قراءة نقديّة: موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي (557هـ-629هـ). ما بعد الطبيعة. قدم له وحققه يونس أجعون. بيروت: دار الكتب العلمية، 2017.
Muwaffaq al-Dīn ʿAbd al-Laṭīf Ibn Yūsuf al-Baghdādī (557-629). Mā ba ʿda al-ṭabī ʿah [Metaphysics]. Edited by Yūnus Ajʿūn. Beirut: Dār al-Kutub al-ʿIlmīyah, 2017. ISBN: 978-2-7451-8878-6
Fouad Ben Ahmed
Qarawiyyin University-Rabat
موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي (557هـ-629هـ). ما بعد الطبيعة. قدم له وحققه يونس أجعون. بيروت: دار الكتب العلمية، 2017.
فؤاد بن أحمد
جامعة القرويين-الرباط
رغم أن الفيلسوف والطبيب موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي (ت.629هـ/1231م) موضوع دراسات علمية منذ ما يقرب من القرن، فإن أعماله لم تحقق كاملة بعدُ. لذلك، فإن كل نص يُنشر نشرة علمية لهذا الفيلسوف والطبيب يكون ذا فائدة كبرى لملف الفلسفة في سياقات المسلمين بعد أبي حامد الغزالي (ت.505هـ/1111م).
وفي الواقع، فإن أهمية عبد اللطيف البغدادي بالنسبة للمنشغلين بملف هذه الفلسفة ابتداءً من القرن الحادي عشر للميلاد لم تعد خافية. ومع ذلك يمكن أن نجمل وجوه هذه الأهمية في العناصر الآتية:
من شأن النصوص الفلسفية والعلمية التي تظهر هنا وهناك لهذا الفيلسوف أو ذاك أن تدعمَ الاتجاه البحثي الجديد في تقويم صورة لطالما هيمنت على عقول الناس، صورة عالم إسلامي ماتت فيه الفلسفة جراء الضربة القاضية التي وجهها إليها الغزالي. فوفقا لهذه الصورة التقليدية، يكون العالم الإسلامي قد أدار ظهره للعلم اليوناني جرّاء تأليف كتاب تهافت الفلاسفة، حيث كُفّر الفلاسفة وانتشر خبر التكفير بين الناس. وبفعل هذا وغيره دخل العالم الإسلامي في حالة جمود فكري وعلمي لم يستفق منها إلا بفضل جيوش ناپليون بوناپارت (ت.1821). لذلك، فإن ظهور هذا النص لموفق الدين عبد اللطيف البغدادي بموازاة نصوص أخرى منطقية وفلسفية وكلامية وعلمية (من فلك وبصريات وغيرهما) كثيرة، من شأنه أن يُسقط تلك الصورة القاتمة عن عالم إسلامي ضاق صدره بالقول الفلسفي، و”انتصر فيه القرآن على الفكر الحر.“[1]
ويمكن أن نضيف عاملا آخر، لا يقل أهمية، أسهم كثيرا في اهتمام الدارسين بالبغدادي؛ فنصوص هذا الأخير تمثل شاهدا هاما في ملف الأفلاطونية المحدثة في سياقات المسلمين. فبالنظر إلى ما تضمنته نصوص البغدادي من نقول من پْرُقْليس (ت.465م) ومن أثولوجيا المنحول لأرسطو (ت.322 ق.م) تغدو نصوصه في ذات نفع كبير في استقصاء وجوه تلقي المسلمين لهذه النصوص.
ومع ما سبق يمكن أن نقول إن لنصوص البغدادي الفلسفية قيمةً ذاتية، بالنظر إلى ما تمثله في سيرة هذا الفيلسوف، الذي حمل هم إصلاح صناعتي الفلسفة والطب في زمنه، جرّاء ما حصل من انحرافات ومن أشكال الخلط بين الصنائع عند المتكلمين والفقهاء بسبب تيار السينوية تحديدا.[2]
وعليه، ففي هذا الإطار العام نقرأ عملية إخراج نص ما بعد الطبيعة للبغدادي، وفي ضوئه تبرز أهميته.
صدر العمل عام 2017؛ وهو في أصله جزء ثانٍ من رسالة تقدم بها يونس أجعون لنيل الماجستير بقسم الفلسفة من كلية العلوم-جامعة القاهرة.[3] وليست نشرة ما بعد الطبيعة بالعمل المعزول في السيرة العلمية لصاحبها، فقد واصل اشتغاله على نصوص البغدادي. وفي هذا السياق جاءت نشرته المشتركة مع نظيرة فدواش وفؤاد بن أحمد للجزء الأول من الأعمال الفلسفية الكاملة للبغدادي.[4]
وكما هو معروف اليوم، لا يوجد نص البغدادي في علم ما بعد الطبيعة إلا في نسختين خطيتين: مخطوطة استانبول-خزانة السليمانية، جار الله 1279، 140ظ–187ظ، ومخطوطة القاهرة-دار الكتب، تيمور حكمة 117، 16–178.
يتكون نص البغدادي في ما بعد الطبيعة من أربعة وعشرين فصلا. ولم يسبق أن طبع كاملا من قبل؛ لكن سبق لفصول منه أن نُشرت وترجمت.
فقد تقدم عبد الرحمن بدوي إلى نشر خمسة فصول منه (20-24) عام 1955: الفصل العشرون ضمن عمله الأفلاطونية المحدثة عند العرب،[5] والفصول من 21 إلى 24 منه ضمن كتابه أفلوطين عند العرب.[6] ونشرت أنگليكا نوڤيرت أربعة فصول منه مصحوبة بترجمة ألمانية عام 1976؛[7] ثم نشرت الفصل الأول عام 1978.[8]
وفي تزامن مع ظهور عمل أجعون، أي عام 2017، وباستقلال عنه، أعادت سيسيليا مارتيني نشر الفصل العشرين من نص البغدادي، الذي يحمل عنوان: ”في ما قال الحكيم في كتاب إيضاح الخير“، ملحقا بدراسة لها.[9] وتجدر الإشارة إلى أن عبد الرحمن بدوي قد اعتمد في نشرته تلك على النسخة الخطية التيمورية، بينما اعتمدت نوڤيرت على النسختين (التيمورية والسليمانية)، وكذلك فعلت مارتيني. وعلى الرغم من ذلك، فالظاهر أن نشرة بدوي تظل الأفضل لأسباب كثيرة، بعضها أشار إليه أجعون في تقديمه.[10]
أما بخصوص ترجمات نصوص البغدادي إلى اللغات الأوربية، فقد نشر عامَ 1965 فرانز روزنتال (ت.2003م) ترجمةً إلى الألمانية للفصل الثامن عشر من كتاب علم ما بعد الطبيعة للبغدادي—والذي يحمل عنوان ”في العناية الأزلية“—ضمن عمله Das Fortleben der Antike im Islam.[11] وتُرجم هذا الفصل ضمن مجموع الكتاب إلى الإنجليزية عام 1975.[12] وعام 1984، ترجم ريتشارد تايلور الفصل العشرين من الكتاب نفسه، اعتمادا على نشرة بدوي.[13]
أما النشرة التي أنجزها أجعون فتظل أول نشرة كاملة لكتاب علم ما بعد الطبيعة للبغدادي. وقد بذل الباحث جهدا حميدا في إخراج نشرته وتزويدها بالجهاز النقدي اللازم، موثقا نقول البغدادي من مصادرها في كثير من الأحيان، وخاتما بفهارس عامة للأعلام والكتب والفرق وغيرها. وعلى الرغم من أن مقدمة النشرة قد كتبت على عجل، بالنظر إلى ما شابها من هنات لغوية وغيرها، فإنها تظل مفيدة. فقد تضمنت تعريفا بالمؤلف وأعماله ومنزلة الكتاب المحقق ضمن هذه الأعمال، وقولا في مصادر المؤلف المباشرة، ووصفا للمخطوطتين المعتمدتين؛ وهي كلها أمور مُعِينة في قراءة العمل واستعماله.
