربية لم تؤثر في السكولائية بإطلاق، إذ إن هذا لا يقول به أحد، وإنما لم يكن لها تأثير في هذه الحقبة الأولى من السكولائية. أما في الحقب التالية، فقد ”أثر الفلاسفة العرب على السكولائيين إما بشكل غير مباشر أو حتى بشكل مباشر. أما تأثيرهم غير المباشر، فلا أحد يعارضه، ولا أحد يقدر أن ينازع فيه.“[116]
يعود بنا جاك فورجيه إلى بداية معرفة العرب بفلسفة أرسطو، فيؤكد: ”هذه المعرفة، كما أظهرنا بما فيه الكفاية، تلقوها من المسيحيين. كانت الحركة الفلسفية بينهم قبل كل شيء من عمل المترجمين والممهدين المسيحيين، بتحفيز من الخلفاء. هذه حقيقة هامة لا يمكن إنكارها.“[117] وهذا التأكيد تلزم عنه أمور عند فورجيه؛ إذ إنه يعين في نظره في تقدير عملية نقل المعارف إلى أوروبا من قبل العرب. وبحسبه، فقد حصل العرب من المسيحيين، ولا سيما المسيحيين السريان، على أكثر مما نقلوه إلى العالم المسيحي. يقول في هذا: ”لم يفعل العرب شيئًا سوى أنهم ردوا إلى المسيحيين جزءًا مما نقله إليهم مسيحيون ستة أو سبعة قرون قبل ذلك.“[118] وفي كل الأحوال، ”فمهما فعل العرب المسلمون، لن يردوا للمسيحيين كل ما نالوه منهم.“[119]
يمكننا أن نسترسل طويلا في إيراد الشواهد التي تظهر كيف أن بعض الأوساط العلمية والثقافية ما تزال تستعيد أطروحة هيرين وكأنها قد قيلت للتو. ويكفي، دليلا لما نقول، أن نتذكر كتاب سيلفان گوگنهايم الذي بدأنا به.
في مطلع القرن التاسع عشر في أوروبا، ظهرت فكرة التأكيد على الثقافة الأوروبية المشتركة، التي من شأنها أن تتجاوز الاختلافات القومية. وقد حددها المؤرخون المحدثون عن طريق مكونين غير متجانسين: فالثقافة الأوروبية يونانية من جهة الفلسفة، ومسيحية من جهة الدين. لكن الإشكال الأكبر هو أن هذين المكونين يقعان على التوالي في العصور القديمة والعصور الوسطى. لهذا، فقد تضمنت أجندة المتخصصين في القرون الوسطى مهمة تراثية وسياسية في آن معا، أي إعادة بناء العصور الوسطى الوطنية. وهكذا، وضدا على كل النزعات التنويرية والإنسية، لم تعد العصور الوسطى عالمًا برانيًا—موضوعا غرائبيا أو غيرية منفرة يجب القطع معها—بل صارت تراثًا (رأسمال للاستثمار)؛ وفي هذا السياق، بدأت أوروبا مشاريع إحياء تراثها الوطني. لذلك، كان تجذير العقل الأوروبي الحديث وتأصيله في العصر الوسيط المسيحي يقتضي إضفاء البعد الفلسفي على الثقافة الوسطوية، والذي كانت النهضة والأنوار قد أنكراه عليها. لكن هذه العملية لم تكن لتحصل دون عوائق. وأولى هذه الصعوبات أن متن تاريخ الفلسفة الوسطوية هو في مجمله مؤلف من مصادر ثيولوجية. وثاني الصعوبات وأخطرها هي أن الفلسفة الوسطوية من أصول يونانية، كانت مزيجا من الفلسفتين اليونانية والعربية؛ الأمر الذي جعل عملية ربط الحاضر بالماضي عملية معقدة. هكذا، صار المتن الفلسفي العربي-اللاتيني في القرنين الثاني عشر والثالث عشر عنصر تهديد لمشروع إعادة بناء الهوية الأوروبية من داخل تاريخ الفلسفة.
