
الإسهام الإصلاحي في الفلك لجابر بن أفلح الإشبيلي: موقع كوكبي الزهرة وعطارد نموذجًا

The Reformist Contribution of Jābir ibn Aflaḥ al-Ishbīlī to Astronomy: Venus and Mercury as a Case Study
al-Ishām al-iṣlāḥī fī al-falak li-Jābir b. Aflaḥ al-Ishbīlī: Mawqiʿ kawkabay al-Zuhra wa-ʿUṭārid namūdhajan
الإسهام الإصلاحي في الفلك لجابر بن أفلح الإشبيلي:
موقع كوكبي الزهرة وعطارد نموذجًا⋆
نهيلة الخراز
Nouhaila El kharraz
جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاس
Sidi Mohamed Ben Abdellah University, Fez
ملخص: نخصّص هذه الورقة لتسليط الضوء على اسهام الفلكي جابر بن أفلح(450ﻫ/1145م)، أحد علماء الفلك الذين عاشوا بالأندلس في الحقبة الوسيطة؛ وإبراز الكيفية التي تفاعل بها مع كتاب المجسطي، من خلال موضوع ترتيب كوكبي الزهرة وعطارد بالنسبة للشمس عند بطلميوس، الذي اقترح ترتيب الكوكبين تحت الشمس، وهو ما رفضه جابر بن أفلح وخصّص حيزًا هامًا في مؤلَّفه كتاب الهيئة لنفي هذا الاقتراح وتصحيحه، وإثبات أن موقع الزهرة وعطارد فوق الشمس انطلاقًا من معطيات بطلمية. ونقف من خلال متن جابر بن أفلح عند الحجج التي ناقش بها بطلميوس، بناءً على الأسئلة التالية: كيف تلقى جابر بن أفلح هذا الاقتراح؟ هل رحب جابر بمقترح بطلميوس أم أنه رفضه واعترض عليه؟ ماهي الحجج التي عوّل عليها بطلميوس؟ وكيف صحّح جابر خطأ بطلميوس في هذا الموضوع؟ أي ما هي الحجج والبراهين التي اعتمدها جابر لإثبات أن الكوكبين يقعان فوق الشمس لا تحتها؟
كلمات مفتاحية: جابر بن أفلح، بطلميوس، كتاب الهيئة، إصلاح المجسطي، ترتيب الكواكب، الزهرة، عطارد
Abstract: This paper aims to shed light on the contribution of the Andalusian astronomer Jābir ibn Aflaḥ (d. 540 AH / 1145 CE), one of the prominent figures of medieval astronomy in al-Andalus. It focuses particularly on his engagement with Ptolemy’s Almagest (al-Majisṭī), especially regarding the question of the relative positions of Venus (al-Zuhara) and Mercury (ʿUṭārid) in relation to the Sun. In the Almagest, Ptolemy proposed that these two planets are located beneaththe Sun—an arrangement that Jābir ibn Aflaḥ firmly rejected. In his treatise, Kitāb al-Hayʾa (“The Book of Astronomy”), he devoted substantial attention to refuting and correcting this claim, arguing—based on Ptolemaic data itself—that Venus and Mercury are in fact situated above the Sun.
Through a close reading of Kitāb al-Hayʾa, this study examines the arguments Jābir ibn Aflaḥ deployed in his critique of Ptolemy, guided by the following questions: How did Jābir receive Ptolemy’s proposition? Did he welcome or oppose it? What were the core arguments on which Ptolemy based his view? And how did Jābir identify and rectify what he regarded as an error? In short, what evidence and demonstrations did Jābir rely on to establish that the two planets are positioned above, not beneath, the Sun?
Key words: Jābir Bnu Aflaḥ, Ptolemy, the book of astronomy, Reform of the Amagest, the Arrangement of the Planets, Venus, Mercury
مقدمة
غاية هذا البحث إبراز اسهام الفلكي جابر بن أفلح الإشبيلي (ت. 450ﻫ/1145م) في جانبه الإصلاحي من خلال مؤلَّفه المخطوط: كتاب الهيئة، أو ما يعرف بإصلاح المجسطي، هذا الأخير، الذي يتألَّف من تسع مقالات وديباجة، يمكن عدّه قطعة أساسية لفهم كيفية تفاعل علماء الفلك في الغرب الإسلامي مع المنجز الفلكي الذي خلفه بطلميوس (ت. حوالي 170م)، خاصة تلك الأعمال التي تعاطت مع هيئة العالِم الإسكندراني بالنقد والاعتراض. ويشكل عمل جابر بن أفلح مثالاً فريدًا للنصوص الفلكية التي انتقدت الهيئة البطلمية في الأندلس من وجهة نظر رياضية وبخلفية بطلمية؛ وبهذا يكون العمل النقدي الذي قدمه جابر مغايرًا للنصوص النقدية الخاصة بالفلاسفة الأندلسيين أصحاب الخلفية الأرسطية، كابن باجة (ت. 533هـ/1138م)، وابن طفيل (ت. 581هـ/1185م)، وابن رشد (ت. 595هـ/1198م).
لقد أثارت المشاكل والصعوبات الخاصة بكتاب المجسطي اهتمام جابر بن أفلح، ودعته إلى تحرير هذا العمل الهام قصد تسهيل قراءة كتاب بطلميوس للناظرين في صناعة الهيئة، وهي صعوبات مرتبطة بالمسائل الرياضية والهندسية، وبطول الكتاب —لامتزاج علم الفلك النظري فيه بعلم الفلك العملي— وأيضا بترجمته، خصوصا من طرف من هم غير أهلٍ للترجمة، الأمر الذي أدى إلى سوء فهم المعاني المقصودة في كتاب المجسطي؛ وبالفعل، قد تَحُول كل هذه الصعوبات التي انتبه إليها جابر وأفصح عنها دون فهم كتاب المجسطي بشكل دقيق، كما قد تؤدي، في نظره، إلى نفور الطلاب من هذه الصناعة وقطع النظر فيها، وهذا ما دفعه إلى ’’إمعان النظر فيه [علم الهيئة] واحتمال المشقة والصعوبة العارضة لقارئه،‘‘[1] قصد مراجعة المجسطي وتجريده من الأزياج، وتبسيط مسائله الرياضية وتقديمها بشكل موجز وواضح للناظرين في هذا العلم عمومًا ولقارئ المجسطي خصوصًا.
وطالما أن القصد الأول والأعمق لجابر بن أفلح من تأليفه لهذا الكتاب كان هو تسهيل المجسطي وتقريب محتواه للقراء، فإنه عمد أولاً: إلى تلخيص أهم أفكار بطلميوس —على جهة المعنى لا على جهة اللفظ— وشرحِها مع توضيح بعض المواضع التي أوجز بطلميوس القول فيها، وثانيًا: كشفِ الأوهام التي وقع فيها مؤلِّف كتاب المجسطي وإصلاح بعضها. فمحبته لعلم الهيئة وإيمانه بشرف هذا العلم لما يحظى به من مكانة بين العلوم النظرية —إذ يضعه بعد علم الشريعة— على أساس أن ’’معلوماته [علم الهيئة] ثابتة باقية غير متغيّرة،‘‘[2] وكذا ’’الطرق المؤدية إلى معرفتها هي طرق يقينيّة بيّنة،‘‘[3] جعلته يُحسّ بواجب: ’’طلبُ الحقّ وإيثارُه وإفشاؤه وإظهاره؛‘‘[4] ومن أجل هذا نراه ينخرط في إصلاح الأخطاء والعيوب التي رصدها أثناء إعادة النظر في آراء بطلميوس قصد تبسيطها للقراء.