وعموما، يلعب نشر المخطوطات دورا حاسما في المجالات العلمية التي ما يزال موضوعها في طور البناء؛ وهذا حال البحث في تاريخ الفلسفة في السياقات الإسلامية؛ ذلك أن نشر مخطوط قد يحسم في صراع بين قراءات، أو قد يرجح إحداها على حساب أخرى؛ وقد يصحح أحكاما قديمة، ويقيد بعضها، كما قد يؤكد غيرها… ومن هذه الجهة أيضا، فإن إخراج نص مخطوط لا يكون دونما إطار نظري وإبستملوجي موجِّه؛ يؤدي فيه هذا النص دور الشواهد والدعامات المادية للفرضيات أو الدعاوى. وفي هذا يقول أجعون: ”هذا الكتاب البالغ الأهمية ينشر لأول مرة، وهو يؤكد مرة أخرى، على بقاء الدرس الفلسفي بل وازدهاره في شرق العالم الإسلامي بين القرنين السادس والسابع الهجريين، وتحديدا بعد وفاة الإمام أبي حامد الغزالي (ت.505هـ[/1111م]).“[14] وهكذا يضع الباحث نصَّ البغدادي منذ البداية في إطار واحدة من الإشكاليات التاريخية الكبرى التي تحكمت في الكتابات حول مصير الفلسفة في السياقات الإسلامية، أعني إشكالية موت الفلسفة ونهايتها. وقد أشرنا إلى هذا في البداية.
أكثر من ذلك، يقدم أجعون كتاب ما بعد الطبيعة للبغدادي من حيث هو ”كتاب فلسفي خالص (أي أن فلسفته ليست قائمة على أسس لاهوتية).“[15] لهذا، فإن الأمر لا يتعلق فقط ببقاء الدرس الفلسفي واستمراره في سياقات المسلمين، وإنما أيضا بطبيعة هذا الدرس وبالانتماء المذهبي لأصحابه. يقول أجعون: ”وقد سُقت هذا الكلام ردّا على من يؤيد أطروحة قضاء الغزالي على الفلسفة في المشرق العربي، وبين أوساط المسلمين السنة على وجه الخصوص.“[16]
ولا يمد أجعون قارئه بتفاصيل كافية للوقوف على أصول هذا الزعم الذي جعل من العرب المسلمين السنة عاجزين عن التفلسف؛ وأن من تفلسف من هؤلاء قد كان إما من أصول غير عربية أو من غير المسلمين. وبعبارة أخرى، لا يسعف قارئه بأي شيء بخصوص أصحاب هذه الدعوى، لكنه في المقابل يقول عن مضمونها:
”إن أبا البركات البغدادي وفخر الدين الرازي وسيف الدين الآمدي ونصير الدين الطوسي وابن كمونة اليهودي، كل هؤلاء الذين جاؤوا بعد الغزالي إنما مارسوا تفلسفهم—على زعم أولئك—من خلف ستار البحث العقدي أو الاختلاف الديني أو القومي؛ فأبو البركات كان مسيحيا [كذا، والصواب يهوديا] وابن كمونة بقي يهوديا على الأرجح، والفخر والنصير ومن جاء بعدهمـ[ا] كانوا عجما، والسيف الآمدي وغيره من متكلمي الإسلام إنما كان بحثهم متلبسا عباءة علم الأصول بالقصد الأول، وحينئذ اضطروا بالقصد الثاني أو بالعرض إلى النبش في قبر الفلسفة التي قبرها من قبل حجة الإسلام.“[17]
فيظهر أن الحكم الذي يحاول أجعون أن يراجعه، ويُقدم ضدّه كتابَ البغدادي، هو أن الفلسفة في سياقات المسلمين قد انتهت بعد زمن الغزالي، وأن الاهتمام بهذه الصناعة قد صار منحصرا في غير العرب، مثل فخر الدين الرازي (ت.606هـ/1210م) ونصير الدين الطوسي (ت.672هـ/1274م)، أو في غير المسلمين، مثل أبي البركات البغدادي (ت.560هـ/1165م) وابن كمونة (ت.683هـ/1284م)، أو فيمن رغب في الفلسفة حفظا لنسقه الكلامي، مثل الآمدي والرازي؛ والحال أن ”هذا الكتاب دليل قاطع في القضاء على هذا الرأي الفاسد.“[18]
هكذا يظهر أن رهانين كبيرين يطمح أجعون إلى كسبهما بنشره نص البغدادي: أولهما إثبات أن العرب قد واصلوا التفلسف بعد أبي حامد الغزالي؛ وهذا ضد من يدعي أن غالبية المتفلسفين بعد هذا الأخير كانوا عجمًا. وأما الرهان الثاني، فهو البرهنة على أن موفق الدين قد تفلسف، مع أنه ”مسلم سني شافعي وذو انتماء عربي.“[19] وهذا ضد من يزعم أن الشيعة وحدهم من استطاع استئناف النظر الفلسفي في سياقات المسلمين.
وفي الواقع، لست أدري إلى أي حد ما يزال الزعم بأن العرب لا يمكن أن يتفلسفوا جديرا بالمناقشة. فإذا كانت هذه الأطروحة ”العرقية“ قد ازدهرت في القرن التاسع عشر، خاصة مع المؤرخ واللغوي الفرنسي إرنست رينان (1892Ernest Renan, d. )، وكان الدارسون قد استأنسوا بالحديث عن الأصول الفارسية والتركية لكثير من الفلاسفة المسلمين، فإن ثمة اتفاقا عاما على أن أغلب الكتابات الفلسفية والعلمية قد كُتبت ونشرت بالعربية، بغض النظر عن انتماء أصحابها. أما الزعم بأن السنة لم يتمكنوا من مواصلة التفلسف في مقابل ازدهاره في الأوساط الشيعية، فالظاهر أن هذه الدعوى تبقى متأخرة زمانا قياسا إلى سابقتها، هذا إذا اعتبرنا أن من صاغها بوضوح هو عالم الإيرانيات الفرنسي هنري كوربان (Henry Corbin, d. 1978).
