Loading

أثر فلسفة ابن رشد في الكلام الأشعري المغربي: دراسة في المنجز حول فكر أبي الحجاج يوسف المكلاتي (ت.626هـ/1229م)

The Impact of Ibn Rushd’s (Averroes’) Philosophy on Maghribi Ashʿarī Kalām
Current State of Studies on al-Miklātī (d.626/1229)

Athar Falsafat Ibn Rushd fī al-Kalām al-Ashʿarī al-Maghribī: Dirāsa fī al-Munajaz ḥawl Fikr Abī al-Hajjāj Yusuf al-Miklatī (626/1229)

Majda Badaoui

أثر فلسفة ابن رشد في الكلام الأشعري المغربي
دراسة في المنجز حول فكر أبي الحجاج يوسف المكلاتي (ت.626هـ/1229م)

ماجدة بدوي

Abstract׃ The purpose of this study is to provide a semi-comprehensive survey of existing research on the intellectual contributions of the Moroccan Ashʿarite theologian, Abū al-Hajjāj Yūsuf al-Miklātī (d. 626/1229). While al-Miklātī’s work holds intrinsic significance, its relevance is further underscored by his extensive and critical engagement with the philosophy of Abū al-Walīd ibn Rushd (Averroes, d. 595/1198) at an early stage. Consequently, this paper aims to elucidate the essence of al-Miklātī’s endeavors, particularly in his response to philosophers through his seminal work, Lubāb al-Uqūl fī al-rad ʿalā al-falāsifa fī ʿIlm al-uṣūl. Additionally, it seeks to explore the nature of the relationship between al-Miklātī and Ibn Rushd, as illuminated by recent scholarly investigations.

Key-words: Theology, Philosophy, Ibn Rushd’s Influence, al-Miklātī .

ملخص: الغرض من هذه الدراسة أن نقدم مسحا شبه شامل لما أُنجز من دراسات حول فكر المتكلم الأشعري المغربي أبي الحجاج يوسف المكلاتي (ت. 626هـ/1229م). وإذا كان عمل المكلاتي يظل مهما في حد ذاته، فإن أهميته تظهر أكثر عندما نأخذ بعين الاعتبار أنه كان واحدا من النظار الذي تفاعلوا على نحو واسع ونقدي ومبكر مع فلسفة أبي الوليد ابن رشد (ت. 595هـ/ 1198م). وهكذا، فإن الهدف من هذه الورقة هو أن نتعرف إلى هوية المكلاتي، ومشروعه في الرد على الفلاسفة من خلال كتابه لباب العقول في الرد على الفلاسفة في علم الأصول، وطبيعة العلاقة التي كانت تربطه بابن رشد وبفلسفته كما حضرت في الدراسات الحديثة.

كلمات مفتاحية: علم الكلام، الفلسفة، أثر ابن رشد، المكلاتي.

 

مقدمة

ذاعت بين أوساط الدارسين دعوى انتهاء فلسفة أبي الوليد ابن رشد (ت.595هـ/ 1198م) بوفاته، وأن هذا الأخير لم يؤثر في بني جلدته بأي شكل من الأشكال، وهي دعوى ثقيلة تصدى للرد عليها ثلَّة من الدارسين المتخصصين، الذين اختبروها وانتهوا إلى تهافتها، كل من منظوره.[1] لكن ذلك لا يعني أن البحث في المسألة بات مستهلكا، بل ما يزال مجالاً بكراً يحتاج الكثير من التنقيب، وقد كانت هذه الجِدَّة دافعاً قوياً لتناول هذا الموضع بالدراسة والتمحيص، خاصة من ناحية اختراق فلسفة أبي الوليد ابن رشد لمجالات معرفية أخرى، وما يعنيني هنا هو علم الكلام عموماً، والأشعري منه على وجه التحديد في شخص أبي الحجاج يوسف المكلاتي )ت626.هـ/1229م( المتكلم المغربي الأشعري.

وقد كان هذا الأخير محط اهتمام عدد من الدارسين في التراث المغربي؛ فمنهم من تصدى إلى الترجمة له والتعريف بكتابه، وقد كان لمحقِّقَيْ الكتاب —الدارسة فوقية حسين ثم الدارس أحمد العلمي حمدان— الحظ الأوفر من هذا الجانب، ومنهم من اعتنى بدراسة مسائل محددة من مؤلَّفه لباب العقول، كحضور المنطق الأرسطي فيه ودلالته المعرفية.[2] ومنهم من اهتم ببيان العلاقة بينه وبين الغزالي من خلال المقارنة بين كتابيهما اللباب ومقاصد الفلاسفة.[3] ومنهم من ركز على الوضع والمجال المعرفي الذي يمكن أن يُدْرَج ضمنه كتاب اللباب.[4] في حين اهتم البعض الآخر بتأَثُّر المكلاتي بالفلاسفة —وإن كان هدفه الرد عليهم— خاصة زمَنيُّه وقُطْرِيُّه فيلسوف قرطبة.[5]

وكلها دراسات اهتمت ببيان أثر فيلسوف قرطبة في المكلاتي إما أصالة أو تبعاً، لذا سأقوم في هذه الدراسة بتقديم مسح شبه شامل لها، أقف فيها عند منطلقات وفرضيات كل دارس على حدة، والنتائج التي توصل إليها في بحثه، ومدى وثاقة وصحة تلك النتائج في ظل المعطيات المتوفرة، ثم مفاصل التقاء تلك الدراسات والعلاقات التي يمكن أن تربط بعضها ببعض.

اخترت الابتداء بدراستَي أحمد علمي حمدان ويامنة أدوهان لما لهما من علاقة وثيقة بموضوع الدراسة؛ إذ خصص كل منهما بحثه لبيان أثر ابن رشد في لباب العقول في الرد على الفلاسفة في علم الأصول، مفتتحة بمقالة علمي حمدان لأنها الأسبق زمنياً.

ثم بعدهما سأتطرق لدراسة محمد المصباحي، لأهمية الإشارات المتضمنة فيها في خدمة موضوع هذه الورقة البحثية. وبعد ذلك سأعرج على دراسة صديق زريوحي لأن فيها من الإيماءات —خاصة في تساؤلاته— ما يمكن أن يكون منطلقاً للبحث في موضوع تأثير فلسفة ابن رشد في بني ثقافته. وأخيراً دراسة حمو النقاري. أما مقدمة تحقيق الدكتورة فوقية،[6] فلم أقدم قراءة بشأنها، لأني لم أجد فيها إشارة ذات علاقة بأثر ابن رشد في علم الكلام الأشعري.

أولا: تشبع المكلاتي بالقول الفلسفي وإيهام القارئ بعكس ذلك

قبل شروعه في تحقيق الكتاب قدَّم الدارس المغربي أحمد علمي حمدان بتوطئة تَرْجَم فيها للمكلاتي،[7] وحدد فيها تاريخاً تقريبياً يمكن أن يعتبر زمناً لتأليف اللباب مستعيناً بتقنية نقد النص،[8] ثم قدم فيها قراءة للكتاب المحقَّق[9] بعد وصفه للمخطوط.[10] وقد نُشِرت هذه القراءة مستقلة بعنوان: ”استيعاب اللحظة الرشدية في نقد المكلاتي للفلسفة“،[11] في كتاب جماعي مُعَنْون بـ: الاتجاهات الكلامية في الغرب الإسلامي.

أما في ترجمته للمؤلف، فقد اعتمد المحقق المصدر الوحيد الذي ترجم له، وهو كتاب الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة لابن عبد الملك المراكشي (ت. 703هـ/ 1303م)، ذاكراً نسبه،[12] وتاريخ وفاته،[13] وتلقيه،[14] وإقراءه،[15] وعلاقته الوطيدة بالحضرة الخليفية في دولة الموحدين.[16] وبإمعانه النظر في بعض الأحداث الواقعة في حياة المكلاتي، تمكن حمدان من الوصول إلى فرضيات يُحتاج في إثباتها أو نفيها إلى وثائق تاريخية، أهمها بالنسبة لدراستي:

أن المكلاتي ألف اللباب في الأندلس، وهو أمر استشفه المحقق من سبب تأليف الكتاب؛ الذي قال فيه المؤلف حاكياً حال الفلسفة في القطر الذي يتواجد فيه السائل الذي طلب منه تأليف اللباب: ”أن المذاهب الفلسفية بقطركم مفرطة الشياع،“ إذ إن الفلسفة لم تكن بذلك القدر من الانتشار في العدوة المغربية، على عكس ما كانت تعرفه من ذيوع في العدوة الأندلسية.[17]

● أن المتلقي في عصر المكلاتي كان بالغ الحذر من كل ما يُشْتم منه رائحة الفلسفة، واستنتج المحقق ذلك من واقعة ابن القطان[18] —الذي أراد به أعداؤه سوءاً لأنه قال كلاماً يلزم منه القول باكتساب النبوات— الواردة في ترجمة المكلاتي.[19]

● أن المكلاتي وابن رشد التقَيا وقت النكبة سنة (593هـ/ 1197م) قبل رجوع المنصور (حكم بين 1184م و1199م) إلى مراكش بسنة، وقد استنتج هذا من نص لابن عذاري (ت. 695هـ/ 1295م) في كتابه البيان المغرب في اختصار أخبار ملوك الأندلس والمغرب، يحكي فيه عن نكبة فيلسوف قرطبة، والتي كان السبب فيها اجتماع الطلبة في حضرة الخليفة المنصور واتفاقهم على خروج ابن رشد عن سنن الشريعة وإيثاره لحكم الطبيعة. وقد رجح المحقق أن يكون المكلاتي طرفاً في المشورة استناداً إلى صدى ابن رشد في اللباب.[20]

هذا كله يتعلق بالقسم الأول من التوطئة، والذي خُصِّص لترجمة المؤلف، وما يهمني فيه هو اللقاء المحتمل الذي جمع بين المكلاتي وابن رشد، وإن كان مجرد فرضية، إلا أنه يمكن الاعتماد عليه في تفسير الحضور القوي لابن رشد في اللباب.

أما القسم الثاني من التوطئة فخُصص للقراءة، وقد نشر هذا القسم بعد ذلك مستقلاً بعنوان: ”استيعاب اللحظة الرشدية في نقد المكلاتي للفلسفة.“

قسم المحقق دراسته إلى قسمين، القسم الأول في قصد اللباب وبنائه،[21] والقسم الثاني في تلبيس القول في اللباب.[22]

أما في القسم الأول فقد دافع الدارس عن أطروحة أساسية مفادها أن تأثر المكلاتي بالغزالي (ت.505هـ/1111م) لم يفقده خصوصيته؛[23] وإن كانا —يقصد المكلاتي والغزالي— متشابهين في القصد والهدف، وهو الرد على الفلاسفة، خاصة أرسطو ومن تبعه من الفلاسفة المشائين؛ إلا أن بينهما فروقاً نوعية، منها أن الغزالي قصد فقط إبطال مذاهب الفلاسفة في مسائل الإلهيات وجزء من الطبيعيات، أما المكلاتي فلم يرض بالاكتفاء بهذا القصد فقط، بل تعداه إلى قصْد نقد النقد الذي تراكم ضد الفلسفة، مستعيناً في كثير من ذلك بالردود الرشدية على الغزالي وغيره من المتكلمين، والاحتفاظ من ذلك النقد بما هو يقيني أو يكاد —على غرار فعل ابن رشد في جوامع ما بعد الطبيعة—بمعنى أنه استفاد من منهج فيلسوف قرطبة في الجوامع.[24] بالإضافة إلى قصد المكلاتي إلى بيان مذهب الحق في المسائل التي ناقش فيها الفلاسفة، ولذلك أعلن عن مسائله برسم ”إثبات“ كذا، لا ”إبطال“ كذا و”التعجيز عن“ كذا، كما هو صنيع الغزالي.[25] وهذه كلها خواص في القصد تميز بها قول اللباب عن قول التهافت.

