Loading

قصّة ابن الهيثم مع الحاكم بأمر الله في رواية حاكم: جنون ابن الهيثم ليوسف زيدان. الجيزة: بوك ڤاليو، 2021

Review of Ḥākim, junūn Ibn al-Haytham by Yusuf Zaydān. Giza: Book Value, 2021. ISBN-10. 9778582106

Qiṣṣat Ibn al-Haytham maʿa al-Ḥākim bi Amri al-Lāh
Fī riwāyat Ḥākim, junūn Ibn al-Haytham

قصة ابن الهيثم مع الحاكم بأمر الله
في رواية حاكم: جنون ابن الهيثم ليوسف زيدان. الجيزة: بوك ڤاليو، 2021[1]

محمد أبركان
Abarkan Mohamed
جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس
Sidi Mohamed Ben Abdellah University, Fez

 

مقدمة

 للروائي يوسف زيدان نصوص روائية، استطاع من خلال بعضها أن يضمن لاسمه مكانة ضمن الكتاب البارزين، في العربية، لهذا الجنس الأدبي الصعب. ونحن نقول هذا، لا بد أننا نفكر في بعض عناوين رواياته كعزازيل والنبطي. ولأن يوسف زيدان يكتب ما يكتبه من روايات بخلفية فلسفية وتاريخية؛ وهو الأمر الذي أتاحه له تكوينه في تاريخ الفلسفة والعلم، فإنه مال، في بعض كتاباته الروائية، إلى جعل الشخصية العلمية لبعض الفلاسفة والعلماء الذين انتموا إلى حضارة المسلمين مادة لبعض رواياته. وقد سلك هذا المسلك في روايتين على الأقل؛ يتعلق الأمر برواية فردقان، اعتقال الشيخ الرئيس، ورواية حاكم، جنون ابن الهيثم.[2]

سيتجه نظرنا في هذا المقال نحو النص الروائي الذي أفرده يوسف زيدان لبناء حكي يهم العلاقة بين جنون العالِم ابن الهيثم (ت. 432𞸤/1041م) وبين الحاكم الفاطمي الذي لُقب تاريخيا ب ”الحاكم بأمر الله (ت.411𞸤/1021م).“ وانشغالنا بهذا النص الروائي، سينصب، أساسا، على أمرين: الأول يهم عنوان هذا النص، خصوصا عنوانه الفرعي ”جنون ابن الهيثم؛“ حيث سنتساءل بخصوص العلاقة بين إيراد هذا العنوان على ظهر غلاف الرواية، وبين المساحة التخييلية التي خصصت لقصة جنون ابن الهيثم وعلاقة هذه القصة بالحاكم بأمر الله. أما الأمر الثاني فإنه يخصّ الوقوف عند الوظيفة المنتظر أن تضطلع بها الرواية بوصفها فنا، وذلك إذا ما أراد من يكتبها أن ينخرط في التفاعل مع نقاش علمي أكاديمي حول قضية أو مسألة من المسائل الإشكالية، المطروحة في حقل معرفي آخر غير الأدب.

 إن تناولنا للأمر الأول يستند بالأساس إلى ما يمنحه المشتغلون في مجال النقد الأدبي من أهمية لعنوان النص الأدبي بالنسبة إلى المتلقي، ناقدا كان أم قارئا عاديا يبحث عن متعة في قراءة الأدب؛ فمن الأمور التي قد تجعل هذا الأخير، مثلا، على استعداد للتفاعل مع هذا النص، بالإضافة إلى سلطة الكاتب إن كان اسما معروفا، هو عنوانه؛ إذ يمكن لهذا الأخير أن يكون هو وحده من ”يمارس تأثير الغواية الأولى على القارئ، ويسوقه […] للدخول إلى مغامرة القراءة المحفوفة بالتوقع الواعد.“[3] لهذا، كان لمفهوم ”عتبة النص“ دور هام في تقدم الدراسات النقدية في الأدب المعاصر وفي وضع أسئلة تهم الإحاطة بعناصر تشكل النص الأدبي وبصيغ تلقيه؛ ومعلوم لدى هؤلاء المهتمين والدارسين أن اسم الناقد والمنظر للأدب الذي يتبادر إلى الذهن كمرجع عندما يدور الحديث حول هذا الأمر هو الناقد الفرنسي المعاصر جيرار جينيت (2018 Gérard Genette, d.). أما تناولنا للأمر الثاني، فيتعلق بما سبق أن مر بنا بخصوص كاتب الرواية، إن هو أراد أن ينخرط بروايته في نقاش علمي أكاديمي؛ وسبيلنا نحو هذا الأمر هو سؤال الوظيفة الأساس للنص الأدبي، هل يجوز لهذا الأخير أن يدعي جوابا حول مسألة مطروحة على طاولة نقاش علمي أكاديمي ويظل محتفظا بقوامه الأدبي والفني، أم أن المنتظر منه هو أن يتناول هذه القضية كما يقتضي منطق الفن والأدب، وهو منطق لا يدعي امتلاك أجوبة محددة حول مسألة مطروحة؟

1.   كثير من التاريخ، قليل من جنون ابن الهيثم

كما سبق الذكر، أصدر الروائي المصري يوسف زيدان رواية فردقان، اعتقال الشيخ الرئيس، والتي اتخذ فيها من قصة اعتقال الفيلسوف ابن سينا (ت. 428𞸤/1037م) التيمة الأساس. ولم تكد تمر سنوات قليلة على كتابة رواية حول اعتقال الشيخ الرئيس، حتى وجد القارئ والمهتم بأدب يوسف زيدان نفسه أمام عنوان روائي آخر، يندرج ضمن جنس الكتابة الروائية نفسه، والذي يقوم على كتابة رواية كتخييل بالأساس، انطلاقا من اتخاذ الأخبار المتاحة حول شخصية تاريخية مشهورة، مادة في بناء النص الروائي؛ إنها رواية حاكم، جنون ابن الهيثم.

إذا كان عنوان كل من العملين الروائيين، فردقان، اعتقال الشيخ الرئيس، وحاكم، جنون ابن الهيثم، جاء مركبا من عنوانين، العنوان الرئيس والعنوان الفرعي،[4] فإن عنونة العمل الروائي المخصص للشيخ الرئيس بهذا العنوان، لن يجعل قارئ هذا العمل يتساءل حول علاقة هذا العنوان بالمادة الروائية المكونة لهذه الرواية؛ وذلك بحكم المساحة التي حظي بها الموضوع المطروق في هذا النص الروائي، فردقان، اعتقال الشيخ الرئيس؛ ففردقان هي القلعة التي اعْتقلَ فيها الشيخ الرئيس؛ وهو اعتقال يمكن عده بمثابة حيلة لإخفاء الفيلسوف في هذه القلعة بعيدا عن همذان، حيث اضطربت الأحوال. هكذا، لا تطرح العلاقة بين العنوانين الرئيسي والفرعي والعلاقة بين هذين العنوانين ومحتوى الرواية أي لبس بالنسبة إلى من يمسك بين يديه هذه الرواية لقراءتها. أما فيما يخص رواية حاكم، جنون ابن الهيثم، فلا شك سيبدو لقارئها أن العلاقة بين العنوانين، الرئيسي والفرعي وبين المادة المكونة للرواية هي علاقة تفتقر إلى الانسجام والمناسبة، أي مناسبة عنوان الرواية، رئيسيا كان أو فرعيا، للمادة المكونة للرواية ولمحتواها. وقد يجوز التعبير عن هذا بالقول، إن القنطرة التي نعبرها بين العنوانين، الرئيسي، حاكم، والفرعي، جنون ابن الهيثم هي قنطرة تجعلنا نشعر أن الضفة الأخرى التي نعبر نحوها (العنوان الفرعي: جنون ابن الهيثم) لم تنل ما تستحقه من عناية على مستوى التخييل.[5] إننا نصف العلاقة بين العنوانين، الرئيسي والفرعي بهذا الوصف بسبب ما بدا لنا من قلة حضور جنون العالِم ابن الهيثم، نزيل مصر زمن حكم الفاطميين، والذي جاءها لغرض علمي، كما سنرى في موضعه وكما هو معروف بين الدارسين والمهتمين بالشخصية العلمية للرجل.