ولعل قضية ترتيب الكواكب بالنسبة للشمس، من بين أبرز القضايا التي أخطأ فيها بطلميوس بوضعه كوكب الزهرة وكوكب عطارد تحت الشمس، استنادًا إلى حجج هي بالنسبة لجابر حجج غير مقنعة، لذلك نجد هذا الأخير يبذُل جهدًا لتصحيح الترتيب الذي اقترحه مؤلِّف المجسطي وفق حجج منطقية يستنتج من خلالها أن الزهرة وعطارد يوجدان فوق الشمس. وقبل أن نقف عند حجج وبراهين جابر نقترح التعريف، أولاً، بجابر بن أفلح بشكل مختصر، ثم الحديث، ثانيًا، عن أهم الدراسات التي تطرقت لآراء ابن أفلح فيما يخص موقع الزهرة وعطارد، لنقف، في الأخير، عند إسهامه الإصلاحي من خلال نموذج ترتيب كوكبي الزهرة وعطارد.
أولا: ترجمة مختصرة لجابر بن أفلح الإشبيلي
- جابر بن أفلح
هو عالم الفلك والرياضيات أبو محمد جابر بن أفلح الإشبيلي، المعروف بابن أفلح الإشبيلي وبابن أفلح المغربي، اشتهر في الغرب اللاتيني باسم ’’Geber filius Afflay Hispalensis‘‘؛[5] ولا ندري أين ومتى كان مولده ومماته، لكن بعض الدراسات ترجح[6] أنه عاش بإشبيلية، وكانت وفاته حوالي 450ﻫ/1145م.
لا نعرف شيئا عن حياة جابر بن أفلح لإهمال أصحاب كتب الطبقات والتراجم سيرته، كما أننا لا نعرف من مؤلفاته إلا القليل، أغلبها رسائل ’’ذات طابع رياضي؛‘‘[7] لكن نستطيع القول، بالاعتماد على هذه المؤلفات: إن جابر كان يجيد الرياضيات والهندسة جيدًا، فمن خلال دراسة فصول مؤلَّفِه كتاب الهيئة ندرك أنه كان ضليعًا في الرياضيات والهندسة، وهو نفسه يورد ذلك عَرضًا في مقدمة كتابه. يقول: ’’واستعنا على ذلك بما كان قد تقدّم لنا من التمرّن في صناعة الهندسة والاطمئنان بها؛‘‘[8] وربما برع في الهندسة أكثر من براعته في علم الهيئة، إذ ’’لا يبدو أن جابر حصل على تدريب فلكي سابق مكثف، ومع ذلك تظهر دراسة عمله أنه تلقى تدريبا رياضيا..‘‘[9] وإذا ما نظرنا إلى الغرض الأساس الذي من أجله ألَّف جابر كتاب الهيئة —وهو غرض تعليمي وتربوي بالدرجة الأولى— سنخلص إلى الفرضية الآتية: وهي أن جابر اشتغل مدرسًا للرياضيات وعلم الهيئة، لكن من الصعب الجزم في صحة هذا الأمر في ظل غياب شهادات من كتب الطبقات والتراجم.
- إسهاماته العلمية
من أبرز إبداعاته تصميم آلة رصدية شكلت ’’استباقا للآلة الفلكية التي سميت في الغرب ’Torquetum ‘،‘‘[10] وتُعرف هذه الآلة الرصدية باسم شبه الحلقة، إذ ’’هي آلة الرصد الوحيدة الموصوفة جيّدًا في الأندلس،‘‘[11] ويقدم الباحث خوليو سامسو وصفًا لمكوناتها قائلاً: ’’تتألف من حلقة مدّرجة كبيرة (يقول جابر إن قطرها ستة أشبار) ولها محور في وسطها يدور حولَه رُبع quadrant مجيَّب (وتسمى ذات الربع أيضًا وتستخدم في الفلك والملاحة لقياس الارتفاع، وتتألف من قوس مقسم إلى 90 درجة) ولها عضادة ومرقابان للنظر. ويمكن تركيب الآلة على مستوى خط الزوال أو على مستوى خط الاستواء أو على مستوى دائرة البروج.‘‘[12] ويشير قدري حافظ طوقان إلى أن لجابر معادلة ’’تستعمل في حل المثلثات الكروية القائمة الزاوية،‘‘[13] اشتهرت ’’في الغرب تحت اسم مبرهنة جابر (Théorème de gaber)،‘‘[14] وهي كالتالي: ’’ sin B/R = cos A/cos a .‘‘[15]
- أعماله
كل ما نعرفه عن أعمال جابر بن أفلح هو كتاب مخطوط في علم الهيئة ذكره صاحب كشف الظنون باسم هيئة ابن أفلح،[16] وبعض الرسائل الصغيرة المحفوظة باللغة العبرية.[17]
• ’’كتاب الهيئة‘‘ محفوظ في طبعة لاتينية بترجمة جيرارد الكريموني Gerard de Grémone، وفي بعض النسخ المخطوطة بالعربية وبالعبرية. أما مخطوطاته العربية فهي:
• نسختان بإسبانيا: الأولى بعنوان ’’كتاب الهيئة لأبي محمد جابر بن أفلح الإشبيلي‘‘ في مدريد، دير الإسكوريال، رقمها 910، عدد أوراقها 120. والثانية بعنوان ’’النسخة الكبرى من كتاب الشيخ أبي محمد جابر بن أفلح الإشبيلي في الهيئة‘‘ في مدريد، دير الإسكوريال، رقمها 930، عدد أوراقها 150. وهما نسختان تامتان غير مبتورتَين، وتوجد نسخة مصورة من الأصل بنفس الرقم محفوظة في المكتبة الوطنية بالرباط.
• نسخة ثالثة بألمانيا، وهي أيضا نسخة غير مبتورة بعنوان ’’إصلاح المجسطي لجابر بن أفلح‘‘ في برلين، مكتبة لاندبورغ، رقمه 132، عدد أوراقها 117، تاريخ النسخ: ربيع الأول من سنة 626 هجرية، مكان النسخ: دمشق.
• نسخة رابعة بإيران، غير كاملة (إلى حدود المقالة السادسة)، مفهرسة بعنوان ’’كتاب في علم الهيئة شرح المجسطي‘‘ في طهران، مكتبة البرلمان الإيراني، رقمه 1140، عدد أوراقه 167.
• رسالة ’’تعليق على الشكل القطاع لمينلاوس‘‘ محفوظة باللغة العبرية، وهي تعليق صغير على رسالة ثابت بن قرة (221هـ-836م / 288هـ-901م) حول نظرية مينلاوس (مخطوط).
• رسالة محفوظة بالتعليق العبري على الأشكال الكروية لمينلاوس (في مخطوطتين).
• مخطوط صغير باللاتينية حول شكل السماء وكرويتها.
• تعليق مختصر على اقليدس.