أما عن خواص البناء فيذكر المحقق خاصيتين أساسيتين:

– الأولى: خاصية النقد الفلسفي وتحديد مرتبة القول من الصدق على الطريقة الرشدية،[26] وتتجلى أساساً في استحضار المكلاتي الدائم لموقف كل من ابن رشد والغزالي باعتبارهما طَرَفَيْ الخصومة، مع تحفظه عن ذكر اسمهما، وممارسته لفحص دلالي لقوليهما، ثم انتهائه إلى الأخذ بحجاج أحدهما وإفساد حجاج الآخر، حسب ما تقتضيه المسألة المنازَع حولها.[27]والمثير للانتباه في هذه الخاصية، إشارة الدارس أنها على الطريقة الرشدية، أي أن المكلاتي لم يستعن فقط بردود ابن رشد الجاهزة والصريحة على الغزالي والمتكلمين، وإنما استفاد من منهجه في الرد والنقد.

– الثانية: خاصية الإخراج القياسي لكل الأقاويل المصحِّحة والمفسِدة لمذاهب الفلاسفة وحجاجهم، والمقرِّرة لمذهبه.[28] ولا يخفى على كل متبصر حضور ابن رشد في هذه الخاصية أيضاً، وإن لم يذكر حمدان ذلك، لأن استعمال القياس الأرسطي من مميزات الفلاسفة المشائين، وابن رشد زعيمهم في زمن المكلاتي.

يمكن اعتبار هذه الخاصية بالذات هي القاسم المشترك بين دراسة علمي حمدان وباقي الدراسات، خاصة دراسة حمو النقاري، التي ركزت على الصورة البنائية لمجهود المكلاتي، للاستدلال بها على ائتسار المكلاتي بالفلسفة. وقد استدل حمدان لهتين الخاصيتين بنصوص طويلة من متن اللباب.[29]

فهذه الخواص كلها التي سبق ذكرها تدخل تحت القسم الأول من الدراسة، المخصص لقصد اللباب وبنائه.

أما القسم الثاني، فقد نذره حمدان للحديث عن لبس أو تلبيس القول في اللباب، والاستدلال على ذلك.[30] تبنى فيه أطروحة أساسية مفادها أن قول المكلاتي وموقفه ملتبس في اللباب شأنه شأن جل أقاويل المتكلمين المتأخرين الذين خلطوا الكلام بالفلسفة.[31] وعضد أطروحته بأربعة أمور، هي كالآتي:

– أولا: تعمد المكلاتي عدم ذكر اسم ابن رشد والغزالي، والاكتفاء بالإشارة إليهما بـ”النظار“، دون التمييز بين المتكلمين الفلاسفة، قَصْد التلبيس على القارئ، كي لا يميز أدوات ومفاهيم الفيلسوف عن أدوات المتكلم، وبالتالي لا يشعر بالفصل والتبري تجاه ما هو فلسفي.[32]

أما بالنسبة لي، فأعتبر أن الأمر يحتاج مزيدَ بحث، من أجل التوصل إلى فرضية تفسر عدم ذكر المكلاتي لاسم ابن رشد، لأنه ليس يلزم من عدم ذكر اسمه أن يقصد إلى التلبيس، ويشهد لذلك أن مؤلف اللباب استمد مادته من مجموعة من المتكلمين، ولم يذكر أسماءهم، فلا يمكن القول إن عدم ذكرها يعزى إلى قصد التلبيس أيضاً، ومنهم أبو المعالي الجويني[33] (ت. 478هـ/ 1085م)، وأبو الفتح الشهرستاني[34] (ت. 548هـ/ 1153م).

ثانيا: تعامل المكلاتي في اللباب مع الموجود بإطلاق، وإنزاله الكلام مرتبة العلم الكلي، ومنحه إياه دور المؤسس لما سواه من العلوم الدينية، وتعامله معه كباقي العلوم النظرية، وجعله له موضوعاً محدداً ومسائل ومبادئ، وإناطته به دوراً معرفياً وعلمياً وليس دفاعياً، وإعطاؤه مهمة البرهنة على مسائل طبيعية وإلهية على حد سواء.[35]

ويمكن استجلاء تأثير الفلاسفة هنا على وجه العموم وابن رشد على وجه الخصوص، في كون الفلاسفة يعتبرون علم ما بعد الطبيعة هو المؤسس لما سواه من العلوم النظرية، وتحديدهم له موضوعاً ومسائل ومبادئ، فكأننا بالمكلاتي يريد أن يجعل من علم الكلام نداً لعلم ما بعد الطبيعة، مستعيداً في ذلك صنيع أبي حامد الغزالي.

ثالثا: فصل المكلاتي الذي عقده في كتابه للألفاظ المشتركة الدائرة بين النظار في علم الأصول؛ إذ استمد ألفاظه ودلالاته من الحروف للفارابي (ت.339هـ/950م) وجوامع ما بعد الطبيعة لابن رشد،[36] مع إصرار منه على عدم نسبتها إلى الفلاسفة، ونسبتها إلى النظار بإطلاق، بل وتعمده استبدال ألفاظ ”الفلاسفة“ و”الفلسفة“ و”المتفلسفين“ الواردة في الجوامع والحروف بـ”أهل النظر“ و”النظار“ كي لا يثير توظيفها من قبله أي اعتراض من المؤالف والمخالف.[37]

وتجدر الإشارة هنا إلى أن يامنة أدوهان اختلفت مع علمي حمدان في هذه النتيجة، فبالنسبة لها قصد المكلاتي من هذا الفصل لم يكن التلبيس على القارئ، بل العكس تماماً كان قصده الإبانة؛ فإنشاء فصل للمصطلحات منسوب إلى النظار الهدف منه هو التأكد من وضوح معنى الألفاظ المتناظَر بشأنها، لتجنب أي مشاحاة في الاصطلاح، وليس التلبيس على القارئ حتى لا يفرق بين ما هو كلامي وما هو فلسفي، كما ذهب إلى ذلك علمي حمدان.[38]

وقد تطرقت جل الدراسات لدلالة فصل المصطلحات في اللباب، ومصدر المكلاتي فيه، بما فيها دراسة محمد المصباحي المذكورة، التي أفرد فيها صاحبها عنواناً خاصاً في دلالة حضور فصل للمصطلحات في كتاب لباب العقول.[39] ودراسة يامنة أدوهان، التي تطرقت فيها الدارسة إلى تحليل مسألة حضور فصل المصطلحات في اللباب، وذلك في عنوانين من دراستها، العنوان الأول بخصوص إنشاء المكلاتي لمعجمه، ومصادره في هذا المعجم،[40] والعنوان الثاني عن معنى اختيارات المكلاتي بين مصدريه —ابن رشد والفارابي —.[41] كما أشار إلى هذه المسألة أيضا صديق زريوحي.[42] ولذا يمكن اعتبار قضية مصطلحات اللباب جسراً للتواصل بين الدراسات، ولو أن كل دراسة تناولته من الجانب الذي تراه أمثل لحضور هذا المعجم في كتاب كلامي. 

رابعاً: توظيف المكلاتي لردود ابن رشد وتبنيه لها دون الإحالة عليه في مسائل حساسة جداً، كانت من المواضع التي كفر بها الغزالي الفلاسفة.[43] والأكثر من ذلك نقله عن ابن رشد كلاماً في معنى الوجود بالقوة، مستبدلاً فيه لفظ ”الفلاسفة“ بـ”النظار“ و”الهيولى“ بـ”الإمكان“ للتخفيف من دلالاتها الوجودية، لكن دون أن يخرجها من دلالاتها المشائية، لكي لا يصدم بها نظراءه المتكلمين. مع علمه بأن ابن رشد عنى بالوجود بالقوة الإمكان من جهة الفاعل لأنه يقول بقدم العالم، وهو عكس المعنى الذي يذهب إليه المتكلمون؛ إذ هم يطلقونه ويعنون به الإمكان من جهة الفعل —ليثبتوا به حدث العالم—، لكن وبالرغم من ذلك تبنى قول ابن رشد، الأمر الذي سبب التباساً في كلامه، إذ يُفهم منه موقف مخالف لموقف المتكلمين على الإطلاق.[44]

وقد ناقشت يامنة أدوهان في أطروحتها للدكتوراه مسألة توظيف المكلاتي ردود ابن رشد وتبنيه لها أو رده عليها دون ذكره اسم هذا الأخير، واختلفت جذرياً مع الأطروحة التي قدمها الدكتور علمي حمدان؛[45] حيث ذهبت يامنة إلى أن عدم ذكر المكلاتي لاسم ابن راشد راجع إلى إخراجه لكلامه مخرج الحجج والأدلة، فما كان يعنيه هو استعمال تلك الأدلة إما إيجاباً بِتَبَنِّيها أو سلباً بالرد عليها، دون الاهتمام بقائلها، ما دام منتمياً للمدرسة المشائية. بينما ذهب أحمد علمي إلى القول بأن المكلاتي تعمَّد عدم ذكر اسم فيسلوف قرطبة للتلبيس على القارئ، وتوهيمه بأنه مناقض لابن رشد، والحال أنه متشرب لفلسفته، متشبع بها. 

فهذه كلها أدلة وظفها حمدان لإثبات اللبس الحاصل في موقف المكلاتي أو بالأحرى التلبيس، وكأنه يريد القول من خلالها بأن المكلاتي مسلم ضمنياً بموقف الفلاسفة، لكنه يخفيه في ثوب ألفاظ المتكلمين، دون أن يخلصه من دلالته، الأمر الذي يدعو إلى الشك في مقصده الأصلي من الكتاب وهو الرد على الفلاسفة ونقض مذهبهم. وهي نتيجة يصعب الحسم بشأنها.

 ثانياً: المكلاتي، قارئ أشعري لابن رشد من القرن الثاني عشر للميلاد

استهدفت يامنة أدوهان من خلال دراستها ثلاثة أمور بالبحث:[46]

أولها: الكشف عن هوية المكلاتي.

ثانيها: بيان أن المكلاتي قارئ لابن رشد، خاصة كتابه تهافت التهافت.

ثالثها: محاولة إثبات أن المكلاتي في لبابه يمدنا بمقطع نفيس من رسالة مفقودة لابن رشد، موسومة ب: رسالة في المحرك الأول On the Prime Mover.

