
النهضة المنطقية المغربية الثانية: محمد الشريف التلمساني (710-771هـ/1310-1370م)

The Second Maghribi Logical Revival: Muḥammad al-Sharīf al-Tilmisānī (710–771/1310–1370)
al-Nahḍa al-Manṭiqiyya al-Maghribiyya al-Thāniya:
Muḥammad al-Sharīf al-Tilimsānī (710–771/1310–1370)
النهضة المنطقية المغربية الثانية:
محمد الشريف التلمساني (710-771هـ/1310-1370م)
Fouad Ben Ahmed
Harvard University/Qarawiyyin University, Rabat
Smail Cherrad
Independent Scholar, Sétif
فؤاد بن أحمد
جامعة هارفارد، كمبريدج/جامعة القرويين، الرباط
إسماعيل شراد
باحث مستقل، سطيف
ملخص: يمثّل أبو عبد الله الشريف التلمساني (ت. 771هـ/1370م) أحد أبرز روّاد ”النهضة المنطقية المغربية الثانية“ في القرن الثامن للهجرة/الرابع عشر للميلاد. وإذ يهدف هذا البحث إلى تقديم دراسةٍ تتناول البعدين التاريخي والتعريفي في آنٍ معًا، فإنه يعرض السيرة العلمية لمحمد الشريف التلمساني ومنجزه في حقل الدراسات المنطقية في القرن الثامن/الرابع عشر. ينطلق البحث من رصد الازدهار العلمي لمدينة تلمسان إبّان حكم بني عبد الواد، حين تهيّأت بيئةٌ معرفيةٌ متميّزة أسهمت في تطوّر العلوم العقلية، ولا سيما المنطق والفلسفة وأصول الفقه. ويتتبّع البحث تكوين الشريف التلمساني العلمي الذي تمّ على أيدي نخبةٍ من كبار النظار في عصره، وفي مقدمتهم الفيلسوف والرياضي أبو عبد الله الآبلي. وقد درس الشريف على يد أستاذه معظم العلوم العقلية الرائجة آنذاك، بالإضافة إلى نصوصٍ رائدة مثل كتاب الشفاء لابن سينا وتلاخيص ابن رشد والجمل للخونجي؛ الأمر الذي مكّنه من الاطّلاع النقدي على مناهج المتقدّمين والمتأخّرين في المنطق وعلومٍ عقليةٍ أخرى. يُبرِز البحث الدور المحوري الذي أدّاه الشريف التلمساني في إحياء الدرس المنطقي في الغرب الإسلامي، من خلال مؤلفاته الرئيسة، وعلى رأسها شرحه كتاب الجمل. وقد تأثّر في هذا المؤلّف بالتراث المتشعّب لابن سينا والرازي وابن رشد والخونجي والأبهري والكاتبي وغيرهم، حتى غدا شرحه نصًّا معتمدًا لدى الدارسين في المغرب والأندلس وتونس ومصر وتركيا وإيران، كما تشهد بذلك وفرة المخطوطات التي وصلتنا منه. ويؤكّد البحث أنّ الشريف التلمساني مثّل حلقةً مفصليّةً في مسار المنطق المغربي خلال صياغته الثانية بعد استقبال كتابات الخونجي في بلاد المغرب. ويُلفت الانتباه إلى دور أبي عبد الله الآبلي في تدريس هذه الكتابات، لا سيما كتاب الجمل، وتأثيره في توجيه الشريف نحو وضع شرحٍ مطوّلٍ عليه. وبذلك يُعَدّ التلمساني أحد المؤسسين البارزين للاتجاه المغربي الثاني في دراسة المنطق. وفي الختام، يعرض البحث مصادر الشريف في شرحه ويقدّم مقتطفاتٍ مختارة منه، بهدف التعريف بهذا المشروع العلمي وتحفيزًا لمزيدٍ من الدراسات حوله.
كلمات مفاتيح: الشريف التلمساني، شرح الجمل، الخونجي، المنطق في المغرب، النهضة المنطقية المغربية الثانية، سعيد العقباني، ابن مرزوق الحفيد، تلمسان، أبو عبد الله الآبلي، المعارف والعلوم في القرن الثامن للهجرة/الرابع عشر للميلاد، تلقي النصوص المنطقية بالغرب الإسلامي
Abstract: Abu ʿAbd Allāh al-Sharīf al-Tilmisānī (d. 771 AH/1370 CE) emerges as a pivotal figure in the “Second Maghribi Logical Revival” of the 8th/14th century, noted for his decisive role in advancing logic in the Islamic West. This study provides a historical and introductory account of his intellectual legacy, examining both his scholarly biography and his influential works on logic. It begins by situating al-Tilmisānī’s career in the broader context of Tlemcen’s cultural and intellectual flourishing under the Banū ʿAbd al-Wād, where dynamic scholarly circles fostered significant progress in philosophy, logic, and legal theory. The study then traces his formative years under a cadre of prominent teachers, most notably Abū ʿAbd Allāh al-Ābilī, from whom he learned key rational disciplines. This education encompassed foundational texts such as Ibn Sīnā’s al-Shifāʾ, Ibn Rushd’s paraphrases, and al-Khūnajī’s al-Jumal, giving al-Tilmisānī a critical perspective on classical and later approaches to logic. Particular attention is devoted to al-Tilmisānī’s major Commentary on al-Jumal, in which he draws on a complex heritage that includes Ibn Sīnā, al-Rāzī, Ibn Rushd, al-Khūnajī, al-Abharī, and al-Kātibī. Manuscript evidence indicates that this commentary enjoyed wide circulation in the Maghrib, al-Andalus, Tunisia, Egypt, Turkey, and Iran—testament to its broad reception by scholars of the period. Finally, the study underscores al-Tilmisānī’s place at the heart of the second wave of Maghribi logic following the arrival of al-Khūnajī’s works in the region. It highlights al-Ābilī’s formative instruction—particularly in teaching al-Jumal—and shows how al-Tilmisānī, building on these lessons, produced a comprehensive commentary that solidified his status as a founder of this second Maghribi school of logic. Excerpts from his work are included to invite further research into his contributions.
Key-words: al-Sharīf al-Tilmisānī, Commentary on al-Jumal, al-Khūnajī Logic in the Maghrib, Second Maghribi Logical Revival, Saʿīd al-ʿUqbānī Ibn Marzūq al-Ḥafīd, Tlemcen, Abū ʿAbd Allāh al-Ābilī, Knowledge and the sciences in the 8th/14th century, Intellectual life in the Islamic West, Transmission of logical texts
مقدمة
كانت تلمسان عاصمة بني عبد الواد (=آل زيان أو آيت زيان) في القرن الثامن الهجري/الرابع عشر الميلادي. وقد عرفت المدينة أوج ازدهارها في مختلف المعارف المتداولة آنذاك. ولعل ابن خلدون (ت. 808هـ/1406م) الذي عاش حقبةً في تلمسان من أفضل من وصف حالها في هذه الفترة، حيث يقول:
”لم يزل عمران تلمسان يتزايد وخطتها تتسع الصروح بها بالآجر، والفِهر تُعلى وتُشاد إلى أن نزلها آل زيان وأخذوها دارا لملكهم وكرسيا لسلطانهم. فاختطوا بها القصور المونقة والمنازل الحافلة، واغترسوا الرياض والبساتين، وأجرَوا خلالها المياه. فأصبحت أعظم أمصار المغرب. ورحل إليها الناس من القاصية، ونفقت بها أسواق العلوم والصنائع. فنشأ بها العلماء واشتهر فيها الأعلام، وضاهت أمصار الدول الإسلامية والقواعد الخلافية.“[1]
ومن مظاهر هذا العمران أن اختصت تلمسان بانتشار العلوم العقليّة حتّى غلب على نُظّارها الاهتمام بعلمي الأصول والمنطق والفلسفة، فضلا عن العلوم الدينية الأخرى؛ وامتد سند التعليم في علمائها حتّى نهايات القرن التاسع للهجرة/الخامس عشر للميلاد. وقد اجتمعت لنا على مدار قرنين من الزمن معطيات عن شخصيات بارزة في هذا الشأن.
والمؤكد اليوم أنّ واحدا من أشهر العلماء الذين نشطوا في حلقات العلوم بهذه المدينة هو أبو عبد الله الآبِلي (681-757هـ/1282-1356م)، الذي درس وتخرج على يديه عدد معتبر من النُظّار. وقد جمعت دروس الآبلي العالية العلومَ الدينية والعلوم العقلية. فقد درّس الأصول كما درّس المنطق والفلسفة في مستوياتها العالية. ولم تكن حلقاته الدراسية مجرد محاضرات يلقيها شيخ على تلامذته، بل كانت أشبه بالمدرسة أو بالانتماء الفكري. وقد أحسن محمد الشّريف التّلمساني التعبير عن هذا الانتماء عندما أطلق عليه ”التلمذة للمشيخة الآبِلية“ و”المشيخة العلمية والأبوة الآبِلية.“[2] الأمر الذي يؤكد وعي التلمساني وغيره من الزملاء بهذا الانتماء الفكري المتميز.
والشّريف التّلمساني نفسه هو واحدٌ من أهم الأسماء ضمن هذه الحلقات، إلى جانب أبي عثمان سعيد العقباني (ت. 811هـ/1401م) وأبي زكريا يحيى الرهوني (ت. 773هـ/1371م) وأعلام آخرين، ممن أقام بتلمسان أو قصدها بغرض الدراسة.[3] وإذ نعتبر الشريف أحد أهم أركان النهضة المنطقيّة المغربية الثانية إلى جانب الآبِلي وسعيد العقباني وابن مرزوق الحفيد (ت. 843هـ/1439م) وآخرين، فإن الرجل معروف اليوم بأعماله غير المنطقيّة؛ خاصّة وأنَّ ما ألفه في المنطق ما زال غير معروف ولا مدروس. ويبدو كتابه مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول، أحد أكثر أعماله حظوة في العصر الحديث. فقد لقي قبولا واسعا وطُبع باكرًا وأكثر من مرّة. وهذا ما قد يوحي بأنَّ هذا الوجه من انشغالات التّلمساني العلميّة هو الطاغي في هذا القرن، بينما ظلت انشغالاته بالعلوم العقليّة، وبالمنطق تحديدا، في منطقة الظلّ غير معروفة.
وكما ذكرنا من قبل، فقد تلقى التلمساني درس صناعة المنطق على يد الآبِلي. وقد تأكد اليوم أنَّ نصوصًا أساسية في هذه الصناعة كانت ضمن البرنامج الدراسي للآبِلي؛ كما تبيّن منذ مدّة أنَّ نصوص ابن سينا (ت. 428هـ/1037م) وابن رشد (ت. 595هـ/1198م) كانت من المواد التي درسها التّلمساني على يد الآبِلي، كما تبيّن اليوم أنَّ نصّ الجمل في المنطق لأفضل الدين الخُونجي (ت. 646هـ/1248م)، مع بعض شروحه المشرقية المبكرة، كانت من مضامين درس الآبِلي، وكان الشّريف التّلمساني واحدًا ممن تلقوا هذا الدرس على يديه.
ونتصور أنَّ درس الآبِلي هذا كان هو الشرارة الأولى لانطلاق الشروح المغربية على الجمل، وأوّلها وأكملها شرح الشّريف التّلمساني، على الأقل فيما وصلنا اليوم من شروح.[4] وقد حظي شرح الجمل للتّلمساني، كما يظهر من عدد نسخه الخطية المتوفرة اليوم، بالاعتناء في زمنه وبعده وتقبلته مختلف المدارس في مختلف الحواضر المغربية. وللتعريف بهذه الشخصيّة وبدورها في النهضة المنطقيّة المغربية الثّانية، سنوفر في هذا المدخل نبذة عن سيرته العلمية وتعريفًا بأعماله، وتحديدا تلك المتعلقة بالعلوم العقليّة، وبخاصّة شرح الجمل؛ ومن أجل إبراز أهمية هذا العمل الأخير ووضعه في سياقه، سنقدم لمحة عن مصادر الشّريف التّلمساني في هذا الشرح، كما سنختار مجموعة من النصوص منه، التي لا تغني عن قراءة الشرح كاملا بل نتصور أنها تحفز المهتمين الى ذلك.
وفي الأخير لابد أن ننوه إلى ما أنجز من قبل في هذا الباب، وبخاصة عمل خالد الرويهب، تطور المنطق العربي (1200-1800)،[5] الذي نعتبره الأول من نوعه في تقديم صورة أولية وإيجابية عن الأنشطة المنطقية التي كانت سائدة خلال القرن الثامن للهجرة/الرابع عشر للميلاد وعن الفاعلين المركزيين في هذه النهضة المنطقية، بعد أن ساد الاعتقاد لفترة طويلة أنه عصر الجمود والحواشي المكررة.
أوّلًا: سيرته
لحسن الحظ أنَّ هناك ما يكفي من المصادر لتكوين فكرة دقيقة عن سيرة محمد الشّريف التّلمساني؛ وقد اعتمدنا على العديد منها من أجل تأليف هذا القسم.[6]
الشَّريف التِّلِمْسَانِيِّ هو الاسم الذي اشتهر به الإمام محمَّد بن أحمد بن عليٍّ الشَّريفُ العَلْويُّ[7] الإدريسيُّ الحَسَنيُّ،[8] أبو عبد الله التِّلِمْسَاني. ولد عام 710هـ/1310م.[9] وقد صحَّح هذا التاريخ أبو العباس الونشريسي (ت. 914هـ/1508م) بقوله: ”هذا هو الصحيح في ولادته.“[10]
1. شيوخه
تتفق المصادر الأولى على أنّ الشّريف التّلمساني قد أخذ وحصّل عن أهل بلده تلمسان، قبل أن يُعمل الرحلة على عادة القوم في التحصيل والاستزادة. فممن ذكِر أنَّه أخذ عنهم جماعةٌ منهم:
الشَّيخ أبو زيد عبد الرحمن يعقوب؛ كان حيّا حتّى النصف الأوّل من القرن الثامن للهجرة/الرابع عشر للميلاد.
• أبو عبد اللَّه محمَّد بن محمَّد الباروني (أو البروني)، (ت. 724هـ/1334م).
• ابن الإمام، أبو زيد (ت. 743هـ/1342م).
• ابن الإمام، أبو موسى (ت. 750هـ/1349م).
• القاضي أبو عبد اللَّه بن هديّة القرشي، (ت. 735هـ/1334م).
• أبو محمد عبد اللَّه المجّاصي، (ت. 741هـ/1340م).
• أبو عبد الله القاضي التَّميميِّ، (ت. 745هـ/1344م).
• أبو موسى عمران المشداليِّ، (ت. 745هـ/1344م).
• القاضي ابن عبد النُّور الندرومي، (ت. 749هـ/1348م).
• القاضي أبو العبَّاس أحمد بن الحسن، (ت. 768هـ/1367م).
• القاضي علي بن الرماح.[11]
• الشيخ السطي، (ت. 750هـ/1349م).[12]
• ابن النَّجَّار التّلمساني، (ت. 749هـ/1349م).
• عبد المؤمن الجاناتي (ت. 746هـ/1352م).[13]
• أبو عبد الله الآبلي.
• ابن عبد السلام الهواري، (ت. 749هـ/1349م).[14]
2. تلامذته
يصف ابن خلدون بشكل تفصيلي حال الشّريف وكيف كان متصدّيًّا للتدريس ونشر العلم، فيقول بعد ذكر رحلته إلى تونس: ”وانقلب إلى تلمسان وانتصب لتدريس العلم وبثّه، فملأ المغرب معارف وتلاميذ.“[15] ويضيف الثغري بعض التفاصيل في هذا الباب، فيقول:
”كان له مِنَ التَّلاميذ ما لا يحصى، وانتفع به مِنَ الخلق كثيرٌ، وصدرت عنه صدور مِن كبار العلماء وأعيان الفضلاء، ونجباء الصُّلحاء الأولياء، فكان غرسه ناجحًا وسعيه رابحًا، وثمرته طيِّبة حلوة.“[16]
فممن ذكر أنّه أخذ عنه:
• ولده أبو محمَّد عبد الله (ت. 792هـ/1391م)
• وولده أبو يحيى عبد الرحمن (ت. 826هـ/1424م).
• وأبو إسحاق الشَّاطبيُّ (ت. 790هـ/1388م).
• وابن عبّاد الرندي (ت.792هـ/1390م).[17]
• وأبو يحيى ابن السكاك (ت.818هـ/1415م).
• والفقيه ابن محمد بن علي الميورقي.[18]
• والولي إبراهيم المصمودي (ت. 805هـ/1403م).
ومنهم أيضًا:
• أبو يحيى أخو عبد الرحمن بن خلدون، وصاحب بغية الرُوّاد (ت.780هـ/1379م).
• ابن قنفذ القسنطيني (ت.810هـ/1408م).
• وأبو سعيد بن لب الأندلسي (ت. 782هـ/1381م).
• ولسان الدين ابن الخطيب الغرناطي (ت. 776هـ/1375م).
• وعبد الرحمن بن خلدون، الذي يلقبه بـ”صاحبنا.“[19]
وغيرهم كثير.
3. في سيرة الشريف
أوردنا أعلاه قائمة تضمن ما وقفنا عليه من أسماء الشيوخ الذين تلقى عنهم الشريف التلمساني، وسنحاول هنا إعادة بناء سيرته العلمية بما يتوافق مع غرضنا من التركيز على العلوم العقلية.
نشأ محمد الشّريف بتلمسان، وهي آنذاك حاضرة المغرب وعاصمة الدولة الزيانية. فأخذ عن مشيختها وحصَّل، كما ذكرنا أعلاه؛ ثمَّ أعمل الرحلة غربا وشرقا للاستزادة. والَّذي تذكره لنا المصادر أنَّه رحل غربًا في بداياته باتجاه فاس بغية الأخذ عن الفيلسوف والرياضي أبي عبد الله الآبِلي، الذي كان يلقب بإمام المعقول. ويخبرنا الشريف التلمساني نفسه بتلمذته للآبلي في صناعة المنطق كما في غيرها من الصنائع العقلية.[20] وإلى ذلك، تتفق كلمة ابن خلدون الذي يصف الشريف بصاحبنا، مع كلمة السراج الفاسي الذي يصفه بشيخنا على أنّ الشريف التلمساني لازم كثيرًا أبا عبد الله الآبِلي وانتفع بمعارفه، لكن دون تحديد لزمنها، حيث يذكر لنا التنبكتي أنه
”حضر بفاس في بدايته مجلس عبد المؤمن الجاناتي، فاتَّفق بحث فأبدى فيه وجهًا بديعًا، فنظر إليه الشَّيخ عبد المؤمن فقال: ’ما ذكرته من عندك أو من نقل؟‘ فقال: ’من عندي.‘ فسأله عن بلده ونسبه ولأيِّ شيء جاء، فقال: ’جئت للقراءة على الآبِلِي.‘ فقال له: ’الحمد للَّه الَّذي وفَّقك.‘ ودعا له.“[21]
وتخبرنا المصادر أنَّ عبد المؤمن الجاناتي قد تصدّر لمجلس التعليم بعد وفاة شيخه أبي الحسن الزرويلي سنة (719هـ/1319م).[22] وقد درس الشّريف التّلمساني عليه المدونة. وفضلا عن نباهته الفطرية، فإنَّ دروسه الأولى التي تلقاها على شيوخه بتلمسان كانت لها دورًا أساسيا ولا شك في شحذ قريحته وتأهيله لأن يقبل على العلوم العقلية وعلى مجلس الآبِلي بعد ذلك؛ وهو ما تفيده أسئلة الجاناتي وتعليقاته الخاطفة أعلاه. ويكفي أن نذكر أنَّ من بين شيوخ الشّريف التّلمساني من كان يدرس المنطق والأصول، على طريقة المتأخرين. فلعل الشّريف التّلمساني قد شعر بالرغبة في الالتحاق بمجلس الآبِلي بعد أن أخذ عن شيوخ مثل ابن النجار التّلمساني المعروف ”بشيخ التعاليم،“[23] وعمران المشدّالي المعروف بتدريسه المنطق والجدل في بجاية وتلمسان،[24] ومثل الأخوين أبي زيد وأبي موسى ابني الإمام، المعروفين في تلمسان بتصدرهما لتدريس طريقة المتأخرين في الأصول؛ وهما ممن أخذ عنهم الآبِلي، وبخاصة أبي زيد.[25]
غادر الشّريف التّلمساني ناحية تونس مارًّا على حاضرة بجاية عام 740هـ/1340م.[26] ويخبرنا ابن خلدون أنَّ الشّريف التّلمساني كان قبل هذه الرحلة قد أحكم نصوص الشفاء والإشارات لابن سينا وتلاخيص ابن رشد على أرسطو على الآبِلي. فعلى هذا، فإنَّ لقاء الشَّريف بالآبِلي كان قبل سنة 740هـ/1340م. غير أنَّ أبا عبد الله الثغري يؤكد أن الشّريف التّلمساني ”قد رحل إلى تونس سنة أربعين وسبعمائة،“[27] وأن ذلك كان ”قبل قراءته على الشيخ أبي عبد الله الآبلي رحمه الله.“[28] وهو أمر مستغرب، خاصة وأنَّ الأخبار قد تواترت على تتلمذ الشّريف على الآبِلي مرتين، مرة بفاس ومرة بتلمسان.
والَّذي نعلمه مِن حال أبي عبد الله الآبِلي أنَّه قد خرج مِن تلمسان بعد رجوعه مِنَ الرِّحلة المشرقيَّة واستقرَّ بالمغرب. وكان في أوَّل أمره نزل فاس في حدود سنة 710هـ/1310م، ثمَّ انتقل إلى مراكش حيث لازم الرياضي المعروف أبا العباس ابن البناء المراكشي (ت. 724هـ/1324م)، ومنها انتقل مع شيخ الهساكرة علي بن محمد بن تروميت إلى معاقلهم بالجبال، فبقي هناك إلى غاية استنزال السلطان أبي سعيد المريني لشيخ الهساكرة من جبله.[29]
فالَّذي نرجِّحه مِن كلِّ ما تقدَّم أنَّ الشَّريف دخل فاس بعد سنة 723هـ/1323م، في وقت كان تدريس الآبِلي مشهورا بها. فتكون الفترة ما بين 723هـ/1323م إلى غاية 737هـ/1336م، وهو تاريخ دخول الآبِلي تلمسان بعد استيلاء السُّلطان أبي الحسن المريني عليها، هي المرحلة الأولى لتلقِّي الشَّريف على الآبِلي وملازمته إيّاه بفاس.