وعلى الرغم من الجهود الكبيرة والمضنية التي بذلت منذ قرون لحل سؤال الوساطة العربية في معرفة أوروبا بالفلسفة اليونانية القديمة، فإن الغالبية العظمى من الدارسين يقرون أن السؤال قد ظل معلقا. والغالب على تقديرنا أن السبب في استدامة هذا الوضع لا يكمن في نقص الوثائق والمعطيات بخصوص بعض الجوانب من السؤال، وإنما يكمن في وضعية السائل، وفي تداعيات سؤاله على حاضره. فالظاهر أن وساطة العرب ليست مجرد موضوع علمي-تاريخي، وإنما هو منذ البداية موضوع إيديولوجي-سياسي. ومن يتابع خَرجات بعض السياسيين في فرنسا اليوم وكيف تحصل استعادة بعض الأحكام التي كان إرنست رينان وسيلفان گوگنهايم قد جازفا بها، ربما يفهم لماذا لا نستغرب إن بقي الملف معلقا، ما دامت عناصر بقائه كذلك قائمةٌ، بل وتتجدد باستمرار.
Bibliography
Balty-Guesdon, Marie-Geneviève. “La Maison de la Sagesse: une institution hors de l’histoire?” in L’Islam médiéval en terres chrétiennes. Science et idéologie. Nouvelle édition, edited by Lejbowicz Max, 85–98. Villeneuve d’Ascq: Presses universitaires du Septentrion, 2009.
Bataillon, Louis-Jacques. “Sur Aristote et le Mont-Saint-Michel. Notes de lecture.” in L’Islam médiéval en terres chrétiennes. Science et idéologie. Nouvelle édition, edited by Lejbowicz Max, 105–113. Villeneuve d’Ascq: Presses universitaires du Septentrion, 2009.
Brague, Rémi. Au moyen du Moyen Âge : Philosophies médiévales en chrétienté, judaïsme et islam. Chatou : Les Éditions de La Transparence, 2006.
Brague, Rémi. Europe, la voie romaine. Paris: Gallimard, 1999.
Büttgen, Philippe Alain de Libera, Marwan Rashed, et Irène Rosier-Catach (eds). Les Grecs, les Arabes et nous. Enquête sur l’islamophobie savante. Paris: Fayard, 2009.
Cartwright, Richard L. “Some Remarks on Essentialism.” The Journal of Philosophy, 65 (20, 1968): 615–626
Ebbesen, Sten. “Jacques de Venise.” in L’Islam médiéval en terres chrétiennes. Science et idéologie. Nouvelle édition, edited by Lejbowicz Max, 115–132. Villeneuve d’Ascq: Presses universitaires du Septentrion, 2009.
Erismann, Christophe. “Aristoteles Latinus: The Reception of Aristotle in the Latin World,” in Brill’s Companion to the Reception of Aristotle in Antiquity, edited Andrea Falcon (Leiden-Boston: Brill, 2016), 442–443.
Forget, Jacques. “De l’influence de la philosophie arabe sur la philosophie scolastique.” Revue néo-scolastique 1 (4, 1894) :385–410.
Galonnier, Alain. Nature, orientation exégétique et postérité des Dix catégories du Pseudo Augustin. 2017. hal-01502589
Gouguenheim, Sylvain. Aristote au mont Saint-Michel: les racines grecques de l’Europe chrétienne. Paris: Seuil, 2008.
Guasti, Niccolò. “Between Arabic Letters, History and Enlightenment: The Emergence of Spanish Literary Nation in Juan Andrés.” Diciottesimo Secolo 6 (2021): 149–159. doi: 10.36253/ds-12140
Huby, Pamela M. “Cicero’s Topics and Its Peripatetic Sources.” In Cicero’s knowledge of the Peripatos, edited William W. Fortenbaugh and Peter Steinmetz, 61–76. London-New York: Routledge-Taylor & Francis, 2019.
Hunke, Sigrid. Allahs Sonne über dem Abendland. Stuttgart: Deutsche verlags-Anstalt, 1960.
“Interview: Gouguenheim s’explique.” Lexpress, https://www.lexpress.fr/culture/livre/gouguenheim-s-explique_814791.html.
Jolivet, Jean. “Une escapade aventureuse.” in L’Islam médiéval en terres chrétiennes. Science et idéologie. Nouvelle édition, edited by Lejbowicz Max, 59–71. Villeneuve d’Ascq: Presses universitaires du Septentrion, 2009.
Jourdain, Amable. Recherches critiques sur l’âge et l’origine des traductions latines d’Aristote, et sur des commentaires grecs ou arabes employés par les docteurs scholastiques. Nouvelle édition revue et augmentée par Charles Jourdain. Paris: Joubert, 1843.
König-Pralong, Catherine. Médiévisme philosophique et raison moderne : De Pierre Bayle à Ernest Renan. Paris: Vrin, 2016.
König-Pralong, Catherine. “L’histoire médiévale de la raison philosophique moderne (XVIIIe-XIXe siècles).” Annales. Histoire, Sciences Sociales 3 (juillet-septembre 2015): 667-711.