هكذا، فبالرغم من أن الحكاية التي أراد الروائي بناءها وتقديمها في قالب سردي على لسان سارد رئيسي، تتعلق بجنون العالم ابن الهيثم؛ وبالرغم من أن هذه الحكاية مرتبطة بالحاكم الفاطمي، منصور، أو ”الحاكم بأمر الله،“ فإن القارئ سيتساءل أثناء انتهائه من قراءة الرواية حول المساحة التخييلية المخصصة لحكاية جنون أشهر العلماء المسلمين في ميادين علمية دقيقة كالفلك والهندسة والمناظر والمساحة مقارنة بالتي أخذها سرد حكاية تَشَكُّل الدولة الفاطمية بمصر في سياق مرحلة دقيقة مرت بها حضارة المسلمين. وقد يقال، وما العيب في هذا، لما كان جنون ابن الهيثم مجرد عنوان فرعي؟[6]

 في اعتقادنا، كان لهذه الرواية أن تأتي في حلة تخييلية أعمق وأجمل لو أخذت فيها حكاية جنون العالم ما تستحقه تخييليا، وذلك لأن اتخاذ جزء من تاريخ مصر العريق مادة روائية أساسية ينهض عليها البناء الروائي الذي يقترحه علينا يوسف زيدان في هذه الرواية التي نحن بصددها، هو سبب قد يكون وراء غياب عنصر التشويق والمتعة لدى قارئ هذه الرواية؛ بل قد يسهم حتى في إصابته بالملل نظرا للتطويل في سرد بعض الأمور على حساب قصة جنون ابن الهيثم.

وعليه، فسواء كان القارئ من النوع الذي يبحث عن متعة أو لذة من المفترض أن مبدع هذا النص الأدبي سعى إلى تقاسمها مع هذا القارئ[7] أو كان قارئا، صاحب اهتمام بعلم ابن الهيثم وبشخصيته العلمية أو بتاريخ الأفكار العلمية بمصر أيام الفاطميين، فإنه لا بد أن يتساءل: ماذا أضاف خيال الروائي بخصوص جنون ابن الهيثم إلى ما هو وارد في كتب الطبقات التي اهتمت بحكاية جنون صاحب الشكوك على بطلميوس؟

 إن القارئ إذا أراد، مثلا، معرفة أشياء تهم تشكل الدولة الفاطمية بمصر، وكيف اعتلى الملقب بالحاكم بأمر الله العرش بهذا القطر ذي التاريخ العريق، فيكفيه أن يعود إلى كتب التاريخ وإلى ما كُتِب عن هذا الحاكم من طرف كتاب آخرين؛[8] إنما قصة جنون ابن الهيثم، فإنها تستحق أن تحظى بمساحة تخييلية أهم من هذه المساحة التي نجدها لها في الرواية التي وضعها بين أيدينا الروائي يوسف زيدان.

لماذا كان على الروائي أن يجهد نفسه ويستحث خياله للإبداع أكثر مما فعل كي يقدم لنا حكاية تستحق، فعلا، أن يُخصص لها عمل تخييلي، وهي حكاية جنون ابن الهيثم، عوض ما اعتمده من سرد مطول حول الحاكم بأمر الله، وحول حياة طالب وجد نفسه أمام مخطوطة، هي التي ستشكل الحجر الأساس في بناء الرواية بأكملها؟ قد يجيب مجيب، ويمكن أن نفترض أن هذا الأخير هو صاحب العمل الذي نقرأه هنا من زاوية خاصة بنا، بأن بناء الرواية حاكم، جنون ابن الهيثم، جاء بهذا الشكل بسبب ما فرضته الضرورة السردية؛ فقد كان لا بد من أن تكون نقطة الانطلاق هي الزمن الحاضر، انطلاقا من وضعية طالب يعيش في هذا الزمن ويريد استكمال دراسته في قسم التاريخ، وعبر إبداع هذه الشخصية يتم العبور إلى الزمن الماضي، إثر عثور هذه الشخصية على مخطوطة تحكي عن زمن نشوء الدولة الفاطمية بمصر وقدوم العالم ابن الهيثم، في فترة من حكم هذه الدولة، إلى المحروسة.

نعم، إن اللجوء إلى هذه الحيلة السردية أمر لا يمكن إلا استحسانه، ما دامت الرواية الحديثة قائمة، كفن، على إبداع تقنيات في السرد، لا يزال خيال كتاب الرواية لم يتعب في الابداع فيها؛ لكن يبقى استثمار مسألة جنون ابن الهيثم في التخييل دون ما ينتظره قارئ الرواية، خصوصا إن كان شغوفا بمعرفة أمور حول ابن الهيثم وشخصيته العلمية، والذي تتفاعل أمامه أسئلة وفرضيات كثيرة عندما يطلع على حكاية الجنون هذه في كتب الطبقات والتراجم. وقد كان على الروائي يوسف زيدان أن يجعل من كتابة هذه الرواية مناسبة لإطلاق العنان لخياله حتى يسافر بالقارئ بعيدا فيما يخص قضية جنون ابن الهيثم وحكايته مع الحاكم بأمر الله. وهذا ما لم ينتبه له الذكاء الأدبي للروائي يوسف زيدان وهو يكتب هذه الرواية لبناء تخييل يهم العلاقة بين جنون ابن الهيثم والحاكم بأمر الله. ولكي نضع القارئ أمام المشكل الذي تقدم الحديث عنه، سنذهب به إلى عالم هذه الرواية.

جاءت رواية حاكم، جنون ابن الهيثم في أربعة فصول، لكن دون تعيينها كفصول، إذ نقرأ فقط عنوانا جاء يحمل اسم شخصية من الشخوص الأساس التي عول عليها الروائي في بناء حكايته في الرواية؛ وهكذا جاء الفصل الأول يحمل عنوان ”راضي“، ويليه الفصل الثاني بالعنوان الآتي ”مطيع“، ثم الفصل الثالث الذي نجده يحمل عنوان ”حاكم“، ومنه اسْتُمِد العنوان الأصلي للرواية؛ ثم يليه الفصل الرابع الذي حمل عنوان ”الحكيم.“

 وبهذا يكون القارئ قد انتظر بما فيه الكفاية حتى يلتقي بشخصية ابن الهيثم، لكن بالقليل من جنونه، وهو ما يجعل العنوان الفرعي للرواية، ”جنون ابن الهيثم“ في غير انسجام مع المساحة التخييلية المخصصة لحكاية الجنون؛ أو قل إنه يشوش على تلقي القارئ لبناء الحكاية في الرواية. هكذا، فإلى حدود الصفحة 83 لم يرد اسم ابن الهيثم إلا مرتين، مرة في هذه الصفحة، وقبلها في الصفحة 75.