ثانيا: الدراسات السابقة في الموضوع
بداية، لا بد من الإشارة إلى أن كتاب الهيئة لجابر بن أفلح لم يحقق بعد تحقيقًا علميًا، وإنما حظي بنصيب من المتابعة والتقصي العلمي من طرف متخصصين أجانب، بفضل البحث الذي أنجزه ريتشارد لورش بعنوان جابر بن أفلح الإشبيلي وتأثيره في الغرب اللاتيني،[18] وهو عبارة عن أطروحة قدمها لورش لنيل درجة الدكتوراه من جامعة مانشستر في أواخر سبعينيات القرن الماضي؛ أسهمت هذه الأطروحة، في الكشف عن جزء كبير من الإسهام الفلكي لجابر بن أفلح كنموذج يمثل علم الفلك بالغرب الإسلامي خلال العصر الوسيط؛ وبذا، انخرط كبار المتخصصين أمثال: خوليو سامسو وهنري هوغونارد روش، وخوسي مارتنيز بلفير… في البحث والدراسة، أي دراسة مواضيع وقضايا مخطوط ابن أفلح، وأيضا تم تحقيق بعض الأجزاء والفقرات من المخطوط من طرف الباحث الإسباني خوسي بلفير ضمن دراسات مستقلة له خاصة بجابر بن أفلح. أما في الدراسات الأكاديمية العربية، فإن مخطوط جابر لم يحظ بأي دراسة علمية، ولا نجد —في حدود علمنا— بحثًا مستقلاً ومعمقًا عن المواضيع المطروحة في هذا المخطوط.
وفيما يرتبط بهذا الموضوع—أعني موقع الزهرة وعطارد عند جابر— توجد على الأقل ثلاث دراسات ينبغي الوقوف عليها: الأولى باللغة الإنجليزية للباحث ريتشارد لورش عنوانها علم الفلك عند جابر بن أفلح؛[19] خصصها للتعريف بشخصية جابر بن أفلح وبمؤلفه كتاب الهيئة، وإسهامه في علم المثلثات الكروية…؛ وفي دراسته هذه حرِص ريتشارد على تقديم حجج ابن أفلح وتوضيح موقفه من الترتيب الذي اقترحه بطلميوس لكوكبي الزهرة وعطارد، مؤكدا أن نقد جابر لبطلميوس في هذه المسألة يُعَدُّ من أشهر انتقادات جابر بن أفلح. والثانية باللغة الفرنسية للمتخصص في فلسفة العلوم محمد أبطوي، بعنوان ”فوق أم تحت الشمس: مقدمات حول موقع عطارد والزهرة في التقليد الفلكي الأندلسي؛“[20] أبرز فيها الآراء المتباينة لعلماء الأندلس من فلكيين وفلاسفة حول موقع الزهرة وعطارد بالنسبة للشمس، وخصص أبطوي حيزا لعرض آراء جابر بن أفلح في مقابل آراء ابن باجة وابن رشد والبطروجي. ويمكن اعتبار دراسة محمد أبطوي الدراسة الوحيدة التي ركزت على استحضار أدلة ابن أفلح كما وردت في المخطوط دون تلخيص. وأخيرا نجد مقالة باللغة العربية لمؤرخ العلوم جورج صليبا تحت عنوان ”نظريات حركات الكواكب في علم الفلك العربي بعد القرن الحادي عشر؛“[21] أورد فيها صليبا الحجج الرئيسية لجابر بن أفلح التي بموجبها وضع كوكبي الزهرة وعطارد فوق الشمس، وذلك بشكل وجيز في إطار حديثه عن انتقادات المدرسة الأندلسية لهيئة بطلميوس.
وإلى جانب هذه الدراسات نضيف أطروحة جامعية غير منشورة، قدمها الباحث محمد أبركان لنيل شهادة الدكتوراه تحت عنوان المقالة في هيئة العالم: دراسة وتحقيق.[22] ورغم أن موضوع الأطروحة لا يتمحور حول جابر بن أفلح، إلا أن صاحبها أشار في قسم الدراسة إلى بعض القضايا التي شغلت اهتمام علماء الفلك في الغرب الإسلامي، متخذا على سبيل المثال قضية ترتيب الزهرة وعطارد عند جابر كنموذج يمثل علماء الأندلس؛ وهكذا، نجده يذكر حجج ابن أفلح —وإن لم يفصل هو الآخر في هذه الحجج— معتمدا بالأساس على مقالة محمد أبطوي التي تقدم الأدلة كما جاءت في المخطوط دون تفسير دقيق.
ثالثا: الإسهام الإصلاحي: مقترح جابر بخصوص موقع كوكبي الزهرة وعطارد بين الكواكب
إن الأخطاء والتناقضات التي رصدها الفلكيون العرب في هيئة بطلميوس —المعروضة في كتاب المجسطي— فرضت عليهم إعادة النظر في آراء بطلميوس وإصلاح ما يمكن إصلاحه؛ وبالفعل، فقد واجهوا معضلات الهيئة البطلمية، وتمت مناقشتُها من قِبلهم بهدف تعديلها وتنقيحها، وتجاوزها في بعض الأحيان؛ وقد شكل ما أنجزه علماء الفلك في الغرب الإسلامي جزءًا من هذا النقاش، إذ أثارت بعض المسائل الفلكية المتضمًّنة في نص المجسطي اهتمام فلكيي الأندلس، الأمر الذي دفعهم إلى التفاعل مع إشكالات الهيئة البطلمية من منطلقات متباينة. ومن أبرز القضايا التي شغلت اهتمام فلكيي الغرب الإسلامي تلك القضية المرتبطة بترتيب الكواكب بالنسبة للشمس، خاصة ترتيب كوكب الزهرة وكوكب عطارد، هل هما تحت الشمس أم فوقها؟ ’’وهي قضية كانت موضوع نقاش طويل في أندلس القرن الثاني عشر،‘‘[23] جرى تناولها من طرف العديد سواء بالنقد أو بالموافقة، وجابر بن أفلح الإشبيلي من بين هؤلاء الذين خاضوا في الأمر بالنقد والاعتراض.