Kurzwelly, Jonathan, Hamid Fernana, Muhammad Elvis Ngum. “The Allure of Essentialism and Extremist Ideologies.” Anthropology Southern Africa 43 (2, 2020): 107–118.
Lejbowicz Max (dr.), L’Islam médiéval en terres chrétiennes: Science et idéologie. Nouvelle édition. Villeneuve d’Ascq: Presses universitaires du Septentrion, 2009.
Libera, Alain de. Penser au Moyen Age. Paris: Seuil, 1991.
Long, Anthony. “Cicero’s Plato and Aristotle.” In From Epicurus to Epictetus: Studies in Hellenistic and Roman Philosophy, 285–306. Oxford-New York: Oxford University Press, 2006.
Longo, Mario. “A Critical” History of Philosophy and the Early Enlightenment: Johann Jacob Brucker.” in Models of the History of Philosophy. Volume II: From the Cartesian Age to Brucker, ed. Gregorio Piaia and Giovanni Santinello, 477–577. London-New York: Springer Dordrecht Heidelberg, 2011.
Longo, Mario. “The Göttingen School and Popularphilosophie.” In Models of the History of Philosophy. Volume III: The Second Enlightenment and the Kantian Age, edited Gregorio Piaia and Giovanni Santinello, in association with Francesca D’Alberto and Iva Manova, 515–693. New York-London: Springer Dordrecht Heidelberg, 2015.
Marchand, René La France en danger d’Islam: entre Jihad et Reconquista. Paris: L’Age d’Homme, 2002.
Menocal, María Rosa. The Arabic Rote in Medieval Literary History. A Forgotten Heritage. Philadelphia: Pennsylvania University Press, 1987.
Micheli, Giuseppe. “Wilhelm Gottlieb Tennemann (1761–1819): Geschichte der Philosophie Grundriss der Geschichte del Philosophie.” In Models of the History of Philosophy. Volume III: The Second Enlightenment and the Kantian Age, edited by Gregorio Piaia and Giovanni Santinello, in association with Francesca D’Alberto and Iva Manova, 838–926, New York-London: Springer Dordrecht Heidelberg, 2015.
Pernot, Laurent. La Rhétorique dans l’Antiquité. Paris: Librairie Générale Française, 2000.
Rémi Brague, “Grec, arabe, européen : À propos d’une polémique récente,” Commentaire 124 (Hiver, 2008–2009): 1181–1204.
Renan, Ernest. Histoire de l’étude de la langue grecque dans l’Occident de l’Europe depuis la fin du Ve siècle jusqu’à celle du XIVe, éd. Perrine Simon-Nahum, textes latins et grecs revus et traduits par Jean-Christophe de Nadaï. Paris: Les Éditions du Cerf, 2009.
Santinello, Giovanni. “Johann Gottlieb Buhle (1763–1821): Lehrbuch der Geschichte der Philosophie Geschichte der neuern Philosophie.” In Models of the History of Philosophy. Volume III: The Second Enlightenment and the Kantian Age, edited by Gregorio Piaia and Giovanni Santinello, in association with Francesca D’Alberto and Iva Manova, 787–838, New York-London: Springer Dordrecht Heidelberg, 2015.
Schmôlders, Auguste. Essai sur les écoles philosophiques chez les arabes et notamment sur la doctrine d’Algazzali. Paris : Typographie de Firmin Didot Frères, 1842.
Tolomio, Ilario. “The Enlightenment, Erudition and Religious Apologetics: 4. Juan Andrés (1740–1817): Dell’origine, de’ progressi e dello stato attuale della filosofia.” in Models of the History of Philosophy. Volume III: The Second Enlightenment and the Kantian Age, edited Gregorio Piaia and Giovanni Santinello, in association with Francesca D’Alberto and Iva Manova, 280–292. New York-London: Springer Dordrecht Heidelberg, 2015.
للتوثيق
بن أحمد، فؤاد. ”ما هي الأعمال الفلسفية اليونانية القديمة […] التي ندين للعرب في أول معرفتنا بها؟ عودة إلى نقاش قديم.“ ضمن موقع الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية، الرابط <https://philosmus.org/archives/3508>
فؤاد بن أحمد
✯ أصل هذه المقالة نص محاضرة ألقي بدعوة كريمة مشكورة من ذ. حسن أوريد بتاريخ 24 فبراير 2022.
[1] Sylvain Gouguenheim, Aristote au mont Saint-Michel: les racines grecques de l’Europe chrétienne (Paris: Seuil, 2008).