هذه هي المادة المكونة لبناء رواية حاكم، جنون ابن الهيثم؛ يعيش فيها القارئ مع أربع شخصيات أساسية، هي التي تولت مهمة بناء السرد في الرواية من طرف السارد الرئيس، وهو كاتب الرواية؛ وهذا يعني أن هذا الأخير تحرك في بناء روايته بوعي فني يحسب لصالحه فيما يخص هذه المسألة، ذلك لأنه عول على ما يُطلق عليه أصحاب النقد الأدبي المعاصر ”تقنية تعدد الأصوات في السرد.“[9] هكذا، نجد حبل السرد موصولا بين أربع شخصيات، مما سمح بنشأة نوع من الحوارية بينها، بدأت من شخصية راضي لتشمل مطيع والحاكم بأمر الله والحكيم ابن الهيثم، لكن الذي استحوذ على السرد كان هو مطيع.

 إن راضي هو الشاب الذي وجد نفسه عاطلا عن العمل بصعيد مصر، والذي بسبب ظروف استجدت بعد وفاة والدته، اضطر للسفر إلى القاهرة؛ ومن حسن الصدف أنه وجد نفسه يستكمل دراسته في قسم التاريخ بكلية الآداب بالمدينة نفسها. وفي سياق تناسل الحكايات انطلاقا من حكاية الشاب راضي، يلتقي القارئ بشخصيات أخرى لم يقل دورها في تحريك وبناء أحداث الرواية عامة وفي إضفاء نغم خاص على هذه الحوارية التي نُسجت بين الشخصيات الأربع؛ فبين هذه الأخيرة تحضر شخصية أمنية، التي أغرم بها راضي، وهي طالبة معه في الفصل؛ وتحضر شخصية الأستاذ سيد فؤاد الذي كان وراء إذكاء نار الحماسة في راضي ليكتشف مخطوطة مطيع، الذي هو أحد أسلاف راضي، والمنحدر بدوره، أي مطيع، من أسرة الفاتح عمرو بن العاص (ت. 43𞸤/664م)؛ إنه مطيع بن عرفة بن خلف. وحسب ما هو وارد في مخطوطة هذا الأخير، فإنه لازم شخصية ابن الهيثم منذ قدومه من الشام نحو مصر، زمن حكم الحاكم بأمر الله. ومطيع هذا يحضر في البناء الروائي بوصفه شخصية أساسية، حتى لا نقول مركزية؛ إذ المادة الروائية، تشكلت في جزء كبير منها، من المخطوطة التي عثر عليها الطالب راضي بتكليف من أستاذه فؤاد. وهذه المخطوطة، بجزأيها، هي التي شكلت الحجر الأساس في البناء السردي في الرواية؛ فانطلاقا منها تحضر الشخصيتان اللتان يفترض أن تكون هما الشخصيتان المركزيتان في الرواية، أي شخصية الحاكم بأمر الله وشخصية ابن الهيثم كما ينتظر المتلقي وهو يضع عينه على عتبة هذا النص الروائي.

 هكذا، ففي ثنايا الأخذ بزمام أمر السرد من طرف هذه الشخصيات التي أتينا على ذكرها، والتي عثرت عليها أو استدعتها شخصية تنتمي إلى الزمن الحاضر، شخصية الطالب راضي،[10] تحضر شخوص أخرى، كان لها دور في بناء أحداث الرواية، كشخصية والد منصور أو الحاكم بأمر الله، الخليفة ”العزيز بالله“ وشخصية ”ست الملك“ أخت الحاكم بأمر الله، وشخصية تمني، قريبة مطيع التي أغرم بها، واتخذها زوجة له.

خلال كل هذا، يجد قارئ الرواية نفسه يعيش في خضم أحداث تاريخية، غطت بالأساس فترة حكم الفاطميين لمصر، وهي فترة حكم الملقب بالحاكم بأمر الله، والذي كان مطيع، صاحب المخطوطة التي عثر عليها الطالب راضي، رفيق دراسة للحاكم، عندما كان هذا الأخير اسمه منصور، أي قبل أن يصبح خليفة ويحوز على لقب ”الحاكم بأمر الله.“ إنها أحداث يمتزج فيها الواقعي بالخيالي، كما يقتضي منطق التخييل الذي يجعل من الماضي التاريخي مادته الأساس. بيد أنه خلال كل هذا، لا بد للقارئ أن يتساءل بصدد نصيب جنون ابن الهيثم من كل ما تم اعتماده كمواد بناء التخييل في هذه الرواية. وعليه، يبرز السؤال في ذهن هذا القارئ: لماذا جَعْل حكاية الجنون هذه عنوانا فرعيا لهذه الرواية؟

قبل الوصول إلى الفصل الرابع، المعنون بالحكيم، والذي قصد به كاتب الرواية شخصية ابن الهيثم، يكون القارئ، خصوصا إذا كان في وضعية البحث في شخصية ابن الهيثم العلمية، ينتظر متى سيمسك ببداية خيط حكاية الجنون هذه.

نعم، إننا واعون بأن ما بين أيدينا هو نص تخييلي وليس بدراسة أو بحث في مشكلة علمية لدى ابن الهيثم أو في شخصيته العلمية؛ ورغم هذا، فقد كنا ننتظر أن نصبح أمام حكاية مصاغة صوغا فنيا غنيا ومشوقا، بدلا من الشح الذي هي عليه في كتاب القفطي (ت. 646𞸤/1248م)، إخبار العلماء بأخبار الحكماء، والتي نقلها عنه حرفيا صاحب كتاب عيون الأنباء في طبقات الأطباء، ابن أبي أصيبعة (ت. 668𞸤/1270م). والحق أن التخييل هو المنتظر أن يشبع جوع كل مهتم بعلم ابن الهيثم، أو كل باحث في منجزه العلمي بخصوص حكاية جنونه. وهذا المهتم أو الباحث في علم صاحب الشكوك على بطلميوس لا بد أن يندرج اهتمامه في إطار ضرورة إيلاء الأهمية للشخصية العلمية للرجل، وبدون هذا لن يتمكن من الإحاطة بحقيقة منجزه العلمي. ولما كانت حكاية جنون العالم هذه، جرت في سياق علمي، أضحى يُعرف عند الابستملوجيين المعاصرين بملابسات تشكل الأفكار العلمية، والتي يمثل التواجد مع أو أمام أو تحت مراقبة السلطة السياسية مظهرا من مظاهر هذه الملابسات،[11] فإنه، حتى إن تعلق الأمر بالتخييل وليس بالبحث في حقيقة الواقعة أو الحكاية، فقد كان الأمر سيفتح أمامنا بابا من الأبواب التي يمكن طرقها للظفر بفرضيات حول حكاية جنون العالِم، وعلاقة هذه الحكاية بفشله أو بعجزه عن تنفيذ الفكرة التي عرضها على الماسك بتلابيب السلطة الفاطمية في زمن حكم هذا التيار السياسي في مصر، نقصد الحاكم بأمر الله، والذي نعرف أن شخصيته أقرب إلى شخصية أسطورية منه إلى شخصية واقعية. نقول، إننا كنا سنظفر بفرضيات يبدعها الخيال استنادا إلى ما كان من الممكن أن يثمره خيال الروائي؛ والذي، للأسف، لم ينجح في السمو فنيا بحكاية جنون ابن الهيثم.