ونعلم أنَّ الآبِلي قد استقرَّ بتلمسان إلى غاية 748هـ/1347م، سنة رحيله إلى تونس، خاصَّة بعد بناء مدرسة ”العبَّاد“ له؛ فتكون الفترة ما بين 737هـ/1336م و740هـ/1339م، هي الفترة الثَّانية لتلقِّي الشَّريف على الآبِلي، قبل أن يرحل إلى تونس عام 740هـ/1339م؛ ويقول ابن خلدون في هذا:
”نشأ هذا الرجل بتلمسان. وأخذ العلم عن مشيختها، واختص بأولاد الإمام، وتفقه عليهما في الفقه والأصول والكلام. ثم لزم شيخنا أبا عبد الله الآبلي، وتضلع من معارفه فاستبحر وتفجرت ينابيع العلوم من مداركه. ثم ارتحل إلى تونس في بعض مذاهبه سنة أربعين وسبعمائة، ولقي شيخنا القاضي أبا عبد الله ابن عبد السلام وحضر مجلسه وأفاد منه، واستعظم رتبته في العلم.“[30]
وعليه، فإننا نفهم من كلام ابن خلدون أن تتلمذ الشّريف التّلمساني لابني الإمام والآبِلي بتلمسان كان قبل الرحلة إلى تونس؛ ولا نجد عنده ذكرا لتتلمذ الشّريف للآبِلي بالمغرب.
وإلى ذلك، فإذا كان ابن خلدون يحدد أنَّه قد أخذ أصول الفقه والدين عن ابني الإمام، فإنه لا يحدد ما قد يكون أفاده الشّريف التّلمساني من ابن عبد السلام الهواري (ت. 749هـ/1349م)، بعد أن قدم من فاس وتلمسان وقد تدرب على يد الآبِلي في العقليّات. وبدوره، فإن الهواري هذا هو أحد الذين رسخوا طريقة المتأخرين في العلوم العقلية بتونس؛ بل كان شيخ هذه الطريقة قبل انتقالها إلى تلامذته.[31] والمعروف من مصادر عدّة، ومنها ابن خلدون نفسه، أنَّ ابن عبد السلام الهواري قد ورث طريقة المتأخرين في الأصول من تلاميذ ابن زيتون، أحد رواد الطريقة في تونس. ويبدو أنَّه حينما التحق الشّريف التّلمساني بمجلس تعليمه كان قد بلغ أوج عطائه. ويؤكد أبو عبد الله الثغري خبر تلقي الشّريف التّلمساني عن ابن عبد السلام، فيقول:
”ثم دخل تونس، فوجد بها الإمام العالم أبا عبد الله ابن عبد السلام شارح ابن الحاجب الفروعي، وكانت الرحلة من الآفاق إليه في وقته، فلزمه وأخذ عنه وانتفع به انتفاعا عظيما.“[32]
وفي المقابل، فإنَّ ابن خلدون يفيدنا بثلاثة أمورٍ هامة بخصوص سيرة الشّريف التّلمساني وعلاقته بعبد السلام الهواري وما أخذه عن الآبِلي.
أمَّا بخصوص الأمر الأوّل، فإنَّ الشّريف لم يكن مجرد تلميذ لابن عبد السلام، بل كان بينهما تبادل علمي أقرب من ذاك الذي يكون بين الأكفاء. ويقول ابن خلدون في هذا:
”وكان ابن عبد السلام يصغي إليه [الشّريف التّلمساني] ويؤثر محله ويعرف حقّه، حتّى لقد زعموا أنَّه كان يخلو به في بيته، فيقرأ عليه فصل التصوّف من كتاب الإشارات لابن سينا، بما كان هو قد أحكم ذلك الكتاب على شيخنا الآبِلي.“[33]
وعليه، فالذي نفهمه من كلام ابن خلدون هو أنَّه في مقابل ما أخذ الشّريف التّلمساني من علوم ابن عبد السلام، فإنَّ الشّريف التّلمساني قد درسه القسم المتعلق بالتصوف من كتاب الإشارات والتنبيهات لابن سينا. وفي الاتجاه نفسه يورد الثغري مقطعًا من مجلس الشيخ ابن عبد السلام يفيد أنَّ الشّريف التّلمساني كان معروفًا عند الشيخ وأنّه كان يوقره ويعظمه. كما يؤكد الثغري أنًّ الشّريف التّلمساني ”كان يقرأ على الشيخ [ابن عبد السلام] في داره بطول إقامته هنالك.“[34]
وأمَّا الأمر الثّاني الذي يفيدنا به ابن خلدون فهو أنَّ الشّريف التّلمساني كان قد أحكم الإشارات والتنبيهات على يد الآبِلي بفاس أو بتلمسان.
والأمر الثّالث، وقد ورد استطرادًا من ابن خلدون، حيث أشار باختصار إلى تكوين الشّريف التّلمساني، وما درسه على يد الآبِلي وما كان درسه قبل ذلك.[35] ويشير ابن خلدون إلى أنَّ الشّريف كان قد قرأ على الآبِلي:
”كثيرًا من كتاب الشفاء لابن سينا، ومن تلاخيص كتب أرسطو لابن رشد، ومن الحساب والهندسة والفرائض.“[36]
وقد أوردت مصادر أخرى خبر دراسة الشريف التلمساني علوم التعاليم على يد الآبلي وتكوينه المتين فيها،[37] ولا يحدد ابن خلدون أقسام الشفاء ولا موضوعات تلاخيص أرسطو التي يفترض أن يكون الآبِلي درسها للشّريف التّلمساني، أعني هل امتدّ درسه ليشمل الطبيعيات والإلهيات من الشفاء، وتلاخيص ابن رشد على أعمال أرسطو في الطبيعيات وما بعد الطبيعة، أم توقف عند القسم الخاصّ منها بالمنطق. وإذ لا مجال للحسم في هذا الموضوع بخصوص ابن رشد، فإن المؤكد أن الشريف قد درّس قسمي الطبيعيات والإلهيات من الإشارات والتنبيهات لولده أبي محمد عبد الله.[38] والمؤكد أنَّ البرنامج الدراسي الذي تمرن عليه مع الآبِلي لم يكن محصورا في سلطة علمية معيّنة أو في توجه معيّن؛ وهو الأمر الذي انعكس في ثنايا شرحه كتاب الجمل الذي يعتبر عملًا مؤلفًا على طريقة المتأخرين في المنطق، لكنه يستحضر الكتابات المنطقية المؤلفة على طريقة المتقدمين (الفارابي، وابن سينا، وابن رشد). وهذا ما يُظهر أنَّ الصّلة بين هذا التقليد الجديد والتقليد القديم لم تكن قد انقطعت بعد.
ونشير إلى أنَّ خالد الرويهب قد فهم من كلام ابن خلدون في التعريف برحلته أنَّ الشّريف التّلمساني كان يُدَرّس تلاخيص ابن رشد على كتب أرسطو في المنطق. حيث يقول:
”بعد وفاة أبي عنان، عاد الشريف التلمساني إلى التدريس في تلمسان؛ وتوفي بها عام 771هـ/1370م. وذكر ابن خلدون الذي حضر دروس الشريف أن هذا كان يُدَرس تلخيصات ابن رشد أعمال أرسطو في المنطق (ابن خلدون، 1951، 62-64).“[39]
صحيح أنَّ ابن خلدون يحصي الشّريف التّلمساني ضمن شيوخه، مع أنَّه يعده من أصحابه، فضلا عن أنَّه لا يحدّد ماذا درس عليه ولا أين درس عليه، وإن كنّا نميل إلى اعتبار أنَّ ذلك قد حصل بتلمسان أو فاس.[40] أمَّا أن يكون ابن خلدون قد حضر تدريس الشّريف التّلمساني تلاخيص ابن رشد على منطق أرسطو فلا دليل على هذا، فضلا عن أنَّ ابن خلدون لم يقل بهذا، فإنَّ قصارى قول ابن خلدون أنَّ الشّريف التّلمساني قد درّس ابن عبد السلام القسمَ الخاص بالتصوف من الإشارات والتنبيهات، بعد أن كان قد أحكمه على الآبلي، كما قد أحكم عليه تلاخيص ابن رشد على أرسطو، دون تحديد، وكذا شفاء ابن سينا. وفي كلّ الأحوال، فبما أنَّ الشّريف التّلمساني قد أحكم تلاخيص ابن رشد، ومنها المنطق، على يد الآبِلي، فقد كان أمرًا متوقعا أن يستعمله في كتاباته، وقد استعمله فعلا كما أشار إلى ذلك الرويهب؛[41] تماما كما استعمله ابن خلدون في كتاباته أيضًا. وهما معًا قد درسا نصوص ابن رشد على يد الآبِلي، وإن في مكانين مختلفين؛ فقد درس ابن خلدون على يد الآبِلي في تونس بينما درس عليه الشّريف بفاس وبتلمسان أيضًا.
وإلى ذلك، فقد كانت للشّريف التّلمساني تجربة سياسة لم تخل من محن، وكادت تعصف بمساره العلمي. تخبرنا المصادر أنَّ الفترة الممتدَّة من سنة 754هـ/1353م حتَّى أواخر سنة 759هـ/1358م، عرف فيها الشّريف محنة سجنه لشهور بسبب أمر وديعة لسلطان تلمسان عند بعض أهلها ومعرفة الشّريف بذلك، فلمَّا علم بها السُّلطان أبو عنان سخط عليه، خاصّة وأنَّ الشّريف شدَّد القول عليه مجيبًا لتذكيره بامتنانه عليه بالتَّقريب: ”إنَّما عندي شهادة فلا يجب عليَّ رفعها، بل سترها، وأمَّا تقريبك إيَّاي فقد ضرَّني أكثر ممَّا نفعني، ونقص علمي و ديني.“[42] فاعتقله شهورًا حتَّى أوائل سنة 756هـ/1355م، ثمَّ عفا عنه، غير أنَّه أقصاه عن مجلسه، ثمَّ أعاده مرة أخرى بعد دخوله قسنطينة سنة 758هـ/1357م.
وبقي الشّريف في فاس إلى غاية أواخر سنة 759هـ/1358م، مستوحشًا يشكو الغربة ويتملَّل منها. وبعد أنَّ توفي السُّلطان أبو عنان، وملك أبو حمو يوسف بن عبد الرَّحمان تلمسان (حكم 760هـ/1359-791هـ/1383م) استدعى الشّريفَ من فاس، فسرحه القائم بالأمر يومئذٍ الوزير عمر بن عبد الله، فانطلق إلى تلمسان عام 760هـ/1359، وتلقَّاه أبو حمو وأصهر له في ابنته فزوَّجها إيَّاه.[43] ولاحقا عام 765هـ/1363م بنى له مدرسته الَّتي عرفت بالمدرسة اليعقوبيَّة. وقد استقرُّ الحال بالشّريف في تلمسان حتَّى وفاته.
وإلى ذلك فقد كانت له تجربة سياسية، حيث استعان به السُّلطان أبو حمو الثَّاني في كثير مِنَ السّفارات، منها:
1. سفارته إلى البلاط المريني سنة 763هـ/1362م.[44]
2. سفارته إلى البلاط الحفصي سنة 764هـ/1363م. وهي سفارة لم تكتمل بسبب طلب الرُّجوع مِنَ السلطة الزيّانية.[45]
3. سفارته إلى فاس سنة 767هـ/1366م. وقد أفادنا بها السراج في فهرسته.[46]
4. سفارته بالأمان إلى بعض مناوئي السلطة المركزيَّة مِن قبيلة السويد العربية؛ وكانت سنة 770هـ/1369م.[47]
وعلى الرغم من تبعات بعض المسؤوليات السياسية التي تحملها الشريف التلمساني سواء مع المرينيين أو مع الزيانيين، فإنّ منزلته العلميّة كانت محلّ إجماع وتوافق بين أرباب العلوم في زمانه. وقد عرفت الفترة قبل وفاته التي قضاها بتلمسان أوج عطائه. ففي هذه الفترة وفي هذه الحاضرة اشتهر بالتأليف وبالتدريس خاصّة. والظاهر أنَّه قد تصدى لتدريس المنطق[48] والأصول والتفسير. وقد حفظت لنا المصادر نصوصًا بالغة الدّلالة على ما تبوأه من مكانة معرفيّة وعلميّة، حتّى نقل أنّ عصريّه الخطيب ابن مرزوق الجدّ صرّح ببلوغه رتبة الاجتهاد؛ كما أثنى عليه كثير ممن صاحبه صحبة علمية مثل القاضي أبي عبد الله محمد ابن عبد السلام الهواري، وكما كان الآبِلي إمام المعقول في زمانه يقول عنه: ”قرأ عليّ خلق كثيرٌ في الآفاق، فما رأيت مثل أربعة، وأبو عبد الله أكثرهم تحصيلا وأوفرهم عقلا، فكان أبو عبد الله بعد ذلك هو الذي يُقرئ الطّلبة بمحضره.“[49]
وظلّ الشريف متصدرًا للتدريس إلى حدود السنة التي توفِّي فيها. ويقال إنه كان قد أخذ في تفسير الختمة الثَّانية مِن القرآن، حتَّى إذا وصل الآية: ﴿يستبشرون بنعمة من الله وفضل وأن الله لا يضيع أجر المحسنين﴾ [آل عمران: 171] وقع في المرض الذي مات منه، فمرض نحو ثمانية عشر يومًا، ثمَّ مات ليلة الأحد 4 ذي الحجَّة 771هـ/1370م.[50]
ثانيا: مؤلفات الشريف التلمساني
يذكر ابن مريم أن الشريف التلمساني كان ”إماما في العلوم العقلية كلها، منطقا وحسابا وتنجيما وهندسة وموسيقى وطبا وتشريحا وفلاحة، وكثيرا من العلوم القديمة والحديثة.“[51] ويشير سعيد العقباني إلى اشتغال الشريف بالهندسة.[52] والحق أن ما هو متاح اليوم من أعمال الشريف لا يعكس هذا الاهتمام العلمي الواسع الذي يتحدث عنه ابن مريم. وبغض النظر عن احتمال أن يكون هناك أعمال أخرى غير معروفة اليوم للشريف، واحتمال أن يكون الشريف قد اهتم ببعض من تلك العلوم دون أن يصنف فيها شيئا، مكتفيا بتدريسها، فإنه لعل سيرة الشريف التلمساني السياسية وتقلبات حياته لم تسمح له بأن يتفرغ للتأليف كثيرا. والظاهر أن الفترة الأكثر خصوبة هي تلك التي كانت بعد عودته إلى بلدته تلمسان واستقراره بها.
وقد سبق لابن خلدون أن لمح إلى انشغال الشريف التلمساني بالتدريس أكثر من التصنيف؛ وهي الفكرة التي نجدها صريحة عند الثغري، حيث يقول:
”وكان رحمه الله قليل الأخذ في التَّأليف، وإنَّما كان اعتناؤه ببثِّ العِلم في الصُّدور وإخراج النَّاس مِنَ الظُّلمات إلى النُّور.“[53]
واعتمادا على الأعمال المعروفة له اليوم، يمكن أن نقول إنه قد انشغل بأصول الدين وأصول الفقه، كما انشغل بالجدل والمنطق والفلسفة. وقد ذكر له المترجمون والإخباريون مِنَ التَّآليف ما يأتي:[54]
أولا: في علم أصول الفقه
مفتاح الوصول إلى علم الأصول:[55]
طبع قديمًا بتونس سنة 1924م، بعناية محمَّد بن محمَّد البشير شمام الزَّيتوني؛ ثمَّ تلاحقت طبعاته واختلفت طرق ناشريه. ويعتبر هذا العمل أشهر أعمال التلمساني اليوم.[56]
ثانيا: في علم المنطق
- شرح الجمل للخُونجي:
وقد اشتهر هذا الشرح حتّى قال عنه في مناقب التلمسانيين:
”ألف في المنطق شرح جمل الخونجي، وهو من أجل كتب هذا الشأن، اعتني به اعتناءً عظيمًا، وانتفع به العلماء، وأكب عليه الطَّلبة في الآفاق على قراءته ونسخه والانتفاع به، فكثر وانتشر وعُوِّل عليه ورُجِع إليه.“[57]
وقد نشر العمل مؤخرا.[58]
ووجب التَّنبيه هنا على ما وقع لكارل بروكلمان في ملحقه،[59] حيث نسب للشَّريف التلمساني شرحا على الموجز للخونجي. والظاهر أنه قد ساير في ذلك فهرس المكتبة الوطنية بالرباط؛ وليس الأمر كذلك، فإمَّا أنَّ الشَّرح هو للجمل وعنونَ خطأ، أو هو لأحد شرَّاح الموجز ونسب خطأ للشَّريف. وقد تابع نيقولاس ريشر بروكلمان في خطئه، وقد نبه الرويهب على ذلك.[60]
- مثارات الغلط في الأدلة:[61]
طبع قديمًا بتحقيق المصطفى الوضيفي سنة 1991، بالدَّار البيضاء عن نسختي خزانة ابن يوسف بمراكش؛ ثمَّ أعاد نشره فركوس وجعله بآخر نشرته لكتاب مفتاح الوصول، كما نُشر أيضًا مستقلًّا بعناية جلال علي الجهاني مقابلًا لنشرة الوضيفي بنسخة كوبرلي (1601).
وقد وقفنا على نسخة ثالثة لهذا النص لم تستعمل في النشرات السابقة وهي محفوظة بخرانة الأسكوريال تحت رقم: (1167).
ثالثا: في علم الكلام والعقيدة
1. كتاب في القضاء والقدر.[62]
2. أجوبة وتقييدات.[63]
ولعل هذه الأجوبة، أو لعل منها تلك التي ذكرها الثغري في مناقب التلمسانيين.[64] ويظهر من عودتنا إليها أن الشّريف التّلمساني قد عالج فيها إشكالات كلامية ومنطقية وفلسفية تفاعلا مع أسئلة أبي زكريا يحيى بن موسى الرهوني الذي أصله من المغرب وكان زميلا للشّريف التّلمساني في حلقة الآبلي، كما ذكرنا في البداية. ومن المفيد أن نقدم فكرة عن سياقها هنا. يقول الثغري:
”وكان علماء المغرب يفزعون إليه في حل ما أشكل من علومه، وبسط ما اعتاص من معانيه، وجه إليه الفقيه العالم الأصولي المحقق فقيه مصر أبو زكريا يحيى الرهوني من بلد توزر حاطها الله أسولة فأوضح مشكلها وحل مقفلها وسأتلو عليك بدائعها وأوردك مشارعها لتستفيد بنكتها وتسمع بلاغتها.
ونص الجواب: وصلتنا […] صحيفتكم الكريمة […] قاضية عن كمالكم حق صلتي القرابة العلمية والأخوة في التلمذة للمشيخة الآبلية، ومقتضية منا شكرا مقرونا بالمزيد […] فصادفت والحمد لله منا رحبا أوسعه جميل ثنائكم وأضاءه ودكم وإخاؤكم، حسبما شهدت به المشيخة العلمية والأبوة الآبلية أعلى الله قدرها وأدى عنا شكرها، فامتطيت من فكري في نيل ذلك المطلب الجسيم.“[65]
وبعد هذا التقديم، يباشر الشّريف التّلمساني أجوبته بحل الإشكال الأول المتعلق بقول المناطقة:
”الموجبة تستدعي وجود الموضوع محققا في الخارجية، ومقدرا في الحقيقية، والسالبة لا تستدعيه.“[66]
ثمّ ينتقل إلى حل ”الإشكال الثاني من جانب الفلاسفة في قدم العالم.“[67] ثمّ الإشكال الثالث المتعلق ”بأن العلم بوجوده تعالى يتوقف على إبطال التسلسل في الأسباب.“[68] وأخيرًا الإشكال الرابع الذي منشؤه قول أبي عمر ابن الحاجب: ”الأدلة وهي راجعة إلى الكلام النفسي، وهو نسبة بين مفردين قائمة بالمتكلم، والعلم بالنسبة ضروري.“[69]
ويعلق الثغري عند نهاية الجواب قائلا:
”هنا انتهى جوابه للرهوني رحمه الله، وأنت ترى ما فيها من التحقيق والإنصاف، ومحاسن الأوصاف، فقد سمعت حذاق طلبة المتكلمين، وجماهير أئمتنا المتأخرين يرون أنَّ ذلك الدليل على حدث العالم لا يتم إلا بإماطة ذلك الإلزام.“[70]
ثالثا: مكتبة الشريف في شرح الجُمل
إن قراءة أولى لنصّ شرح الجُمل للشريف التلمساني تعطينا فكرة عن مصادره في شرحه. وكان تقدم معنا أنَّ الشّريف التّلمساني كان تلميذًا للآبِلي في المنطق، بل إننا رجحنا أن يكون التّلمساني قد تعرف إلى نص الجمل والتراث التفسيري الذي خلفه بفضل الآبِلي. وإلى ذلك، فقد ذكرنا من قبل أنَّ الآبِلي قد درّس الشّريف التّلمساني نصوص ابن رشد وابن سينا وربما أعمال فخر الدين الرّازي (ت. 606هـ/1210م). لذلك من المتوقع أن تنعكس هذه المصادر في هذا الشرح. وبالفعل فقد أكثر الشّريف من النقل والمحاججة والنقاش والردّ والاستظهار مستفيدًا من كلّ من سبقوه، بما في ذلك رواية ما أفاده من شيخه الآبِلي مشافهة. وكان الشّريف التّلمساني في الغالب الأعمّ يعزو نقوله إلى أربابها كما فعل عادةً مع ابن سينا والذي غالب نقوله عنه كانت بالمعنى، ومثله في التصريح والإكثار عنه فخر الدّين الرّازي ثمّ أفضل الدّين الخُونجي ثمّ ابن واصل الحموي والذي يصفه بالشارح الأوّل. ومن اللافت للانتباه طبعًا أن يذكر ابن رشد والفارابي وينقل من أعمالهما على الرغم من اختلاف اتجاههما في العموم عن الاتجاه الذي انخرط فيه الشّريف التّلمساني. وبالجملة فإنَّ قائمة المصادر التي استعملها الشّريف تبقى طويلة، فمن الأسماء والأعمال التي ضمها ما يلي:
• ابن سينا: نقل عنه كثيرا خاصة من الإشارات والتنبيهات، والشفاء، والنجاة.
• فخر الدين الرازي: نقل عنه كثيرا خاصة من كتابه الملخص في المنطق والحكمة.
• أفضل الدين الخونجي: نقل عنه من كتابه كشف الأسرار في غوامض الأفكار، وكذا في مواضع من الموجز.
• ابن واصل الحموي (ت. 697هـ/1298م): نقل عنه من شرحه على الجمل، ويسميه: الشارح الأوّل، كما أوردنا أعلاه.
ولكننا نجد الشّريف التّلمساني في بعض الأحيان يثبت نقولا يعزوها تارة إلى ”بعض الفضلاء،“ وأخرى إلى ”بعض المحققين،“ ومرة إلى ”بعضهم،“ دون أن يصرح بهوياتهم.