قام جابر —في المقالة السابعة من كتاب الهيئة— بتصحيح آراء بطلميوس المتعلقة بموقعي الزهرة وعطارد، وأثبت ’’تبعا لحساباته الخاصة، أنه يجب وضع الزهرة وعطارد معا فوق الشمس،‘‘[24] وليس تحتها كما ذهب إلى ذلك بطلميوس، إذ اقترح هذا الأخير —في المقالة التاسعة من المجسطي— وضع كوكبي الزهرة وعطارد تحت الشمس، لأن الكوكبين في نظره لا يمران بالخطوط المارة بالشمس وبأبصارنا، وليس لهما اختلاف منظر محسوس يمكن من خلاله معرفة موقع الكوكبين بالنسبة للشمس على وجه الدقة، مما يجعل الترتيب الأقرب إلى الإقناع، بحسب بطلميوس، هو وضع الزهرة وعطارد تحت الشمس، يقول معللًا:
’’ذلك أنه ترتيب يوجب الأمر الأشبه بالأمر الطبيعي أن تصير الشمس وسطا فيما بين الكواكب التي تبعد عنها البعد كله، وبين الكواكب التي ليست كذلك، بل هي أبدا تسير حولها سيرا لا تبعد معه عنها إلى أسفل بعد يمكن أن يفعل شيئا من اختلاف المنظر له قدر يعتد به.‘‘[25]
لم يرض جابر بن أفلح بهذا الاقتراح، مؤكدًا أن القول بهذا الترتيب يُسقط بطلميوس في تناقض مع معطياته المذكورة في كتاب المجسطي، وكتب جابر عن تناقض بطلميوس:
’’وإني لأعجب كل العجب من أمر هذا الرجل وأتحيّر فيه حيرة عظيمة لما يظهر من تناقضه واضطرابه وهو لا يشعر لذلك، ومثل هذا يبعد غاية البعد عمن أخذ نفسهُ مما أخذ هو نفسه به من الكلام في هذه الأمور الجليلة القدر ولا يشعر بتناقضه.‘‘[26]
يعترض جابر إذن على أدلة بطلميوس، ويحدد انطلاقًا من معطيات أتى ذِكرها في المجسطي ترتيبا آخرَ للكوكبين غير الذي أورده صاحب المجسطي؛ وهكذا، نجده يورد أولًا في ديباجة مؤلَّفه الأخطاء والأوهام التي وقع فيها بطلميوس لتحديد موقع الزهرة وعطارد، يقول ابن أفلح: ’’ووهم أيضا في أوّل المقالة التاسعة من كتابه في أن جعل ترتيب فلكي الزهرة وعطارد تحت فلك الشمس والذي يخرج ممّا ذكره من اختلاف منظر الشمس. فإنّهما ليس لهما اختلاف منظر محسوس. ولما بيّنه من نسبة نصف قطر فلكي تدويرهما إلى نصف قطر الفلك الحامل لهما وممّا ذكره في أمر الأصول الموضوعة لعروضهما، إنّهما فوق فلك الشمس ضرورة. وكذلك وهم أيضا في قوله: إنّهما ليسا يمرّان بالخطوط التي تمرّ بأبصارنا وبالشمس.‘‘[27] ثم يصحح ثانيًا في المقالة السابعة من كتاب الهيئة هذه الأخطاء، ويَستهل مقالته السابعة باقتباس لبطلميوس مأخوذ من المقالة التاسعة من المجسطي، يذكر فيه بطلميوس بكل وضوح اختلاف القدماء في ترتيب هذين الكوكبين، والحجج التي اعتمد عليها هو في الترتيب الذي اقترحه، ومقتطف قول بطلميوس كالآتي[28]:
’’فأما كرَة الزهرة وكرَة عطارد فإن من تقادم عهده منهم جعلها تحت كرة الشمس، وقوم ممّن أتى بعدهم جعلوها أيضا فوق كرة الشمس من قبل أنهم لم يجدوهما يستران الشمس في حال من الأحوال، وأمّا نحن فإنا نرى أن هذا القياس ليس ممّا يوثق به، وذلك أنه قد يمكن أن يكون كوكب من الكواكب دون الشمس ولا يكون لا محالة في سطح من السطوح التي تمر بالشمس وبأبصارنا بل يكون في سطح غيره، فيكون لذلك لا يوجد يستر الشمس كما قد نجد ذلِك في أكثر الاجتماعات التي تكون للقمر معَ الشمس، فإن القمَر يكون حينئذ يسيرُ تحت الشمس ولا يسترها عنا، وإذا كان ذلِك كذلِك وكنا على وجه آخر لا نقدر على التوصُل إلى المعرفة بحقيقة الأمر إذ كان ليس يفعل ولا واحِد من هذه الكواكب شيئا محسُوسا من اختلاف المنظر ومن قبل هذا وحده إذا ظهر يستخرج أبعاد الكواكب، فإنا نرى أن أقرب الترتيب إلى الإقناع وأولاها بالقبول ترتيب من تقادم عهده، وذلِك أنه ترتيب يوجب الأمر الأشبهَ بالأمرِ الطبيعي من تصيير [الشمس] وسطا فيما بين الكوَاكب التي تبعد عنها البعد كله، وبين الكواكب التي ليست كذلِك، بل هي أبدا تسير حولها سيرا لا تبعد معه عنها إلى أسفل بُعدًا يمكن أن يفعل شيئا من اختلاف المنظر له قدر يعتد به.‘‘[29]
وإجمالًا تتحدد أخطاء مؤلِّف كتاب المجسطي فيما يتصل بهذه المسألة —بحسب جابر— في ثلاثة أوهام: الوهم الأول مرتبط بقوله: إن الزهرة وعطارد لا يمران بالخطوط المستقيمة المارة بالشمس وبأبصارنا؛ والوهم الثاني قوله: إن هذين الكوكبين يقعان تحت الشمس؛ أما الوهم الأخير جعله من الشمس وسطًا فيما بين الكواكب العلوية (زحل – المشتري – المريخ) وبين الكواكب السفلية (الزهرة – عطارد – القمر)؛ وعليه، يصحّح ابن أفلح هذه الأوهام ويقدم الأدلة والبراهين التي بموجبها يستنتج أن كوكبي الزهرة وعطارد يقعان فوق الشمس. وسنأتي الآن على ذكر براهين جابر بشكل مفصل، وهي:
- البرهان الأول
إذا افترضنا أن كوكب الزهرة وكوكب عطارد يقعان تحت الشمس كما يقول بطلميوس فيجب أن ندرك اختلاف منظر هذين الكوكبين بحسب ثلاثة مواضع يكون فيها الكوكب.
الموضع الأول: عندما يكون الكوكب في قبضة الشمس، يمكن حساب البعد الأبعد والبعد الأقرب للكوكب من مركز الأرض، ومنه نستنتج اختلاف منظر هذا الكوكب كالتالي: إذا علمنا من بطلميوس[30] أن شعاع الفلك الخارج المركز هو 60 جزءا، وشعاع فلك تدوير الزهرة هو 43,16 جزءا، وأن المسافة بين مركز الفلك الخارج المركز وبين مركز فلك البروج تساوي 1,25 جزءا، فإن
البعد الأبعد لكوكب الزهرة من الأرض هو: 104,41 = 43,16 + 1,25 + 60 والبعد الأقرب للزهرة من الأرض هو[31]: 18,09 = (60 – 43,16) + 1,23
ثم إذا كان البعد الأقرب لكوكب الزهرة من مركز الأرض أقل من 18,09 فيجب أن يكون اختلاف منظر هذا الكوكب إذا تم حسابه حوالي ثلث جزء أي 20 دقيقة،[32] وبنفس الطريقة نجد اختلاف منظر كوكب عطارد إذا كان في بعده الأقرب من مركز الأرض، وهو حوالي 7 دقائق.[33]
الموضع الثاني: عندما يكون الكوكب على الخط المماس لفلك التدوير، لأن الكوكب يكون في غاية بعده عن الشمس فيطول مكثه فوق الأرض ما يسهل به أخذ قدر اختلاف منظر كل كوكب سواء كوكب الزهرة أو كوكب عطارد، كتب جابر:
’’وأما إذا كان الكوكب منهما على الخطوط المماسة لفلك التدوير فإن أخذ اختلاف منظره ممكن جدا إذ هما على غاية بعدهما من الشمس فيطُول لذلِك مكثهما فوق الأرض.‘‘[34]
الموضع الثالث: عندما يكون الكوكب على سطح فلك البروج بحيث يكون مركز فلك تدويره في إحدى العقدتين، أي في إحدى النقط التي تتقاطع فيها دائرة فلك البروج مع دائرة الفلك الخارج المركز، ففي هذه الحالة أيضا يسهُل إدراك اختلاف منظر كوكبي الزهرة وعطارد لأنهما سيكونان مجردين من عروضهما (أي ما يعرض لهم من الوقوف والرجوع)، ويجب أن يكون اختلاف منظر الزهرة حوالي 6 دقائق، واختلاف منظر عطارد حوالي 4 دقائق؛ والنص الحرفي لعبارة جابر كالتالي:
’’وإذا كان مركز فلك تدويرهما حينئذ في إحدى العقدتين يكون كل واحد من الكوكبين في سطح فلك البروج، فيكون اختلاف منظرهمَا مجرّدا من عرضهما، ويكون اختلاف منظر الزهرة حينئذ نحو ست دقائق، واختلاف منظر عطارد نحو أربع دقائق.‘‘[35]