ورد في إخبار العلماء بأخبار الحكماء للقفطي ما يلي: ”وبلغ الحاكم صاحب مصر من العلويين، وكان يميل إلى الحكمة خبره [أي خبر ابن الهيثم] وما هو عليه من الإتقان لهذا الشأن [شأن علم الهندسة، وخصوصا الهندسة التطبيقية، أو علم الحيل] فتاقت نفسه إلى رؤيته. ثم نقل عنه أنه قال [أي ابن الهيثم] لو كنت بمصر لعملت في نيلها عملا يحصل به النفع في كل حالة من حالاته من زيادة ونقص، فقد بلغني أنه ينحدر من موضع عال، وهو في طرف الإقليم المصري. فازداد الحاكم إليه شوقا وسير إليه سرا جملة من مال وأرغبه في الحضور. فسافر نحو مصر، ولما وصلها خرج الحاكم للقائه، والتقيا بقرية على باب القاهرة المعزية تُعرف بالخندق وأمر بإنزاله وإكرامه. وأقام ريثما استراح وطالبه بما وعد به من أمر النيل، فسار ومعه جماعة من الصناع المتولين للعمارة ليستعين بهم على هندسته التي خطرت له. ولما سار إلى الإقليم بطوله ورأى آثار من تقدم من ساكنيه من الأمم الخالية، وهي على غاية من إحكام الصنعة وجودة الهندسة وما اشتملت عليه من أشكال سماوية ومثالات هندسية وتصوير معجز، تحقق أن الذي يقصده ليس بممكن، فإن من تقدمه لم يعزب عنهم علم ما علمه، ولو أمكن لفعلوا. لذا، انكسرت همته، ووقف خاطره، ووصل إلى الموضع المعروف بالجنادل قبلي مدينة أسوان، وهو موضع مرتفع، ينحدر منه ماء النيل، فعاينه وباشره واختبره من جانبيه، فوجد أمره لا يمشي على موافقة مراده، وتحقق الخطأ عما وعد به وعاد خجلا منخذلا، واعتذر بما قبل الحاكم ظاهره ووافقه عليه.[ثم] إن الحاكم ولاه بعض الدواوين، فتولاها رهبة لا رغبة، وتحقق الغلط في الولاية؛ فإن الحاكم كان كثير الاستحالة [متقلب المزاج] مريقا للدماء بغير سبب أو بأضعف سبب من خيال يتخيله، فأجال فكرته في أمر يتخلص به، فلم يجد طريقا إلى ذلك إلا إظهار الجنون والخبال، فاعتمد ذلك، وشاع فأحيط على موجوداته بيد الحاكم ونوابه، وجعل برسمه من يخدمه ويقوم بمصالحه، وقيد وترك في موضع من منزله؛ ولم يزل على ذلك إلى أن تحقق وفاة الحاكم. وبعد ذلك بيسير أظهر العقل، وعاد إلى ما كان عليه، وخرج من داره واستوطن قبة على باب الجامع الأزهر، أحد جوامع القاهرة، وأقام بها متمسكا متقنعا، وأعيد ماله من تحت يد الحاكم، واشتغل بالتصنيف والنسخ والإفادة. وكان له خط قاعد في غاية الصحة.“[12]

لقد آثرنا إيراد نص قصة جنون أو ادعاء الجنون كما نفهم من مضمون هذا الاقتباس، كاملا، وذلك لغرض إظهار أن هذه الحكاية التي رواها القفطي ونقلها عنه ابن أبي أصيبعة لاحقا[13] هي التي شكلت المادة الأساس لجزء فقير من مكونات البناء الروائي في رواية الأديب والدارس يوسف زيدان. ونقول جزءا فقيرا، لأنه، باستثناء تفاصيل قليلة وشحيحة،[14] لا يجد القارئ ما يمكن أن يشفي غليله بخصوص معرفة ما حصل لابن الهيثم في تجربة جنونه. وعندما نقول ”معرفة“ فنحن واعون، كما مر بنا، أننا بصدد نص تخييلي؛ أي أن المعرفة التي كنا ننتظرها ونحن نقرأ هذه الرواية،، هي المعرفة التي يتزود بها الخيال أثناء تلقيه لنص أدبي؛ وبهذا التزود قد يتحرك خياله نحو طرح أسئلة وبناء فرضيات.

ولعمري، إن وظيفة الفن عموما، والأدب خاصة، تتمثل أساسا في إبداع عوالم لا تكون في حسبان القارئ، وقد تصدم تفكيره؛ فلماذا فرض يوسف زيدان حدودا على خياله في ما يتصل بحكاية جنون ابن الهيثم؟ ما الذي منع خيال الروائي من أن يبدع قصصا أو حكايات موازية للحكاية الأصل التي استقاها من كتاب القفطي؟ ففي الوقت الذي تدعو فيه حكاية الجنون هذه إلى توسيع دائرة الخيال بتناولها روائيا، نجد الروائي قد تعامل معها كما يقتضي أي تناول غير فني؛ وفي الوقت الذي تعد فيه، فعلا، حكاية من شأنها أن تخصب خيال الروائي ويبني، بالاتكاء عليها، حكايات، لغرض أن توسع الأبواب أمام خيال المتلقي وعقله، نجد الروائي لم يسعفه خياله في هذا الأمر، أو ترك هذا الخيال في وضعية خمول وتعب، وجاءت النتيجة: إيراد نزر يسير حول حكاية كانت تستحق أكثر من هذه المساحة التخييلية التي مُنحت لها في هذا النص الروائي.

نعم، صحيح أن الروائي، أورد أن ابن الهيثم مر بتجربة مماثلة عندما كان بمسقط رأسه بالبصرة، أي أنه سبق أن عاش تجربة جنون أخرى، قبل هذه التجربة مع الحاكم بأمر الله بمصر. وقد كانت هذه فرصة تسمح بتوسيع دائرة السرد أكثر بخصوص حكاية الجنون هذه، عوض تضييقها بالاقتصار على الأخبار الواردة عند أصحاب الطبقات والتراجم. وصحيح كذلك، أننا نعثر في تخييل هذا النص الروائي على أمور تسلط الضوء على شخصية ابن الهيثم العلمية خاصة، من قبيل كثرة اعتزاله للناس، وانكبابه على القراءة والتصنيف، وبعض ما يميز شخصيته كإنسان، من قبيل إعراضه عن بعض مغريات الدنيا كالنساء والمال. إننا نعثر على هذه الأمور، لكننا لا نعثر إلا على نزر يسير بخصوص تجربة جنونه.

2.    التخييل أكثر من مجرد بحث ومعرفة

هناك أمور حاول التخييل في هذا العمل الروائي ليوسف زيدان أن يحيط بها في محاولة لرسم صورة للشخصية العلمية لابن الهيثم، وهي الشخصية التي تحتاج إلى مزيد من البحث والتنقيب وإلى أعمال أدبية تخييلية أخرى أو حتى درامية، وذلك حتى تأخذ هذه الشخصية العلمية البارزة في تاريخ العلم عامة وتاريخ العلم في سياقات المسلمين خاصة النصيب الذي تستحق، بحثا ودراسة وتخييلا. من مثل هذه الأمور ما نجده من استثمار لمقدمتين، هما على قدر كبير من الأهمية بالنسبة للذي يقرأ ويبحث في تاريخ الأفكار العلمية، ويتعلق الأمر بمقدمة كتاب الشكوك على بطلميوس، ومقدمة كتاب المناظر؛ وهما مقدمتان لهما هذه الأهمية بالنظر إلى ما ورد فيهما بخصوص تصور الحقيقة في العلم وكيفية بناء وتطور هذه الحقيقة. ولن نورد هنا المقدمتين، إذ يمكن للقارئ أن يعود إلى الكتابين المذكورين لابن الهيثم، كما يمكن له إذا كان من قراء ومحبي الأدب أن يعود إلى الرواية.[15]

 إنّ إيراد هاتين المقدمتين من هذين الكتابين الهامين في تاريخ العلوم ينطوي على غرض تعليمي تربوي هام؛ إذ أن قارئ هذه الرواية، قد تستوقفه هاتان المقدمتان، ويقرأهما بتمعن، وإن هو فعل، فلاشك سيستفيد أمورا كثيرة تهم البحث عن الحقيقة في العلم وأخلاقيات البحث في هذا الأخير. وقد جاء استثمارهما في هذا العمل الروائي أمرا محمودا نظرا للوظيفة التعليمية التربوية الذي يضطلع بها الأدب، إلى جانب وظائف أخرى.