وبعد تتبع نقوله، استطعنا التعرف إلى أصحابها وعلى مظانها. وهكذا، فمن الشخصيّات التي نقل عنها وربما ناقشها نجد الأعلام الآتية:
• زين الدّين الكشي (ح. ح. 626هـ/1228م).
• ابن أبي الحديد المدائني (ت. 656هـ/1258م).
• فخر الدين ابن البديع البندهي (ت. 657هـ/1260م).
• أثير الدين الأبهري (ت. 663هـ/1265م).
• نصير الدين الطوسي (ت. 672هـ/1274م).
• الكاتبي القزويني (ت. 675هـ/1277م).
أوّلًا: زين الدين الكشي[71]
يعتبر الكشي أحد أكبر تلامذة الإمام فخر الدين الرازي؛ لكن الأخبار عنه قليلة جدا. له مؤلفات منها:
1. حدائق الحقائق (في المنطقي والطبيعي والالهي).[72]
2. مقدمة في المنطق. وقد اشتهرت باسم المقدمة الكشية، شرحها فخر الدين البندهي (ت. 657هـ/1258م).
أتى الشريف على ذكر الكشي في ختام بحث انعكاس الجزئيات، بعد عرضه للقولين في المسألة: القول الأوّل الذي يعتبر فيها العموم بحسب الأزمنة والأفراد، يرى أنّها لا تنعكس لعدم العموم بحسب الأفراد، والقول الثاني الذي يعتبر العموم بحسب الأزمنة فقط، يرى أنَّها تنعكس لوجود العموم فيها بحسب الأزمنة. قال:
”وقول أهل الرأيّ الأوّل أنَّه لا بدّ من أفراد خارجة عن الطّرفين ممنوع، لإمكان شمول الطّرفين جميع المفهومات فلا تصدق نقائضها على شيء، ولو سُلّم لم يكن صدق عكس نقيضها إلّا اتفاقيًّا لا لازمًا من صدق الأصل، ولاختصاص هذا النقض بمادّةٍ تكون قضيّة معدولة، ذهب الكشي إلى أنَّ القضايا المحصّلة تنعكس بعكس النقيض مطلقًا بخلاف المعدولة.“[73]
ونحن لا يمكننا الجزم ما إن كان ذكر الشّريف التّلمساني له اطلاع مباشر على أحد أعمال الكشي، أو بواسطة عمل آخر. وفي حالة كانت معرفة الشّريف بآراء الكشي بالواسطة، فإنّنا نرجح أن يكون ذلك قد تمّ بفضل الكاتبي الذي عُرف باعتنائه بذكر آرائه في كتبه، خصوصًا شرح الكشف والمنصص في شرح الملخص.
ثانيًا: ابن أبي الحديد المدائني
ابن أبي الحديد المدائني من متأخري المعتزلة، اختلف في مذهبه الفقهي، وإن كان الأرجح أنه شافعي. وقد درس بالنظامية ببغداد. ومن مؤلفاته:
1. الاعتبار على كتاب الذّريعة في أُصول الشّريعة.[74]
2. شرح نهج البلاغة؛[75]
3. انتقاد المستصفى، وهو نقد لكتاب المستصفى في الأُصول للغزاليّ.[76]
4. نقض المحصّل، وهو شرح نقدي لكتاب المحصل الكلاميّ للفخر الرّازيّ.[77]
5. شرح الياقوت لابن نوبخت في علم الكلام.[78]
6. نقض الأربعين في أصول الدين للرازي.[79]
نجد الشّريف في معرض نقاشه للشكّوك الّتي أوردها الرّازي على التعريفات يستعين بابن أبي الحديد المعتزلي. فبعد أن أجاب عنها بما هو معروف، لم يشأ إلّا أن يسجل استحسانه لاعتراض ابن أبي الحديد المدائني وإلزامه للإمام. ووصفُه له بقوله ”بعض المحقّقين“ ينم عن ذلك:
قال الشّريف في شرح جمل الخُونجي:
”وقد أجرى بعض المحقِّقين مثل هذا الشَّكِّ في الماهيَّة المركَّبة فقال: الماهيَّة المركَّبة لو تقوَّمت لتقوَّمت إمَّا بمجموع أجزائها وهو محالٌ لاستحالة تقوُّم الشَّيء بنفسه؛ وإمَّا ببعض أجزائها وهو محالٌ، لأنَّ ذلك البعض لا يكون مقوِّمًا للماهيَّة إلَّا بعد تقويمه لجميع أجزائها، فيكون ذلك الجزء مقوِّمًا لنفسه، فجوابُ التَّقويم هو بعينه جواب التَّعريف.“[80]
ونحن نجد هذا الإلزام عند ابن أبي الحديد في كتابين مما وصلنا من تراثه:
1. شرح الآيات البينات، حيث يقول بعد إيراده لشكّ الفخر:
”هذا كلام واضح لا يحتاج إلى شرح، إلّا أنه معترض من وجوه:
أحدها: أن يقال له: أتعرف بأنّ في الوجود ماهيّة مركّبة أم لا؟
والثّاني نفي للماهيات المركَّبة، وفي ذلك الاستغناء عن البحث في تحديدها واكتسابها بطريق القول الشارح.
والأوّل يقال فيه: أليس البرهان والاتفاق بين الكلّ قد تساعدا على أنَّ أجزاء الماهيَّة مقوِّمة لها؟ فنحن نلزمك في تقوّم الماهيَّة المركَّبة ما ألزمتنا في تعريفها، فنقول لك: أتقوّمها كلَّ الأجزاء؟ وفي ذلك تقويم الشّيء لنفسه، أو بعض الأجزاء؟ وفي ذلك تقويم ذلك الجزء لنفسه ولما كان خارجًا عنه، وتقويم الشّيء لنفسه محالٌ، لأنَّ المقوّم متقدّم على المقوّم والشّيء لا يتقدّم على نفسه.“[81]
ونحن نعلم أنّ كتاب الآيات البيّنات مما اشتغل عليه مناطقة الغرب الاسلامي في مرحلة مبكرة جدا، حيث يخبرنا ابن رشيد أنّ ابن زيتون كان يدرس شرح الآيات البينات للإمام الفخر ابن الخطيب، وكان يرويه عن مؤلفه سراج الدين الأرموي؛[82] بل بلغت عنايتهم به أنّهم قاموا برجز الآيات البينات، كما حصل مع أبي زيد عبد الرحمن بن علي بن أبي دلال.[83]
2. نقض المحصّل (محصل أفكار المتقدمين والمتأخرين)، وهو كتاب غير محقق ولا منشور، وقد ذكره ابن أبي الحديد في شرحه على الآيات البينات وسمّاه نقض المحصّل.[84] يقول بعد ذكره لشك الرازي:
”والجواب عنها: أنَّه إمَّا أن يوردها بعد اعترافه بأنَّ لنا ماهيَّة مركَّبة أو يمنع ذلك ولا يسلّمه؟
فإن منع ذلك فقد منع الهيئات الإجتماعيّة والماهيَّات العددية والأنواع المركَّبة من الأجناس والفصول، وذلك من السفسطة ولا كلام لنا مع من ينكر ذلك، لأنَّه قد أنكر البديهيَّات، وأيضًا فإنَّه إذا أنكر الماهيَّة المركَّبة بالكليَّة فقد استغنى عن هذا الاحتجاج لأنَّه إنَّما احتجّ على إبطال قول من زعم أنَّ الماهيَّات المركَّبة تعرف بحدودها، فإذا أنكر الماهيَّات المركَّبة أصلًا فقد سقط عنه هذا البحث.
وإن سلّم أنَّ لنا الماهيَّة مركَّبة، قيل: فمعلومٌ بالبديهة أنَّ كلّ ماهيَّة مركَّبة فإنَّها محتاجة في تحقّقها إلى تحقّق كلّ واحدٍ من أجزائها، فنحن نلزمك في التقويم ما ألزمتنا في التعريف فنقول: المقوّم للماهيَّة المركَّبة إمَّا نفسها وفي ذلك تقويم الشّيء لنفسه وهو محالٌ، أو مجموع أجزائها ولا معنى لها إلّا مجموع تلك الأجزاء فيعود الأمر إلى تقويم الشيء بنفسه، أو جزء من أجزائها وفي ذلك كون ذلك الجزء مقوّمًا لنفسه ولباقي الأجزاء وهو محالٌ، لأنَّ تقويم ذلك الجزء لنفسه غير معقول وإذا لم يكن مقوّمًا لنفسه والماهيَّة لا تكون ماهيَّة إلّا بذلك الجزء لم يكن ذلك الجزء مقوّمًا للماهيَّة، وكلّ ما يجيب به عن هذه المعارضة فهو جوابه في تعريف الماهيَّة المركَّبة.“[85]
وكما هو معروف فقد حصل تداول كتاب المحصّل وبعض شروحه من قبل طبقة الشّريف والتي قبلها. وقد ثبت أنّ الآبلي قد درسه لتلامذته، ومنهم ابن خلدون صاحب الشريف.
ثالثًا: فخر الدين ابن البديع البندهي
علي بن محمد المشهور بفخر الدين وابن البديع البندهي هو أحد مناطقة القرن السابع للهجرة/الثالث عشر للميلادي، اشتهر بنقوده للخونجي له مؤلفات منها:
1. نهاية سير الأفكار في المباحثة مع كشف الأسرار.[86]
2. شرح موجز الخونجي.[87]
3. شرح مقدمة الكشي.[88]
جاء ذكره صريحا في مبحث القياسات الشرطية الاقترانية، حين نقل لنا جواب ابن واصل الحموي في شرحه على الجمل عن شكّ لأثير الدين الأبهري على الضرب الأوّل من الشكل الأوّل من القسم الأوّل الذي تركب من متصلتين، فقال:
”وذكر الشّارح الأوّل: عن أثير الدّين شكًّا على أنَّ الضرب الأوّل من الشّكل الأوّل وهو: أنَّ الكبرى الصّادقة في نفس الأمر قد تكذب على تقدير صدق المقدّم لكونه محالًا.
وأجاب عنه: بأنَّ ملزوميّة المقدّم من الصّغرى لمقدّم الكبرى مانعة من كون مقدّم الصّغرى منافٍ في الوضع للمقدّم في الكبرى، وإذا لم يكن منافيًّا كان التّالي لازمًا للمقدّم على ذلك التقدير فتصدق النّتيجة.
وذكر الشّارح الأوّل: أنَّه عثر على هذا الجواب وانقدح له ولم يره لغيره.
وهذا الجواب بعينه لفخر الدّين البندهي حرفًا بحرفٍ.“[89]
ويدل جزمُ الشريفِ بكون جواب ابن واصل هو نقل حرفي لجواب البندهي دلالةً واضحة على اطلاعه على شرحه على الموجز؛ وخاصة وأنه يشير في موضع آخر إلى شراح الموجز.
رابعًا: أثير الدين الأبهري
المفضل بن عمر بن المفضل الأبهري، الفيلسوف الرياضي المنطقي والفلكي؛ وهو من تلامذة قطب الدين المصري المغربي وكمال الدين بن يونس. من مؤلفاته:[90]
1. هداية الحكمة في المنطق والطبيعي والإلهي.[91]
2. عنوان الحق وبرهان الصدق.[92]
3. متن ايساغوجي الذي صار مدخلا للدرس المنطقي فيما بعده.[93]
4. كشف الحقائق في تحرير الدقائق.[94]
5. تنزيل الأفكار في تعديل الأسرار.[95]
نقل الشريف تعريف ابن سينا لعكس المستوي، ثمّ عقبه باعتراض الإمام الفخر مع ذكر مختاره، فعقب عليه الشّريف بذكر اعتراض الأثير الأبهري فقال:
”فأمَّا العكس المستوي فقال فيه الشيخ في الإشارات: ’بأنَّه جعل المحمول موضوعا والموضوع محمولا، مع حفظ الكيفية وبقاء الصدق بحاله‘.
قال الإمام [=الرازي]: ’وهذا الحدّ إنَّما يتناول عكس الحمليات فقط، وأمَّا الشّرطيّات فلا يتناول حدّها لأنَّه لا موضوع فيها ولا محمول، ولو أردنا أن يتناول عكس الشّرطيّات والحمليّات قلنا فيه: جعل المحكوم به محكومًا عليه، وجعل المحكوم عليه محكومًا به.‘
واعترض المتأخرون على حدّ الإمام بأنَّه: لا يتناول عكس الحمليّات، لأنَّ المحكوم عليه في الحمليّات ما صدق عليه الموضوع لا حقيقته، وليس ما صدق عليه الموضوع هو الذي يجعل محمولًا، بل نفس الموضوع. فلذلك عدل المؤلف إلى ذكر طرفي القضيّة فقال: ’تبديل كلّ واحد من طرفي القضية بعين الآخر مع بقاء الصّدق والكيفية‘ فإنَّ طرفي القضيّة يصدقان على المحمول والموضوع في الحمليّات، وعلى المقدّم والتّالي في الشّرطيّات.“[96]
وهذا الاعتراض نجده بعينه ذكره الأثير الأبهري في كتابه كشف الحقائق في تحرير الدقائق، بعد أن نقل تعريف الشيخ واعتراض الإمام، حيث يقول:
”وفيه نظرٌ لأنّا إذا قلنا: ’كل «ج» «ب»‘ فالمحكوم عليه الذّات التي صدق عليها أنّها «ج»، والمحكوم به نفس الباء، فإذا قلنا: ’بعض ”ب“ ”ج“» ’بعض «ب» «ج»‘ كان المحكوم عليه الذّات التي صدق عليها أنّها «ب»، والمحكوم به نفس الجيم، فما ذكره من الحدّ لا يتناول عكس الحمليّات.“[97]
وقد حكاه الكاتبي أيضا مصرحا أنّه للأبهري في شرح الكشف بقوله: ”اعترض على ما ذكره الإمام الأستاذ العلامة أثير الحقّ والدّين برد الله مضجعه، وقال ما ذكره الإمام غير متناول للحمليّات.“[98]
وكما رأينا مع الكشي كذلك الحال مع الأبهري لا يمكننا الجزم بخصوص الاطلاع المباشر للشريف التلمساني على أعمال الأبهري، وإن كان واردا، مع أن نقله بواسطة الكاتبي الذي نص عليه ثابت أيضا.
خامسًا: نصير الدّين الطوسي
محمد بن محمد بن الحسن الطوسي، الملقب بنصير الدين والمشهور بالمحقق الطوسي أو الخواجه الطوسي، الفيلسوف وعالم الرياضيات وصنعة الأرصاد، مؤلفاته كثيرة منها: [99]
1. شرح الإشارات والتنبيهات.
2. تلخيص المحصّل أو ما يعرف بنقد المحصّل.
3. أساس الاقتباس (كتبه بالفارسية وترجمه للعربية ملا خسرو).
4. تحرير المجسطي.
5. تجريد العقائد.
تعرض الشّريف في بداية قسم التّصديقات إلى تعريف القضيّة، وذكر لها ثلاث عباراتٍ، منها أنّ القضيّة هي التي يقال لقائلها إنَّه صادق أو كاذب، ثم ذكر الاعتراض عليها وجواب الرازي عنه، ثمّ عقب بجواب الطوسي بقوله:
”وقال بعضهم: بأنَّ الشّيء الواضح بحسب ماهيَّته ربّما يكون ملتبسًا في بعض المواضع بغيره، ويكون ما اشتمل عليه من أعراضه الذّاتيًّة الغنيّة عن التعريف، أو غيرها مما يجري مجراها عاريًا عن الالتباس فإيراده لتعيين ذلك الأمر الذي عرض له الالتباس لا يكون دورًا، إلّا لو كان ذلك العارض أيضًا ملتبسًا مفتقرًا إلى البيان بمعروضه، والصّدق والكذب ليسا كذلك.“[100]
وهذا الذي نجده عند الخواجه الطوسي في شرحه على الإشارات، حيث يقول:
”قيل عليه: الصّدق والكذب لا يمكن أن يعرّفا إلّا بالخبر المطابق وغير المطابق، فتعريف الخبر بهما تعريفٌ دوريٌّ، والحقّ أنَّ الصّدق والكذب من الأعراض الذاتيَّة للخبر، فتعريفه بهما تعريف رسميٌّ أورد تفسيرًا للاسم وتعيينًا لمعناه من بين سائر التراكيب، ولا يكون ذلك دورًا، لأنَّ الشّيء الواضح بحسب ماهيَّته ربَّما يكون ملتبسًا في بعض المواضع بغيره ويكون ما يشتمل عليه من أعراضه الذاتيَّة الغنيّة عن التّعريف أو غيرهما ممّا يجري مجراها عاريًا عن الالتباس، فإيراده في الإشارة إلى تعيّن ذلك الشّيء إنَّما يلخّصه ويجرّده عن الالتباس، وإنَّما يكون دورًا لو كانت تلك الأعراض أيضًا مفتقرة إلى البيان بذلك الشيء.“[101]
واشتهار الإشارات والتنبيهات والأعمال عليه بين أوساط العلماء ببلاد الغرب الإسلامي مما اشتهر وذاع. وهو من النصوص التي درسها الشّريف على يد الآبِلي، ودرسها لغيره.
سادسا: نجم الدّين الكاتبي القزويني
علي بن عمر بن علي الكاتبي القزويني شهر بالدَبِيران، وهو من تلامذة نصير الدين الطوسي. حكيم منطقي من مؤلفاته:[102]
1. عين القواعد في المنطق.[103]
2. بحر الفوائد في شرح عين القواعد.[104]
3. الرسالة الشمسية في القواعد المنطقية.[105]
4. المفصل في شرح المحصّل (محصل الفخر الرازي)[106]
5. المنصص في شرح الملخص (ملخص الفخر الرازي)[107]
حين ذكر الشريف أنواع المعرِّفات، وهي الحدّ التّام والناقص والرسم التّام والناقص، أفاد نقلًا عن الشّيخ الرئيس بأنّ المعنى المفرد لا يفيد شيئًا من التّصديقات البتّة؛ وذكر دليل الشيخ، ثم أورد اعتراض من وصفه ببعض المتأخرين، ونصه:
”واعتَرض على هذه الحجَّة بعض المتأخِّرين؛ بأن قال: لا نسلِّم أنَّ: ’حصول المطلوب إن توقَّف على وجوده أو عدمه، لم يكن التَّأدِّي مِنَ المعنى المفرد فقط، بل منه ومِن شيءٍ آخر،‘ فإنَّ المراد مِنَ المعنى المفرد المؤدِّي إلى تحصيل المطلوب هو المعنى الواحد الحاصل في الذِّهن، وإذا كان المرادُ ذلك، كان قولكم: ’حينئذٍ لم يكن التَّأدِّي منه فقط‘ مصادرةٌ على المطلوب.“[108]
وهذا الاعتراض المذكور هو الذي نجده عند الكاتبي في شرحه على كشف الأسرار حيث يقول:
”لما ثبت بما ذكرناه من المقدّمة وهي أنّ استكمال النفس الإنسانية في قوّتها النظريّة والعمليّة إنّما هو بحصول العلوم النظريّة، قال: وتحصيل العلوم النظريّة للإنسان إنّما يكون بواسطة الفكر الذي قد عرفته؛ لأنّه إنّما يحصل بواسطة ضمّ معلومٍ إلى معلومٍ آخر على وجه خاصٍّ، لامتناع التأدّي من معنى مفرد معلوم إلى معنى آخر غير معلوم والعلم به ضروريّ، واحتجّ الشيخ عليه في الشفاء بأنّ ذلك المعنى المفرد إن كان بحالة يحصل المجهول المطلوب بتقديري وجوده وعدمه لا يكون هو علّة له، لامتناع أن يكون شيء من العلل كذلك، وإن لم يكن بهذه الحالة بل يتوقف حصول المطلوب المجهول على وجوده أو عدمه، لم يكن التأدّي منه فقط بل منه ومن شيء آخر، وهو وجوده أو عدمه، وفيه نظرٌ، لأنّا لا نسلّم أنّه إن توقف على وجوده في الذهن لم يكن التأدّي من المعنى المفرد فقط، فإنّ المراد من المعنى المفرد المؤدّي إلى تحصيل غير المعلوم هو المعنى الواحد الحاصل في الذّهن، وإذا كان المراد كذلك كان قولكم حينئذٍ ’لم يكن التأدّي منه فقط‘ مصادرة على المطلوب.“[109]
وشهرة أعمال الكاتبي وذيوعها ببلاد الغرب الإسلامي مما لا يخفى؛ فقد استعملت على نحو واسع من قبل النظار، خاصة خلال القرن الثامن للهجرة/الرابع عشر للميلاد.
تلك كانت بعضٌ من النقول التي ترك الشريف التصريح بمصدرها وأهمل ذكر أصحابها، استطعنا الوقوف على قائليها بعد التتبع والمقارنة.
سابعا: الشّريف التّلمساني وابن رشد الحفيد
سبق لابن خلدون أن أشار إلى أنَّ الشّريف التّلمساني قد أحكم تلخيصات ابن رشد على أرسطو على أبي عبد الله الآبِلي. ومن الوارد جدًّا أن يكون المقصود هو تلخيصات ابن رشد المنطقية، كما تبين أعلاه. وهو ما يدل على تداول نصوص هذا الفيلسوف بين النُظّار في شمال إفريقيا. ولذلك كان من المتوقع أن نجد له حضورًا عند الشّريف، كما أشار إلى ذلك خالد الرويهب لكن دون تحديد لتلك المواضع التي ذكر فيها ابن رشد. وقد رصدنا ذكرًا وإحالة عليه في موضعين ننقلهما هنا لأهمية التأريخ لتلقي أعمال ابن رشد.
نجد حضور ابن رشد عند الشّريف في موضعين:
الأوّل: حين ذكره مذاهب القوم في تعيين المفهوم من صدق ”ج“ على المعنى المحكوم عليه، ومأخذ المذهبين المشهورين في المسألة من كلام المعلم الأول أرسطو، يقول الشّريف حاكيًا مبنى الخلاف ومأخذه:
”واعلم أنَّ صدق ”ج“ على المعنى المحكوم عليه:
قد يكون بالفعل وقد يكون بالقوّة القسيمة للفعل، وقد يكون بأعمّ من كلّ واحدٍ من القسمين وهو الإمكان.