وصحيح أيضا أن تلك الأسماء الواردة أعلاه كلها دليل على تعاطي المسلمين للفلسفة من خلفيات ومواقع متعددة، لكن جمعهم دون تفصيل يظل أمرا قابلا للنقاش؛ إذ على الرغم من أن بعضا من تلك الأسماء يجمعها الانتماء الديني والعقدي، فإن الذي يفرقها، وهو الصناعة الفلسفية، أقوى ربما مما يجمعها. وهكذا، فإن البغداديين، أبا البركات وموفق الدين، يظلان فيلسوفين وإن كانا ينتميان إلى دينين مختلفين. وفي المقابل، فإن فخر الدين الرازي وسيف الدين الآمدي (ت.631هـ/1233م)، وعلى الرغم من كل الاختلافات التي بينهما، يظلان متكلمين أشعريين، وما يجمعهما أكثر مما يفرقهما؛ نعم تعاطيا للتفلسف في صيغته السينوية تحديدا وحصرا، وشرحا نصوص ابن سينا، كما انتقد الثاني منهما الأول؛[20] لكنهما يظلان محسوبين على النسق الكلامي الأشعري. لذلك، على الرغم من كل التأثير الذي مارسته الفلسفة السينوية عليهما، فإن حفظ النسق العقدي الأشعري يظل، عندهما، الهدف الأول والأخير. ولكن يمكن القول من زاوية أخرى، إنه على الرغم من الخصومة الفكرية التي كانت بين الرازي والآمدي، فإنهما معا يمثلان الأشعرية المتأخرة، وقد التبست بالفلسفة السينوية؛ وهما معا يدلان، من الزاوية ذاتها، على أن خصومة الأشاعرة مع الفلاسفة لم تتمكن من القضاء على الفلسفة، بل، عكس ذلك، تدل على نجاح الأشعرية في أن تطور نفسها عن طريق إدماج مقدمات فلسفية في نسق أصحابها، وهو ما صار معروفا بـ”الكلام الفلسفي“ أو بكلام المتأخرين. ولهذا أيضا، فإن موقع الرازي والآمدي من التفلسف يظل مختلفا جدا عن موقع البغداديَيْن.
الأمر الآخر الذي نود أن نثيره بخصوص عمل أجعون يتعلق بالعنوان الذي اختاره لكتاب البغدادي. فقد أعطاه، كما هو معلوم من الغلاف، عنوان: ما بعد الطبيعة. وهذا العنوان يحتاج منا وقفة قصيرة. كان تيمور باشا، مفهرس المجموع حيث يوجد نص البغدادي، قد عنونه بـ: كتاب في علم ما بعد الطبيعة للشيخ عبد اللطيف ابن يوسف.[21] أما في مخطوطة السليمانية (جار الله 1279)، فَيَرد في حرد متن الكتاب العنوان الآتي: ”كتاب ما بعد الطبيعة، تصنيف الشيخ العالم الفاهم الفيلسوف المدرك المحصل عبد اللطيف بن يوسف.“[22] وتكرر هذا العنوان، أي كتاب ما بعد الطبيعة مرتين: في بداية النص وفي نهايته (السليمانية: 140و، 178و). أما الطبيب والمؤرخ ابن أبي أصيبعة (ت.686هـ/1270م) الذي يقدّم قائمة بأعمال البغدادي في عيون الأنباء في طبقات الأطباء، فيورد ضمنها عملا بعنوان ”مختصر فيما بعد الطبيعة“[23]. لكن أجعون يعتبر أن مفردة ”مختصر“ الواردة في كلام ابن أبي أصيبعة لا تفيد جنس الكتابة المعروفة بالمختصرات وإنما تفيد وصفا فقط. يقول في هذا المعنى: و”لعل كلمة مختصر ما هي إلا وصف أطلقه ابن أبي أصيبعة على ما قام به البغدادي من تلخيص للقسم الخاص بالإلهيات من كتابه الضخم الجامع الكبير،[24] أو من كتاب آخر مبسوط في نفس الموضوع، وهو علم ما بعد الطبيعة.“[25] وفي المقابل، يقول أجعون إنه سيقتصر على ما هو مثبت في مخطوطة السليمانية (جار الله 1279)، معتمدًا إياه عنوانا للكتاب؛ فجاء عنوان الكتاب كما يلي: ما بعد الطبيعة.
غير أن ما يوجد في السليمانية هو كتاب ما بعد الطبيعة، وليس ما بعد الطبيعة عاريا عن مفردة ”كتاب“؛ ومعلوم أن القدماء قد درجوا على استعمال مفردة ”كتاب“ ضمن عناوين أعمالهم. ويظهر أن أجعون، في مقترح عنوانه المذكور، قد سار على نهج عبد الرحمن بدوي، الذي اختار ما بعد الطبيعة عنوانا للكتاب ونشر منه بعض الفصول؛[26] وإن كان بدوي لم يستقر على عنوان واحد؛ ذلك أنه استعمل في موضع آخر عبارة في ما بعد الطبيعة عنوانا للكتاب.[27] هذا، ويجدر بنا التنبيه إلى أن كثيرًا من الدارسين الذين شغلوا بملف موفق الدين عبد اللطيف البغدادي، ومنهم پول كراوس وريتشارد تايلر ومارون عواد وسيسيليا مارتيني، يستعملون العنوان الآتي: كتاب في علم ما بعد الطبيعة.[28]
والحال أن عبارة البغدادي مفصحة عن غرضه، إذْ يقول: ”غرضي كتابا في علم ما بعد الطبيعة يكون متوسطا بين المبسوط والمختصر،[29] لأني كنت قد صنفت من قديم كتابًا في ذلك فجاء مبسوطا، وكررت فيه المعاني تكريرا طويلا يكاد أن يمله القارئ فيه.“[30] فالقصد إذًا هو تأليف كتاب، لا هو بالمبسوط والمفصل ولا بالمختصر الجامع، وإنما يقع بينهما. لذا، يبدو لنا أن العنوان الأقرب إلى هوية الكتاب وغرضه هو تلخيص علم ما بعد الطبيعة، أعني تلخيصا لهذا العلم بحسب ما يتصوره البغدادي مذهبَ أرسطو ومدرستِه. وبطبيعة الحال، فإن كتاب موفق الدين ليس تلخيصا لكتاب ما بعد الطبيعة لأرسطو وإنما هو تلخيص للمقالات التي ألفت في علم الطبيعة، بما في ذلك مقالات أرسطو نفسه، بالإضافة إلى شراحه وغيرهم. ولا فرق عند صاحبنا بين أن يكون العمل لأرسطو أو لپروقلس أو للإسكندر الأفروديسي (ت. منتصف القرن الثالث للميلاد) أو لثامسطيوس (ت.388م)، ولم يكن البغدادي ليميز بينهم وبين مقالاتهم. فهؤلاء كلهم يمثلون عنده رأي ”الحكيم“ أو الفلسفة المشائية المهددة من قبل ابن سينا (ت.428هـ/1037م). لهذا، فإن الغرض من التأليف عند البغدادي هو تلخيص مقالات الفلاسفة المشائين في ما بعد الطبيعة. وينسجم هذا مع ما يقول الناسخ: ”ثم ذكر أنه ما دعاه لتصنيف هذا الكتاب إلا كونه وجد لابن سينا تصانيف مخالفة لرأي المشائين، فأراد أن ينبه طالبي العلم بأنهم لا يغتروا بتآليفه.“[31] وأجعون يدرك أن ”البغدادي كان يلخص [مقالات أرسطو وغيره] بتوسع لا ينقل النص بحروفه؛“[32] وقبله بدوي كان قد قدّم كتاب صاحبنا بوصفه ”تلخيصا.“[33]
والمعلوم عند الدارسين أن النصين العربيين المنسوبين إلى الإسكندر الأفروديسي، أعني العناية وفي التدبيرات الفلكية هما في الأصل نص واحد، لكنهما في العربية صارا منفصلين. فإذا كان النص الأول من ترجمة متى بن يونس (ت.328هـ/939م)، فإن النص الثاني يصعب أن يسمى ترجمة؛ وإنما هو اختصار بالعربية، إن جاز التعبير، لنص العناية من قبل حلَقَة الكندي (ت.265هـ/873م). والنصان معا من مصادر البغدادي في عمله هذا، حيث نقل تقريبا مجموعهما في الفصول 17 و18 و19.