وكل ذلك من أجل الرد على الدعوى القائلة بأن ابن رشد لم يؤثر في المسلمين، وبأن الفلسفة في الغرب الإسلامي ماتت بموت فيلسوف قرطبة.[47]

ابتدأت يامنة أدوهان دراستها بترجمة موجزة للمكلاتي،[48] ثم انتقلت بعدها مباشرة لإثبات أطروحتها القاضية بتلمذة المكلاتي على ابن رشد وتلقيه له، وذلك من خلال الكشف عن مصادره في فصله للمصطلحات، إذ حصرتها في جوامع ما بعد الطبيعة لابن رشد والحروف للفارابي،[49] بعدما قارنتْ بين المصطلحات الواردة في كل من اللباب والحروف والجوامع. وهي بعملها هذا تحاكي صنيع أحمد علمي حمدان في دراسته، لأنه قارن أيضاً بين معجم اللباب والجوامع والحروف، وأقر بأنهما مصدرا المكلاتي، وبأنه كان أميل في اختيار مصطلحاته إلى ابن رشد منه إلى الفارابي.[50]

انتهت الدارسة من مقارنتها إلى ثلاث ملاحظات، أولها أن المكلاتي في اختياره للمصطلحات تأثر إلى حد كبير بابن رشد مع استثناءات قليلة، ثانيها أنه مال في المصطلحات الخمس الأولى —وهي المصطلحات المشتركة بين الفارابي وابن رشد—إلى تعاريف الحروف بدلاً من الجوامع، وثالثها أن ترتيب معجمه قريب من ترتيب ابن رشد أكثر من الفارابي إلا في المصطلحات الخمسة الأُوَل.[51] 

عمدت يامنة أدوهان بعد ذلك إلى وضع فرضيات تفسر بها اختيارات المكلاتي؛ فبالنسبة لابن رشد فقد اعتبرت أن تأثر المكلاتي به أمر طبيعي مستساغ باعتبار القرب الزمني بينهما، وباعتباره قارئاً لتهافت التهافت. وأما بالنسبة لتفضيل المكلاتي لتعريفات الفارابي في بعض الأحيان بدلاً من ابن رشد، فقد فسرته بميول المكلاتي إلى تعاريف الحروف السهلة والبسيطة، في مقابل التعاريف الركيكة —والسبب فيها الترجمة من اليونانية إلى السريانية ثم إلى العربية— التي وفرها الجوامع، لأن المكلاتي في مؤلَّفه يستهدف جمهوراً واسعاً من القراء قد لا يتوفر فيهم من الذكاء والفطنة ما يكفي لفهم تلك التعاريف، لكن ذلك لا يمنعه أبداً من اللجوء إلى ابن رشد كلما اقتنع أكثر بتعريفه.[52] وهذا ما يجعل المكلاتي في نظر الدارسة قارئاً إيجابياً، متفاعلاً مع ما يقرأ، إذ لا يأخذ التعاريف كما هي بل يقارن بينها ويختار منها الأنسب لكتابه ومقامه، ويعيد ترتيبها بما يتوافق ومنظوره.[53]

وبعد مناقشتها مصادر المكلاتي في فصل المصطلحات ودلالتها، انتقلت الدارسة إلى مناقشة الصورة البنائية القياسية التي اشترط المكلاتي على نفسه أن يتبعها في كتابه،[54] وقد استوقفتني في طرحها إشارتان اثنتان:

الإشارة الأولى: تزكيتها لالتزام المكلاتي الصيغة القياسية، واعتبارها بأن ذلك ينم عن ذهن متيقظ وذكاء كبير؛[55] وكأنها هنا تحاور حمو النقاري وتفند أطروحته، إذ سعى في دراسته إلى إثبات ائتسار المكلاتي بالفلسفة من خلال استعماله للقياس الأرسطي.

الإشارة الثانية: أن المكلاتي على دراية بالأورغانون الأرسطي سواء مباشرة أم بواسطة، ويظهر ذلك في تبنيه لفكرة تأليف كل علم من موضوع ومسائل ومبادئ، التي تعود لأرسطو،[56] وقد يكون ابن رشد هو واسطته إلى أرسطو هنا. 

ثم انتقلت الدارسة بعدها إلى فحص فرضية إمكان تنزيل اللباب منزلة تهافت تهافت التهافت،[57] انتهى بها إلى رفضها وتخطيئها، مستندة إلى شواهد من نص اللباب تبين أن عمل المكلاتي بشأن تهافت الفلاسفة شبيه بعمله مع تهافت التهافت، إذ يفسد حجاج الأول لصالح حجاج الثاني مرة، ويأخذ بحجاج الأول طارحاً حجاج الثاني مرة أخرى،[58] وقد سبقها أحمد علمي حمدان إلى هذا الاستنتاج دونما الإشارة إلى عمله.[59] بالإضافة إلى أن المواطن التي نقد فيها المكلاتي قول ابن رشد كانت محدودة ومختارة في مسائل ليست هي الهدف الأساس عند المكلاتي، بل في مسائل ثانوية عرَضية فقط.[60]

وقد استدلت على ذلك أيضاً بطريقة استعمال المكلاتي —باعتباره تلميذ الغزالي— لتهافت التهافت، إذ اعتبرت بأنه ينزله منزلة الأداة التي يصحح بها هفوات تهافت الفلاسفة  ويُحَدِّث بها بياناته باستحضار الاعتراضات التي يوفرها تهافت التهافت.[61]

وبعد فحص هذه الفرضية انتقلت الدارسة إلى إثبات فرضية أخرى مفادها أن الهدف الرئيسي من نقد المكلاتي هو ابن سينا (ت.427هـ/1037م) وليس ابن رشد، مستدلة بأنه حتى في المواضع التي يظهر فيها المكلاتي يتوجه بنقده لكل الفلاسفة المشائين، فإنه يستهدف بالأساس هدم عقائد ابن سينا باعتباره مؤسساً لها، أما ابن رشد فلا يدخل في النقد إلا كممثل إضافي للفلاسفة المشائين، وليس كمؤسس لمذهب خاص.[62]

والقارئ لهذا الاستنتاج الذي توصلت إليه الدارسة يستحضر لا محالة أطروحة الدارس عزيز أبو شرع التي تقضي بأن ابن رشد هو الهدف الوحيد من نقد المكلاتي كونه هو الممثل للفلاسفة المشائين في عصر المكلاتي.[63] فكأني بالدارس هنا يحاور أدوهان ويرفض استنتاجها، هذا على فرض اطلاعه على عملها، مع عدم وجود أي قرينة تدل على ذلك.

أما آخر قسم من دراستها، فقد نذرته الدارسة للدفاع عن فرضية استمداد المكلاتي لمقطع يقارن فيه بين استدلال كل من ابن سينا وأرسطو على إثبات الصانع من رسالة مفقودة لابن رشد عن المحرك الأول،[64] إلا أن هذه الفرضية تبقى بلا مستند ما دام النص الأصلي لابن رشد مفقوداً إلى الآن.

ثالثا: التباس علم الكلام بالفلسفة عند المكلاتي

في مقدمة دراسته يصنف محمد المصباحي كتاب اللباب ضمن مجال علم الكلام، مؤكداً على أن هدف مؤلفه الأول هو نقض القول الفلسفي وإبطاله؛ إلا أن هدفه هذا لم يصرفه عن اقتباس أدواته وجوانب مهمة من موضوع كتابه من القول الفلسفي؛ الأمر الذي يضع القول النظري في اللباب في موقف ملتبس حسب المصباحي، مما دفعه إلى استشكال الموقف المعرفي للمكلاتي: هل هو تبن لقول الفلاسفة خاصة في دلالات الأسماء التي عقد فصلاً لبيانها؟ أم أنه جنوح عن مقاصد الكتاب لا تفسير له؟[65]

للإجابة عن إشكاليته قسم المصباحي دراسته إلى أربعة أقسام؛ أفرد أولها لمعنى النظر في دلالات أسماء الفلسفة، بين تحته الأهمية الكبيرة التي أولاها الفلاسفة للنظر في دلالات الأسماء،[66] خاصة ابن رشد، الذي اعتبر أن النظر في الدلالات هو جزء أساسي من علم الموجود بما هو موجود، إذ إن غايته الإحصاء والإحاطة بكل الدلالات التي ترتبط باسم من الأسماء، لا إقصاء بعض الدلالات لحساب دلالة تقال بالتواطؤ، وهي غير الغاية المتوخاة من فحص دلالات أسماء العلم الطبيعي، الذي يعتبر مجرد توطئة بيداغوجية غايتها التحفظ من الغلط عن طريق التحديد والتمييز.[67] فبالنسبة لابن رشد الفحص الدلالي في علم ما بعد الطبيعة ينزل منزلة موضوع الصناعة من الصناعة، عكس العلم الطبيعي الذي ينزل منه منزلة أدوات الصناعة من الصناعة، وهذا هو السبب الذي جعل أرسطو في نظر ابن رشد يفرد مقالة الدال للنظر في دلالات أسماء علم الموجود بما هو موجود.[68]

وقد مهد المصباحي بهذا البحث الموجز في أهمية الدلالات عند الفلاسفة، خاصة ابن رشد، ليبين بعد ذلك أن المكلاتي تأثر بالفلاسفة عندما عقد فصلاً يبين فيه دلالات الأسماء، وإن كان هدفه الرد عليهم. وتلتقي دراسة المصباحي بهذا الصدد مع دراستَيْ علمي حمدان ويامنة أدوهان؛ حيث عقدا أيضاً مقارنة بين فصل المكلاتي ومصطلحات ابن رشد والفارابي.[69]

وبعد بيانه أهمية النظر في الدلالات عند الفلاسفة خصص المصباحي فقرة أخرى للنظر في دلالة حضور فصل المصطلحات في اللباب، تساءل فيها عن مدى وعي المكلاتي بخطورة إيراده للأسماء بدلالاتها الفلسفية في فصله المخصص للمصطلحات، خاصة عند استحضار هدفه من كتابه وهو نقد القول الفلسفي. ثم استشكل بعد ذلك دلالة حضور هذه الأسماء في كتاب كلامي جدلي من خلال طرحه السؤالين الآتيين: هل كان هذا الفعل من المكلاتي مجرد مجاراة لعادة الفلاسفة؟ أم أنه مسلك بيداغوجي يقصد به تقديم الأدوات الفلسفية كما هي من أجل انتقادها فيما بعد على غرار صنيع الغزالي؟[70]

وللجواب على هذين السؤالين قام المصباحي بعقد مقارنة بين فصل مصطلحات اللباب ورسائل الحدود والرسوم للفلاسفة والمتكلمين، وبينه وبين مقالة الدال من كتاب ما بعد الطبيعة لأرسطو، مستنتجاً بأن هناك فرقاً واضحاً بين قائمة المكلاتي ورسائل الحدود من حيث عدد المصطلحات ومدى إحاطتها بعدد من العلوم، في حين وجد تطابق بين قائمته [=المكلاتي] ومقالة الدال خاصة في صيغة جوامع ما بعد الطبيعة لابن رشد، وذلك من جهة اختصاص مصطلحاتهما بعلم ما بعد الطبيعة،[71] إضافة إلى حفاظ المكلاتي على نفس ترتيب الجوامع، حتى في المصطلحات التي انفرد فيها عن كتاب ما بعد الطبيعة.[72] وقد أشار المصباحي هنا أيضاً إلى مجموعة من المصطلحات التي قام المكلاتي بفحصها دلالياً لكنه لم يدرجها في قاموسه، كالحسن والقبح.[73]

مع كل هذه المعطيات، خَلُص المصباحي إلى أربع نتائج:

● أن فصل الاصطلاحات لا يشكل قاموساً شاملاً لا للعلوم المتصلة بالفلسفة ولا قاموساً خاصاً بعلم الكلام، إنما هو اقتباس حرفي من المقالة الأولى من جوامع ما بعد الطبيعة لابن رشد مع بعض التعديلات من الحروف للفارابي.[74]

● أن المكلاتي لم يكن على وعي برهانات مقالة الدال عندما نقلها إلى لبابه، إذ إن موضوعها هو علم الموجود العام؛ أي علم الموجود بما هو موجود، وليس علم الموجود الخاص؛ أي بما هو إله، الذي هو موضوع علم الكلام. واستدل على ذلك بأنه لا وجود لتأثير الفصل الثالث على فصول وأبواب الكتاب، فهو على طول مؤَلَّفه لم يطبق استراتيجية التشكيك المعتمدة في علم ما بعد الطبيعة، وإنما تبنى استراتيجية الاشتراك في الاسم.[75]