فأجمع الكلّ على عدم تفسير الموضوع بخصوص القوّة بحيث يقال: إنّ المعنى من قولنا: كل ”ج“ ”ب“ أنّ كلّ ما هو ”ج“ بالقوّة وليس ”ج“ بالفعل، اللّهم إلّا أن يكون ذلك بتصريح أو بقرينة تعيّنه، فلم يبق إلّا احتمال المعنيين، وقد عيّن كلّ فريقٍ احتمالا من الاحتمالين مذهبًا وزعم أنَّه مذهب المعلم الأوّل، ولننقل من كلام أرسطو مأخذ كلّ فريق فنقول:
قال أرسطو في القياس البيّن: إنه الّذي تنطوي فيه الصّغرى في الكبرى، وغير البيّن هو الّذي لا تنطوي فيه، فإن كانت الكبرى فعليّة والصّغرى فعليّة فالقياس تامّ، لأنَّا إذا حكمنا بالأكبر على كلّ ما صدق عليه الأوسط فقد حكمنا به على الأصغر، وكذلك إذا كانتا ممكنتين، قال: وإن كانت الصّغرى ممكنة والكبرى فعليّة فالقياس غير تامّ، وإن كان بالعكس فالقياس تامّ.
فرأى الإسكندر وغيره من المفسرين: أنَّ كلّام أرسطو لا يتم إلّا إذا كان الموضوع مأخوذًا بالفعل، لأنَّ الصّغرى الممكنة والكبرى الفعليّة لا يأتلف منهما قياس تامّ عنده، ولو كان موضوع الكبرى مأخوذًا بالإمكان لكان القياس تامّا، وقد قال إنَّه غير تامّ.
وأبو نصر يعترض على هذا بأنَّ أرسطو قال في اختلاط الممكنتين إنه قياس تامّ، ولو كان مأخوذًا بالفعل لكان القياس غير تام.
وابن رشد يزعم أنَّ مذهب أرسطو أنَّ جهة صدق الموضوع تابع لجهة القضيّة، قال: وعلى هذا يتم كلام أرسطو.“[110]
ثمّ يعقب على تأويل ابن رشد قائلا:
”وأقول: إن صّح هذا التأويل الّذي تأوله ابن رشد فلا تكون الممكنة نقيض الضّروريّة، وقد صرح أرسطو بأنَّها نقيضتها فإنَّا إذا قلنا: ”كل ”ج“ ”ب“ بالضرورة“، فقد حكمنا على كلّ ما صدق عليه ”ج“ بالفعل أنَّه ”ب“ بالضّرورة، وإذا قلنا: ليس كل ”ج“ ”ب“ بالإمكان العام فقد سلبنا ”الباء“ عن بعض ما هو ”ج“ بالإمكان العام، فقد يكون فردًا من الأفراد ليس”ج“ بالفعل، وهو ”ج“ بالإمكان العام فيصدق عليه أنَّه ليس ”ب“، لأنَّا إذا حكمنا بضرورة ”ب“ على الأفراد الفعليّة وليس هذا منها، فيصدق حينئذٍ قولنا: كل”ج“ ”ب“ بالضرورة وقولنا: ليس كل ”ج“ ”ب“ بالإمكان العام.
لا يقال: بأنَّ ذلك فرض محال، لأنَّ ذلك الفرد الإمكاني يصدق عليه أنَّه ”ج“ بالإمكان العام وكل ”ج“ ”ب“ بالضرورة فينتج أنَّه ”ب“ بالضرورة، بناء على اختلاط الممكن والضّروري ينتج ضروريًّا كما ذهب إليه الشيخ.
لأنَّا نقول: هذا إنمَّا ألزمناه على مذهب أرسطو ومذهب ابن رشد، ومن مذهبهما أنَّ نتيجة هذا الخلط ممكنة لا ضروريّة.“[111]
الثاني: في آخر مبحث المنحرفات، نقل الشريف التلمساني عن ابن رشد معتمدا على ما قاله عن قلة نفع المنحرفات، فختم المبحث قائلا:
”فهذه أحكام المنحرفات وقد أنزلنا عليها ضابط المؤلف، وليس فيها كثير نفع.
ولقد قال بعضهم، وأظنّه القاضي أبا الوليد بن رشد: بأنَّ السّور فيها إمَّا كذب أو فضل،[112] وهو صحيح.“[113]
والظاهر أنَّ الشّريف التّلمساني كان يلخص قول ابن رشد هنا ولم يكن ينقله بالحرف. وبالعودة إلى تلخيص كتاب العبارة لابن رشد نجد ما يأتي:
”السّور متى قرن بالمحمول كان إمّا كذبًا وإمّا فضلًا؛ أمّا الكذب ففي مثل قولنا: ’كل إنسان هو كل حيوان،‘ وأمّا الفضل فمثل قولنا: ’كل إنسان هو بعض الحيوان‘ أو ’كل إنسان هو كل ضاحك.‘“[114]
هذه نبذة أولى عن مصادر الشّريف التّلمساني في شرح الجمل. ولنا أن نسجل بعض الملاحظات التي أوقفتنا عليها الفقرات السابقة وإن كانت تحتاج إلى مزيد من الاستقصاء:
الملاحظة الأولى هي أنّ الشّريف في غالب نقوله عن النظار، سواء الذين صرح بهم أو لم يصرح، لا يلتزم النقل الحرفي؛ بل كثيرًا ما يعيد صياغة النقل ويلخصه وكأنّه يذكره اعتمادًا على ذاكرته أكثر مما ينقل من مصدر بين يديه. وقد كثر صنيعه هذا مع عبارات ابن سينا، وهو مما يوحي بمدى تصرفه في هذا الفن وشدة اعتنائه بكتبه.
أما الملاحظة الثّانية فهي أن جانبًا هامًّا من التراث المنطقي يحضر في هذا العمل. ويظهر من المصادر المستعملة أنَّ الشّريف التّلمساني كان متابعًا للأعمال المؤلفة في هذه الصناعة ومسايرًا لتطورها؛ لذلك نجد في الشرح أحدث الأعمال التي وصلت إلى المغرب.
الأمر الثّالث: وهو أهم من الذي سبق، هو أنًّ هذا الجانب من التراث المنطقي يحضر بكلّ أطيافه وتياراته ويستثمر متى حصلت الحاجة إليه. فإذا كان النص عبارة عن شرح لمتن محسوب على طريقة المتأخرين في المنطق، فإنًّه وفضلا عن استحضاره ما تراكم من شروح سابقة على متن الجمل، وبخاصة شرح ابن واصل، فإنًّه يستثمر نصوصًا أخرى محسوبة على نصوص طريقة المتقدمين، ومنها نصوص ابن رشد وابن سينا نفسه.
الأمر الرّابع: هو أنًّ الشّريف التّلمساني يقدم لنا حجة إضافية على تداول أعمال ابن رشد واستعمالها من قبل النظار بعد موته بفترة غير قصيرة.
رابعا: التعريف بنسخ شرح الجمل
مجموع نسخ شرح الجمل للشريف التلمساني المتوفرة اليوم يفوق العشرة؛ والرقم مرشح للارتفاع؛ وهذا يؤكد إفادة المترجمين والإخباريين بأن العمل كان موضع انتشار وقبول من قبل النظار.
وهذا بيان تفاصيل ما توفر لدينا اليوم من نسخ مرتَّبةً بحسب الأهميَّة:
1. نسخ مكتبة الأسكوريال بإسبانيا
- نسخة رقم: 617
الناسـخ هو عبد الله بن علي القرشي الهاشمي الحسني. وعدد لوحاتها: 88. تاريخ النسخ: 801هـ/1399م. عدد الأسطر: 27.
وهي نسخة قيمة جدًّا، خطها مغربي دقيق وأخطاؤها قليلة، لكن بها كثير مِنَ السَّقط سببه غياب الأوراق وليس سقطًا بوسط النَّص. وبها علامات المقابلة، وبآخرها تاريخ الانتهاء من التَّأليف، وهو سنة 754هـ/1353م.
يقول هارتويگ درنبورگ بخصوص هذه النسخة:
”وتعليق آخر، أكثر إيجازا، على القضايا المتعلقة بالمنطق، لمحمد الخونجي. وقد انتهى مؤلفه من هذا الشرح سنة 754هـ (1353م). النسخة مؤرخة بعام 801 (1398م). ولعل مؤلف هذا الشرح هو الذي يسميه حاجي خليفة شهاب الدين أبا جعفر أحمد بن أحمد بن عبد الرحمن الندرومي التلمساني، الملقب بابن الأستاذ.“[115]
وعليه، فبدل أن ينسب درنبورگ النص إلى أستاذ ابن الأستاذ الندرومي نسبه للتلميذ. والظاهر أن درنبورگ قد اختلط عليه الأمر فابن الأستاذ لم يشرح جمل الخونجي، وإنما اختصر شرح أستاذه ابن مرزوق على الجمل. وأمر مستحيل أن يكون النص لابن الأستاذ، بالنظر إلى تفاوت سنة وفاة ابن الأستاذ مع سنة تأليف الشرح. ونقرأ في نيل الابتهاج:
”أحمد بن أحمد بن عبد الرحمن بن عبد اللَّه بن الأستاذ الندرومي التلمساني، أحد تلاميذ الإمام ابن مرزوق الحفيد. رحل للقاهرة وتصدر هناك للإقراء، له اختصار شرح جمل الخونجي لشيخه ابن مرزوق، وكان حيًا بعد الثلاثين وثمانمائة.“[116]
وقد أشار سعد غراب إلى هذه النسخة في نشرته للجمل،[117] وتشكك في نسبتها إلى الندروميّ كما عند درنبورگ، دون أن يحدِّد هوية الشَّارح. ولعل السَّبب هو سقوط الورقة الأولى منه، والَّتي هي موجودةٌ بأوَّل شرح ابن واصل مِن الخزانة نفسها تحت رقم: 647. وهذا أيضا ما حمل درنبورگ على نسبة النسخة رقم: 615 إلى ابن واصل بسبب تشابه المقدِّمتين.[118]
- نسخة رقم: 615
نسخة جيدة جدّا، خطها مغربي واضح، بها علامات المقابلة، ليس فيها ذكر لتاريخ النَّسخ ولا النَّاسخ، بها خلط في آخرها، حيث ينقلب الشَّرح لأوّل الكتاب.
الناسـخ: غير مذكور. تاريخ النسخ: غير مذكور. عدد لوحاتها: 203. عدد الأسطر: 19.
جاء في فهرس درنبورگ: 615:
”شرح آخر على القضايا المتعلقة بالمنطق لمحمّد الخونجي. والكتاب المشروح يسمّى في المقدّمة مختصر الإمام… الخونجي. وأمّا الشارح فقد ذُكر في نسخة أخرى (المخطوط رقم 647) باسم ابن واصل، وهو جمال الدين أبو عبد الله محمّد بن سالم بن نصر العلّالي الحموي، المعروف بابن واصل.“ [119]
واعتمادا على درنبورگ نسب بروكلمان هذا الشرح إلى ابن واصل.[120] وتابعهما سعد غراب.[121] ولكن بالرجوع إلى المخطوط يتبين أنّ النص للشَّريف التِّلِمساني وليس لابن واصل.
2. نسخة مكتبة السليمانية مجموعة الفاتح بإستانبول
- نسخة رقم: 3342
جاء في الفهرس:[122] 3342 شرح الجمل في المنطق، لجمال الدين محمد بن سالم.
الـناسـخ: أحمد بن شمس الدين. تاريخ النسخ: 852هـ/الميلادي. عدد لوحاتها: 75. عدد الأسطر: 29.
والنسخة تضم شرح ابن واصل الحموي على الجمل الذي يبدأ من اللوحة الأولى حتَّى اللَّوحة رقم 45، ثمَّ يليه ”شرح الشَّريف“ مِن اللوحة رقم: 46 حتَّى اللَّوحة رقم: 120.
وهي نسخة كاملة وجيِّدة ومتقنة، خطها واضح، جعلت كلمة ”أصل“ و”شرح“ باللون الأحمر.
3. نسخ المكتبة الوطنية بتونس
- نسخة رقم: 9040
شرح جمل الخونجي في المنطق محمد بن أحمد الشريف التلمساني، مع محمد الرصاع التلمساني.[123]
الـناسـخ: أبو الفضل بن الحاج محمد الرصاع الأنصاري. تاريخ النسخ: 1150هـ/1737م. عدد لوحاتها: 167. وعدد الأسطر: 23.
وهي نسخة جيدة خطها مغربي واضح، بها علامات التصحيح والمقابلة، وجاء في أولها:
”قال الإمام الفاضل الصدر الكامل العلامة الفذ الورع الأوحد أبو عبد الله محمد بن أحمد الشريف التّلمساني عفا الله عنه بمنه.“
وهي الأصل الذي نسخت منه نسخة الجزائر.
4. نسخة المكتبة الوطنية الجزائرية
- نسخة رقم: 1388
جاء في الفهرس:
”1388- (139 – 693 .R) شرح مجهول لأبي عبد الله محمد بن أحمد الشريف التلمساني (المتوفى سنة 770 هـ. بتلمسان، حسب ابن الشماع، رقم 1621، ق.75 ظ.) حول نفس الرسالة في المنطق ( انظر فهرس المتحف البريطاني، رقم 156، III و542، I حيث يكتب اسم الخونجي برسم مختلف). الرقم 542، II، ib كان يحتوي على نفس الشرح كنسختنا إذا نظرنا إلى مستهل الكتاب، لكن المؤلف يسمي نفسه أبا عبد الله محمد بن أبي العباس أحمد الحسيني.“[124]
أوله: قال… الحمد لله الذي غرس فن الجبلات العقلية.
الناسـخ: محمد بن أحمد القسنطيني. تاريخ النسخ: 1228هـ/1813م. وعدد لوحاتها: 118. عدد الأسطر: 27.
وهي نسخة جيدة، خطها مغربي حسن، جعلت كلمة ”أصل“ و”شرح“ بالأحمر، بآخرها بعض الفراغات، وهي منسوخة عن نسخة تونس فجاءت مطابقة لها.
5. نسخة المكتبة الأزهرية بمصر
- نسخة رقم: 25042. منطق[125]
جاء في الفهرس: ”نهاية الأمل في شرح الجمل للشريف التلمساني أبو عبد الله.“
الناسـخ: غير مذكور. وتاريخ النسخ: غير واضح في النسخة. وعدد لوحاتها: 115. وعدد الأسطر: 21.
وكما هو بيّن، فقد عنونت خطأ، إذ نهاية الأمل شرح لابن مرزوق الحفيد، وهي نسخة كاملة وجيدة، خطها مغربي واضح، جعلت كلمة ”أصل“ و”شرح“ باللَّون الأحمر، بها بعض السَّقط. وجاء في أولها:
”قال الشَّيخ الفقيه الإمام الصَّدر المحقِّق العارف أبو عبد الله الشريف التلمساني رضي الله عنه ونفعنا به.“
6. نسخة كتابخانه آية الله فاضل خوانساري بإيران
- نسخة رقم: الخوانساري 126
الناسـخ: غير مذكور. وتاريخ النسخ: غير مذكور. عدد لوحاتها: 269. وعدد الأسطر: 17.
جاء في الفهرس: ”شرح الجمل في مختصر نهاية الأمل،“ تأليف السيد مير شريف علي بن محمد الجرجاني (816)، الجمل في مختصر نهاية الأمل، أو جمل القواعد لأفضل الدين محمد بن ناماور الخونجي (624) في ضبط قواعد المنطق وأحكامه، والشرح بعناوين أصل شرح.[126]
أوله: ”الحمد لله الذي غرس في الجبلات العقلية حدائق العلوم الفرضيات وجلاها لأبصار الأفكار“. آخره: ”من الاختيارات لما في ذلك من الخروج عن الفرض. والله الموفق للصواب.“ (الخوانساري 126) من عصر الشارح، مصحح عليه تعاليق بتوقيع ”أحمد“، ”علي نقي“. ف 91، 1.
وكما هو بيِّن فقد عنونت خطأ، كما نسبت خطأ للجرجاني، ولعلَّ السَّبب في ذلك اشتراك الاثنين في الشُّهرة باسم الشّريف. فالنص كما هو واضح للشّريف التّلمساني.
وهي نسخة جيِّدة، خطُّها واضح، بها علامات التَّصحيح والمقابلة.
7. نسخ المكتبات الخاصّة بالمغرب[127]
- نسخة الخزانة الحمزاوية رقم: 45
الناسـخ: غير مذكور. وتاريخ النسخ: غير مذكور. وعدد لوحاتها: 47. وعدد الأسطر: 36.
جاء في الفهرس:[128] 451/ مجموع فيه ”شرح الجمل في المنطق“ للشريف التلمساني.
وهي نسخة رديئة نسبيَّا خطها مغربي دقيق، تكثر بها التَّصويبات، وجاء في أولها: ”قال الإمام الفاضل الصَّدر العلَّامة الأوحد أبو عبد الله الشَّريف التِّلِمساني رحمه الله تعالى.“
- نسخة خزانة الحاج امحمد الشبي بأزاريف
الناسـخ: مخلوف بن عبد الله. وتاريخ النسخ: غير واضح. عدد لوحاتها: 71. عدد الأسطر: 33.
وهي نسخة جيدة جدًّا خطها مغربي واضح، بها علامات المقابلة، جعلت كلمة ”أصل“ و”شرح“ باللَّون الأحمر، والمتن بالأسود الغليظ، تتوافق في كثير مِنَ المرَّات مع النسخة (ب)، وجاء في أوَّلها:
”قال الإمام الفاضل الصدر الكبير الكامل العلَّامة الفذ الأوحد الورع أبو عبد الله محمد بن أحمد بن علي الشريف التلمساني رحمه الله.“
- نسخة خزانة ابن يوسف بمراكش: 1655
جاء في الفهرس:
”1655: شرح جمل الخرنجي [؟]رقم 165/1. تأليف محمد بن أحمد أبي عبد الله الشريف التلمساني ت. 771 [هـ]. أوله: الحمد لله الذي غرس في الجبلات العقلية. تاريخ النسخ: نجز في رابع عشر ذي الحجة 8 ونقل من أصل صحيح في تاريخه 757؟.“[129]
كما جاء في الفهرس:
”1656 شرح جمل الخرنجي [؟] تأليف محمد بن أحمد أبي عبد الله العلويني الشريف التلمساني ت. 771 [ه]: أوله: الحمد لله الذي غرس في الجبلات العقلية. ألفه بأمر من أبي فارس المريني.
ملاحظة: الجمل في مختصر نهاية الأمل للخرنجي [؟] محمد بن ناماور 590هـ-646هـ/1194م-1248م.“[130]
وفي الواقع، فإنَّ ما يقدمه المفهرس على أنّه وصف لنسختين وجزء تحت الأرقام 165/1، 165/2، 165/3 إنّما هو نسخة واحدة، تضمنت إضافة لشرح الشريف، متنَ الآيات البينات لفخر الدين الرازي مع متن الجمل. ولعل الخطأ قد وقع من جهة النظر في آخر الشرح ومتن الآيات.
الناسـخ: غير معروف، تاريخ النسخ: 873هـ/1469م. وعدد لوحاتها: 130. وعدد الأسطر: 21.
وهي نسخة جيدة جدًّا قديمة خطها مغربي واضح، جعلت كلمة ”أصل“ و”شرح“ باللَّون الأحمر، وحوت في آخرها متن الآيات البيِّنات للرازي ومتن الجمل، وجاء في أولها:
”قال الشَّيخ الإمام الفاضل الصدر الكامل العلَّامة الفذ الورع الأوحد أبو عبد الله محمَّد الشَّريف التِّلمسانِيُّ رحمه الله ورضي عنه“.
8. نسخ الخزانات البريطانية
- نسخة المتحف البريطاني رقم 9617.[131] وقد نسخها بالقاهرة أحمد بن محمد الخناطي[132] بتاريح 13 رمضان 862هـ/2 غشت 1458م. الأوراق 7و-140ظ. عدد الأسطر: 22.
وهي نسخة جيدة مكتوبة بخط مغربي غير معتنى به.
9. نسخ أخرى
- يشير خالد الرويهب إلى أن المخطوطة المنسوبة للجرجاني في خزانة بودليان التابعة لجامعة أكسفورد e215 هي في الحقيقة لشرح الشريف التلمساني.[133]
خامسا: نصوص مختارة من شرح الجمل
- المنهج المتبع في إخراج هذه المقتطفات
لمّا كان الغرض من هذا المدخل التعريف بشرح الجمل للشّريف التّلمساني ووضع عمله بين أيدي الدارسين، مما قد يوقفهم على بيان مدى تطور هذه العلوم العقليّة خلال القرن الثامن للهجرة/الرابع عشر للميلاد بالمغرب، وعلى تشكيل صورة عن تلقي النُظّار لها، فإنّنا قد آثرنا اختيار مقتطفات من هذا الشرح تغطي قسمي المنطق، ونعني التصوّرات والتّصديقات، آخذين بعين الاعتبار الجوانب الآتية:
• ذكر نصٍّ يُبيّن مدى استقلالية الشارح من خلال تعرضه بالنقد لمن شرح متن الجمل قبله، ونقصد ابن واصل الحموي.
• ذكر نصٍّ يُبيّن مدى معرفة الشارح بالفنّ الذي يشتغل فيه من خلال بيان مناقشته للشيخ الرئيس، ابن سينا.
• ذكر نصٍّ يُبيّن مدى اطلاع الشارح وإحاطته بالتطور التاريخي لمشكلات الفنّ من خلال عرضه للآراء ابتداءً من المعلّم الأوّل وانتهاءً بشراحه المسلمين.
ولاشك أنَّ في الشرح نصوصًا أخرى تستحق أن نوردها، لكننا آثرنا أن نورد هذه عساها تكون حافزًا للباحثين للاطلاع على مجموع النصّ وقراءته ودراسته، ومن ثَمّ إنزاله المنزلة التي يستحقها في تاريخ المنطق في العالم الإسلامي، وفي المغرب خاصّة.
- الاختصارات والرموز المستعملة في التحقيق
كان اعتمادنا في إخراج هذه المقتطفات على ما توفر من نسخ، والتي بلغ مجموعها ثمانيًا، متفاوتة القيمة، ونحن نرتبها حسب ما ارتأيناه بعد معاينتها.
- (أ) نسخة الأسكوريال: رقم 617.
- (ب) نسخة الأسكوريال: رقم 615.
- (ت) نسخة مجموعة الفاتح: رقم 3342.
- (ث) نسخة المكتبة التونسية: رقم 9040، ومثلها الجزائرية: رقم 1833.
- (ج) نسخة المكتبة الأزهرية: رقم96177.
- (د) نسخة كتابخانه آية الله فاضل خوانساري: رقم 126.
- (ح) نسخة الخزانة الحمزاوية: رقم 45.
- (خ) نسخة خزانة الحاج أمحمد الشبي.
- (هـ) نسخة خزانة ابن يوسف: رقم 165/1-2.
- (و) نسخة المتحف البريطاني: رقم 9617.
- []: نعني بها حصر الجمل التي سقطت من نسخة أو أكثر.