لكن بما أننا ’’لا نرى على الإطلاق أي اختلاف منظر لكوكبي الزهرة وعطارد،‘‘[36] خاصة إذا علمنا أن الشمس لها اختلاف منظر يُقدَّر بحوالي 3 دقائق، فإن هذا معناه أن الكوكبين يقعان فوق الشمس وليس تحتها، لأنه إذا صحَّ أن الشمس فوق كوكب الزهرة وكوكب عطارد فلماذا لا ندرك اختلاف منظر هذين الكوكبين؟ كان يجب أن ندرك بالضرورة اختلاف منظرهما، وما دام الشرط لم يتحقق فلأنهما فوق الشمس وليس تحتها. في هذا السياق يعلق جابر بن أفلح قائلًا:
’’فإذا كانا لم يوجد لهما اختلاف منظر له قدر يعتد به على ما ذكر، وكان للشمس اختلاف منظر محسُوس له قدر يعتد به فكيف يكونان تحت الشمس[؟]‘‘[37]
- البرهان الثاني
يُقر بعض القدماء من أصحاب التعاليم السابقين على بطلميوس أن كوكبي الزهرة وعطارد يقعان فوق الشمس لأنهما لا يستران الشمس، أما بطلميوس فيرفض هذا القياس ويعتبره قياسًا غير صائب وغير موثوق، ويؤكد في المقابل أن هذين الكوكبين هما تحت الشمس حتى وإن هما لا يستُران الشمس، لأن السبب في عدم كسفهما للشمس هو احتمال وجود الكوكبين في سطح آخر غير السطح الذي يمر بالشمس وبأبصارنا، لذلك لا يستران الشمس، ويوضح ذلك بمثال القمر مع الشمس، فيقول:
’’كما قد نجد ذلك في أكثر الاجتماعات التي تكون للقمر مع الشمس/ فإن القمر يكون حينئذ يسير تحت الشمس ولا يسترها عنا.‘‘[38]
أما جابر بن أفلح فيشاطر القدماء نفس الرأي، ويبيّن أنه لا بد وأنهم —القدماء— اعتقدوا أن كوكبي الزهرة وعطارد يمران بالخط المار بالشمس وبأبصارنا، لذلك وضعوهما فوق الشمس؛ ولأن بطلميوس ظن أن هذين الكوكبين لا يمران بالخط المار بالشمس وبأبصارنا، فإنه رفض ترتيب القدماء واعتبر قياسهم غير موثوق، والحال أن هذا القياس ليس يعتل في نظر جابر إلا إذا أثبتنا أنهما لا يمران بالخطوط المستقيمة التي تمر بالشمس وبأبصارنا، في هذا الشأن كتب ابن أفلح قائلا:
’’فليس يعتل قياسهم [القدماء] إلّا بعد أن يتبيّن أن كوكبي الزهرة وعطارد لا يمرّان أبدا على الخطوط التي تمر بأبصارنَا وبالشمس. والذي يُعطيه كلام هذا [بطلميوس] أنه كان يعتقد ذلِك وليس الأمرُ كما اعتقد.‘‘[39]
وعليه، يثبت جابر، بناءً على معطيات بطلميوس نفسه المعروضة في المقالة الثالثة عشر من كتابه في الأصول، أنهما يمران بالخطوط التي تمر بالشمس وبأبصارنا، ويوضح ذلك هندسيًا، فيقول:
’’بل يتبيّن بالبرهان الصحيح من جملة ما أعطانا في المقالة الثالثة / عشر من كتابه في الأصول التي يجري عليهما أمر عروضهما أنهما يمرّان بالخطوط المارة بأبصارنا وبالشمس ضرورة؛ فلنأخذ الآن في تبيين ذلِك.‘‘[40]
يعتمد جابر على اختلاف سرعة حركة الكوكب —سواء كوكب الزهرة أو كوكب عطارد— أثناء فلك تدويره مع سرعة حركة مركز فلك تدوير هذا الكوكب ليبيّن أن الكوكب بالضرورة يكون في بعض الأوقات على إحدى النقط التالية: النقطة ألف أو النقطة باء أو النقطة جيم أو النقطة دال، فيكون الكوكب بهذا على الخط المار بالشمس وبأبصارنا، وبالنسبة لجابر هذا ما اعتقده القدماء عندما وضعوا الزهرة وعطارد فوق الشمس، يقول:
’’ولما كانت حركة الكوكب في فلك تدويره مخالفة في السرعة لحركة مركز فلك تدويره، وجب ضرورة أن يكون الكوكب في بعض/ الأوقات على إحدى تلك النقط الأربعة، فيكون حينئذ على الخط المار بأبصارنا وبالشمس، وهذا هو لا شك الذي اعتقده من تأخّرَ من القدماءِ ولذلِك قطعوا على أن هذين الكوكبين فوق الشمس، إذ وجدوهما بهذا الطريق قد يكونان على الخطوط التي تمر بأبصارنا وبالشمس ولم يجدوهما ولا من تقدمهم يكسفان الشمس في حال من الأحوَال فقطعوا لذلك على أنهما فوق الشمس.‘‘[41]
وما دام أن كوكبي الزهرة وعطارد يمران بالخطوط المستقيمة المارة بالشمس وبأبصارنا، ومع ذلك لا نجدهما يكسفان الشمس فإن هذا دليل على أنهما فوق الشمس، وهذا ما وهِم فيه بطلميوس لأنه غابت عنه الكيفية التي تتم بها عملية الكسوف، ففسر عدم حدوث الكسوف بأن هذين الكوكبين لا يوجدا في السطح الذي يمر بالشمس وبأبصارنا، في هذا الصدد كتب ابن أفلح:
’’ولمّا لم يشعر بطلميوس بهذا بل كان يعتقد أنهما لا يكونان أبدا على الخط المارِ بأبصارنا وبالشمس، علل لذلِك قياسهم [القدماء]. ويَبعُد غاية البعد على من نظر في هذه المعاني الجليلة القدر أن يذهب عليه أن الكسف لا يكون إلا بقرينتين إحدَاهمَا أن يكون المكسوف فوق الكاسف، والثانية أن يكون أحدهما يمر بالخط المار بأبصارنا وبالثاني.‘‘[42]
- البرهان الثالث
يختلف جابر مع صاحب المجسطي في زعمه أن الشمس تقع وسطًا فيما بين الكواكب العلوية وبين الكواكب السفلية، أي بين الكواكب التي تبعد غاية البعد عن الشمس وبين الكواكب التي ليست كذلك، لأن الأَولَى إذا أخذنا بهذا القول أن يكون القمر مع الكواكب العلوية لا مع الكواكب السفلية، لأنه أيضًا يبعد عن الشمس البعد كله، يؤكد جابر بن أفلح:
’’لو كان الأشبه بالأمر الطبيعي أن يكُون ما يبعد عن الشمس البعد كله في جهة، وما لا يبعد عنها البعد كله في جهةٍ، لكان القمر مع الكواكب الثلاثة العلوية إذ يبعد عن الشمس البعد كله كما تبعد تلك.‘‘[43]
لذا يرفض حجة بطلميوس ويعتبرها افتراءً، لأن الأولى والأشبه بالأمر الطبيعي، وفقا لجابر، هو جعل الكواكب النيرة —الشمس والقمر— في جهة، وباقي الكواكب في جهة أخرى، يقول:
’’وأما ما ذكره بطلميوس من أنه أشبه بالأمر الطبيعي أن تكون الشمس وسطا فيما بين الكواكب التي تبعد عنها البعد كله، وبين الكواكب التي ليست كذلِك، فكلام في غاية الفتور؛ بل الأشبهُ بالأمر الطبيعي أن تكون الشمس والقمر إذ همَا نيران في جهة، وتكون الكوَاكب كلها أجمع متصلة في جهة، إذ هي في أكثر الأحوَال متشابهة غاية التشابه، أعني في ترتيب أفلاكها وفي اختلافاتها وفيما يعرض لها من الوقوف والرجوعِ. فالأشبهُ بالأمر الطبيعي ألّا ينفصل بعضها عن بعض بغيرها.‘‘[44]
يتّضح، إذن، مما سبق الأهمية التي تحتلّها الاستدلالات الرياضية والفلكية عند جابر في معرفة ترتيب الأكر. فبدلاً من الاستناد إلى الرصد لتحديد موقع الزهرة وعطارد بالنسبة للشمس وكشف تناقضات بطلميوس، لجأ ابن أفلح إلى البرهنة الرياضية. والسبب يعود، في اعتقادنا، إلى وعي ابن أفلح بعدم فائدة الرصد في إدراك موضع كوكبي الزهرة وعطارد؛ أولًا: لصغر حجمهما، وثانيًا: لأنهما كوكبان مضيئان لا مظلمان كالقمر؛ ما يعني أنه حتى وإن مرّا الكوكبان من أمام الشمس —على افتراض أنهما تحت الشمس— فإننا لا نستطيع إدراك ذلك لأنهما لن يحدثان بقعة أو نقطة سوداء على قرص الشمس، وهذا عكس الحسابات الرياضية والمنطقية.