● أن صنيع المكلاتي في اللباب لا يشبه صنيع الغزالي في مقاصد الفلاسفة، إذ إن هذا الأخير أورد الأسماء الفلسفية بدلالاتها كما هي من أجل نقدها بعد ذلك، أما المكلاتي فلم يقم بنقد للعدة الاصطلاحية للقول الفلسفي؛ فبالرغم من أنه مارس نقداً دلالياً لبعض المصطلحات في ثنايا ردوده على خصومه، إلا أن نقده السريع لم يفض به إلى استبدال قاموس بآخر أو تعويض أفق دلالي بآخر.[76]

● إنه لا وجود لعلاقة ذاتية بين فصل الاصطلاحات واللباب، مما دفع المصباحي إلى التشكيك في صحة نسبة هذا الفصل للباب، أو على الأقل القول بأنه اقتبس على حدة أثناء مهمة تلقينية، ثم بعد ذلك تم ضمه عنوة إلى الكتاب بشكل تعسفي، إما من قِبَل صاحبه، أو من قبل أحد النساخ. لأنه بالنسبة للمصباحي يشكل عالماً مستقلاً عن الكتاب لغة ومضموناً واستراتيجية، بل وحتى في طريقة العرض، حيث كان عرض المصطلحات فيه استدلالياً، بينما كان عرض المكلاتي للدعاوى والمقدمات الفلسفية والكلامية في باقي الكتاب عرضاً سجالياً فيه الكثير من الجدل والمعاندة والخصام.[77]

وتجدر الإشارة هنا إلى أن يامنة أدوهان قد اختلفت مع هذا الاستنتاج الذي توصل إليه محمد المصباحي، إذ إنها ترى بأن فصل المصطلحات له علاقة مباشرة بباقي الكتاب، واستدلت على ذلك بنص من اللباب، لعل المصباحي لم يقف عليه، يحيل فيه المكلاتي على فصل المصطلحات قائلاً: ”وقد بينا، فيما تقدم، أن هذه اللفظة، أعني لفظة الوجود، من الألفاظ المشتركة“،[78] مضيفة بأن وعي المكلاتي برهانات فصل المصطلحات أمر لا يمكن إنكاره، خاصة عند استحضار تعريفه للقوة الذي استمده من جوامع ما بعد الطبيعة لابن رشد، متعمداً فيه استبدال لفظ الهيولى الوارد في تعريف ابن رشد بلفظ الإمكان.[79]

بعد هذه الخلاصات نجد المصباحي يضع ثالث فقرة له في هذه الدراسة، تدارس فيها مسألة الشبهات في كتاب اللباب، مقارناً بينها وبين إشكالات مقالة الباء من كتاب ما بعد الطبيعة —كما فعل بالنسبة لفصل الاصطلاحات ومقالة الدال—، مستنتجاً من خلال مقارنته أن لا قاسم مشترك بينهما، إذ إن شبهات اللباب موجهة ضد الاتجاهات الفكرية التي كانت حاضرة آنذاك في العالم بصفة عامة، وضد الفلاسفة بصفة خاصة، والغاية منها الدفاع عن مذهب وإبطال آخر —الأمر الذي دفع المصباحي إلى القول بأن المكلاتي أحد إيديولوجيي الدولة الموحدية، لأنه كان يحارب كل أشكال التعدد—،[80] أما إشكالات مقالة الباء فلم تكن تتخذ موقفاً للقبول أو الرفض، فغايتها تأزيم العلاقة بين الأقوال المتضاربة في المسألة الواحدة، وذلك من أجل وضع المشتغل بالفلسفة في عواصة ومن ثَم في مسؤولية فكرية.[81]

بالإضافة إلى الفرق المعرفي بين مقالة الباء واللباب، يشير المصباحي إلى الفرق المنهجي بينهما، إذ إن إشكالات مقالة الباء منظمة ومرتبة، عكس شبه اللباب التي تنتشر في كل أرجاء الكتاب.[82]

ومن أجل الاستدلال على موقفه عرض المصباحي أمثلة لشبه اللباب في مختلف المجالات؛ ما يخص منها الله والإنسان والعالم، مبيناً بأن المكلاتي لا ينفق جهداً كبيراً للانفصال عن أغلبها، إذ يكتفي بالتشكيك فيها وبيان أن لا برهان عقلياً يمنع من عكسها، لكنه لا يُعْنى بتقديم بديل مفصل لما يبطله من دعاوى الفلاسفة،[83] مما جعل إيراد تلك الشبهات والرد عليها تفضي إلى طريق مسدود، ولا هدف علمياً يحركه فيه، بل الدافع إليه إيديولوجي محض، مما أدى إلى عدم إنتاجه لأي ثورة في العلم الطبيعي، وإن كان ذلك النقد يحمل بذور تلك الثورة، ولذلك كان نقداً لا غناء فيه.[84]

إن خلاصة المصباحي القاضية بأن المكلاتي أحد إيديولوجيي الدولة الموحدية مشجعة على تعميق البحث في الموضوع؛ فالردود الكلامية على الفلاسفة هو جنس من أجناس التأليف في علم الكلام، سبقه إليه أكثر من متكلم لم يكونوا ينتمون إلى الدولة الموحدية أصلاً، كأفضل الدين ابن غيلان البلخي في كتابه حدوث العالم، الذي رد على شبهات ابن سينا ونقضها، وكأبي الفتح الشهرستاني في كتابه مصارعة الفلاسفة، وابن الملاحمي الخوارزمي (ت. 536هـ/1141م) في مؤلَّفه تحفة المتكلمين في الرد على الفلاسفة، وكالغزالي في تهافت الفلاسفة. لذا فحكم كهذا يقتضي مزيد بحث في المسألة.

أما فيما يخص الثورة التي يتحدث عنها المصباحي، فإني أتساءل إن كان من أهداف المكلاتي أن يحدِثها؟ وهو الذي اشترط على نفسه الرد على الفلاسفة فقط، ولم يلتزم إنتاج ثورة في العلم الطبيعي، بل ويصعب تصور إنتاج تلك الثورة المنشودة، لأنه متكلم، وموضوع علم الكلام ووظيفته هما الدفاع عن العقائد الإيمانية، وليس العلم الطبيعي. هذا من جهة، ومن جهة أخرى هل من الممكن لشخص واحد أن يتحمل عبء ومسؤولية إحداث ثورة في العلم الطبيعي؟ بل هو في نظري من باب التكليف بما لا يطاق.

أما بعد إنهائه مناقشة الهدف من شبه اللباب، انتقل المصباحي إلى مناقشة برهان المكلاتي في مواجهة برهان الفلاسفة، فنذر له فقرته الأخيرة من هذه الدراسة، مبيناً فيه أن نقد المكلاتي لبراهين الفلاسفة يكون عن طريق مجموعة من الأساليب، إما بمجرد الإعراب عن عدم التسليم بها، أو بالقول بمضادتها لمبادئ الإيمان، أو بتناقضها لذاتها أو مناقضتها لمبادئ العقل، أو مخالفتها للأصول التي ينطلقون منها،[85] أو باعتماده لآلية الاشتراك في الاسم، ولا يهمه ما إذا كان خصمه متفقاً معه في دعوى ما، بل ما كان يهمه هو كيفية إثباته لها؛ هل هي صحيحة عنده أم لا؟ إذ كان يبطل دلائل الآخرين لا لأنهم يخالفونه الرأي فحسب، ولكن أيضاً لأنهم يخالفونه كيفية الدلالة والاستدلال.[86]

بالإضافة إلى استعماله لتقنية استخلاص ما يحتمله قول الخصم، بحيث لا يقتصر في النقض على أقوال الخصم المصرح بها بل أيضاً ما يستخلصه من أصول وقواعد مذهبه. وقد رجح المصباحي كون المكلاتي أحد ممتحني أحرار الفلاسفة والأدباء والفقهاء —ويقصد هنا ابن رشد ومحنته— في دولة الموحدين بناء على هذه التقنية،[87] وإن كنت لا أوافقه الرأي إذ إن هذه التقنية هي أسلوب جدلي استعمله جل المتكلمين في كل الأزمنة شرقاً وغرباً، وتسمى في علم الكلام بلازم المذهب، ويصعب الحكم على المكلاتي استناداً إليها، خاصة وأن لا دليل من التاريخ يؤكِّد ذلك.

أما في خاتمة دراسته فقد خلص المصباحي إلى تأكيده بأن علم الكلام لا يفتقر إلى عناصر فكرية ونقدية وتجديدية قوية، لكن مشكلته هو أفقه المسدود، حيث لا يفكر في الأرض والإنسان من أجل تقديم بديل علمي أو فكري للنظريات العلمية والرؤى الفلسفية التي ينتقدها، لأنه لا يبحث في الموجود بما هو موجود، لكن في الموجود بما هو إله، فالمكلاتي بالرغم من امتلاكه لأدوات الفلاسفة وإتقانه للغتهم لم يستغل ذلك في خدمة العلم بل أقصى ما رام إليه الدفاع عن مذهبه.[88] واعتبر المصباحي أن هذا الأفق المسدود من بين عوائق تطور الدرس الكلامي في الغرب الإسلامي، الأمر الذي جر معه تلاشي القول الفلسفي أيضاً في هذه البقعة من الأرض.[89]

والسؤال الذي يمكن أن يطرح على المصباحي هنا، بعد أن ربط بين مصير الفلسفة ومصير الكلام، كالآتي: ما العلاقة القائمة بين كلا العِلمين حتى يرتبط مصير أحدهما بالآخر، فيتلاشى الأول؛ أي الفلسفة، بتلاشي الثاني؛ أي الكلام؟ أو بعبارة أخرى هل يعيش القول الفلسفي ويستمر بالقول الكلامي؟

رابعاً: المكلاتي والغزالي، مواطن الاتفاق والاختلاف

 قدم صديق زريوحي لدراسته بأطروحة مفادها أن استلهام المكلاتي من الغزالي أمر لا يمكن إنكاره، إذ تدل عليه مجموعة من العوامل المشتركة بين اللباب وتهافت الفلاسفة، منها: الغرض من تأليفهما، والطرق المستعملة للرد على أقوال الفلاسفة، والمواقف التي يتبناها كلاهما إزاء العديد من القضايا الفكرية والمذهبية، كنسبة علم الكلام إلى العلوم الشرعية، والشروط التي يجب أن تتوفر فيمن يريد ممارسة صناعة الكلام، والصياغة الاستدلالية التي اشترط كلاهما على نفسه التزامها في رده على الفلاسفة.[90]

كانت هذه العوامل المشتركة بين المكلاتي والغزالي في القصد والهدف هي الدافع لصاحب الدراسة للمقارنة بينهما من أجل تحديد مواطن الاختلاف بينهما ومواطن أخرى للاتفاق، موجهاً تركيزه إلى الناحية الدلالية فقط، من خلال التساؤل عن مدى التطابق الحاصل على مستوى الحقل الدلالي بين فصل اصطلاحات اللباب ونص مقاصد الفلاسفة.[91]

ولكي تنتج مقارنته الثمار المرجوة، وجهها الدارس بمجموعة من الأسئلة، أهمها عن سبب إفراد المكلاتي لفصل خاص للاصطلاحات، وعن وعيه بالدور الذي تلعبه الدلالة في تأسيس اتجاه فكري معين، خاصة مع غياب هذا الفصل من المصنفات الكلامية إلى حدود عصره.[92] وكأن الدارس بسؤاله هذا يحاكي استشكال المصباحي عن مدى وعي المكلاتي برهانات مقالة الدال.[93] كما تساءل زريوحي عن نوعية العلاقة بين هذا الفصل من اللباب ومقاصد الفلاسفة، وعن صحة الدعوى القائلة بأن منزلة هذا الفصل من اللباب هي كمنزلة مقاصد الفلاسفة من تهافت الفلاسفة للغزالي.[94]