النص الأول: بداية النص ونهايته
- البداية
الحمد لله الذي غرس في الِجبلاتِ العقليّة حدائق العلوم الفِطرِيّات،[134] وجلّاها[135] لأبصار الأفكار فاجتنت منها معارفها النظريّات، سالكة أنهاجًا قويمة تتضاءل منها الشُبهات المضلات، وتتضح بها البراهين اليقينيات.
والصّلاة التّامة على سيدنا محمد المبعوث بتبيان الشرائع النقليّات،[136] وبيان المحاسن الخلقيّات، وعلى آله وصحبه ذوي المآثر السّنيات والمعالم السّنيات.
أمَّا بعد، فإنَّ العلم أشرف منقب، وأسنى مكسب، تستكمل به[137] النفوس الإنسانية قواها، وتبلغ به غاية السعادة[138] الأبدية ومنتهاها. وليس ذلك إلا في العلوم المتطلبة[139] لا في مبادئها، فإنَّ كلّ النفوس مشتركة في الضروريات وحالة بنائها.[140] فإذن لابد لاقتناص هذه المطالب[141] العظيمة من فكر صائب ونظر بذهن ثاقب. ولمَّا لم تكن الإصابة للفكر من ذاته لتطوره بها وبالخطأ في حالاته، مسّت الحاجة إلى قانون يعصم الجنان في معقولاته، كما يعصم النحو اللسان في مقولاته.
ولمَّا كان مختصر الإمام الأوحد العالم الفذّ أفضل الديّن الخُونَجي رضي الله عنه قد بلغ في الغاية إلى حيث لا يُعدل به، ولا تنثني العقول الصحيحة عن قويم مذهبه؛ فهو وإن صَغُرَ حجمه فقد كثُر علمه، أجبت في تفسير ألفاظه وبيانها وتمثيل دعاويه وبرهانها من دعاني لذلك، وإجابته غنْمٌ، وأشار عليّ وإشارته حَتْمٌ، [وهو الذي جمع من محاسن الأخلاق وزكيّات الأعمال، وتحصيل الرغائب وتوصيل الآمال، ما به أحلَّته الخلافة العليّة الفارسية المتوكلّية،[142] أبقاها الله عصمة للإسلام ورحمة للأنام بذروة فنائها، وأخصّته بحفيل احتفائها وجميل اعتنائها، حاجبها الأسنى وخلاصتها الأحظى، الفقيه الأفضل الماجد الأكمل العماد الأرفع الملاذ الأمنع، أبو عبد الله محمد[143] بن الشيخ الفقيه العالم المحقق بقية الراسخين قاضي الجماعة أبو عبد الله بن أبي عمرو التميمي أدام الله بقاءه ومكّن علوه وارتقاءه].[144]
فشرحت هذا المختصر شرحًا يستوعب بيان معانيه وإيضاح مشكلاته، وتحقيق مبانيه، غير مُوجزٍ فيه إيجازًا مخلًّا، ولا مُطنبٍ إطنابًا مملًّا، والله سبحانه وتعالى هو المستعان وعليه التكلّان.
(النسخة: (أ) غياب الورقة الأولى؛ النسخة: (ت)، ورقة 47و؛ النسخة: (و)، ورقة 8)؛ نشرة شراد، 108-109.
- النهاية
وهذا آخر ما قصدنا ذكره، وأضربنا فيه عن كثيرٍ من الاختيارات لما في ذلك من الخروج عن الغرض، والله الموفق للصّواب.[145]
وكان الفراغ منه في زوال يوم الثلاثاء ثالث عشر ربيع الثّاني من عام أربعة وخمسين وسبعمائة، ولله الحمد على كلّ حالٍ والصلاة على سيدنا محمد وآله خير آل.[146]
(النسخة: (أ)، ورقة 88 ظ؛ النسخة (ت)، ورقة 112ظ؛ النسخة: (و)، ورقة 140ظ)؛ نشرة شراد، 682.
النص الثاني: من قسم التصورات
1. في الدلالة اللفظية وبيان اختلاف المتقدمين والمتأخرين فيها، مع مناقشة لابن واصل في توجيه عبارة الخُونجيّ:
لا بدَّ أوَّلًا مِن ذكر اللَّفظ، ثمَّ ارتسام مسموعه في الخيال، ثمَّ ارتسام معناه في النَّفس، فالدَّلالةُ الوضعيَّةُ عند المحقِّقين: نسبةٌ بين الارتسام الخياليِّ والارتسام النَّفسانِيِّ؛ أي: كون اللَّفظ إذا ارتسم في الخيال مسموعه ارتسم في النَّفس معناه.[147]
وأكثر المتأخِّرين يجعلونها نسبةً بين اللَّفظ عند إطلاقه وبين الارتسام النَّفسيِّ، فيقولون: دلالة اللَّفظ كونه بحيث إذا أطلق حصل الشُّعور بمعناه.
والمؤلِّفُ في كتابه الكبير جعل الدَّلالة لا الحيثيَّة، بلِ الارتسام النَّفسيَّ عند إطلاق اللَّفظ فقال: ”دلالة اللَّفظ على المعنى هو فهم المعنى عند ذكر اللَّفظ“.[148]
وقد أبطل الشَّارحُ الأوَّل[149] هذا التَّفسير بوجهين:
الأوَّل: أنَّ دلالة اللَّفظ علَّةُ فَهْمِ المعنى، فإنَّه يصحُّ قولنا: فهمنا المعنى مِنَ اللَّفظ لدلالة اللَّفظ عليه، والعِلَّةُ غيرُ المعلول، فالدَّلالةُ غيرُ الفَهْم.
وفيه نظرٌ: لأنَّا نمنع كون الفهم معلولًا للدَّلالة، وإنَّما العلَّة في الفَهم هو الوضع، فإن عنوا بالدَّلالة في قولهم: ”فهمنا المعنى مِنَ اللَّفظ لدلالة اللَّفظ عليه“ غير الوضع، منعنا صدق هذا الكلام.
الثَّاني: أنَّ اللَّفظ موصوفٌ بالدّلالة على المعنى حالة الفهم وقبله وبعده، فدلالةُ اللَّفظ على المعنى يجب أن تكون مغايرةً لفهم المعنى.
وفيه نظرٌ: فإنَّه إن عنى وصف اللَّفظ بالدّلالة حالتَيِ الفهم وعدمه وصفًا بالفعل فممنوعٌ، وإن عنى غير ذلك فلا يُفيد.[150]
ويمكن أن يقال: الدّلالة صفةُ اللَّفظ أوِ[151] اللَّافظ، لا صفةُ السَّامع، والفهمُ صفةُ السَّامع، لا صفةُ اللَّفظ واللَّافظ، فالمغايرةُ بين الفهم والدّلالة ثابتةٌ.
(النسخة: (أ)، ورقة 2، النسخة (ت)، ورقة 46ظ-47و؛ النسخة: (و)، ورقة 9ظ)؛ نشرة شراد، 119-121.
2. وقال في معرض تعقبه على ابن واصل مع لطيف الاعتذار له بمن هو أعلى شأنًا منه من مثل الشيخ الرئيس:
ومثَّل الشَّارح الأوَّل النَّوعَ المباين بالماهيَّة البسيطة،[152] ومِنَ المعلوم أنَّه غلطٌ في التَّمثيل؛ إذِ النَّوع المباين إضافِيٌّ؛ لأنَّ الإضافِيَّ هو مورد التَّقسيم، والماهيَّةُ البسيطة ليست بنوعٍ إضافِيٍّ؛ لأنَّها غيرُ مندرجةٍ تحت جنس، لكن مثل هذا مِنَ الغلط ممَّا لا ينبغي أن يؤاخذ به المؤلِّفُون.[153]
هذا الشَّيخ مع فرط ذكائه وتوقُّد فطنته، ورواية كتاب الشِّفاء عنه مرارًا، ذكر في مثال العدد الأوَّل التِّسعة حيث ذكر في الارتماطيقا القانون في استخراج الأعداد التَّامَّة والزَّائدة والنَّاقصة، وبسبب ذلك جعل ضرب الأربعة في التِّسعة عددًا ناقصًا، ومِنَ البيِّن أنَّ التِّسعة ليست بعدد أوَّل، وأنَّ السِّتَّة والثَّلاثين ليست عددًا ناقصًا.
(النسخة: (أ)، ورقة 21ظ، النسخة (ت)، ورقة 57و-ظ؛ النسخة: (و)، ورقة 27ظ)؛ نشرة شراد، 200.
3. الجواب على اعتراض الكاتبي القزويني على الشيخ في إفادة المعنى المفرد للتصديقات
وقال الشَّيخ: ”المعنى المفرد لا يفيد شيئًا مِنَ التَّصديقات البتَّة“، واحتجَّ عليه: ”بأنَّ ذلك المعنى المفرد إن كان بحيث يحصل المطلوب بتقديرَي وجوده وعدمه، لم يكن ذلك المعنى علَّةً للمطلوب؛ لامتناع أن يكون شيءٌ مِنَ العِلل كذلك، وإن كان بحيث يتوقَّف[154] حصول المطلوب على وجوده أو عدمه، لم يكن التَّـأدِّي حينئذٍ منه فقط، بل منه ومِن شيءٍ آخر، وهو وجوده أو عدمه“.[155]
واعتَرض على هذه الحجَّة بعض المتأخِّرين[156] بأن قال:
”لا نسلِّم أنَّ حصول المطلوب إن توقَّف على وجوده أو عدمه، لم يكن التَّأدِّي مِنَ المعنى المفرد فقط، بل منه ومِن شيءٍ آخر“، فإنَّ المراد مِنَ المعنى المفرد المؤدِّي إلى تحصيل المطلوب هو المعنى الواحد الحاصل في الذِّهن، وإذا كان المرادُ ذلك، كان قولكم: ”حينئذٍ لم يكن التَّأدِّي منه فقط“ مصادرةٌ على المطلوب.
وأقول: المعنى الحاصلُ في الذِّهن قد يُحكم عليه مِن حيث هو مِن غير اعتبار حصوله في الذِّهن، ولا يلزم مِن عدم اعتبار حصوله عدم حصوله، وقد يُحكم عليه مِن حيث هو في الذِّهن أي مع اعتبار حصوله فيه، فمعنى كلام الشَّيخ: أنَّ المعنى المفرد الحاصل في الذِّهن إن كان بحيث يحصل المطلوب بتقدير وجوده أو عدمه؛ أي: مع عدم اعتبار أيِّ واحدٍ منهما فباطلٌ، لامتناع أن يكون شيءٌ مِنَ العِلل كذلك، وإن كان لا بدَّ مِن أحد الاعتبارين معه لم يكن التَّأدِّي منه فقط، بل منه ومِنَ الاعتبار المذكور، وعلى هذا لا يرد الاعتراض.
(النسخة: (أ)، ورقة 24ظ-25و، النسخة (ت)، ورقة59ظ-69و؛ النسخة: (و)، ورقة 31ظ-32و)؛ نشرة شراد، 219-220.
النص الثالث: من قسم التصديقات
1. وقال في معنى قولهم: كل ”ج“ ”ب“ مستعرضا أصل الخلاف ذاكرا مذاهب القوم ومستند كلّ واحدٍ منهم:
واعلم أنَّ صدق ”ج“ على المعنى المحكوم عليه:
قد يكون بالفعل وقد يكون بالقوّة القسيمة للفعل، وقد يكون بأعمّ من كلّ واحدٍ من القسمين وهو الإمكان.
فأجمع الكلّ على عدم تفسير الموضوع بخصوص القوّة بحيث يقال: إنّ المعنى من قولنا كل ”ج“ ”ب“ أنّ كلّ ما هو ”ج“ بالقوّة وليس ”ج“ بالفعل، اللّهم إلّا أن يكون ذلك بتصريح أو بقرينة تعيّنه، فلم يبق إلّا احتمال المعنيين، وقد عيّن كلّ فريقٍ احتمالا من الاحتمالين مذهبًا وزعم أنَّه مذهب المعلم الأوّل، ولننقل من كلام أرسطو مأخذ كلّ فريق فنقول:
قال أرسطو في القياس البيّن: إنَّه الّذي تنطوي فيه الصّغرى في الكبرى، وغير البيّن هو الّذي لا تنطوي فيه، فإن كانت الكبرى فعليّة والصّغرى فعليّة فالقياس تامّ، لأنَّا إذا حكمنا بالأكبر على كلّ ما صدق عليه الأوسط فقد حكمنا به على الأصغر، وكذلك إذا كانتا ممكنتين، قال: وإن كانت الصّغرى ممكنة والكبرى فعليّة فالقياس غير تامّ، [وإن كان بالعكس فالقياس تامّ].[157]
فرأى الاسكندر وغيره من المفسرين: أنَّ كلّام أرسطو لا يتم إلّا إذا كان الموضوع مأخوذًا بالفعل، لأنَّ الصّغرى الممكنة والكبرى الفعليّة لا يأتلف منهما قياس تامّ عنده، ولو كان موضوع الكبرى مأخوذًا بالإمكان لكان القياس تامّا، وقد قال إنَّه غير تامّ.
وأبو نصر يعترض على هذا: بأنَّ أرسطو قال في اختلاط الممكنتين إنه قياس تامّ، ولو كان مأخوذًا بالفعل لكان القياس غير تام.
وابن رشد:[158] يزعم أنَّ مذهب أرسطو أنَّ جهة صدق الموضوع تابع لجهة القضيّة، قال: وعلى هذا يتم كلام أرسطو.
وأقول: إن صّح هذا التأويل الّذي تأوله ابن رشد فلا تكون الممكنة نقيض الضّروريّة، وقد صرح أرسطو بأنَّها نقيضتها. فإنَّا إذا قلنا: كل ”ج“ ”ب“ بالضرورة، فقد حكمنا على كلّ ما صدق عليه ”ج“ بالفعل أنَّه ”ب“ بالضّرورة. وإذا قلنا: ليس كل ”ج“ ”ب“ بالإمكان العام، فقد سلبنا ”الباء“ عن بعض ما هو ”ج“ بالإمكان العام، فقد يكون فردًا من الأفراد ليس ”ج“ بالفعل، وهو ”ج“ بالإمكان العام؛ فيصدق عليه أنَّه ليس ”ب“، لأنَّا إذا حكمنا بضرورة ”ب“ على الأفراد الفعليّة، وليس هذا منها. فيصدق حينئذٍ قولنا: كل ”ج“ ”ب“ بالضرورة، وقولنا: ليس كل ”ج“ ”ب“ بالإمكان العام.
لا يقال بأنَّ ذلك فرض محال، لأنَّ ذلك الفرد الإمكاني يصدق عليه أنَّه ”ج“ بالإمكان العام وكل ”ج“ ”ب“ بالضرورة فينتج أنَّه ”ب“ بالضرورة، بناء على اختلاط الممكن والضّروري ينتج ضروريًّا كما ذهب إليه الشيخ.
لأنَّا نقول: هذا إنمَّا ألزمناه على مذهب أرسطو ومذهب ابن رشد، ومن مذهبهما أنَّ نتيجة هذا الخلط ممكنة لا ضروريّة.
ثمّ اعلم أنَّ الشيخ[159] ومن بعده من المشارقة جروا في ذلك على رأي الإسكندر، وإلى ذلك أشار المؤلف بقوله: ما صَدَقَ عَلَيْهِ أَحَدُهُما بِالْفِعْلِ.
وإذا جرينا على هذا الاصطلاح وهو أنَّ الموضوع بالفعل، فلا نزيد عليه في الاعتبار أنَّه ضروري أو غير ضروري، أو دائم أو في وقت ما أو وقت معين، ولا أنّ زمان ثبوت الموضوع مقارن لثبوت المحمول أو قبله أو بعده، وإلى جميع ذلك أشار المؤلف بقوله: في الجُمْلَةِ.
(النسخة: (أ)، ورقة 26؛ النسخة (ت)، ورقة 62ظ؛ النسخة: (و)، ورقة 36ظ-37و)؛ نشرة شراد، 244-247.
2. في تحرير مذهب ابن سينا والرد على الرازي والخونجي
واعلم أنَّ أرسطو وجماعة[160] المشائين يذهبون إلى انعكاس الضّروريّة المطلقة الموجبة كنفسها في الجهة، وجزئيّة في الكمّ.
والشيخ ردّ عليهم في الإشارات بما بسطناه في انعكاسها ممكنة عامّة، وليس ذلك منه رأيًا آخر مخالفًا للرأي الأوّل وهو انعكاسها إلى المطلقة، [كيف والشيخ يقول: والكلّيّة الموجبة الضّروريّة تنعكس كنفسها جزئيّة موجبة حكمها حكم المطلق العام]،[161] لكن لمَّا قال لا يجب أن تنعكس ضروريّة، واستدل عليه بما ينتج الإمكان العام [لا بما ينتج الإطلاق][162] صرّح بالنّتيجة، وأحال بيان لزوم الإطلاق على ما سلف خشية أن يصرّح بنتيجة لا يقتضيها برهانه.[163]
والمؤلف يجعل الشيخ قد تردّد في عكس الفعليّات بالإطلاق أو بالإمكان ويقول: لعل تردّده إنَّما كان لتردّده في الاصطلاح، فحيث قال إنّ الإطلاق هو العكس يكون قد أخذ موضوع الأصل [فعليًّا، وحيث يقول الإمكان][164] هو العكس يكون قد أخذه ممكنا.[165]
والإمام يجعل مذهب الشيخ مختلفًا، ويجعل الإطلاق غير لازم بأن يفرض الممكن في العكس غير واقع، كما لو لم يكن أحد من الناس كاتبًا.[166]
وهذا من الإمام ذهول عن أصل القضيّة، لأنَّ أصل القضيّة لا يصدق إلّا إذا كان بعض الإنسان كاتبا بالفعل، والإمام أحقّ أن يحمل كلامه على أخذ الموضوع بالإمكان من الشيخ،[167] بل التحقيق ما ذكرناه.
وينبغي أن تعلم أنَّ أرسطو ليس ممن يذهب إلى مذهب جلّي البطلان، فينبغي أن يحمل كلامه على وجه يصح، فمن المتعصبين له من أطلق القضيّة واحتال في دفع النقوض المادّية، ومنهم من قيّده بوجه لا يرد عليه النقض.
فأمَّا المقيّدون[168] فيقولون: إنَّ مراد أرسطو بذلك القضيّة الطبيعيّة وهي التي يكون الحمل فيها طبيعيًّا، أعني: أن يكون الموضوع مستحقا لموضوعيّته والمحمول مستحق لمحموليّته، فإذا قلنا: كل ”ج“ ”ب“ بالضرورة وكان الحمل فيها طبيعيًّا، فإنّه يجب أن يكون ”ب“ [169] من الأعراض اللّازمة لـ”ج“، [و”ج“ في نفسه طبيعة موضوعة بالطبع، فإن حملت على أفرادها بالحمل الطبيعيّ اللّازم][170] فيصدق: بالضّرورة بعض ”ب“ ”ج“ وذلك البعض هو فرد من أفراد ”ج“، فيحمل عليها ”ج“ بالضّرورة، وأمَّا الحمل الصناعيّ أي: الذي يصنعه المنطقيّ مجردًا عن الموادّ العلميّة[171] الطبيعيّة فخارج عن مراد أرسطو.
وأمَّا الدافعون في النقوض، فمنهم أبو نصرٍ قال:
إذا قلنا: ”كلّ حيوان يمكن أن يكون نائما“ فمعناه أنَّ كلّ حيوان يمكن أن يكون نائما من حيث هو نائم، وإذا كان كذلك فبعض النائم من حيث هو نائم يمكن أن يكون حيوانا، أي لا يجب أن يكون حيوانا لأنَّ حيوانيته ليست له من جهة ما هو نائم بالضّرورة.
وبسط هذا: أنَّ الحيوان لا ينام من جهة هو فرس أو حمار، فالنائم بالفعل من حيث هو نائم بالفعل لا يجب أن يكون حيوانا، لكن عرض له أن صار حيوانا من جهة أنّ النائم بالقوّة حيوان بالضّرورة؛ فهذه المقدّمة ضروريّة بالعرض[172] ممكنة بالذّات.
ولا يرد على هذا التقرير ردّ الإمام عليه بأن قال: ”لا يلزم من صدق قولنا: ”الكاتب من حيث هو كاتب لا يجب أن يكون إنسانا“ صدق قولنا: ”الكاتب لا يجب أن يكون إنسانا،“ قال: ”لأنَّ الأوّل إشارة إلى نفي الوجوب بجهة مخصوصة، [ولا يلزم من نفي الوجوب من جهة مخصوصة نفي الوجوب مطلقًا، إذ[173] لا يلزم من نفي الخاصّ نفي العامّ“].[174]
وإنَّما قلنا: إنَّ ردّ الإمام لا يرد على هذا التقرير، لأنًّ ثبوت الوجوب من حيث الكتابة ثبوت عرضيّ والإمكان ذاتيّ. وهذا بعينه مستند أرسطو في أنَّ عكس الممكن الخاصّ ممكن خاصّ.
والشيخ يقول بأنَّ هذا كلّه مغالطة:[175] أمَّا أولًا، فلأنَّ الحيثيّة[176] المذكورة إن أخذت جزءًا من المحمول في الأصل وجب أن تؤخذ في العكس جزءًا من الموضوع، وحينئذٍ يكون سلب الحيوانيّة عنه من الحيثيّة المذكورة ضروريًّا لا ممكنًا، لأنَّ الكاتب من حيث هو كاتب يجب أن لا يكون إلّا كاتبًا فقط، لأنَّ معناه الكاتب بشرط تجريده عن جميع ما يخرج عن مفهومه، ولو سلم فهذا المثال لا يفيد المطلوب لأنَّ انعكاس القضيّة[177] في مادّة واحدة لا يقتضي انعكاسها مطلقًا، بل عدم انعكاسها في مادّة يقتضي عدم انعكاسها مطلقًا.
ونحن قد خرجنا عمّا قصدناه، فلنرجع إلى المتن وهو ما يتضمّن عكس النقيض.
(النسخة: (أ)، ورقة 16[بسبب تداخل الأوراق]، النسخة (ت)، ورقة 84، النسخة: (و)، ورقة 73ظ-74ظ)؛ نشرة شراد، 405-410.
النص الرابع: في معالم طريقة شيخه الآبلي وتقريراته في درس الجمل عن المنحرفات
فهذه أحكام المنحرفات وقد أنزلنا عليها ضابط المؤلف، وليس فيها كثير نفع.