[2] Cf. https://www.institutdefrance.fr/en/home/
[3] Cf. Jean Celeyrette et Max Lejbowicz in, L’Islam médiéval en terres chrétiennes: Science et idéologie. Nouvelle édition, dr. Max Lejbowicz (Villeneuve d’Ascq: Presses universitaires du Septentrion, 2009), 19–20.
[4] نشرت نصوص موقعة من قبل دارسين، وعريضة موقعة من قبل المئات من المنتسبين إلى المؤسسة ذاتها التي ينتسب إليها گوگنهايم، فضلا عن عشرات المقالات. انظر بالإضافة إلى العمل الجماعي المذكور في الهامش السابق، العنوان الآتي:
Les Grecs, les Arabes et nous. Enquête sur l’islamophobie savante, éd. Philippe Büttgen, Alain de Libera, Marwan Rashed, et Irène Rosier-Catach (Paris: Fayard, 2009).
[5] Gouguenheim, Aristote au mont Saint-Michel, 73.
[6] Gouguenheim, Aristote au mont Saint-Michel, 101.
[7] Gouguenheim, Aristote au mont Saint-Michel, 133–135.
[8] Gouguenheim, Aristote au mont Saint-Michel, 142–147.
[9] Gouguenheim, Aristote au mont Saint-Michel, 147–150.
[10] Gouguenheim, Aristote au mont Saint-Michel, 151–156.
[11] Gouguenheim, Aristote au mont Saint-Michel, 156–159.
[12] Gouguenheim, Aristote au mont Saint-Michel, 159–161.
[13] Gouguenheim, Aristote au mont Saint-Michel, 163–166.
[14] Cf. Gouguenheim, Aristote au mont Saint-Michel, 187–189.
[15] Cf. Gouguenheim, Aristote au mont Saint-Michel, 189–191.
[16] Cf. Gouguenheim, Aristote au mont Saint-Michel, 192–196.
[17] Gouguenheim, Aristote au mont Saint-Michel, 11.
[18] Alain de Libera, Penser au Moyen Age (Paris: Seuil, 1991), notamment p. 98–142.
[19] María Rosa Menocal, The Arabic Rote in Medieval Literary History. A Forgotten Heritage (Philadelphia: Pennsylvania University Press, 1987).
[20] Sigrid Hunke, Allahs Sonne über dem Abendland (Stuttgart: Deutsche verlags-Anstalt, 1960).
خلق الكتاب، بمجرد صدوره، سجالا كبيرا وردود فعل متباينة جدا. وقد ترجم العمل للعربية عام 1964؛ وعرف انتشارا ساحقا؛ وطبع مرات عدة. والمثير للانتباه هو العنوان الغريب الذي صدر به، دون أن يصدر أي تبرير عن المترجمين. انظر: زيغريد هونكه، شمس العرب تسطع على الغرب أثر الحضارة العربية في أوروبة، نقله عن الألمانية فاروق بيضون وكمال دسوقي وراجعه ووضع حواشيه مارون عيسى الخوري، ط. 8 (بيروت: دار الجيل-دار الآفاق الجديدة، 1993).
[21] يمكن العودة للنقد الوثيق لدعوى گوكنهايم المستندة إلى إقامة يعقوب البندقي بجبل سان ميشيل والمعلومات الجديدة بخصوص هذا العالِم إلى: Louis-Jacques Bataillon, “Sur Aristote et le Mont-Saint-Michel. Notes de lecture,” in L’Islam médiéval en terres chrétiennes, 105–113 ; Sten Ebbesen, “Jacques de Venise,” in L’Islam médiéval en terres chrétiennes, 115–132.
[22] هو إله الشمس في الأساطير الإغريقية.
[23] انتبه الدارسون منذ البداية إلى أن تحديد القرنين السادس والثاني عشر للميلاد القصد منه بالأساس استبعاد القرنين الثالث عشر والرابع عشر الذين يجعلان الادعاء بأن التاريخ الفكري والعلمي لأوروبا لا يدين بأي شيء للعالم الإسلامي أمرا صعبا.
[24] للوقوف على عينة من الأخطاء التاريخية والدعاوى غير المسنودة لسيلڤان گوگنهايم، يمكن العودة إلى: Jean Jolivet, “Une escapade aventureuse,” in L’Islam médiéval en terres chrétiennes, 59–71; Marie-Geneviève Balty-Guesdon, “La Maison de la Sagesse: une institution hors de l’histoire?” in L’Islam médiéval en terres chrétiennes, 85–98.