خاتمة
نختم هذه المقالة بالقول إنّ الأغراض التي من أجلها ألَّف جابر بن أفلح مصنفه كتاب الهيئة قد مكنته من رصد أهم النواقص والعيوب الخاصة بهيئة بطلميوس، وتقديمها للقراء تحت تعبير ’’أوهام‘‘ وقع فيها بطلميوس؛ ولم يكتف جابر في مؤلًّفه فقط بعرض الأوهام والأغلاط البطلمية، وإنما تجاوز ذلك إلى مراجعة الآراء الفلكية لبطلميوس والاعتراض عليها وتصحيح بعضها. وفي محاولته لإصلاح أخطاء بطلميوس المتعلقة بموقع الزهرة وعطارد بالنسبة للشمس، يؤكد جابر أن الكوكبين يمران بالخطوط المستقيمة المارة بالشمس وبأبصارنا، ويعيب على صاحب المجسطي جعلَه من الشمس وسطًا بين الكواكب العلوية والكواكب السفلية، لأن الأحق هو وضع الكواكب النيرة في جهة والزهرة وعطارد في جهة أخرى مع باقي الكواكب، على اعتبار أنهما من نفس طبيعة الكواكب العلوية ولا يكسفان الشمس؛ كما يثبت جابر أن اختلاف منظر الزهرة وعطارد يمكن إدراكه إذا كانا تحت الشمس، أما إذا كان فوق الشمس فلا يمكن حساب اختلاف منظرهما، وطالما لا نستطيع إدراك اختلاف منظر هذين الكوكبين، فإن قول بطلميوس إنهما يقعان تحت الشمس قول باطل.
يُبرز هذا الإسهام الإصلاحي، من خلال نموذج ترتيب الكواكب، عناية جابر بن أفلح بمؤلَّف المجسطي شرحًا وتلخيصًا وتصحيحًا. ويكشف عن أصناف التفاعلات النقدية مع التراث الفلكي، وأن علماء الفلك في منطقة الغرب الإسلامي لم يقتصروا على تلقي أفكار بطلميوس كما هي وتدريسها، بل قاموا أيضا بالتفاعل معها سواء بالنقد والاعتراض، أو بالتعديل والتصحيح
Bibliography
Abarkān, Muḥammad. “Al-Maqāla fī hayʾat al-ʿālam li al-Ḥasan ibn al-Haytham: Dirāsa wa taḥqīq.” PhD diss., Jāmiʿat Muḥammad al-Khāmis, 2011.
Abattouy, Mohammed. “Au-dessus ou au-dessous du Soleil: Prolégomènes sur la position de Mercure et Vénus dans la tradition astronomique andalouse.” In Science et pensée scientifique en Occident musulman au Moyen Âge, edited by Bennacer El Bouazzati, 19–42. Rabat: Publications de la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines–Rabat, 2001.
Baṭlimyūs (Ptolemy). Kitāb Baṭlimyūs fī al-taʿlīm al-maʿrūf bi al-Majisṭī, naql Isḥāq ibn Ḥunayn li al-maqālāt 7–13. Manuscript. Qatar Digital Library, Add MS 7475.
Bellver Martínez, José. “El lugar de Islāḥ al-Majisṭī de Jābir b. Aflah en la llamada ‘Rebelión andalusí contra la astronomía ptolemaica.’” Al-Qantara 21 (January–June 2009): 83–136.
Debarnot, Marie-Thérèse. “ʿIlm al-muthallathāt: mina al-handasa ilā ʿilm al-muthallathāt.” In Mawsūʿat tārīkh al-ʿulūm al-ʿarabiyya, vol. 2, edited by Roshdi Rashed, 627–667. Beirut: Markaz Dirāsāt al-Waḥda al-ʿArabiyya, 1997.
Ferney, Juan, and Julio Samsó. “Taṭawwurāt al-ʿilm al-ʿarabī fī al-Andalus.” In Mawsūʿat tārīkh al-ʿulūm al-ʿarabiyya, vol. 2, edited by Roshdi Rashed, 672–667. Beirut: Markaz Dirāsāt al-Waḥda al-ʿArabiyya, 1997.
Ibn Aflah al-Ishbīlī, Abū Muḥammad Jābir. Kitāb al-Hayʾa. Manuscript, Escorial MS 910. El Escorial (Madrid).
Khalīfa, Ḥājī. Kashf al-ẓunūn ʿan asāmī al-kutub wa al-funūn, vol. 2. Beirut: Dār Iḥyāʾ al-Turāth al-ʿArabī, n.d.
Lorch, Richard. “The Astronomy of Jābir ibn Aflah.” In Arabic Mathematical Sciences, edited by Richard Lorch, 85–107. Aldershot: Variorum, 1995.
———. “Jābir ibn Aflah and His Influence in the West.” PhD diss., University of Manchester, 1970.
Ṣāliḥa, Jūrj. “Naẓariyyat al-kawākib fī ʿilm al-falak al-ʿarabī baʿda al-qarn al-ḥādī ʿashar.” In Mawsūʿat tārīkh al-ʿulūm al-ʿarabiyya, vol. 1, 95–171. Translated by Badawī al-Mabsūṭ. Beirut: Markaz Dirāsāt al-Waḥda al-ʿArabiyya, 1997.