ولقد قال بعضهم، وأظنّه القاضي أبا الوليد بن رشد،[178] بأنَّ السّور فيها إمَّا كذب أو فضل،[179] وهو صحيح. و[180] سمعت شيخنا ومفيدنا هذه الصناعة وغيرها من الصنائع العقليّة، وهو أبو عبد الله الآبِلي حفظ[181] الله وجوده وشكر جوده، يقول فيها معنى غريبًا، وهو: ”إنَّ سائر القضايا يكون صدقها وكذبها تابعًا لمادتها، فتصدق بحسب المواد وتكذب بحسبها، ولا عبرة بصورتها في صدق ولا كذب، إلَّا المنحرفات فإنَّ القضيّة قد تُعطي صدقها فيها بصورتها وقد تُعطي كذبها بصورتها.“ وهذا صحيح بيّنٌ، كما في كون أحد الطّرفين شخصا مسورًا، أو كون المحمول إيجابًا كلّيًّا أو سلبًا جزئيًّا.
(النسخة: (أ) بها سقط بهذا الموضع، النسخة (ت)، ورقة 69ظ، النسخة: (و)، ورقة 48ظ)؛ نشرة شراد، 297-298.
Bibliography
al-Abharī, al-Mufaḍḍal ibn ʿUmar. al-Hidāyah: al-Aqsām al-Thalāthah: al-Manṭiq wa-al-Ṭabīʿī wa-al-Ilāhī. Edited by ʿAbd al-Ḥamīd al-Turkamānī. Beirut: Dār al-Riyāḥīn, 2019.
al-Abharī, al-Mufaḍḍal ibn ʿUmar. Kitāb Īsāghūjī. Edited by Muḥammad Shaṭūṭī and Manūr Qayrawān. Algiers: Dīwān al-Maṭbūʿāt al-Jāmiʿīyah, 2015.
al-Abharī, al-Mufaḍḍal ibn ʿUmar. Tanzīl al-Afkār fī Taʿdīl al-Asrār. Edited by Maḥmūd Āy and Muṣṭafā Bursah Bughā. Istanbul: Dār Nashr Jāmiʿat Ibn Khaldūn, 2024.
al-Abharī, al-Mufaḍḍal ibn ʿUmar. ʿUnwān al-Ḥaqq wa-Burhān al-Ṣidq. Edited by Zayn al-ʿĀbidīn Ḥusaynī. Istanbul: Dār Nashr Jāmiʿat Ibn Khaldūn, 2024.
al-Abharī, Athīr al-Dīn. Kashf al-Ḥaqāʾiq fī Taḥrīr al-Daqāʾiq. Edited by Ḥusayn Ṣārī Ūghlū. Istanbul: Kāntāy Kitābūy [Maktabat Bāj], 1998.
al-Bandahī, Ibn al-Badīʿ. Nihāyat Sayr al-Afkār fī al-Mubāḥathah maʿa Kashf al-Asrār. MS, Istanbul: Maktabat Aḥmad al-Thālith, no. A3387.
al-Bandahī, Ibn al-Badīʿ. Sharḥ Mukhtaṣar al-Khūnajī. Edited by Ismāʿīl ibn Aḥmad Sharād and Māhir Muḥammad ʿAdnān ʿUthmān. Kuwait: Dār al-Ḍiyāʾ, 2023.
al-Bandahī, Ibn al-Badīʿ. Sharḥ Muqaddimat al-Kashshī. MS, Dublin: Maktabat Cheshter Bītī, no. Ar 4931.
al-Ghubrīnī, Abū al-ʿAbbās. ʿUnwān al-Dirāyah fī man ʿurifa min al-ʿUlamāʾ fī al-Miʾah al-Sābiʿah bi-Bijāyah. Edited by ʿĀdil Nūyihض. Beirut: Manshūrāt Lajnat al-Taʾlīf wa-al-Tarjamah wa-al-Nashr, 1979.
al-Ḥamawī, Ibn Wāṣil. Sharḥ al-Jumal. Edited by Khaled El Rouyaheb. Leiden-Boston: Brill, 2022.
al-Ḥamawī, Yāqūt. Muʿjam al-Buldān. Vol. 2. Beirut: Dār Ṣādir, 1977.
al-Ḥusaynī, al-Sayyid Aḥmad. al-Turāth al-ʿArabī al-Makhṭūṭ fī Maktabāt Īrān al-ʿĀmmah. Vol. 7. Qum: Manshūrāt Dalīl Mā, 2010.
al-Kātibī, Najm al-Dīn ʿAlī ibn ʿUmar al-Qazwīnī. Sharḥ Kashf al-Asrār. MS, Istanbul: Majmūʿat Jār Allāh Afandī, no. 1418.
al-Kātibī, Najm al-Dīn. al-Manaṣṣ fī Sharḥ al-Mulakhkhaṣ. MS, Istanbul: Majmūʿat Fāḍil Aḥmad Bāshā, no. 888.
al-Kātibī, Najm al-Dīn. al-Mufaṣṣal fī Sharḥ al-Muḥaṣṣal. Edited by ʿAbd al-Jabbār Abū Sanīnah. ʿAmmān: al-Aṣlayn – al-Kalām lil-Buḥūth wa-al-Iʿlām, 2018.
al-Kātibī, Najm al-Dīn. al-Risālah al-Shamsiyyah. An Edition and Translation with Commentary by Tony Street. New York: New York University Press, 2024.
al-Kātibī, Najm al-Dīn. Baḥr al-Fawāʾid fī Sharḥ ʿAyn al-Qawāʿid. MS, al-Mawṣil: Maktabat al-Awqāf al-ʿĀmmah, no. 208595.
al-Khūnajī, Afḍal al-Dīn. Kashf al-Asrār ʿan Ghawāmiḍ al-Afkār. Edited by Khaled El Rouyaheb. Ṭihrān–Berlin: Muʾassasah-yi Pazhūhishī Ḥikmat wa-Falsafah-yi Īrān wa-Muṭālaʿāt Islāmī Dānishgāh-i Āzād, 1389 Sh./2010.
al-Majārrī, Abū ʿAbd Allāh Muḥammad. Barnāmaj al-Majārrī. Edited by Muḥammad Abū al-Ajfān. Beirut: Dār al-Gharb al-Islāmī, 1982.
al-Maqarrī, Abū al-ʿAbbās Shihāb al-Dīn. Nafḥ al-Ṭīb. Edited by Iḥsān ʿAbbās. Beirut: Dār Ṣādir, 1997.
al-Maqarrī, Abū ʿAbd Allāh al-Maqarrī. Riḥlat al-Maqarrī al-Kabīr Naẓm al-Laʾālī fī Sulūk al-Amālī: Riḥlat al-Mutabattil. Study, edition, and commentary by Ḥafnawī Baʿlī. Rabat: Dār al-Amān, 2019.
al-Rāzī, Abū ʿAbd Allāh Fakhr al-Dīn. Manṭiq al-Mulakhkhaṣ. Edited by Aḥmad Farāmarz Qaramalakī and Ādīnah Aṣgharī Nizād. Tehran: Dānishgāh Imām Ṣādiq, 1381 Sh./2002.
al-Rāzī, Fakhr al-Dīn. Sharḥ al-Ishārāt wa-al-Tanbīhāt. Edited by ʿAlī Riḍā Najafzādah. Tehran: Muʾassasat Jāb wa-Intishārāt Dānishgāh Tehran, 1383 Sh./2004.
al-Sarīrī, Maulūd al-Ṭayyib. Sharḥ Miftāḥ al-Wuṣūl ilā Bināʾ al-Furūʿ ʿalā al-Uṣūl. Beirut: Dār al-Kutub al-ʿIlmīyah, 2012.
al-Sharīf al-Tilimsānī, Abū ʿAbd Allāh. Miftāḥ al-Wuṣūl ilā Bināʾ al-Furūʿ ʿalā al-Uṣūl. Edited by Muḥammad ʿAlī Farkūs. Beirut: Muʾassasat al-Rayyān li-al-Ṭibāʿah wa-al-Nashr, 1998.
al-Sharīf al-Tilimsānī, Abū ʿAbd Allāh. Sharḥ Jumal al-Khūnajī. Edited by Ismāʿīl ibn Aḥmad Sharād. Kuwait: Dār al-Ḍiyāʾ, 2023.
al-Sharīf al-Tilimsānī, Abū ʿAbd Allāh. Sharḥ Jumal al-Khūnajī. MS, Istanbul: Maktabat al-Sulaymāniyah, Majmūʿat al-Fātiḥ, no. 3342.
al-Tanassī, Muḥammad ibn ʿAbd Allāh. Tārīkh Banī Ziyān Mulūk Tilimsān, in Naẓm al-Durr wa-al-ʿAqīyān fī Bayān Sharaf Banī Ziyān. Edited by Maḥmūd Āghā ʿAyyād. Algiers: al-Muʾassasah al-Waṭanīyah lil-Funūn al-Maṭbūʿah, 2011.
al-Thaghrī, ʿAbd Allāh ibn Muḥammad ibn Yūsuf al-Qaysī al-Tilimsānī. Manāqib al-Tilimsānīyīn: Manāqib Abī ʿAbd Allāh al-Sharīf al-Tilimsānī wa-Waladih. Edited by Qandūz ibn Muḥammad al-Māḥī. Algiers: Dār al-Waʿy, 2018.
al-Tinbuktī, Aḥmad Bābā. Kifāyat al-Muḥtāj li-Maʿrifat man Laysa fī al-Dībāj. Edited by Muḥammad Muṭīʿ. Vol. 2. Rabat: Wizārat al-Awqāf wa-al-Shuʾūn al-Islāmīyah, 2000.
al-Tinbuktī, Aḥmad Bābā. Nayl al-Ibtihāj bi-Taṭrīz al-Dībāj. Edited by ʿAbd al-Ḥamīd ʿAbd Allāh al-Harāmah. Ṭarābulus: Dār al-Kitāb, 2000.
al-Ṭūsī, Naṣīr al-Dīn. Sharḥ al-Ishārāt wa-al-Tanbīhāt. Edited by Karīm Fayḍī. Qum: Maṭbūʿāt Dīnī, 1383 Sh./2004.
al-Wansharīsī, Abū al-ʿAbbās Aḥmad ibn Yaḥyā. al-Miʿyār al-Muʿrib wa-al-Jāmiʿ al-Mughrib ʿan Fatāwā Ahl Ifrīqiyah wa-al-Andalus wa-al-Maghrib, edited under the supervision of Muḥammad Ḥajjī. Vol. 12. Rabat: Wizārat al-Awqāf wa-al-Shuʾūn al-Islāmīyah, 1981.
al-Wansharīsī, Abū al-ʿAbbās Aḥmad ibn Yaḥyā. Kitāb Wafayāt al-Wansharīsī. Edited by Muḥammad ibn Yūsuf al-Qāḍī. Cairo: Sharikat Nawābiqh al-Fikr lil-Nashr wa-al-Tawzīʿ, 2009.
al-Zarkashī, Abū ʿAbd Allāh. Tārīkh al-Dawlatayn al-Muwaḥḥidīyah wa-al-Ḥafṣīyah. Edited by Muḥammad Māḍūr. Tunis: al-Maktabah al-ʿAtīqah, 1966.
Brockelmann, Carl. Geschichte Der Arabischen Litteratur. Volume I. Leiden: Brill, 1943.
Brockelmann, Carl. Geschichte Der Arabischen Litteratur. Volume I. Supplement Band. Leiden : Brill, 1937.
Derenbourg, Hartwig. Manuscrits arabes de l’Escurial. Volume I. Paris: Ernest Leroux Editeur 1884.
El Rouayheb, Khaled. The Development of Arabic Logic, 1200-1800. Basel: Schwabe Verlag, 2019.
Fagnan, Edmond. Catalogue Général des Manuscrits des Bibliothèques Publiques de France. Départements. Tome XVIII : Alger. Paris : Librairie Plan, 1893.
Farrūkh, ʿUmar. Tārīkh al-Adab al-ʿArabī. 3rd ed. Beirut: Dār al-ʿIlm li-al-Malāyīn, 1981.
Fihris Makhṭūṭāt Maktabat al-Azhar al-Sharīf. Vol. 13. Cairo: Manshūrāt al-Azhar al-Sharīf – Saqīfat al-Ṣafā al-ʿIlmīyah, 2016.
Ghrab, Saʿd. Risālatān fī al-Manṭiq: al-Jumal wa-al-Mukhtaṣar fī al-Manṭiq. Tunis: al-Jāmiʿah al-Tūnisīyah – Markaz al-Dirāsāt wa-al-Abḥāth al-Iqtiṣādīyah wa-al-Ijtimāʿīyah, 1976.
Ibn Abī al-Ḥadīd, ʿAbd al-Ḥamīd. al-Taʿlīq ʿalā al-Muḥaṣṣal. MS, Istanbul: Khizānat al-Kutub al-Nādira, Jāmiʿat Isṭanbūl, no. 3297.
Ibn Abī al-Ḥadīd, ʿAbd al-Ḥamīd. Ḥāshiyat Kitāb al-Muḥaṣṣal. MS, Ṭihrān: Kutubkhānah-yi Millī-yi Malik al-ʾĪrānīyah, no. 1393, within a majmūʿah, fols. 267–475 (208 folios).
Ibn Abī al-Ḥadīd, ʿAbd al-Ḥamīd. Sharḥ al-Āyāt al-Bayyināt. Edited by Mukhtār Jibillī. Beirut: Dār Ṣādir, 1996.
Ibn Abī al-Ḥadīd, ʿAbd al-Ḥamīd. Sharḥ Nahj al-Balāghah. Edited by Muḥammad Abū al-Faḍl Ibrāhīm. Beirut: Dār Iḥyāʾ al-Turāth al-ʿArabī, 1956.
Ibn Aḥmad, Fuʾād and ʿAbd al-Ilāh Būdīb. “Daʿwā al-Inḥiṭāṭ al-ʿIlmī fī Tūnis al-Qarn al-Thāmin li-al-Hijrah/al-Rābiʿ ʿAshar li-al-Mīlād: bayna Ibn ʿArafah wa-Ibn Khaldūn.” Forthcoming.
Ibn Aḥmad, Fuʾād. “Asʾilat Yaḥyā al-Rahūnī wa-Ajwibat al-Sharīf al-Tilimsānī [aw al-Mubāḥathāt bayna Yaḥyā al-Rahūnī wa-al-Sharīf al-Tilimsānī] fī al-Falsafah wa-al-Manṭiq wa-ʿIlm al-Kalām.” Presented, annotated, and translated by Fuʾād ibn Aḥmad. Forthcoming.
Ibn al-Aḥmar, Ismāʿīl. Rawḍat al-Nasrīn fī Dawlat Banī Marīn. Edited by ʿAbd al-Wahhāb ibn Manṣūr. Rabat: al-Maṭbaʿah al-Malakīyah, 1962.
Ibn al-Khaṭīb, Lisān al-Dīn. al-Iḥāṭah fī Akhbār Gharnāṭah. Edited by Yūsuf ʿAlī Ṭawīl. Vol. 4. Beirut: Dār al-Kutub al-ʿIlmīyah, 2003.
Ibn al-Qāḍī, Abū al-ʿAbbās al-Miknāsī. Durrah al-Ḥijāl fī Asmāʾ al-Rijāl. Edited by Muḥammad al-Aḥmadī Abū al-Nūr. Tunis: al-Maktabah al-ʿAtīqah; Cairo: Dār al-Turāth, 1971.
Ibn Farḥūn, Ibrāhīm ibn ʿAlī. al-Dībāj al-Mudhahhab fī Maʿrifat Aʿyān ʿUlamāʾ al-Madhhab. Edited by Muḥammad al-Aḥmadī Abū al-Nūr. Vol. 2. Cairo: Dār al-Turāth li-al-Ṭibāʿah wa-al-Nashr, 1972.
Ibn Khaldūn, Abū Zakariyyā Yaḥyā. Bughiyat al-Ruwād fī Dhikr al-Mulūk min Banī ʿAbd al-Wād. Edited by ʿAbd al-Ḥamīd Ḥājiyyāt. Vol. 2. Algiers: ʿĀlam al-Maʿrifah li-al-Nashr wa-al-Tawzīʿ, 2011.
Ibn Khaldūn, ʿAbd al-Raḥmān. al-Muqaddimah. Edited by Ibrāhīm Shabbūḥ and Iḥsān ʿAbbās. Tunis: al-Qayrawān li-al-Nashr, 2007.
Ibn Khaldūn, ʿAbd al-Raḥmān. al-Taʿrīf bi-Ibn Khaldūn wa-Riḥlatuhu Gharban wa-Sharqan. Edited by Muḥammad ibn Tāwīt al-Ṭanajī. Cairo: Maṭbaʿat Lajnat al-Taʾlīf, 1951.
Ibn Khaldūn, ʿAbd al-Raḥmān. Tārīkh Ibn Khaldūn al-Musammā Dīwān al-Mubtadaʾ wa-al-Khabar fī Tārīkh al-ʿArab wa-al-Barbar wa-man ʿĀṣarahum min Dhawī al-Sulṭān al-Akbar. Edited with notes and indices by Khalīl Shaḥādah. Vol. 7. Beirut: Dār al-Fikr, 2000.
Ibn Maryam, Abū ʿAbd Allāh Muḥammad ibn Muḥammad al-Tilimsānī. al-Bustān fī Dhikr al-ʿUlamāʾ wa-al-Awliyāʾ bi-Tilimsān. Edited by Muḥammad ibn Abī Shanab. Algiers: al-Maṭbaʿah al-Thaʿālibīyah, 1908.
Ibn Marzūq, Abū ʿAbd Allāh Muḥammad ibn Aḥmad al-Ḥafīd. Nihāyat al-Amal fī Sharḥ al-Jumal. Tunis: MS, al-Maktabah al-Waṭanīyah al-Tūnisīyah, no. 517.
Ibn Nawbakht, Ibrāhīm. al-Yāqūt fī ʿIlm al-Kalām. Edited by ʿAlī Akbar Ḍiyāʾī. Qum: Maktabat Āyat Allāh al-ʿUẓmā al-Marʿashī al-Najafī al-ʿĀmmah, 1413 AH.
Ibn Qunfudh, Abū al-ʿAbbās Aḥmad ibn al-Khaṭīb al-Qusantīnī. al-Wafayāt. Edited by ʿĀdil Nwīhḍ. Beirut: Dār al-Āfāq al-Jadīdah, 1983.
Ibn Rushd, Abū al-Walīd Muḥammad ibn Aḥmad. Talkhīṣ al-ʿIbārah, in Naṣṣ Talkhīṣ Manṭiq Arisṭū: Kitāb al-Maqūlāt wa-al-ʿIbārah, edited by Jirār Jihāmī. Beirut: Dār al-Fikr al-Lubnānī, 1992.
Ibn Rushd, Abū al-Walīd Muḥammad ibn Aḥmad. Talkhīṣ Kitāb al-Qiyās, in Naṣṣ Talkhīṣ Manṭiq Arisṭū, edited by Jirār Jihāmī. Beirut: Dār al-Fikr al-Lubnānī, 1992.
Ibn Sīnā, Abū ʿAlī al-Ḥusayn ibn ʿAbd Allāh. al-Shifāʾ: al-Madkhal. Edited by al-Ab Qanawātī, Maḥmūd al-Khuḍayrī, and Aḥmad Fuʾād al-Ahwānī. Cairo: Wizārat al-Maʿārif al-ʿUmūmīyah – al-Idārah al-ʿĀmmah lil-Thaqāfah, 1952.
Ibn Sīnā, Abū ʿAlī al-Ḥusayn ibn ʿAbd Allāh. al-Shifāʾ: al-Qiyās. Edited by Saʿīd Zāyid. Cairo: Wizārat al-Thaqāfah wa-al-Irshād al-Qawmī – al-Muʾassasah al-Miṣrīyah al-ʿĀmmah li-al-Taʾlīf wa-al-Tarjamah wa-al-Ṭibāʿah wa-al-Nashr, 1964.
Ibn Sīnā, Abū ʿAlī al-Ḥusayn ibn ʿAbd Allāh. al-Shifāʾ: al-ʿIbārah. Edited by Maḥmūd al-Khuḍayrī. Cairo: Dār al-Kātib al-ʿArabī li-al-Ṭibāʿah wa-al-Nashr, 1970.
Ibn ʿArabī, al-Ṣiddīq. Fihris Makhṭūṭāt Khizānat Ibn Yūsuf bi-Marrākush. Beirut: Dār al-Gharb al-Islāmī, 1994.
Laḥmar, Ḥamīd. al-Fihris al-Waṣfī li-Makhṭūṭāt Khizānat al-Zāwiyah al-Ḥamzīyah al-ʿAyāshīyah. Vol. 1. Rabat: Manshūrāt Wizārat al-Awqāf wa-al-Shuʾūn al-Islāmīyah, 2009.
Maḥfūẓ, Muḥammad. Tarājim al-Muʾallifīn al-Tūnisīyīn. Beirut: Dār al-Gharb al-Islāmī, 1982.
Maḥmūd Bīk. Daftar Fātiḥ Kutubkhānah. Istanbul: Maṭbaʿat Sī, n.d.
Muʾallif Majhūl. Zahr al-Bustān fī Dawlat Banī Ziyān. Edited by Būziyān al-Darājī. Algiers: Muʾassasat Būziyān li-al-Nashr wa-al-Tawzīʿ, 2013.
Obuchi, Hisashi. “In the Wake of Faḫr al-Dīn al-Rāzī: A Critical Edition of Zayn al-Dīn al-Kaššī’s Introduction to Ḥadāʾiq al-ḥaqāʾiq.” AJAMES (Annals of Japan Association for Middle East Studies) 35 (2019): 185-207.
Sucu, Selman. “Necmeddi̇n El-Kâti̇bî’ni̇n Aynü’l-Kavâi̇d Adli Eseri̇ni̇n Tahli̇l Ve Tahki̇ki̇ İstanbul,” İstanbul Üni̇versi̇tesi̇ 2019.
للتوثيق
بن أحمد، فؤاد و شراد، إسماعيل. ”النهضة المنطقية المغربية الثانية: محمد الشريف التلمساني (710-771هـ/1310-1370م).“ ضمن موقع الفلسفة والعلوم في السياقات الإسلامية، الرابط <https://philosmus.org/archives/4282>
إسماعيل شراد
فؤاد بن أحمد
[1] عبد الرحمن ابن خلدون، تاريخ ابن خلدون المسمى ديوان المبتدأ والخبر في تاريخ العرب والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر، ضبط المتن والحواشي والفهارس خليل شحادة (بيروت: دار الفكر، 2000)، ج. 7: 105.