وبالمناسبة، كانت الدارسة سيسيليا مارتيني وضعت جدولا مفصلا للمصادر التي اعتمدها البغدادي في عمله. وقد أحصت منها مقالات ما بعد الطبيعة لأرسطو وكتابي السماء والعالم بشروح الإسكندر وثامسطيوس، وطيماوس لأفلاطون (ت.347 ق.م.)، فضلا عن مقالات الإسكندر في مبادئ الكل وفي التدبيرات الفلكية وفي العناية، وكتاب الإيضاح في الخير المحض وعناصر الثيولوجيا لبروقلس وأثولوجيا المنحول لأرسطو ومسائل الإسكندر.[34]
والجدير بالملاحظة هنا أمران اثنان: أولهما أن أجعون قد اعتمد على جدول سيسليا مارتيني، حيث يقول: ”رأيت أن أنقل هنا جدولا مفيدا جدا أوردته […] سيسيليا بوناديو في آخر كتابها […] والفائدة من هذا الجدول هو اعتباره بمثابة خريطة طريق لقراءة كتابنا هذا، وبالتالي التفريق بين ما هو رأي خالص للمؤلف وبين ما هو لغيره من الفلاسفة الذين اعتمد على مؤلفاتهم أو نقل آراءهم. ولقد اقتصرتُ فيه على نقل محتوياته من اللغة الإنجليزية إلى اللغة العربية، وأضفت بعض الهوامش لنقاط تحتاج إلى مزيد بيان.“[35] وأما الأمر الثاني، فهو أن سيسيليا مارتيني لم تحص في جدولها مقالة الإسكندر الأفروديسي في الاستطاعة ضمن مصادر البغدادي؛[36] والحال أننا نجدها مضافةً في جدول أجعون، الذي يفترض أن يكون تعريبا لجدول مارتيني فحسب، دون تفصيل في هذا الأمر الهام الذي ذهلت عنه هذه الأخيرة.[37] وبالفعل، عند المقارنة بين الفصل 19 من عمل البغدادي ومقالة الإسكندر في الاستطاعة، يظهر بوضوح أن الأول قد نقل جزءا من هذه المقالة ملخصًا إياه في بعض المواضع.
ومما يجدر بنا، أيضا، ذكره أن النسختين الخطيتين اللتين استعملهما أجعون في نشرته ليستا بالجودة المرجوة؛ فالأخطاء ووجوه البتر فيهما كثيرة، على الرغم من وضوح الخط فيهما معًا. والظاهر أن تطابق الأخطاء فيهما، في حالات كثيرة، يوحي بأن إحداهما (تيمور حكمة 117) نُقلت عن الأخرى (السليمانية، جار الله 1279)، أو إنهما معا نُقلتا عن أصل أو نسخة أخرى. ولهذا، لا تسعف المقارنة كثيرا في إصلاح مواطن الغموض في النسختين. ولقد بذل أجعون جهدا في إصلاح أخطائهما وتجاوز هناتهما من أجل إخراج نص سليم. ولأجل هذا كان يتدخل بين الفينة والأخرى لاقتراح قراءته الخاصة للمخطوط؛ خاصة وأن منهجيته في التحقيق ”لم تكن عملية […] آلية تقتصر على إثبات إحدى النسختين، وإنما هي أقرب إلى رؤية تفسيرية للمحقق بغية إيصال المعنى الذي قصده المؤلف في نسخته هو.“[38] وهذا لعمري أمر يحسب لهذه النشرة في الحقيقة.
غير أنه من المفيد أن نلفت الانتباه إلى ورود ما نعتبره هنات شابت عمليات قراءة المخطوط أو التدخل للتصحيح.
فالعبارة التي تقول: ”ونبين كيف عنايته بعوالمه، وكيف وقع الشر في بعضها، وما حقيقة الشر، وماذا حدث.“ (ص37) شابها خطأ في القراءة، والصواب اعتمادا على النص المخطوط هو: ”ونبين كيف عنايته بعوالمه، وكيف وقع الشر في بعضها، وما حقيقة الشر، ومماذا حدث.“ (السليمانية: 140و؛ تيمور: 17).
وقد يحصل لأجعون أن يصحح الصواب أحيانا أو أن يفوت فرصة تصويب الأخطاء. مثال ذلك ما حصل في الصفحة 69 من النشرة، نقرأ: ”وهذه الأسماء [الأسماء المستعملة في ما بعد الطبيعة] إنما هي مقولة مما عند الجمهور، ولا تقال مما هي على جهة المجاز والاستعارة؛ لأن ذلك وضع ثان.“ والحال أنه بالعودة إلى النسختين نجد ما يلي: ”وهذه الأسماء إنما هي منقولة مما عند الجمهور، ولا ينقل مما على جهة المجاز والاستعارة، لأن ذلك وضع ثان.“ (السليمانية: 145و) والصواب هو ما يوجد في النسختين؛ وهذه العبارة معروفة.
