الوصف
ملخص: نقترح في هذا المقال قراءة أولية لشرح الفيلسوف الأندلسي ابن باجة الفصلَ الأولَ من فصول أبقراط في الطب. ومعلوم أن الشروح والتعليقات على الفصول قد عرفت إقبالا واسعا من لدن الفلاسفة المسلمين، وهي تشكل جزءا أساسيا من التراث الطبي العربي الإسلامي ذي الأصول اليونانية، حيث لعبت دورا حيويا في تطوير النظرية والممارسة الطبيتين في الحضارة الإسلامية. وابن باجة من بين هؤلاء الفلاسفة الذين تعاملوا مع فصول أبقراط، فخصه بالشرح والتعليق. وقد جاء شرحه متميزا من حيث مقاربته وإطاره وبنيته المفاهيمية. ولإظهار هذا التميز، عمدنا إلى مقارنته بشرح ابن النفيس على الفصل نفسه؛ وقد ظهر أن ابن باجة يدمج قول أبقراط في الطب مع رؤاه الخاصة، ويقرأه وفق تكوينه الفلسفي الذي لم يشأ أن يفصله عن شرحه لقول مخصص للطب. فقد مكنته زاوية نظره من إغناء قول أبقراط وتأطيره تأطيرا معرفيا محكوما بتصور شامل، لكنه في الآن نفسه يضمن لهذا القول وحدته ونظامه الداخليين، كما يضمن طبيعته الطبية؛ وهو الأمر الذي فوتته الشروح السابقة، وبخاصة شرح جالينوس.