وقد عمد الدارس إلى هذه الأسئلة فأجاب عن بعضها وتجاهل البعض الآخر، ربما لوعيه بأن هناك من سبقه للإجابة عنها. منتقداً عند الإجابة الرأي القائل بأن مكانة فصل الاصطلاحات من اللباب كمكانة المقاصد من التهافت،[95] واصفاً إياه بأنه لا يصمد أمام الفحص النقدي، خاصة إذا تم استحضار التدرج في الدلالات الحاصل في اللباب، والذي غاب في المقاصد لعدم اهتمام الغزالي به بشكل مباشر.[96]

لكن عدم اهتمام الغزالي بالتدرج في دلالات المصطلحات التي عرض لها في المقاصد، لا يعني بأن المكلاتي له السبق في هذه الدلالات، بل إن صنيعه يحيل وبالدرجة الأولى إلى فيلسوف قطره ابن رشد، الذي دافع عن ضرورة إفراد فصل خاص لشرح دلالات الأسماء التي يعنى بها علم من العلوم. وهو أمر أدى بالدارس إلى القول بأن المكلاتي سعى من خلال هذا الفصل إلى جعل علم أصول الدين من العلوم الشرعية في المنزلة نفسها التي يتبوؤها علم ما بعد الطبيعة بالنسبة لباقي العلوم النظرية الأخرى، معضداً فرضيته بطريقة العرض الجديدة التي حدد بها المكلاتي موضوع علم الكلام، التي تبدو فيها وبوضوح آثار الفلسفة والمنطق.[97]

ثم مضى الدارس بعد هذه الفرضية إلى عقد مقارنته التي مهد لها، بين فصل مصطلحات اللباب ونص المقاصد، مقتصراً في ذلك على بعض المفاهيم المشتركة بينهما، لأن ما يسري عليها يسري على غيرها، وهي مفهوم الوجود، ومفهوم الجوهر والعرض، ومفهوم الواحد، مع إعراضه عن المفاهيم التي تفَرَّد بها أحدهما عن الآخر.[98]

أما عن مفهوم الوجود؛ فقد بين الدارس من خلاله أن المستجد عند المكلاتي هو جعله إياه الموضوع الأساس لعلم الكلام، وكأنه يجاري في ذلك أرسطو الذي اعتبره الموضوع الأساس للفلسفة.[99] ثم بعد ذلك، أورد الدارس تعريف المكلاتي للموجود، وعلق عليه بأنه مضطرب، بحيث لا يتمكن القارئ من فك رموزه إلا إذا وضع نصب عينيه تعريف الفارابي.[100]

ثم نقل نص ابن رشد في تعريف المفهوم ذاته، ليبين التشابه الكبير بين النصين، الأمر الذي يؤكد أنهما مستقيان من مصدر واحد وهو كتاب الحروف، مضيفاً بأن هذا النقل الحرفي من الحروف من شأنه أن يفضح —هكذا عبارته— طبيعة المناخ الفلسفي الذي يتحرك ضمنه المكلاتي، وسلطة الفارابي عليه وعلى المفكرين في الأندلس والمغرب الإسلامي.[101]

ثم انتقل الدارس بعد ذلك إلى تعريف مفهوم الوجود في مقاصد الفلاسفة، فاستنتج من خلاله بأن الغزالي على خلاف المكلاتي لم يتأثر بالفارابي وإنما تأثر في تحديده للوجود بتحديد ابن سينا، وهو معطى أسعف الدارس في إثبات أطروحته القاضية بالتباين الدلالي بين نصَّي المتكلمَيْن المغربي والمشرقي، بالرغم من تشابه قصدهما.[102]

  وبعد ذلك تطرق الدارس إلى ثاني زوج لفظي؛ أعني مفهومي الجوهر والعرض، فعرض تعريفهما عند كل من المكلاتي والغزالي، مستخلصاً منهما كذلك تأثر تعريف اللباب بالحروف وجوامع ما بعد الطبيعة، ومقاصد الفلاسفة بالتحديد السينوي.[103]

ثم ختم الدارس لائحته بمفهوم الواحد، مؤكداً من خلاله أن قسمة الواحد التي أوردها المكلاتي هي نفسها التي قدمها ابن رشد في جوامع ما بعد الطبيعة، مع فارق الترتيب، إذ إن المكلاتي يذكر أنواع الواحد دون ترتيب، بينما يصنفها ابن رشد إلى المعاني التي يقال عليها الواحد بالعدد والمعاني التي يقال عليها بالذات.[104]

وبعد دراسته لهذه المفاهيم وبيانه لمرجعية كل من المكلاتي والغزالي، خَلُص الدارس إلى أن المكلاتي قد تأثر حقيقةً بالخطاب الفلسفي خاصة في صيغته الرشدية والفارابية، وكأنه كان يضع أمامه عند كتابته للباب كتاب الحروف ينظر فيه، فإن وجد فيه مراده يكتفي به، وإن لم يجد فيه ينظر في جوامع ما بعد الطبيعة، ربما لاعتقاده بأن ابن رشد أخذ أيضا عن الفارابي.[105]

فكلام الدارس هنا يوحي بأن المصدر الأول —الأكثر اعتماداً— للمكلاتي هو الحروف، في حين أن المقارنات التي عقدها كل من أحمد علمي حمدان[106] ويامنة أدوهان[107] بين فصل مصطلحات المكلاتي والحروف وجوامع ما بعد الطبيعة أبانت بأن أغلب المصطلحات في اللباب مستمدة من الجوامع، والقليل منها من الحروف، بمعنى أن مصدر المكلاتي الأكثر اعتماداً هو ابن رشد.

أما بالنسبة لاستلهام المكلاتي من الغزالي، يؤكد الدارس بأنه أمر لا يمكن إنكاره، لكن ذلك لا يعني أبداً أنه كرَّر سابقه وأعاد إنتاجه، فلكل منهما خصوصيته ومرجعيته التي تختلف عن الآخر، ويمكن القول إن تأثير الغزالي فيه إلى حد ما كان بطريقة غير مباشرة، عن طريق الدور الذي لعبه في تشكيل الخطاب الفلسفي في المغرب والأندلس.[108] لكن هذا الدور لم يمنع المكلاتي من الاختلاف معه في كثير من الأمور، منها تجاوزه لطريقته الجدلية السفسطائية إلى أخرى استدلالية برهانية.[109] 

خامساً: دور المنطق في الكشف عن موقف المكلاتي من الفلسفة

ابتدأ حمو النقاري دراسته ببيان سبب تأليف اللباب، معلقاً عليه بأن سؤال السائل الموجه للمكلاتي من أجل أن يؤلف كتاباً للرد على الفلاسفة في علم الأصول هو دليل على الحضور القوي لأفكار هؤلاء الفلاسفة في المجال الثقافي في العدوة الأندلسية من الدولة الموحدية في أواخر القرن 6هـ وبداية القرن7هـ.[110]

مضيفاً بأن سبب التأليف يجعل الكتاب وكأنه حلقة من حلقات مخطط الحط من الفلسفة تتجاوز المغرب الإفريقي إلى المغرب الأندلسي، إذ تظهر نتائج هذا المخطط جلية في انتهاء المكلاتي إلى نسبة القول الفلسفي إلى السفسطة، مع علمه بأن في ذلك تنقيص من شأنه وقدره العلميين.[111]

تتوخى دراسة النقاري التركيز على الصورة البنائية لمجهود المكلاتي، دون التطرق إلى معلوماته العقدية الأشعرية التي ينتصر لها، بهدف الخلوص إلى أسره بمنطق الفلاسفة الأرسطي واستلابه به،[112] الأمر الذي استدلت له الدراسة بتسليم المؤلِّف برأي الفلاسفة في طبيعة القول الفلسفي البنائية، إذ هم لا يشترطون في صحة هذا القول أن تكون صورته الظاهرة صورة استدلالية واضحة النتائج والمداليل، لكن المعتبر عندهم في مقبوليته ومشروعيته أن تكون صورته الباطنة الصناعية المفترضة صورة استدلالية تعود إلى إحدى الصور الاستدلالية النموذجية في المنطق الأرسطي، وهو أمر ميَّز كتاب المكلاتي عن غيره من الكتب المصنفة ضمن اتجاه الرد على الفلاسفة، وذلك لأنه بنى كل براهينه واستدلالاته بناء قياسياً.[113]

ويظهر هذا الجانب المسَلِّم والمستلَب بالمنطق الأرسطي حسب حمو النقاري، في أمور ثلاثة:

● الأمر الأول: في وجوه إثبات المكلاتي للحق، وتصويره لمذهبه تصويراً قياسياً؛[114]

● الأمر الثاني: في تحريره تدليلات الفلاسفة وأحكامهم الباطلة في صور قياسية؛[115] وهو أمر لا يتم له إلا بعد قيامه بأربعة أفعال تصب كلها في إعادة بناء القول الفلسفي وهي:

أولا: تحرير التدليل الأساس الذي يستند إليه الفلاسفة، يسميه عمدة القوم؛

ثانيا: تحرير التدليلات الممهدة للتدليل الأساس؛

ثالثاً: تمييز التدليل الأساس أو التدليلات الممهدة التي تكون عمدة متمسكاً بها أكثر من غيرها؛

رابعاً: الكشف عن المضمر الذي لا تفهم تدليلاتهم إلا باستحضاره؛

وبالتالي، يصبح الرد على الفلاسفة عن طريق بيان مذهبهم بإنجاز الأفعال الأربعة السابقة، متضمناً وإن بغير قصد خدمة الفلسفة وترويج وتقريب أحكامها وتقريراتها حسب النقاري.

● الأمر الثالث: في إبطاله لتدليلات الفلاسفة باعتبارها شبهاً، بالاقتصار على التركيز على المقدمات دون النتائج، عملاً بالمبدأ الأرسطي الذي يفيد أن إسقاط مقدمة من مقدمات القول التدليلي يصيره قولاً عرياً عن البرهان.[116]

وتجدر الإشارة هنا، رداً على النقاري، أن المتقدمين من الأشاعرة عملوا بهذا المبدأ أيضاً بصيغة: بطلان الدليل مؤذن ببطلان المدلول، مما يعني بأن المكلاتي ليس بالضرورة متبعاً للمبدأ الأرسطي في إبطاله لمقدمات خصومه، إذ القاعدة معمول بها في مذهبه العقدي أيضاً. وقد يقال إن المكلاتي من متأخري الأشاعرة، وجوابه أن تقسيم الأشاعرة إلى متقدمين ومتأخرين هو تقسيم إجرائي لا نهائي، فلا جرم أن يأخذ صاحب اللباب هذه القاعدة ممن تقدمه من المنتمين لنفس المذهب.

وبعد هذه الإشارة تكون الدراسة قد وصلت إلى خاتمتها، حيث خلُص فيها صاحبها إلى إثبات أطروحته التي مهد لها ودافع عنها، وهي ائتسار المكلاتي بالفلسفة لا انتصاره عليها، وذلك لأنه سلك منهج الفلاسفة المناطقة وأعرض عن أساليب المناظرة وآداب البحث الأصولية.[117]

وإن كنت لا أتفق مع النقاري في خلاصته هاته، إذ إني أرى أن استعمال المكلاتي للمنطق الأرسطي هي مزية من مزايا اللباب، لأنه لو افترضنا أن المكلاتي لجأ إلى الطريقة الكلامية في المناظرة لما أحدث رده أي أثر عند مخالفيه، فمن ثمة يكون من الصائب مناظرتهم بأدواتهم لكي تكون هناك أرضية مشتركة في التناظر يفهمها الطرفين.