مثال آخر للتدخل المجانب للصواب أننا نقرأ في النسختين معا العبارة الآتية: ”أحصى الحكيم في هذا الكتاب من المقولات ثمانيا.“ (السليمانية: 146ظ) ويصححها أجعون بما يلي: ”أحصى الحكيم في هذا الكتاب من المقولات ثمانية.“ (أجعون: 78) فالتصحيح لا يستقيم لغويا، كما هو معلوم.
ومثال ثالث أننا نجد في المخطوطين اسم ”أرديمس“ (تيمور: 130) أو ”أرديميس“ (السليمانية: 172ظ). فيحذف أجعون هذا الاسم ويعوضه بـ”أُمِروس“، (أو الأحرى ”أوميرس“) اعتمادا على قراءة هانس-يوخن رولان لمقالة الإسكندر الأفروديسي في التدبيرات الفلكية،[39] التي ينقل منها البغدادي (أجعون: 236، هـ3). أكثر من ذلك، إن أجعون، بعد أن تبنى اسم ”أُمِروس“، يدون في الهامش ما يفيد أنه يدرك أن ”الكلام ليس لأوميروس،“ ويَحتملُ أن يكون الكلام ليوربيدس؛ وهذا أمر مستغرب. (انظر أجعون: 236–237، هـ4). ومادام الأمر هكذا، فلسنا نفهم السبب وراء حذف ”أرديمس“ أو ”أرديميس“ القريبتين في الرسم من ”أوريبدس“Euripides ، وتعويضهما بـ”أُمِروس“، فقط لأن رولان تبنى هذه القراءة. والجدير بالذكر أن پيار تياه Pierre Thillet كان قد اقترح ما نراه الأقرب إلى الصواب، وهو أن يكون الكلام لـ”أوريبدس“ Euripides في مأساته فاتون Phaethon.[40]
ومثال رابع ما نجده في الصفحة 83، حيث نقرأ: ”وأنواع المقولات ترتقي إلى الواحد <في> الأجناس علوا، وأسبقها كلها في العلم وأوثقها في الوجود هو مقولة الجوهر، ثم الكم والكيف والزمان؛ الباقية نسبًا للجوهر إلى ما هو خارج عنه.“ والحقيقة أن هناك بترا ما في هذه الجملة كما وردت في النسختين الخطيتين (السليمانية: 147ظ؛ تيمور: 24)؛ وقد أصلح أجعون مفردة ”مقولات“ غير أن بقية الإصلاحات كانت مجانبة للصواب في تقديرنا. وهكذا، فبدلا من حرف الجر الذي أُضيف لتستقيم القراءة، أعني ”<في>“، كان الأَوْلى إضافة اسم تفضيل، ”<أكثر>“؛ وبدلا من ”نسبًا“ كان الأحرى إبقاؤها على حالها وقراءتها على أنها ”نِسبٌ“؛ فتكون المقولات الباقية إضافات لما هو خارج عن الجوهر (الأعراض) إلى الجوهر. والجملة كاملةً، وفق قراءتنا، يمكن أن تكون كما يلي: ”وأنواع المقولات ترتقي إلى الواحد. <أكثر> الأجناس علوا وأسبقها كلها في العلم وأوثقها في الوجود هو مقولة الجوهر. ثم الكم والكيف والزمان [و] الباقية نسبٌ للجوهر إلى ما هو خارج عنه.“
وعلى الرغم من أن أجعون يتدخل كثيرًا في نشرته لتصويب أخطاء في النسختين، فإننا نراه في بعض الأحيان يحيد عن منهجه، فيحجم عن التدخل ويتراجع ليترك النص كما ورد فيهما معا. من ذلك، مثلا، ما يرد في الصفحة 41 من نشرته، حيث نقرأ: ”فلذلك صار أخلص العلوم بأن يسمى حكمة؛“ وفعلا فإن مفردة ”أخلص“ قد وردت بهذه الصيغة في النسختين (انظر، السليمانية: 141و؛ تيمور: 19)، وقد أبقاها صاحب النشرة على حالها. والذي نقترحه هو ما يلي: ”فلذلك صار أخلق العلوم بأن يسمى حكمة.“
ومثال ثان ما ورد في الصفحة 70: ”فأما قائد العسكر وسائس المدينة فمبدأ سعادتهم واجتماع كلمتهم، ولكنه مبدأ منفصل.“ والجملة قد وردت هكذا في النسختين الخطيتين، وهي بهذه الصيغة لا معنى لها، لأن البغدادي يتحدث عن اجتماع كلمة حاكم المدينة وقائد العسكر بوصفه مبدأ سعادتهما، فهو مبدأ منفصل عما هو مبدأ له. لذلك، فالصواب في تقديرنا أن نكتب: ”فأما قائد العسكر وسائس المدينة فمبدأ سعادتهم اجتماعُ كلمتهم، ولكنه مبدأ منفصل.“ (السليمانية: 145و) لقد كان حذف واو العطف كافيا لتصبح عبارة البغدادي ذات معنى.
مثال ثالث ما ورد في الصفحة 73: ”ونَسْبُ التغير إلى الهيولى توسعا.“ في هذه الحالة الجملة تكون ناقصة أو غير سليمة لغويا. والصواب في تقديرنا هو: ”وننسب التغير إلى الهيولى توسّعًا.“ (السليمانية: 145ظ) لكن أجعون فضل أن يبقيها كما هي.
والمثال الرابع ما ورد في الصفحة 98: ”ولما كان هذا المشار إليه ليس في موضوع، هو الذي تحمل عليه جميع المقولات، وهو مستغن في قواه عنها، وهي مفتقرة في قواها ووجودها إليه.“ لا معنى لمفردة ”قواها“ هنا، إذ المقصود هو ”القوام“؛ لكن النص يُتْركُ كما هو هنا، ويُكتفى بتسجيل الملاحظة الآتية: ”كذا في النسختين، ولعل صوابها: وهو مستغن في قوامه[ا] عنها، وهي مفتقرة في قوامها ووجودها إليه.“ (أجعون: 98، هـ4). والحال أن الأقرب إلى الصواب تماشيا مع منهجية أجعون في التحقيق هو أن يثبت التصحيح في المتن.
ومثال آخر ما ورد في الصفحة 240، حيث نقرأ: ”لأنها لم تقوى أن تبقيها.“ وفي الواقع، بهذه الصيغة ترد العبارة في النسختين الخطيتين، والخطأ بيّن فيهما؛ والصواب هو ”لأنها لم تقو أن تبقيها“.
ختاما، إن كان لهذه الملاحظات الطفيفة —والتي لا ترقى إلى أن تكون قراءة شاملة للنص—من فائدة، فهي أنها سعت إلى أن تظهر قيمة هذه النشرة وتقف على بعض حدودها، تحفيزا لصاحبها على إعداد نشرة ثانية أجود وأروح؛ وإلا فإن الدّارسين اليوم قد صار بوسعهم أن يستعملوا نشرة علمية مفيدة في مجملها. نجح يونس أجعون في إنجاز عمل تردّد الدارسون عقودًا في القيام به، بعد أن عُرف بفضل پول كراوس، أول الأمر، في بداية الأربعينيات من القرن العشرين.