لكن هناك أمرا يمكن أن يستوقف، فقط، الباحث في المنجز العلمي لابن الهيثم وفي شخصيته العلمية، ويتعلق الأمر بمسألة أثارت نقاشا، ولا تزال تثيره بين الدارسين والباحثين، وتتعلق بما إذا كان ابن الهيثم هو واحد أم هما اثنان؟ هكذا، ففي سياق السرد على لسان مطيع، صاحب المخطوطة التي شكلت المصدر الأساس من حيث استقاء المادة الروائية في بناء هذه الرواية، نقرأ في الفصل الأخير، المعنون بـ”الحكيم“ المخصص للحكي عن ابن الهيثم، والذي ورد فيه الشيء القليل عن جنونه كما مر بنا، ما يلي:

”رأيت في سوق الوراقين مجلدة فيها كتاب منسوب لابن الهيثم عنوانه مقالة في تقصير أبي علي الجبائي في نقضه بعض كتب ابن الراوندي، وملحق به رسالة بعنوان: جواب محمد بن الحسن عن مسألة سئل عنها ببغداد في شهور سنة ثماني عشرة وأربعمائة!

اشتريت من الوراق المجلدة وذهبت بها إلى ابن الهيثم، فوضعتها بين يديه وقلت له ممازحا: كيف يا سيدي كنت ببغداد قبل عامين، وأنت لم تفارق القاهرة؟ قال وهو يبتسم: ألا ترى اسم المؤلف المكتوب على الغلاف؟ هذا ابن عم لي يعيش بالعراق ويشتغل بالطبيعيات والطب، اسمه محمد بن الحسن، وأنا الحسن بن الهيثم.. وضحك وهو يقول: معظم الأسماء في عائلتي خلال الأجيال الأربعة السابقة، والجيل الحالي، إما الحسن أو الحسين أو محمد، فنحن نعيش هناك في ظل الأمراء البويهيين، وهم كما تعلم شيعة.“[16]

هكذا، سمح الروائي لنفسه، وهو أيضا دارس وباحث في الفلسفة والعلم وتاريخهما، أن يتدخل تخييليا في النقاش الدائر بين الباحثين والدارسين حول مسألة تتعلق بالسؤال: هل هناك ابن الهيثم واحد أم هناك اثنان، أحدهما عالم في الفلك والمناظر والعلوم الرياضية، والآخر فيلسوف ومهتم بشرح كتب أرسطو (384-322 ق م) في الطبيعيات والفلسفة؟ ويعلم الباحث في المنجز العلمي لابن الهيثم وفي شخصيته العلمية أن هذا النقاش ابتدأه كل من عبد الحميد صبره ورشدي راشد، ثم تردد صداه في دراسات وأبحاث لدارسين وباحثين آخرين. ولا نريد أن نثقل على القارئ بانخراطنا في ذكر تفاصيل هذا الخلاف والسجال بخصوص هذا المشكل.[17] ونرى أن يوسف زيدان لم يتفنن، للأسف، في استثمار هذا الخلاف، ويرتقي به، عبر ما يتيحه الفن من امكانات خيالية وجمالية، إلى مستوى آخر، يمكن أن يولد في ذهن القارئ أسئلة أو فرضيات تسمح له بفتح باب آخر للبحث في شخصية ابن الهيثم العلمية.

وإذا كان الأديب على علم بهذا النقاش، ويدعي أنه يمتلك جوابا، فقد كان عليه أن ينخرط في كتابة مقالة أو بحث يأتي فيه بهذه الأمور، لعلها تفتح أفقاً معرفيا آخر، قد يؤدي إلى حسم الأمر لصالح من يدافع عن دعوى وجود ابن الهيثم العالم وابن الهيثم الفيلسوف، وهو الدارس رشدي راشد ضدا على وجهات نظر تقول بأن حجج هذا الأخير، تبقى حتى الآن، غير كافية.[18] أما وقد اختار أن يكتب رواية، فقد كان عليه أن يضفي على هذا الخلاف بعدا آخر، يقتضيه منطق الفن، الذي يكاد يختلف، كلية، عن المنطق العقلي المعهود، القائم على الاستدلال والإتيان بالحجج.

كان عليه، ككاتب رواية، أن يحيط المسألة بمزيد من الغموض، الذي يشكل منبعا من منابع خلق الجمال؛ فالرواية، بصفتها فنّاً بالأساس حسب ما يعلمنا تاريخ النقد والتنظير الروائي، ليس المنتظر منها أن تتدخل لتجيب عن أسئلة، بل يبقى الفن، والرواية نوع من أنواعه، حسب الكثير من الفناين، مجالا يسمح بوضع أسئلة وفرضيات، ويكون مطلوبا من الفنان أن يوصلها إلى المتلقي ويورطه معه في أفقها.

نعم، صحيح أن الرواية قد تكون فضاء للنقاش،[19] لكن ليس النقاش الذي يستبق جوابا أو يدعي امتلاك أجوبة، بل النقاش الذي يفضي إلى أفق مليء بالأسئلة. وعليه، فمسألة هل هناك ابن الهيثم واحد أم اثنان، كان يمكن أن تُستثمر بغير هذه الطريقة التي جعلت المشكلة تُتَناول اعتمادا على مقاربة فنية، محال أن تفتح شهية القارئ المهتم بالشخصية ابن الهيثم العلمية، للتفكير في المشكلة والتزود بأسئلة جديدة.

على سبيل الختم

 سواء افترضنا أن المخطوطة التي عثر عليها الطالب راضي، والتي شكل العثور عليها بابا انفتح أمام بروز شخوص كل من مطيع وحاكم (الحاكم بأمر الله) والحكيم (ابن الهيثم) هي مخطوطة تتمتع بمنزلة أنطولوجية، أي موجودة كأوراق وقد يمكن أن تُتداول بين القراء، أو افترضنا أنها حيلة سردية، من إبداع خيال الروائي ووعيه بأهمية البحث عن أفق أرحب للتخييل، فإن السؤال الذي يتبادر إلى ذهن قارئ هذا العمل الروائي يهم إيراد عنوان فرعي لهذا العمل دون التفكير في ما إذا كان هذا الأمر مناسبا للمساحة المخصصة في العمل لمحتوى هذا العنوان؟

يمكن لقارئ الأدب، أن يستبعد أن تكون المخطوطة موجودة وجودا فعليا أو واقعيا، وذلك لاعتبارات، منها اللغة التي يحكي بها مطيع، ومنها أنه إذا كانت موجودة فعلا، فإن هناك سؤالا آخر يتبادر إلى ذهن القارئ وهو: ما حجم المجهود الذي بذله الروائي في توفير مادة لبناء روايته؟ وعليه، فإننا نرجح أن تكون هذه المخطوطة من إبداع خيال الروائي. لكن خيال هذا الأخير، وهو يبدع نص هذه الرواية، لم ينجح في اجتراح أفق أرحب لتقديم حكاية جنون العالم ابن الهيثم بصورة أخرى غير هذه الصورة، وهي الصورة التي جعلت هذه الحكاية تفقد الحرارة الروائية التي تمتعت بها، إلى حد ما، قبل الوصول إلى الفصل المخصص لحكاية جنون العالِم.