[2] الشّريف التّلمساني، ضمن جوابه إلى زميله وشريكه في التلمذة لأبي عبد الله الآبلي، المغربي الأصولي أبي زكريا يحيى الرهوني. انظر: عبد الله بن محمد بن يوسف القيسي الثّغري التلمساني، مناقب التلمسانيين، مناقب أبي عبد الله الشريف التلمساني وولديه، تحقيق قندوز بن محمد الماحي (الجزائر: دار الوعي، 2018)، 150. انظر: فؤاد بن أحمد، ”أسولة يحيى الرهوني وأجوبة الشريف التلمساني [أو المباحثات بين يحيى الرهوني والشريف التلمساني] في الفلسفة والمنطق وعلم الكلام،“ تقديم وتعليق وترجمة فؤاد بن أحمد. قيد النشر.
[3] قد يكون أبو عبد الله محمد المقري التلمساني (=الجد أو الكبير) (ت. 759هـ/1358م) واحدا ممن تتلمذ مع الشّريف التّلمساني للآبِلي، وإن كان يكبره في السن.
[4] إضافة إلى شرح المقري الجد الذي تفيدنا كتب التراجم به وبأنَّه لم يكمله. ولا تسعفنا المصادر بتحديد تاريخ تأليفه. وهو إلى ذلك غير متوفر الآن. وبالنظر إلى ملازمته للآبلي، فمن المرجح أن يكون شرحه، هو أيضًا، بإيعاز من دروس الشيخ.
[5] سيجد القارئ المعطيات البيبليوگرافية الكاملة عنه في هامش لاحق. وإذ لا يتسع المقام إلى استعراض أهمية هذا العمل، فإننا نتصور أن أحد الجوانب الهامة فيه هو انتصابه إلى تحدي الأطروحات السائدة منذ زمن إبراهيم مدكور ونيقولاس ريتشر حول تاريخ المنطق العربي وتطوره عن طريق تسليط الضوء على الفاعلين الأساسيين في تطوير الدرس المنطقي في سياقات المسلمين ابتداءً من القرن السابع/الثالث عشر. والحق أن عمل الرويهب قد يعتبر من الدراسات الأولى التي سعت إلى إبراز المناطقة المغاربة في هذا الباب إلى جانب المشارقة.
[6] انظر ترجمته في: ابن خلدون، التعريف بابن خلدون ورحلته غربا وشرقا، تحقيق محمد بن تاويت الطنجي (القاهرة: مطبعة لجنة التأليف، 1951)، 62؛ أبو زكريا يحيى بن خلدون، بغية الرواد في ذكر الملوك من بني عبد الواد، تحقيق عبد الحميد حاجيات (الجزائر: عالم المعرفة للنشر والتوزيع، 2011)، ج. 1: 158؛ محمد بن عبد الله التنسي، تاريخ بني زيان ملوك تلمسان، مقتطف من نظم الدر والعقيان في بيان شرف بني زيان، تحقيق محمود آغا عياد (الجزائر: المؤسسة الوطنية للفنون المطبعية، 2011)، 179؛ أبو العباس أحمد بن الخطيب الشهير بابن قنفذ القسنطيني، الوفيات، تحقيق عادل نويهض (بيروت: دار الأفاق الجديدة 1983)، 368؛ أبو العباس أحمد بن يحي الونشريسي، المعيار المعرب والجامع المغرب عن فتاوي أهل إفريقية والأندلس والمغرب، تحقيق بإشراف محمد حجي (الرباط: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 1981)، 12: 224؛ كتاب وفيات الونشريسي، تحقيق محمد بن يوسف القاضي (القاهرة: شركة نوابغ الفكر للنشر والتوزيع، 2009)، 55؛ أحمد بابا التنبكتي، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، تحقيق عبد الحميد عبد الله الهرامة (طرابلس: دار الكتاب، 2000)، 430؛ كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج، تحقيق محمد مطيع (الرباط: وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 2000)، 2: 70؛ أبو عبد الله محمد بن محمد الملقب ابن مريم التلمساني، البستان في ذكر العلماء والأولياء بتلمسان، تحقيق محمد بن أبي شنب (الجزائر: المطبعة الثعالبية، 1908)، 164. والملاحظ أنّ عمدة النقل عند التنبكتي وابن مريم على كتاب: عبد الله بن محمد بن يوسف القيسي الثّغري التلمساني، مناقب التلمسانيين. مناقب أبي عبد الله الشريف التلمساني وولديه. وقد اعتمدنا عليه كثيرًا في التَّرجمة، وخاصَّةً في تحقيق مؤلَّفات الشَّريف.
[7] نسبة إلى قرية من ”أعمال تلمسان تسمّى العلْوِين،“كذا في التعريف بابن خلدون ، 62؛ ومثله نقله الونشريسي في المعيار، 12: 224؛ لكن جعل النسبة إلى ”العلويين“ بياءين، والذي نقله نيل الابتهاج بتطريز الديباج، 430: ”ويعرف بالعلوني نسبة لعلونين قرية بتلمسان“، و”تِلِمْسَان“ بكسرتين وسكون الميم ثمّ سين مهملة، انظر: ياقوت الحموي، معجم البلدان (بيروت: دار صادر، 1977)، 2: 44.
[8] قال ابن خلدون: ”وكان أهل بيته لا يدافعون في نسبهم.“ التعريف بابن خلدون، 62. وانظر تتمة نسبه في: نيل الابتهاج بتطريز الديباج، 430؛ والبستان، 164؛ وكذا في مناقب التلمسانيين، 85.
[9] هذا ما أخبر به ابن خلدون قائلا: ”وأخبرني رحمه الله أنّ مولده سنة عشر.“ التعريف بابن خلدون، 64.
[10] انظر: التنبكتي، نيل الابتهاج، 432؛ وذكر التنبكتي قولًا آخر للبسيلي والسراج في أنّ مولده عام 716هـ/1316م وقال معقبا: ”وما تقدم أصح.“ ومثله في مناقب التلمسانيين، 85.
[11] لم نقف على وفاته.
[12] انظر: أبو عبد الله محمد المجاري، برنامج المجاري، تحقيق محمد أبو الأجفان (بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1982)، 130.
[13] انظر: التنبكتي، نيل الابتهاج، 435.
[14] انظر: ابن خلدون، التعريف بابن خلدون، 63.
[15] ابن خلدون، التعريف بابن خلدون، 63.
[16] الثغري، مناقب التلمسانيين، 169. وعن هذا المصدر نقل التنبكتي في نيل الابتهاج، 437.
[17] المقري، نفح الطيب، تحقيق إحسان عباس (بيروت: دار صادر، 1997)، 5: 342.
[18] لم نقف على وفاته.
[19] ابن خلدون، التعريف بابن خلدون، 62.
[20] الشّريف التّلمساني، شرح جمل الخونجي، تحقيق إسماعيل بن أحمد شراد (الكويت: دار الضياء، 2023)، 297.
[21] التنبكتي، نيل الابتهاج، 435.
[22] انظر ترجمة أبي الحسن الزرويلي في: لسان الدين بن الخطيب، الإحاطة في أخبار غرناطة، تحقيق يوسف علي طويل (بيروت: دار الكتب العلمية، 2003)، 4: 158؛ وإبراهيم بن علي بن فرحون، الديباج المذهب في معرفة أعيان علماء المذهب، تحقيق محمد الأحمدي أبو النور (القاهرة: دار التراث للطبع والنشر، 1972)، 2: 119. والزرويلي معروف جدا في الأدبيات الفقهية باسم أبي الحسن الصُّغَيِّر (ت. 719هـ/1319م). وبالمناسبة، فإن رواد درس المدونة في فاس المرينية عموما، وفي هذه العشرية خصوصا هم: أبو إبراهيم الأعرج الورياغلي (ت. 683هـ/1284-5)، وأبو الفضل راشد بن راشد الوليدي (ت. 689هـ/1290-1)، وأبو الحسن الصغير الزرويلي.
[23] ابن خلدون، التعريف بابن خلدون، 47.
[24] ابن خلدون، المقدمة، تحقيق إبراهيم شبوح وإحسان عباس (تونس: القيروان للنشر، 2007)، 2: 176؛ والمقري، نفح الطيب، تحقيق إحسان عباس (بيروت: دار صادر، 1997)، 5: 223.
[25] انظر: المقري، رحلة المقري الكبير نظم اللآلي في سلوك الأمالي رحلة المتبتل، دراسة وتحقيق وتعليق حفناوي بعلي (الرباط: دار الأمان، 2019)، 328.
[26] ابن خلدون، التعريف بابن خلدون، 62؛ والثغري، مناقب التلمسانيين، 97. وقد دخل بجاية ولا نعلم هل كان في ذهابه أو إيابه.
[27] الثغري، مناقب التلمسانيين، 98.
[28] الثغري، مناقب التلمسانيين، 98.
[29] لا نعلم تحديدًا مدّة إقامة الآبلي بمراكش، لكن في كلام ابن خلدون إشارة إلى ذلك، حيث يقول: ”ولزم العالم الشَّهير أبا العباس بن البناء الشَّهير الذكر، فحصَّل عنه سائر العلوم العقليَّة، وورث مقامه فيها وأرفع، ثمَّ صعد إلى جبل الهساكرة بعد وفاة الشيخ.“ التعريف، 21. وكانت وفاة ابن البناء، كما ذكرنا أعلاه، سنة 724هـ/1324م. فإذا ما عرفنا تحديدًا تاريخ استنزال السلطان المريني شيخ الهساكرة من الجبل قطعنا بالمدَّة التي أمضاها في مراكش صحبة ابن البنا.
[30] ابن خلدون، التعريف بابن خلدون، 62.
[31] انظر: فؤاد بن أحمد وعبد الإلاه بوديب، ”دعوى الانحطاط العلمي في تونس القرن الثامن للهجرة/الرابع عشر للميلاد: بين ابن عرفة وابن خلدون.“ قيد النشر.
[32] الثغري، مناقب التلمسانيين، 98.
[33] ابن خلدون، التعريف بابن خلدون، 62-63.
[34] الثغري، مناقب التلمسانيين، 99. وعن مناظرة الشريف التلمساني لابن عبد السلام بمجلس تعليمه، انظر: الثغري، مناقب التلمسانيين، 98-99. ويبدو من هذه الحكاية أن مجلس ابن عبد السلام كان منفتحا على النقد والحوار البناء بين الشيخ والمتعلمين.
[35] يقول ابن خلدون: ”علاوة على ما كان يحمله من الفقه والعربية وسائر علوم الشريعة، وكانت له في كتب الخلافيات يد طولى، وقدم عالية، فعرف له ابن عبد السلام ذلك كلّه وأوجب حقّه.“ ابن خلدون، التعريف بابن خلدون، 63.
[36] ابن خلدون، التعريف بابن خلدون، 63.
[37] انظر مثلا: المجاري، برنامج المجاري، 130.
[38] انظر: الثغري، مناقب التلمسانيين، 272.
[39] Khaled El Rouayheb said: “Al-Sharīf al-Tilimsānī returned to teaching in Tlemcen after Abū ʿInān’s death, and died there in 771/1370. Ibn Khaldūn, who attended al-Sharīf ’s classes, reported that he used to teach Averroes’ Middle Commentaries on Aristotle’s logical works (Ibn Khaldūn 1951, 62–64).” The Development of Arabic Logic, 1200-1800 (Basel: Schwabe Verlag, 2019), 126.
[40] ذكر عبد الله الثغري التلمساني ما يأتي: ”واتفق ليلة مولده [عبد الرحمن ولد الشريف التلمساني] أن باتَ عند أبيه رحمه الله الفقيه الأديب العالم أبو زيد عبد الرحمن بن خلدون والفقيه القاضي أبو يحيى السّكاّك، فطلب كل واحد منهما أن يسميّه باسمه فأسعفهما لمطلبهما، ووفّى لهما برأيهما وسمّاه باسم أحدهما وكناه بكنية الآخر.“ الثغري، مناقب التلمسانيين، 287. وتأمل هذا النص قد يفيد أن ابن خلدون من طبقة تلامذة الشّريف التّلمساني.
[41] El Rouayheb, The Development, 126
[42] التنبكتي،كفاية المحتاج، 2: 78.
[43] يحيى ابن خلدون، بغية الرواد، 2: 134-136.
[44] انظر: مؤلف مجهول، زهر البستان في دولة بني زيان، تحقيق بوزياني الدراجي (الجزائر: مؤسسة بوزياني للنشر والتوزيع، 2013)، 272-274.
[45] انظر: يحيى بن خلدون، بغية الرواد، 2: 278.
[46] انظر: التنبكتي، نيل الابتهاج، 430.
[47] يحيى بن خلدون، بغية الرواد، 2: 394.
[48] التنبكتي، نيل الابتهاج، 226؛ ابن مريم، البستان، 106.
[49] الثغري، مناقب التلمسانيين، 96.
[50] ولا يبعد أن يكون تفسير الفخر الرازي، مفاتيح الغيب، من مواد تدريسه للتفسير.
[51] ابن مريم، البستان، 173.
[52] ذكر أبو عبد الله محمد المجاري قائلا: ”أخبرني الإمام سعيد العقباني أنّه قرأ عليه—على السطي—جميع كتاب الحوفي قراءة تفقُّه وتحقيق لأحكامه الفقهيَّة، وتصوير لأعماله الجزئيَّة، وذلك في شهرٍ، قال: ’وكان رفيقي السيّد أبا عبد الله الشّريف التّلمساني، وكان شيخنا السّطي لم يشتغل بالهندسة إلَّا قليلًا، فكان يسألنا عن براهين بعض المسائل، ومِن أيِّ شكلٍ تخرج من أوقليدس، فكان رفيقي أبو عبد الله الشَّريف يسبقني تارةً، وأسبقه تارةً، وفي بعض السُّؤالات أنطق أنا وهو بالجواب في وقتٍ واحدٍ.‘“ برنامج المجاري، تحقيق محمد أبو الأجفان (بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1982)، 130. ويسهل على المرء أن يلمس حس هذا التنافس بين سعيد العقباني والشّريف في الدرس في شرح العقباني على كتاب الجمل. وسيأتي ذكره في المدخل الذي خصصناه له.
[53] الثغري، مناقب التلمسانيين، 169.
[54] العمدة في ذكر تآليف الشريف التلمساني هو مناقب التلمسانيين للثغري، وعنه نقل كلّ من التنبكتي في نيل الابتهاج بتطريز الديباج؛ وكفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج، وابن مريم في البستان في ذكر العلماء والأولياء بتلمسان. أمَّا ابن قنفذ والونشريسي في وفياتهما فلم يذكرا له إلّا شرح الجمل، مكتفيين بالإشارة إلى شهرة أعماله.
[55] انظر: الثغري، مناقب التلمسانيين، 165؛ وانظر النقل عنه في التنبكتي، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، 437.
[56] ذكر ذلك محمد علي فركوس ضمن تحقيقه مفتاح الوصول، انظر: الشريف التلمساني، مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول، تحقيق محمد علي فركوس (بيروت: مؤسسة الريان للطباعة والنشر، 1998)، 285-287. وقد نظمه مِن علماء موريتانيا الشَّيخ عبد الله بن محمَّد بن عثمان الفلاتي وأبو عبد الله محمد بن الإمام الجكني الشَّنقيطي. وشرحه من المعاصرين الأصولي أبو الطيب مولود السّريري. انظر: شرح مفتاح الوصول إلى بناء الفروع على الأصول (بيروت: دار الكتب العلمية، 2012).
[57] انظر: الثغري، مناقب التلمسانيين، 166؛ وبمثله مختصرًا نقل التنبكتي في: نيل الابتهاج، 437؛ كفاية المحتاج لمعرفة من ليس في الديباج، 2: 77؛ ونصّ عليه أبو العباس أحمد بن الخطيب الشهير بابن قنفذ القسنطيني، الوفيات، 368؛ وكذا الونشريسي، وفيات الونشريسي، 55.
[58] انظر: الشّريف التّلمساني، شرح جمل الخونجي، تحقيق إسماعيل بن أحمد شراد (الكويت: دار الضياء، 2023).
[59] Carl Brockelmann, Geschichte Der Arabischen Litteratur. Supplement Band (Leiden : Brill, 1937), i: 838.
[60] El Rouayheb, The Development, 126.
[61] قال الثغري: ”وألف تأليفًا في المغالطات.“ مناقب التلمسانيين، 168. وجاء في موضع آخر، في ترجمة ولده أبي يحيى: ”وقرأ على الشيخ رحمه الله كتاب التقصي بلفظه تفقها وكتاب ابن الحاجب الأصلي وقرأ عليه كتاب مثارات الغلط مِن تأليفه رحمه الله.“ نفسه، 288. لكن المثبت في النقل عنه كما في نيل الابتهاج، 436: ”وتأليفًا في المعاوضات،“ ومثله في: البستان، 173: ”وتأليفًا في المعاطات [كذا]،“ وقال محققه في الهامش: ”هكذا في جميع النسخ وفي نيل الابتهاج: المعاوضات.“ فقد بان لك التَّصحيف الواقع، ومنه تعلم خطأ من أثبت له كتابًا تحت هذا العنوان.
[62] الثغري، مناقب التلمسانيين، 149: ”ألف رحمه الله كتابًا في القضاء والقدر، فأجاد إيراده وإصداره وقدّر الحقّ مقدراه، واقتدر على التَّعبير عن تلك العلوم الغامضة والمعاني الرقيقة بالكلام الجزل الفصيح والألفاظ الرَّشيقة.“ وقد نقل التنبكتي وغيره هذا الخبر عن الثغري، نيل الابتهاج بتطريز الديباج، 436؛ البستان في ذكر العلماء والأولياء بتلمسان، 172.
[63] أعددنا نشرة نقدية لجزء من هذه الأجوبة. وقد ذكرنا ذلك في هامش سابق.
[64] انظر: الثغري، مناقب التلمسانيين، 149-163، 175-201، 211-248؛ وانظر: الونشريسي، المعيار المعرب، 12: 224.
[65] الثغري، مناقب التلمسانيين، 149-150. عدلنا الاقتباس في ضوء المخطوط وفي ضوء نشرتنا النقدية.
[66] الثغري، مناقب التلمسانيين، 151-155.
[67] الثغري، مناقب التلمسانيين، 155-156.
[68] الثغري، مناقب التلمسانيين، 156-159.
[69] الثغري، مناقب التلمسانيين، 162.
[70] الثغري، مناقب التلمسانيين، 160-162. عدلنا الاقتباس في ضوء المخطوط وفي ضوء نشرتنا النقدية.
[71] عن جرد مفصل لعملي الكشي ووصف مخطوطاتهما، انظر:
El Rouayheb, The Development, 42.
[72] See: Hisashi Obuchi, “In the Wake of Faḫr al-Dīn al-Rāzī: A Critical Edition of Zayn al-Dīn al-Kaššī’s Introduction to Ḥadāʾiq al-ḥaqāʾiq,” AJAMES (Annals of Japan Association for Middle East Studies) 35 (2019): 185-207.
[73] الشّريف التّلمساني، شرح جمل الخونجي، تحقيق إسماعيل بن أحمد شراد (الكويت: دار الضياء، 2023)، 415.
[74] هو شرح لكتاب الشريف المرتضى (436هـ) المسمّى: الذريعة إلى الشريعة.
[75] ابن أبي الحديد المدائني، شرح نهج البلاغة، تحقيق محمد أبو الفضل إبراهيم (دار إحياء التراث العربي، 1956).
[76] يعد هذا من الكتب المفقودة من تراث ابن أبي الحديد، ذكره محقق نهج البلاغة محمد أبو الفضل إبراهيم، وأحال على ابن الفوطي. ولكن ابن الفوطي لم يذكره في كتابه مجمع الآداب في معجم الألقاب. كما ذكره عمر فروخ في تاريخ الأدب العربي، ط. 3 (بيروت: دار العلم للملايين، 1981)، 3: 580.
[77] توجد نسخة منه في خزانة الكتب النادرة في جامعة اسطنبول، رقم: 3297، ضمن مجموع من الورقة 375-464 (89 لوحة)، عنون المخطوط: التعليق على المحصّل، وفي نسخة ملى ملك الإيرانية، رقم: 1393، ضمن مجموع من صفحة 267-475 (208 لوحة)، جعل عنوانه: حاشية كتاب المحصّل.
[78] هو شرح لكتاب الياقوت لأبي إسحاق ابن نوبخت (حوالي 346هـ/955م)، من كتب علم الكلام القديمة. انظر: أبو إسحق إبراهيم بن نوبخت، الياقوت في علم الكلام، تحقيق علي أكبر ضيائي (قم: مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي العامة، 1413)، 20.
[79] ذكره ابن أبي الحديد نفسه في تعليقه على المحصل. فتارة يسميه بنقض الأربعين وتارة بالتعليق على الأربعين. انظر: ابن أبي الحديد، التعليق على المحصل، مخطوط إسطنبول، 3297، و453 أ؛ و456 ب. وقد استعمل هذا العمل ابن عرفة، انظر: ابن عرفة، المختصر الكلامي، تحقيق وتعليق نزار حمادي (الكويت: دار الضياء للنشر والتوزيع، 2017)، 282.
[80] الشّريف التّلمساني، شرح جمل الخونجي، 214.
[81] ابن أبي الحديد المدائني، شرح الآيات البينات، تحقيق مختار جبلي (بيروت: دار صادر، 1996)، 120-121.
[82] محمد محفوظ، تراجم المؤلفين التونسيين، (بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1982)، ج. 2: 133-434.
[83] انظر: أبو العباس الغبريني، عنوان الدراية فيمن عرف من العلماء في المائة السابعة ببجاية، تحقيق عادل نويهض (بيروت: منشورات لجنة التأليف والترجمة والنشر 1979)، 235.
[84] انظر: ابن أبي الحديد المدائني، شرح الآيات البينات، 119.
[85] النصّ الذي أثبتناه اعتمادًا على النسختين. انظر: ابن أبي الحديد، نقض المحصل، مخطوط إسطنبول، 3297، 376 ظ؛ ملى ملك الإيرانية، رقم: 1393، 270-271.
[86] مخطوط إستانبول: مكتبة أحمد الثالث، رقم A3387.
[87] ابن البديع البندهي، شرح موجز الخونجي، تحقيق اسماعيل بن أحمد شراد وماهر محمد عدنان عثمان (الكويت: دار الضياء، 2023).
[88] مخطوط مكتبة تشستربيتي دبلن رقم Ar 4931.
[89] الشّريف التّلمساني، شرح جمل الخونجي، 600-601.
[90] عن جرد مفصل لمؤلفات الأبهري ووصف مخطوطاته، انظر:
El Rouayheb, The Development, 49-53.
[91] انظر: المفضل بن عمر بن المفضل أثير الدين الأبهري، الهداية: الأقسام الثلاثة: المنطق والطبيعي والإلهي، تحقيق عبد الحميد التركماني (بيروت: دار الرياحين، 2019).