Bibliography
al-Baghdādī, Muwaffaq al-Dīn ʿAbd al-Laṭīf ibn Yūsuf (557h-629h). Mā baʿda al-ṭabīʿah. Qaddama la-hu wa-ḥaqqaqahu Yūnus Ajʿūn. Beirut: Dār al-Kutub al-ʿIlmīyyah, 2017.
—— al-Aʿmāl al-falsafīyyah al-kāmilah. Volume I. Edited by Naẓīra Fadwāsh wa-Yūnus Ajʿūn wa-Fuʾād b. Aḥmad. Rabat-Alger-Beirut: Dār al-Amān-Manshūrāt al-Ikhtlāf-Manshūrāt Ḍifāf, 2018.
Alexandre d’Aphrodise. Traité de la Providence. Περί προνοίας. Version arabe de Abū Bišr Mattä Ibn Yūnus. Introduction, édition et traduction de Pierre Thillet. Lagrasse : Éditions Verdier, 2003.
Aouad, Maroun. “Théologie d’Aristote et autres textes du Plotinus Arabus.” In Dictionnaire des Philosophes Antiques, édité par Richard Goulet, 541–90. Volume I. Paris : CNRS, 1989.
Badawī, ʿAbd al-Raḥmān (ed.). Aflūṭīn ʿinda al-ʿArab. Nuṣūṣ ḥaqqaqahā wa-qaddama lahā ʿAbd al-Raḥmān Badawī. Cairo: Maktabat al-Nahḍah al-Miṣrīyah, 1955.
—— (ed.). al-Aflāṭūnīyyah al-muḥdathah ʿinda al-ʿArab. Nuṣūṣ ḥaqqaqahā wa-qaddama la-hā ʿAbd al-Raḥmān Badawī. Cairo: Maktabat al-Nahḍah al-Miṣrīyah, 1955.
Ben Aḥmad, Fuʾād. “Fī munāhaḍat Ibn Sīnā wa as-sīnawiyya: ʿAbd al-Laṭīf al-Baghdādī wa iṣlāḥ al-falsafa fī al-qarn atthālith ʿashar al-mīlādī.” Hespéris-Tamuda 54 (1. 2019): 129–164.
——. “Mawt al-falsafa fī al-siyāqāt al-Islāmiyyah (1): Fī naqd al-istishrāq.” E-Journal Philosophy and Sciences in Muslim Contexts (2021): <https://philosmus.org/archives/2392>. (In Arabic with and Abstract in English).
Hassan, Laura. Ash‘arism Encounters Avicennism Sayf al-Dīn al-Āmidī on Creation. Piscataway, NJ: Gorgias Press, 2020.
Ibn Wāṣil, Jamāl al-Dīn. Mufarrij al-Kurūb fī Akhbār Banī Ayyūb. Edited by Ḥasanīn Muḥammad Rabīʿ and Jamāl al-Dīn al-Shayyāl. Volume V. Cairo: Dār al-Kutub wa-al-Wathāʾiq al-Qawmiyyat, 1977.
Khalīfah, Ḥājjī. Kashf al-ẓunūn ʿan asāmī al-kutub wa-al-funūn. Edited by Muḥammad Sharaf al-Dīn Yaltkaya wa Rifat Bilge Kilisi. Volume I. Beirut: Dār Iḥyāʾ al-Turāth al-ʿArabī, 1941.
Kraus, Paul. “Plotin chez les Arabes. Remarques sur un nouveau fragment de la paraphrase des Ennéades.” Bulletin de l’Institut d’Egypte 23 (1940–41): 263–295.
Martini, Cecilia Bonadeo. “The First ‘Proclean’ Section (Chapter 20) of ʿAbd al-Laṭīf al-Baġdādī’s Book on the Science of Metaphysics. Is the Pure Good of the Maḥḍ al-ḫayr Aristotle’s First Principle, Intellect in Actuality?.” Oriens 45 (2017): 259–305.
——. ʿAbd al-Laṭīf al-Baġdādī’s Philosophical Journey. From Aristotle’s Metaphysics to the ‘Metaphysical Science’. Leiden-Boston: Brill, 2013.
Neuwirth, Angelika. ‘Abd al Latif al-Baghdadi’s Bearbeitung von Buch Lambda der aristotelischen Metaphysik. Wiesbaden: Franz Steiner Verlag GMBH, 1976.
——. “Neue Materialen zur Arabischen Tradition der beiden ersten Metaphysik-Bücher.” Die Welt des Islams 18 (1–2, 1977–78): 84–100.
Renan, Ernest. Averroès et l’averroïsme. Essai historique. 4ème édition revue et augmentée. Paris : Calmann Lévy, 1882.
Rosenthal, Franz. Das Fortleben der Antike im Islam. Zürich: Artemis Verlags, 1965.
——. The Classical Heritage in Islam. Translated from the German by Emile and Jenny Marmorstein. New York-London: Routledge & Kegan Paul Ltd., 1975.
Ruland, Hans-Jochen. Die arabischen Fassungen von zwei Schriften des Alexanders von Aphrodisias. Über die Vorsehung und Über das liberum Arbitrium. Diss. Saarbrucken, 1976.
Savage-Smith, E. S. Swain, G.J. van Gelder (eds). A Literary History of Medicine. Leiden: Brill, 2020. <https://shorturl.at/sGMU8>
Taylor, Richard. “ʿAbd al Latif al-Baghdadi’s Epitome of the Kalam fi Mahd al- Khayr (Liber de Causis).” In Islamic Theology and Philosophy: Studies in Honor of George F. Hourani, edited by Michael E. Marmura, 286–323. Albany, Ny: State University of New York Press, 1984.
للتوثيق
بن أحمد، فؤاد. ”قراءة نقديّة: عبد اللطيف بن يوسف البغدادي (557-629هـ). ما بعد الطبيعة. قدم له وحققه يونس أجعون. بيروت: دار الكتب العلمية، 2017“ ضمن موقع الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية، الرابط <https://philosmus.org/archives/3739>
فؤاد بن أحمد
[1] وتقول عبارة رينان:
“Quand Averroès mourut, en 1198, la philosophie arabe perdit en lui son dernier représentant, et le triomphe du Coran sur la libre pensée fut assuré pour au moins six cents ans.” Ernest Renan, Averroès et l’averroïsme. Essai historique, 4ème édition revue et augmentée (Paris: Calmann Lévy, 1882), 2. بالنسبة إلى رينان، كانت حملة نابليون على مصر عام 1798 فرصة العالم العربي لاستعادة الفكر النقدي الحر بعد أن قضى ستة قرون في التخلف. وانظر تفاصيل إضافية في: فؤاد بن أحمد، ”موت الفلسفة في السياقات الإسلامية. 1: في نقد الاستشراق،“ مجلة الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية، <https://philosmus.org/archives/2392>.