 أما شخصية مطيع التي استحوذت على رسم مسار السرد، مباشرة بعد أن توارت شخصية الطالب راضي، بحيث أصبح القارئ لا يدري شيئا عن مصير هذه الشخصية وعن مصير علاقة الحب التي كانت قد بدأت تنشأ بينه وبين الطالبة أمنية؛ فسواء اتخذناه شخصيةً تاريخية، من حفدة فاتح مصر عمرو بن العاص، أو اتخذناه شخصيةً من إبداع خيال الروائي، فإن هذا الأخير كان عليه أن يقلص من مساحة حضوره في البناء الروائي، ويفسح مجال التخييل أكثر أمام حكاية جنون ابن الهيثم وعلاقة هذه الحكاية بالحاكم بأمر الله، بما يمثله من سلطة، عجز العالم أن يقدم له خدمة كان في أمس الحاجة إليها ليتخذ حكمه لمصر منعطفا آخر؛ وكان بإمكانه أن يفعل باجتراح حيل سردية أخرى غير هذه التي جعلت حكاية جنون العالم تفقد الحرارة التي تحدثنا عنها قبل قليل.

أما عن إثارة مسألة هل هناك ابن الهيثم واحد أم اثنان، وتقديم هذه المشكلة بهذا الشكل الفقير خياليا، فإنه يظل محمودا أن يتفاعل روائي مع مشكلة تُناقش علميا وأكاديميا بين الدارسين والباحثين؛ لكن أن تظهر الرواية على أنها تقترح نفسها كانتصار لهذه الدعوى بدل تلك، فإن هذا الأمر ليس من اختصاص الرواية بوصفها فنا أدبيا، كما سبق أن قلنا؛ بل الأجدر أن تسلك الرواية طريقا أخرى، تؤدي إلى المتعة والتحفيز على وضع أسئلة جديدة، تجعل المتلقي، إذا كان شغوفا بشخصية ابن الهيثم العلمية، يشعر بأهمية المشكلة وبوجود مسالك أخرى لتناولها، تختلف عن المسالك المقترحة أكاديميا.

Bibliography

Ashahbūn, ʿAdd al-Mālik. “tashkīl ʿatabāt al-qiṣṣa al-qaṣīra jiddan, ʿatabat al-ʿunwān namūdhajan.” In jamāliyyāt khiṭāb al-ʿatabāt fī al-qiṣṣa al-qaṣra jiddan. Namadhij maghribiyyah. Tansiq ʿAlī ban Saʿūd, taqdīm Nuraddin Ḥīmar al-Ssufyānī. Fez : Manshūrāt Jamʿiyyat Masārāt li al-Ttanmiyyah wa al-Muwāna, 2019.

Abarkān, Muḥammad. “Falak Ibn al-Haytham, maqāla fī al-waḍʿiyyah al-rāhina li al-baḥth.” Muʾassasat al-baḥth fī al-falsafah wa al-ʿulūm fī al-ssiyyaqāt al-islāmiyyah, 2022 : https://philosmus.org/archives/3206.

al-Buʿazzātī, Bannāṣar. al-Istidlāl wa al-bināʾ, bath fī khaṣāʾiṣ al-maʿrifa al-ʿilmiyyah. Rabat-Casablanca : Dār al-Amān-al-Markaz al-Thaqāfī al-ʿArabī, 1999.

Dujin, Anne et Gefen Alaxander. “Makānat al-ʾadab bi ʿamaliyyat bināʾ adhdhāt al-fardiyyah wa al-ttaḥarrur wa al-ttarbiyyah al-muwāṭiniyyah,” Ḍiffa thālitha, 2022 : https://Diffah.alaraby.co.uk.

Ibnu Abī Uṣāybiʿa, Muwaffaq al-Dīn. ʿUyūn al-ʾanbāʾ fī ṭabaqāt al-ʾaṭibbāʾ. Edited by Bāsil ʿUyūn a-Sūd. Beirut : Dār al-Kutub al-ʾIlmiyyah, 1998.

al-Qifṭi, Jamāl al-Dīn. Ikhbār al-ʿulamāʾ bi ʾakhbār al-ḥukamāʾ. Edited by Ibrāhīm Shams al-Dīn. Beirut : Dār al-Kutub al-ʿilmiyyah, 2005.

Rashed, Roshdi. Les mathématiques infinitésimales du IX au XI siècle. Volume 2. London : Al-furqan Islamic Heritage Foundation, 1993.

____________. Les mathématiques infinitésimales. Volume 5. Appendice 1. London : Al-Furqan Islamic Heritage Foundation, 2006.

Sabra, Abdelhamid. “One Ibn al-Haytham or Two ?” Zeitschrift für Geschichte der arabischen- islamischen wissenschaften Band12, 1998.

________. “One Ibn al-Haytham or Two ?” Zeitschrift für Geschichte der arabischen- islamischen wissenschaften Band 15, 2002/03.

Zidān, Yūsuf. Ḥākim, junūn Ibn al-Haytham. Giza: Book Value, 2021.

___________. Fardaqān, iʿtiqāl al-Shaykh al-Raīs. Cairo: Dār al-Nashr Shurūq, 2018.

.

للتوثيق

أبركان، محمد. ”قصة ابن الهيثم مع الحاكم بأمر الله في رواية حاكم: جنون ابن الهيثم ليوسف زيدان.“ ضمن موقع الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية، الرابط <https://philosmus.org/archives/3631>

محمد أبركان

يعمل محمد أبركان أستاذًا للفلسفة وتاريخ الأفكار العلمية بجامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس، كلية الآداب والعلوم الإنسانية - ظهر المهراز، وذلك منذ سنة 2013. ناقش أطروحته للدكتوراه في موضوع المقالة في هيئة العالم للحسن بن الهيثم: دراسة وتحقيق، وذلك سنة 2011. نشر دراسات وترجم أخرى من الفرنسية إلى العربية، كما شارك في ندوات وطنية ودولية. من آخر منشوراته: ترجمةٌ مشتركةٌ مع يوسف العماري لكتاب پيير دوهيم، إنقاذ المظاهر: في مفهوم النظرية الفيزيائية من أفلاطون إلى جاليلي، مراجعة وتقديم عبد المجيد باعكريم، ط1 (طنجة: دار فاصلة للنشر 2020)؛ ”أخلاقيات الاعتراض في العلم عند النظار المسلمين: شكوك ابن الهيثم على بطلميوس نموذجًا“، مجلة المناهل،خريف/ شتاء 2020.

[1] أتوجه بالشكر إلى الأستاذين عبد الرحمان تمارة من الكلية المتعددة التخصصات بالرشيدية وفؤاد بن أحمد من مؤسسة دار الحديث الحسنية لتفضلهما بمراجعة هذه المقالة؛ أما ما سيبقى فيها من نواقص، فمسؤوليته تقع على عاتقي.

[2] صدرت رواية فردقان، اعتقال الشيخ الرئيس، في طبعتها الأولى سنة 2018 عن دار شروق، بالقاهرة؛ وصدرت الرواية التي نحن بصدد النظر فيها، حاكم، جنون ابن الهيثم سنة 2021 عن دار بوك فاليو بمصر، الجيزة.