[25] عن الماهوية في الفلسفة، يمكن العودة إلى: Richard L. Cartwright, “Some Remarks on Essentialism,” The Journal of Philosophy, 65 (20, 1968): 615–626.؛ وعن استعمالاتها الإثنية والقومية وتبعاتها الكارثية، يمكن العودة إلى:
Jonathan Kurzwelly, Hamid Fernana, Muhammad Elvis Ngum, “The Allure of Essentialism and Extremist Ideologies,” Anthropology Southern Africa 43 (2, 2020): 107–118.
[26] Rémi Brague, Europe, la voie romaine (Paris: Gallimard, 1999); id., Au moyen du Moyen Âge : Philosophies médiévales en chrétienté, judaïsme et islam (Chatou : Les Éditions de La Transparence, 2006).
[27] René Marchand, La France en danger d’Islam: entre Jihad et Reconquista (Paris: L’Age d’Homme, 2002).
[28] عن الموقف المعلن لريمي براگ من الكتاب، انظر: Rémi Brague, “Grec, arabe, européen : À propos d’une polémique récente,” Commentaire 124 (Hiver, 2008–2009): 1181–1204.
وعن العلاقة بين تصور براگ للمسألة بعموم وعمل گوكنهايم، انظر: “Interview: Gouguenheim s’explique,” Lexpress, https://www.lexpress.fr/culture/livre/gouguenheim-s-explique_814791.html
[29] Amable Jourdain, Recherches critiques sur l’âge et l’origine des traductions latines d’Aristote, et sur des commentaires grecs ou arabes employés par les docteurs scholastiques, nouvelle édition revue et augmentée par Charles Jourdain (Paris: Joubert, 1843), 4.
[30] بخصوص طبيعة المعرفة التي كانت لشيشرون بطوپيقا أرسطو وبخطابته، انظر:Pamela M. Huby, “Cicero’s Topics and Its Peripatetic Sources,” in Cicero’s knowledge of the Peripatos, ed. William W. Fortenbaugh and Peter Steinmetz (London-New York: Routledge-Taylor & Francis, 2019), 61–76; Anthony Long, “Cicero’s Plato and Aristotle,” in From Epicurus to Epictetus: Studies in Hellenistic and Roman Philosophy (Oxford-New York: Oxford University Press, 2006), 285–306;
وانظر بخصوص شرحه القواعد الجدلية لأرسطو: Laurent Pernot, La Rhétorique dans l’Antiquité (Paris: Librairie Générale Française, 2000), 159.
[31] تؤكد الدراسات أن ماريوس فيكتورينوس قد ترجم إيساگوگي أو المدخل لفرفوريوس الصوري (ت. ح. 305) إلى اللاتينية لكنها لا تؤكد ترجمة كتابي المقولات والعبارة لأرسطو المنسوبة إليه. انظر البيانات في الدراسة الجيدة لـ: Christophe Erismann, “Aristoteles Latinus: The Reception of Aristotle in the Latin World,” in Brill’s Companion to the Reception of Aristotle in Antiquity, ed. Andrea Falcon (Leiden-Boston: Brill, 2016), 442–443.
[32] عن الأصل في نسبة ترجمة لكتاب المقولات وشرح عليها القديس أغسطين، انظر: Alain Galonnier, Nature, orientation exégétique et postérité des Dix catégories du Pseudo Augustin. 2017. hal-01502589
[33] تنسب إلى بوثيوس أعمال منطقية عدة: منها ما هو ترجمة، ومنها ما هو شرح، ومنها ما هو تلخيص للمقولات والعبارة والتحليلات الأولى والمواضع المغلطة والطوپيقا لأرسطو، والمدخل لفرفوريوس. انظر تدقيقا للائحة أعماله في: Erismann, “Aristoteles Latinus,” 442–444.
[34] Jourdain, Recherches critiques, 5.
[35] Ludovico Antonio Muratori, quoted in Jourdain, Recherches critiques, 6.
[36] Miguel Casiri, quoted in Jourdain, Recherches critiques, 6.
[37] Jourdain, Recherches critiques, 7.
[38] Dietrich Tiedemann, Geist der spekulativen Philosophie, 6 vols. عن أهمية مقاربة تيدمان، انظر: Mario Longo, “The Göttingen School and Popularphilosophie,” in Models of the History of Philosophy. Vol. III: The Second Enlightenment and the Kantian Age, ed. Gregorio Piaia and Giovanni Santinello, in association with Francesca D’Alberto and Iva Manova (New York-London: Springer Dordrecht Heidelberg, 2015), 515–693; Cathrine König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne : De Pierre Bayle à Ernest Renan (Paris: Vrin, 2016), 40–42.