[2] عن هذا الموضوع، انظر: فؤاد بن أحمد، ”في مناهضة ابن سينا والسينوية: عبد اللطيف البغدادي وإصلاح الفلسفة في القرن الثالث عشر الميلادي،“ هسبريس-تمودا 54 (1، 2019): 129–164.
[3] انظر يونس أجعون، ”مقدمة المحقق،“ ضمن موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي (557هـ-629هـ)، ما بعد الطبيعة، قدم له وحققه ي. أجعون (بيروت: دار الكتب العلمية، 2017)، 6.
[4] انظر: موفق الدين عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، الأعمال الفلسفية الكاملة، الجزء الأول، تحقيق وتقديم وفهرسة نظيرة فدواش ويونس أجعون وفؤاد بن أحمد (الرباط-الجزائر-بيروت: دار الأمان-منشورات الاختلاف-منشورات ضفاف، 2018).
[5] الأفلاطونية المحدثة عند العرب، نصوص حققها وقدم لها عبد الرحمن بدوي (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1955)، 248–265.
[6] أفلوطين عند العرب، نصوص حققها وقدم لها عبد الرحمن بدوي (القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1955)، 199–240.
[7] Angelika Neuwirth, ‘Abd al Latif al-Baghdadi’s Bearbeitung von Buch Lambda der aristotelischen Metaphysik (Wiesbaden: Franz Steiner Verlag GMBH, 1976).
[8] Angelika Neuwirth, “Neue Materialen zur Arabischen Tradition der beiden ersten Metaphysik-Bücher,” Die Welt des Islams, 18 (1–2, 1977–78): 84–100.
[9] Cecilia Martini Bonadeo, “The First ‘Proclean’ Section (Chapter 20) of ʿAbd al-Laṭīf al-Baġdādī’s Book on the Science of Metaphysics. Is the Pure Good of the Maḥḍ al-ḫayr Aristotle’s First Principle, Intellect in Actuality?,” Oriens 45 (2017): 259–305.
[10] انظر أجعون، ”مقدمة المحقق،“ 22.
[11] Franz Rosenthal, Das Fortleben der Antike im Islam (Zürich: Artemis Verlags, 1965).
[12] Franz Rosenthal, The Classical in Islam, Translated from the German by Emile and Jenny Marmorstein (New York-London: Routledge & Kegan Paul Ltd., 1975).
[13] Richard Taylor, “ʿAbd al Latif al-Baghdadi’s Epitome of the Kalam fi Mahd al- Khayr (Liber de Causis),” In Islamic Theology and Philosophy: Studies in Honor of George F. Hourani, ed. Michael E. Marmura (Albany, NY: State University of New York Press, 1984), 286–323.
[14] أجعون، ”مقدمة المحقق،“ 5.
[15] أجعون، ”مقدمة المحقق،“ 5.
[16] أجعون، ”مقدمة المحقق،“ 5.
[17] أجعون، ”مقدمة المحقق،“ 5.
[18] أجعون، ”مقدمة المحقق،“ 5.
[19] أجعون، ”مقدمة المحقق،“ 5.
[20] يقول جمال الدين ابن واصل (ت.697هـ/1298م): ”وكان يغري بالرد على فخر الدين ابن الخطيب الرازي، ويتتبع كلامه وإفساده. […] ويبالغ في ثلبه والوقيعة فيه.“ ابن واصل، مفرج الكروب في أخبار بني أيوب، حققه ووضع حواشيه حسنين محمد ربيع وجمال الدين الشيال (القاهرة: دار الكتب والوثائق القومية-القاهرة: وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1953-1977)، ج. 5: 36. وانظر أيضا:
Laura Hassan, Ash‘arism encounters Avicennism Sayf al-Dīn al-Āmidī on Creation (Piscataway, NJ: Gorgias Press, 2020), 12.
[21] مخطوطة القاهرة دار الكتب، تيمور حكمة 117، 16.
[22] مخطوطة استانبول خزانة السليمانية، جار الله 1279، 140و.
[23] ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، 696. نقلا عن أجعون، ”مقدمة المحقق،“ 9.
[24] ”الكتاب الجامع الكبير في المنطق والعلم الطبيعي والعلم الإلهي؛ وهو زهاء عشرة مجلدات التام تصنيفه في نحو نيف وعشرين سنة.“ انظر ابن أبي أصيبعة، عيون الأنباء في طبقات الأطباء، 9. 40.15، ضمن
- Savage-Smith, S. Swain, G.J. van Gelder eds., A Literary History of Medicine (Leiden: Brill, 2020), 9.40.15<https://shorturl.at/sGMU8>
[25] أجعون، ”مقدمة المحقق،“ 9.
[26] بدوي، أفلوطين عند العرب، (61)؛ وانظر أيضا فهرس المواد، 198.
[27] بدوي، الأفلاطونية المحدثة، الصفحة الثانية من فهرس المواد، 248.
[28] Cf. Paul Kraus, “Plotin chez les Arabes. Remarques sur un nouveau fragment de la paraphrase des Ennéades,” Bulletin de l’Institut d’Egypte 23 (1940–41) : 279, n. 2 ; Taylor, “ʿAbd al Latif al-Baghdadi’s Epitome,” 236, 238; Maroun Aouad, “Théologie d’Aristote et autres textes du Plotinus Arabus,” in Dictionnaire des Philosophes Antiques, ed. Richard Goulet (Paris : CNRS, 1989), I, 541–90, 586; Cecilia Martini Bonadeo, ʿAbd al-Laṭīf al-Baġdādī’s Philosophical Journey. From Aristotle’s Metaphysics to the ‘Metaphysical Science’ (Leiden-Boston: Brill, 2013), 1, 6, 9, 10, 139…
[29] ترجمت سيسليا مارتيني مفردتي ”غرضي كتابا في علم ما بعد الطبيعة يكون متوسطا بين المبسوط والمختصر“ بالجملة السقيمة الآتية:
“My intention is a Book on the Science of Metaphysics which will be an intermediary between the simple and the specific.” Martini, ʿAbd al-Laṭīf al-Baġdādī’s Philosophical Journey, 214.
فلا علاقة للمبسوط بـ simple لأن البغدادي يقصد به الكلام المفصل أو المطول؛ كما لا علاقة للمختصر بـ specific لأن البغدادي يقصد به الكتابة الجامعة المختصرة. وبالمناسبة، فإن حاجي خليفة (كاتب چلبي) يصف الكتاب الآخر الذي يذكر البغدادي في تتمة كلامه أنه قد كتبه من قبل وهو، الجامع الكبير في المنطق والطبيعي والإلهي، ”بأنه كتاب مبسوط في نحو عشر مجلدات.“ حاجي خليفة، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون، عني بتصحيحه وطبعه على نسخة المؤلف محمد شرف الدين يالتقايا ورفعت بيلگه الكليسي (بيروت: دار إحياء التراث العربي، 1941)، ج. 1: 572. وهذا الكتاب هو نفسه الكتاب الذي أورده ابن أبي أصيبعة ضمن أعمال البغدادي. انظر: هـ 23.