وقد اختلفت معه يامنة أدوهان كذلك بخصوص أطروحته القاضية بائتسار المكلاتي بالفلسفة اعتماداً على البناء القياسي للباب، مرجحة كون استعمال المنطق الأرسطي من طرف المكلاتي من أجل الرد على الفلاسفة هو استراتيجية اتبعها هذا الأخير في مؤلَّفه بهدف خَلْق مجال مشترك للتناظر، كما هو الشأن بالنسبة للفصل الذي نذره لدلالات الأسماء المشتركة بين النظار، ولا ينبغي أن يفهم منه بأنه استلِب بالفلسفة استناداً على ذلك.[118]

سادساً: المكلاتي والنقد المبطن لابن رشد

خصص عزيز أبو شرع جزءاً من دراسته للحديث عن المكلاتي وموقفه من ابن رشد، بعنوان: المكلاتي والنقد المبطن لابن رشد، المدرسة الغزالية المغربية في مواجهة ابن رشد.[119] حيث بَيَّن فيه بأن ابن رشد داخل دون شك ضمن النقد الذي وجهه المكلاتي ضد الفلاسفة، إن لم يكن هو المقصود الوحيد، باعتباره من بني قطره أولاً، ولشهرته ثانياً، وزعامته للمدرسة الفلسفية التي قصد المكلاتي مناظرتها، وهي مدرسة المشائين.[120]

لكن عدم ذكر اللباب اسم فيلسوف قرطبة وضع الدارس في حيرة من أمره بين فرضيتين، دون أن يتمكن من إدراج المكلاتي تحت إحديهما:

-الفرضية الأولى: أنه لم يذكر اسمه تحاملاً عليه، لطمس مكارمه باعتباره غريماً له؛

-الفرضية الثانية: أنه لم يذكره استحضاراً لنكبته التي بُرِّرت باشتغاله بالفلسفة.[121]

ومن الجدير بالذكر في هذا المقام أن يامنة أدوهان في أطروحتها للدكتوراه أعطت تفسيراً آخر لعدم ذكر المكلاتي لاسم ابن رشد، يختلف تماماً عن الفرضيتين اللتين خمنهما الدارس، يفيد بأن غموض العلاقة بين المكلاتي وابن رشد لا يجب أن يفهم دائماً بخلفية النكبة؛ إذ إن هناك مَن اقتبس المكلاتي أقواله دون أي ذكر لاسمه، ولم يتعرض لمحنة ولا كانت بينه وبين المكلاتي أي خصومة، وهو الشهرستاني، الذي كان كتابه نهاية الإقدام في علم الكلام من المصادر المعتمدة لدى المكلاتي. بل على العكس من ذلك يجب فهم ذلك على أنه موقف حكيم اتخذه المكلاتي تجاه ابن رشد، إذ تعامل مع كلامه كحجج وأدلة تجب مقارعتها بمثيلاتها، أي الأفكار في مواجهة الأفكار بغض النظر عن الأشخاص، الأمر الذي يعلله النَّفَس الجدلي التناظري الذي ميز كتاب اللباب.[122] 

ويؤكد الدارس في مختتم دراسته أن امتلاك كل من الغزالي والمكلاتي للأدوات الفلسفية إضافة كبيرة إلى مصنفيهما، وليس انصرافاً منهما من الكلام إلى الفلسفة، بل هي مجاراة متكلميْن للفلاسفة.[123] وكأني به من خلال هذا التأكيد يرد على ما ذهب إليه حمو النقاري وأحمد علمي حمدان، من استيلاب الفلسفة للمكلاتي،[124] ومحاولة تلبيسه على القارئ فلا يحس بائتساره بها.[125]

خاتمة

بعد هذه الجولة المطولة في الدراسات التي أُنجزت حول فكر المتكلم الأشعري المكلاتي، يمكن إجمال أهم النتائج التي خلصت إليها هذه الدراسات في النقاط الآتية:

● تأثر المكلاتي بالغزالي في الرد على الفلاسفة لم يفقده خصوصيته وفرادته، ويدل على ذلك الفروق النوعية بين المتكلمَيْن المشرقي والمغربي في القصد والبناء؛ أما في القصد فقد رام الغزالي في تهافته إلى إبطال القول الفلسفي بينما قصَد المكلاتي —بعد الإبطال— إلى إثبات مذهب الحق في المسائل التي ناقش فيها الفلاسفة. وأما في البناء فقد تجاوز المكلاتي طريقة الغزالي الجدلية إلى طريقة استدلالية برهانية.

● اشتراط المكلاتي على نفسه الصورة البنائية القياسية في إخراج أقاويل الفلاسفة ثم تصحيحها أو إفسادها مجاراة للتقليد المشائي.

● اقتباس المكلاتي من الحروف للفارابي وجوامع ما بعد الطبيعة لابن رشد في فصله للألفاظ المشتركة بين النظار —وتفضيله للثاني في أحايين كثيرة على حساب الأول—مع الإبقاء على الحمولة الفلسفية لبعض الألفاظ، جعل الدراسات حول فكره تنقسم إلى فريقين؛ فريق يذهب إلى أن مؤلف اللباب قصد التلبيس على القارئ، فلا يشعره أنه متبن للدلالة الفلسفية لبعض الألفاظ، فلا يفرق (القارئ) بين ما هو كلامي وما هو فلسفي. وفريق يرى أن المكلاتي سعى إلى الوضوح والإبانة، فالهدف من وراء إنشائه لفصل للمصطلحات هو وضوح معنى الألفاظ المتناظر بشأنها وليس التلبيس.

● استعمال المكلاتي لمجموعة من الأقوال في ثنايا كتابه وعدم ذكره لأصحابها، سواء كانوا من المؤالفين أو من المخالفين —كالجويني والشهرستاني ابن رشد—، دليل على أنه كان يتعامل معها معاملة الحجج والأدلة فلا يهتم بأصحابها بقدر ما يهتم بصحتها وموافقتها لشرطه ومقامه.

● لم يكن غرض المكلاتي الرد على تهافت التهافت من أجل الانتصار لتهافت الفلاسفة، لذلك تجده يتبنى هذا لإبطال ذاك والعكس بالعكس، حسب ما يقتضيه المقام.

● وأخيرا فإن عمل المكلاتي ما عاد بكرا، لذا فمن شأن كل دراسة مستقبلة أن تنطلق مما تحقق في هذا الملف من تراكم.

Bibliography

Abū Sharʿ, ʿAzīz. “Mawqif al-ashāʿira min Ibn Rushd wa kitāb al-Kashf fī al-asbāb al-ashʿariyya li ufūl al-rushdiyya.” Tabayyun, vol. 7, 25 (2018) : 49–70.

Adouhane, Yamina. “Al-Miklātī, a Twelfth Century Ašʿarite Reader of Averroes.” Arabic sciences and philosophy, vol 22 (2012): 155–197.

Adouhane, Yamina. Une critique aš‘arite post-rušdienne de la cosmologie d’avicenne: traduction et commentaire de la Quintessence des Intellects d’Abū al-Hağğāğ al-Miklātī (m. 1229). Thèse pour obtenir le grade de Docteur de l’Ecole Normale Supérieure en philosophie, sous la direction de M. Marwan Rashed, Paris: ENS, 2015.

Al-Juwaynī, Abū al-Maʿālī. Al-ʿAqīdah an-Niḍāmiyya fī al-Arkān al-Islāmiyya. Edited by Muḥammed Zāhid al-Kawtharī. Cairo: al-Maktaba al-Azhariyya li al-turāth, 1992.

Al-Miklātī, Abū al-Hajjāj. Lubāb al-ʿUqūl fī al-rad ʿalā al-Falāsifa fī ʿIlm al-uūl. Edited by Aḥmad ʿAlamī Ḥamdān. Fes : Markaz al-dirāsāt al-rushdiyya, Faculty of Arts and Humanities, 2012.

Al-Miṣbāhī, Muḥammed. “Iltibās al-waḍʿ al-Maʿrifī li ʿIlm al-Kālām ʿinda al-Miklātī.” Al-Ittijāhāt al-kalāmiya fī al-ğarb al-islāmī, edited by ʻAlī al-Idrīssī, 217–235. Rabat : Faculty of Arts and Humanities, 2005.

Al-Murrākushī, Ibn ʿAbd al-Malik. Ađ-đayl wa al-Takmila li Kitābay al-Mawṣūl wa al-Ṣila. Edited by Iḥsān ʿAbbās and Muḥammed ben Shrifah, 1st edition. Tunisia : Dār al-Ğarb al-Islāmī, 2012.

Al-Naqārī, Ḥmmū. “Al-laʿib al-naḍarī bi al-qiyās : Manhaj Abū al-Hajjāj yūsuf al-Miklātī fī al-rad ʿAlā al-Falāsifa fī ʿIlm al-Uṣūl min khilāl kitābih : Lubāb al-ʿUqūl fī al-rad ʿala al-Falāsifa fī ʿIlm al-Uṣūl.” Al-Fikr al-ʿIlmī fī al-Mağrib, edited by Bnāṣr al-Buʿzātī, 11–28. Rabat : Faculty of Arts and Humanities, 2003.

Al-Shahristānī, Abū al-Fatḥ. Nihāyat al-Iqdām fī ʿIlm al-Kalām. Edited by Alfred Guillaume, 1st edition. Cairo : Maktabat al-thaqāfa al-dīniya, 2009.

Ben Ahmed, Fouad. “Ibn Rushd in the Ḥanbalī Tradition. Ibn Taymiyya and Ibn al-Qayyim al-Jawziyya and the Continuity of Philosophy in Muslim Contexts.” The Muslim World, vol. 109, 4 (October 2019): 561–581.

Ben Ahmed, Fouad. “Iʿādat Kitābat tārīkh al-falsafa fī al-siyāqāt al-islāmiya al-sunniya: Ibn Taymiyya wa athar Ibn Rushd.” Hesperis-Tamuda, vol. 55,1 (2020): 303–354.

Ben Ahmed, Fouad. “Mawt al-falsafa fī al-siyyāqāt al-islāmiyya (2): Suʾāl al-tarākum wa ṣadā al-istishrāq fī al-dirāsāt al-ʿarabiyya.” Philosophy and science in Islamic contexts. Link: https://philosmus.org/archives/2458.

Ben Ahmed, Fouad. “Mawt al-falsafah fī al-siyāqāt al-Islāmīya al-Juzʾ al-Awwal : Fī Naqd al-istishrāq.” Philosophy and science in Islamic contexts. Link: https://philosmus.org/archives/2392.

Zaryūḥī, Ṣaddiq. “Tabāyun al-ḥaql al-dalālī bayna al-Ghazālī wa al-Miklātī min khilāl kitābay Maqāṣid al-Falāsifa wa Lubāb al-ʿUqūl.Qadāya fī ʿilm al-kalām, Edited by Saʿīd al-Būsklāwī, 193–207. Oujda : Faculty of Arts and Humanities, 2016.

ʿAlamī Ḥamdān, Aḥmad. “Istīʿāb al-laḥḍa al-rushdiyya fī naqd al-Miklātī lil-falsafa.” Al-Ittijāhāt al-kalāmiyah fī al-ğarb al-islāmī, edited by ʿAlī al-Idrīssī, 237–259. Rabat : Faculty of Arts and Humanities, 2005.