[39] سنقف عند دعوى بال أدناه. وانظر أيضا: Giovanni Santinello, “Johann Gottlieb Buhle (1763–1821): Lehrbuch der Geschichte der Philosophie Geschichte der neuern Philosophie,” in Models of the History of Philosophy. Vol. III: The Second Enlightenment and the Kantian Age, ed. Gregorio Piaia and Giovanni Santinello, in association with Francesca D’Alberto and Iva Manova, 787–838; König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 40–42, 72–73.
[40] Cf. Giuseppe Micheli, “Wilhelm Gottlieb Tennemann (1761–1819): Geschichte der Philosophie Grundriss der Geschichte del Philosophie, in Models of the History of Philosophy. Vol. III: The Second Enlightenment and the Kantian Age, ed. Gregorio Piaia and Giovanni Santinello, in association with Francesca D’Alberto and Iva Manova, 838–926; König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 40–42.
[41] سنعرض لطرف من دعوى شمولدرز أدناه. وانظر أيضا: König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 76–81.
[42] Jourdain, Recherches critiques, 9–11; Mario Longo, “A Critical” History of Philosophy and the Early Enlightenment: Johann Jacob Brucker,” in Models of the History of Philosophy. Volume II: From the Cartesian Age to Brucker, ed. Gregorio Piaia and Giovanni Santinello (London-New York : Springer Dordrecht Heidelberg, 2011), 477–577; König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 22–24.
[43] König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 31, 34–35.
[44] سنقف عنده أدناه؛ ونلفت انتباه إلى القارئ إلى أن مقاربة أمابل جوردان تحتل مكانة مركزية في بحثنا؛ وقد اعتمدنا على عمله للتعرف على نصوص هيرين وبال.
[45] سنقف عند جزء من دعوى رينان أدناه.
[46] سنقف عند جاك فورجيه في آخر بحثنا.
[47] Cf. König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 67–71.
[48] Arnold Heeren, Geschichte des Studiums der klassischen Literatur seit dem Wiederaufleben der Wissenschaften mit einer Einleitung welche die Geschichte der Werke der Klassiker im Mittelalter enthält, Göttingen, Kosenbusch, 2 Teile, 1797-1802.
[49] König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 69.
[50] Arnold Heeren, quoted in Jourdain, Recherches critiques, 225.
[51] Arnold Heeren, quoted Jourdain, Recherches critiques, 225–226.
[52] Arnold Heeren, quoted Jourdain, Recherches critiques, 225–226.
[53] Cf. König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 69.
[54] Heeren, quoted Jourdain, Recherches critiques, 226–227.
[55] Heeren, quoted Jourdain, Recherches critiques, 227.
[56] Heeren, quoted Jourdain, Recherches critiques, 227–228.
[57] Arnold Heeren, quoted in Jourdain, Recherches critiques, 228, 12; König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 69.
[58] König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 70.
[59] König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 68.
[60] Cf. König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 71.
[61] Buhle, quoted in Jourdain, Recherches critiques, 228–229.
[62] Buhle, quoted in Jourdain, Recherches critiques, 230–231.
[63] Buhle, quoted in Jourdain, Recherches critiques, 231.
[64] Buhle, quoted in Jourdain, Recherches critiques, 232.
[65] Buhle, quoted in Jourdain, Recherches critiques, 233.
[66] Buhle, quoted in Jourdain, Recherches critiques, 233.
[67] Buhle, quoted in Jourdain, Recherches critiques, 233–234.
[68] Buhle, quoted in Jourdain, Recherches critiques, 234.
[69] Buhle, quoted in Jourdain, Recherches critiques, 234.
[70] Jourdain, Recherches critiques, 236.
[71] König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 71, 72.
[72] Jourdain, Recherches critiques, 15.
[73] Jourdain, Recherches critiques, 15–16.
[74] Jourdain, Recherches critiques, 16.
[75] Cf. Jourdain, Recherches critiques, 16.
[76] Jourdain, Recherches critiques, 208.
[77] Cf. Jourdain, Recherches critiques, 212–213.
[78] Cf. Jourdain, Recherches critiques, 212–214.
[79] Jourdain, Recherches critiques, 214.
[80] Jourdain, Recherches critiques, 214–215.
[81] Cf. Jourdain, Recherches critiques, 216.
[82] Jourdain, Recherches critiques, ix–x.
[83] Cf. Jourdain, Recherches critiques, xi.