[92] انظر: أثير الدين بن عمر بن المفضل الأبهري، عنوان الحق وبرهان الصدق، دراسة وتحقيق زين العابدين حسيني (استنبول: دار نشر جامعة ابن خلدون، 2024).
[93] نشر عدة مرات. انظر: أثير الدين الأبهري، كتاب إيساغوجي، تقديم وتعليق محمد شطوطي ومنور قيروان (الجزائر: دوان المطبوعات الجامعية، 2015).
[94] انظر: أثير الدين الأبهري، كشف الحقائق في تحرير الدقائق، تحقيق حسين صاري أوغلو (إستانبول: كانتاي كتابوي [مكتبة باج]، 1998).
[95] انظر أثير الدين بن عمر بن المفضل الأبهري، تنزيل الأفكار في تعديل الأسرار، دراسة وتحقيق محمود آي ومصطفى بورص بوغا (استانبول: دار نشر جامعة ابن خلدون، 2024).
[96] الشّريف التّلمساني، شرح جمل الخونجي، 375.
[97] أثير الدين الأبهري، كشف الحقائق في تحرير الدقائق، تحقيق حسين صاري أوغلو (استانبول: كانتاي كتابوي [مكتبة باج]، 1998)، 89.
[98] الكاتبي القزويني، شرح كشف الأسرار، مخطوط مجموعة جار الله أفندي، إستانبول رقم 1418، 68و.
[99] عن جرد مفصل لمؤلفات الطوسي ووصف مخطوطاته، انظر:
El Rouayheb, The Development, 54-56.
[100] الشّريف التّلمساني، شرح جمل الخونجي، 234.
[101] خواجه نصير الدين طوسي، شرح الإشارات والتنبيهات، تحقيق كريم فيضي (قم: مطبوعات ديني، 1383)، 1: 195.
[102] عن جرد مفصل لمؤلفات نجم الدين الكاتبي ووصف مخطوطاته، انظر:
El Rouayheb, The Development, 56-58.
[103] حقق ضمن عمل جامعي. انظر:
Selman Sucu, “Necmeddi̇n El-Kâti̇bî’ni̇n Aynü’l-Kavâi̇d Adli Eseri̇ni̇n Tahli̇l Ve Tahki̇ki̇ İstanbul,” diss. İstanbul Üni̇versi̇tesi̇ (2019).
[104] مخطوط الموصل: مكتبة الأوقاف العامة، رقم 208595.
[105] Najm al-Dīn al-Kātibī, al-Risālah al-Shamsiyyah. An Edition and Translation with Commentary by Tony Street (New York: New York University Press, 2024).
[106] أبو الحسن نجم الدين بن عمر القزويني الكاتبي، المفصل في شرح المحصّل، تحقيق عبد الجبار أبو سنينة (عمان: الأصلين-الكلام للبحوث والإعلام، 2018).
[107] مخطوط كوبريللي: مجموعة فاضل أحمد باشا 888، وله عدة نسخ أخرى.
[108] الشّريف التّلمساني، شرح جمل الخونجي، 219.
[109] انظر الكاتبي، شرح كشف الأسرار عن غوامض الأفكار، مخطوط إستنبول، نسخة جار الله أفندي رقم 1418، لوحة 3.
[110] الشّريف التّلمساني، شرح جمل الخونجي، 244-245.
[111] الشّريف التّلمساني، شرح جمل الخونجي، 246.
[112] كذا في نسخة مكتبة السليمانية مجموعة الفاتح رقم: (3342)، وهو الموافق للمطبوع من تلخيص ابن رشد، وفي باقي النسخ: ”فصل“.
[113] الشّريف التّلمساني، شرح جمل الخونجي، 297.
[114] ابن رشد، تلخيص منطق أرسطو: كتاب العبارة، تحقيق جيرار جهامي (بيروت: دار الفكر، 1992)، 3: 92.
[115] Hartwig Derenbourg, Manuscrits arabes de l’Escurial (Paris: Ernest Leroux Editeur 1884) i : 426-427.
[116] التنبكتي، نيل الابتهاج، 109.
[117] سعيد غراب، رسالتان في المنطق: الجمل والمختصر في المنطق (تونس: الجامعة التونسية، د.ت.)، 16.
[118] Cf. Derenbourg, Manuscrites arabes, i :425-426.
[119] Derenbourg, Manuscrites arabes, i :425-426.
[120] Brockelmann, Geschichte Der Arabischen Litteratur (Leiden: Brill, 1943), i: 607. Id., Geschichte Der Arabischen Litteratur. Supplement Band (Leiden: Brill, 1937), i: 838.
[121] غراب، رسالتان في المنطق، 14.
[122] محمود بك، دفتر فاتح كتبخانه (استانبول: مطبعة سى، د. ت.)، 191.
[123] المخطوط متوفر إلكترونيا بدار الكتب الوطنية بتونس مصحوبا بوصف أولي له: https://2u.pw/1zvDAN4w
[124] Edmond Fagnan, Catalogue Général des Manuscrits des Bibliothèques Publiques de France. Départements. Tome XVIII : Alger (Paris : Librairie Plan, 1893), 379.
[125] فهرس مخطوطات مكتبة الأزهر الشريف (القاهرة: منشورات الأزهر الشريف-سقيفة الصفا العلمية، 2016)، 13: 391.
[126] انظر: السيد أحمد الحسيني، التراث العربي المخطوط في مكتبات إيران العامة (قم: منشورات دليل ما، 2010)، 7: 157-158.
[127] ونشكر د. محمد علوان إذ أمدنا بالنسخ الخطية لهذا النص.
[128] انظر: حميد لحمر، الفهرس الوصفي لمخطوطات خزانة الزاوية الحمزية العياشية (الرباط: منشورات وزارة الأوقاف والشؤون الإسلامية، 2009)، 1: 568.
[129] الصديق بن عربي، فهرس مخطوطات خزانة ابن يوسف بمراكش (بيروت: دار الغرب الإسلامي، 1994)، 451.
[130] بن عربي، فهرس مخطوطات خزانة ابن يوسف بمراكش، 452.
[131] ونشكر خالد الرويهب إذ أمدنا بنسخة مصورة لهذا المخطوط.
[132] النسب مطموس في النسخة؛ وهذا تقدير منا فقط.
[133] El Rouayheb, The Development, 126.
[134] في (ج): ”والفطنيات“، وفي (د): ”الفرضيات“.
[135] في (ح): زيادة: ”ونظم البراهين اليقينيات” قبل قوله ”وجلاها”.
[136] في (ب): ”العقليات“.
[137] في (ج) و(د) و(ح) و(ث) و(هـ): ”المناقب، المكاسب“، وفي (ج): ”تستكمل منها“.
[138] في (ت): ”غايات السعادات“.
[139] في (ج): ”المنطقية“.
[140] كذا في (د)، وفي (خ): ”يناديها“، وفي (ج): ”وحاله يناديها”، وفي (ث): ”مباديها“.
[141] في (ث): ”المطالبة“.
[142] نسبة إلى أمير المؤمنين المتوكل على الله أبي عنان فارس بن علي بن عثمان بن يعقوب بن عبد الحق المريني (729- 759هـ/1328-1358م). بويع له في تلمسان حيث كان واليًا عليها من قِبل أبيه سنة 749هـ/1348م، وهو ثامن الأمراء من المرينيين، وكانت دولته 9 أعوام و9 أشهر. وصفه ابن الأحمر بقوله: ”حسن الثقافة، وكان فقيها يناظر العلماء الجلة فيصيب ويخطئهم، ومعرفته بالفقه تامة، وكان عارفا بالمنطق وأصول الدين، وله حظ صالح من العربية والحساب“. انظر: إسماعيل بن الأحمر، روضة النسرين في دولة بني مرين، تحقيق عبد الوهاب بن منصور (الرباط: المطبعة الملكية، 1962)، 27.
[143] كذا في (ب)، وفي (ت): ”أبو عبد الله بن محمد… “، وفي (د): ”أبو عبد الله بن الشيخ“، وفي (و): ”أبي محمد أبي عمرو التميمي…“.
[144] اختلفت النسخ في إثبات من حثّ الشّريف على هذا الشرح، ففي (أ) وبسبب غياب الورقة الأولى لم نتحقق وجوده، أمّا (ب) و(د) و(ت) فتثبته، بينما هو ساقطة من (ج) و(خ) و(ح) و(ث) و(هـ).
[145] في (هـ): ”والله أعلم“؛ وزاد في (و): ”وهو المسؤول عن العفو وترك العقاب والحمد لله رب العالمين“.
[146] جاء في آخر (أ): ”تمّ بحمد الله وحسن عونه والصلاة على محمد نبيه وعبده وعلى آله وأصحابه الذين اصطفاهم واختارهم من خلقه، وفرغ منه يوم الجمعة من العشر الأوسط من رجب الفرد عام واحد وثمان مائة على يد عبد الله علي بن محمد بن مرشيش القريشي ثمّ الهاشمي الحسني لطف الله به والحمد على كلّ حال“.
[147] انظر: ابن سينا، الشفاء: العبارة، تحقيق محمود الخضيري (القاهرة: دار الكاتب العربي للطباعة للنشر، 1970)، 4.
[148] انظر: أفضل الدين الخونجي، كشف الأسرار عن غوامض الأفكار، تحقيق خالد الرويهب (تهران-برلين: مؤسسة پژوهشي حكمت وفلسفة ايران ومطالعات إسلامي دانشگاه آزاد، 1389)، 11. ونص عبارته: ”إذ المعني بدلالة اللّفظ على معنى: فهمه عند إطلاقه بالنسبة إلى من علم بالوضع.“ ومثله جعلها الأثير الأبهري في كشف الحقائق. انظر: أثير الدين الأبهري، كشف الحقائق في تحرير الدقائق، تحقيق حسين صاري أوغلو (استانبول: كانتاي كتابوي [مكتبة باج]، 1998)، 17.
[149] يقصد المؤلف بـ ”الشَّارح الأوَّل“: الإمام ابن واصل الحموي (604-697هـ/1209-1298م). انظر: ابن واصل، ”شرح الجمل،“ تحقيق خالد الروهيب (ليدن-بوسطن: بريل، 2022)، 65. ولعل ابن واصل هو مَن شرح متن الجمل بحسب تلقي المغاربة، وكان الذي أدخله إلى تونس الفقيه أبو بكر بن جماعة التونسي (712هـ/1312م)؛ وهو شيخ ابن عبد السلام الهواري شارح ابن الحاجب وشيخ الإمام محمد بن عرفة والد ابن عرفة صاحب التصانيف، وشيخ ابني الإمام التلمسانيين. انظر الونشريسي، الوفيات، 2: 592، حيث يقول: ”وتوفي الشيخ الفاضل أبو بكر بن القاسم ابن جماعة الهواريّ التّونسي، ومن شيوخه ابن واجد، وهو أوّل من أدخل شرحه على الجمل إلى البلاد الإفريقية.“ هكذا المثبت في المطبوع، وهو تصحيف لكلمة ابن واصل؛ والذي يرجح أنّه ابن واصل الحموي وفق ما ذكره ابن القاضي في درة الحجال في أسماء الرجال، تحقيق محمد الأحمدي أبو النور (تونس: المكتبة العتيقة، القاهرة: دار التراث، 1971)، 3: 335، حيث يفيد بأنّه أخذ عن ابن واصل وغيره. والذي نعلمه أنّ ابن جماعة كانت له رحلة مشرقية لكن تحديد زمانها مما يصعب، إلّا ما ورد عند الزركشي في: تاريخ الدولتين الموحدية والحفصية، تحقيق محمد ماضور (تونس: المكتبة العتيقة، 1966)، 86، بأنّه حجّ سنة 699هـ/1300م رفقة الشيخ الصالح أبي الحسن علي ابن المنتصر التونسي، أي بعد وفاة ابن واصل بسنتين، فلعله رحل قبل حجه. هذا، وإلّا فقد وقفنا على أربع نسخ خطية لشرح مجهول المؤلف، لم تذكر الفهارس عنه شيئا إلاّ ما وقع في إحدى تلك النسخ (نسخة المكتبة السليمانية، مجموعة لا له لي، رقم: 2654) في أوّل ورقة: ”للشارح شرح كشف الأسرار،“ وهو ما نجده تصريحا في آخر مبحث القياسات الاقترانية الشرطية مخ(ورقة: 55و)، حيث يقول الشارح: ”واعلم أنّا ذكرنا أقسام هذه الأقسام وضروبها التي دل عليها لفظ المصنف، لا أنّا استوفينا جميع أقسامها وضروبها، فإنّ ذكر ذلك مما لا يحتمله هذا المختصر، ومن أراد ذلك فعليه بشرحنا لكشف الأسرار.“ وكان هذا التصريح مرتكزنا في نسبة هذا الشرح للكاتبي القزويني (675هـ/1277م)، إضافة لقرائن أخرى مثل قيد الختام، وتطابق العبارة في كثير من المباحث مع كتابه جامع الدقائق، فيكون شرح الكاتبي أولى بهذا الاعتبار، وإن كنّا لا نعرف تحديدا زمن تأليف ابن واصل لشرحه. ولمزيد تفصيل حول هذا، انظر: إسماعيل شراد، ”قسم الدراسة“ ضمن نجم الدين الكاتبي، شرح جمل الخونجي، تحقيق إسماعيل شراد (الكويت: دار الضياء، 2023)، 31-47.
[150] لم يسلِّمه ابن مرزوق الحفيد فقال: ”ليس كذلك؛ لأنَّهم تعرَّضوا لحدِّ الدّلالة بما هو أعمُّ مِنَ الفعل والقوّة.“، انظر: ابن مرزوق الحفيد، نهاية الأمل في شرح الجمل. مخطوط، المكتبة الوطنية التونسة، رقم: 517، 5و.
[151] في (ج): ”و“.
[152] ابن واصل، شرح الجمل، تحقيق خالد الرويهب (بوسطن: بريل، 2022)، 76.
[153] في (ب) و(ت): ”لأن مثل… “، وفي (د) (ث) و(ج) و(هـ): ”إلّا أنّ …“
[154] في (ب): ”يتوصل“.
[155] ذكر ابن سينا هذا في الشفاء: المدخل، تحقيق الأب قنواتي ومحمود الخضيري وأحمد فؤاد الأهواني (القاهرة: وزارة المعارف العمومية- الإدارة العامة للثقافة، 1952)، 21؛ والشّريف نقله بالمعنى كما هي عادته مع عبارات الشيخ.
[156] مرادُهُ بـ ”بعض المتأخِّرين“: نجم الدين الكاتبي القزويني، وذكر هذا في شرحه على كشف الأسرار، مخطوط (مجموعة جار الله أفندي، رقم: 1418)، ورقة 3.
[157] ساقطة من (ث).
[158] انظر: ابن رشد، نصّ تلخيص منطق أرسطو: كتاب القياس، تحقيق جرار جهامي (بيروت: دار الفكر اللبناني، 1992)، 4: 182.
[159] ابن سينا، الشفاء: القياس، تحقيق سعيد زايد (القاهرة: وزارة الثقافة والإرشاد القومي–المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، 1964)، 20-21.
[160] زاد في (ب) و(خ): ”من“.
[161] ساقطة من: (ج).
[162] ساقطة من: (ب) و(خ).
[163] انظر: الخواجه الطوسي، شرح الإشارات والتنبيهات، تحقيق كريم فيضي (قم: مطبوعات ديني، 1383)، 1: 299-301.
[164] ساقطة من: (ث).
[165] انظر: أفضل الدين الخونجي، كشف الأسرار عن غوامض الأفكار، 145.
[166] انظر: الرازي، شرح الإشارات والتنبيهات، تحقيق علي رضا نجف زاده (تهران: مؤسسة جاب وانتشارات دانشكاه تهران، 1383)، 1: 249؛ ومنطق الملخص، تحقيق أحمد فرامرز قراملكي وآدينه أصغري نزاد (تهران: دانشكاه إمام صادق، 1381)، 194.
[167] انظر: الخواجه الطوسي، شرح الإشارات والتنبيهات، 1: 301.
[168] في (هـ): ”المتقدمون“، وفي (ث): ”المتقدمون المقيدون“.
[169] كذا في (ج)، وفي باقي النسخ: ”فإنَّه يجب فيها أن يكون من الأعراض“.
[170] ساقطة من: (خ).
[171] في (ج): ”الفعليّة“.
[172] وقع في (ب) و(ج) و(د): ”بالفرض“.
[173] ساقطة من: (هـ).
[174] في (ب): ”الأخصّ“، ”الأعمّ“، وانظر: الرازي، شرح الإشارات والتنبيهات، 1: 248.
[175] انظر: ابن سينا، الشفاء: القياس، 98-103، والشّريف حكى قول ابن سينا تلخيصا كما هي عادته في التصرف مع كلامه.
[176] في (ث) و(د): ”الحينيّة“.
[177] في (ج): ”الضّروريّة“.
[178] انظر: ابن رشد، نصّ تلخيص منطق أرسطو: كتاب المقولات والعبارة، تحقيق جيرار جهامي (بيروت: دار الفكر اللبناني، 1992)، 3: 92؛ ونصه: ”لأنّ السّور متى قرن بالمحمول كان: إمّا كذبًا وإمّا فضلًا، أمّا الكذب ففي مثل قولنا: ’كل إنسان هو كل حيوان،‘ وأمّا الفضل فمثل قولنا: ’كل إنسان هو بعض الحيوان‘ أو ’كل إنسان هو كل ضاحك.‘“
[179] في (ت): ”فضل“.
[180] في (و): ”ولقد“.
[181] في (د) و(هـ): ”حرس“.
مقالات ذات صلة
الإسهام الإصلاحي في الفلك لجابر بن أفلح الإشبيلي: موقع كوكبي الزهرة وعطارد نموذجًا
The Reformist Contribution of Jābir ibn Aflaḥ al-Ishbīlī to Astronomy: Venus and Mercury as a Case Study al-Ishām al-iṣlāḥī fī al-falak li-Jābir b. Aflaḥ al-Ishbīlī: Mawqiʿ kawkabay al-Zuhra wa-ʿUṭārid namūdhajan الإسهام الإصلاحي في الفلك لجابر بن أفلح الإشبيلي:موقع...
مفهوم البراديغم من خلال فلك ابن الهيثم
The Concept of Paradigm in Ibn al-Haytham's Astronomy Mafhūm al-Parādīghm min khilāl falak Ibn al-Ḥaytham مفهوم البراديغم من خلال فلك ابن الهيثم فتاح مكاويFatah Mekkaoui جامعة سيدي محمد بن عبد الله، فاسSidi Mohamed Ben Abdellah University, Fez الملخص: يعتبر...
في مشروعية الكلام السني ضدا على إحياء علوم الدين لأبي حامد الغزالي (ت.505هـ/1111م): قطعة من موسوعة الأسرار والعبر لأبي بكر الطرطوشي (ت.520هـ/1126م)، تعريفٌ وتوصيف
On the Legitimacy of Sunni Theology against Abū Ḥāmid al-Ghazālī’s Iḥyāʾ ʿUlūm al-Dīn (d. 505/1111): A Section from Abū Bakr al-Ṭurṭūshī’s al-Asrār wa-l-ʿIbar (d. 520/1126) - Introduction and Description Fī Mashrūʿiyyat al-Kalām al-Sunnī Ḍiddan ʿalā Iḥyāʾ ʿUlūm al-Dīn...
منهج الغزالي في التأليف في علم المنطق
Al-Ghazālī’s Methodology in His Writings on Logic Manhaj al-Ghazālī fī al-Taʾlīf fī ʿIlm al-Manṭiq منهج الغزالي في التأليف في علم المنطق محمد رويMohamed Roui جامعة عبد الملك السعديUniversité Abdelmalek Essaadi ملخص: تتناول هذه الدراسة معالم منهج أبي حامد الغزالي...
المنطق في الحضارة الإسلاميّة
المنطق في الحضارة الإسلاميّة خالد الرويهبKhaled El-Rouayheb جامعة هارفارد-كمبريدجHarvard University-Cambridge ملخص: ”المنطق في الحضارة الإسلامية“ لخالد الرويهب (جامعة هارفارد بكمبريدج) هي في الأصل محاضرة بالعربية ألقيت في مؤسسة البحث في الفلسفة العلوم في...
مكانة ”الالتباس“ في الثقافة العربية الإسلامية في عصرها الكلاسيكي: بواكير منظور جديد
Navigating Ambiguity: Exploring the Role of Uncertainty in the Classical Arab-Islamic Culture Makānat Al-Iltibās fī al-Thaqāfah al- ʿArabiyya al-Islāmiya Fī ʿAṣrihā al-Klāsīkī:Bawākīr Manẓūr Jadīd مكانة ”الالتباس“ في الثقافة العربية الإسلامية في عصرها الكلاسيكي بواكير...
أثر فلسفة ابن رشد في الكلام الأشعري المغربي: دراسة في المنجز حول فكر أبي الحجاج يوسف المكلاتي (ت.626هـ/1229م)
The Impact of Ibn Rushd's (Averroes’) Philosophy on Maghribi Ashʿarī KalāmCurrent State of Studies on al-Miklātī (d.626/1229) Athar Falsafat Ibn Rushd fī al-Kalām al-Ashʿarī al-Maghribī: Dirāsa fī al-Munajaz ḥawl Fikr Abī al-Hajjāj Yusuf al-Miklatī (626/1229) Majda...
في مقاربة فلسفة الفعل عند الفخر الرازي: مراجعة نقدية لمقالة ”فلسفة الفعل ونظرية العادة التاريخية عند المتكلمين“
On the Approach to the Philosophy of Action in Fakhr al-Dīn al-Rāzī:A Critical Review of “Falsafat al-fiʿl wa-naẓarīyyat al-ʿādah al-tārīkhīyyah ʿinda al-mutakallimīn” Fī muqārabah Falsafat al-fiʿl ʿinda Fakhr al-Dīn al-Rāzī:Murājaʿat naqdīyyah li-maqālat “Falsafat...
أبو البركات البغدادي ومشكل الزمان
Abū al-Barakāt al-Baghdādī on The Problem of Time Abū al-Barakāt al-Baghdādī wa Mushkil al-Zamān Jalel DridiUniversity of Tunis, Tunis أبو البركات البغدادي ومشكل الزمان جلال الدريديجامعة تونس، تونس Abstract׃ The approach adopted by Abū al-Barakāt al-Baghdādī...
صورة العقل عند الشكّاك بين القديم والوسيط
Ṣūrat al-ʿaql ʿinda al-shukkāk bayna al-qadīm wa-al-wasīṭ Reason in the Ancient Skeptics and its Impacts during the Medieval Era صورة العقل عند الشكّاك بين القديم والوسيط سعاد جوينيجامعة تونس، تونس Souad JouiniUniversité de Tunis, Tunis Abstract: The creativity...
بوركت جهودكم