[30] البغدادي، ما بعد الطبيعة، 33.
[31] البغدادي، ما بعد الطبيعة، 33.
[32] أجعون، ”مقدمة المحقق،“ 22.
[33] بدوي، أفلوطين عند العرب، (61)، (62).
[34] Cf. Martini, ʿAbd al-Laṭīf al-Baġdādī’s Philosophical Journey, 293–304.
[35] أجعون، ”مقدمة المحقق،“ 11. وانظر بخصوص جدول أجعون: ”مقدمة المحقق،“ 12–13.
[36] Cf. Martini, ʿAbd al-Laṭīf al-Baġdādī’s Philosophical Journey, 302.
[37] أجعون، ”مقدمة المحقق،“ 14.
[38] أجعون، ”مقدمة المحقق،“ 22.
[39] Hans-Jochen Ruland, Die arabischen Fassungen von zwei Schriften des Alexanders von Aphrodisias. Über die Vorsehung und Über das liberum Arbitrium, diss. (Saarbrucken 1976), 33–105, 43. وبالعودة إلى نسخة السليمانية (51و)، نجد جالينوس أونش. وهو ما دفع رولان إلى إبدالها بأوميرس.
[40] انظر: الإسكندر الأفروديسي، مقالة في العناية، ضمن
Alexandre d’Aphrodise, Traité de la Providence. Περί προνοίας. Version arabe de Abū Bišr Mattä Ibn Yūnus, Introduction, édition et traduction de Pierre Thillet (Lagrasse : Éditions Verdier, 2003), Section arabe, 12.
مقالات ذات صلة
قصّة ابن الهيثم مع الحاكم بأمر الله في رواية حاكم: جنون ابن الهيثم ليوسف زيدان. الجيزة: بوك ڤاليو، 2021
Review of Ḥākim, junūn Ibn al-Haytham by Yusuf Zaydān. Giza: Book Value, 2021. ISBN-10. 9778582106 Qiṣṣat Ibn al-Haytham maʿa al-Ḥākim bi Amri al-LāhFī riwāyat Ḥākim, junūn Ibn al-Haytham قصة ابن الهيثم مع الحاكم بأمر اللهفي رواية حاكم: جنون ابن الهيثم ليوسف زيدان....
عن ابن رشد وما لا نعرف عنه: في الرد على حسن أوريد ومن معه
عن ابن رشد وما لا نعرف عنهفي الرد على حسن أوريد ومن معه فؤاد بن أحمدجامعة القرويين، الرباط تقديم اجتهد العربُ المحدثون في ترجمة المفردتين revue وjournal بمفردة ”المجلة،“ بعد أن نقلوا هذه من معناها القديم، وهو ”كتاب يحتوي على أشياء جليلة من الحكم وغيرها.“[1] لكنهم...
الأخلاقيات الغائية عند فخر الدين الرازي لأيمن شحادة: مراجعة نقدية للترجمة العربية
The Teleological Ethics of Fakhr al-Dīn al-Rāzī by Ayman Shehadeh. Translated by Majdūlīn al-Nuhaybī. Rabat-Beirut: Mominoun Without Borders, 2020. Al-Akhlāqiyāt al-ghāʾiyya ʿinda Fakhr al-Dīn al-Rāzī Li Ayman Shihadeh. Translated by Majdūlīn al-Nuhaybī. Rabat-Beirut:...
نصّان في الأشعريّة التقليديّة: إشكالُ القيمة والأبعادُ الفيلولوجيّة والمعرفيّة
نصّان في الأشعَريّة التّقلِيديّة:إشْكَال القِيمَة والأبعادُ الفِيلولوجِية والمعرِفيّة Naṣṣani fī al-Ashʿariyya al-taqlīdiyya:Ishkāl al-qīma wa-l-abʿād al-fīlūlūjiyya wa-l-maʿrifiyya محمد الرّاضي[1]جامعة عبد الملك السعدي-تطوان ملخص تميزت نصوص المتكلمين المتقدمين في...
الفكر العلمي والثقافة الإسلامية لبناصر البعزّاتي
مقدمة يظهر أن استئناس الدارس المغربي بناصر البعزّاتي بالمسائل العلمية والتاريخية التي يثيرها الفكر العلمي والفلسفي المعاصر قد مكنه من مقاربة الثقافة الإسلامية العالمة بترسانة من المفاهيم والآليات والأدوات، فجاءت قراءته لمكونات هذه الثقافة موازية لـقراءته لتاريخ...
مصير العلوم العقلية في الغرب الإسلامي ما بعد ابن رشد
ملخص بعد النقد العنيف الذي وجهه الغزالي للفلاسفة، حصل تعديل في المسار العام للفلسفة في المشرق الإسلامي، وغَلَبَ نوع من التأليف الذي يمزج بين الكلام والفلسفة؛ أما في الغرب الإسلامي، فقد ازدهر القول الفلسفي بعد التهافت، لكن بعد موت ابن رشد، لن نشهد فلاسفة موسوعيين كبار،...
كتاب النصيحتين الطبية والحكمية لعبد اللطيف البغدادي: قراءة نقدية في نشرتين
كتاب النصيحتين الطبية والحكمية لعبد اللطيف البغدادي: قراءة نقدية في نشرتين فؤاد بن أحمد[1] جامعة القرويين تمهيد ولد الفيلسوف والطبيب والمؤرخ والرحالة موفق الدين أبو محمد عبد اللطيف بن أبي العز يوسف البغدادي، المشهور بابن اللّباد، في بغداد العام 557هـ/1162م، وتوفي...
عن تمثيلات واستعارات ابن رشد
قراءة نقدية في كتاب فؤاد بن أحمد، تمثيلات واستعارات ابن رشد: من منطق البرهان إلى منطق الخطابة. بيروت-الرباط-الجزائر: منشورات ضفاف-دار الأمان-منشورات الاختلاف، 2012. محمد الولي[1] كلية الآداب والعلوم الإنسانية/ سايس - فاس 1. حول المعنى الحرفي. حينما نتوخى التعبير عن...
الفكر اليوناني والثقافة العربية لديمتري گوتاس: قراءة نقدية في الترجمة العربية
ملخص صدر كتاب ديمتري گوتاس، الفكر اليوناني والثقافة العربية: حركة الترجمة اليونانية العربية في بغداد وفي المجتمع العباسي المبكر (القرن الثاني-الرابع للهجرة/القرن الثامن-العاشر للميلاد)، عام 1998. وقد صار اليوم من المراجع الكلاسيكية في الموضوع. وقد انتبه الدارسون مبكرا...
ينبغي التنبيه على ما وقع من إيهام في كون الرازي والآمدي من العجم.