[84] Jourdain, Recherches critiques, ix.
[85] Catherine König-Pralong, “L’histoire médiévale de la raison philosophique moderne (XVIIIe-XIXe siècles),” Annales. Histoire, Sciences Sociales 3 (juillet-septembre 2015), 701.
[86] König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 76–77.
[87] Auguste Schmôlders, Essai sur les écoles philosophiques chez les arabes et notamment sur la doctrine d’Algazzali (Paris : Typographie de Firmin Didot Frères, 1842).
[88] Schmôlders, Essai sur les écoles philosophiques chez les arabes, vii.
[89] König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 78.
[90] König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 78.
[91] Schmôlders, Essai sur les écoles philosophiques chez les arabes, 3–4.
[92] Schmôlders, Essai sur les écoles philosophiques chez les arabes, 7.
[93] Schmôlders, Essai sur les écoles philosophiques chez les arabes, 3.
[94] علاوة على ذلك، يصر شمولدرز على فساد الفلسفة العربية في حد ذاتها. انظر لمزيد من التفاصيل: König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 78 –79.
[95] Ernest Renan, Histoire de l’étude de la langue grecque dans l’Occident de l’Europe depuis la fin du Ve siècle jusqu’à celle du XIVe, éd. Perrine Simon-Nahum, textes latins et grecs revus et traduits par Jean-Christophe de Nadaï (Paris: Les Éditions du Cerf, 2009).
[96] Renan, Histoire de l’étude de la langue grecque, 431.
[97] Renan, Histoire de l’étude de la langue grecque, 471.
[98] Renan, Histoire de l’étude de la langue grecque, 432.
[99] Renan, Histoire de l’étude de la langue grecque, 432.
[100] Renan, Histoire de l’étude de la langue grecque, 433.
[101] König-Pralong, Médiévisme philosophique et raison moderne, 84–85.
[102] Renan, Histoire de l’étude de la langue grecque, 433.
[103] Cf. Ilario Tolomio, “The Enlightenment, Erudition and Religious Apologetics: 4. Juan Andrés (1740–1817): Dell’origine, de’ progressi e dello stato attuale della filosofia,” in Models of the History of Philosophy. Vol. III: The Second Enlightenment and the Kantian Age, 280–292.
[104] Niccolò Guasti, “Between Arabic Letters, History and Enlightenment: The Emergence of Spanish Literary Nation in Juan Andrés,” Diciottesimo Secolo 6 (2021): 149–159. doi: 10.36253/ds-12140
[105] Andrés, Dell’origine, cit., vol. 1, p. xi. Quoted in Guasti, “Between Arabic Letters, History and Enlightenment,” 153.
[106] Guasti, “Between Arabic Letters, History and Enlightenment,” 155.
[107] Guasti, “Between Arabic Letters, History and Enlightenment,” 154.
[108] Renan, Histoire de l’étude de la langue grecque, 433.
[109] Jacques Forget, “De l’influence de la philosophie arabe sur la philosophie scolastique,” Revue néo-scolastique 1 (4, 1894) :385–410.
[110] Forget, “De l’influence de la philosophie arabe,”408.
[111] Forget, “De l’influence de la philosophie arabe,”407.
[112] Forget, “De l’influence de la philosophie arabe,” 385–386.
[113] Forget, “De l’influence de la philosophie arabe,” 386.
[114] Forget, “De l’influence de la philosophie arabe,” 386–387.
[115] Forget, “De l’influence de la philosophie arabe,” 387.
[116] Forget, “De l’influence de la philosophie arabe,” 401 ; 407, 408.
[117] Forget, “De l’influence de la philosophie arabe,” 391.
[118] Forget, “De l’influence de la philosophie arabe,” 408.
[119] Forget, “De l’influence de la philosophie arabe,” 391.
مقالات ذات صلة
في مشروعية الكلام السني ضدا على إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي (ت.505هـ/1111م): قطعة من موسوعة الأسرار والعبر لأبي بكر الطرطوشي (ت.520هـ/1126م)، تعريفٌ وتوصيف
On the Legitimacy of Sunni Theology against Abū Ḥāmid al-Ghazālī’s Iḥyāʾ ʿUlūm al-Dīn (d. 505/1111): A Section from Abū Bakr al-Ṭurṭūshī’s al-Asrār wa-l-ʿIbar (d. 520/1126) - Introduction and Description Fī Mashrūʿiyyat al-Kalām al-Sunnī Ḍiddan ʿalā Iḥyāʾ ʿUlūm al-Dīn...