 

 

للتوثيق

بدوي، ماجدة. ”أثر فلسفة ابن رشد في الكلام الأشعري المغربي: دراسة في المنجز حول فكر أبي الحجاج يوسف المكلاتي (ت.626هـ/1229م)“ ضمن موقع الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية، الرابط <https://philosmus.org/archives/3858>

ماجدة بدوي

تهتم ماجدة بدوي Majda Badaoui بعلم الكلام ومقارنة الأديان وتعد رسالة في مشكلة الشر بين اللاهوت المسيحي الوسيط والكلام الإسلامي الاعتزالي بمؤسسة دار الحديث الحسنية-جامعة القرويين-الرباط. وتشتغل أستاذة للتعليم الثانوي التأهيلي. Majbad2010@gmail.com

✯ وجب التنبيه إلى أن الصيغة الأولى هذه الورقة جزء من دراسة جامعية أنجزت تحت إشراف الأستاذ فؤاد بن أحمد (مؤسسة دار الحديث الحسنية-الرباط)؛ وإليه يعود فضل تجويدها وزيادة تطويرها، لكني وحدي أتحمل مسؤولية أخطاء العمل وهناته.

[1] من تلك الدراسات يمكن الاطلاع على:

فؤاد بن أحمد، ”موت الفلسفة في السياقات الإسلامية: الجزء الأول، في نقد الاستشراق،“ ضمن موقع الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية، الرابط https://philosmus.org/archives/2392.

فؤاد بن أحمد، ”موت الفلسفة في السياقات الإسلامية: الجزء الثاني، سؤال التراكم وصدى الاستشراق في الدراسات العربية،“ ضمن موقع الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية، الرابط https://philosmus.org/archives/2458.

فؤاد بن أحمد، ”إعادة كتابة تاريخ الفلسفة في السياقات الإسلامية السنية: ابن تيمية وأثرابن رشد،“ هيسبريس تمودا، العدد55، مجلد1 (2020): 303-354.

Fouad Ben Ahmed. “Ibn Rushd in the Ḥanbalī Tradition. Ibn Taymiyya and Ibn Qayyim al-Jawziyya and the Continuity of Philosophy in Muslim Contexts.” The Muslim World, vol. 109, 4 (October 2019): 561-81.

[2] حمو النقاري، ”اللعب النظري بالقياس: منهج أبي الحجاج يوسف المكلاتي في الرد على الفلاسفة في علم الأصول من خلال كتابه: لباب العقول في الرد على الفلاسفة في علم الأصول،“ ضمن الفكر العلمي في المغرب العصر الوسيط المتأخر، تنسيق بناصر البعزاتي (الرباط: كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2003)، 11-28.

[3] صديق زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي من خلال كتابي مقاصد الفلاسفة ولباب العقول،“ ضمن قضايا في علم الكلام، تنسيق سعيد البوسكلاوي (وجدة: كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2016).

[4] محمد المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ ضمن الاتجاهات الكلامية في الغرب الإسلامي، تنسيق علي الإدريسي (الرباط: كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2005)، 193-207.

[5] أحمد علمي حمدان، ”استيعاب اللحظة الرشدية في نقد المكلاتي للفلسفة،“ ضمن الاتجاهات الكلامية في الغرب الإسلامي، تنسيق علي الإدريسي (الرباط: كلية الآداب والعلوم الإنسانية، 2005)، 237-259. ولم يكن وحيداً في اهتمامه بهذا الجانب، بل شاركته في ذلك الدكتورة يامنة أدوهان في دراستها ”المكلاتي، قارئ أشعري لابن رشد من القرن الثاني عشر.“

Yamina Adouhane, “Al-Miklātī, a Twelfth Century Ašʿarite Reader of Averroes,” Arabic sciences and philosophy, vol 22 (2012) : 155-197.

 وفي بعض المحاور من رسالتها للدكتوراه المعنونة ب: نقد أشعري بعد ابن رشد لكونيات ابن سينا: ترجمة وتعليق على لباب العقول لأبي الحجاج المكلاتي (ت.1229).

Yamina Adouhane, Une critique aš‘arite post-rušdienne de la cosmologie d’Avicenne: traduction et commentaire de la Quintessence des Intellects d’Abū al-Haǧǧāǧ al-Miklātī (m. 1229), Thèse pour obtenir le grade de Docteur de l’Ecole Normale Supérieure en philosophie, Sous la direction de M. Marwan Rashed (Paris: ENS, 2015).

[6] ظهر كتاب اللباب أول مرة بتحقيق الدكتورة فوقية حسين محمود، حيث صدرت الطبعة الأولى منه سنة 1977، بعنوان كتاب لباب العقول في الرد على الفلاسفة في علم الأصول.

[7] علمي حمدان، ”قول موطئ لتحليل الكتاب وقراءته،“ ضمن المكلاتي، لباب العقول في الرد على الفلاسفة في علم الأصول، تحقيق وتقديم وتعليق أحمد علمي حمدان (فاس: منشورات جامعة سيدي محمد بن عبد الله، 2012)، 5-12.

[8] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 13-18.

[9] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 24-49.

[10] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 19-23.

[11] تجدر الإشارة إلى أن أحمد علمي حمدان نشر قبل هذه الدراسة —وقبل تحقيق اللباب كاملاً— جزءاً من عمل المكلاتي، وهو فصل الألفاظ المشتركة بين النظار، ونُشِر ضمن مجلة دفاتر مجموعة البحث في الفلسفة الإسلامية. انظر: أبو الحجاج المكلاتي، ”تفسير الأسماء المشتركة الدائرة بين النظار من كتاب لباب العقول في الرد على الفلاسفة في علم الأصول، تحقيق أحمد علمي حمدان،“ مجلة دفاتر مجموعة البحث في الفلسفة الإسلامية، العدد 1، (1998): 61-99.

[12] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 5.

[13] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 7.

[14] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 5-7.

[15] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 8.

[16] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 7.

[17] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 15.

[18] كانت بين ابن القطان والمكلاتي منافرة شديدة، فلما جاء أعداء ابن القطان إلى أبي الحجاج يريدون فتواه في ابن القطان، حيث نسبوا إليه قولا باكتساب النبوات كي ينتقموا منه، فأبى المكلاتي إفتاءهم فيه وأنبهم ووبخهم على مسعاهم بالرغم من الخصومة التي بينهما. ينظر: ابن عبد الملك المراكشي، الذيل والتكملة لكتابي الموصول والصلة، السفر الثامن، تحقيق إحسان عباس ومحمد بن شريفة (تونس: دار الغرب الإسلامي، 2012)، مج. 5: رقم 229، 351-352.

[19] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 9، هامش1.

[20] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 11-12.

[21] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 26-43.

[22] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 43-49.

 [23] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 24.

[24] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 27.

[25] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 27.

[26] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 38.

[27] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 28.

[28] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 40.

[29] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 30-36 و41-43.

[30] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 43-49.

[31] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 47.

[32] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 43-44.

[33] استدعى المكلاتي في تصحيح المقدمة الكبرى لدليل الجواز [والمقصود هنا قوله: ”كل موجود، سوى الله تعالى فهو جائز بالنظر إلى ذاته؛ وكل جائز بالنظر إلى ذاته، حادث؛ فكل موجود سوى الله تعالى حادث“] الذي توسله لإثبات حدوث العالم دليل التخصيص، الذي يطلق عليه أيضاً دليل إبطال الترجيح دون مرجح؛ ومفاده أن كل موجود، سوى الله تعالى، فهو جائز بالنظر إلى ذاته، وكل جائز مفتقر إلى مخصص؛ لأن مقتضى الجواز تساوي طرفي النفي والإثبات في المتَّصِف به بالنظر إلى ذاته، فإذا وُجد الجائز وتقرر ثبوته بدلاً عن عدمه، لزم أن يكون وجوده من فعل المخصص. انظر: أبو الحجاج يوسف المكلاتي، لباب العقول في الرد على الفلاسفة في علم الأصول، تحقيق وتقديم وتعليق أحمد علمي حمدان (فاس: منشورات جامعة سيدي محمد بن عبد الله، 2012)، 141-142.

فالمكلاتي لم يكن سبَّاقاً إلى الاستدلال ببرهان التخصيص، بل سبقه إلى ذلك إمام الحرمين الجويني؛ إذ قال في الإرشاد: ”والحكم الجائز ثبوته والجائز انتفاؤه، إذا تخصص بالثبوت بدلاً عن الانتفاء المجوَّز، افتقر إلى مقتض يقتضي له الاختصاص بالثبوت، وذلك معلوم أيضاً على البديهة.“ أبو المعالي الجويني، الإرشاد إلى قواطع الأدلة في أصول الاعتقاد، تحقيق عبد الرحيم السايح وتوفيق علي وهبة (القاهرة: مكتبة الثقافة الدينية، 2009)، 24. ويقول أيضاً في العقيدة النظامية: ”فإذا لزم العالم حكم الجواز، استحال القضاء بقد[مـ][ه، وتقرر أنه مفتقر إلى مقتضى اقتضاه على ما هو عليه.“ أبو المعالي الجويني، العقيدة النظامية في الأركان الإسلامية، تحقيق محمد زاهد الكوثري (القاهرة: المكتبة الأزهرية للتراث، 1992)، 16.

[34] يقول المكلاتي في تقرير مذهبه في مسألة حدث العالم: ”فمذهب أهل الحق، أن العالم محدث ومخلوق. أحدثه الباري تعالى بقدرته. وكان الله، تبارك وتعالى ولم يكن معه شيء. واتفق على ذلك جميع أهل الملل. ووافقهم على ذلك من الفلاسفة، أفلاطون وسقراط وإنمادقليس وفيتاغورش وأنكساغورش وتاليس.“ المكلاتي، لباب العقول، 137. وهذا الكلام منقول حرفياً من نهاية الإقدام؛ حيث قال أبو الفتح الشهرستاني: ”مذهب أهل الحق من أهل الملل كلها أن العالم محدث مخلوق، أحدثه الباري تعالى وأبدعه، وكان الله تعالى ولم يكن معه شيء، ووافقتهم على ذلك جماعة من أساطين الحكمة وقدماء الفلاسفة؛ مثل: ثاليس، وأنكساغورس وأنكسمايس ومن تبعهم من أهل ملطية، ومثل: فيثاغورس وأنبدقلس وسقراط وأفلاطن من أثينية ويونان“. أبو الفتح الشهرستاني، نهاية الإقدام في علم الكلام، تحرير ألفريد جيوم (القاهرة: مكتبة الثقافة الدينية، 2009) 3.

[35] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 44-45.

[36] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 45.

[37] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 47.

[38] Adouhane, Une critique aš‘arite, vol. 1 : 42.

[39] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 220.

[40] Adouhane, “Al-Miklātī,” 159.

[41] Adouhane, “Al-Miklātī,” 161.

[42] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 196-197.

[43] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 47-49.

[44] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 49.

[45] Adouhane, Une critique aš‘arite, vol.1 : 35.

[46] Adouhane, “Al-Miklātī,” 155.

[47] Adouhane, “Al-Miklātī,” 155-157.

[48] Adouhane, “Al-Miklātī,” 157.

[49] Adouhane, “Al-Miklātī,” 159-160.

[50] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 45-46.

[51] Adouhane, “Al-Miklātī,” 160.

[52] Adouhane, “Al-Miklātī,” 161.

[53] Adouhane, “Al-Miklātī,” 162.

[54] Adouhane, “Al-Miklātī,” 163.

[55] Adouhane, “Al-Miklātī,” 164.

[56] Adouhane, “Al-Miklātī,” 164.

[57] والمقصود هنا نقد تهافت التهافت لابن رشد.