[3] عبد المالك أشهبون، ”تشكيل عتبات القصة القصيرة جدا، عتبة العنوان أنموذجا،“ ضمن جماليات خطاب العتبات في القصة القصيرة جدا (نماذج مغربية)، تنسيق علي بنساعود، تقديم نور الدين حيمر السفياني (فاس: منشورات جمعية مسارات للتنمية والمواطنة، 2019)، 21.

[4] فردقان هو العنوان الرئيس بالنسبة للرواية التي كرسها الروائي لحكي قصة اعتقال الفيلسوف ابن سينا، واعتقال الشيخ الرئيس جاء كعنوان فرعي لها؛ وحاكم، هو العنوان الرئيس الذي وضعه يوسف زيدان لروايته التي حكى فيها شيئا عن ابن الهيثم، وجنون هذا الأخير جاء هو العنوان الفرعي للرواية قيد القراءة.

[5] جاءت الرواية في ما مجموعه 351 صفحة، والفصل المخصص للحكي عن ابن الهيثم، والذي اختار له يوسف زيدان كعنوان ”الحكيم“ فإنه يبدأ من الصفحة 239؛ أما الحكي عن جنون ابن الهيثم، الذي جعله صاحب الرواية هو العنوان الفرعي لروايته فلم ينل إلا القليل جدا من المساحة في هذا الفصل؛ وهذا نعده خللا في بناء الرواية من حيث هي فضاء للشخوص والأحداث وبسط رؤية للأشياء وللعالم، وكل هذا يجب أن يأتي في قالب فني جمالي من خلال اعتماد تقنيات تفي بهذا الغرض.

[6] في اعتقادنا، حتى وإن كان عنوانا فرعيا، فلا بد أن يُعثر على تجلياته في مجموع الرواية، ولا بد من تقليص المسافة بينه وبين العنوان الأصلي، ولا يجب على الضرورة الفنية، الجمالية أن تأتي على حساب ما يُنتظر من إيراد عنوان فرعي للرواية.

[7] معلوم لدى أصحاب النقد الأدبي أن من نحت هذا التعبير Le plaisir du texte ”لذة النص“ أو ”متعة النص“ هو الأديب والناقد رولان بارث (1980 Roland Barthes, d. (. وقد جاء أحد مؤلفاته النقدية الهامة حاملا لهذا العنوان، وكان لهذا المؤلف تأثير بالغ على تطور النقد الأدبي المعاصر.

[8] نشير، بهذا الصدد، إلى أن شخصية الحاكم بأمر الله وفترة حكمه، كانت قد عولجت روائيا من طرف الأديب المغربي بنسالم حميش، وذلك في نصه الروائي المعنون ب مجنون الحكم. وقد صدرت الطبعة الأولى منها سنة 1990 عن دار الشروق المصرية بالقاهرة.

 [9] إنها تقنية، أبرزها نقديا الناقد وفيلسوف اللغة ميخائيل باختين (5197M. Bakhtine, d. ).

[10] يُفتتح الفصل الأول، الذي أخذ عنوان شخصية راضي، بعصر يوم الأربعاء، أكتوبر 2018.

[11] للاطلاع على بعض ما يتعلق بهذه الملابسات، يمكن للقارئ أن يعود إلى ما أورده بناصر البعزاتي في كتابه الاستدلال والبناء، بحث في خصائص العقلية العلمية. وهكذا سيجد القارئ بأن الدارس البعزاتي يتحفظ على بعض الأمور الخاصة بربط تشكل الأفكار العلمية بالسلطة السياسية، لأن العلم في نظره بناء تتدخل فيه عدة عناصر ومكونات دون أن يفقد خاصيته الاستدلالية. انظر: الاستدلال والبناء. بحث في خصائص العقلية العلمية (الرباط-الدار البيضاء: دار الأمان-المركز الثقافي العربي، 1999)، 378–384.

[12] القفطي، إخبار العلماء بأخبار الحكماء، علق عليه ووضع حواشيه إبراهيم شمس الدين (بيروت: دار الكتب العلمية، 2005)، 128–129. هذا ونشير إلى أننا تصرفنا شيئا ما في هذا الاقتباس، وذلك لما وجدناه من صعوبة قراءته كما هو وارد في هذه النشرة غير المحققة؛ لكن تصرفنا اقتصر فقط على علامات الترقيم وعلى شرح بعض التعابير أو المفردات.

 [13] ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، ضبطه وصححه ووضع فهارسه، محمد باسل عيون السود (بيروت: دار الكتب العلمية، 1998)، 505–506.

[14] إنها تفاصيل تهم ملازمة مطيع، صاحب المخطوطة التي عثر عليها راضي، لابن الهيثم وحضوره أثناء استقبال هذا الأخير، وذلك باقتراح من الحاكم بأمر الله، الذي يعتبر مطيع بمثابة أخ له، بعدما كان رفيق دراسة وصديقا له، كما تهم وصفا شحيحا لهيئة ولشخصية ابن الهيثم، كونه ”رجل عجيب الخلقة، قصير نحيل، ضئيل الحجم، لكن عينيه الواسعتين تشعان بذكاء يلمع مثل الشمس في وسط النهار، وعلى شفتيه ابتسامة محيرة لا يدري رائيها إن كانت انبهارا أم استهانة أم رضا أم عدم اقتناع،“ يوسف زيدان، حاكم. جنون ابن الهيثم، 258.

[15] المقدمة من كتاب الشكوك وردت في الصفحتين 298–299، والمقدمة من كتاب المناظر وردت في الصفحتين 337–338. هذا ونشير إلى أن الكتابين الشكوك على بطلميوس والمناظر تم تحقيقهما؛ فبالنسبة للأول فهو محقق من طرف عبد الحميد صبره ونبيل الشهابي (القاهرة: مطبعة دار الكتب المصرية، 1971)، وبالنسبة لكتاب المناظر فقد تم تحقيق مقالاته الأولى والثانية والثالثة من طرف عبد الحميد صبره (الكويت: المجلس الوطني للثقافة والفنون والآداب، 1983)، والمقالتان الرابعة والخامسة حققهما نفس الدارس وتولت نفس الجهة إصدارهما سنة 2002. هذا في حين أن المقالتين السادسة والسابعة فلم يتم تحقيقهما بعد. وقد أخرج محمد أبركان، بهذا الخصوص، جزءا من المقالة السابعة، حيث حقق صدر المقالة والفصل الثاني منها. انظر: محمد أبركان، ”كتاب المناظر لابن الهيثم: صدر المقالة السابعة والفصل الثاني منها،“ مجلة الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية، عدد مزدوج، العددان الأول والثاني (1443𞸤/2022م): 277–324.

[16] يوسف زيدان، حاكم، جنون ابن الهيثم، 342–343.

[17] ومع ذلك، يمكن أن نحيل القارئ إلى بعض المواضع التي أثير فيها هذا النقاش. انظر:

Roshdi, Rashed, Les mathématiques infinitésimales du IX au XI siècle, volume 2 (London : Al-furqan Islamic Heritage Foundation, 1993), 8–18.

Roshdi, Rashed, Les mathématiques infinitésimales, volume 5, Appendice1 (London : Al-Furqan Islamic Heritage Foundation, 2006), 881–894.

  1. I. Sabra, “One Ibn al-Haytham or Two ?” (Zeitschrift für Geschichte der arabischen- islamischen wissenschaften Band12, 1998), 1–51.
  2. I. sabra, “One Ibn al-Haytham or Two ?” Conclusion (Zeitschrift für Geschichte der arabischen- islamischen wissenschaften Band 15, 2002/03), 94–108.