منهج الغزالي في التأليف في علم المنطق
Al-Ghazālī’s Methodology in His Writings on Logic Manhaj al-Ghazālī fī al-Taʾlīf fī ʿIlm al-Manṭiq منهج الغزالي في التأليف في علم المنطق محمد رويMohamed Roui جامعة عبد الملك السعديUniversité Abdelmalek Essaadi ملخص: تتناول هذه الدراسة معالم منهج أبي حامد الغزالي...
المنطق في الحضارة الإسلاميّة
المنطق في الحضارة الإسلاميّة خالد الرويهبKhaled El-Rouayheb جامعة هارفارد-كمبريدجHarvard University-Cambridge ملخص: ”المنطق في الحضارة الإسلامية“ لخالد الرويهب (جامعة هارفارد بكمبريدج) هي في الأصل محاضرة بالعربية ألقيت في مؤسسة البحث في الفلسفة العلوم في...
مكانة ”الالتباس“ في الثقافة العربية الإسلامية في عصرها الكلاسيكي: بواكير منظور جديد
Navigating Ambiguity: Exploring the Role of Uncertainty in the Classical Arab-Islamic Culture Makānat Al-Iltibās fī al-Thaqāfah al- ʿArabiyya al-Islāmiya Fī ʿAṣrihā al-Klāsīkī:Bawākīr Manẓūr Jadīd مكانة ”الالتباس“ في الثقافة العربية الإسلامية في عصرها الكلاسيكي بواكير...
أثر فلسفة ابن رشد في الكلام الأشعري المغربي: دراسة في المنجز حول فكر أبي الحجاج يوسف المكلاتي (ت.626هـ/1229م)
The Impact of Ibn Rushd's (Averroes’) Philosophy on Maghribi Ashʿarī KalāmCurrent State of Studies on al-Miklātī (d.626/1229) Athar Falsafat Ibn Rushd fī al-Kalām al-Ashʿarī al-Maghribī: Dirāsa fī al-Munajaz ḥawl Fikr Abī al-Hajjāj Yusuf al-Miklatī (626/1229) Majda...
في مقاربة فلسفة الفعل عند الفخر الرازي: مراجعة نقدية لمقالة ”فلسفة الفعل ونظرية العادة التاريخية عند المتكلمين“
On the Approach to the Philosophy of Action in Fakhr al-Dīn al-Rāzī:A Critical Review of “Falsafat al-fiʿl wa-naẓarīyyat al-ʿādah al-tārīkhīyyah ʿinda al-mutakallimīn” Fī muqārabah Falsafat al-fiʿl ʿinda Fakhr al-Dīn al-Rāzī:Murājaʿat naqdīyyah li-maqālat “Falsafat...
أبو البركات البغدادي ومشكل الزمان
Abū al-Barakāt al-Baghdādī on The Problem of Time Abū al-Barakāt al-Baghdādī wa Mushkil al-Zamān Jalel DridiUniversity of Tunis, Tunis أبو البركات البغدادي ومشكل الزمان جلال الدريديجامعة تونس، تونس Abstract׃ The approach adopted by Abū al-Barakāt al-Baghdādī...
صورة العقل عند الشكّاك بين القديم والوسيط
Ṣūrat al-ʿaql ʿinda al-shukkāk bayna al-qadīm wa-al-wasīṭ Reason in the Ancient Skeptics and its Impacts during the Medieval Era صورة العقل عند الشكّاك بين القديم والوسيط سعاد جوينيجامعة تونس، تونس Souad JouiniUniversité de Tunis, Tunis Abstract: The creativity...
مشروعية النظر العقلي في تقرير العقائد عند المتكلمين: فخر الدين الرازي نموذجًا
Machrūʿiyat al-naẓar al-ʿaqlī fī taqrīri al-ʿaqāʾid ʿinda al-mūtakalimīn:fakhr al-Dīne al-Rāzī namūdhajan The legitimacy of Speculated Reasoning from the Perspective of Fakhr al-Dīne al-Rāzī مشروعية النظر العقلي في تقرير العقائد عند المتكلّمين: فخر الدين الرازي...
ابن الهيثم والفلسفة: تأمّلات في سيرته الذاتية
Ibn al-Haytham and PhilosophyReflections on his Autobiography Ibn al-Haytham wa al-falsafahTaʾamulāt fī sīratih al-dhātiyyah Jalel Dridi ابن الهيثم والفلسفةتأمّلات في سيرته الذاتية[✯] جلال الدريدي Abstract: There is no shadow of doubt that Ibn al-Haytham is a great...