Adouhane, “Al-Miklātī,” 164.

[58] Adouhane, “Al-Miklātī,” 165-167.

[59] قال علمي حمدان: ”فجاء عدد من مسائله ظفائر [=ضفائر] يتناوب فيها طرفا الخصومة، الغزالي وابن رشد، لا فعل للمكلاتي فيها سوى الترتيب والتركيب والإفساد والتصحيح.“ انظر: علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 28.

[60] Adouhane, “Al-Miklātī,” 167.

[61] Adouhane, “Al-Miklātī,” 171.

[62] Adouhane, “Al-Miklātī,” 172.

[63] عزيز أبو شرع، ”موقف الأشاعرة من ابن رشد وكتاب الكشف في الأسباب الأشعرية لأفول الرشدية“، مجلة تبين، العدد25 (2018): 63.

[64] Adouhane, “Al-Miklātī,” 174-194.

[65] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 217.

[66] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 218.

[67] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 218.

[68] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 219.

[69] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 45-46.

[70] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 220.

[71] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 221.

[72] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 224.

[73] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 224.

[74] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 224.

[75] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 225.

[76] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 225.

[77] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 226.

[78] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 270.

[79] Adouhane, Une critique aš‘arite, vol.1 : 43.

تجدر الإشارة إلى أن علمي حمدان تنبه لاستبدال المكلاتي للفظ القوة بالإمكان قبل أدوهان، حيث يقول: ”فكيف جرأ المكلاتي على استعمال لفظ ’القوة‘ مع المعرفة التامة لكل ما سبق، بما فيه خصومة ابن رشد لإخراج ’القوة‘ مخرج ’الإمكان‘ الذي في الفاعل. وكان ينجيه من هذا اللبس الدلالي والمذهبي —لو كان فعلاً يقصد توضيح المذهب— أن يستعمل لفظ ’الإمكان‘، على احتماله وإجماله. لكنه أصر، واستخدم لفظ ’القوة‘، فوضعنا على أعتاب فهم الحدوث والإحداث فهماً مخالفا، بالإطلاق، لفهم المتكلمين“. علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 49.

[80] وقد سبق حمو النقاري محمد المصباحي في اعتبار المكلاتي جزءاً من مخطط الحط من الفلسفة. حمو النقاري، ”اللعب النظري بالقياس،“ 12.

[81] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 226-227.

[82] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 227.

[83] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 230.

[84] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 231.

[85] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 231.

[86] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 232.

[87] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 233. تشارك المصباحي وعلمي حمدان في هذا الرأي؛ حيث يقول حمدان بهذا الصدد: ”فالنازلة، تداولها مجلس المذاكرة والمناظرة، وحكم فيها الطلبة بخروج ابن رشد عن سنن الشريعة، وإيثاره حكم الطبيعة؛ فجرت على الأرجح، بحضور المكلاتي، الذي ألزمه المنصور، منذ عرفه ونبه عليه، حضور مجلسه مع من يحضر من الطلبة […] فلا مانع يحول دون حضور المكلاتي طرفاً في المشورة، اعتباراً لصدى ابن رشد في لباب العقول.“ علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 12.

[88] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 235.

[89] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 218.

[90] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 194-195.

[91] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 195.

[92] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 196.

[93] المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 220.

[94] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 196.

[95] ذهب إلى هذا الرأي محمد المصباحي، لكن لم يكن متفقاً معه كلياً. فكأننا بزريوحي هنا يرد على المصباحي دون فهم دقيق لموقفه. يقول المصباحي: ”إذا كان المكلاتي لم يلتفت إلى الوضع الخاص لمقالة الدال من علم ما بعد الطبيعة، عندما حشرها حشراً في كتاب مضاد لاستراتيجيتها الدلالية، نتساءل هل كان القصد من وراء عمله هذا أن يمهد للرد عليها، جرياً على عادة أبي حامد الغزالي في كتابه مقاصد الفلاسفة؟ لا نعتقد ذلك، لأن المكلاتي لم يقم في كتابه الذي نحن فيه بنقد منهجي للعدة الاصطلاحية للقول الفلسفي. لكن هذا لا يعني أن ننكر أنه مارس بين الفينة والأخرى نقداً دلالياً لبعض اصطلاحات الفلاسفة في ثنايا ردوده على خصومه العديدين، وإنما يعني أن هذا النقد السريع والمتناثر لم يُفض به إلى استبدال قاموس بآخر، أو تعويض أفق دلالي بآخر.“ المصباحي، ”التباس الوضع المعرفي لعلم الكلام عند المكلاتي،“ 225-226.

[96] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 197.

[97] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 197. ينظر في الحديث عن موضوع علم الكلام: المكلاتي، لباب العقول، 76.

[98] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 198.

[99] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 198.

[100] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 199.

[101] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 200.

[102] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 201.

[103] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 202-203.

[104] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 204.

[105] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 205.

[106] ينظر: علمي حمدان، “قول موطئ،“ 45-46.

[107] Adouhane, “Al-Miklātī, ”160.

[108] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 205.

[109] زريوحي، ”تباين الحقل الدلالي بين الغزالي والمكلاتي،“ 205.

[110] النقاري، ”اللعب النظري بالقياس،“ 11.

[111] النقاري، ”اللعب النظري بالقياس،“ 12.

[112] النقاري، ”اللعب النظري بالقياس،“ 14.

[113] النقاري، ”اللعب النظري بالقياس،“ 15.

[114] النقاري، ”اللعب النظري بالقياس،“ 17.

[115] النقاري، ”اللعب النظري بالقياس،“ 19.

[116] النقاري، ”اللعب النظري بالقياس،“ 22.

[117] النقاري، ”اللعب النظري بالقياس،“ 28.

[118] Adouhane, Une critique aš‘arite, vol. 1: 37.

[119] أبو شرع، ”موقف الأشاعرة من ابن رشد، “ 62.

[120] أبو شرع، ”موقف الأشاعرة من ابن رشد،“ 63.

[121] أبو شرع، ”موقف الأشاعرة من ابن رشد،“ 62.

[122] Adouhane, Une critique aš‘arite, vol. 1 : 17.

[123] أبو شرع، ”موقف الأشاعرة من ابن رشد،“ 63.

[124] النقاري، ”اللعب النظري بالقياس،“ 28.

[125] علمي حمدان، ”قول موطئ،“ 44.

 

مقالات ذات صلة

في مشروعية الكلام السني ضدا على إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي (ت.505هـ/1111م): قطعة من موسوعة الأسرار والعبر لأبي بكر الطرطوشي (ت.520هـ/1126م)، تعريفٌ وتوصيف

في مشروعية الكلام السني ضدا على إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي (ت.505هـ/1111م): قطعة من موسوعة الأسرار والعبر لأبي بكر الطرطوشي (ت.520هـ/1126م)، تعريفٌ وتوصيف

On the Legitimacy of Sunni Theology against Abū Ḥāmid al-Ghazālī’s Iḥyāʾ ʿUlūm al-Dīn (d. 505/1111): A Section from Abū Bakr al-Ṭurṭūshī’s al-Asrār wa-l-ʿIbar (d. 520/1126) - Introduction and Description Fī Mashrūʿiyyat al-Kalām al-Sunnī Ḍiddan ʿalā Iḥyāʾ ʿUlūm al-Dīn...

منهج الغزالي في التأليف في علم المنطق

منهج الغزالي في التأليف في علم المنطق

Al-Ghazālī’s Methodology in His Writings on Logic Manhaj al-Ghazālī fī al-Taʾlīf fī ʿIlm al-Manṭiq منهج الغزالي في التأليف في علم المنطق محمد رويMohamed Roui جامعة عبد الملك السعديUniversité Abdelmalek Essaadi  ملخص: تتناول هذه الدراسة معالم منهج أبي حامد الغزالي...

المنطق في الحضارة الإسلاميّة

المنطق في الحضارة الإسلاميّة

المنطق في الحضارة الإسلاميّة خالد الرويهبKhaled El-Rouayheb جامعة هارفارد-كمبريدجHarvard University-Cambridge  ملخص: ”المنطق في الحضارة الإسلامية“ لخالد الرويهب (جامعة هارفارد بكمبريدج) هي في الأصل محاضرة بالعربية ألقيت في مؤسسة البحث في الفلسفة العلوم في...

مكانة ”الالتباس“ في الثقافة العربية الإسلامية في عصرها الكلاسيكي: بواكير منظور جديد

مكانة ”الالتباس“ في الثقافة العربية الإسلامية في عصرها الكلاسيكي: بواكير منظور جديد

Navigating Ambiguity: Exploring the Role of Uncertainty in the Classical Arab-Islamic Culture Makānat Al-Iltibās fī al-Thaqāfah al- ʿArabiyya al-Islāmiya Fī ʿAṣrihā al-Klāsīkī:Bawākīr Manẓūr Jadīd مكانة ”الالتباس“ في الثقافة العربية الإسلامية في عصرها الكلاسيكي بواكير...

في مقاربة فلسفة الفعل عند الفخر الرازي: مراجعة نقدية لمقالة ”فلسفة الفعل ونظرية العادة التاريخية عند المتكلمين“

في مقاربة فلسفة الفعل عند الفخر الرازي: مراجعة نقدية لمقالة ”فلسفة الفعل ونظرية العادة التاريخية عند المتكلمين“

On the Approach to the Philosophy of Action in Fakhr al-Dīn al-Rāzī:A Critical Review of “Falsafat al-fiʿl wa-naẓarīyyat al-ʿādah al-tārīkhīyyah ʿinda al-mutakallimīn” Fī muqārabah Falsafat al-fiʿl ʿinda Fakhr al-Dīn al-Rāzī:Murājaʿat naqdīyyah li-maqālat “Falsafat...

أبو البركات البغدادي ومشكل الزمان

أبو البركات البغدادي ومشكل الزمان

Abū al-Barakāt al-Baghdādī on The Problem of Time Abū al-Barakāt al-Baghdādī wa Mushkil al-Zamān Jalel DridiUniversity of Tunis, Tunis أبو البركات البغدادي ومشكل الزمان جلال الدريديجامعة تونس، تونس Abstract׃ The approach adopted by Abū al-Barakāt al-Baghdādī...

مشروعية النظر العقلي في تقرير العقائد عند المتكلمين: فخر الدين الرازي نموذجًا

مشروعية النظر العقلي في تقرير العقائد عند المتكلمين: فخر الدين الرازي نموذجًا

Machrūʿiyat al-naẓar al-ʿaqlī fī taqrīri al-ʿaqāʾid ʿinda al-mūtakalimīn:fakhr al-Dīne al-Rāzī namūdhajan The legitimacy of Speculated Reasoning from the Perspective of Fakhr al-Dīne al-Rāzī مشروعية النظر العقلي في تقرير العقائد عند المتكلّمين: فخر الدين الرازي...

”ما هي الأعمال الفلسفية اليونانية القديمة […] التي ندين للعرب في أول معرفتنا بها؟“: عودة إلى نقاش ”قديم“

”ما هي الأعمال الفلسفية اليونانية القديمة […] التي ندين للعرب في أول معرفتنا بها؟“: عودة إلى نقاش ”قديم“

“Which of the works of the ancient Greek philosophers [...] do we owe the first knowledge to the Arabs?” Revisiting an “old” Dispute “Mā hiya al-Aʿmāl al-Falsafīyah al-Yūnānīyah al-Qadīmah [... ] allatī Nadīn lil-ʿArab fī Awwal Maʿrifitinā bihā? ” ʿAwdah ilá Niqqāsh...

مشاركة / Share
error: Content is protected !!