[18] لقد سبق أن ناقشنا هذا الأمر في بحث خاص، بحيث أشرنا في سياق تناولنا للمشكلة الرئيسة في هذا البحث، إلى الدراسات التي تقر بعدم كفاية حجج رشدي راشد بخصوص دعواه التي تقضي بوجود ابن الهيثم آخر غير العالم، صاحب الشكوك على بطلميوس و كتاب المناظر ونصوص علمية أخرى؛ ويتعلق الأمر بفيلسوف يحمل نفس الاسم. أنظر: محمد أبركان، ”فلك ابن الهيثم، مقالة في الوضعية الراهنة للبحث،“ موقع مؤسسة البحث في الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية، (10-4-2022)، الرابط: https://philosmus.org/archives/3206.

[19] بخصوص هل الرواية يمكن أن تكون فضاء للنقاش، يمكن العودة إلى ما ترجمه وقدم له مؤخرا إدريس الخضرواي للمقال الافتتاحي الذي كان قد كتبه الناقدان آن دوجين و ألكسندر جيفين لمؤلف هذا الأخير La littérature est une affaire politique. انظر: آن دوجين وألكسندر جيفين، ”مكانة الأدب بعمليات بناء الذات الفردية والتحرر والتربية المواطنية،“ ترجمة وتقديم إدريس الخضراوي، ضفة ثالثة (1/9/2022)، الرابط: https://Diffah.alaraby.co.uk.

مقالات ذات صلة

قراءة نقديّة: موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي (557هـ-629هـ). ما بعد الطبيعة. قدم له وحققه يونس أجعون. بيروت: دار الكتب العلمية، 2017.

قراءة نقديّة: موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي (557هـ-629هـ). ما بعد الطبيعة. قدم له وحققه يونس أجعون. بيروت: دار الكتب العلمية، 2017.

Muwaffaq al-Dīn ʿAbd al-Laṭīf Ibn Yūsuf al-Baghdādī (557-629). Mā ba ʿda al-ṭabī ʿah [Metaphysics]. Edited by Yūnus Ajʿūn. Beirut: Dār al-Kutub al-ʿIlmīyah, 2017. ISBN: 978-2-7451-8878-6 Fouad Ben AhmedQarawiyyin University-Rabatموفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي...

عن ابن رشد وما لا نعرف عنه: في الرد على حسن أوريد ومن معه

عن ابن رشد وما لا نعرف عنه: في الرد على حسن أوريد ومن معه

عن ابن رشد وما لا نعرف عنهفي الرد على حسن أوريد ومن معه فؤاد بن أحمدجامعة القرويين، الرباط تقديم اجتهد العربُ المحدثون في ترجمة المفردتين revue وjournal بمفردة ”المجلة،“ بعد أن نقلوا هذه من معناها القديم، وهو ”كتاب يحتوي على أشياء جليلة من الحكم وغيرها.“[1] لكنهم...

الأخلاقيات الغائية عند فخر الدين الرازي لأيمن شحادة: مراجعة نقدية للترجمة العربية

الأخلاقيات الغائية عند فخر الدين الرازي لأيمن شحادة: مراجعة نقدية للترجمة العربية

The Teleological Ethics of Fakhr al-Dīn al-Rāzī by Ayman Shehadeh. Translated by Majdūlīn al-Nuhaybī. Rabat-Beirut: Mominoun Without Borders, 2020. Al-Akhlāqiyāt al-ghāʾiyya ʿinda Fakhr al-Dīn al-Rāzī Li Ayman Shihadeh. Translated by Majdūlīn al-Nuhaybī. Rabat-Beirut:...

نصّان في الأشعريّة التقليديّة: إشكالُ القيمة والأبعادُ الفيلولوجيّة والمعرفيّة

نصّان في الأشعريّة التقليديّة: إشكالُ القيمة والأبعادُ الفيلولوجيّة والمعرفيّة

نصّان في الأشعَريّة التّقلِيديّة:إشْكَال القِيمَة والأبعادُ الفِيلولوجِية والمعرِفيّة Naṣṣani fī al-Ashʿariyya al-taqlīdiyya:Ishkāl al-qīma wa-l-abʿād al-fīlūlūjiyya wa-l-maʿrifiyya محمد الرّاضي[1]جامعة عبد الملك السعدي-تطوان ملخص تميزت نصوص المتكلمين المتقدمين في...

الفكر العلمي والثقافة الإسلامية لبناصر البعزّاتي

الفكر العلمي والثقافة الإسلامية لبناصر البعزّاتي

مقدمة  يظهر أن استئناس الدارس المغربي بناصر البعزّاتي بالمسائل العلمية والتاريخية التي يثيرها الفكر العلمي والفلسفي المعاصر قد مكنه من مقاربة الثقافة الإسلامية العالمة بترسانة من المفاهيم والآليات والأدوات، فجاءت قراءته لمكونات هذه الثقافة موازية لـقراءته لتاريخ...

مصير العلوم العقلية في الغرب الإسلامي ما بعد ابن رشد

مصير العلوم العقلية في الغرب الإسلامي ما بعد ابن رشد

ملخص بعد النقد العنيف الذي وجهه الغزالي للفلاسفة، حصل تعديل في المسار العام للفلسفة في المشرق الإسلامي، وغَلَبَ نوع من التأليف الذي يمزج بين الكلام والفلسفة؛ أما في الغرب الإسلامي، فقد ازدهر القول الفلسفي بعد التهافت، لكن بعد موت ابن رشد، لن نشهد فلاسفة موسوعيين كبار،...

كتاب النصيحتين الطبية والحكمية لعبد اللطيف البغدادي: قراءة نقدية في نشرتين

كتاب النصيحتين الطبية والحكمية لعبد اللطيف البغدادي: قراءة نقدية في نشرتين

كتاب النصيحتين الطبية والحكمية لعبد اللطيف البغدادي: قراءة نقدية في نشرتين فؤاد بن أحمد[1] جامعة القرويين   تمهيد ولد الفيلسوف والطبيب والمؤرخ والرحالة موفق الدين أبو محمد عبد اللطيف بن أبي العز يوسف البغدادي، المشهور بابن اللّباد، في بغداد العام 557هـ/1162م، وتوفي...

عن تمثيلات واستعارات ابن رشد

عن تمثيلات واستعارات ابن رشد

قراءة نقدية في كتاب فؤاد بن أحمد، تمثيلات واستعارات ابن رشد: من منطق البرهان إلى منطق الخطابة. بيروت-الرباط-الجزائر: منشورات ضفاف-دار الأمان-منشورات الاختلاف، 2012.  محمد الولي[1] كلية الآداب والعلوم الإنسانية/ سايس - فاس 1. حول المعنى الحرفي. حينما نتوخى التعبير عن...

الفكر اليوناني والثقافة العربية لديمتري گوتاس: قراءة نقدية في الترجمة العربية

الفكر اليوناني والثقافة العربية لديمتري گوتاس: قراءة نقدية في الترجمة العربية

ملخص صدر كتاب ديمتري گوتاس، الفكر اليوناني والثقافة العربية: حركة الترجمة اليونانية العربية في بغداد وفي المجتمع العباسي المبكر (القرن الثاني-الرابع للهجرة/القرن الثامن-العاشر للميلاد)، عام 1998. وقد صار اليوم من المراجع الكلاسيكية في الموضوع. وقد انتبه الدارسون مبكرا...

مشاركة / Share
error: Content is protected !!