Samsó, Julio. “Ḥawla al-maṣādir al-falakiyya al-Andalusiyya wa al-Maghribiyya: al-ʿamal al-munjaz wa mashrūʿāt li al-baḥth al-mustaqbalī.” In Taḥqīq makhṭūṭāt al-ʿulūm fī al-turāth al-islāmī, edited by Ibrāhīm Shabūḥ. London: Al-Furqan Islamic Heritage Foundation, 1997.
Ṭūqān, Qadarī Ḥāfiẓ. Turāth al-ʿArab al-ʿilmī fī al-riyāḍiyyāt wa al-falak. Cairo: Maṭbaʿat al-Muqtaṭaf, 1941.
للتوثيق
الخراز، نهيلة. ”الإسهام الإصلاحي في الفلك لجابر بن أفلح الإشبيلي: موقع كوكبي الزهرة وعطارد نموذجًا.“ ضمن موقع الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية، الرابط <https://philosmus.org/archives/4257>
نهيلة الخراز
⋆ أنجز هذا البحث تحت إشراف ذ. محمد أبركان، و إليه يعود الفضل في المراجعات التي حظي بها هذا المقال من طرف باحثين ودارسين حتى انتهى إلى هذه الصيغة. وعليه، فإلى هؤلاء كلهم، أتوجه بالشكر الجزيل، مع التنبيه إلى أني وحدي أتحمل مسؤولية ما بقي فيه من عيوب أو نواقص.
[1] أورد الباحث الإسباني خوسي بيلفر مارتنيز في دراسة له تحقيقا لمقدمة كتاب الهيئة لجابر بن أفلح. ونشير إلى أننا اعتمدنا على تحقيقه هذا فيما يخص مقدمة جابر، انظر:
José Bellver Martínez, “EL lugar del islah Al-mayisti de Yabir B. Aflah en la llmad ‘Rebelion Andalusi contra La astronomía Ptolemaica’,Al-Qantara, no. 21 (enero-junio 2009): 126.
[2] José Bellver Martínez, “Elugar del islah..,” 122.
[3] José Bellver Martínez, “Elugar del islah..,” 122.
[4] José Bellver Martínez, “Elugar del islah..,” 130.
[5] José Bellver Martínez, “Elugar del islah..,” 87.
[6] بناء على بعض المعطيات يؤكد كل من ريتشارد لورش وخوسي بيلفر أن جابر بن أفلح عاش في اشبيلية، وكان نشطًا بين سنتي (500هـ/1106م) و(537هـ/1138م)، انظر:
Richared Lorch, “The Astronomy of Jabir Ibn Aflah,” in Arabic Mathematical Sciences, ed. Richared Lorch (Variorum, 1995) 85. And José Bellver Martínez, “Elugar del islah..,” 87.
[7] José Bellver Martínez, “Elugar del islah..,” 87. ( : النص الأصليtratados menores de caracter matematico(
[8] José Bellver Martínez, “Elugar del islah..,” 126.
[9] José Bellver Martínez, “Elugar del islah ..,” 97. ( : النص الأصليPor lo tanto, Yabir b. Aflah no parece tener amplia formacion astronomica previa. El estudio de su obra muestra claramente, en cambio, que si tenia formacion matematica.)
[10] خوان فيرني وخوليو سامسو، ’’تطورات العلم العربي في الاندلس،‘‘ ضمن موسوعة تاريخ العلوم العربية، إشراف رشدي راشد (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2005)، الجزء الأول: 390.
[11] خوليو سامسو، ’’حول المصادر الفلكية الأندلسية والمغربية: العمل المنجز، مشروعات للبحث المستقبلي،‘‘ ضمن تحقيق مخطوطات العلوم في التراث الإسلامي، تحرير إبراهيم شبّوح (ومبلدن: مؤسسة فرقان للتراث الإسلامي، 1997)، 115.
[12] خوليو سامسو، ’’حول المصادر الفلكية الأندلسية والمغربية: العمل المنجز، مشروعات للبحث المستقبلي،‘‘ 115.
[13] قدري حافظ طوقان، تراث العرب العلمي في الرياضيات والفلك (القاهرة: مكتبة العرب، المقتطف، 1941)، 182.
[14] ماري تيريز، ’’علم المثلثات: من الهندسة إلى علم المثلثات،‘‘ ضمن موسوعة تاريخ العلوم العربية، إشراف رشدي راشد (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 1997)، الجزء الثاني: 642.
[15] ماري تيريز، ’’علم المثلثات: من الهندسة إلى علم المثلثات،‘‘ 642.
[16] حاجي خليفة، كشف الظنون عن أسامي الكتب والفنون (بيروت: دار إحياء التراث العربي)، المجلد الثاني: 2047.
[17] ذكر كل من ريتشارد لورش وخوسي بيلفر هذه الرسائل، انظر:
Richared Lorch, “The Astronomy of Jabir Ibn Aflah,” 93-94. José Bellver Martinez, “Elugar del islah..,” 87-88.
[18] Richared Lorch, “Jabir ibn Aflah and his Influence in the West” (PhD diss., University of Manchester, 1970).
[19] Lorch, “The Astronomy of Jabir Ibn Aflah,” 97–99.
[20] Mohammed Abattoy, “Au-dessus ou au-dessous du Soleil : Prolégomènes sur la position de Mercure et Vénus dans la tradition astronomique andalouse,’’ in Science et Pensée Scientifique en Occident Musulman au Moyen Age, ed. Bennacer El Bouazzati (Rabat : Publications de la Faculté des Lettres et des Sciences Humaines-Rabat, 2001), 19–42.
[21] جورج صليبا، ’’نظريات حركات الكواكب في علم الفلك العربي بعد القرن الحادي عشر،‘‘ ضمن موسوعة تاريخ العلوم العربية، الجزء الأول: علم الفلك النظري والتطبيقي، إشراف رشدي راشد (بيروت: مركز دراسات الوحدة العربية، 2005)، الجزء الأول: 125–126.
[22] محمد أبركان، المقالة في هيئة العالم: دراسة وتحقيق (أطروحة دكتوراه، نوقشت بجامعة محمد الخامس، 2011)، 167–170.
[23] فيرني وسامسو، ’’تطورات العلم العربي في الاندلس،‘‘ 388.
[24] صليبا، ”نظريات حركات الكواكب..،“ 125.
[25] بطلميوس،كتاب بطلميوس في التعليم المعروف بالمجسطي، نقل إسحاق بن حنين للمقالات 7-13، مخطوط (نسخة مصورة في مكتبة قطر الرقمية، ر. Add MS 7475)، ورقة 52و.
[26] أبو محمد جابر بن أفلح الإشبيلي، كتاب الهيئة، مخطوط (مدريد: دير الإسكوريال، ر. 910)، ورقة 78ظ.
[27] Martinez, “Elugar del islah..,” 132-133.
[28] وظفنا هذا الاقتباس كما أورده جابر بن أفلح في متنه بعد أن قابلناه بالنص الأصلي للمجسطي، لأننا لم نجد سوى بعض الاختلافات الطفيفة.
[29] ابن أفلح، كتاب الهيئة، 78ظ.
[30] يعتمد جابر بن أفلح هنا على معطيات أتبثها بطلميوس، يقول: ’’وهو [بطلميوس] قد برهن فيما يأتي بعد، أن نصف قطر فلك تدوير الزهرة ثلاثة وأربعون جزءا وسدس جزء بالأجزاء التي بها نصف قطر الخارج المركز لها ستون جزءا، وأن الخط الذي بين المركزين أعني مركز الفلك الخارج المركز ومركز فلك البروج جزء واحد وربع جزء بذلك المقدَار.‘‘ ابن أفلح، كتاب الهيئة، 79و.
[31] يذكر جابر أن البعد الأقرب للزهرة هو حوالي 16جزءا، ويبدو أنه لم يكن دقيقا في حساباته، لأنه بحسب المعطيات نجد البعد الأقرب هو حوالي 18 وليس 16. يقول: ’’فإذا كان كوكب الزهرة في أبعد بعده يجب أن يكُون بعده من مركز الأرض أكثر من مائة جزءٍ وأربعة أجزاء، وإذا كان في أقرب قربه يكون بعده من مركز الأرض أقل من ستة عشر جزءا.‘‘ ابن أفلح، كتاب الهيئة، 79و.
[32] يقول ابن أفلح: ’’فما أجدر كوكب الزهرة إذا كان بينه وبين مركز الأرض أقل من ستة عشر جزءا أن يكون لهُ اختلاف منظر له قدر بين، ويجب أن يكون على ما يعطيه بعدها قريبا من ثلث جزء.‘‘ ابن أفلح، كتاب الهيئة، 79و.
[33] هذا نص جابر: ’’وكان يجب أيضا أن لو كان كوكب عطارد تحت الشمس أن يكُون اختلاف منظره إذا كان في البعد الأقرب من فلك تدويره قريبا من سَبع دقائق.‘‘ ابن أفلح، كتاب الهيئة، 79و.
[34] ابن أفلح، كتاب الهيئة، 79و.
[35] ابن أفلح، كتاب الهيئة، 79و.
[36] صليبا، ”نظريات حركات الكواكب..،“ 126.
[37] ابن أفلح، كتاب الهيئة، 79و.
[38] بطلميوس، المجسطي، 51ظ-52و.
[39] ابن أفلح، كتاب الهيئة، 79و.
[40] ابن أفلح، كتاب الهيئة، 79و-79ظ.
[41] ابن أفلح، كتاب الهيئة، 80و-80ظ.
[42] ابن أفلح، كتاب الهيئة، 80ظ.
[43] ابن أفلح، كتاب الهيئة، 80ظ.
[44] ابن أفلح، كتاب الهيئة، 80ظ.
مقالات ذات صلة
مفهوم البراديغم من خلال فلك ابن الهيثم
The Concept of Paradigm in Ibn al-Haytham's Astronomy Mafhūm al-Parādīghm min khilāl falak Ibn al-Ḥaytham مفهوم البراديغم من خلال فلك ابن الهيثم فتاح مكاويFatah Mekkaoui جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاسSidi Mohamed Ben Abdellah University, Fez الملخص: يعتبر...
في مشروعية الكلام السني ضدا على إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي (ت.505هـ/1111م): قطعة من موسوعة الأسرار والعبر لأبي بكر الطرطوشي (ت.520هـ/1126م)، تعريفٌ وتوصيف
On the Legitimacy of Sunni Theology against Abū Ḥāmid al-Ghazālī’s Iḥyāʾ ʿUlūm al-Dīn (d. 505/1111): A Section from Abū Bakr al-Ṭurṭūshī’s al-Asrār wa-l-ʿIbar (d. 520/1126) - Introduction and Description Fī Mashrūʿiyyat al-Kalām al-Sunnī Ḍiddan ʿalā Iḥyāʾ ʿUlūm al-Dīn...
منهج الغزالي في التأليف في علم المنطق
Al-Ghazālī’s Methodology in His Writings on Logic Manhaj al-Ghazālī fī al-Taʾlīf fī ʿIlm al-Manṭiq منهج الغزالي في التأليف في علم المنطق محمد رويMohamed Roui جامعة عبد الملك السعديUniversité Abdelmalek Essaadi ملخص: تتناول هذه الدراسة معالم منهج أبي حامد الغزالي...
المنطق في الحضارة الإسلاميّة
المنطق في الحضارة الإسلاميّة خالد الرويهبKhaled El-Rouayheb جامعة هارفارد-كمبريدجHarvard University-Cambridge ملخص: ”المنطق في الحضارة الإسلامية“ لخالد الرويهب (جامعة هارفارد بكمبريدج) هي في الأصل محاضرة بالعربية ألقيت في مؤسسة البحث في الفلسفة العلوم في...
مكانة ”الالتباس“ في الثقافة العربية الإسلامية في عصرها الكلاسيكي: بواكير منظور جديد
Navigating Ambiguity: Exploring the Role of Uncertainty in the Classical Arab-Islamic Culture Makānat Al-Iltibās fī al-Thaqāfah al- ʿArabiyya al-Islāmiya Fī ʿAṣrihā al-Klāsīkī:Bawākīr Manẓūr Jadīd مكانة ”الالتباس“ في الثقافة العربية الإسلامية في عصرها الكلاسيكي بواكير...
أثر فلسفة ابن رشد في الكلام الأشعري المغربي: دراسة في المنجز حول فكر أبي الحجاج يوسف المكلاتي (ت.626هـ/1229م)
The Impact of Ibn Rushd's (Averroes’) Philosophy on Maghribi Ashʿarī KalāmCurrent State of Studies on al-Miklātī (d.626/1229) Athar Falsafat Ibn Rushd fī al-Kalām al-Ashʿarī al-Maghribī: Dirāsa fī al-Munajaz ḥawl Fikr Abī al-Hajjāj Yusuf al-Miklatī (626/1229) Majda...
في مقاربة فلسفة الفعل عند الفخر الرازي: مراجعة نقدية لمقالة ”فلسفة الفعل ونظرية العادة التاريخية عند المتكلمين“
On the Approach to the Philosophy of Action in Fakhr al-Dīn al-Rāzī:A Critical Review of “Falsafat al-fiʿl wa-naẓarīyyat al-ʿādah al-tārīkhīyyah ʿinda al-mutakallimīn” Fī muqārabah Falsafat al-fiʿl ʿinda Fakhr al-Dīn al-Rāzī:Murājaʿat naqdīyyah li-maqālat “Falsafat...
أبو البركات البغدادي ومشكل الزمان
Abū al-Barakāt al-Baghdādī on The Problem of Time Abū al-Barakāt al-Baghdādī wa Mushkil al-Zamān Jalel DridiUniversity of Tunis, Tunis أبو البركات البغدادي ومشكل الزمان جلال الدريديجامعة تونس، تونس Abstract׃ The approach adopted by Abū al-Barakāt al-Baghdādī...
صورة العقل عند الشكّاك بين القديم والوسيط
Ṣūrat al-ʿaql ʿinda al-shukkāk bayna al-qadīm wa-al-wasīṭ Reason in the Ancient Skeptics and its Impacts during the Medieval Era صورة العقل عند الشكّاك بين القديم والوسيط سعاد جوينيجامعة تونس، تونس Souad JouiniUniversité de Tunis, Tunis Abstract: The creativity...
مشروعية النظر العقلي في تقرير العقائد عند المتكلمين: فخر الدين الرازي نموذجًا
Machrūʿiyat al-naẓar al-ʿaqlī fī taqrīri al-ʿaqāʾid ʿinda al-mūtakalimīn:fakhr al-Dīne al-Rāzī namūdhajan The legitimacy of Speculated Reasoning from the Perspective of Fakhr al-Dīne al-Rāzī مشروعية النظر العقلي في تقرير العقائد عند المتكلّمين: فخر الدين الرازي...